مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات تقول المرسلة (ح. ع. أ)، أختنا تسأل في أحد أسئلتها وتقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي بالثوب الذي يوجد به صور؟ نرجو التوضيح في هذه المسألة وإفادتنا بالخير جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم التصوير وعلى لعن المصورين، ولما رأى عند عائشة رضي الله عنها ستراً فيه تصاوير هتكه وغضب عليه الصلاة والسلام وقال: (يا
الجواب: لا حرج أن تكشف رأسها إذا كان ما عندها أحد، عند أمها وعند أخواتها وعند النساء لا حرج، أما إذا كان عندها أجنبي لا تكشف رأسها ولا وجهها ولا بدنها، سواءٌ كان الأجنبي ابن عم أو ابن خال أو زوج أخت أو كان أخا زوج أو ما أشبه ذلك، عليها التستر عن جميع الأجانب وهم غير المحارم، أما عند النساء لا بأس أن تكشف رأسها عند أمها وأخواتها جاراتها في البيت لا حرج، وهكذا عند الزوج عند المحرم لا بأس.
الجواب: المسافر له الجمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء، كان النبي عليه الصلاة والسلام يجمع في السفر إذا كان مقيماً قصر ولم يجمع، فإذا كان على ظهر سير جمع عليه الصلاة والسلام، كان إذا ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب مع العشاء وصلى جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد غروب الشمس قدم العشاء مع المغرب وجمع جمع تقديم. وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر مع العصر جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد الزوال قدم العصر مع الظهر وجمع جمع تقديم، أما إذا كان نازلاً مستريحاً فالأفضل عدم الجمع، ولهذا في منى في حجة الوداع أيام منى قصر ولم يجمع عليه الصلاة والسلام؛ لأنه مستريح، صلى الظهر وحدها والعصر وحدها والمغرب وحدها والعشاء وحدها، هذا هو الأفضل. وفي بعض أيامه في تبوك وهو نازل جمع، فدل على الجواز، وأنه لو جمع في السفر وهو نازل لا بأس لا سيما عند الحاجة كقلة الماء أو شدة البرد أو نحو ذلك، وإن صلى كل واحدة في وقتها فهو أفضل إذا كان نازلاً، أما إذا كان على ظهر سير فالأفضل الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء تأسياً بالمصطفى عليه الصلاة والسلام.
الجواب: عليك التوبة إلى الله؛ لأن الدخان محرم خبيث ومضاره كثيرة، فعليك التوبة إلى الله جل وعلا وأن تحذر مجالسة المدخنين، فإن مجالستهم من أسباب رجوعك إليه، وعليك كفارة اليمين عن يمينك، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن كنت فقيراً لا تستطيع عاجز عن الطعام والكسوة والعتق فإنك تصوم ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين، قال الله سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] الآية في سورة المائدة، فالرب جل وعلا يأمرنا بالكفارة من أوسط الطعام أو كسوة أو عتق رقبة، فإن عجز الحالف صام ثلاثة أيام، وأمر بحفظ الأيمان، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يحلف إلا عند الحاجة، والدخان شره كثير، فينبغي لك يا عبد الله أيها السائل أن تحذره وأن تستمر في تركه، وألا تجالس أهله، وأن تنصحهم لعل الله يهديك ويهدي بك، بارك الله فيك.
الجواب: رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، ولكن المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا نرفع فيها، وإلا رفع اليدين من أسباب الإجابة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً)، فإذا دعا في آخر الليل أو في أي وقت ورفع يديه كان هذا من أسباب الإجابة، لكن بعد الفريضة لا يرفع يديه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع، إذا دعا بعد الفريضة الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر أو الجمعة لا يرفع يديه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع في هذا، وهكذا في خطبة الجمعة، خطبة العيد ما كان يرفع إلا في الاستسقاء إذا استسقى طلب الغيث رفع يديه ولو في خطبة الجمعة أو في أي مكان إذا استسقى يرفع يديه ويدعو.
هكذا إذا كان في غير صلاة ودعا يرفع يديه لا بأس، يرفع يديه ويدعو، هكذا بعد النافلة إذا رفع يديه بعض الأحيان ودعا لا بأس، لكن لا يكون مستمراً لأنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستمر في رفع يديه بعد النافلة، فإذا رفع بعض الأحيان ودعا لا بأس.
أما مسح الوجه باليدين: اختلف فيه العلماء: منهم من رأى استحبابه ومنهم من رأى عدم استحبابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها مسح الوجه بعد الدعاء، وجاء في أحاديث ضعيفة أنه مسح يديه.. مسح بيديه وجهه، فإن فعل فلا حرج وإن ترك فهو أفضل إن شاء الله؛ لأن بعض أهل العلم جعلها حسنة، جعل الأحاديث التي فيها مسح الوجه متعاونة ومتعاضدة، وجعلها من قسم الحسن واستحب مسح الوجه منهم الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ حيث ذكر أنه يشد بعضها بعضاً، وقال آخرون: لا يستحب لأنها ضعيفة.
فالحاصل: أن الأمر في هذا واسع إن شاء الله، فمن مسح فلا حرج، ومن ترك فلعله أفضل وأولى؛ لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها مسح.
الجواب: البداية والنهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله كتاب عظيم وتاريخ عظيم إسلامي ذكر فيه أخبار الأنبياء الماضين، ثم ذكر فيه خبر نبينا صلى الله عليه وسلم وسيرته، ثم ذكر مغازيه عليه الصلاة والسلام، ثم ذكر ما بعده إلى نصف القرن الثامن، فينبغي اقتناؤه والاستفادة منه، فهو كتاب عظيم ذكر فيه الأحاديث والآثار وكلام أهل العلم في التاريخ وهو كتاب جيد. وننصحك باقتناء الكتب المفيدة مثل: المغني لـموفق الدين ابن قدامة، ومثل شرح المهذب للنووي، ومثل مجموع الرسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومثل مجموعة رسائل أئمة الدعوة، ومثل فتح المجيد، ومثل تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد، وكتاب التوحيد، وكتب الشيخ محمد رحمه الله، كتاب مختصر السيرة النبوية، والسيرة أيضاً لابنه عبد الله ، كلها كتب جيدة، وبلوغ المرام تحفظ ما تيسر منه، وعمدة الأحكام، منتقى الأخبار، نيل الأوطار شرح المنتقى، تفسير الشوكاني ، تفسير البغوي، تفسير ابن كثير كلها كتب مفيدة جيدة.
الجواب: إذا أرضعته أخته رضاعاً شرعياً خمس مرات أو أكثر حال كونه في الحولين كان أخاً لها من النسب وابناً لها من الرضاع، وابناً لزوجها أيضاً من الرضاع، وأخاً لأولادها من الرضاع.
الجواب: الأفضل السر لأنها عورة، فالأفضل خفض الصوت؛ لأن الصوت قد يكون فيه رخامة وقد ربما يفتن بعض الناس، فالأفضل السر بصوتها، ويجوز لها أن تتحدث مع الناس بصوتها العادي ولكن لا تخفض الخفض الذي يطمع الناس فيها؛ لأن الله جل وعلا قال: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] (لا تخضع) تكسر صوتها، لكن تتكلم كلاماً متوسطاً ليس فيه نكارة وليس فيه تغنج ولا خضوع، كلام وسط والسر أفضل، في الطواف والتلبية كونها تسر أفضل.
الجواب: إذا كان الإمام يقرأ في المغرب والعشاء والفجر أو الجمعة الأفضل الإنصات، فلا تسبح عند ذكر التسبيح والتهليل ولا تصل عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله يقول: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204] فالأفضل الإنصات، ولو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم أو قال: سبحان الله عند ذكر أسماء الله فلا حرج، لكن ترك هذا أفضل؛ لأن المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ في الجهرية لا يقف عند آية الرحمة ولا عند آية الوعيد ولا عند آية الأسماء والصفات بل يستمر، فالأفضل لك أن تستمع ولا تقف ولا تقل شيئاً عند مرور آيات من الإمام وهو يقرأ ولا منك أنت وأنت تقرأ في الفرض.
أما في النافلة فالأمر واسع، في التهجد بالليل ونحوه إذا قرأت تقف عند آية الرحمة تسأل، عند آية الوعيد تتعوذ، عند أسماء الله تسبح الله، عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تصلي عليه، وهكذا إذا كنت خلف الإمام في مثل التراويح أو القيام في رمضان وسكت يدعو دعوت أنت أيضاً، أو إذا سكت يصلي عليه صليت أنت، أما إذا استمر تنصت؛ لأنك مأمور بالإنصات.
الجواب: الدم المحرم هو المسفوح الذي يصب من حلق الذبيحة عند ذبحها، أما الدماء التي تكون في الكلى وفي داخل اللحم لا يضر أكلها نيئة ولا مستوية، لكن كونها مطبوخة ومشوية أفضل، ولو أكل منها شيئاً نيئاً ولا يترتب عليه مضرة فلا بأس، أما إن قال أهل الخبرة والطب: إنه يضره إذا أكل شيئاً منها نيئاً فإنه يجتنبه للمضرة، أما إذا كان أكله نيئاً لا يضر، سواء كبد أو كلية أو غير ذلك، فلا حرج في ذلك لأنه مباح، وإنما طبخها ويشهيها ويحسن أكلها، فإذا كان منها شيء لو أكله نيئاً لم يضره فلا حرج في ذلك.
المقدم: جزاكم الله خيراً، بقية اللحم مثلاً؟
الشيخ: كل اللحم، إيه لا بأس أن يأكل من إبل أو بقر أو غنم أو صيد؛ لكن كونه قد طبخ أو حصل له الشوي يكون أكمل وأفضل وأسلم من التبعة، لكن لو قدر أن بعض الناس أكل شيئاً نيئاً وليس فيه مضرة عند أهل الخبرة فلا حرج.
الجواب: ليس لها ذلك، يجب عليها ستر رأسها ورجليها على الصحيح، أما الوجه فالسنة لها كشف الوجه، أما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فالصحيح أنه لا حرج؛ لأن بهما الأخذ والعطاء والتعديل، فالأمر في الكفين واسع وسترهما أفضل، أما الرجلان فالجمهور من أهل العلم على أنه ينبغي سترهما كما قال الأكثر من أهل العلم، وجاء في حديث فيه لين عن أم سلمة أنها سئلت عن كشف القدمين لما قيل لها: (يا أم المؤمنين! هل تصلي المرأة في درع وخمار من غير إزار؟ قالت: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها) وفي إسناده بعض الضعف، ويروى مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الصواب أنه موقوف.
فالحاصل أن سترها للقدمين أحوط للمؤمنة، وأما الكفان فأمرهما أوسع، وأما الوجه فيكشف في الصلاة إذا كان ما عندها أجنبي.
الجواب: أقل أحوالها الكراهة، ولا ينبغي أن تصلي في ثياب ضيقة، بل تكون وسطاً لا ضيقة ولا واسعة جداً إنما وسط، هذا السنة.
الجواب: لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، ولما رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة عليه الصلاة والسلام، ولم يسأله ما قال، وهل وجدت فرجة أو ما وجدت فرجة، أمره أن يعيد سداً للباب، فليس لأحد أن يصف خلف الصف، بل إن لم يجد فرجة ينتظر أو يتقدم مع الإمام إن تيسر، يصلي عن يمين الإمام أو يصبر حتى يجد فرجة أو يجيء أحد يصلي معه، فإن انتهت الصلاة صلى وحده.
الجواب: ليس لها الكشف لأخي زوجها ولا عم زوجها ولا ابن عم زوجها ولا ابن أخيه، كلهم أجناب، ليس لها أن تكشف إلا للزوج أو أبيه أو جده أو أولاده، أما أخوه وأعمامه وأخواله وأبناء أخيه كلهم أجناب لا تكشف لهم، ولا تخلو بواحد منهم أيضاً، هذا لا يجوز، قال الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] البعولة: الأزواج، أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ [النور:31]، أما أخو الزوج فليس منهم ولا ابن أخيه ولا عمه، ليسوا من هؤلاء، أما أبو الزوج نعم؛ لأنه قال: أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] آباء البعولة: أي: آباء الأزواج، والجد أب، فأبو الزوج وجد الزوج كلهم محارم سواء من الرضاعة أو من النسب، وهكذا أبناء الزوج من الرضاع أو من النسب محارم أيضاً، وهكذا أبناء بناته محارم.
الجواب: الاتباع: هو اتباع الشرع، اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأوامر والنواهي، يقال له: اتباع؛ لأن الله قال: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ [الأعراف:3]، وقال جل وعلا: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158]، فنحن مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وباتباع القرآن، فالتمسك بالقرآن بما قال الله، والتمسك بما قال الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعل هذا هو الاتباع، السير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وطريقه في الأوامر والنواهي، هذا يسمى الاتباع، وهو واجب في الواجبات مستحب في المستحبات.
وأما الابتداع فهو إحداث شيء في الدين لم يأذن به الله، يعني: إحداث عبادة ما شرعها الله، هذا يقال له: ابتداع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)، فلو أن إنساناً صلى صلاة زائدة على الخمس قال: تريد نصلي ستاً حطها ست، نريد الخير نحط ست إذا جاءت الساعة الرابعة من النهار أو الخامسة من النهار بعد طلوع الشمس قبل الظهر يصلي سادسة، هذه بدعة وباطلة ولا يجوز له أن يفعلها ولا يدعو الناس إليها بنية أنها فريضة، يعني: يدعو الناس إليها، أما بنية أنها صلاة الضحى يصلي الضحى لا بأس مستحبة، أما يجعل سادسة يؤذن لها ويقيم لها ويدعو الناس إليها فهذا منكر وبدعة. أو يقول: السجدتين ما تكفي نحط سجدة ثالثة في الركعة هذه بدعة إذا تعمدها تبطل الصلاة. أو قال: نحط ركوعاً ثانياً كل ركعة فيها ركوعين، هذا بدعة إلا في صلاة الكسوف فيها ركوعان. وهكذا لو قال: نجعل ليلة من الليالي محل عبادة نصلي فيها عشر ركعات عشرين ركعة ليلة الجمعة أو ليلة الخميس من كل أسبوع هذه بدعة، لا يخص ليلة من الليالي بشيء ما شرعه الله، أو ليالي مولد النبي صلى الله عليه وسلم أو مولد فاطمة أو الحسين أو البدوي أو الصديق أو عمر نجعله احتفالاً نصلي فيه نتحدث فيه ونذكر فيه، هذه بدعة؛ لأنها ما شرعها الله ورسوله. فالابتداع هو إحداث عبادة ما شرعها الله سواء كانت قولية أو فعلية، يقال لها: بدعة؛ لأن الله سبحانه وتعالى ما شرعها. ومن ذلك ما فعله الناس في البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب، يزعمون أنها قربة ودين هذه بدعة؛ الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور، فالبناء عليها بدعة ومن وسائل الشرك، كذلك تجصيصها بدعة، إذا جصصها يتقرب إلى الله بذلك هذه بدعة لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن تجصيصها لأنه وسيلة للشرك.
فهكذا كونه يتوسل بأصحاب القبور يقول: أسألك بأصحاب القبور أو أسألك بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم بدعة، أو أسألك بجاه الصالحين بدعة، أما لو قال: أسألك بحبي لك أو بإيماني بك أو بإيماني برسولك أو بأسمائك الحسنى هذا طيب، وهذه وسيلة شرعية.
فالبدع ما أحدثه الناس في الدين وهو ما شرعه الله ولا رسوله، هذا يقال له: بدعة، والاتباع هو السير على المنهج الذي شرعه الله لعباده، وجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا يقال له: اتباع.
الجواب: هذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره)، وفي اللفظ الآخر: (حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره) المعنى: أنه جعل بين النار وبين الإنسان ارتكاب الشهوات المحرمة، فإن ارتكبها صار إلى النار وانتهك الحجاب، وإن امتنع منها سلم، فالنفس قد تشتهي الزنا أو الخمر فإن طاوعها صار إلى النار، قد تشتهي ترك الصلاة والكسل ولا يصلي فإن طاوع النفس صار إلى النار نعوذ بالله، قد تشتهي سب الدين والاستهزاء فإن طاوع نفسه كفر وصار إلى النار، قد تشتهي الربا فإن طاوع نفسه وفعل الربا صار إلى النار، قد تشتهي النفس قطيعة الرحم والعقوق للوالدين فإن طاوعها هلك وصار إلى النار، فالنار حفت بالشهوات المحرمة. والجنة حفت بما تكرهه النفوس، النفوس قد تكره الصدقة، قد تكره الجهاد، لكن إذا خالفها وجاهد في سبيل الله وتصدق صار إلى الجنة، قد تكره المحافظة على الصلوات في الجماعة قد تكسل يكون ما عندها نشاط عندها كسل عندها كراهة للتقدم إلى الصلوات الخمس، فإذا طاوعها هلك وإن خالفها وصلى في الجماعة وحافظ على الصلاة في المساجد صار إلى الجنة، النفس أيضاً قد تكره صلة الرحم، بر الوالدين، إكرام الجار فإن طاوعها هلك وإن خالفها وبر والديه ووصل أرحامه وأكرم جيرانه فاز بالسعادة وهكذا.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر