إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (507)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم تارك الصلاة وما يلزمه عند التوبة

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام! نرحب بحضراتكم أجمل ترحيب مع هذا اللقاء الطيب المبارك الذي يجمعنا بسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذا اللقاء أرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز ، أهلاً ومرحباً يا سماحة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: وفيكم إن شاء الله.

    ====

    السؤال: على بركة الله نبدأ هذا اللقاء بسؤال للسائل من سوريا (م . ش) يقول: هل يقضي المسلم الصلاة التي فاتته وكانت بإرادته وكان عامداً متعمداً ماذا يلزمه في هذه الحالة، وهل يقضي ما فاته مأجورين؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، قال الله جل وعلا: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ، وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور:56]، وقال جل وعلا: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] والآيات في أمر الصلاة كثيرة جداً.

    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) ، ويقول عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس: -يعني: على خمس دعائم- شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت) ، ويقول عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه.

    فالذي يتعمد ترك الصلاة يكفر بذلك -نسأل الله العافية- على الصحيح وإن لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها يكفر عند الجميع ولو صلى، إذا قال: إنها غير واجبة فهو كافر ولو صلى عند جميع أهل العلم، لكن إذا تكاسل وهو يعلم أنها واجبة ويدري أنها واجبة ولكن يتكاسل ولا يصلي هذا أيضاً كافر على الصحيح لهذه الأحاديث السابقة، فإذا تاب الله عليه ما عليه قضاء، إذا تاب الله عليه يبتدئ من جديد، يصلي من جديد وليس عليه قضاء إذا كان تركها عمداً عدواناً، أما إذا كان ناسياً أو نايم يقضي، أما إذا تركها عمداً متساهلاً فعليه التوبة وليس عليه القضاء فإن قضى فلا بأس، لكن ليس عليه قضاء.

    1.   

    حكم أداء صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة

    السؤال: السائل أيضاً له سؤال ثاني يقول: هل تصلى الظهر بعد صلاة الجمعة فبعض الناس بعد أن يصلي الجمعة يصلي بعدها أربع ركعات، هل هذا صحيح؟

    الجواب: لا، هذا بدعة لا يجوز، صلاة الجمعة كافية -والحمد لله- عن الظهر، وكونه يصلي الظهر بعدها هذه بدعة، يقول بعض الناس: إنه إذا كان في البلد جمعات كثيرة فعليه أن يصلي الظهر لخشيته أن هذه الجمعة ما صحت. هذا من وساوس الشيطان، فلا يجوز أن تصلى الظهر بعد الجمعة، بل يجب أن يكتفي بالجمعة، لكن من فاتته الجمعة جاء وقد صلوا أو مريض ما حضر الجمعة، أو مسافر يصلي ظهراً، وأما من صلى الجمعة فليس عليه صلاة ظهر، بل صلاة الظهر مع الجمعة جميعاً بدعة لا في المسجد ولا في غير المسجد، نسأل الله العافية.

    1.   

    المقصود بالصائمين الذين يدخلون من باب الريان إلى الجنة

    السؤال: السائلة في هذا السؤال تقول: ما روي في حديث: (بأن في الجنة باباً يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون) هل الصائمون يقصد بهم الذين يصومون شهر رمضان فقط، أم الذين يصومون السنن مثل الإثنين والخميس وأيام البيض، أفيدونا مأجورين؟

    الجواب: المراد بذلك: الصائمون صوم الفريضة، الذين يحافظون على صوم الفريضة وهو رمضان، وهكذا ما أوجب الله عليهم من صوم الكفارات والنذور، هؤلاء لهم باب: باب الريان، يدخلون منه فإذا دخلوا أغلق، وإذا كانوا عندهم أعمال أخرى يدعون من أبواب كثيرة، لكن يدخلون من هذا الباب؛ باب الصيام، والمؤمن الذي يقيم الصلاة ويؤدي الزكاة ويصوم رمضان ويتقي الله يدعى من الأبواب كلها، لكن هذا الباب ما يدخل منه إلا الصائمون الذين حافظوا على أداء الصوم الواجب.

    1.   

    كيفية معرفة أثر صلاة الاستخارة

    السؤال: هذا سائل يقول في هذا السؤال بخصوص صلاة الاستخارة: كيف تكون علامات انشراح الصدر، وهل يجوز أن أستخير الله عز وجل في كل الأمور أو أمور معينة، وجهونا يا سماحة الشيخ؟

    الجواب: صلاة الاستخارة في الأمور التي يشتبه عليك أمرها، هل من المصلحة فعلها أو تركها، هذا محل الاستخارة، أما الشيء المعروف أنه طيب ما فيه استخارة، ما عليك استخارة هل تصلي أو ما تصلي ما فيه استخارة، صلاة الفريضة مطلوبة ومشروعة، كذلك الزكاة .. الصيام .. الحج .. صيام الإثنين والخميس ما فيه استخارة كونه شيء معروف، لكن شيء مشتبه، مثل: أردت أن تتزوج بنت فلان وعندك تردد تستخير، أو تحب أن تسافر إلى محل معين وعندك تردد هل من المصلحة السفر أم لا. تستخير، كذلك عندك تردد هل تتجر في الملابس .. هل تتجر في العقار، عندك تردد تستخير، وهكذا الشيء الذي فيه تردد تستخير ربك، فإذا صليت ركعتي الاستخارة وسألت ربك تعمل بما يميل إليه قلبك، وينشرح إليه صدرك، إذا مال صدرك إلى أحد الأمرين افعل هذا هو الأفضل، ويستحب لك أن تستشير.. يستحب لك أن تشاور الناس الطيبين الذي تثق بهم مع الاستخارة بعد الاستخارة، تشاور إخوانك .. أصدقاءك .. والديك، تستشير من تثق به وترى أنه أهل للاستشارة حتى يساهم في هذا الشيء وإذا انشرح صدرك افعل.

    1.   

    حكم بذل الهدية عند العودة من السفر

    السؤال: هذا السائل حمدي يعمل بالرياض يقول: بأنه يعمل بالمملكة، فهل عند عودتي لبلدي لابد من أخذ هدايا للأهل والأقارب، علماً بأن ذلك الموضوع سوف يكلفني الكثير، وهل إذا لم آخذ هدايا أكون قد ارتكبت إثماً من باب قطيعة الرحم لأهلي، وجهونا في ذلك؟

    الجواب: الهدايا غير واجبة، ولا تكون قاطعاً للرحم إذا ما حملت هدايا، الهدايا باختيارك إن رأيت أن تأخذ هدايا لخواص أقاربك فلا بأس، وإلا فليس بلازم، أنت أعلم بالمصلحة، المهم أن تحفظ المال لحاجة البيت وحاجتك وحاجة أهلك، فإذا اشتريت هدية خفيفة للزوجة أو لأبيك أو لأمك أو لإخوانك فلا بأس، وإن شق عليك ذلك فالحمد لله، لا لزوم للهدية، المال احفظه لحاجة البيت لحاجتك أو لقضاء دينك، أما الهدايا فهي مستحبة عند اليسر .. عند القدرة واليسر إذا أهديت لإخوانك، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (تهادوا تحابوا) اللهم صل عليه وسلم، فالهدية طيبة مع القدرة ومع السعة إذا تيسرت من غير تكلف.

    1.   

    حكم طواف الوداع

    السؤال: هل من يقضي فترة من الزمن في مكة المكرمة بعد الحج لمدة أكثر من شهرين لابد أن يطوف طواف الوداع، وهل عليه شيء إذا لم يفعل هذا الركن؟

    الجواب: إذا أراد السفر يطوف للوداع وهو واجب،، هو واجب ليس بركن ولكنه واجب، إذا تركه عليه دم يذبح في مكة للفقراء، سواء أقام أياماً قليلة أو شهراً أو شهرين أو أكثر، إذا أراد السفر يطوف للوداع سبعة أشواط بالبيت، من دون سعي، يطوف سبعة أشواط ويصلي ركعتين عند السفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينفرن أحد منكم -يعني: الحجاج- حتى يكون آخر عهده بالبيت) اللهم صل عليه وسلم.. إلا الحائض والنفساء إذا صادف وقت السفر وهي في الحيض أو في النفاس لا وداع عليها.

    1.   

    حكم الحج على من عليه دين

    السؤال: يقول هذا السائل يا سماحة الشيخ: الشخص الذي عليه دين هل تلزمه فريضة الحج؟

    الجواب: إذا كان عنده قدرة على الدين والحج تلزمه، أما إن كان ما عنده قدرة يبدأ بالدين ولا حج عليه، لكن إن كان عنده مال يستطيع يوفي الدين ويستطيع يحج يلزمه الحج؛ لأن الله قال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] فإذا كان عنده أموال يستطيع يوفي الدين ويستطيع يحج وجب عليه، أما إن كان ماله بقدر الدين أو أقل من الدين لا يلزمه الحج.

    1.   

    مسألة تقديم الحج على الزواج والعكس

    السؤال: في فقرة أخرى يقول هذا السائل: الشاب الغير متزوج أيهما أفضل الحج أم الزواج؟

    الجواب: إن كان يستطيعهما فعلهما جميعاً، يتزوج ويحج جميعاً، فإن كان المال لا يتسع إلا لأحدهما فإن كان محتاجاً للزواج يخشى على نفسه بدأ بالزواج، فإن كان لا يهمه الزواج؛ لأن شهوته ضعيفة ولا يخشى خطراً بدأ بالحج وأدى حج الفريضة، أما إن كان لا يخشى على نفسه فإنه يبدأ بالزواج، ومتى أيسر حج بعد ذلك.

    1.   

    ماذا يلزم من عنده دين لشخص جهل مكانه

    السؤال: هذا سؤال من إحدى المستمعات تقول: عندي مشكلة وهي: أنني ذات يوم خدعني إبليس وذلك بأن جعلني أخدع صاحب الصوف عندما أخذت منه حاجتي وقلت له: سوف أعطيك الثمن بعدين ومرت سنة أو أكثر وأنا على هذا الحال، وعندما أردت أن أعطيه فجأة تغير المكان وصار سوقاً آخر ولم يوجد صاحب هذا الدين الذي بذمتي، وسؤالي رغم أنني نادم جداً لم أجده ولم أعرف أحداً يعرفني عليه لكي أعطيه المبلغ، وسألت أكثر من واحد وقالوا: ليس موجوداً، فماذا أفعل؟

    الجواب: عليك التوبة أولاً إلى الله، عليك التوبة والندم والعزم الصادق أن لا تعود لمثل هذا؛ لأنك ظلمته وتعديت عليه، وعليك الصدقة بهذا المال، تصدق بهذا المال على الفقراء بالنية عن صاحبه، إذا لم تستطع معرفة عنوانه وإيصال المال إليه، إذا عجزت فعليك أن تتصدق به على الفقراء بالنية عن صاحبه، وتدعو له، ويكفي والحمد لله مع التوبة والندم مما فعلت.

    1.   

    أفضل أنواع الوقف

    السؤال: هذه سائلة تقول في هذا السؤال: عندي مبلغ من المال وأريد أن أجعله وقفاً في سبيل الله عز وجل، والسؤال: أي الأعمال أفضل في هذا الوقف، هل هو بناء مسجد أم غيره أفضل، دلوني يا سماحة الشيخ مأجورين؟

    الجواب: إذا كان المال كثيراً فاجعليه في عقار في وجوه الخير: بناء المساجد، والصدقة على الفقراء والمساكين، ومساعدة طلبة العلم في طلب العلم، مساعدة من يقوم بعمل شرعي ويعجز عنه، المقصود أن يكون في أعمال البر، إذا كان مالاً كثيراً يشترى به عقاراً كبيراً أو عقارات توقف في أعمال البر ووجوه الخير، من الصدقة على الفقراء والمساكين .. من مساعدة المجاهدين في سبيل الله .. من بناء المساجد إلى غير هذا من وجوه الخير، الصدقة على الأقارب المحاويج إلى غير ذلك.

    أما إن كان قليلاً فاصرفيه في الصدقة على الفقراء، إذا كان هناك أقارب فقراء فأعطيهم إياه، فإن كان ما هناك أحد فيصرف في تعمير المساجد، أو في الفقراء في غير البلد إذا كان ما في البلد فقراء بلدك.

    المقصود: أنه يكون في وجوه البر، لكن إذا كان قليلاً تجعلينه في الفقراء أو في تعمير المساجد مساهمة، كله طيب.

    1.   

    حكم من نوى قيام الليل فغلبه النوم

    السؤال: سماحة الشيخ! إذا نوى الشخص سواء كان الرجل أو المرأة أن يقوم الليل ولم يقم، فهل يكتب له أجر ما نوى؟

    الجواب: نعم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) كذلك إذا نام ما فرط، له أجر قيام الليل لكن يصلي من النهار ما فاته، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا منعه من ورده بالليل نوم أو مرض صلى من النهار مقابل ما يفعله بالليل، هذا هو السنة، فإذا شغله المرض أو النوم عن وتره وعن حزبه بالليل من القراءة فعله بالنهار قبل الظهر، هذا هو الأفضل ويكون أجره كاملاً.

    ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً في غزوة تبوك: (إن في المدينة أقواماً -يقول لأصحابه في تبوك إن في المدينة أقواماً- ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم -وفي لفظ-: إلا شركوكم في الأجر، قالوا: يا رسول الله! وهم في المدينة؟ قال: وهم في المدينة حبسهم المرض) وفي اللفظ الآخر: (حبسهم العذر) فالمقصود: أن الذي يحبسه العذر عن عمل صالح وهو ينويه أو من عادته فعله يكون له أجر.

    1.   

    حكم بيع الريالات المعدنية بورقية مع الزيادة

    السؤال: ننتقل إلى رسالة بعث بها السائل (ع. ع. ع) من جمهورية مصر العربية يقول: ما حكم الشرع فيمن يبيع الهلل التسعة بعشرة من الريالات، ويعطي بالريال العاشر عصير أو أي شيء بريال فما حكم ذلك مأجورين؟

    الجواب: فيه خلاف بين علماء العصر، والأفضل عدم الزيادة، عشرة بعشرة، ومائة بمائة وهكذا، لأنها كلها ريال، هذا معدن وهذا ورق، فالأفضل عدم التفاضل، الأفضل عشرة بعشرة وعشرين بعشرين، وهكذا. أحوط لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) بعض إخواننا من العلماء قالوا: لا بأس؛ لأن المعدن غير الورق، فلا بأس أن يتفاضل كما يباع الريال بأشياء أخرى من الحديد لأنها مختلفة، فلا حرج -يعني: في الجملة- لكن كونه يحتاط لدينه ويعمل بالاحتياط ويأخذ الهلل من المعدن بالورق متساوي عشرة بعشرة ومائة بمائة يكون هذا أحوط وأبعد عن الشبهة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).

    1.   

    حكم إسبال الثوب بدون خيلاء

    السؤال: أيضاً يسأل هذا السائل عن الثوب الطويل الذي يكون أسفل الكعبين ويلبس بدون خيلاء، ما حكمه؟

    الجواب: لا يجوز، هذا من الإسبال، لكن مع الخيلاء يكون الإثم أكثر، مع الخيلاء يكون الإثم أكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) رواه البخاري في الصحيح (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) وهكذا البشت، وهكذا القميص، وهكذا السراويل كلها واحدة، إذا نزل عن الكعبين لا يجوز في حق الرجل.

    ويقول صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي ذر ، فهذا يبين أنه لا فرق بين من أراد التكبر أو لم يرد التكبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أطلق في هذه الأحاديث.

    وقال في حديث آخر : (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) هذا وعيد آخر وعيد شديد.

    فالواجب الحذر من الإسبال مطلقاً ولو لم يرد التكبر، وهذا شيء في قلبه من يعلم ذلك إلا الله جل وعلا، فالإسبال ممنوع وهو وسيلة إلى التكبر مع ما في هذا أيضاً من الإسراف وتعريض الثياب للأوساخ والنجاسات.

    يروى عن عمر رضي الله عنه وهو مطعون رضي الله عنه جاءه شاب يعوده، فلما أدبر رأى ثوبه يمس الأرض فقال له: يا شاب! ارفع ثوبك، فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك.

    المقصود: أنه لا يجوز أن تنزل الملابس عن الكعبين في حق الرجل ولو لم يرد التكبر؛ لأن الأحاديث عامة.

    أما المرأة فالسنة لها أن تسبل حتى تستر أقدامها عن الرجال.

    1.   

    الحكمة من حفظ الله للقرآن الكريم دون بقية الكتب السابقة

    السؤال: سماحة الشيخ هذا السائل لافي من العلا الشمالية يقول في هذا السؤال: لماذا تكفل الله عز وجل بحفظ القرآن الكريم دون سائر الكتب التي أنزلت على الرسل، وجهونا في ضوء هذا السؤال؟

    الجواب: له الحكمة البالغة، ولعل من الأسباب: أن الكتب بعدها كتب تبين ما يحرفه الناس ويغيره الناس، أما القرآن ما بعده وحي، انقطع الوحي؛ فمن رحمة الله أن حفظه، حفظ السنة والقرآن، لأنه ليس هناك نبي جديد يأتي يبين لنا ما أخطأ فيه الناس، فكان من رحمة الله أن حفظ على أمة محمد القرآن والسنة، أما الماضون قبل محمد كل نبي بعده نبي وبعده رسل يبينون ما أخطأ فيه أمة الرسول السابق وما حرفوا وغيروا، ولهذا بين القرآن والسنة ما حرف أهل الكتاب في التوراة والإنجيل وفي شرائعهم، أما محمد صلى الله عليه وسلم فهو الخاتم ليس بعده نبي؛ فمن رحمة الله أن حفظ كتابه وحفظ سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    أسباب انتشار الخرافات بين الناس

    السؤال: في سؤاله الثاني يقول: ما هي الأسباب التي تؤدي إلى نشر الخرافات ونشوء الوثنيات بين الناس، وجهونا في هذا السؤال؟

    الجواب: الأسباب: قلة العلم، وكثرة الجهال، وقلة الناصحين لله ولعباده، والطمع في المال والشهرة، وما يقع من الحسد والبغضاء بين الناس كلها أسباب للشر، فالإنسان إذا لم يكن عنده تقوى لله ودين يحميه فعل ما تهواه نفسه من ظلم وعدوان، ودعوة إلى الباطل ونشر البدع والخرافات؛ لأنه ليس عنده تقوى تمنعه وخوف من الله يحجزه، نسأل الله العافية.

    1.   

    حكم ذبح الشاة المشرفة على الموت

    السؤال: يقول هذا السائل: هل يجب على الإنسان إذا شاهد شاة أو ما يماثلها مشرفة على الموت أن يذكيها علماً بأنها مريضة لا تؤكل أم ماذا يفعل بها؟

    الجواب: إن ذكاها فلا بأس وإن تركها فلا بأس، الأمر واسع، إن ذكاها لعل أحداً يقبلها ويأكل منها فلا بأس، وإن تركها تموت فلا بأس، الأمر واسع، الحمد لله.

    1.   

    حكم لبس الحلي التي على هيئة صورة

    السؤال: هذه السائلة دلال من اليمن تقول في هذا السؤال: ما حكم لبس الخاتم الذي يوجد عليه ثعبان، وهل تجوز الصلاة به، وجهونا بذلك؟

    الجواب: لا يجوز لبسه، ولا يجوز الصلاة به إلا إذا قطع رأس الثعبان، يقطع أو يحك رأسه حتى يزول، وإلا فلا يجوز لبسه سواء كان خاتماً أو حلية مثل الحلق أو غيره، كثعبان أو طير أو حيوان آخر حتى يقطع الرأس وإلا فالواجب عدم لبسه، لكن الصلاة صحيحة على الصحيح لكن لا يجوز استعماله ولو في غير الصلاة، مثل: الخاتم الذي فيه صورة ثعبان أو غيره أو حزام، أو قميص أو غير ذلك لا يجوز حتى يقطع الرأس.

    1.   

    علاج الوسوسة والنسيان في الصلاة

    السؤال: لها سؤال ثاني تقول: بأنها كثيرة النسيان، وعندما تكون في الصلاة تنسى الآيات أو تخلط بها فماذا يجب عليها أن تفعل، هل تعيد الصلاة؟

    الجواب: عليها أن تستعيذ بالله من الشيطان، عليها أن تحرص تحضر قلبها بين يدي الله إذا دخلت في الصلاة، تجمع قلبها على الله، تعرف أنها بين يدي الله وأن الواجب عليها إحضار قلبها بين يدي الله، والله يقول سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] وعليها أن تحذر الشيطان، فإذا جاءت الوساوس تتفل عن يسارها ثلاث مرات تقول: أعوذ بالله من الشيطان، ولو في الصلاة، تميل عن يسارها قليلاً بوجهها وتقول: أعوذ بالله من الشيطان، ثلاث مرات تتفل، وهذا علاج يزيل الله به شر الشيطان، قد أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة، فعليها أن تستعيذ بالله وتستمر في صلاتها ولا تعيد صلاتها ولا وضوءها، وتقرأ ما تيسر من الآيات بعد الفاتحة.

    1.   

    حكم من تهدد بالانتحار إن تزوج زوجها بثانية

    السؤال: السائلة -فضيلة الشيخ- دلال من اليمن تقول في هذا السؤال: امرأة لا تنجب ويريد الزوج أن يتزوج بأخرى لهذا السبب، وقالت هذه الزوجة: لو تزوج علي تقتل نفسها، فنريد من سماحتكم توجيه هذه المرأة وأن تبينوا لها الحكمة من تعدد الزوجات؟

    الجواب: لا يجوز لها قتل نفسها، هذا منكر، هذا جهل منها، وله أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، الله يقول سبحانه: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] والشارع يريد من الأمة أن تجتهد في عفة الفروج، ومكاثرة النسل حتى تكثر الأمة التي تعبد الله وتطيعه، فالتي لا تنجب قد أصابها عيب كبير والأمر إلى الله، الله حكيم عليم، عليها أن تحتسب وتصبر وتسأل ربها العافية وأن يرزقها الذرية، وأن تتعالج لا بأس، ولكن زوجها لا بأس أن يتزوج ويطلب الذرية، وإذا قتلت نفسها فالله توعدها بالنار.

    ولا يلزم زوجها أن يطيعها، له أن يتزوج ولو قتلت نفسها، الإثم عليها والشر عليها، وقاتل نفسه توعده الله بالنار نعوذ بالله.

    1.   

    الإنسان مخير ومسير في هذه الحياة

    السؤال: في آخر سؤال لهذه السائلة تقول: لا أدري هل يجوز أن أسأل مثل هذا السؤال أم لا: هل الإنسان مخير أم مسير في هذه الحياة وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: مخير ومسير جميعاً، مخير، لأن له أعمالاً، وله عقل، وله تصرف، وله سمع وبصر، يختار الخير ويبتعد عن الشر، يأكل ويشرب باختياره، يتجنب ما يضره باختياره، يأتي ما ينفعه باختياره.

    وهو مسير بمعنى: أنه لا يتعدى القدر هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [يونس:22]، وقال تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29] .. وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان:30] فهو له مشيئة وله اختيار، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8] .. خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل:88] .. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:3] له فعل وله اختيار وله إرادة: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ [الأنفال:67] .. لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:28-29] فمشيئة الله نافذة، وقدره نافذ، فهو من هذه الحيثية مسير لا يخرج عن قدر الله، وهو مع ذلك مخير له فعل وله مشيئة وله إرادة يأتي الخير بإرادته ويدع الشر بإرادته، يأكل بإرادته ويمسك بإرادته، يسافر بإرادته، ويقيم بإرادته، يخرج إلى الصلاة وإلى غيرها بإرادته ويجلس بإرادته؛ ولهذا يستحق العقاب على المعاصي ويستحق الثواب على الطاعات؛ لأن له اختياراً فعلاً، فهو مثاب على صلاته، وصومه، وصدقاته، وطاعته لله، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، مثاب على هذا إذا فعله لله.

    ويستحق العقاب على معاصيه، من الزنا والتهاون بالصلاة وأكل الربا والغيبة والنميمة إلى غير ذلك، فله فعل وله اختيار ولكنه في فعله واختياره لا يسبق مشيئة الله، ولا يخرج عن قدر الله.

    1.   

    حكم تأخير قضاء الصلاة الفائتة

    السؤال: نختم هذا اللقاء بسؤال للسائل يوسف حسن يقول: هل يجوز لمن فاتته صلاة الظهر أن يصليها مع جماعة مع من يصلون العصر؟

    الجواب: إذا كان الجماعة مسافرين يصلونها في وقت الظهر صلاها معهم وإلا فيجب أن يصلي في وقت الظهر لا يؤخرها، يصلي الظهر إذا فاتته مع الجماعة يصليها في المسجد أو في بيته حالاً فإن وجد جماعة يصلون صلى معهم، سواء كانوا مقيمين أو مسافرين، صلى معهم فإذا سلموا قام وكمل، أما أن يؤخرها إلى العصر فلا يجوز تأخيرها.

    المقدم: شكر الله لكم -يا سماحة الشيخ- وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.

    أيها الإخوة الأحباب! أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، شكر الله لفضيلته على ما بين لنا في هذا اللقاء وشكراً لكم أنتم، وفي الختام تقبلوا تحيات الزملاء من الإذاعة الخارجية فهد العثمان ، ومن هندسة الصوت سعد خميس ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768033423