إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (518)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    كفارة القتل

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الأحباب.. أيها الإخوة المستمعون الكرام! هذا مجلس طيب مبارك من برنامج نور على الدرب، معنا في هذا اللقاء الطيب المبارك سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذا اللقاء أرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز أجمل ترحيب، فأهلاً ومرحباً سماحة الشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: الله يحييك يا سماحة الشيخ.

    ====السؤال: على بركة الله نبدأ هذا اللقاء بسؤال للسائل: عبد الرحيم يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ! إذا تسبب الرجل في قتل رجل آخر وعفا أهل القتيل عنه، هل تسقط عنه الكفارة، وماذا يلزمه جزاكم الله خيرا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    إن كان المتسبب متعمداً فعليه التوبة ولا كفارة عليه، عليه التوبة إلى الله جل وعلا، والحمد لله إن عفا عنه أولياء المقتول جزاهم الله خيراً، أما إن كان خطأً أو شبه عمد، مثل: أراد أن يرمي صيداً فأصابه، أو طقه بعصا خفيفة أو ضربة خفيفة فمات بها، هذا عليه الدية وعليه الكفارة، الدية معروفة والكفارة عتق رقبة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين؛ لقول الله جل وعلا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92]، فالواجب على من قتل خطأً أو شبه خطأ عليه الدية والكفارة إلا أن يسمحوا عن الدية فلا بأس، أما الكفارة تبقى في ذمته، إن استطاع العتق أعتق، فإن لم يستطيع العتق صام شهرين متتابعين ستين يوماً بنص القرآن الكريم.

    أما المتعمد فلا، المتعمد توعده الله بالعذاب والنار، قال سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، ما جعل عليه عتق؛ لأن الأمر أعظم، العتق والكفارة تدخل في الذنب إذا كان أسهل، فإذا عظم الذنب واشتد ما دخلته الكفارات؛ لعظمه وخطره، فالقتل جريمة عظيمة لا تدخلها الكفارة، بل يجب القصاص إذا توفرت شروطه، فإن لم يجب القصاص فالدية مع التعزير.

    1.   

    عدة الحامل المتوفى عنها زوجها

    السؤال: يقول السائل عبد الرحيم في ثاني أسئلته: المرأة المتوفى عنها زوجها وهي حامل ثم وضعت هل عليها عدة؟

    الجواب: نعم، إذا توفي عنها أو طلقها وهي حامل عدتها بقية الحمل، فإذا وضعت خرجت العدة سواء كانت مطلقة أو مخلوعة أو مات عنها، عدتها وضع الحمل؛ لقول الله سبحانه: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، هذا يعم المطلقة والمخلوعة والمتوفى عنها، متى وضعت الحمل خرجت من عدة زوجها سواء كان حياً أو ميتاً إذا طلقها أو خالعها-طلقها على مال- أو مات عنها، متى وضعت خرجت من العدة.

    1.   

    من شروط التوبة النصوح

    السؤال: ننتقل بعد ذلك إلى رسالة وصلت من اليمن من السائل: (أ. أ) يقول: سماحة الشيخ! كنت جاهلاً ببعض أمور الدين لذلك كنت متساهلاً في الواجبات، والحمد لله تفقهت في أمور ديني وهداني ربي سبحانه وتعالى، والحمد لله والشكر، فواظبت على الصلاة وعلى النوافل، وعلى صلاة الضحى وقيام الليل، وصوم الأيام البيض من كل شهر، والأذكار اليومية والمسائية، وقراءة جزء من القرآن الكريم، ماذا يجب علي أن أعمله لأكفر عما تساهلت فيه من الواجبات في أعوام ماضية؟

    الجواب: إذا كنت تساهلت بأمر أوجب الردة أو أوجب الكفر فهذا ما عليك، التوبة تكفي، أما إذا تساهلت في الواجبات وأنت مسلم أخللت برمضان فما صمت، أو تأخرت في الحج الفريضة، فعليك أن تفعل حج الفريضة، وعليك أن تصوم الأيام التي أفطرتها تساهلاً.

    أما الصلاة إذا كنت تركت الصلاة فتركها كفر، فالتوبة كافية، وليس عليك قضاء، إذا تبت فلا قضاء عليك.

    أما إذا كنت تساهلت في الصلاة، يعني: صليتها في البيت ما صليتها مع الجماعة تكفي التوبة والحمد لله.

    أما إذا كان هناك حقوق للناس ضيعتها .. دين عليك للناس ما أعطيتهم .. سرقات .. أموال نهبتها ردها على أصحابها مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.

    1.   

    أعمال الذاكرين الله كثيرا

    السؤال: يقول السائل: ما العمل الذي يقوم به الإنسان ليكتب من الذاكرين لله عز وجل؟

    الجواب: عليه أن يجتهد في العمل الصالح الذي شرعه الله، وليكثر.. ويكون لسانه رطباً من ذكر الله حتى يكتب من الذاكرين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سبق المفردون، قالوا: يا رسول الله! ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، ويقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]، ويقول جل وعلا: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ .. .. إلى أن قال سبحانه .. وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35]، إذا حافظ على طاعة الله ورسوله، وترك ما حرم الله ورسوله كان من الذاكرين والذاكرات، إذا حافظ على طاعة الله وأداء حقه وأشغل وقته ولسانه بذكر الله فهو من الذاكرين والذاكرات والحمد لله، إذا أكثر من ذلك عن إخلاص لله لا عن رياء ولا سمعة، لكن عن إخلاص لله ورغبة فيما عنده يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

    1.   

    صفة لبس الإزار والسراويل

    السؤال: هذا السائل مصري ومقيم بالدمام يقول: ما هو الإزار؟ وهل يجب أن يكون السروال إلى نصف الساق؟

    الجواب: الإزار قطعة من القماش يلفها على نصفه الأسفل يقال له: إزار، إذا لف على نصفه الأسفل أو ربط على نصفه الأسفل يقال له: إزار، فأما إن كان مخيطاً له كمان على النصف الأسفل فهذا يسمى سراويل، إذا كان مخيطاً له كمان، كل رجل لها كم فهذا يسمى سراويل، أما إذا كان قطعة من القماش يلفها على نصفه الأسفل ويربطها، أو يلف بعضها على البعض حتى تستر نصفه الأسفل هذا يسمى الإزار، وهذا هو المشروع للمحرم، إذا أحرم بالحج أو العمرة يلبس هذا الإزار دون السراويل، ويلبس معه الرداء على كتفيه، هذا هو السنة، وكانت هذه ملابس للعرب قديماً، يغلب عليهم لبس الإزار والرداء، وربما لبسوا السراويل مع الرداء، وربما لبسوا القميص، لكن يغلب عليهم الرداء، فوق المنكبين مع الإزار، وهذا هو المشروع للمحرم، إذا أحرم بعمرة أو حج يكون عليه إزار ورداء فوق منكبيه، فإن عدم الإزار ولم يتيسر الإزار لبس السراويل.

    1.   

    معنى حديث: (إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها ...)

    السؤال: السائل من اليمن يقول في هذا السؤال: ما معنى هذا الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة لغرفاً يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها فقالوا: لمن يا رسول الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: لمن أطاب الكلام، وأفشى السلام، وأطعم الطعام، وداوم على الصيام، وصلى بالليل والناس نيام)، هل هذا حديث صحيح؟

    الجواب: نعم، حديث صحيح، وهي غرف عظيمة شفافة تبصر ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، أعد الله لمن ذكره النبي عليه الصلاة والسلام لمن أطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام، هذه منازل عظيمة لهؤلاء الأخيار، خصهم الله بها جل وعلا، لعملهم الطيب واجتهادهم في الخير.

    والجنة لها شأن عظيم منازلها وما فيها من الخير العظيم لأهلها لا يخطر بالبال، مثلما قال جل وعلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:16-17]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعددت لعبادي الصالحين في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ثم تلا هذه الآية)، فالمؤمنون لهم في الجنة أشياء ما تخطر بالبال من النعيم والغرف والأسرة والحور وغير هذا مما أعد الله لهم من النعيم، الله يجعلنا وإياكم منهم، نسأل الله أن يجعلنا منهم وجميع إخواننا المسلمين.

    1.   

    حكم التسبيح بالسبحة

    السؤال: هذا سائل للبرنامج يقول: نسأل عن السبحة؛ لأنها تكثر في استخدامها عندنا، وإن كانت بدعة ما تعليقكم يا سماحة الشيخ على حديث الحصى؟

    الجواب: لا بأس بالسبحة، لكن الأصابع أفضل، كان النبي يسبح بأصابعه صلى الله عليه وسلم، يسبح بعد الصلاة في سائر الأوقات بأصابعه، فالأصابع أفضل؛ لأنهن مسئولات ومستنطقات كما قال صلى الله عليه وسلم لبعض النساء: (أمرهن أن يعقدن بالأنامل وقال: إنهن مسئولات مستنطقات)، يعني: هذه الأصابع وإذا سبح بالحصى أو بالنوى، أو بالسبحة فلا حرج في ذلك والحمد لله أنها كلها جائزة، ولكن بالأصابع أفضل.

    1.   

    حكم ترك الصلاة تعمداً

    السؤال: في سؤاله الثاني يقول سماحة الشيخ: هل تارك الصلاة متعمداً مع شهادته بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يعد كافراً مخلداً في النار؟

    الجواب: نعم، من ترك الصلاة تعمداً يعد كافراً، هذا هو الصحيح، إلا أن بعض أهل العلم قال: يكون أتى كبيرة إذا لم يجحد وجوبها، ولكن ظاهر النصوص أنه يكفر بذلك إذا تركها، ولو شهد أن لا إله إلا الله، ولو زكى، ولو صام، إذا ترك الصلاة يكفر بذلك تساهلاً وكسلاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، رواه مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من ترك صلاة العصر حبط عمله)، والله يقول: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، فعاملهم معاملة الكافر.

    أما إذا جحد وجوبها، قال: ما هي بواجبة الصلاة هذا يكفر عند الجميع عند جميع المسلمين .. عند جميع العلماء ولو صلى، إذا قال: ما هي بواجبة كفر عند الجميع؛ لأنه مكذب لله ولرسوله، نسأل الله العافية.

    1.   

    حكم النقاب للمرأة

    السؤال: في آخر أسئلته يقول هذا السائل: نسأل عن النقاب بالنسبة للمرأة، وإذا كان واجباً فبماذا نرد على من يقول بخلاف ذلك سماحة الشيخ؟

    الجواب: المرأة عورة، والنقاب في حقها واجب، وهو ستر الوجه وستر جميع بدنها عن الرجل الأجنبي، وكان في أول الإسلام لها أن تكشف وجهها ويديها عند الرجال وتخالطهم ثم نسخ الله ذلك وأنزل الله آية الحجاب وهي قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53]، يعني: من وراء ساتر: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59]، يعرفن بالجلباب الذي يغطي وجهها وبدنها، هذا هو الأخير، وكان في الأمر الأول مرخص للمرأة أن تكشف وأن تجلس مع الرجال، ثم أنزل الله الحجاب صيانة لهن وحماية لهن من أسباب الفتنة وللرجال أيضاً، فالكشف معصية، لا يجوز لها أن تكشف لغير محارمها إلا في الإحرام، تكشف النقاب، تغطي وجهها بغير النقاب .. بالخمار .. بالجلباب، أما النقاب الذي يستر وجهها ويبقى نقبان لعينيها أو نقب واحد فهذا يمنع منه في الإحرام، وهو ستر خاص وحجاب خاص تمنع منه المرأة في الإحرام، أما سترها وجهها بغير ذلك من الخمر أو ما يسمى الشيلة أو غير ذلك فلا بأس، مثلما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع محرمات، وكنا إذا دنا منا الركبان سدلت إحدانا خمارها على وجهها من رأسها، فإذا بعدوا كشفنا) أو قالت: (جلبابها على وجهها) هذا يدل على أنه إذا ستر الوجه بغير النقاب في حق المحرمة لا بأس، فتصير مصلحتان: الستر مع عدم النقاب، وذلك بجعل الجلباب أو الخمار الذي تلبسه على رأسها على وجهها عند الأجنبي.

    1.   

    الفرق بين صلاة الفريضة والنافلة

    السؤال: السائل: (إبراهيم . أ) من الرياض له مجموعة من الأسئلة يقول: هل هناك فوارق بين صلاة الفرض والنافلة؟

    الجواب: نعم، هناك فرق، النافلة مستحبة والفرض واجب، والنافلة إذا تركها لا يأثم، لو ترك صلاة الضحى، أو صلاة الوتر، أو الراتبة في الظهر أو الفجر، أو المغرب والعشاء لم يأثم، والفريضة يأثم إذا تركها يأثم، بل يكفر إذا ترك الفريضة وتعمد تركها.

    والنافلة في الصلاة يجوز له أن يصليها جالساً ولو كان صحيحاً، والفريضة ليس له أن يصليها جالساً إلا عند العذر، عند المرض والعجز، أما النافلة لو صلى جالساً فلا بأس، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالساً في صلاة الليل ويقول: (صلاة الرجل جالس على النصف من صلاة القائم) صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى في الليل أو في النهار جالساً للنافلة فلا حرج، أما في الفريضة فلا، لابد أن يصلي قائماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران : (صل قائماً -يقول لـعمران بن الحصين رضي الله عنه فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقياً)، هذا في حق الفريضة، أما النافلة فلا حرج أن يصلي جالساً، إذا تكاسل وجلس فلا حرج.

    1.   

    آثار الزكاة على المجتمع

    السؤال: يقول السائل إبراهيم : نود أن تحدثونا -يا سماحة الشيخ- عن آثار الزكاة على المجتمع؟

    الجواب: الزكاة أمرها عظيم، وفائدتها كبيرة، وفي المجتمع المواساة بين المسلمين بعضهم لبعض، فالزكاة مواساة يواسي الغني الفقير، ويرفده ويعطيه من ماله ما يعينه على حاجاته، فالزكاة لها شأن عظيم في المجتمع، يواسى بها الفقير، ويقضى بها الدين، وتؤلف بها القلوب، ففيها مصالح؛ ولهذا شرعها الله للفقراء والمساكين، والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب مثل العبيد، والغارمين -أهل الدين- تقضى ديونهم إذا عجزوا، وفي سبيل الله في الجهاد، وفي أبناء السبيل الذين يمرون بالبلد وهم ليس بأيديهم شيء يعطون، فهذه مصالحها عظيمة في المجتمع.

    1.   

    حكم التمسح بحيطان الكعبة وكسوتها وغير ذلك

    السؤال: في آخر أسئلته يقول: سماحة الشيخ! ما حكم التمسح بحيطان الكعبة وكسوتها وبالمقام والحجر؟

    الجواب: بدعة، حكمها أنها بدعة لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعل ذلك، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ويقول: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، وإذا قصد أن تمسحه بالجدار أو بالكسوة يحصل له البركة من نفس الكسوة أو من الجدار شرك أكبر، أما إذا ظن أنها مباركة، وأن الله شرع هذا وأنه مشروع أنه يقبل هذا الجدار أو هذه الكسوة هذه بدعة تصير بدعة، أما فعل يطلب البركة شرك أكبر، نسأل الله العافية.

    إنما يشرع تقبيل الحجر الأسود، هذا سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا الركن اليماني يستمله بيده ويقول: بسم الله والله أكبر ولا يقبله، لما قبل عمر -رضي الله عنه- الحجر قال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك، فنحن نقبله تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا نطلب البركة من الحجر، إنما تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم واقتداءً به وعملاً بسنته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم)، ولقوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فنصلي كما صلى، ونحج كما حج عليه الصلاة والسلام، ولا نتمسح بمقام إبراهيم ولا بالجدران ولا بالشبابيك ولا بالكسوة، كل هذا لا أصل له، من البدع، أما كونه يقف في الملتزم فهذه عبادة، فقصد هذا الملتزم بين الركن والباب عبادة لله، فليس طلباً من الكعبة ولا تبركاً بها، بل خضوع لله عند الباب، وهكذا في داخل الكعبة إذا طاف في نواحيها وكبر في نواحيها أو التزمها بأن جعل صدره عليها ويديه ودعا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا لا بأس به، هذا من باب التعبد والتقرب إلى الله جل وعلا.

    1.   

    نظر المصلي إلى موضع سجوده

    السؤال: بعد ذلك ننتقل إلى رسالة بعثت بها السائلة: (ح. ع. علي ) من أبهـا، لها مجموعة -الحقيقة- من الأسئلة تبدأ هذه الرسالة بالسؤال الأول وتقول: من يذهب إلى مكة -يا فضيلة الشيخ­- هل عليه أن يجعل نظره للكعبة أم إلى مكان سجوده؟

    الجواب: المشروع للمصلي أن ينظر موضع سجوده في مكة وفي غيرها، لكن إذا أراد أن ينظر الكعبة ينظر الكعبة في غير الصلاة، وأما في الصلاة يقبل على صلاته ويخشع فيها، ويطرح بصره إلى موضع سجوده، هذا السنة.

    1.   

    حكم قتل الهدهد

    السؤال: تقول: لقد سمعت عن الكثير من الناس يقولون: بأن من يمسك بالهدهد محرم هل هذا صحيح؟

    الجواب: الهدهد لا يقتل، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الهدهد لكن إذا أمسكه يكرمه ويطعمه ولا يقتله لا حرج في ذلك، أما يمسكه للقتل فلا يجوز.

    1.   

    بيان أجر من صبر على الظلم ولم ينتصر لنفسه

    السؤال: هل المظلوم في الدنيا يكتب له الأجر في الآخرة، ويكتب له الجنة لصبره، وجهونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: المظلوم إذا صبر واحتسب له أجر، وإذا طلب حقه يعطى حقه، وإذا صبر واحتسب مثل ما قال جل وعلا: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]، قد يعطيه الله أجره جل وعلا لاحتسابه وترك الظلامة، وإن انتصر فلا بأس، لكن إذا طلب ما عند الله عفا وأصلح، عفا عن الظالم يرجو ما عند الله من الأجر، فله أجره عند الله جل وعلا.

    1.   

    حكم الصلاة على الميت المدين

    السؤال: السائل: عبد الله محمد يقول: هل تصح الصلاة خلف من عليه دين، مع أنه فقير وحافظ للقرآن ولم يأذنوا له أن يصلي يقولون له: بأنك عليك دين، هل تجوز الصلاة خلف هذا؟

    الجواب: نعم، تجوز الصلاة خلفه ولو عليه دين، كان النبي صلى الله عليه وسلم -أولاً- إذا أوتي بصاحب الدين قال: (صلوا على صاحبكم)، ثم ترك ذلك وكان يصلي عليهم وعليهم دين عليه الصلاة والسلام، ويقضي عمن عليه دين إذا كان ما عنده وفاء، فهذا من كرم أخلاقه عليه الصلاة والسلام ومن جوده أنه إذا مات إنسان وعليه دين وليس عنده شيء قضى دينه وصلى عليه، ونسخ هذا الأمر الذي فيه ترك الصلاة، فالذي عليه دين يصلى عليه ويسعى لقضاء دينه بعد ذلك من ماله أو غير ماله.

    المقصود: أن ترك الصلاة كان أولاً ثم نسخ، وكان يصلي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين قبل الوفاء، اللهم صل عليه.

    1.   

    حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة طلباً للرزق

    السؤال: بعد ذلك ننتقل إلى رسالة السودان، السائل: (أ. أ) يقول: سماحة الشيخ! كثيراً من الناس تدعوهم الظروف المعيشية طلباً للهجرة تاركين الزوجات ومكتفين بإرسال المصروف دون مراعاة العودة، وضاربين بحقوق الزوجة عرض الحائط، السؤال: ما الحكم الشرعي، وما هي المدة القصوى لغياب الزوج عن زوجته في الحد الأدنى جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: ليس لهذا حد محدود كما نعلم شرعاً، ولكن يجب عليه أن يراعي حقها، فإذا سافر لطلب الرزق، وكسب الرزق، ثم يرسل لها حاجاتها ونفقاتها فلا بأس، وإذا كان يخشى عليها من بقائها وحدها يجب عليه أن ينقلها معه، أو يبقى في البلد ويطلب الرزق في البلد التي هي فيه، أو يطلقها، أما أن يهملها ويضيعها فهذا منكر ولا يجوز، بل يجب أن ينفق عليها أو يوكل من ينفق عليها ويذهب لطلب الرزق، إذا كان بلده ما فيه عمل يذهب يطلب الرزق في بلد آخر ويرسل إليها حاجاتها ونفقاتها أو ينقلها معه، كل هذا واجب عليه، إلا إذا طابت نفسه منها ولا يريدها فإنه يطلقها طلقة واحدة والرزق عند الله، يقول الله سبحانه وتعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130].

    وإذا كان السفر في سبيل الله وفي سبيل الجهاد، فهو مأمور بالطاعة لولاة الأمور، وكان عمر رضي الله عنه إذا أرسلهم يحد لهم ستة أشهر ثم يقدمون إلى أهليهم، وهذا من اجتهاده رضي الله عنه، فإذا جعل ولي الأمر لهم ستة أشهر أو أربعة أشهر إذا كان السفر بأمر ولي الأمر فلا بأس.. يصبرون، يذهب ستة أشهر .. أربعة أشهر على حسب ما يحدد ولي الأمر وأكثرها ستة أشهر كما فعله عمر ثم يرجع إلى أهله.

    أما إذا أمكن أن تسافر معه زوجته إلى البلد بلد العمل الذي أرسل إليها كالسفير ونحوه فإنه يسافر بها، حماية لها من الشر، وقضاء لوطره ووطرها، وحماية لأنفسهما جميعاً من الشر، فهو في حاجة إليها، وهي في حاجة إليه، لكن إذا كان هناك موانع من السفر بها، فإنه يرسل نفقاتها ويجتهد في العود إليها سريعاً، وإذا طلبت الفراق فهذا يرجع إلى المحكمة الشرعية، إذا قصر في حقها وظلمها يرجع إلى المحكمة الشرعية في النظر في هذا الأمر، لكن عليه أن يتقي الله وأن لا يحوجها إلى المحكمة، عليه أن يتقي الله وأن يصطلح معها على وجه لا يضرها.

    1.   

    المسافة التي تقصر فيها الصلاة

    السؤال: نختم هذا اللقاء بسؤال للسائل: (ف. م. ع) يقول: عندنا استراحة تبعد عن الرياض حوالي تسعين كيلو متر، ونحن نخرج لها كل نهاية أسبوع فهل تنطبق علينا أحكام السفر في ذهابنا إليها أفتونا مأجورين؟

    الجواب: نعم، عليكم أحكام السفر، إذا ذهبتم إليها والإقامة مدة يوم.. يومين، فأنتم مسافرون، والمسافة طويلة: تسعين كيلو مسافة طويلة.

    المقدم: كل أسبوع يا سماحة الشيخ؟

    الشيخ: لا، إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فهم مسافرون، أما إذا عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنهم مقيمون على قول الجمهور، يصلون أربعاً، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو الخميس والجمعة ثم يرجع فهو مسافر، وإن صلى أربعاً فلا حرج، إذا كانت المسافة ثمانين كيلو فأكثر، يوم وليلة -يعني- للمطية.

    1.   

    حكم اشتراك عدة أشخاص في قضاء ما على الميت من صوم رمضان

    السؤال له فقرة أخرى قبل أن نختم هذا اللقاء سماحة الشيخ، يقول: نحن ثلاث بنات توفيت والدتنا وعليها قضاء من صيام رمضان حوالي عشرين يوماً فهل نتساعد في القضاء عنها بمعنى: كل واحدة سبعة أيام، أم يلزمنا أن نقوم بالقضاء واحدة فقط؟

    الجواب: لا حرج إذا تساعدوا ما دام قضاء رمضان، هذه تصوم يومين، وهذه تصوم أربعة حتى يكملوا.

    أما إذا كان صوم متتابع مثل الكفارة المتتابعة أو نذر متتابع يصومه واحد حتى يتابع بينه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، فإذا كان على الميت كفارة قتل شهرين أو كفارة ظهار، يصام عنه متتابعة، يصوم واحد متتابع، وإن كان في ذلك مشقة كفروا عنه بالإطعام، مثل كفارة الظهار: إطعام ستين مسكيناً، أو الوطء في رمضان: إطعام ستين مسكيناً، وإن صام عنه أحدهم ستين يوماً فجزاه الله خيراً.

    أما القتل فليس فيه إطعام، ليس فيه إلا الصيام أو العتق، فإذا تيسر في تركته ما يوجب العتق وتيسر العتق أعتقوا من تركته، فإن كان ما تيسر العتق يصوم عنه بعضهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، يصوم واحد منهم متتابع، أما إذا كان قضاء رمضان فلا بأس أن يشتركوا فيه؛ لأنه ليس فيه التتابع، فإذا صام هذا أيام وهذا أيام فلا بأس.

    المقدم: شكر الله لكم يا سماحة الشيخ، وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.

    أيها الإخوة الأحباب .. أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، شكر الله لسماحته على ما بين لنا في هذا اللقاء الطيب المبارك، شكراً لكم أنتم، إلى الملتقى إن شاء الله.

    وفي الختام: تقبلوا تحيات الزملاء معي في الإذاعة الخارجية الزميل المهندس: فهد العثمان ، من هندسة الصوت الزميل: سعد عبد العزيز خميس ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768035494