أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاء طيب مبارك من برنامج نور على الدرب.
ضيف اللقاء هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز فأهلاً ومرحباً يا سماحة الشيخ!
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====السؤال: على بركة الله نبدأ هذا اللقاء برسالة وصلت من اليمن من السائلة (ن. ع. ن) تقول في هذا السؤال: هل التسبيح باليد اليمنى سنة مؤكدة والتسبيح باليسرى بدعة؟ وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح باليمين وما الدليل على ذلك؟ مأجورين.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن التسبيح باليمين أفضل، ومن سبح باليسار فلا بأس أو سبح بهما جميعاً باليمنى واليسرى كل ذلك لا بأس به.
وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله)، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه (كان يعقد التسبيح بيده اليمنى) ، وقال للنساء: (اعقدن بالأنامل)يعني: باليسرى واليمنى جميعاً فالأمر في هذا واسع، عقد التسبيح باليمين والشمال.. جميعاً أو باليمنى كله جائز ولكن اليمنى أفضل. نعم.
الجواب: السنة الإشارة في التشهد كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، كان يشير بالسبابة في الأحاديث الصحيحة في تشهده الأول والأخير، يشير بها للوحدانية عليه الصلاة والسلام، ويقبض الأصابع كلها ويشير بالسبابة في التشهد الأول والأخير، ولا تزال منصوبة إلى سلامه من التشهد الأخير عليه الصلاة والسلام، وربما حلق الإبهام والوسطى وقبض الخنصر والبنصر وأشار بالسبابة تارةً يقبض أصابعه كلها ويشير بالسبابة، وتارةً يحلق الإبهام مع الوسطى ويقبض الخنصر والبنصر ويشير بالسبابة، هذا هو السنة إشارة للوحدانية، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى واليسرى على اليسرى حال جلوسه للتشهد، وربما وضع يديه على الركبتين وكان بين السجدتين يضعهما على الركبتين، وربما وضعهما على الفخذين بين السجدتين، وفي التشهد يضع اليسرى على فخذه اليسرى أو على ركبته اليسرى واليمنى على فخذه اليمنى ويحلق إبهامها مع الوسطى ويشير بالسبابة، وربما قبض الأصابع كلها وأشار بالسبابة حال تشهده عليه الصلاة والسلام.
الجواب: مستحب، على الصحيح مستحب جلوس قليل بعد الأولى في الثنائية والرباعية والثلاثية، وبعد الأولى والثالثة في الرباعية الظهر والعصر والعشاء؛ جلسة خفيفة كجلسته في التشهد الأول هذا هو الأفضل وإن لم يجلس فلا حرج، وإذا ترك بعض الأحيان فلا حرج، جلسة خفيفة بعد الأولى وبعد الثالثة من قبل أن يقوم بعد السجدة الثانية في الركعة الثالثة وفي الركعة الأولى.
الجواب: هذا هو السنة تسليمة واحدة، هذا هو الثابت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تسليمة واحدة. نعم؛ عن اليمين.
الجواب: الحلي من الذهب والفضة فيها خلاف بين العلماء، كثير من أهل العلم يرون أنه لا زكاة فيها؛ لأنها مستعملة ليست للنماء، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن فيها الزكاة، وهو الأصح وهو الأرجح، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ففيها الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة عليها الحلي أن تؤدي الزكاة، وقالت له أم سلمة لما عرضت عليه حليها: أفي هذا زكاة؟ قال: (ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز) فدل على أن الحلي تزكى، وأنها إذا لم تزك فهي كنز، هذا هو الأرجح وهذا هو الأحوط، إذا بلغت الحلي النصاب ذهباً أو فضة.
الجواب: ليست زيارتها من السنة، إنما زيارة القبور على العموم سنة، النبي عليه السلام قال: (زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة)، وأم النبي صلى الله عليه وسلم ماتت في الجاهلية، زارها النبي صلى الله عليه وسلم وسأل ربه أن يستغفر لها فلم يأذن له، بكى وأبكى عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن قبور أهل الجاهلية إذا زيرت فلا بأس كما زار النبي صلى الله عليه وسلم أمه، لكن لا يدعى لهم إنما تزار للاعتبار فقط، وأما قبور المسلمين فالسنة أن تزار ويدعى لهم ويسلم عليهم ويستغفر لهم، أما قبور أهل الجاهلية كأم النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الكفار فلا بأس بزيارتها لكن ليست سنة إنما تزار للاعتبار ذكر الآخرة ذكر الموت، أما قبور المسلمين فتزار للدعاء لهم والترحم عليهم وذكر الآخرة، قال: (زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار! من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين والمستأخرين) وربما قال: (يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر).
وإذا زار قبور الكفار كما تقدم للعبرة والاتعاظ فلا بأس كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد يقال: إنه سنة للاعتبار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه، وهي ماتت في الجاهلية، قد يقال: إنه سنة أيضاً؛ يدخل في العموم من جهة الاعتبار فقط، من جهة الاعتبار والذكرى، وليس للدعاء لهم؛ لأنه لا يدعى لهم، لكن إذا زارها للاعتبار فالقول بأنه سنة أيضاً قول له قوة تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في زيارته لقبر أمه.
الجواب: لا أعلم في هذا دليلاً، في أي مكان عقد فلا بأس في المسجد أو في البيت أو في أي مكان لا بأس، لا أعلم لخصوصية المسجد دليلاً واضحاً، أقول: أو لا أذكر دليلاً واضحاً في عقده في المسجد عقد النكاح.
الجواب: الواجب على المسلم أن يتستر بستر الله، وألا يجاهر بالمعصية، بل إذا فعلها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) جعلهم من غير أهل العافية، (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يفعل العبد معصية في الليل ثم يصبح وقد ستره الله فيفضح نفسه ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا)، فالواجب على المسلم التستر بستر الله وعدم إظهار المعاصي والتوبة إلى الله، فإن المعصية إذا كانت خفيت ما تضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت ولم تنكر ضرت العامة.
فالواجب على من عصى أن يتقي الله وأن يسر معصيته، وأن يتوب إلى الله منها ويجاهد نفسه، وألا يتجاهر بالمعاصي فإن المجاهرة فيها شر عظيم، تجرئة لغيره على المعاصي ليتأسوا به وعدم مبالاة بالمعصية، فإذا فعلها خفية كان أقرب إلى أن يتوب فيتوب الله عليه، وليس هذا من النفاق، النفاق هو أن يسر الكفر ويظهر الدين، نسأل الله العافية.
الجواب: إذا دعت الحاجة إلى ذلك ما أعلم بأساً إذا دعت الحاجة إليه.
أما إذا وجد المؤذنون فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن، هذا هو السنة؛ لما في رفع الأذان من الخير والمصالح العظيمة والأجر للمؤذنين للحديث المذكور وغيره، فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن معروف بالأمانة، وحسن الصوت؛ هذا هو المشروع وهذا هو المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد من بعده من الخلفاء الراشدين والسلف الصالح إلى يومنا هذا، السنة أن يكون لكل مسجد مؤذن، لكن لو وجد حاجة لهذا بأن لم يوجد مؤذنون ودعت الحاجة إلى تسجيل الأذان لعدة مساجد للحاجة إلى هذا فلا أعلم به بأس.
الجواب: السنة العق عنهم ولو كبروا، إذا كنت وقت الصغر لم يكن عندك قدرة فالسنة أن تعق عنهم ولو بعد كبرهم؛ لأنها سنة ثابتة مستقرة، فإذا عققت عنهم بعد كبرهم لما يسر الله عليك فهذا هو السنة، عن الذكر شاتان وعن الأنثى واحدة، هذا هو السنة، تذبح وتأكل منها وتطعم وتتصدق أو تجمع عليها أقاربك أو جيرانك؛ كل ذلك حسن إذا يسر الله أمرك، تعق عنهم ولو بعد كبرهم وليست واجبة ولكنها سنة.
الجواب: لا يجوز للآباء تفضيل بعض الأولاد على بعض، لا يجوز لهم ذلك بل هذا منكر؛ النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بشير بن سعد أن يعطي النعمان ولده غلاماً قال: (أعطيت ولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وأراد أن النبي صلى الله عليه وسلم يشهد فقال: (إني لا أشهد على جور) سماه النبي صلى الله عليه وسلم جوراً.
فالمقصود أنه لا يجوز للأم ولا للأب التفضيل بين الأولاد، بل يجب التسوية بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فلا يجوز أن يعطى زيد كذا ويترك الآخر لا، بل يجب العدل بين الأولاد ذكورهم وإناثهم، ولهذا في الحديث الآخر: (أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فهكذا)؛ لأنه إذا فرق بينهم ساءت أحوالهم وربما قطعوه أيضاً، فالواجب على الأب والأم والجد والجدة عدم التفضيل، بل يجب العدل للذكر مثل حظ الأنثيين، إذا أعطى الذكر مائة يعطي الأنثى خمسين، وإذا أعطى الرجل ألفاً يعطي الأنثى خمسمائة وهكذا، يجب العدل لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، ولقوله لـبشير بن سعد الأنصاري لما أراد أن يشهده على عطيته للنعمان وحده قال: (إني لا أشهد على جور)، وقال لـبشير : (أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذاً) يعني: فلا تخص بعضهم، سوِ بينهم حتى يكونوا كلهم في البر لك سواء.
الجواب: المشروع لك ألا ترديه، النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعمر : (ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فاقبله وما لا فلا تتبعه نفسك)، فأنت إذا جاء للطفل احفظيه للطفل، هذه العادة بين المسلمين إعطاء الأطفال وتقديم الهدايا المناسبة للأطفال فهذه عادة معروفة، فإذا جاء للطفل شيء فاقبليه واحفظيه واجعليه من ماله.
المقدم: أحسن الله إليكم! تقول السائلة: ترك لي زوجي مبلغاً من المال وقسمته على أبنائي حسب الشريعة الإسلامية، ولكن مال هذا الصغير أود أن أحتفظ به حتى يبلغ، هل أدفع عنه زكاة أم لا؟ وإن كان هناك زكاة فقد ترك زوجي المال في ذي الحجة فهل أدفع ذلك في رمضان أم في ذي الحجة؟
الشيخ: إذا حفظت المال عندك وحال عليه الحول ادفعي المال في تمام الحول على رأس الحول، فإذا كان المال حصل بأن مات الزوج في رمضان فالزكاة تكون في رمضان على المال الذي بقي والنقود التي بقيت إلى رمضان، وإذا مات في ذي الحجة فالزكاة في ذي الحجة وهكذا على رأس السنة، وإن قدمت الزكاة قبل تمام نصف الحول فلا حرج، إذا قدمت فلا بأس ليعطاها الفقراء، والزكاة عنك وعن أموال أولادك إذا كان لهم أموال تزكين أموالهم إذا كان لهم أموال من النقود -ذهب أو فضة- زكيها، وهكذا إذا كان لهم أراضي للبيع معدة للبيع تزكى إذا حال عليها الحول، سواء كانوا بالغين أو غير بالغين الزكاة على الجميع، إذا حال الحول على المال بعد موت الميت يزكيه صاحبه، إن كان ذهب أو فضة يزكى إذا حال الحول، وإن كان عقاراً للبيع يزكى على رأس الحول، ومن قدم الزكاة قبل تمام الحول قدمها للمصلحة رأى فقراء وقدم لهم الزكاة فلا بأس لا حرج.
الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة قال: (توضئي لوقت كل صلاة)، والمستحاضة هي التي يتبعها الدم الدائم أو الغالب معها، أمرها أن تتوضأ لوقت كل صلاة.
وصاحب السلس سلس البول أو الريح الدائمة أو الغالبة مثل المستحاضة يتوضأ لكل صلاة، يلف على ذكره شيئاً -إذا كان البول- يلف عليه بعض الشيء يحفظه، فإذا دخل الوقت توضأ كما تفعل المستحاضة سواءً في الجمعة أو في المغرب أو في غير ذلك، ولو فاته بعض الصلاة، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]؛ لأن الطهارة شرط للصلاة، فإذا أذن المؤذن للمغرب، الأذان الأخير للجمعة؛ يتوضأ ويأتي المسجد ولو فاته بعض الصلاة ولو فاته بعض الخطبة؛ لأن الطهارة شرط للصلاة والحمد لله، وإذا تيسر العلاج أنه يعالج هذا السلس عند بعض الأطباء المختصين أو خروج الريح الدائم؛ كل داء له دواء يعالج الحمد لله.
الجواب: نعم، قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه ويلقه؛ فإن في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاء)، وفي رواية: (وإنه يتقي بالجناح الذي فيه الداء) هذا رواه البخاري في الصحيح أن النبي عليه السلام قال: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم ينزعه فإن في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً)، فالسنة إذا وقع في شراب في لبن أو في ماء أو غيرهما من الشراب يغمس ثم ينزع ويلقى ولا يضر؛ لأن الداء الذي في أحد الجناحين يداويه الدواء الذي في الجناح الآخر، ويزول، إذا غمس قابل الدواء الذي فيه الداء الذي فيه حتى يزول ضرره.
المقدم: هناك من ينكر هذا الحديث يا سماحة الشيخ؟
الشيخ: لا، غلط، هذا الذي أنكروه غلط، ما عندهم بصيرة، ما عندهم علم، الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا حرج في ذلك والحمد لله.
الجواب: إذا كان غالب الوقت أنها تعلف ما ترعى ما فيها زكاة، إنما الزكاة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت ترعى غالب الحول، أكثر الحول ترعى، أما إذا كان لا في أحواش ينفق عليها ويعلفها أكثر الحول فلا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت للتجارة للبيع والشراء فيزكيها زكاة النقدين زكاة التجارة زكاة العروض، إذا كانت في الأحواش والبيوت تعلف للتجارة والبيع؛ فإنه يزكيها زكاة التجارة ربع العشر زكاة النقدين.
أما إذا كانت ترعى في البرية غالب الحول يزكيها زكاة الماشية في الأربعين الشاة شاة واحدة، وفي المائة والواحد والعشرين شاتان، وفي المائتين وواحدة ثلاث شياه.. ثم في كل مائة شاة، وهكذا الإبل: في الخمس شاة، والعشر شاتان، وفي الخمسة عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، وإذا بلغت خمساً وعشرين من الإبل -ترعى- وجب فيها بنت مخاض تم لها سنة.
المقصود أنها إذا كانت ترعى فيها زكاة من نفسها، الإبل والبقر والغنم زكاتها من نفسها إذا كانت ترعى، أما إذا كانت للبيع والشراء تعلف ما ترعى للبيع والشراء فهذه زكاة النقدين زكاة العروض.
الجواب: لا حرج إذا اشترى السلعة بأكثر من ثمنها إلى أجل أو إلى آجال لا حرج؛ لأن الدين لابد يزاد فيه ما هو مثل النقد، فإذا شرى السلعة التي تساوي مائة اشتراها بمائة وخمسين إلى آجال أو بمائتين أيضاً إلى آجال؛ فلا بأس بذلك، ولا حرج في ذلك لقوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282] فلا حرج في ذلك؛ لأنه إنما أجله عليه من أجل الزيادة.
الجواب: الالتزام بطاعة الله وترك معاصيه هذه من نعم الله العظيمة ومن صفات المتقين والأخيار، فتحمد الله هذه المؤمنة وتسأل ربها الثبات على الحق حتى الموت؛ فإن الله يقول جل وعلا: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ [هود:112]، ويقول سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا يعني: ثبتوا على الحق وساروا عليه فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأحقاف:13-14]، فالواجب على الرجل والمرأة الثبات على الحق والاستقامة والصبر حتى الموت والحذر من السيئات القولية والفعلية جميعاً، يجب الحذر من المعاصي كلها القولية والفعلية، وإذا هم العبد بمعصية ما يضره الهم لا يضر معفو عنه، إنما يعاقب إذا قال أو عمل، أما هم قلب وحركة قلب فالله جل وعلا عفا عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم -في الحديث الصحيح-: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تعمل أو تكلم)، فالأمر يتعلق بالقول أو الفعل، أما هواجيسه وهمه بقلبه فالله يعفو عنه جل وعلا؛ حتى يقول أو يعمل، وإذا كانت المعصية من عمل القلب أخذ بها؛ لأن مع القلب عمل: كالرياء في قلبه، وخوف المخلوقين كما يخاف الله، أو رجاؤهم كما يرجو الله، أو التكبر بقلبه هذا من أعمال القلب يؤخذ بذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ما لم يعمل -يعني: بقلبه أو جوارحه- أو يتكلم) بلسانه، فعمل القلب يؤخذ به الإنسان خوف الله ومحبته ورجاؤه والإخلاص له، له الأجر، وإذا تكبر على العباد أو راءى بقلبه أخذ بذلك وصار آثماً بذلك وهكذا، فالمعاصي القلبية يؤخذ بها والطاعات القلبية ينتفع بها يؤجر بها؛ لأن القلب له قول وله عمل، أما اللسان فإنه لا يؤخذ بكلمات اللسان إلا إذا تكلم ولا يؤخذ بأعمال الجوارح إلا إذا عمل، نعم.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك فيكم سماحة الشيخ! قد يوسوس الشيطان للمسلم المطيع لربه والعابد، كيف يتخلص الإنسان من هذه الوساوس؟
الشيخ: اشتكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (انفث عن يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قال عثمان بن أبي العاص الصحابي الجليل لما سأل السائل قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عني ما أجد، فإذا جاءت الوساوس يكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينفث عن يساره ثلاث مرات -ولو في الصلاة- ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كانت الوساوس تتعلق بالله أو بالجنة أو بالنار للتكذيب فليقل: آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. وينتهي، الصحابة لما شكوا إليه هذه الوساوس الخبيثة قال لهم: (قولوا إذا وجد أحدكم ذلك -قل-: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ولينته أحدكم)يعني: ليقل هذا ولينته، فإنه قد يأتيه الوساوس، ويقول: الجنة ما هنا جنة، ما هنا نار، أين الله؟ أين.. وساوس تتعلق بالله أو بالجنة أو بالنار أو بالرسول، فإذا وجد هذا فليقل: آمنت بالله ورسله، آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبهذا تنتهي عنه هذه الوساوس بفضل الله جل وعلا.
الجواب: نعم، يجوز له أن يدعها في البيت، ويذهب للحج، أو العمرة، أو للصلاة، أو للجهاد، أو لحاجاته الخاصة في التجارة؛ لا بأس بذلك، وإذا كانت تستوحش يجعل عندها من الخدم من يؤنسها أو يسمح لها تذهب إلى أهلها عند أهلها للوحشة التي تصيبها، أو إذا كان عليها خطر تذهب عند أهلها أو يكون عندها من أهلها من يؤنسها يجمع بين المصلحتين، إذا كان عندها من يؤنسها مثل بنات وأخوات فالحمد لله، إذا كان ما عندها من يؤنسها يكون عندها خادمة أو خادمات للأنس، أو تذهب إلى أهلها حتى تبقى عندهم إلى أن يرجع، ولا يلزمه أن يذهب معها كلما سافر، له أن يسافر للحج أو للعمرة أو للتجارة وما أشبه ذلك، وتبقى في البيت هي، لكن مثلما تقدم: إذا كانت تستوحش يجعل عندها ما يزيل وحشتها من الخادمات أو تذهب إلى أهلها، وإذا كان عندها بنات كبيرات أو أخوات زالت الوحشة والحمد لله، نعم.
المقدم: شكر الله لكم -يا سماحة الشيخ- وبارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم المسلمين.
أيها الإخوة المستمعون الكرام! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
في ختام هذا اللقاء نشكر سماحة الشيخ على تفضله بإجابة السادة المستمعين.
وفي الختام تقبلوا تحيات الزملاء من الإذاعة الخارجية فهد العثمان ، ومن هندسة الصوت سعد عبد العزيز خميس .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر