إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (605)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم تزويج الفتاة مع عضل الجد بشاب يرتضى دينه وخلقه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الإمارات العربية المتحدة وباعثها أحد الإخوة من هناك يقول: المرسل (م. س. س) من رأس الخيمة، أخونا تكلف كثيراً حينما بعث رسالته بالبريد الممتاز، ويبدو أن الموضوع عاجل فبدأه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.

    إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    يا حضرة الشيخ! أنا أب لفتاة تقدم لخطبتها شاب أرتضي دينه وخلقه، وقد وافقت أمها وابنتي المخطوبة وإخوانها وجدها وجدتها من قبل الأم، وجميع الأهل إلا والدتي، وهي تعتبر جدة البنت من قبل الأب، هل أزوج ابنتي من هذا الشاب الذي ارتضيناه جميعاً؟ أم آخذ برأي والدتي؟ أفيدونا مأجورين جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الواجب عليك وعلى جميع الأسرة المساعدة على تزويج الفتاة بالرجل الصالح المرضي في دينه وأخلاقه، ومن خالف في ذلك فلا يعتبر خلافه، سواء كان المخالف الجدة أو غيرها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها قال: أن تسكت)، متفق على صحته، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، وفي لفظ آخر: (وفساد عريض)، هذا يدل على أن الواجب تزويج الكفء، وعدم رده إذا رضيت به المخطوبة، وما دامت رضيت والحمد لله وأنت ترضاه أيضاً؛ فهذا من نعم الله العظيمة، ونسأل الله للجميع التوفيق، ولا يجوز أن يعترض على ذلك بقول الجدة ولا غيرها.

    المقدم: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ! كثيراً ما يحدث مثل هذا في كثير من البيوت، تعضل البنت عن الزواج بسبب رأي أحد أفراد الأسرة؛ حبذا لو تفضلتم بتوجيه عام في هذا الموضوع.

    الشيخ: الواجب على الأسرة -وبالأخص على وليها-: أن يختار لها الرجل الصالح الطيب في دينه، والمرضي في خلقه، فإذا رضيت وجب أن تزوج، ولا يجوز لأحد أن يعترض في ذلك لهوى في نفسه، أو لغرض آخر من الدنيا، أو لعداوة وشحناء، كل ذلك لا يجوز اعتباره، وإنما المعتبر كونه مرضياً في دينه وأخلاقه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في شأن المرأة: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، هكذا يقال في الرجل، سواء بسواء، الواجب الظفر بصاحب الدين، وإن أبى بعض الناس بعض الأسرة لا يلتفت إليه.

    المقدم: جزاكم الله خيرا سماحة الشيخ! راتب البنت ووظيفتها، أيضاً الحالة المادية والاجتماعية للخاطب، دراسة المخطوبة أيضاً؛ تكون أسباباً أحياناً في تأخير الزواج، توجيهكم لو تكرمتم.

    الشيخ: الواجب البدار بالزواج، ولا ينبغي أن يتأخر الشاب عن الزواج من أجل الدراسة ولا ينبغي أن تؤخر الفتاة عن الزواج للدراسة، فالزواج لا يمنع، فبالإمكان أن يتزوج الشاب ويحفظ دينه وخلقه، ويغض بصره، ومع هذا يستمر في الدراسة والحمد لله، وهكذا الفتاة: إذا يسر الله لها الكفء فينبغي البدار بالزواج وإن كانت في الدراسة، سواء كانت في الثانوية، أو في الدراسات العليا، كل ذلك لا يمنع.

    فالواجب البدار بالموافقة على الزواج إذا خطب الكفء، والدراسة لا تمنع من ذلك، ولو قطعت الدراسة فلا بأس، حتى ولو قطعت الدراسة، المهم أن تتعلم ما تعرف به دينها، والباقي فائدة، والزواج فيه مصالح كثيرة ولا سيما في هذا العصر، والترك فيه خطورة على الشاب وعلى الفتاة، فالواجب على كل شاب وعلى كل فتاة البدار بالزواج إذا تيسر الخاطب الكفء للمرأة، وإذا تيسرت المخطوبة الطيبة للشاب فليبادر عملاً بقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء)، متفق على صحته، وهذا يعم الشباب من الرجال، والفتيات من النساء، ليس خاصاً بالرجال، بل يعم الجميع، وكلهم في حاجة إلى الزواج، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

    المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرا، إذاً أفهم مما تفضلتم به شيخ عبد العزيز أن كل شيء عدا الزواج يعتبر من الباب الزائد.

    الشيخ: إذا تعلمت ما تعرف دينها، وتعلم هو كذلك ما يحصل به معرفة دينه؛ فالحمد لله، هذا إذا قدر أن الزوج يمنع، أما إذا كان لا يمنع فالحمد لله.

    المقصود: أن الشاب يتعلم ما يفقه به دينه، والفتاة كذلك، ولا يمنع ذلك أن يتزوج الشاب، ولا يمنع من أن تزوج الفتاة، فإن استمر الشاب في الدراسة فالحمد لله، وإن اشتغل بطلب الرزق ليقوم بحاله وحال زوجته فلا بأس، وفي إمكانه أن يتعلم خارج المدرسة، في المساجد وعلى العلماء، أو دراسة مسائية إذا تيسر ذلك، والفتاة كذلك إذا حصل لها تعلم ما لا يسعها جهله من دينها فالحمد لله، لا تأخر عن الزواج، وربما تيسر لها الزواج مع الدراسة، وسمح لها الزوج بذلك، وربما تيسر لها دراسة خاصة مسائية في محل مأمون طيب يرضاه الزوج، وربما درست من طريق سماع (نور على الدرب) وأشباهه من المحاضرات والندوات التي تذاع، إذا تحرتها الفتاة في أوقاتها لقصد الفائدة؛ فإنها دروس عظيمة مفيدة، وهكذا للرجال: الكبار والصغار دروس مفيدة عظيمة، إذا اعتنوا بها في أوقاتها، من هذا البرنامج ومن غيره من البرامج الإسلامية، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

    1.   

    أذكار طرفي النهار

    السؤال: ننتقل إلى موضوع آخر عبر رسالة أخرى من المستمع (ز. هـ) بعث بعدد من الأسئلة، يسأل في سؤاله الأول ويقول: ما هي الأدعية التي تكون بعد صلاة الفجر والمغرب؟ أوجزوها لنا جزاكم الله خيرا.

    الجواب: يستحب للمؤمن والمؤمنة الاشتغال بالذكر والدعاء في أوائل الليل وأوائل النهار، ويدخل في ذلك العشي آخر النهار؛ كالعصر، فيستحب للمؤمن أن يكثر من ذكر الله في هذه الأوقات؛ لأن الله جل وعلا أمر بتسبيحه وذكره بكرة وعشيا، والعشي: آخر النهار، والبكرة: أول النهار، فيشتغل بما يسر الله له من الذكر، مثل: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله)، (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)، وهكذا الأدعية المناسبة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو تيسرت له وحفظها ودعا بها وهي طيبة؛ يدعو بها في أول الليل وأول النهار، كل ذلك مما ينبغي فعله.

    وإذا تيسر له مراجعة الكتب المؤلفة في هذا: مثل الأذكار للنووي ، ومثل رياض الصالحين، ومثل الترغيب والترهيب، مثل الوابل الصيب لـابن القيم ، وأشباهه من الكتب التي تنفعه ويستفيد منها؛ فهذا حسن.

    ومن ذلك: أن يقول في أول الليل: (أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة وخير ما فيها وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، ومن عذاب في النار، ومن عذاب في القبر)، (اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير)، وما أشبه ذلك مما ورد.

    وهكذا يقول في الصباح مثل ذلك، يقول: (أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما فيه وشر ما بعده، رب إني أعوذ بك من الكسل، وأعوذ بك من سوء الكبر، وأعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر)، (اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور)، (اللهم إني أصبحت على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين).

    كل هذه جاءت بها السنة، ومن ذلك: (اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)، كان يدعو بهذا الدعاء عليه الصلاة والسلام صباحاً ومساء، وهكذا إذا راجع هذه الكتب التي ذكرنا آنفاً؛ يستفيد منها؛ لأن جمعها الآن وذكرها الآن قد يأخذ وقتاً طويلاً، نسأل الله للجميع التوفيق.

    1.   

    حكم صبغ اللحية والشارب بالنيل الأسود

    السؤال: يسأل أخونا ويقول: رأينا كثيراً من الناس يستعملون النيل الأسود للحى والشوارب، فهل هذا محرم أم مباح؟

    الجواب: يستحب للمؤمن وللمؤمنة تغيير الشيب بالحمرة والصفرة أو بالحناء والكتم؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد)، فالسنة تغيير الشيب وعدم تركه أبيض، لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)، فيستحب لنا المسلمين جميعاً رجالاً ونساء أن يغيروا الشيب، بالصفرة والحمرة، أو بالسواد المخلوط بالحمرة كالحناء والكتم؛ عملاً بالسنة ومخالفة لليهود والنصارى في ذلك.

    لكن لا يغير بالسواد الخالص، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد)، في اللفظ الآخر: (واجتنبوا السواد)، رواه مسلم في صحيحه، وخرج الإمام أحمد و النسائي و أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يأتي قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد، كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة)، وهذا وعيد شديد، هذا وعيد يدل على تحريم الخضاب بالسواد الخالص، ولكن يستحب للمؤمن والمؤمنة تغيير الشيب بالحناء الخالص.. بالصفرة.. بالحناء والكتم، يعني: سواد مخلوط بحمرة حتى لا يكون سواداً خالصاً، يكون بين السواد والحمرة؛ لا بأس، وفق الله الجميع.

    1.   

    حكم زكاة الذهب المدخر والمستعمل

    السؤال: الأخت المستمعة أم أحمد من المنطقة الشمالية رفحا بعثت برسالة وعرضنا جزءاً من أسئلتها في حلقة مضت: أملك بعض الحلي من الذهب أكثر من النصاب، ولكني لا أستعمله كله، حيث أحتفظ ببعضه كي ينفع أولادي البنين عند زواجهم، حيث أنهم ما زالوا في مرحلة التعليم، والنقود سرعان ما نتصرف فيها بعكس الذهب، وسؤالي: هل أدفع زكاة الذهب الذي لا أستعمله فقط حتى وإن كان أقل من النصاب، أم يجب علي دفع زكاة جميع ما عندي من ذهب؟

    الجواب: الصواب: أن عليك زكاة الجميع، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحلي المستعملة لا زكاة فيها، ولكنه قول مرجوح، والصواب الذي عليه الأدلة الشرعية: أن الحلي تزكى، سواء كانت مدخرة أو مستعملة أو معارة، الواجب أداء الزكاة فيها إذا بلغت النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع جنيه، يعني: أحد عشر جنيهاً ونصف، فإذا بلغت الحلي هذا المقدار؛ وجبت الزكاة فيها، ربع العشر كل سنة، فإذا كانت الحلي تبلغ عشرة آلاف ففيها مائتان وخمسون، ربع العشر، ربع الألف العاشر مائتان وخمسون، وهكذا، وهي بالغرام قريب من اثنين وتسعين غراماً، يعني: واحد وتسعون غراماً وكسر، فإذا زكت ما بلغ هذا المقدار: اثنين وتسعين غرام تقريباً، وهو أحد عشر جنيهاً ونصف سعودي، فإذا زكت هذا المقدار فهو الواجب عليها، وهكذا ما زاد عليه.

    أما إذا كان أقل من ذلك، فليس فيه شيء؛ لأن النصاب شرط في وجوب الزكاة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها؛ إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار).. الحديث، متفق على صحته.

    وجاءته صلى الله عليه وسلم امرأة ومعها ابنتها في يدها سواران من ذهب قال: (أتعطين زكاة هذا؟ قال: لا. قالت: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؛ فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله)، و (سألته أم سلمة رضي الله عنها، وكانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله! أكنز هذا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ما بلغ أن يزكى فزكي؛ فليس بكنز)، فدل ذلك على أن ما لا يزكى يعتبر كنزاً، يستحق صاحبه العقوبة، فالحلي التي لا تزكى من الكنوز كالجنيهات المحفوظة وقطع الذهب المحفوظة إذا بلغ النصاب يسمى كنزاً، وإن كان على وجه الأرض، وإن كان في المخازن الظاهرية في الصناديق، كل شيء لا تؤدى زكاته -وهو من أموال الزكاة- يعتبر كنزاً؛ يعذب به صاحبه يوم القيامة، نسأل الله العافية.

    فعليكِ أيها الأخت في الله! أن تؤدي الزكاة عن الملبوس والمحفوظ جميعاً، إذا بلغ الجميع النصاب، وفقك الله ويسر أمرك.

    1.   

    حكم تخصيص الأبناء بشيء دون البنات

    السؤال: تسأل أختنا وتقول: هل يجوز أن أخص أولادي الذكور ببعض أثاث المنزل والأجهزة، مثل: الثلاجات والمسجلات والأشياء المعمرة، كي تكون ملكاً لهم بعد وفاتي؛ لأن البنات سبق وأن جهزتهن، هل هذا جائز أو لا؟

    الجواب: ليس لك ولا لغيرك تخصيص الذكور بشيء دون البنات، بل الواجب العدل بين الجميع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فلا يجوز لك أن توصي للبنين بشيء دون البنات إلا إذا كن رشيدات ورضين بذلك فلا حرج في ذلك، والأحوط عدم الوصية للبنين ولو رضي البنات؛ لأنهن قد يرضين حياء منك، وهن في الحقيقة لا يرضين بذلك، فالأحوط لك أن لا تخصي البنين بشيء أبدا، حتى ولو فرضنا أن البنات رضين بذلك، لأني أخشى أن يرضين بذلك مكرهات أو مستحيات، بل اجعلي ما خلفك للجميع على قسمة الله سبحانه وتعالى: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].

    1.   

    تفسير رؤيا لبس ذهب

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من دولة الكويت بتوقيع إحدى الأخوات المستمعات تقول: أختكم في الله! تسأل في سؤال لها عن تفسير منام في الواقع، وإن كان البرنامج لا يهتم بهذا النوع، إلا أنه يتعلق بأمر دينها، فتسأل أختنا وتقول: نرجو من حضرة الشيخ الكريم الإجابة على أسئلتنا مشكوراً.

    السؤال الأول: حلمت في منامي أنني ألبس ذهباً كبيراً يغطي صدري كله، وكنت أنظر إليه، وقد أعجبني بجماله كثيراً في الحلم، أرجو من حضرتكم تفسير هذا؛ لأني أخاف أن يكون علي شيء في النقص في أمور ديني، وهل الإنسان عندما يحلم بالذهب يكون محمود العاقبة؟ مع العلم بأني أزكي الذهب الذي أملكه كله، الذي ألبس والذي لا ألبس في كل عام، جزاكم الله خيراً.

    الجواب: نرجو أنها رؤيا خير، وأن هذا الشيء خير لك في الدنيا والآخرة إن شاء الله، لا أعلم تفسيرها عيناً، ولكن الظاهر -والله أعلم- أنها رؤية حسنة وصالحة، ولا شيء عليك فيها، بل هي بشرى خير إن شاء الله.

    المقدم: إن شاء الله، جزاكم الله خيراً.

    1.   

    حكم صبغ شعر المرأة بالسواد

    السؤال: تسأل أختنا مع الذين يسألون عن صبغ الشيب بالصبغ الأسود بالنسبة للمرأة التي تتجمل بها عند زوجها، مع العلم بأنه لا يراها الرجال الأجانب؟

    الجواب: تقدم الجواب عن هذا في السؤال السابق، وأنه لا يجوز للرجل ولا للمرأة الصبغ بالسواد الخالص، ولو للتجمل عند الزوج، بل يجب أن يكون الصبغ مخلوطاً، ليس بالسواد الخالص، بل يكون فيه خلط بين السواد والحمرة، أما السواد الخالص الذي ليس فيه خلط فهذا لا يجوز، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد).

    1.   

    بيان متى تنفع كلمة (لا إله إلا الله) قائلها

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع حسن عثمان حسن سوداني من الإقليم الشمالي، أخونا بعث بأربعة أسئلة، في سؤاله الأول يقول: هل لا إله إلا الله قول باللسان أو قول يحتاج إلى عمل؟

    الجواب: هذه الكلمة هي أعظم كلام الذي يتكلم به الناس، وأفضل الكلام، وهي قول وعمل، ولا يكفي مجرد القول، ولو كفى مجرد القول؛ لكان المنافقون مسلمين، لأنهم يقولونها، وهم مع هذا كفار، بل في الدرك الأسفل من النار، نعوذ بالله من ذلك؛ لأنهم يقولونها باللسان من دون عقيدة ولا إيمان، فلا بد من قولها باللسان مع اعتقاد القلب، وإيمان القلب بأنه لا معبود حق إلا الله، ولا بد أيضاً من أداء حقها بأداء الفرائض وترك المحارم؛ لأن هذا من حق لا إله إلا الله، كما قال عليه الصلاة والسلام: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها؛ عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)، وفي اللفظ الآخر يقول: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل)، متفق على صحته.

    فالحاصل: أنه لابد من قول مع يقين، ومع علم، ومع عمل، لا مجرد القول باللسان؛ فاليهود يقولونها، والمنافقون يقولونها، ولكن لا تنفعهم؛ لما لم يأتوا بالعمل والعقيدة، فلا بد من العقيدة بأنه لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من أصنام أو أشجار أو أحجار أو قبور أو أنبياء أو ملائكة أو غيرهم: أنه باطل، وأن هذا شرك بالله عز وجل.

    والعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها: لا معبود حق إلا الله، قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وقال عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، وقال سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3]، وقال عليه الصلاة والسلام: (من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله؛ حرم ماله ودمه)، وفي اللفظ الآخر عند مسلم : (من وحد الله، وكفر بما يعبد من دون الله؛ حرم ماله ودمه)، فدل على أنه لا بد من التوحيد والإخلاص لله، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ إلى اليمن معلماً ومرشداً وأميراً وقاضياً، قال له: (ادعهم إلى أن يوحدوا الله)، وفي اللفظ الآخر قال: (ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإنهم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم).. الحديث.

    والخلاصة: أنه لابد من الإيمان بها قولاً وعملاً مع النطق، فيشهد أنه لا إله إلا الله عن علم ويقين وإخلاص وصدق ومحبة لما دلت عليه من التوحيد، وانقياد لحقها، وقبول ذلك، وبراءة وكفر بما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، هكذا يكون الإيمان بهذه الكلمة، يقولها عن يقين، وأنه لا معبود حق إلا الله، وعن علم ليس فيه جهل ولا شك، وعن إخلاص في ذلك لا رياءً ولا سمعة، وعن محبة لما دلت عليه من التوحيد والإخلاص، وعن صدق لا كالمنافقين يقولها بلسانه وهو يكذب في الباطن، وعن قبول لما دلت عليه من التوحيد وانقياد لذلك، ومحبة لذلك، والتزام به، مع البراءة من كل ما يعبد من دون الله، والكفر بكل ما يعبد من دون الله، كما قال سبحانه: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:256]، ومعنى الكفر بالطاغوت معناه البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانها، هذا معنى الكفر بالطاغوت، يعني: أن تتبرأ من عبادة غير الله، وأن تعتقد بطلان ذلك، وأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى، ليس له شريك: لا ملك ولا نبي ولا شجر ولا حجر ولا ميت ولا غير ذلك.

    1.   

    حكم تارك الصلاة كسلاً أو جحوداً

    السؤال: يسأل أخونا سؤال ويقول: هل تارك الصلاة يكفر كفراً يخرجه من ملة الإسلام أم لا؟

    الجواب: تارك الصلاة على حالين:

    إحداهما: أن يترك الصلاة مع جحد الوجوب، يرى أنها غير واجبة عليه، وهو مكلف، هذا يكون كافراً نعوذ بالله، لأن من جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، وهكذا من جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان على المكلفين، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا، وقال: إنه حلال، أو جحد تحريم الخمر وقال: إنه حلال، أو جحد تحريم الربا وقال: إنه حلال؛ كل هؤلاء يكفرون نعوذ بالله بإجماع المسلمين.

    أما من تركها تهاوناً وكسلاً وهو يعلم أنها واجبة؛ فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من كفره كفراً أكبر، وقال: إنه يخرج من الإسلام ويكون مرتداً، كمن جحد وجوبها، لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن مع المسلمين، ولا يرثه المسلمون من الأقارب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، رواه مسلم ، وهذا صريح منه صلى الله عليه وسلم في تكفيره يقول: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، رواه مسلم في صحيحه، والكفر والشرك إذا أطلق بالتعريف؛ فهو كفر أكبر وشرك أكبر، وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، مع أحاديث أخرى جاءت في الباب.

    وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا يكفر بذلك كفراً أكبر، بل كفر أصغر؛ لأنه موحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويؤمن بأنها فريضة عليه، وجعلوها كالزكاة والصيام والحج، لا يكفر من تركها، وإنما هو عاصي، وأتى جريمة عظيمة، ولكنه لا يكفر بذلك.

    والصواب: القول الأول؛ لأن الصلاة لها شأن عظيم، غير شأن الزكاة والصيام والحج، فهي أعظم من الصيام، وأعظم من الزكاة، وأعظم من الحج، وهي تلي الشهادتين، وهي عمود الإسلام، كما قال عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة)، فلها شأن عظيم.

    ومن ذلك: ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، في مسند أحمد بإسناد جيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه ذكر الصلاة يوماً بين أصحابه وقال: من حافظ عليها؛ كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها؛ لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون و هامان و قارون و أبي بن خلف).

    قالوا: وهذا يدل على أن الحشر مع هؤلاء يكون كفراً بالله، يكون تاركها كافراً بالله، فإن حشره مع هؤلاء الكفرة -بل رءوس الكفرة- يدل على أنه قد كفر كفراً أكبر، نسأل الله السلامة والعافية.

    المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767947683