مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من السودان، باعثها مستمع من هناك يقول: اسمي محمد علي محمد علي ، أخونا له جمع من الأسئلة؛ ففي أحد أسئلته يقول: إذا توفي زوج المرأة -وكما تعلمون- تقضي حداداً مدته أربعة أشهر وعشرة أيام في المنزل، وقبل انقضاء المدة خرجت وقابلت أي شيء إن كان حيواناً أو إنساناً، هل يموت ذلك الشيء؟ وجهونا ووجهوا الناس حول هذه العادات جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا شك أن الواجب على المرأة إذا توفي زوجها أن تحد عليه أربعة أشهر وعشراً كما نص الله على ذلك في كتابه الكريم، وهي مائة وثلاثون يوماً بلياليها، إلا إذا ثبت أن بعض الشهور نقص وصار تسعاً وعشرين فإنه يحسب لها إذا ثبت بالبينة إلا أن تكون حاملاً فإن عدتها وضع الحمل ولو بعد الموت بدقائق أو ساعات لقول الله عز وجل: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، ولها الخروج لحاجتها للسوق أو حاجات البيت وكحاجتها إلى الطبيب.. ونحو ذلك من الحاجات التي تدعو إلى خروجها لا بأس مع التحجب والتزام الأدب الشرعي من عدم التعطر كغيرها من النساء في خروجهن يخرجن متسترات غير متعطرات بعيدات عن أسباب الفتنة، أما زعم من قال من العامة: أنها إذا قابلت أحداً قبل خروجها يموت فهذا قول باطل، هذا لا أساس له بل هو باطل ومن الخرافات التي لا أساس لها، فهي كسائر النساء إذا خرجت لا شيء في ذلك ولا تضر أحداً، ولكنها تلزم البيت لا تخرج إلا من حاجة، وإذا خرجت للحاجة لا تضر أحداً لا حيواناً ولا غيره، وهي عليها أن تراعي خمسة أمور:
الأمر الأول: بقاؤها في البيت الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه تبقى فيه مدة العدة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـفريعة بنت مالك لما توفي زوجها: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)، لكن لا حرج في خروجها الخروج المعتاد لحاجاتها أو للطبيب أو لدعوى في المحكمة أو نحو ذلك، وإذا خرجت تخرج كسائر النساء المؤمنات متسترة متحجبة تاركة لأسباب الفتنة من التعطر وغيره.
الأمر الثاني: أن تلبس الملابس العادية التي ليس فيها فتنة، تلبس ملابس عادية ليست جميلة؛ سوداء أو خضراء أو غير ذلك والمهم أن تكون عادية ليس فيها فتنة، ولا يتعين أن تكون سوداء بل تلبس السوداء وغير السوداء كالخضراء والحمراء ونحو ذلك لكن من الملابس التي ليس فيها فتنة.
الأمر الثالث: اجتناب الطيب، فعليها أن تبتعد عن الطيب ولا تمس الطيب سواء كان بخوراً أو غيره إلا إذا طهرت من حيضها فلا مانع أن تمس البخور وأن تتبخر كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم عطية وذلك يختص بطهرها من حيضها وبالبخور.
الرابع: عدم الحلي، لا تلبس الحلي من الذهب والفضة والماس ونحو ذلك؛ لأن لبس الحلي قد يسبب الفتنة للرجال بها يعني: قد يفتن بها الرجال ويحرصوا على خطبتها وهي في العدة أو على أمر آخر من الشر.
الأمر الخامس: تجنبها الكحل والحناء، فإن المحادة لا تكتحل ولا تتعاطى الحناء؛ لأن ذلك من أسباب الفتنة ومن الزينة الظاهرة، هذه الأمور الخمسة على المحادة أن تلاحظها وتعتني بها حتى تكمل عدتها، ولا بأس أن تخدم في بيتها وأن تخدم أولادها، وأن تخرج إلى حديقة البيت وسطح البيت في الليل والنهار وفي القمراء وغير القمراء كل ذلك لا بأس به، ولها أن تغير ملابسها متى شاءت وتغتسل متى شاءت ولا يختص ذلك بالجمعة ولا بغيرها بل مثل سائر النساء تغتسل متى شاءت وتغير ثيابها متى شاءت وتغتسل بالماء والسدر لا بأس والشامبو ونحو ذلك، ولا تمس الطيب كما تقدم، وفق الله الجميع.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، إذاً ليس عليها أن تلتزم بملابس ذات لون معين كما يشير أخونا يقول: إنهم يلزمونها بلبس الملابس البيضاء طوال فترة الحداد؟
الشيخ: لا، غلط، لا يلزمها لباس معين تلبس السواد والبياض الذي ليس فيه مشابهة للرجال وتلبس الأخضر والأصفر.
المقصود تلبس الملابس النسائية التي ليس فيها تشبه بالرجال ولكنها تكون ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر.
الجواب: السنة لمن لم يصل على الميت في المصلى أو في المسجد أن يصلي عليه -على القبر- إذا تيسر له ذلك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على القبر لما أخبر أن امرأة كانت تقم المسجد فماتت ليلاً وصلي عليها ليلاً قال: (دلوني على قبرها). فدلوه وخرج وصلى عليها عليه الصلاة والسلام بعد الدفن، فلا مانع من الصلاة على الميت بعد الدفن في المقبرة، وذهب جمع من أهل العلم إلى أن ذلك إلى شهر، فإذا مضى شهر وما يقارب الشهر ترك ذلك؛ لأن أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على أم سعد وقد مضى عليها شهر وهذا هو الأحوط والأولى؛ لأن ذلك لو ترك دائماً لكانت القبور محل الصلاة دائماً، فالأحوط أنه ينتهي الأمر ببلوغ الشهر وما يقاربه.
الجواب: عليك يا أخي أن تستمر بعملك هذا من سؤال الله التوفيق للإخلاص والحرص على التعوذ بالله من الرياء وأبشر بالخير، ودع عنك هذه الوساوس التي من الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس أو ليقولوا: إنك أهل للإمامة، دع عنك هذه الوساوس وأبشر بالخير وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة حتى ينتفع بك المأمومون ولا عليك شيء مما يخطر من هذه الوساوس بل حاربها، حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير وأنت على خير عظيم واستمر في الإمامة وأحسن إلى إخوانك واجتهد في تحسين الصوت، فقد جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن ويجهر به)، يعني: يحسن صوته بالقراءة؛ لأن تحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب للتدبر والتعقل والفهم للمعنى والتلذذ بسماع القرآن، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به) يعني: ما استمع سبحانه لشيء كاستماعه لنبي وهو استماعاً يليق بالله لا يشابه صفات المخلوقين فإن صفات الله عز وجل تليق به سبحانه لا يشابه فيها خلقه جل وعلا كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، ولكن يدلنا هذا على أنه سبحانه يحب تحسين الصوت بالقراءة، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع لقراءتهم، وما يخطر ببالك من الرياء فهو من الشيطان فلا تلتفت إلى ذلك وحارب عدو الله بالاستعاذة بالله منه والاستمرار في تحسين صوتك وإحسان قراءتك مع الخشوع بخضوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة وأنت على خير إن شاء الله، ونسأل الله لك التوفيق والثبات على الحق.
الجواب: إذا كانت إقامتك في البلد الأخير أصلح لدينك وأصلح لذريتك فالزم ذلك ولا حرج عليك، إذا كانت إقامتك في بلد أمك تضرك أو تضر ذريتك لما فيها من الفساد الكثير والشر العظيم فأنت مأجور وأنت على خير والزم المحل الذي فيه الخير والصلاح ولا يضرك غضبها عليك، وعليك ببذل الأسباب في التماس رضاها وشرح حالك لها وبيان الأسباب باللطف والكلام الطيب والعبارات الحسنة حتى ترضى عنك إن شاء الله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس)، وفي اللفظ الآخر: (من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس)، فأنت يا أخي التمس رضا الله واستقم واصبر وعليك بالكلام الطيب مع الوالدة والإحسان إليها والتماس رضاها بالأسلوب الحسن وشرح الأحوال التي أوجبت لك هذا الانتقال وهي إن شاء الله ترضى عنك، والله جل وعلا هو الموفق الهادي سبحانه وتعالى.
الجواب: عليك أن تراجع المحكمة أو عالماً من علماء السنة العارفين بالمواريث حتى يعلموك ويشرحوا لك ما يجب بعد سؤالك وسؤال خصومك عن الحقيقة، الفتوى تحتاج إلى معرفة الواقع ووفاة عمك بالتفصيل ثم بعد ذلك يخبرك المفتي بما لك وما عليك.
فالمقصود أن هذا يرجع إلى المحكمة أو إلى عالم بصير بالمواريث يعرف عن ورثة عمك ثم يبين لك مالك.
الجواب: ليس الدعاء وليس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من اللغو ولكن يكون سراً بينك وبين نفسك لا ترفع صوتك فإذا سمعت شيء ما يوجب الدعاء ودعوت في حال السر بينك وبين نفسك كالتأمين على الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا حرج في ذلك ولكن يكون ذلك بصوت خفي بينك وبين ربك لا يشوش على من حولك، وإن أنصت ولم تقل شيئاً فلا حرج عليك؛ لأنك مأمور بالإنصات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)، وهو أمر بمعروف ونهي عن منكر ومع هذا سماه لغواً عليه الصلاة والسلام، فعليك أن تنصت للخطبة وتستفيد ويتعظ قلبك لكن لو دعوت سراً عندما يجب الدعاء أو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم سراً أو قلت: آمين. سراً، فنرجو أن لا يكون عليك حرج؛ لأن الصلاة أعظم ويجوز فيها ذلك.
فالحاصل أنك تقول ما تقول من الدعوات أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سراً بينك وبين ربك لا يكون فيها تشويش على من حولك، والذين يرفعون أصواتهم بالصيحات هذا غلط، لا يجوز هذا الكلام، بل الواجب عليهم الإنصات والاستماع والإصغاء والتأدب حال الخطبة، والدعوات التي ترجى إجابتها ممكنة سراً بينك وبين نفسك وبين ربك حين يجلس الإمام وبين الخطبتين وفي سجود الصلاة، أما في حال الخطبة فتنصت وتقبل على الخطبة بقلبك للاستفادة منها، وإذا أمنت على الدعوة أو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم سراً فنرجو ألا حرج عليك في ذلك ولكن مع العناية بالسرية وعدم التشويش على من حولك، وفق الله الجميع.
الجواب: المشروع للخطيب الاقتصاد في الخطبة وعدم التطويل، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة) خرجه مسلم في صحيحه من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، وهذا يدل على أن السنة والأفضل أن يطيل الصلاة ويقصر الخطبة تقصيراً لا يخل بالمقصود، ويشرع له أن يتحرى ما يحرك القلوب ويقربها من الله ويباعدها من أسباب غضبه، ويذكر في خطبته ما يحتاجه الناس من الأحكام الشرعية وبيان ما أوجب الله وما حرم الله ويكون فيها تحريك القلوب بالوعظ والقصص المفيدة النافعة والآيات القرآنية التي فيها الوعظ والتذكير والترغيب والترهيب ولا يرفع يديه في الخطبة إلا في الاستسقاء إذا كان يستغيث يطلب السقيا يطلب المطر يرفع يديه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه، أما الخطب العادية التي ليس فيها استسقاء فإنه لا يشرع فيها رفع اليدين بل يدعو من دون رفع اليدين، هكذا السنة، والمأموم إذا أمن بينه وبين نفسه على الدعاء لا حرج إن شاء الله بينه وبين نفسه كما تقدم، ولا يرفع يديه المأموم كالإمام لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء إذا استسقى يعني إذا طلب الغوث من الله وهو المطر فإنه يرفع يديه كما رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه في الاستسقاء والمأمومون كذلك يرفعون أيديهم إذا رفع الإمام في الاستسقاء، أما خطب الجمعة العادية فإنه لا يرفع فيها، وهكذا خطب العيد لا يرفع فيها، الرفع في خطبة الاستسقاء خاصة كما ثبت ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الجواب: لا أعلم صحة هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا حاجة إلى تفسيره، ولو صح لكان المعنى أن في القرآن ما يقتضي ذمه ولعنه لكونه خالف القرآن؛ يقرأه وهو يخالف أوامره ويرتكب نواهيه، فهو يقرأ كتاب الله وفي كتاب الله ما يقتضي سبه وسب أمثاله؛ لأنهم خالفوا الأوامر وارتكبوا النواهي، هذا هو الأقرب للمعنى لو صح عن النبي صلى الله عليه وسلم لكني لا أعلم صحته عن النبي عليه الصلاة والسلام.
الجواب: الأفضل عدم الإغماض، لكن بعض أهل العلم قال: إذا كان أخشع لقلبه فلا بأس، والمعروف عند أهل العلم أن السنة عدم الإغماض مع الاجتهاد في الخشوع وإحضار القلب بين يدي الله عز وجل.
الجواب: إذا صافح أخاه بعد الصلاة بعد الذكر بعد فراغه من الذكر صافح أخاه إذا كان ما صافحه قبل ذلك؛ ما صافحه في الصف ولا عند الدخول فصافحه فلا بأس، لكن من حين يسلم يبدأ بالمصافحة لا، هذا غير مشروع، إذا سلم يقول: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام إذا سلم من الصلاة فيقول: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام ثم يأتي بالذكر الذي تقدم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وإذا صافح أخاه عن يمينه أو شماله إذا كان ما صافحه قبل ذلك فهذا حسن لما فيه من الإيناس والتآلف، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح أصحابه ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإذا حال بينه وبينه جدار أو حجر أو شجرة ثم لقيه فليسلم عليه)، وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا رضي الله عنهم، فالمصافحة والسلام سنة مؤكدة وفي ذلك خير عظيم وتآلف وإيناس وتقارب بين المسلمين، وإذا قد كان سلم عليه في الصف قبل الصلاة كفى ذلك إن شاء الله، وإن صافحه بعد ذلك لا يضر إن شاء الله، لكن يكتفي بالمصافحة الأولى والحمد لله إذا كان صافحه عندما لقيه في الصف أو عندما فرغ من تحية المسجد أو الراتبة صافحه، كل هذا يكفي والحمد لله، ولو فرض أنه صافحه بعد ذلك بعد الفراغ من الذكر في الفريضة صافحه مرة أخرى فلا نعلم في هذا بأساً؛ لأن ذلك يزيد خيراً وألفة ومحبة بين المسلمين والأمر في هذا واسع والحمد لله.
الجواب: جاء في الأحاديث الصحيحة قريب من هذا، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)، فالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير من أسباب حط الخطايا، وقال عليه الصلاة والسلام: (أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (الباقيات الصالحات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، فينبغي لكل مؤمن وكل مؤمنة الإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ففي ذلك خير عظيم وهو من أسباب تكفير الخطايا وحط السيئات ومضاعفة الحسنات، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من سبح الله دبر كل صلاة - يعني: المكتوبة- ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين فتلك تسع وتسعون وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) هذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن والمؤمنة بعد كل فريضة بعد الذكر بعد السلام والذكر أن يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة ثم يختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير للحديث السابق ولأحاديث صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وإن قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمساً وعشرين مرة بعد كل صلاة كفى ذلك، هذه سنة وهذه سنة، فإذا أتى بهذا أو بهذا كله طيب.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر