إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (654)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم تسجيل أذان الحرم المكي لاستخدامه في التنبيه على دخول وقت الصلاة في مسجد آخر

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا هذا، الذي نعرض فيه أسئلتكم واستفساراتكم التي وردت في رسائلكم، على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    فضيلة الشيخ عبد العزيز ، بين يدينا بعض الرسائل التي وردتنا من مستمعي برنامج نور على الدرب، نبدأ برسالة عطية عيضة الحارثي ، ورسالة عصام سهل آل حامد ، ورسالة أحمد سالم النعيم من جدة، جامعة الملك عبد العزيز، ورسالة المستمع (ع. ع. ب)، ورسالة حسن جبر حافظ ، من ميسان، قضاء علي، في العراق.

    ====السؤال: نبدأ أولاً برسالة عطية عيضة الحارثي، الذي يقول فيها: إذا سجلت صوت أحد المؤذنين من بيت الله الحرام؛ لأن أصواتهم جميلة جداً، ووضعت المسجل أمام الميكرفون وقت الأذان، ثم خرج من المسجل بواسطة الميكرفون، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وفقكم الله.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخليله، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    لا ما ينبغي هذا، الأذان في المسجد الحرام في المسجد الحرام، أما كونه ينقله إلى بلدانٍ أخرى لا يصلح، ولا يجعل أمام الميكرفون حتى يسمعه الناس، هذا يشوش على الناس، ويحصل فيه تلبيس، فكل بلد لها أذانها، ولها وقتها، ومؤذنوها يكفونها.

    أما أن ينقل أذان شخص من مكة إلى الرياض، أو إلى كذا، أو إلى كذا، ما يصح.

    1.   

    حكم الجهر بالقراءة في صلاة الوتر

    السؤال: أيضاً يقول: هل يصح أن يجهر بقراءة الفاتحة وسورة بعدها في صلاة الوتر؟

    الجواب: السنة الجهر، السنة في صلاة الليل الجهر، في الوتر وغيره، السنة الجهر، ومن أسر فلا حرج، فإذا جهر في الوتر، في تهجده بالليل، كان ذلك أفضل، كما يجهر في الأولى والثانية في العشاء، في الأولى والثانية من المغرب، كل هذا مسنون مشروع، وإذا تهجد بالليل، كان النبي يجهر عليه الصلاة والسلام، وكان الصحابة يجهرون، فلا حرج في ذلك، لكن يكون جهراً لا يؤذي أحداً، إذا كان حوله مصلون، أو حوله نيام، لا يؤذيهم، بل يجهر جهراً لا يؤذي أحداً، وإذا كان سره أخشع لقلبه وأقرب إلى تأثره بقراءته أسر، وإذا كان جهره أخشع لقلبه وأنفع له جهر، وبكل حال فالجهر مشروع، والسر جائز، ولكن بشرط أن لا يؤذي أحداً في الجهر.

    1.   

    حكم قول: الشفاعة يا محمد

    السؤال: يقول: كثير من الناس يقولون: الشفاعة يا محمد، هل هي شرك، وإن كانت شركاً ماذا يقولون؟

    الجواب: طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم ومن غيره من الأموات لا يجوز، وهو شرك أكبر عند أهل العلم؛ لأنه لا يملك شيئاً بعدما مات عليه الصلاة والسلام، والله يقول: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا [الزمر:44]، الشفاعة ملكه سبحانه وتعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات لا يملكون التصرف بعد الموت في شفاعة، ولا في دعاء، ولا في غير ذلك، الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: (صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).

    وإنما جاء أنها تعرض عليه الصلاة -عليه الصلاة والسلام- ولهذا قال: (فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، (صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)، وأما حديث أنه تعرض عليه الأعمال، فما وجد فيها من خير حمد الله، وما وجد فيها من شر استغفر لنا؛ فهو حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو صح لم يكن فيه دلالة على أنا نطلب منه الشفاعة.

    فالحاصل: أن طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من غيره من الأموات أمر لا يجوز، وهو على القاعدة الشرعية من الشرك الأكبر؛ لأنه طلب من الميت شيئاً لا يقدر عليه، كما لو طلب منه شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو غوث المكروبين، أو ما أشبه ذلك، فكل هذا من أنواع الشرك الأكبر، ولا فرق بين طلب هذا من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من الشيخ عبد القادر ، أو من فلان، أو فلان، أو من البدوي ، أو من الحسين ، أو غير ذلك، طلب هذا من الموتى أمر لا يجوز، وهو من أقسام الشرك، وإنما الميت يترحم عليه، إذا كان مسلماً، ويدعى له بالمغفرة والرحمة، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليه مسلم، يصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، ويدعو له، أما أن يطلبه المدد، أو الشفاعة، أو النصر على الأعداء، كل هذا لا يجوز، وهذا من عمل أهل الجاهلية، ومن عمل أهل الشرك.

    فيجب على المسلم أن ينتبه لهذا، وأن يحذر مثل هذا.

    1.   

    ما يلزم من أذن المؤذن وهو يصلي نافلة أو فرضاً

    السؤال: يقول: إذا كنت أصلي وسمعت الأذان هل أكمل صلاتي أم أعيدها؟ أم أقف حتى انتهاء الأذان؟

    الجواب: المصلي يستمر في صلاته ولا يجيب المؤذن، المصلي مشغول بالصلاة، فإذا أذن المؤذن وأنت في الصلاة تكمل الصلاة، ولا تجيب المؤذن. نعم.

    المقدم: ولكن لو كانت هذه فرضاً مثلاً، والأذان على أول الوقت؟

    الشيخ: هذا شيء آخر، إذا كان في الفريضة لا يصليها إلا بعد التحقق من دخول الوقت، إذا كان مريضاً في البيت مثلاً، أو له مانع من الصلاة مع المسلمين في المساجد؛ لخوف، أو مرض؛ فإنه يصلي بعد دخول الوقت، ولو ما بعد أذن؛ لأن بعض المؤذنين قد يؤخر، قد يؤخر الأذان ويفوت بعض الوقت، فإذا تحقق أن الوقت دخل؛ ساغ له أن يصلي فريضته، وإن كان لم يسمع أذاناً، كالمريض في بيتٍ بعيد عن المؤذنين، أو الخائف، أو المسافر الذي لا يسمع الأذان، متى تحقق الوقت؛ صلى، لكن المسافر السنة له أن يؤذن قبل الصلاة، إذا تحقق الوقت يؤذن، ثم يقيم ويصلي، لكن من كان في البلد ليس له أن يصلي إلا بعد دخول الوقت، وإذا دخل الوقت وعلمه؛ جاز له أن يصلي، وإن لم يسمع الأذان.

    1.   

    حكم من نسي ركناً أو واجباً في الصلاة وهو مأموم

    السؤال: سؤاله الأخير يقول: إذا نسيت ركناً أو واجباً مع الإمام فماذا أفعل أعيد الصلاة أم يلزمني سجود السهو؟

    الجواب: إذا نسي المصلي وهو مأموم واجباً من واجبات الصلاة سقط عنه، مثل: نسي أن يقول: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو نسي أن يقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، أو نسي التكبير عند الهوي في الركوع، أو عند الهوي في السجود، أو عند الرفع من السجود، فإن هذا يسقط عنه، ولا شيء عليه؛ لكونه تابعاً للإمام، وهكذا لو نسي التشهد الأول، شغل ولم يأت به، وقام مع الإمام لما قام، ولم يأت بالتشهد الأول ناسياً؛ فلا شيء عليه، يتحمله الإمام.

    أما الأركان -وهي الفرائض العظيمة- فلابد منها، فإذا نسيها فعليه أن يأتي بها ثم يلحق إمامه، فلو سها عن الركوع، وكبر الإمام راكعاً، ثم رفع الإمام فانتبه، فإنه يركع ثم يرفع، ويتابع الإمام، وهكذا لو نسي السجدة الأولى، وسجد الإمام، ثم رفع، فانتبه المأموم، والإمام قد رفع من السجدة الأولى، فإنه يسجد، ثم يرفع، ثم يلحق الإمام في السجدة الثانية.

    المقصود: أن الأركان -وهي الفرائض المؤكدة- لا تسقط بالسهو عن المأموم، بل يأتي بها ويتابع إمامه.

    1.   

    الدعاء الوارد بعد الأذان

    السؤال: عصام سهل آل حامد بعث لنا بهذه الرسالة الطويلة، يشكر أصحاب الفضيلة العلماء المجيبين على البرنامج، ويقول في رسالته: إنهم يأتون مبكرين إلى المسجد، فإذا أذن المؤذن -يقول:- أخذنا نتابعه، ثم إننا نسمع كثيراً من الجماعة من يقول بعد أن يفرغ المؤذن من أذانه: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته في الجنة) هل ذلك صحيح أم لا؟

    الجواب: المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام ما في زيادة: في الجنة، يقول عليه الصلاة والسلام: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة)، هذا رواه البخاري في الصحيح، عن جابر رضي الله عنه، زاد البيهقي في آخره: (إنك لا تخلف الميعاد)، وهي زيادة لا بأس بها، أما زيادة: (في الجنة)؛ فلا أصل لها فيما نعلم. نعم.

    المقدم: لكن هذا الزيادة التي تزاد، لا تقيد منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن موقفه في المحشر يختلف عن -مثلاً- علوه في الجنة، أليست هذه الوعدة من الله هي الشفاعة للناس؟

    الشيخ: هذه الأمور، هذه توقيفية، ليس لأحد أن يدرج من عنده، مسألة جواب المؤذن، وغيره من العبادات؛ أمور توقيفية، ليس للناس أن يزيدوا فيها شيئاً من عند أنفسهم، بل يكتفون بما جاء في النص، ولا يزيدون عليه، هذا هو الواجب، والوسيلة: منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، قال النبي: (وأرجو أن أكون أنا هو) عليه الصلاة والسلام، فالداعي والمؤذن بعد الأذان يدعو بهذا الدعاء، كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يزيد شيئاً، ولا ينقص شيئاً، هذا هو السنة.

    أما مسألة الشفاعة فذلك هو المقام المحمود، الشفاعة العظمى هي المقام المحمود، الله أعطاه نبيه صلى الله عليه وسلم، يشفع في الناس؛ حتى يقضى بينهم يوم القيامة، بعدما يسجد بين يدي ربه، ويحمده، ويثني عليه، ثم يؤذن له، فإذا أذن في الشفاعة؛ شفع عليه الصلاة والسلام في الناس، حتى يقضى بينهم في الموقف العظيم.

    وهكذا يشفع لأهل الجنة في دخولهم الجنة، هاتان خاصتان به عليه الصلاة والسلام، وأما هنا هو طلب الوسيلة له صلى الله عليه وسلم، بعد الأذان، وهي منزلة رفيعة في الجنة، لا تنبغي لغيره عليه الصلاة والسلام، وقد وعده الله إياها. نعم.

    المقدم: المرسل هنا، الذي هو عصام سهل آل حامد ، يقول: (وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته في الجنة)؟

    الشيخ: (الجنة) مالها أصل، زيادة (في الجنة) ما لها محل. نعم، (الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد)، انتهى. نعم.

    عند ذكر إجابة المؤذن يناسب أن نذكر أنه يستحب أيضاً عند الشهادتين أن يقول: (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً)، إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، يقول مثله -المستمع- ثم يقول عند ذلك: (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً)، عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ورد في الحديث الصحيح، حديث سعد بن أبي وقاص ، في صحيح مسلم : (أن من قال ذلك غفر له ذنبه)، فيستحب أن يقال هذا عند الشهادتين، (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً) عليه الصلاة والسلام.

    كذلك يستحب أن يقول بعد الإقامة مثلما يقول بعد الأذان؛ لأنها أذان، كما في الحديث: (بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة)، فالأذانان هما: الأذان، والإقامة، فالإقامة أذان ثاني، والأذان أذان أول، فيستحب أن يقول بعد الإقامة، وعند الشهادتين في الإقامة، مثلما يقول في الأذان.

    وأما قول بعض الناس: (أقامها الله وأدامها)، أو (اللهم أقمها وأدمها)، عند قوله: قد قامت الصلاة، فهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاء في حديث ضعيف، (أقامها الله وأدامها)، ولكن مستحب أن يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، مثل المؤذن، يقول مثل المؤذن سواء، وأما كلمة: (أقامها الله وأدامها)، فلم تحفظ، لم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالأولى تركها وأن يقول بدلها: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، مثلما يقول المؤذن؛ لأن النبي عليه السلام قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول)، فنحن نقول مثلما يقول المؤذن، إلا في الحيعلة فإنه يقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله)؛ لأن هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه عند الحيعلة: (حي على الصلاة.. حي على الفلاح)، كان يقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، أما بقية الأذان؛ فيقول مثل قول المؤذن، وهكذا الإقامة. نعم.

    المقدم: أيضاً هناك بعض طلبة العلم ينكرون على من قال: اللهم أقمها وأدمها؟

    الشيخ: كل هذا لم يرد: (أقامها الله وأدامها)، أو (اللهم أقمها وأدمها)، لم يرد بسندٍ صحيح، إنما جاء في رواية ضعيفة، (أقامها الله وأدامها)، فالأولى ترك هذا كله، لا يقول: (أقامها الله وأدامها)، ولا: (اللهم أقمها وأدمها)، الأفضل ترك ذلك، وأن يقول مثل قول المؤذن: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، مثل ما يقول في الفجر، مثل قوله إذا قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم يقول مثله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول)، هكذا قال عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    كيفية غسل النبي صلى الله عليه وسلم وتكفينه والصلاة عليه

    السؤال: أحمد صالح النعيم من جدة، جامعة الملك عبد العزيز، يقول: سؤالي هو عن كيفية غسل النبي صلى الله عليه وسلم، أو تكفينه والصلاة عليه ودفنه، وفقكم الله؟

    الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم غسل في ثيابه، لأن الصحابة لما اختلفوا هل يجردونه أم لا؟ سمعوا منادياً من داخل البيت يقول: أن غسلوا رسول الله في ثيابه، فغسلوه بثيابه، وصبوا الماء عليه، وغسلوه في ثيابه عليه الصلاة والسلام، ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف، يعني: من قطن، ليس فيها قميص، ولا عمامة، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها، ثم صلى عليه الناس -عليه الصلاة والسلام- فرادى، ما أمهم عليه إمام بل صلى عليه الناس، كل يدخل ويصلي عليه في المسجد عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    حكم طواف الوداع في العمرة

    السؤال: يقول أيضاً: ما حكم طواف الوداع في العمرة، هل يلزم أم لا؟

    الجواب: الأولى والأصح أن طواف الوداع في العمرة ليس بواجب، وإنما يستحب فقط، فإذا ودع بعد العمرة هذا أفضل وأولى، ولو خرج ولم يودع فلا شيء عليه.

    أما في الحج فالطواف واجب، في الحج؛ لأن النبي عليه السلام قال: (لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت..)، وهذا خاطب به الحجيج عليه الصلاة والسلام، وقال ابن عباس: (أمر الناس - يعني: الحجاج- أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)، فالحائض ليس عليها وداع، وهكذا النفساء ليس عليها وداع.

    وأما العمرة فليس فيها وداع واجب، ولكن مستحب.

    1.   

    وجوب الاغتسال على من احتلم وأمنى

    السؤال: عن الاحتلام وردتنا هذه الرسالة من جدة، من باعثها (ع. ع. ب)، يقول فيها: إذا حتلم الرجل، فخرج منه شيء فهل يغتسل ويلبس لبساً جديداً، أم يعيد هذا اللباس عليه؟

    الجواب: إذا احتلم الرجل أو المرأة فإنهما يغتسلان إذا رأيا الماء، وهو المني، أما احتلام بدون ماء ليس فيه غسل؛ (لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته أم سليم ، قالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ أجابها عليه الصلاة والسلام بقوله: نعم؛ إذا هي رأت الماء)، يعني: المني، فإذا رأى الرجل أو المرأة المني بعد الاحتلام، أو رأى المني وإن لم يكن احتلاماً؛ فإنه يغتسل، والمني معروف، ماء غليظ ، ينتج عن الشهوة، فإذا رأى الرجل، أو المرأة ماء -وهو المني- بعد احتلامهما، أو استيقظا ورأياه وإن لم يذكرا احتلام؛ فإنهما يغتسلان، كما أمر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام.

    أما احتلام ليس معه مني فإنه لا يوجب الغسل، سواء كان في الليل أو في النهار، ولا يؤثر على الصائم، ولا على الحاج الاحتلام؛ لأنه ليس باختياره، فلو احتلم في نهار الصيام، أو احتلم في عرفة، أو في منى قبل أن يرمي الجمرة؛ فإنه لا يضره ذلك، لأنه ليس باختياره، والله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها، سبحانه وتعالى.

    1.   

    حكم منع الأب لابنه من الزواج

    السؤال: الرسالة التي بين يدينا الأخيرة وردتنا من المستمع حسن جبر حافظ ، من ميسان، قضاء علي، من العراق، يقول فيها: ما حكم منع الأب لابنه من الزواج؟

    الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن الزواج قربة وطاعة، وفيه عفة الرجل، وغض بصره، فلا يجوز لأبيه أن يمنعه من ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج). الحديث، ومعلوم أن الزواج يعينه على طاعة الله، من غض البصر، وحفظ الفرج، وإحصان المرأة، وإعانتها على الخير، وهو من أسباب النسل أيضاً، فالزواج فيه خير كثير، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه واجب مع القدرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، والأصل في الأمر الوجوب، فدل ذلك على أن الزواج في حق ذي الشهوة إذا استطاع واجب، سواء كان شاباً، أو شيخاً، والشاب آكد للحديث السابق.

    فالحاصل أنه: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، (إنما الطاعة في المعروف)، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا منعه والده من الزواج، وهو يستطيع الزواج فينبغي له أن يتلطف مع والده ويشرح له حاله حتى يوافق، وحتى تكون المعاملة بينه وبين والده جيدة، فإن صمم والده على منعه من الزواج، من غير سبب موجب لذلك؛ فإنه يجوز له أن يتزوج وإن لم يرض والده؛ لكونه منعه من أمر شرعي، ولا طاعة لأحد في معصية الله عز وجل، لكن ينبغي له أن يرفق بوالده، وأن يجتهد في رضاه وموافقته، هذا هو الذي ينبغي له؛ حتى لا تكون بينه وبينه شحناء.

    المقدم: شكراً، أثابكم الله.

    أيها السادة المستمعون! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا، الذي عرضنا فيه رسائل السادة عطية عيظة الحارثي ، وعصام سهل آل حامد ، وأحمد سالم النعيم من جدة، جامعة الملك عبد العزيز، والمستمع: (ع. ع. ب) يسأل عن الاحتلام، ولبس الملابس التي احتلم الشخص فيها، وحسن صبر حافظ ، من بيسان، قضاء علي، من العراق.

    عرضنا الأسئلة والاستفسارات التي وردت في رسائل السادة على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها الإخوة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم إن شاء الله، نستودعكم الله، وتحيةً لكم من الزميل محمد الحرشان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767986444