أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====السؤال: فضيلة الشيخ عبد العزيز ! لدينا مجموعة من أسئلة السادة المستمعين، ولعلنا نتمكن في لقائنا هذا من عرض رسالة المستمع عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك من السودان.
يقول في رسالته: أرجو توضيح هذه المشكلة: مريض يكتب له رجل صالح القرآن ليعالجه من أي مرض، هل يمكن أن يحدث العكس لو استعمل آيات القرآن -أستغفر الله- في سور أو.. يقول إنه لو استعمل آيات القرآن معكوسة، وأقصد بذلك قول العامة: فلان حب فلان إذا كان العلاج عكسه ممكناً الحدوث، أرجو شرح ذلك وذكر كيفية التحصن من العبث ثم شرح أسباب.. هذا سؤال آخر لكن نقف عند قوله: هذه السور؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
كتابة الآيات لعلاج المريض هذا غير مشروع، لا تعلق عليه ولا تكتب على جسده كل هذا غير مشروع، إنما المشروع أن يقرأ عليه ينفث عليه ويدعو له بالشفاء والعافية، يقرأ عليه بعض الآيات على جزء من جسده على خده على يده على رأسه يدعو له فهذا لا بأس، الرقية مشروعة، كونه يرقي المريض ويدعو له ويقرأ عليه القرآن حتى يشفيه الله، النبي رقى ورقي عليه الصلاة والسلام وقال: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) فالرقية الشرعية، كونه يدعو للمريض يقرأ عليه آيات من القرآن يدعو له بالشفاء هذا كله مشروع كله سنة، أما أن يكتب له آيات تعلق برقبته أو في عضده هذا ليس من الشرع، أو يكتب له أحاديث أو كلمات أخرى دعوات أو مسامير أو طلاسم حروف مقطعة أو أشباه ذلك كل هذا ما يجوز، حتى القرآن لا يعلق، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، فالحجب والحروز التي يفعلها بعض الناس يعلقونها على المرضى على أعناقهم أو يعلقونها في أعضادهم أو في غير ذلك هذا لا يجوز، ولكن الرقية لا بأس بها، كونه يرقي المريض يدعو له يقرأ عليه آيات هذا طيب وهذه تسمى الرقية لا بأس بها، أو يرقيه في ماء ويشرب الماء، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض هذا أيضاً كما في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه قرأ في ماء لـ
الجواب: ليس التحدث عن وقت الخسوف والكسوف من علم الغيب بل هذا يدرك بالحساب، كثير من أصحاب الفلك يعرفون هذا الشيء بمراقبة سير الشمس والقمر في منازلهما، فإذا صارت الشمس في منزلة معينة أو القمر قد عرفوا بالحساب أنها تكسف بإذن الله في ذلك الوقت، فهذا يدرك بالحساب وليس من علم الغيب بل هذا حساب دقيق يعرفه أصحاب الفلك والناظرون في سير الشمس والقمر فيدركون ذلك وقد يغلطون، قد يغلطون في بعض الأحيان وقد يصيبون، قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: إن أخبارهم من جنس أخبار بني إسرائيل لا تصدق ولا تكذب، فقد يقولون يكسف في كذا أو تكسف الشمس في كذا ثم لا يقع، وقد يقع ذلك ويكونون قد ضبطوا الحساب على ذلك.
فالحاصل أن أخبارهم قد يعتريها الخطأ والغلط فلا يصدقون ولا يكذبون ولكن ينظر فيما أخبروا عنه، فإن وقع الكسوف شرع للناس ذكر الله عند الكسوف واستغفاره والصلاة صلاة الكسوف، والصدقة وإعتاق الرقاب، وذكر الله وتكبيره سبحانه وتعالى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قال: (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره)، (إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا)، وأمر بالتكبير وأمر بالإعتاق؛ إعتاق الرقاب، وهذا كله سنة ومشروع وثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، أما أخبار الحسابين فإنها ليست من علم الغيب لكنها تخطئ وتصيب، قد يغلطون وقد يصيبون.
الجواب: هذا غلط، فإنهم لا يعلمون الغيب، إن أرادوا أن يفكروا في الدواء والعلاج لا بأس، أما أن ينظروا في أمر معناه أنهم يعرفون الغيب أو يعلمون الغيب بطرق يقرءونها أو يكتبونها أو يفكرون فيها هذا لا صحة له أبداً، يقول الله سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، فهو سبحانه الذي يعلم الغيب، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (مفاتح الغيب خمسة لا يعلمهن إلا الله، ثم قرأ قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34]) سبحانه وتعالى، ويقول الله له: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188]، فهو عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب وإنما هو نذير وبشير لعباد الله، فالذي يدعي أنه يستخير للمريض أو يستفتح للمريض أو يفكر في المريض حتى يعلم ما وراء علم الأسباب، بل علم آخر وهو علم الغيب هذا لا يجوز وهذا باطل، ومن ادعى علم الغيب فهو كافر نعوذ بالله، أما إذا أراد أن يفكر وينظر في الدواء المناسب والعلاج المناسب فهذا لا بأس به، الطبيب قد يخفى عليه المرض فيفكر.
كذلك قوله: (أستخير)، هذا إن كان قصده يستخير الله بالصلاة ركعتين، يصلي ركعتين يستخير الله في كيفية علاجه فهذا لا بأس، أما أنه يستخير بمعنى: ينظر في علم الغيب هذا باطل.
الجواب: كل هذا بدع كلها منكرة لا صحة لها، صاحب الفنجان وقراءة الكف ورمي الودع أو ضرب الودع أو بالحصى كله من تعاطي علم الغيب.. كله باطل، كله منكر ولا صحة له، بل هو دجل وكذب وافتراء، ويدعون علم الغيب بأشياء أخرى غير هذا كذب، وإنما يعتمدون على ما تقول لهم أصحابهم من الجن فإن بعضهم يستخدم الجن ويقول ما تقوله له الجن فيصدقون ويكذبون، يصدقون في بعض الأشياء التي اطلعوا عليها في بعض البلدان أو استرقوها من السمع ويكذبون في الغالب، والأكثر يكذبون ويتحيلون على الناس حتى يأخذوا أموالهم بالباطل، وهكذا الإنس الذين يخدمونهم قد يكذبون أيضاً ويفترون ويقولون هذا كذا وهذا كذا وهم كذبة، إنما يأكلون أموال الناس بالباطل، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، أما كلمة الرسل ما أدري إيش مراده بالرسل، كلمة الرسل هذا كلام مجمل، إن كان المقصود قراءة القرآن الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، يقرؤه ويتدبر ما فيه لعله يجد شيئاً يستعين به على علاج المريض، يعني يتدبر القرآن لعله يجد شيئاً يعني يستعين به على علاج المريض بقراءة آية على المريض أو ما أشبه ذلك فهذا لا يحتاج إلى هذا الكلام، القرآن شفاء، فإذا قرأ من بعض الآيات آية الكرسي أو الفاتحة أو قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] أو المعوذتين هذا طيب وهذه من أسباب الشفاء، فتسمية الرسل ما أدري ما مراده.
المقدم: بالنسبة للرسل بارك الله فيكم يقول: يحكى أنه هناك إذا جاء لهم من يريد الاستفادة من صاحبة الودع وقارئة الفنجال إلى آخره أنهم يرسلون رسولاً يخبر عن هذا الشخص، يخبر أهله وأقاربه أنه بخير.
الشيخ: هذا كلام ما له تعلق بالعلاج، الرسل جمع رسول إلى أهل المريض هذا ما له تعلق بالعلاج سواء أرسلوا لهم أو ما أرسلوا لهم، هذا شيء ماله تعلق بالعلاج، إنما هو متعلق بتطمينهم عن صحته، هذا شيء آخر. نعم.
المقدم: هو يشتكي من كثرة هؤلاء في البلد يعني في بلده في السودان، ويقول: إذا تكرر تحقق ما يقولون، هل في هذا علم بالغيب أم لا؟
الشيخ: أبداً، فهو كله باطل، ولكن قد يتكرر لأنهم شيء يعرفونه من بلادهم مثل يخبرون عن إنسان فعل كذا أو فعل كذا وهم قد شاهدوه في البلاد الأخرى من السودان، أو أشياء خبرتهم بها جن أن هذا وقع في بلد كذا وعمل له كذا وصار كذا، فهم يأخذون عن الجن أخباراً أدركها الجن في بعض البلدان فأخبروا بها أولياءهم، هذا كله لا صحة له ولا يحكم فيه بأنهم يعلمون الغيب أبداً، علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، لكن هناك أمور تقع في بعض البلدان فينقلها الجن بعضهم إلى بعض، أو شيء يسترق من السماء، كلمة يسمعونها من الملائكة إذا استرقوا السمع إلى السماء فينقلونها إلى أوليائهم من الإنس فقد تكون حقاً سمعوه ما لبس عليهم فيه فيقع ويظن الناس أن كل ما فعلوه قالوا صحيح ويكذبون مع ذلك الكذب الكثير كما في الحديث: (أنهم يكذبون معها مائة كذبة)وفي بعض الروايات: (يكذبون أكثر من مائة كذبة) فلا يلتفت إليهم؛ لأن عمدتهم الكذب أو الاستعانة بالجن في كذب الجن وفيما يتعاطونه من الباطل الذي يشوشون به على الناس، نسأل الله العافية، والجن كالإنس فيهم الكافر، فيهم المبتدع، فيهم الفاسق، فيهم الطيب، فالفساق للفساق والكفار للكفار والطيبون للطيبين، فالجن الذين يخدمون بعض شياطين الإنس بإخبارهم بعض المغيبات التي سمعوها من السماء أو سمعوها من بعض البلدان، هؤلاء لأنهم خدموهم بعبادتهم من دون الله والذبح لهم ونحو ذلك، فالجن يخدمونهم بهذه الأخبار وهذه الأسفار التي يكذبون فيها وقد يصدقون فيها شيء قليل فيظنهم الناس صادقين في البقية.
الجواب: الواجب على أهل الإسلام أن يعنوا بالزي الإسلامي والملابس الإسلامية الضافية الساترة التي ليس فيها تشبه بأعداء الله، ولا يجوز لهم التشبه بأعداء الله لا في زيهم الخلقي ولا في زيهم الملبس، لا زي الملبس ولا زي المشي ولا زي الكلام بل يجب عليهم أن يمتازوا عن الكفار، النبي عليه السلام قال: (من تشبه بقوم فهو منهم)، فالواجب على أهل الإسلام أن لا يتشبهوا بأعداء الله وأن يحذروا التخلق بأخلاقهم، وهكذا النساء الواجب عليهن التستر والحجاب والبعد عن موضة الكفرة وأخلاق الكفرة وتعريهم وخستهم وتبرجهم، هذا هو الواجب على الرجال والنساء من المسلمين، أن يتباعدوا كثيراً عن التزيي بزي الكفار والتخلق بأخلاقهم وأن تبتعد المرأة عن التبرج وترك الحجاب؛ لأن ذلك من زي الكفرة لا من زي أهل الإسلام، كما قال سبحانه: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33].
الجواب: المشروع نزعها؛ لأنها مال فلا ينبغي أن يضاع، الرسول صلى الله عليه وسلم كره إضاعة المال وسخط إضاعة المال، فينبغي أن تنزع إذا تيسر ذلك، أما إذا لم يتيسر فلا حرج، وإذا أراد أهلها أن ينزعوها منه بعد الموت بأيام فلا بأس.
الجواب: إذا طلق الإنسان على شيء يعتقد أنه فعله فإن الطلاق لا يقع، فإذا قال: عليه الطلاق أنه أرسل كذا وكذا ظاناً معتقداً أنه أرسله، ثم بان أنه ما أرسله أو بان أنه ناقص فالطلاق لا يقع في هذه الحال، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وهكذا لو قال: علي الطلاق إني رأيت زيداً، أو علي الطلاق أن زيد قد قدم، وهو يظن ويعتقد أنه مصيب ثم بان أنه غلطان وأن هذا الذي قدم أو مات ليس هو الرجل الذي أخبر عنه فإن طلاقه لا يقع؛ لأنه في حكم اليمين اللاغية يعني في حكم لغو اليمين؛ لأنه ما تعمد الباطل إنما قال ذلك ظناً منه واعتقاداً منه أنه مصيب، فلا يقع طلاقه بل زوجته معه، هذا هو الصواب من قولي العلماء.
الجواب: لا يجوز للمسلم أن يخص بعض أولاده بشيء، وهكذا المرأة ليس لها أن تخص بعض أولادها بشيء؛ وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فليس للمسلم أن يخص بعض الأولاد أو يزيد بعضهم على بعض، بل يجب التعديل ولو كانت البنت ليس لها شقيق، وليهم الله الذي حكم سبحانه وتعالى في المواريث وقسمها، هو ولي الجميع، فليس للرجل ولا للمرأة أن يخص بعض الأولاد بشيء أو يزيد بعضهم على بعض، بل ذلك منكر والواجب العدل في الجميع، للحديث المذكور: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، والله أعلم.
المقدم: طيب لو مثلاً حصل أنه خص ابناً له هل يمضي هذا بعد موته أو يرد على الورثة؟
الشيخ: الصحيح أنه لا يمضي، إذا خصهم أو زاد بعضهم على بعض ثم مات فهم بالخيار إن شاءوا أمضوا وسمحوا وإن شاءوا ردوا، لهم الرد على الصحيح، وقال بعض أهل العلم: إنه يمضي بعد الموت ولا يرد شيء، لكن الصحيح أنه لا يمضي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جوراً، قال: (إني لا أشهد على جور) سمى الزيادة وعدم التعديل جوراً والجور لا يقر، فإذا مات بعد هذه المعصية بعد التخصيص أو التفضيل فإن المخصص ينزع منه المال ويوزع بين الورثة، وهكذا المفضل تنزع منه الزيادة وتوزع بين الورثة إلا أن يسمحوا عنه وهم مكلفون مرشدون، إذا سمح المرشد عن حقه فلا بأس.
المقدم: شكراً، أثابكم الله.
أيها السادة المستمعون! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه رسائل السادة عبد الله عبد الرحمن عبد الملك ، و أحمد ناجي أحمد قاسم من الجمهورية العربية اليمنية، ثم أيضاً عرضنا رسالة المستمع (م. م. أبو عبد الله ) من مكة المكرمة يسأل عن تخصيص بعض الأولاد بمال دون الآخرين.
عرضنا الأسئلة والاستفسارات التي وردت في رسائلهم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها السادة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر