أيها الإخوة الكرام! نحييكم في لقاء جديد مع فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
والذي سنعرض رسائلكم في حلقتنا اليوم على فضيلته ليتولى الإجابة عليها.
====
السؤال: هذه رسالة مقدمة من السائل خليل زيدان جاسم من العراق محافظة الموصل، يقول: إذا أخذ الطفل دواء ممزوجاً بحليب امرأة أخرى غير أمه، وكرر هذه العملية أكثر من خمس أو ست مرات فهل يأخذ هذا حكم الرضاع الشرعي؟ نعم.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فلا ريب أن الرضاع يحرم بشرطه الشرعي وهو أن يكون ذلك خمس رضعات معلومات فأكثر في الحولين، فإذا مزج الحليب بشيء آخر من الأدوية فإنه يؤثر أثره المعروف، فإذا كان خمس مرات أو أكثر حال كون الطفل في الحولين فيكون له حكم من ارتضع خمس رضعات فأكثر، إذا كان الحليب له أثره يعني وتحقق أنه حليب وصل إلى جوفه مع هذا الدواء أو مفرداً كل ذلك لا يغير من الحكم شيئاً، فإن العلماء قد نصوا على أن ما يحلب للطفل ويسقى إياه بمثابة ما يرتضعه من ثدي المرأة، فله حكم الرضاع إذا علم ذلك.
الجواب: لا نعلم في ذلك بأساً؛ لأن هذه الأموال في حكم الأموال الضائعة التي ليس لها مستحق، والأموال الضائعة لا بأس أن يأخذها من وجدها، سواء كان ذهباً أو فضة أو غير ذلك مما يتمول وينتفع به.
الجواب: الذي يظهر أنه لا حرج في ذلك إذا شراها بنفسه أو سلم له القيمة، اشتراها.. إذا كان مقصوده مساعدته بالثمن وليس مقصوده نفس الشراء إنما المقصود أن يساعده في الثمن، فإذا شراها بنفسه أو بوكيله أو شراها صاحب الحاجة وسلم له ثمنها فالأمر في هذا واسع ولا يقع عليه شيء بذلك؛ لأن طلاقه قد حصل به المقصود؛ لأن الشرط المطلوب قد حصل. نعم.
المقدم: إنما لو حصل وسبقه هذا الشخص واشتراهما؟
الشيخ: إذا كان المقصود أن يساعده بالثمن وسلم له الثمن فإنه قد وفى بيمينه.
المقدم: حتى لو اشتراه؟
الشيخ: حتى لو اشتراه.
وهناك أمر آخر قد يخفى على بعض الناس، وهو أنه إذا كان مقصوده بالطلاق منعه من الشراء وحثه على قبول الهدية وليس قصده فراق زوجته إن لم يسمح له بالشراء، فإن هذا الطلاق في حكم اليمين، فلو فرضنا أن الرجل ما سمح واشتراها هو ولم يقبل الثمن فإن الطلاق لا يقع وعليه كفارة اليمين إذا كان مقصوده نفعه بهذا الشيء وحثه على قبول الهدية وليس مقصوده فراق زوجته إن لم يقبل، وإنما المقصود مقصود اليمين يعني: حث الرجل على قبول الهدية أو قبول الثمن وليس المقصود فراق أهله إن لم يقبل، فهذا له حكم اليمين، فلو لم يقبل صاحب الزواج شراء الشخص للثلاجة والغسالة أو لم يقبل الثمن فإن الرجل لا يقع على زوجته طلاق؛ لأنه ليس المقصود إيقاع الطلاق المقصود حث الرجل على قبول الهدية، ولكن يكفيه كفارة اليمين.
الجواب: النذر يختلف: إن كان نذر شاة يذبحها في بيته لأقاربه وجيرانه وضيوفه فهذا إذا ذبحها بنية النذر وقدمها لضيوفه فلا بأس، أما إذا كان نذر نذراً مطلقاً ما أراد به أهل بيته ولا قراباته ولا ضيوفه، أو نذر نذراً أراد به الفقراء فإنه لا يفي بنذره حتى يوصلها للفقراء، فإن النذور مصروفها الفقراء، فإذا كان ما له نية خاصة فإنه يعطي النذر للفقراء، الشاة يشتريها ويعطيها الفقراء، إذا كان النذر شاة مثلاً أو بعيراً أو بقرة يذبحها ويقسمها بين الفقراء، إلا إذا كان له نية خاصة بأن قال مثلاً: لله علي إن رزقني الله ولداً ذكراً أن أذبح شاة أو بقرة أو بعيراً وفي نيته أنه يذبحها لأهل بيته وجيرانه فهو على نيته، وإن كان ما له نية فإنها تعطى الفقراء تقسم بين الفقراء ولا يأكلها هو ولا أهل بيته ولا ضيوفه. نعم.
المقدم: يعني: إشراكه النذر مع العقيقة؟
الشيخ: ما يصلح، النذر مستقل والعقيقة مستقلة، العقيقة سنة مستقلة والنذر واجب مستقل.
المقدم: وهذا ما فعله هو.
الشيخ: فإذا ذبح إحدى الشاتين عن شاة عليه بالنذر فينظر في نيته، إن كان نوى الشاة التي بالنذر أنه يذبحها في بيته للضيوف والأقارب والجيران فقد وفى بهذا الشيء حيث قدمها لضيوفه ومع أهل بيته، وأما إن كان ما قصد هذا الشيء بل نذر ولا في نيته هذا الشيء، فالنذور مصروفها الفقراء ما تجزي هذه التي ذبحها في العقيقة.
الجواب: إن كان الطلاق وقع في غضب شديد يعني: أغلق عليه مقصده وشعوره ولم يتملك نفسه ولم يستطع حبسها عن الطلاق لشدة الغضب وشدة النزاع والكلمات الجارحة من الزوجة، فإن الطلاق لا يقع على الصحيح، وقد اختلف العلماء في ذلك لكن الصحيح أن الطلاق لا يقع في شدة الغضب.
والغضب أنواع ثلاثة:
غضب يزيل الشعور ويكون صاحبه كالمجنون ما يبقى عنده شعور، فهذا لا يقع طلاقه عند جميع أهل العلم.
الغضب الثاني: يشتد معه الغضب بسبب النزاع الطويل أو الكلمات الجارحة من الزوجة أو غيرها حتى لا يملك نفسه وحتى لا يستطيع التغلب على أعصابه بل ينطق بالطلاق كالمكره كالمدفوع فهذا لا يقع طلاقه.
الحال الثالث: أن يكون غضباً عادياً ليس معه شدة بل غضب عادي فهذا يقع الطلاق فيه عند الجميع.
فالسائل أعلم بنفسه، السائل هذا أعلم بنفسه إن كان اشتد معه الغضب شدة كبيرة حتى لم يستطع حبس نفسه عن ذلك بل أزعجه الغضب ودفعه دفعاً شديداً حتى نطق بغير اختيار بسبب كلماتها الجارحة أو سبها له ولعنها له أو لأبويه، أو وصفها له بأوصاف قبيحة أثارته حتى اشتد معه الغضب فإنه في هذه الحال لا يقع طلاقه، أما في الغضب العادي الذي يغضب الإنسان عند العادة بسبب كلمات ما تناسب أو عمل ما يناسب فهذا يقع فيه الطلاق عند أهل العلم.
الجواب: سب الدين والإسلام ردة عن الإسلام، وسب القرآن وسب الرسول كذلك ردة عن الإسلام نعوذ بالله، كفر بعد الإيمان لكن لا يكون طلاقاً للمرأة بل يفرق بينهما من دون طلاق ما يكون طلاقاً بل تحرم عليه؛ لأنها مسلمة وهو كافر، فتحرم عليه حتى يتوب، فإن تاب وهي في العدة رجعت إليه من دون حاجة إلى شيء، إذا تاب وأناب إلى الله رجعت إليه، وأما إن خرجت من العدة وهو على حاله لم يتب فإنها تنكح من شاءت، ويكون ذلك بمثابة الطلاق لا أنه طلاق لكن بمثابة الطلاق؛ لأن الله حرم المسلمة على الكافر.
المقدم: ولو أرادها هو؟
الشيخ: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] فإن تاب وأراد يتزوجها بعد ذلك فلا بأس.
المقدم: بعقد جديد؟
الشيخ: بعد العدة، يكون بعقد جديد أحوط خروجاً من خلاف العلماء، وإلا فبعض أهل العلم يراها تحل له من دون عقد جديد إذا كانت تختاره ولم تتزوج بعد العدة بل بقيت على حالها، ولكن إذا عقد عقداً جديداً فهو أولى خروجاً من خلاف جمهور العلماء، فإن الأكثرين يقولون: متى خرجت من العدة بانت منه وصارت أجنبية لا تحل إلا بعقد جديد فهذا أولى له أن يعقد عقداً جديداً، هذا إذا كانت قد خرجت من العدة و قبل أن يتوب، فأما إن تاب فهي زوجته، إن تاب وهي في العدة فهي زوجته.
الجواب: لا نعلم صحته بل الظاهر أنه موضوع. نعم، ليس له أصل فيما نعلم.
الجواب: العلماء اختلفوا في الذهب والفضة الذي تتحلى به المرأة وتلبسه عند الحاجة هل يزكى أم لا يزكى، وهل تكفي إعارته بدلاً من التزكية؟ على أقوال لأهل العلم، والأرجح والأصح أنه يزكى، وأنه تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهاً ونص بالجنيه السعودي والفرنجي أيضاً، أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع جنيه يعني: أحد عشر جنيهاً ونصف أوضح للسامع.. أحد عشر جنيهاً ونص هذا النصاب.
فإذا بلغ حلي المرأة من الذهب أحد عشر جنيهاً ونص وجبت عليها الزكاة، في الألف خمسة وعشرون ريالاً، في الألف الريال خمسة وعشرون ريالاً، في الذهب الذي قيمته ألف خمسة وعشرون ريالاً مثلاً، وهكذا.
المقدم: ربع العشر يعني .
الشيخ: ربع العشر، كسائر أنواع الذهب والفضة؛ ربع العشر، أما إن كان أقل من عشرين مثقال، يعني أقل من أحد عشر جنيهاً ونص لا شيء فيه، هذا هو الصواب وهذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخلت عليه امرأة وفي يدها سواران مسكتان من ذهب، فقال: (أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار فألقتها وقالت: هما لله ولرسوله)وقالت له أم سلمة : (يا رسول الله! - وكانت تلبس أوضاحاً من ذهب- هل في هذا زكاة؟ فقال: ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز) سألته: هل هذا كنز؟ فقال: (ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز).
ولعموم الحديث: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار..) الحديث فإنه يعم هذه الحلي.
الجواب: هذا الكلام لا يكون طلاقاً إذا كان بدون نية لا يكون طلاق، هذا كناية ليس بطلاق، ما دام ما نوى الطلاق فليس بطلاق، نعم. وزوجته باقية في عصمته.
المقدم: إذاً عليه كفارة في ذلك؟
الشيخ: لا، ما عليه شيء، ما عليه كفارة.
الجواب: عليه أن يحضر عند فضيلة قاضي القويعية مع المرأة ووليها حتى يسجل كلام الجميع، وهل كان غضبه شديداً في المرة الأخيرة بأسباب كلامها القبيح أم لا، ثم ننظر في الأمر، يحضر به لدينا وننظر في الأمر إن شاء الله، عند قاضي القويعية مادام في القويعية يحضر عند فضيلة القاضي فإما أن يفتيه، وإما أن يكتب كلامه وكلام المرأة وكلام وليها ويبين لنا غضبه هل كان شديداً أم لا، وأسبابه، ثم ننظر في الأمر إن شاء الله، ثم يبلغ ذلك إما من طريق الإذاعة وإلا من طريق الكتابة.
الجواب: الواجب على الأئمة أن يتقوا الله وأن يطمئنوا في صلاتهم في ركوعهم وسجودهم، وأن يرتلوا القراءة ويطمئنوا في القراءة حتى يؤدوا كلام الرب بعبارة واضحة وألفاظ واضحة، هذا الواجب على الأئمة، وأن يجتهدوا في الطمأنينة والخشوع في الصلاة حتى يستفيدوا ويستفيد من خلفهم، وحتى يؤدوها كما شرع الله، وقد قال الله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2].
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته أن يطمئن، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر لك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً..) الحديث.
فالواجب على الأئمة أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يطمئنوا في ركوعهم وسجودهم وبعد الركوع وبين السجدتين، وأن يعنوا بالقراءة أن يقرءوا قراءة واضحة بينة ليس فيها خفاء ولا إسقاط شيء من الحروف، وأن يمكنوا من وراءهم من قراءة سورة بعد الفاتحة وإن كانت غير واجبة لكن الأفضل في السرية أن يقرأ المأموم الفاتحة وما تيسر معها مع إمامه، والإمام كذلك يقرأ سورة مع الفاتحة أو آيات في السرية والجهرية، لكن في السرية يقرأ المأموم زيادة على الفاتحة، وفي الجهرية لا، يكفيه الفاتحة، وينصت لإمامه في الجهرية ويكفيه الفاتحة، لكن في السرية يقرأ مع الفاتحة ما تيسر فإذا لم يمكن المأموم أن يقرأ مع الفاتحة شيئاً لأن الإمام استعجل فلا يضر ذلك؛ لأن الواجب الفاتحة وما زاد عليها ليس بواجب، فلا يضر هذا بالصلاة ولا يبطلها، ولكن يجب أن يعتنى بالركوع والسجود من جهة الطمأنينة وبين السجدتين وبعد الركوع كذلك، هذه أمور عظيمة وفريضة لابد فيها من الطمأنينة والاعتدال الكافي.
أما القراءة فالزائد على الفاتحة ليس بواجب وإنما هو سنة، فإن تيسر فهو الأفضل للإمام والمأموم وإن لم يتيسر صار نقصاً لا يضر الصلاة ولا يبطلها.
المقدم: جزاكم الله خير الجزاء.
أيها الإخوة الكرام! في الواقع الأخ البهتري المهدي من المملكة المغربية له عدة أسئلة إلا أن وقت حلقتنا آذن بالانتهاء، فنعده إن شاء الله باستكمالها في الحلقة القادمة.
أيها الإخوة الأعزاء! نشكر في ختام لقائنا هذا فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
وقد أجاب مشكوراً على أسئلة الإخوة خليل زيدان جاسم من العراق محافظة الموصل، والأخ عدنان العثمان من سوريا حلب، والأخ (أ. ش) من الرياض، والأخ (ح. ع) من عمان الأردن، والأخت (ف. ع) من الخرج، والأخ (ع. أ. س) من جدة، والأخ حسن بن حسن يمني الجنسية مقيم بالقويعية، وأخيراً على سؤال الأخ من المملكة المغربية البهتري المهدي .
أيها الإخوة الأعزاء! موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله، نستودعكم الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر