إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (678)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    الحكمة من الطلاق وبعض الأحكام المتعلقة به

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد مع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والذي يسرنا أن يتولى الرد على أسئلتكم في حلقتنا اليوم.

    ====

    السؤال: هذه في البداية رسالة موجهة من المستمع من الكويت (م. ف. ي) يقول: تشاجرت أنا وزوجتي قبل مدة فقلت لها: طالق، لأجل أن تسكت، فقالت كلمة ثانية وكنت غاضباً منها جداً ومن كلامها فقلت لها مرة أخرى: طالق، ومكثت مدة لا أتكلم معها، وأما اليوم فإني أحياناً أتكلم معها في أغراض البيت أو إذا لزم شيء للأولاد، وغير هذا لا يوجد شيء، فما الحكم في هذا؟ أفيدونا ولكم الشكر.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:

    فالله جل وعلا شرع لعباده الطلاق ليتخلص كل واحد من الزوجين من صاحبه إذا لم تستقم الحال ولم يحصل ما يقيم العلاقة على الوجه المرضي، وجعله سبحانه ثلاثاً يراجع بعد الأولى وبعد الثانية وليس له الرجعة بعد الثالثة، وحرم إيقاعه بالثلاث جميعاً بل يكون واحدة بعد واحدة كما قال جل وعلا: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، فإذا طلقها طلقة واحدة فله مراجعتها ما دامت في العدة، ثم إذا راجعها بقيت على حالها زوجة شرعية كحالها الأولى، فإن طلقها الثانية فله مراجعتها أيضاً من دون عقد نكاح كما بعد الطلقة الأولى، فأنت أيها السائل طلقتها طلقتين فلك المراجعة ما دامت في العدة، ما دامت لم تحض ثلاث حيضات بعد الطلقة الأولى ولا تزال زوجة لك حتى تطلقها الطلقة الثالثة، هذا إذا كان الغضب خفيفاً، أما إذا كان الغضب شديداً حيث حصل بينكما تنازع شديد وكلمات جارحة منها شديدة حتى اشتد غضبك ولم تملك نفسك للإمساك عن الطلاق فهذا الطلاق حينئذ عند الغضب الشديد لا يقع على الصحيح من أقوال العلماء، والغضب ثلاثة أحوال، الناس في الغضب لهم ثلاثة أحوال:

    إحداها: أن يشتد الغضب حتى يفقد الشعور ويكون كالمجنون والمعتوه، فهذا لا يقع طلاقه عند جميع أهل العلم؛ لأنه بمثابة المجنون والمعتوه زائل العقل، فهذا لا يقع طلاقه إذا زال عقله بشدة الغضب ولم يملك نفسه ولم يضبط ما يقول ولم يحفظ ما يقول.

    الحال الثاني: أن يشتد معه الغضب ولكنه يفهم ما يقول ويعقل إلا أن الغضب اشتد معه كثيراً ولم يستطع أن يملك نفسه لطول النزاع أو المسابة والمشاتمة أو المضاربة فاشتد الغضب لأجل ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم والأرجح أنه لا يقع أيضاً، فإن كان غضبك من هذا القبيل فالطلاق غير واقع.

    وإن كان غضبك من الحال الثالثة وهي الغضب الخفيف الذي يحصل منه تكدر من الزوج وكراهة لما وقع من المرأة ولكنه لم يشتد معه شدة كثيرة تمنعه من التعقل والنظر في نفسه بل هو غضب عادي خفيف، فهذا يقع معه الطلاق عند جميع أهل العلم، لكن إذا كانت المرأة في حال حيض عند الطلاق أو في حال نفاس أو في حال طهر جامعتها فيه فالجمهور من أهل العلم يرون وقوع الطلاق مع الإثم؛ لأن الطلاق يجب أن يكون في حال طهر لم تجامعها فيه أو في حال حمل، هذا هو الطلاق الشرعي، أن تكون المرأة حاملاً أو في طهر لم تجامعها فيه، فإن كانت في طهر جامعتها فيه أو في حال حيض أو نفاس فقد اختلف العلماء في ذلك، فجمهور أهل العلم يرون أنه يقع الطلاق مع الإثم، والقول الثاني أنه لا يقع؛ لأنه طلاق غير شرعي ولم يصادف الحال التي شرع الله فيها الطلاق فلم يقع، وهذا القول هو الأرجح من حيث الدليل، لما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فأنكر عليه النبي ذلك عليه الصلاة والسلام وأمره بالمراجعة وأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر.. يمسكها أول حتى تطهر من حيضها الذي طلقها فيه ثم تحيض ثم تطهر بعد ذلك ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، فهذا ظاهر بأن طلاقه لم يقع كما قاله جمع من أهل العلم، لكونه أمره بالمراجعة ثم بالإمساك حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم قال: (فإن شئت فأمسكها وإن شئت فطلقها قبل أن تمسها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) يعني في قوله سبحانه: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] فهذا يدل على أن الطلاق في طهر جامعها فيه أو في حال حيض أو نفاس طلاق غير شرعي، وطلاق في العدة التي لم يأمر الله بالطلاق فيها، وهذا هو المختار وإن كان خلاف قول الجمهور، فأنت أعلم بنفسك وما جرى عليك حين الطلاق، فإن كان الغضب قد اشتد معك شدة واضحة قوية لطول النزاع بينكما وسوء الكلام الذي صدر منها حتى لم تملك نفسك أو كانت في طهر جامعتها فيه أو في حيض فالطلاق غير واقع، وإن كانت في حال حمل أو في حال طهر لم تجامعها فيه وكان الغضب ليس بشديد بل غضب عادي فإن الطلاق واقع، قد مضى عليها طلقتان ولك مراجعتها ما دامت في العدة، فإذا طلقتها بعد هذا مرة ثالثة حرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك.

    والواجب على المؤمن أن يتقي الله في كل شيء وأن ينظر في الأمر إذا أراد الطلاق، لا يعجل في الطلاق بل ينظر، فإن كانت الزوجة مستقيمة والحال مستقيمة فلا وجه للطلاق ولا ينبغي الطلاق، وهكذا إذا أمكن التعديل وأمكن العلاج فلا تنبغي العجلة في الطلاق، ثم إذا عزم على الطلاق فلينظر هل هي في طهر لم يجامعها فيه أو في حال حمل فلا بأس بالطلاق، إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه أو في حال حمل، أما إن كانت في طهر جامعها فيه أو في حال حيض أو في نفاس فلا يجوز الطلاق، فالواجب على المؤمن أن ينظر في هذه الأمور وألا يعجل في طلاقه لأهله بل ينظر ويتأمل وينظر في العواقب ولا يعجل، ثم ينظر في حال المرأة هل هي حبلى أو في طهر لم يجامعها فيه أو في حالة أخرى حتى يطلق على بصيرة، وحتى يكون طلاقه طلاقاً شرعياً موافقاً لما جاء به النص.

    1.   

    حكم زيادة الإمام ركعة في الصلاة وحكم متابعة المأموم له في ذلك

    السؤال: هذه رسالة بعث بها المستمع علي معيض موسى الزهراني من بلاد زهران، له سؤالان في رسالته، يقول في سؤاله الأول: صليت المغرب مع جدي وقد سبقني بركعة واحدة، وبدلاً من أن يجلس للتشهد الأخير بعد الثالثة نهض ليأتي بركعة زائدة فأمسكته بيدي وقلت: سبحان الله، ولكنه أصر على ذلك، وعندما جاء بهذه الركعة لم أسلم أنا ونهضت لأكمل صلاتي بركعة هي في العدد رابعة، ولم أحتسب ركعته الرابعة له والثالثة لي، وبعدما انتهت الصلاة قلت له: لم زدت ركعة؟ فقال: لكي تكمل صلاتك معي، جهلاً منه، فما حكم هذه الزيادة في صلاته من غير سهو وجهلاً منه بحكم ذلك، وماذا عليه فعله الآن؟ وما حكم صلاتي أنا حيث أنني زدت ركعة رابعة إذ لم أحتسب زيادته، وأيضاً سجدت للسهو جبراً للزيادة المعلومة؟

    الجواب: أما عملك أنت فقد أصبت حين نبهته وقلت: سبحان الله، وأمسكته ليجلس؛ لأن هذا هو الواجب عليه؛ أن يجلس إذا نبه ولا يأتي بالزيادة، وأنت الواجب عليك أن تجلس وتنتظر، فإذا سلم قمت وأتيت بالركعة التي فاتتك ولا تتابعه في الزيادة، هذا هو المشروع، إذا قام الإمام إلى رابعة في المغرب أو إلى ثالثة في الفجر أو إلى خامسة في الرباعية كالظهر فإن المأموم ينبهه يقول: سبحان الله سبحان الله، والمرأة تصفق، ويلزمه الرجوع، يلزم الإمام الرجوع إلا إذا كان عنده يقين أنه لم يخطئ وأنهم هم المخطئون وإلا فعليه الرجوع والجلوس حتى يكمل صلاته ثم يسلم، وعليه أن يسجد للسهو قبل ذلك؛ قبل أن يسلم سجدتين للسهو، فإن كان عنده يقين أنهم مخطئون وهو مصيب كمل صلاته وتممها، أما المأمومون فهم يعملون بيقينهم، فإن كان عندهم يقين أنه زائد جلسوا وانتظروه حتى يسلموا معه، وإن كان ما عندهم يقين تابعوه وكملوا معه؛ لأنه إمامهم وعليهم متابعته وليس لهم مخالفته إلا إذا كان عندهم يقين أنه مخطي فإنهم يجلسون ولا يتابعونه في الزيادة، وهذا الذي قام لخامسة أتى بركعة زائدة جهلاً منه من أجل أن تكمل معه الصلاة هذا صلاته صحيحة لأجل الجهل، مثل الذي قام لخامسة في الرباعية أو ثالثة في الثنائية أو رابعة في الثلاثية جهلاً منه يحسب أنه لا يرجع إذا قام واستوى قائماً، بعض الناس يظن أنه إذا استوى قائماً لا يرجع بل يكمل وهذا غلط من الجهل، فصلاته صحيحة لجهله ولكن ينبغي له أن يتعلم صلاته ويتفقه في صلاته حتى لا يعود إلى مثل هذا الجهل.

    والمقصود أنه إذا أتى بالخامسة أو بالرابعة في الثلاثية أو بالثالثة في الثنائية جهلاً أو نسياناً فصلاته صحيحة ولكنه يسجد للسهو إذا كان نسياناً، أما لو تعمد الخامسة في الرباعية أو الثالثة في الثنائية أو الرابعة في الثلاثية مثل المغرب وهو يعلم الحكم الشرعي وتعمد القيام، فهذا متلاعب وصلاته باطلة، ولكن غالباً هذا لا يقع تعمداً إنما يقع من أجل الجهل أو النسيان فتكون الصلاة صحيحة وعليه سجود السهو في مسألة النسيان، والمأموم عليه ألا يتابعه في الخطأ، إذا عرف المأموم أنه مخطي لا يتابعه، ولكن ينبهه ولا يتابعه لا في الزياة ولا في النقص، بل المأموم يعمل بيقينه، فإن كان الإمام زائداً جلس وإن كان الإمام ناقصاً قام المأموم يكمل ما عليه إذا لم يطاوعه الإمام، هذا هو الواجب على المأموم وهذا هو الواجب على الإمام كما سمعت. نعم.

    المقدم: لكن هو هذا الشخص الذي لم يحتسب هذه الركعة التي زادها الإمام ليكمل صلاته بها ثلاثاً وزاد عليها ركعة من عنده، هل فعله هذا صحيح؟

    الشيخ: نعم، لا يتابعه في الزيادة.

    المقدم: هو تابعه وزاد ركعة.

    الشيخ: المأموم لا يتابع في الزيادة.

    المقدم: تابعه في الزيادة وزاد على ذلك ركعة.

    الشيخ: هذا غلط جهلاً منه، القضاء يكون بعد السلام بعد سلام الإمام، فالركعة التي زادها قبل السلام لا تجزئ، ولكن بسبب الجهل لا تبطل صلاته وتكون التكملة بعد السلام، استقرت الشريعة أن القضاء يكون بعد السلام إلا في صلاة الخوف في بعض أنواع صلاة الخوف، وأما القضاء الشرعي المعتاد الذي بينه الرسول للأمة عليه الصلاة والسلام فيكون بعد السلام.

    المقدم: إنما ليس عليه إعادة الصلاة؟

    الشيخ: نعم، ليس عليه إعادة الصلاة.

    1.   

    حكم منع ولي المرأة الزوج من مراجعة زوجته في العدة

    السؤال: سؤاله الثاني يقول: إذا طلق الرجل امرأته طلقة واحدة شرعية ولم يراجعها قبل أن تنقضي عدتها، ولكنه أراد مراجعتها فقام وليها بدعوى ومشكلات بغية انتهاء العدة لكيلا أسترجعها إلا بعقد جديد وينال هدفه من ذلك، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الواجب على الولي أن يساعد على الخير وألا يقف حجر عثرة في طريق الرجعة، الزوج له أن يراجع ما دامت في العدة ولم يطلقها إلا طلقة واحدة أو ثنتين له أن يراجع ويشهد شاهدين على الرجعة، شاهدين عدلين على الرجعة وتثبت له الرجعة وإن عارضه وليها وإن أبى عليه وليها فإنه لا يضره ذلك، فعليه أن يشهد شاهدين عدلين أني راجعت زوجتي فلانة ما دامت في العدة، وتبقى زوجة له بهذه المراجعة، وعلى وليها أن يتقي الله وأن يمكن الرجل من زوجته إذا كانت الزوجة راضية بذلك، أما إن كانت الزوجة آبية وهناك خصومة فهذه ترجع إلى المحاكم، تراجع المحكمة هو وزوجته ووليها، والحاكم ينظر في الأسباب التي أوجبت النزاع، أما إذا كانت المرأة راضية والعدة لم تنته والطلاق واحدة أو ثنتين فإنه يراجعها ولو لم يرض الولي ولو لم ترض هي أيضاً، يشهد شاهدين أنه راجعها ما دامت في العدة والطلاق واحدة أو ثنتان له أن يراجع في هذه الحال وتثبت الرجعة وإن لم ترض الزوجة وإن لم يرض الولي، إذا أشهد شاهدين بذلك أو اعترفت المرأة بذلك، والولي ليس له أن يعارض بغير وجه شرعي، فعليه أن يساعد على الخير وليس له المعارضة إلا بوجه شرعي.

    1.   

    حكم طلاق المرأة قبل الدخول بها

    السؤال: هذا سؤال من المستمع (م. ح. ش. ع) من الأردن- عمان المفرق، يقول: أنا شخص عقدت على فتاة عقد زواج رسمي وفي يوم من الأيام غضبت من الأهل عندما كانوا يتكلمون معي في عمل يخص مخطوبتي فتلفظت بكلمة: طالقة، ورددتها ثلاث مرات دون أن تعلم هي.. وإلى الآن لم تعلم، فهل وقع الطلاق هنا وما نوعية الطلاق؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.

    الجواب: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فإنه يقع لها طلقة واحدة فقط، إذا كان لم يدخل بها إنما عقد ولكن لم يدخل بها فإنه يقع عليها طلقة واحدة وله العود لها بنكاح جديد بعقد جديد من غير حاجة إلى زوج جديد بل نكاح جديد يكفي، والطلاق الثاني والثالث لا يلحقها؛ لأن المرأة إذا لم يدخل بها لا يلحقها إلا طلقة واحدة تبينها بينونة صغرى، والطلاق الثاني والثالث لا يلحق؛ لأنها في عدة، وله العود إليها بنكاح جديد إذا رضيت بذلك كخاطب من الخطاب.

    المقدم: جزاكم الله خير الجزاء أيها الإخوة الكرام! في حلقتنا اليوم عرضنا رسائلكم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد أجاب جزاه الله خيراً على أسئلة الإخوة (م. ف. ي) من الكويت، والأخ علي معيض موسى الزهراني من بلاد زهران، وأخيراً على سؤال الأخ (م. ح. س. ع) من الأردن- عمان المفرق.

    أيها الإخوة الكرام! باسمكم جميعاً نتوجه إلى شيخنا الجليل بالشكر الجزيل على تفضله بهذه الإجابة، ونشكركم أيضاً على حسن إصغائكم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767986798