مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز !
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول المرسل صبار محمد السيد أخونا يسأل سماحتكم لو تكرمتم شيخ عبد العزيز عن صلاة التهجد، متى تكون؟ وهل هي في أول الليل أو في آخره؟ وما الحكم ما إذا قرأ فيها الإنسان بسورة يس أو تبارك من المصحف الشريف حتى لا يخطئ في القراءة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالتهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل كله تهجد والأفضل آخر الليل، لمن تيسر له ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) رواه مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم : (صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، قال: وهي أفضل الصلاة) وقال عليه الصلاة والسلام : (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر) متفق على صحته، هذا يدل على شرعية القيام آخر الليل وأنه أفضل، وأنه مظنة الاستجابة، يقول الرب جل: (من يدعوني فأستجيب له) وهكذا جوف الليل صلاة داود السدس الرابع والخامس كلها مظنة إجابة، وكلها محل فضل للصلاة والتهجد وذلك أفضل من أول الليل، لكن من كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل بعد صلاة العشاء، قبل أن ينام.
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة) هذا نزول يليق بالله لا يكيف، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، يوصف جل وعلا بالنزول والاستواء على العرش والكلام والإرادة والمشيئة والسمع والبصر وغير هذا من الصفات الواردة في القرآن العظيم والسنة الصحيحة، يجب وصفه بها سبحانه على الوجه اللائق به جل وعلا، من غير تشبيه له بخلقه، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] قال سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] قال سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74].
فالله جل وعلا لا مثيل له ولا كفء له ولا شبيه له سبحانه وتعالى، هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو ينزل نزولاً يليق بجلاله لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى إلى سماء الدنيا آخر الليل في الثلث الأخير، يقول جل وعلا: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) فنوصي باغتنام هذا الخير العظيم، ومن تيسر له قيام آخر الليل فهو أفضل، ومن لم يتيسر له ذلك فليوتر أول الليل، وأقل ذلك ركعة واحدة يوتر بها في أول الليل، أو في آخره، وكلما زاد فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى -يعني: ثنتين ثنتين- فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى) يعني: المتهجد بالليل يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، يقرأ فيها الحمد و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] هذا هو السنة.
وأفضل ذلك إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو وتر النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب كان وتره في الغالب إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة عليه الصلاة والسلام، ومن زاد وأوتر بأكثر من هذا فلا بأس، ليس له حد محدود، ولو أوتر بخمسين أو ستين أو مائة ركعة يسلم من كل ثنتين فلا بأس ويوتر بواحدة، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة هذا هو الأفضل وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع كله طيب، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، فإن سرد ثلاثاً وأوتر بها، أو خمساً وأوتر بها سرداً لم يجلس فيها إلا في الآخر فلا بأس، قد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وهكذا لو سرد سبعاً لم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، وإن جلس في السادسة وأتى بالتشهد الأول ثم قام وأتى بالسابعة كذلك هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثبت هذا وهذا عنه عليه الصلاة والسلام، سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان جلس في السادسة وتشهد ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة.
وهكذا سرد تسعاً جلس في الثامنة للتشهد الأول، تشهد التشهد الأول ثم قام وأتى بالتاسعة، ولكن الأفضل هو ما كان يغلب عليه عليه الصلاة والسلام وهو أن يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى) يعني: ثنتين ثنتين يسلم من كل ثنتين. وفق الله الجميع.
الجواب: العبث في الصلاة والحركة الكثيرة هذا واقع من بعض الناس، ونوصي إخواننا جميعاً من الرجال والنساء بالخشوع في الصلاة، وترك الحركة التي لا حاجة إليها لا بالملابس ولا باللحية، ولا بغير ذلك، ولا بالساعة، ولا بغير ذلك، السنة الخشوع، في الصلاة والطمأنينة فيها، وعدم الحركة قال الله عز وجل: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2].
والخشوع: هو الخضوع لله، والإقبال على الصلاة، وترك العبث، لكن إذا دعت الحاجة إلى أن يتقدم في الصف الذي قدامه لفرجة فلا بأس، أو دعت الحاجة أن يعدل عمامته -غترته- إذا خاف أن تسقط، أو ما أشبهها من الحاجات فلا بأس، مع الحرص على التقلل وعدم الإكثار، الحرص على أن تكون الحركة بقدر الحاجة.
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام يحمل أمامة بنت زينب ابنة بنته، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها، وصلى مرة على المنبر فلما فرغ من الركوع اعتدل نزل وسجد أسفل المنبر للتعليم لتعليم الناس وتوجيههم ليعلموا أن مثل هذا جائز، وفي صلاة الكسوف عرضت عليه الجنة فتقدم يتناول منها عنقوداً فلم يتيسر له ذلك، وعرضت عليه النار -وهو في صلاة الكسوف- فتأخر وتأخرت الصفوف، فإذا دعت حاجة إلى شيء من هذا فلا بأس، وإلا فالواجب الطمأنينة كونه يطمئن ويؤدي الصلاة بطمأنينة، خشوع، وعدم عجلة، مع قلة الحركة، حتى يكون بذلك قد أكمل صلاته واعتنى بها.
الجواب: أما زيارتهن في المستشفى أو في غير المستشفى على وجه صلة الرحم من غير خلوة ولا تهمة ولا ريبة فلا بأس، مع محرمها أو بحضرة نساء، كأمها وأخواتها المقصود على وجه ليس فيه ريبة، ولا خلوة، فلا بأس أما المصافحة فلا، ليس للرجل أن يصافح المرأة، إلا إذا كانت من ذوات المحارم كالأخت والخالة والأم.. ونحو ذلك، أما الأجنبية ولو كانت بنت عمه أو بنت خاله أو خالته ليس له أن يصافحها؛ لأن بنت العم أجنبية، بنت الخال أجنبية، بنت الخالة أجنبية، يجوز له أن يتزوجها، فالمقصود أن المصافحة لغير المحرم لا تجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) وقالت عائشة رضي الله عنها: (والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام) ولأن المصافحة قد تفضي إلى الفتنة والريبة والتلذذ.
المقصود أنها لا تجوز المصافحة لغير المحارم، أما المحرم كالأخت والعمة فلا بأس.
الجواب: يقول سبحانه في سورة المائدة: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] الآية، ويقول سبحانه في سورة البقرة: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة:225] والمعنى أن الأيمان التي تمر على الإنسان من غير قصد لا يؤاخذ بها ولا كفارة فيها، تجري على لسانه من دون قصد لعقدها في عرض كلامه: والله! ما صار كذا، والله! صار كذا، يتحدث من غير قصد اليمين، هذا هو اللغو في اليمين كما قالت عائشة وجماعة من السلف، لغو اليمين أن يقول الرجل: لا والله، وبلى والله، في عرض كلامه.
أما إذا قصد بقلبه ذلك يعني: أراد بقلبه اليمين على أنه ما يفعل كذا، أو أنه يترك كذا فهذا يؤاخذ بها إذا أخل بها عليه الكفارة؛ لأن الله قال: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225] وفي آية المائدة: بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ [المائدة:89] يعني: بما قصدتم من عقدها، وأردتم ذلك، فإذا قال: والله! لا أكلم فلان؛ قاصداً فإذا كلمه فعليه كفارة اليمين، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز ولم يستطع صام ثلاثة أيام.
أو قال: والله! ما أزور فلاناً، ثم زاره؛ عليه كفارة يمين، أو قال لزوجته: والله! ما تكلمي فلان، أو والله ما تخرجي من البيت اليوم، أو هذه الليلة، أو أبداً.. أو ما أشبه ذلك إذا خرجت عليه كفارة اليمين، وهكذا ما أشبه ذلك؛ لأن هذه أيمان مقصودة قد كسبها القلب، وعقدها صاحبها فيكون فيها الكفارة، والكفارة كما سمعتم في الآية الكريمة: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ [المائدة:89]، يعني: طعام الوسط، من تمر من الرز من الحنطة إذا كان معه إدام يكون أفضل، وهكذا إذا صنع لهم الطعام ودعوا إليه في البيت أو المطعم، غداء أو عشاء وجبة واحدة تكفي وجبة واحدة.
أو يكسوهم قميصاً أو إزار ورداء لكل واحد، يعني: قميص أو إزار ورداء، أو يعتق رقبة عبد أو أمة، فإذا لم يستطع هذه الثلاث انتقل إلى الصوم صام ثلاثة أيام والأفضل أن تكون متتابعة، ثلاثة أيام والأفضل تتابعها، وقال بعض أهل العلم يجب تتابعها، فالأفضل للمؤمن أن يتابعها هذه الثلاثة، عند العجز عن الإطعام والكسوة والعتق.
الجواب: هذا حكمه حكم اليمين، إذا قال: علي الحرام ما أكلم فلان علي الحرام ما آكل كذا، علي الحرام ما أسافر، وما أشبه ذلك هذا حكمه حكم اليمين، فيه كفارة اليمين، لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2] نزلت في تحريمه العسل، وفي قول آخر: أنه تحريمه مارية ، مملوكة له بسبب ما جرى بين أزواجه في ذلك: حفصة وعائشة وزينب في شأن العسل أو شأن الجارية، حلف وحرم أنه لا يقربها أو حرم أن لا يأكل العسل، فأنزل الله الآية المذكورة، وهي قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2] قال ابن عباس : معنى ذلك أن في الحرام كفارة اليمين، وهكذا قال جمع من أهل العلم.
إلا إذا قصد تحريم زوجته أي: إذا صار في نيته عليه الحرام من زوجته فهذا فيه كفارة الظهار، المذكورة في سورة المجادلة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، قبل أن يقربها، قبل أن يمسها. كل صاع يقسم بين اثنين، كل واحد له نصف الصاع، كيلو ونص كل واحد من التمر أو من الحنطة ستين مسكين يعطى كل واحد كيلو ونص، تسعين كيلو، ثلاثين صاع قبل أن يمسها.
أما إذا كان ما قصد الزوجة جرى على لسانه هكذا، أو قصد الامتناع من هذا الشيء ولم يقصد الزوجة، فهذا فيه كفارة اليمين كما تقدم.
الجواب: الأصل السلامة، تكمل التشهد وتسلم والحمد لله ما عليك شيء، لأن الأصل أنك أديته فالشك لا أثر له في هذا، لأنه قد مضى.
الجواب: إذا ذكر الركوع يقوم، إذا لم يكن قد سجد يقوم يقف ويركع، وإن كان قد سجد كذلك يقوم ويأتي بالركوع ثم ينتصب ثم يسجد بعد ذلك وعليه سجود السهو قبل أن يسلم، وإن سجد بعد السلام فلا بأس، لكن الأفضل في مثل هذا قبل السلام، فالمقصود أنه إذا هوى للسجود ثم تذكر أنه لم يركع ينتصب ويركع، وإن كان ذكر في السجود أو وهو جالس للتشهد يقوم ويأتي بالركوع ثم يرفع ثم يسجد ثم يكمل ثم يسجد للسهو.
الجواب: إذا سبقه من غير تعمد لا تبطل الركعة لكن يرجع فيركع بعده، إذا رفع قبله في الركوع والسجود ثم انتبه يعود ويركع معه أو بعده حتى يركع بعده ولا شيء عليه من أجل الجهل، أما إذا تعمد هذا فهو متلاعب تبطل صلاته نسأل الله العافية.
الجواب: ليس في السنة الصحيحة ما يدل على هذا، لكن إذا فعل بعض الأحيان وليس عادة فلا بأس، وأما اتخاذه عادة فلا أعلم له أصلاً، جاء في حديث ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله لكنه حديث ضعيف رواه الترمذي فالمقصود أنه إذا دعا إنسان أو رفع يديه بعض الأحيان وأمنوا على دعائه فلا حرج إن شاء الله لكن لا يتخذ عادة.
المقدم: جزاكم الله خيراً، أحياناً في نهاية الدعاء يقولون: بسر الفاتحة فيقرءون الفاتحة عسى أن يتقبل الله منهم ببركتها هذا الدعاء؛ فهل ما يفعلون صحيح؟
الشيخ: هذا لا أصل له، بسر الفاتحة لا أصل له، لكن قراءة الفاتحة أمام الدعاء والحمد لله والثناء عليه والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من أسباب الإجابة، فإذا قرأ الفاتحة أو حمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ولا حاجة أن يقول: بسر الفاتحة، بل يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ربه بما شاء من الدعوات الطيبة.
الجواب: الذكر الجماعي بدعة لا أصل له، وهكذا التلبية الجماعية المقصودة، كونهم يرفعون الصوت جميعاً ويخفضونه جميعاً، يبدءون جميعاً وينتهون جميعاً، كما يفعل بعض الناس في التلبية، وبعض الناس في الذكر هذا لا أصل له، بل بدعة؛ لأن العبادات توقيفية، العبادات توقيفية لا يفعل منها إلا ما جاء به الشرع، فالإنسان يلبي ويكبر من دون حاجة إلى أن يراعي نغمة أخيه وكلمة أخيه حتى يرفع معه وينتهي معه هذا لا أصل له، كل واحد يكبر يذكر الله يلبي والحمد لله، أما أن يتفقوا على أن يرفعوا التلبية جميعاً وينهوها جميعاً أو الذكر هذا شيء لا أصل له، والنبي عليه السلام قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وهكذا القراءة يقرءون جميعاً هكذا.
أما إذا كان في التعليم -تعليم الأطفال- يقرءون جميعاً حتى يتمرنوا ويتعلموا هذا -من باب التعليم- لا بأس.
الجواب: كل هذا لا بأس به، صلاة التراويح سنة مستحبة، والأفضل للإمام أنه يقرأ من أول القرآن وإذا تيسر له أن يختم ختم في الشهر، حتى يسمع الجماعة جميع القرآن، ويتحرى الصوت الحسن والترتيل وعدم العجلة ولا يقتصر على السور القصيرة بل يقرأ من المصحف من أول القرآن إلى آخره حتى يسمعهم كلام ربهم عز وجل وحتى لا يملوا، أما اقتصاره على السور القصيرة دائماً فهذا تركه أولى إذا استطاع أن يقرأ، أما إذا كانوا عامة لا يستطيعون فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] يقرءون ما تيسر ولو بالسور القصيرة والحمد لله، لكن إذا تيسر أن يقرأ القرآن كله أو ما تيسر منه يبدأ من الفاتحة من البقرة حتى ينهيه ويختم في العشر الأخيرة أو في آخرها هذا يكون أفضل حتى يسمع الجماعة جميع القرآن، ولو من المصحف لا حرج فيها والحمد لله.
الجواب: لا يجوز حلق الرأس للمرأة، بل يجب أن تبقي الرأس؛ لأنه جمال لها وزينة، وفرق بينها وبين الرجال، فليس لها حلقه حتى في الحج، إنما هي تقصر في الحج، وفي العمرة كذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس على النساء حلق وإنما يقصرن) فالرأس لهن جمال فليس لهن حلقه، إلا إذا كان علة مرض رأى الأطباء أن يزال، للمرض هذا شيء آخر، وإلا فليس لهن حلقه تساهلاً أو تقليداً للكفرة أو لغيرهم، لا، بل الواجب تربيته والعناية به، لما فيه من الجمال، لكن إذا خففت منه -قصرت منه- فلا بأس لطوله، أو لكثافته.
الجواب: ليس لأحد أن يزوج شخصاً لا يصلي، سواء كان شاباً أو شيخاً، وسواء كان قريباً أو بعيداً، هذا منكر، هذا ظلم للمرأة وخيانة، ولا يجوز لها أيضاً أن ترضى، ليس للولي ولا لها، ليس لهم جميعاً تزويج المرأة المسلمة المصلية لشخص لا يصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على أصح أقوال العلماء وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) فترك الصلاة منكر عظيم، وكفر ظاهر، فلا يجوز للمرأة أن تنكح كافراً بترك الصلاة أو بغير ذلك، المسلمة لا تنكح الكافر، يقول الله عز وجل: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] ويقول جل وعلا: وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [البقرة:221] فليس لوليها أن يزوجها إلا للمسلم، إذا كانت تصلي.
أما إذا كانت لا تصلي وتزوجها مثلها من لا يصلي صح وعليهما التوبة جميعاً والرجوع إلى الله، والقيام بالصلاة، هذا هو الواجب على الجميع وعلى الأولياء أن يعتنوا بهذا الأمر، وهكذا من اشتهر بشرب الخمر أو معاصي أخرى ينبغي لوليها أن يصونها عنه؛ لأنه قد يضرها قد يدعوها إلى هذا المنكر، فالولي يختار لها الرجل الصالح الطيب حسب الطاقة، حسب الإمكان، وأما تارك الصلاة فلا يجوز أبداً تزويجه لأن تركها كفر نسأل الله العافية.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين. مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم -يا مستمعي الكرام- شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر