مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ: عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: شيخ عبد العزيز نبدأ هذه الحلقة لو تكرمتم بالعودة إلى إجابة أخينا آدم سمسم برينو السوداني حيث سأل عن الكيفية الصحيحة للصلاة، وقد شرعتم جزاكم الله خيراً، وبينتم الوصف الذي يحسن بالمسلم أن يسير عليه ووصلتم إلى القيام من الركوع، فحبذا لو تفضلتم وأكملتم ما بدأتم جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد سبق لنا أن تكلمنا على صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام تحقيقاً لما سأل عنه السائل المذكور، وانتهينا إلى ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم بعد رفعه من الركوع، وما كان يقوله عليه الصلاة والسلام وانتهينا إلى أن المأموم إذا رفع يقول: ربنا ولك الحمد ولا يزيد سمع الله لمن حمده، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح، ويكمل على الحمد فيقول: حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد -وكلنا لك عبد-: اللهم لا مانع لما أعطيت ولما معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، إن تيسر له ذلك، فإن كبر الإمام تابعه وترك البقية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإذا ركع فاركعوا).
ويستحب للإمام والمنفرد والمأموم أن يقولوا في السجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي كالركوع، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، ويكثر من الدعاء أيضاً في السجود يقول عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)، يعني: حري أن يستجاب لكم، ويقول عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، فيشرع للمؤمن والمؤمنة في السجود الإكثار من الدعاء، سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً يدعو بما تيسر ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: (اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره وعلانيته وسره)، هذا من دعائه عليه الصلاة والسلام، (اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره، وعلانيته وسره)، ومن الدعاء الذي يحسن في هذا المقام، ما ثبت في الصحيحين عن الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول في صلاته: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، هذا من أفضل الدعاء، في السجود بين السجدتين في آخر الصلاة، في غير الصلاة: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، الصديق سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا رسول الله: علمني دعاءً أدعو به في صلاتي؟ -وفي رواية-: وفي بيتي، قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، فإذا دعا بهذا في السجود أو بين السجدتين أو في آخر الصلاة فكله حسن.
ومن الدعاء أيضاً الحسن في هذا المقام: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة، كان هذا من دعائه المعروف -اللهم صل عليه وسلم- وإذا دعا له الإنسان في السجود أو في آخر الصلاة، وهكذا في خارجها، فهو دعاء عظيم، والعبد في أشد الحاجة إليه: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، ويدعو الإنسان بما تيسر، سوى ما ذكر من الدعوات الطيبة حتى يرفع إمامه -إن كان مأموم- والإمام يدعو على وجه لا يشق على المأمومين والمنفرد كذلك.
والسنة للساجد: أن يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، يكون معتدل في السجود، ويرفع ذراعيه عن الأرض يعتمد على كفيه، يبسط كفه في الأرض ويمد أصابعه إلى جهة القبلة، ضاماً بعضها إلى بعض، رافعاً ذراعيه مفرجاً عضده عن جنبه، رافعاً بطنه عن فخذه، وفخذيه عن ساقيه، هكذا السنة، معتمداً على بطون الأصابع -أصابع رجليه- ماداً للأصابع إلى جهة القبلة، هكذا كان يسجد عليه الصلاة والسلام.
والواجب عليه أن يسجد على الأعظم السبعة يعني: على وجهه وكفيه وركبتيه وقدميه، هذا ركن لابد منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة وأشار إلى أنفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين)، فلابد من هذا في السجود للرجل والمرأة، للإمام والمأموم والمنفرد جميعاً.
أما كيف ينحط إلى السجود، فقد جاء في هذا سنتان عن النبي صلى الله عليه وسلم:
إحداهما: أنه: (ينحط على ركبتيه ثم يضع يديه ثم جبهته وأنفه في الأرض)، هذا جاء من حديث وائل بن حجر عند أهل السنن بإسناد حسن، وله شاهد من حديث أنس ، وله شاهد من حديث أبي هريرة في النوع الثاني.
والنوع الثاني: أنه ينحط على يديه أولاً، ثم ركبتيه بعد ذلك، وهذا جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه)، قال جماعة من العلماء ما معناه: أنه يبدأ بيديه؛ لأن البعير يبدأ بركبتيه وهي في يديه، هذه سنة وهذه سنة، ولا مشاحة في ذلك إن سجد على ركبتيه فحسن، وإن سجد على يديه فحسن، لمجيء الحديثين بذلك.
لكن الأظهر والأقرب أن الأفضل السجود على ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل والأقرب وهو المخالف لهيئة البعير، وهو الموافق لأول الحديث (لا يبرك كما يبرك البعير)؛ فإن: بروك البعير يبرك على يديه، فإذا قدم المؤمن يديه فقد شابه البعير، فالأفضل أن يقدم ركبتيه التي في رجليه، ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل وهذا أرجح السنتين.
وأما قوله في حديث أبي هريرة : (وليضع يديه قبل ركبتيه)، هذا صريح، لكن قال بعض أهل العلم: لعله وقع فيه انقلاب، وأن الصواب: (وليضع ركبتيه قبل يديه)، فانقلب على بعض الرواة، وهو محتمل؛ لأن آخره، لا يوافق صدر الحديث العجز لا يوافق الصدر، فإن في الصدر (لا يبرك كما يبرك البعير) والبعير يبرك على يديه، وقوله: (وليضع يديه قبل ركبتيه)، ظاهره مخالفة صدر الحديث فيظهر من هذا أن الحديث فيه انقلاب، وهو أن الصواب: (وليضع ركبتيه قبل يديه)، فيكون بهذا موافقاً لحديث وائل ، وينتهي الخلاف والإشكال.
وبكل حال فالحمد لله الأمر واسع إن سجد على ركبتيه كما دل عليه حديث وائل فحسن، وإن سجد على يديه فالأمر واسع في ذلك، والحمد لله.
ولا ينبغي في هذا المشاحة والمشاقة والنزاع، ولكن الأفضل والأرجح والأقرب: أنه يسجد على ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، على حديث وائل ، والأقرب والأظهر أن حديث أبي هريرة لا يخالف حديث وائل ، ولكنه يوافقه في المعنى، ولكن حصل في عجزه انقلاب، ويظهر أن الحديث (وليضع ركبتيه قبل يديه)، وبهذا يجتمع الحديثان، وهذا أظهر قولي العلماء في الموضوع.
ثم يرفع من السجود جالساً على رجله اليسرى ناصباً اليمنى بين السجدتين، ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني يدعو بما تيسر ومن ذلك: رب اغفر لي، رب اغفر لي، (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني) كما جاء في الأحاديث، يفرش اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى، هذا هو الأفضل، وكيفما قعد أجزأ، وإن جلس على عقبيه فرش رجليه وجلس على عقبيه فلا بأس، كما جاء في حديث ابن عباس : وهذا إقعاء لا بأس بالجلوس عليه، إقعاء خاص، وهو الجلوس على العقبين، ولكن الأفضل وهو الذي جاء في الأحاديث الكثيرة: أنه يفرش اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى، هذا هو الأفضل ويضع يديه على فخذيه وأطرافها على ركبتيه يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني كيفما دعا بالمغفرة جاز، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم اغفر لي وللمسلمين، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً.. إلخ.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل هذه الجلسة كما كان يطيل ما بعد الركوع عليه الصلاة والسلام، حتى يقول القائل: قد نسي، ولكن يلاحظ الإمام ألا يشق على الناس، لكن لا ينبغي أن يفعل مثل بعض الناس من جهة العجلة بعض الناس يعجل ولا يستقر، بعد الركوع، ولا بين السجدتين وهذا غلط.
المشروع أن يطمئن ولا يعجل بين السجدتين وبعد الركوع حال قيامه بعد الركوع اقتداءً بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، وتأسياً به عليه الصلاة والسلام، ثم يسجد الثانية قائلاً: الله أكبر، من دون رفع اليدين في السجود، فيسجد كما سجد في الأولى، ويضع يديه حيال منكبيه أو حيال أذنيه ماداً أصابعهما إلى القبلة ضاماً بعضها إلى بعض رافعاً بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه، مجافياً عضديه عن جنبيه كما تقدم، في هذه السجدة كالتي قبلها ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ويدعو بما تيسر في سجوده كما تقدم.
وناسب هنا: ربي الأعلى لأنه حال خضوع وذل وتسفل حتى وضع وجهه على الأرض، فناسب أن يقول: سبحان ربي الأعلى، الذي فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق، وهو فوق العرش، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى، وهو في جهة العلو عند أهل السنة والجماعة، فوق جميع الخلق، كما قال سبحانه الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، والله سبحانه وتعالى هو العلي العظيم، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [غافر:12] يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55]، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158]، في آيات كثيرة كلها دالة على علوه سبحانه وتعالى فوق جميع الخلق فوق العرش، وأنه استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، والاستواء هو العلو والارتفاع، وعند أهل السنة أنه استواء يليق بالله لا يشابه الخلق في شيء من صفاته، كما قال عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، وفي الركوع يقول: سبحان ربي العظيم، لما كان الركوع حال ذل وخضوع، ناسب أن يقول: سبحان ربي العظيم، الذي هو أعظم شيء سبحانه وتعالى، وهو العزيز وهو الجبار وهو العظيم وهو القدوس، فناسب في الركوع أن يقول: سبحان ربي العظيم تنزيهاً لربه عن الذل وأنه العزيز الذي لا أعز منه سبحانه وتعالى، العظيم الذي لا أعظم منه.
وفي السجود يقول: سبحان ربي الأعلى؛ لأنه العالي فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، ثم يرفع إلى الركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الأولى كما تقدم، لكن ليس فيها استفتاح، الاستفتاح في الأولى فقط، أما هذه يرفع ثم يقرأ الفاتحة، يسمي الله ويقرأ الفاتحة، وإن تعوذ فلا بأس، والاستعاذة في الأولى كافية، لكن إن عاد للاستعاذة فلا بأس، ثم يسمي ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ سورة أو آيات دون الأولى كما تقدم، وثم يركع كما ركع في الأول كما تقدم، ثم يجلس، ثم يسجد سجدتين كما تقدم ثم يجلس للتشهد الأول على رجله اليسرى ينصب اليمنى، مثل جلوسه بين السجدتين، ويقرأ التحيات، التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا بأس جاء هذا وهذا، جاء ذكر (وحده لا شريك له)، وجاء أحدها أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فإن شاء رفع وإن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فهو أفضل، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرفع، يقوم للثالثة؛ لأن الأحاديث عامة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم قال: يكتفي بالشهادة ويقوم، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ثم يرفع قائلاً: الله أكبر، ويرفع يديه مثلما رفع عند الإحرام وعند الركوع، والرفع منه يرفع يديه قائلاً: الله أكبر إلى الثالثة، ثم بعد استتمامه قائماً يقرأ الفاتحة وحدها ثم يركع كما فعل في السابق، ثم يسجد كما في السابق هكذا، وهكذا في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء وفي الثالثة من المغرب، يقرأ الفاتحة ويركع كما تقدم، ويقول في الركوع كما تقدم، ويرفع كما تقدم، ويقول في الرفع ما تقدم، ويسجد في السجود كما تقدم، ويقول في السجود كما تقدم سواءً بسواء، لكن في الظهر والعصر والعشاء ركعتين بعد التشهد الأول، وفي المغرب ركعة واحدة، وفي الفجر الصلاة ركعتان فقط ليس فيها تشهد أول أو آخر، بل ليس فيها إلا تشهد واحد، الفجر والجمعة والعيد، والاستسقاء، كل منها ركعتان، ليس فيها إلا تشهد واحد يأتي بالتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو، وهكذا في التشهد الأخير في المغرب والعشاء والظهر والعصر، يأتي بالتحيات كما تقدم، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم ثم يدعو، يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال كما جاء به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بذلك أيضاً فيقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ، ويدعو بما أحب فيها: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت اللهم أني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر، كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً أن يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك قال: يا معاذ ! إني لأحبك، يقول له صلى الله عليه وسلم: (يا
ثم ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه إذا كان إماماً، وإذا أعطاهم وجهه يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، ويستحب للجميع أيضاً أن يأتوا بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين مرة (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر) ثلاثاً وثلاثين مرة، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ويستحب مع هذا أن يقرأ آية الكرسي أيضاً بعد كل صلاة، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] مرة واحدة، بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد المغرب والفجر.
وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يوفق جميع المسلمين للأخذ بالسنة، والاستقامة عليها والسير عليها، والتواصي بها إنه سميع قريب.
الجواب: لا بأس أن يدعو للميت في الصلاة وفي خارج الصلاة، يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي في التحيات، بين السجدتين، في السجود، اللهم اغفر لأخي فلان، اللهم اغفر لشيخي فلان، اللهم اغفر لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وارض عنهم، اللهم صل على رسول الله واجزه عنا خيراً .. وهكذا يدعو لمن شاء من المسلمين، في سجوده في آخر الصلاة بين السجدتين محل دعاء حياً أو ميتاً.
الجواب: الاعتكاف سنة، وهو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل للتفرغ للعبادة، في الليل أو النهار، ساعة أو يوماً، أو ليلة أو أياماً أو ليالي، سنة كما قال الله جل وعلا: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه اعتكف العشر الأواخر من رمضان، وفي بعض السنوات تركها، لبعض الأسباب، واعتكفها في العشر الأول من شوال فهو سنة وفي رمضان أفضل، في رمضان وفي العشر الأخيرة أفضل، وإن اعتكف في غير رمضان كشوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة أو المحرم أو غير ذلك فلا بأس، سنة مطلقة في جميع الزمان، لكن في المساجد خاصة، التي تقام فيها الجماعة وإذا كان يمر عليه جمعة بأن كانت المدة أكثر من أسبوع، فالأفضل أن تكون في مسجد فيه جمعة، الأفضل أن يكون الاعتكاف في مسجد فيه جمعة حتى لا يحتاج الخروج إليها، فإن اعتكف في مسجد آخر ليس فيه جمعة فلا بأس، إذا جاءت الجمعة يخرج إليها، فالمعتكف يقصد بعبادته وجه الله عز وجل، والتفرغ للعبادة والأنس بالله عز وجل.
ولهذا قال بعضهم: الاعتكاف إنه قطع العلائق عن كل الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، والخلاصة: أنه تفرغ للعبادة للذكر، والدعاء والعبادة في المسجد ولا بأس أن يزوره أهله كما كانوا يزوروا النبي صلى الله عليه وسلم ولا بأس أن يزوره بعض إخوانه، ولكن مقصوده أن يتفرغ للعبادة من صلاة، وقراءة، واستغفار، ودعاء.. ونحو ذلك، وليس له حد محدود ولو ساعة من الزمان، ولا يشترط له الصوم، لو اعتكف وهو مفطر فلا بأس على الصحيح، قال بعض أهل العلم: لابد أن يكون صائماً، ولكن ليس براجح، هذا جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: لا اعتكاف إلا بصوم، وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: ليس على المعتكف صوم إلا أن يجعله على نفسه -يعني: إلا أن ينذره- ، المقصود أنه ليس بشرط هذا الصواب، لأن: العبادات توقيفية، فلا يشترط فيها إلا ما شرطه الشارع، إلا ما جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام: وليس في الأدلة ما يدل على وجوب الصوم للاعتكاف، فالصواب: أنه لا بأس أن يعتكف وإن كان مفطراً، ولا بأس أن يكون ليلاً أو نهاراً، وقد ثبت (عن
المقدم: شيخ عبد العزيز.
الشيخ: نعم.
المقدم: أيضاً انتهى وقت هذه الحلقة، إذا بقي شيء فأرجو أن تتاح لنا فرصة في جلسات قادمة
الشيخ: انتهى انتهى، بحث الاعتكاف انتهى الحمد لله.
المقدم: انتهى هذا البحث؟
الشيخ: بحث الاعتكاف انتهى.
المقدم: جزاكم الله خيراً
مستمعي الكرام: كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجلها لكم أخونا: سليمان اللحيدان .
شكراً لكم جميعاً. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر