إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (916)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    السؤال: أختنا تقول: إني متحجبة ولكن لا أغطي فمي وأنفي فهل هذا حرام؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الصواب وجوب تغطية الوجه؛ لأنه عنوان المرأة جمالاً ودمامة، وقد اختلف الناس في ذلك.

    والصواب هو أنه يجب أن تغطي المرأة وجهها جميعاً؛ لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في سورة الأحزاب: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، ولم يستثن سبحانه الوجه ولا غيره.

    وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]، والجلباب يغطى به الرأس والبدن والوجه والأيدي هو عام، وكذلك قوله جل وعلا: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية. وفي أولها يقول سبحانه: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، فقوله سبحانه: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] قد تعلق بعض أهل العلم وقالوا: إن المراد بذلك الوجه والكفان، ولكن هذا ليس بصحيح، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إن المراد بذلك الملابس الظاهرة، وقال ابن عباس رضي الله عنه -فيما روي عنه-: (إن المراد به الوجه والكفان)، قال بعض أهل العلم: إنما أراد ابن عباس قبل النسخ ونزول آية الحجاب، حيث كانت المرأة يباح لها إظهار الوجه والكفين، وبعد ما نزلت آية الحجاب منعت من ذلك وهذا هو الأقرب والأظهر فيما رآه ابن عباس أن المراد يعني: فيما مضى قبل نزول آية الحجاب، أما بعد نزول آية الحجاب فالوجه داخل في الزينة التي قال الله فيها: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31] الآية، ثم يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل في غزوة الإفك، لما سمعت صوته قالت: (خمرت وجهي)، قالت: (وكان قد رآني قبل الحجاب)، فهذا يدل على أنهم بعد الحجاب مأمورون بتخمير الوجه.

    والأمة تبع لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، الحكم للجميع.

    فالحاصل أن الأرجح والأظهر من الأدلة الشرعية هو وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها وبقية بدنها؛ لأنها عورة وفتنة، والله سبحانه وتعالى أرشدها إلى أسباب النجاة وأسباب السلامة والعفة، حتى قال في آخر الآية: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31]، قال أهل العلم: معناه أنها لا تضرب برجلها حتى يسمع صوت الخلخال لأن السامع قد يفتن بذلك، وأما قوله سبحانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]، معنى الخمر: ما يغطى به الرأس، فضرب الخمار على الجيوب، معناه على الوجه والرأس لأن الجيب مدخل الرأس، هذا الجيب -من الجوب وهو الشق- وجيوبهن: مدخل الرأس، فالمعنى: ليضربن بخمرهن على موضع الجيب وذلك هو الرأس والوجه، هو موضع الجيب فإنه يخرج من الرأس ويبدو منه الوجه، هذا هو محل التخمير، وأما قول بعضهم: إنه لم يقل: على وجوههن، فلا يحتاج إلى هذا؛ لأنه لو قال: على وجوههن لقال آخرون: لما لم يقل على رءوسهن، فيبقى الأمر أيضاً يحتاج إلى أن يقول: على رءوسهن وكلام الله أحكم وأعظم سبحانه وتعالى، فقال: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] يعني: على محل الجيب وهو الرأس والوجه هو الذي خرج من الجيب، وشق من أجله الجيب، فيخرج الرأس من هذا المحل، فيغطى بالخمار الذي هو ستر الرأس والوجه، وما قد يبدو من الصدر.

    وأما حديث الخثعمية وأن الفضل نظر إليها وصرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل، فليس في حديث الخثعمية أنها كانت سافرة كاشفة وجهها، بل الأظهر والأصل في ذلك أنها ساترة وجهها، ولو فرضنا أنها سافرة لكان هذا في الإحرام، وقد قال بعض أهل العلم: إنه يجوز لها كشف وجه في الإحرام، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)، قالوا: نهيها عن النقاب يقتضي إسفارها، فيكون هذا في حال الإحرام وهي قادمة من مزدلفة ما بعد رمت الجمرة ولا بعد تحللت، فلو فرضنا أنها كاشفة لكان هذا في الإحرام، مع أن الصواب أن المحرمة تستر وجهها بغير النقاب، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع إذا حاذانا الرجال سدلت إحدانا خمارها من فوق رأسها على وجهها، فإذا بعدوا عنا كشفنا)، هكذا روي عن أم سلمة أيضاً.

    فالمقصود أن هذا يدل على أنهن يسترن بغير النقاب، وهو الخمار الذي يوضع على الرأس والوجه أما النقاب فهو شيء يصنع للوجه ويخاط للوجه يقال له: النقاب ويقال له: البرقع، يجعل على الوجه، هذا هو الذي يمنع منه، تمنع منه المحرمة أما كونها تستر وجهها بغير ذلك فهذا باق على أصله مأمورة به، حذراً من الفتنة وسداً لباب الفتنة.

    وبهذا يعلم القارئ ويعلم المؤمن أنه ليس فيما ادعاه من رأى الكشف، ليس في حديث الخثعمية حجة في ذلك، والصواب أنها ليست سافرة، ولو فرضنا أنها سافرة لكان ذلك في حال الإحرام، والمحرمة قد قال بعض أهل العلم بأنها تكشف وجهها فلا حجة في ذلك في كشفه خارج الإحرام، والصواب أنها لا تكشف لا في الإحرام ولا في غيره وأن حديث الخثعمية ليس فيه صراحة بأنها سافرة، وإنما النظر يمكن أن تنظر إليه وينظر إليها من دون كشف الوجه، فالنظر ممكن بأن تدير وجهها إليه ويدير وجهه إليها، إما لحسن صوتها وأدبها حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما لأسباب أخرى، ولا يلزم من ذلك أن تكون سافرة الوجه، كما أنه لا يلزم منه أن تكون كاشفة الرأس أيضاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086773546

    عدد مرات الحفظ

    768856176