مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ: عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة المستمع من حضرموت: (م. هـ. ع. ق) أخونا عرضنا له سؤال في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة بقي له سؤال على منوال السؤال الأول في الطول والموضوع، يقول: تقام زيارة لقبر أحد الأولياء كما يزعم العامة والله أعلم، واسمه علي بن محمد الحبشي، وتسمى هذه الزيارة بزيارة الحول، ويمكثون على قبره الموجود تحت قبة إحدى عشرة ليلة، يصلون على المقابر حيث الإمام داخل المقبرة المحيطة بالقبة، ويمتد الجمع وخاصة المغرب والعشاء إلى مساحة خارج المقبرة، ويأمر الإمام من يصلي على المقبرة بفرش ردائه، وفي اليوم الثامن يجتمع الناس من الرجال والنساء حيث الاختلاط وانتهاك الأعراض حاملين ثوباً على النعش من بيت أهل الولي إلى تابوت قبر الولي بالقبة بالطبول والأناشيد، ثم يلبسون ذلك التابوت، مع العلم بأن التابوت مرتفع بقدر متر تقريباً، ويتمسحون بالثوب والتابوت والقبة سائلين الولي قائلين: يا علي يا علي بما يسأل الله به، وفي اليوم العاشر تكون الوقفة تشبهاً بالحج، يقفون في ذلك المكان وتلقى الكلمات عن ذلك الولي وكراماته، وإذا نصحنا بعدم فعل ذلك وأنه من البدع والشرك، قالوا: أنتم أهل البدع الخارجين عن اتباع السلف، وأنتم تكرهون الأولياء، ما رأي الشرع في ذلك؟ وبم تنصحون هؤلاء ، جزاكم الله خيراً ومتع بوجودكم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فينبغي أن يعلم أن شد الرحال للقبور من المنكرات التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام.
فالرحال لا تشد إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وبيت المقدس، هذه هي المساجد الثلاثة التي يشد لها الرحال، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).
ثم الذهاب إلى من يسمونهم بالأولياء للجلوس عند قبورهم، وطلب المدد منهم أو الشفاء أو النصر على الأعداء كل هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يجوز سؤال المخلوق، سواء سمي ولي أو ما سمي ولي، لا يجوز سؤاله ولا طلب شفاء المرضى منه ولا طلب المدد؛ لأن هذا إلى الله سبحانه ليس إلى الأولياء ولا إلى الرسل.
ولا يطلب منهم مثل هذا الطلب، ولا يتمسح بقبورهم ولا التبرك بها، ولو سموا أولياء ولو كانوا صالحين ولو كانوا أنبياء لا يجوز هذا في القبور، وهذا هو عمل المشركين الأولين وعمل أهل الجاهلية مع القبور.
فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور وأن لا يفعلوها وأن ينكروها على من فعلها من العامة، وأن لا يغتروا بما درج عليه الأسلاف والآباء من الشرك الأكبر، فالبناء على القبور واتخاذ القباب عليها منكر لا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بتسوية القبر إذا رفع يأمر بتسويته، قال عليه الصلاة والسلام لـعلي رضي الله عنه: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) معنى (سويته): أي: نقضته وهدمته حتى يستوي بالأرض ما يبقى إلا علامة القبر قدر شبر ونحوه ،هكذا شرع الله القبور أن ترفع قدر شبر من الأرض حتى يعرف أنها قبور لا توطأ ولا تمتهن، ولا يبنى عليها لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك.
يقول جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها) فلا فرق بين قبر ولي أو نبي أو غيرهما.
ولا يجوز لأحد أن يتبرك بالقبور، أو يتخذها أعياداً، أو يسألها شفاء المرضى أو المدد والعون، أو النصر على الأعداء، أو البركة في الأولاد أو في الطعام أو ما أشبه ذلك كل هذا لا يجوز.
وهذه الإقامة عند قبر هذا الشخص منكرة وبدعة ومن أسباب الشرك، سواء كان إحدى عشر يوم أو أقل أو أكثر، إنما المشروع للمسلم أن يزور القبور ويسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف، إذا كانوا مسلمين يزورهم للسلام عليهم والدعاءالدعاء لهم، ما هو طلب الدعاء من .. دعاؤهم من دون الله لا، الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، هم محتاجين للدعاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية) ، وكان إذا زار القبور عليه الصلاة والسلام يقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون، وأتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه زار قبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: (السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر).
هكذا الزيارة الشرعية، سلام على المقبورين ودعاء لهم بالمغفرة والرحمة والعافية، أما أن يدعون مع الله، يقول: اشفعوا لنا، انصرونا، المدد المدد، هذا منكر هذا لا يجوز، هذا الشرك الذي فعله قريش فعلته قريش وغيرها.
فالواجب على المسلم الانتباه واليقظة والحذر من أعمال الشرك.
ثم النساء لا يزرن القبور، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور للنساء، ولعن زائرات القبور من النساء، إنما الزيارة للرجال للقبور خاصة، يزورونها ويدعون لأهلها بالمغفرة والرحمة، أما النساء فلا يزرن القبور، والحكمة من ذلك والله أعلم لأنهن قد يفتن أو يفتن ولقلة صبرهن أيضاً.
فمن رحمة الله أن نهاهن عن زيارة القبور، ويكفي أن يدعون لأمواتهم في بيوتهم، يدعون للأموات .. يترحمون عليهم وهم في البيوت، لا حاجة إلى زيارة القبور، إنما الزيارة للرجال، ولهذا في الحديث الصحيح: (لعن رسول الله زائرات القبور) فلا يجوز للنساء أن يذهبن إلى القبور، ولا يجوز للرجال أن يتوجهوا إلى القبور لقصد التبرك بالمقبورين، أو دعائهم، أو الاستغاثة بهم، أو طلبهم المدد، أو الصلاة عند قبورهم لا هذا منكر، بل هو من المحرمات الشركية، والصلاة عند القبور بدعة، وإذا كان يصلي للميت ويطلبه من دون الله صار شركاً أكبر نسأل الله العافية.
فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور الشركية، ومن هذه البدع التي أحدثها الجهال الذين ما فهموا الشريعة ولا فقهوا فيها، ونسأل الله للجميع الهداية.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً. سماحة الشيخ من خلال ما عرض على سماحتكم من الرسائل التي تصل إلى هذا البرنامج، ظهر ظهوراً واضحاً أن عالمنا الإسلامي مليء بأشياء وأشياء مخالفة للدين، من ذلك هذا التصوف ومن ذلك هذا التبرك بالقبور، وبما يسمونهم بالأولياء وما أشبه ذلك، يبدو أن الأمر يحتاج إلى محمد بن عبد الوهاب من جديد.
الشيخ: لا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى المصلحين، يحتاج إلى دعاة الهدى، الذين يتصدون لهذه الأمور بالدعوة إلى الله، وتبصير الناس وتوجيههم، وإلى أئمة وقادة يزجرونهم عن الباطل بالقوة، ويأخذون على أيدي السفهاء، ويلزمونهم بالحق كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في هجرته صلى الله عليه وسلم وفي مكة عليه الصلاة والسلام، وهكذا قام خلفاؤه الراشدون، وهكذا دعاة الإصلاح في كل زمان ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في زمانه، وابن القيم في زمانه، وأشباههم من دعاة الهدى، ثم جاء دور الشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في القرن الثاني عشر فقام بهذا الواجب ودعا إلى الله، وأرشد الناس إلى توحيد الله، وأنكر الشرك الذي يوجد في نجد ثم في الحجاز، أنكر ذلك ودعا إلى الحق، وهكذا أنصاره من العلماء والأخيار ومن دعاة الهدى في نجد والحجاز وفي اليمن قاموا بهذا الواجب ونصروا الحق، ودعوا إلى الله سبحانه وتعالى، وأرشدوا الناس إلى توحيد الله، وحذروهم من عبادة القبور والأشجار والأحجار والجن، وهكذا كل مصلح يجب عليه أن يفعل هذا العمل بالدعوة إلى الله والتوجيه، وبالجهاد الشرعي والقوة التي تردع المجرم إذا لم يرتدع بالكلام والدعوة، فإنه يحتاج إلى الردع بالقوة بالتأديب بالسجن بقتل المرتد إلى غير ذلك مما قام به نبينا صلى الله عليه وسلم، وقام به خلفاؤه الراشدون والأئمة بعدهم المهديون والله المستعان، نعم.
المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيراً. شيخ عبد العزيز الكثير والكثير من المفكرين يثنون على المؤتمرات ويقولون: إنها تكون الرأي العام لدى الأمة، ما رأيكم لو عقد مؤتمرات همها التوحيد، الدعوة إلى توحيد الله.
الشيخ: هذا من أهم المهمات الدعوة إلى توحيد الله هي أهم المهمات، والتوحيد هو أصل الدين وأساس الملة، فلو عقد مؤتمرات بين وقت وآخر في بلاد المسلمين بين علماء الحق لإيضاح هذه الأمور وبيانها للناس لكان هذا من أهم المهمات ومن أفضل القربات، ويكون المقصود الأول من عقد المؤتمر بيان حقيقة التوحيد، بيان معنى: لا إله إلا الله، بيان ما بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام من تحقيق التوحيد وإنكار الشرك، حتى يفهمه الناس، وحتى يعقله الناس الذين جهلوه في بلاد المسلمين وفي غيرها.
هذا ينبغي أن يسعى فيه، وأن تبذل فيه الجهود؛ لأن فيه مصالح عظيمة وأي مصلحة أعظم من مصلحة التوحيد، الذي هو أصل الدين وأساس الملة، نسأل الله أن يعين على ذلك، ونسأل الله أن يمن بذلك، ولعلنا نستطيع شيئاً من ذلك في هذا الموضوع إن شاء الله، نعم.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً. كدت أقول: لماذا الشيخ عبد العزيز بن باز لا يتبنى هذه الفكرة.
الشيخ: هذا من المهمات نسأل الله أن يعين على ذلك.
الجواب: تعليق التمائم من المحرمات الشركية، والتمائم: هي ما يكتب في الرقاع من خرق، أو قراطيس، أو رقاع من الجلد أو غير ذلك، يكتب فيها طلاسم لا تعرف معناها، وربما يكتب فيها أسماء لبعض الشياطين بعض الجن، وربما كتب فيها دعوات أو آيات، ثم تعلق على المريض أو على الطفل، يزعمون أنها تدفع عنهم الجن، وبعضهم يعلقها لدفع العين، وكانت الجاهلية تفعل ذلك تعلق التمائم على الأولاد والأوتار على الإبل، ويزعمون أنها تدفع عنهم البلاء، وهذا من الجهل بالله وقلة البصيرة.
ولهذا أمر النبي بقطع التمائم عليه الصلاة والسلام وقال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك).
ونهى عن تعليق الأوتار على الدواب، وبعث في الجيوش من يزيل ذلك ويقطع الأوتار التي تعلق على الإبل أو الخيل.
فالمقصود أن تعليق الأوتار والتمائم أمر كان معروفاً في الجاهلية، فنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله.
والتعليق للتمائم والأوتار عند أهل العلم من الشرك الأصغر إذا كان قصد المعلق أنها سبب، أما إذا كان قصد المعلق أنها تدفع بنفسها وأنها تصرف السوء بنفسها هذا شرك أكبر نعوذ بالله.
وهناك مسألة اختلف فيها العلماء، وهي ما إذا كانت التمائم من القرآن أو من الدعوات الطيبة وليس فيها طلاسم ولا شركيات ولا أشياء منكرة، هل تجوز أم لا تجوز؟
أجازها بعض السلف وقالوا: إنها من جنس الرقية، وأجازوا تعليق التمائم التي من القرآن أو من دعوات لا بأس بها.
وقال آخرون من أهل العلم: لا تجوز بل جوازها فتح لباب الشرك.
وقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم وأطلق ولم يخص شيئاً دون شيء، بل قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له .. من تعلق تميمة فقد أشرك)، هذا عام.
وقال: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) فإذا أجزنا التمائم من القرآن فقد خالفنا هذه الأحاديث العامة، والعموم حجة يجب الأخذ به، ثم إذا أجزنا هذه التمائم من القرآن صار فتحاً لباب الشرك، فإنها تلتبس الأمور وتختلط هذه بهذه، ويلبس الناس هذه بهذه فيقع الشرك، وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع بأدلة كثيرة، كل شيء يفضي إلى الشرك أو إلى المحرمات يمنع، ولا شك أن تعليق التمائم من القرآن أو من الدعوات المباحة يخالف الأحاديث العامة والنهي العام، ويسبب فتح باب الشرك واختلاط الأمور فلهذا الصواب منع الجميع.
الصواب منع التمائم كلها من القرآن وغير القرآن أخذاً بعموم الأحاديث وسداً لباب الشرك، والله المستعان.
الجواب: لا حرج عليك يا أخي! في الإفطار ما دمت تحس بالمرض، وتتعب من الصوم، وقد أرشدك الأطباء إلى ذلك فلا حرج عليك، وهكذا إذا كانت الأدوية منظمة، تحتاج إليها في النهار فأنت مباح لك الإفطار، يقول الله سبحانه: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] حتى لو ما كان عندك طبيب إذا أحسست بالمرض الذي يشق معه الصوم وتتعب معه في الصيام فإنك تفطر لوجود المرض بنص القرآن الكريم، ولو ما كان هناك طبيب يقول لك كذا وكذا.
فالمرض عذر شرعي متى وجد وشق عليك معه الصوم، فلك الإفطار وإن كنت لم تستشر طبيباً في ذلك.
أما الآن فعليك القضاء والحمد لله متى شفيت من المرض تقضي ولو بعد مدة؛ لأن الله قال: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] المعنى: فعليه عدة من أيام أخر، يعني: يقضيها.
فأنت يا أخي! إذا شفاك الله وتمت صحتك تقضي والحمد لله، ولا حرج عليك في ذلك وأبشر بالخير، شفاك الله وعافاك.
الجواب: إن كنت قصدت إيقاع الطلاق إن ذهبت فإنه يقع عليها طلقة ولك مراجعتها في العدة، إذا كانت لم تطلق قبل هذا طلقتين.
أما إن كنت أردت منعها وتهديدها وتخويفها ولم تقصد إيقاع الطلاق، فإن هذا له حكم اليمين في أصح قولي العلماء، يكون عليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقدار ذلك كيلو ونصف تقريباً أو كسوتهم بأن تعطي كل واحد ما يجزئه في الصلاة كقميص أو إزار ورداء والحمد لله.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كان عمله يمنعه من الجماعة؛ لأنه عمل خطير لو ذهب عنه لوقع الخطر كالحارس هذا له العذر يصلي في محل حراسته.
أما إذا كان يستطيع أن يذهب ويرجع؛ لأنه لا خطر في ذلك، فإنه يذهب ويرجع لعمله كسائر الموظفين، إذا أذن الظهر خرجوا للصلاة ثم رجعوا لعملهم ليس في هذا شيء، ولا يجوز أن يصلي وحده، بل يجب أن يصلي مع المسلمين في مساجدهم ثم يرجع إلى عمله، أما من كان عمله يقتضي أن يلازم المحل وأن لا يتعدى المحل كالحارس مثلاً ونحوه الذين أعمالهم توجب لزومهم المكان الذي عينوا فيه؛ لأن فراقه يحصل به خلل من حراسة ونحوها، هؤلاء يصلون في محلهم، ويكون عذراً لهم هذا العمل الذي وكل إليهم.
الجواب: لا أعلم فيه شيئاً إذا صادفه شيء بأن وافق أخاً له في الله من غير موعد في الطريق أو عند بعض الإخوان، فقال: وافقت فلاناً صدفة يعني: من غير موعد لا بأس بهذا.
أو قال: من حسن الحظ أو من توفيق الله أن صادفت فلاناً أو سلمت على فلان أو طفت بالبيت العتيق أو صليت الضحى أو أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر، ونحو هذا الكلام لا بأس بذلك. هذا من حظه الطيب كما قال تعالى في الصابرين المتقين: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:35] فمن رزقه الله الاستقامة أو يسر الله له ما يحبه فهو من حسن الحظ الذي يسره الله له.
وإذا لقي أخاً له من غير موعد، وقال: لقيته صدفة أو لقيت الجماعة الفلانية صدفة فلا بأس بذلك، يعني: من غير موعد.
الجواب: لا شيء في ذلك الصلاة صحيحة.
ولا حرج في ذلك، وإذا سجد للسهو يكون أفضل.
إذا سجد للسهو إذا كان إمام أو منفرد وسجد للسهو يكون أفضل وإلا ما يلزمه.
المقدم: وإلا لا يلزمه.
الشيخ: لأنه قول مشروع في غير محله، قول مشروع في الصلاة لكن أتى به في غير محله، فإذا سجد للسهو كان ذلك أفضل وإلا فلا حرج.
المقدم: جزاكم الله خيراً. قول: الله أكبر بدلاً من سمع الله لمن حمده؟
الشيخ: هذا سهو والصلاة صحيحة، وإذا كان فعله الإمام أو المنفرد فعليه سجود السهو، أما إذا كان فعله المأموم قال: الله أكبر بدل ربنا ولك الحمد فلا عليه شيء؛ لأن المأموم تابع لإمامه، إذا كان دخل معه من أول الصلاة ليس عليه شيء، يتحمل عنه الإمام هذا السهو.
لكن إذا كان المأموم سها في ما انفرد به إذا كان قد فاته بعض الصلاة أي: المسبوق، فهذا إذا سها في شيء وهو مسبوق مع إمامه، أو سلم مع إمامه ساهياً ثم انتبه أو سها فيما انفرد به، هذا يسجد للسهو.
وأما سهوه مع إمامه من أول الصلاة وهو معه من أول الصلاة، هذا يتحمله عنه الإمام.
إذا سهو سهواً لا يخل بالفعل مثل سها عن سبحان ربي الأعلى أو سبحان ربي العظيم، أو قال بدل ربنا ولك الحمد: سمع الله لمن حمده، أو الله أكبر، هذا لا يضر ولا سجود عليه لأنه تابع.
أما إذا سها في الركوع أو في السجود لابد أن يأتي به، إذا سها كان يهوجس وركع إمامه وهو لم يركع ثم انتبه يركع ويلحق إمامه وهكذا في السجود هذه أركان لابد منها.
لكن إذا سها في الأشياء التي هي تعتبر واجبات لكنها قولية، سها فيها المأموم فلا شيء عليه أو سها في التشهد الأول مثلاً ما أتى به فلا شيء عليه؛ لأنه تابع لإمامه.
أما في الأركان لابد منها، التشهد الأخير ركن لابد يأتي به لو سها ولم يأت به مع الإمام ثم انتبه يأتي به قبل أن يسلم ثم يسلم بعد ذلك، أو انتبه بعد السلام يعود بنية الصلاة ويأتي بالتشهد ثم يسلم، نعم.
المقدم: وبالنسبة للمنفرد أو المرأة في بيتها.
الشيخ: عليهم سجود السهو، رجل أو امرأة في صلاة منفردة إذا سها في الواجبات مثل ترك (سبحان ربي الأعلى) أو (سبحان ربي العظيم) في الركوع أو (ربنا ولك الحمد) سها عنها، يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين أو ترك التشهد الأول قام إلى الثالثة ناسي التشهد الأول، هذا يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.
المقدم: وإذا قال ألفاظاً مكان ألفاظ أخرى؟
الشيخ: لا يضر، لكن إن سجد وهي مشروعة فلا بأس مثل قرأ التحيات وهو جالس أو قرأ الحمد وهو جالس ناسي، إذا سجد للسهو يكون أفضل لا تبطل الصلاة ولا يجب، لأنه قول مشروع أتى به في غير موضعه. ليس بمنكر في الصلاة.
الجواب: الدعاء في التشهد الأول ما هو بمشروع، وإذا أتى به فلا سهو عليه.. لا سجود عليه، لكن إن سجد فلا بأس، لأنه أتى به في غير محله، أما الدعاء في التشهد الأخير فهو مشروع. الدعاء في التشهد الأخير قبل السلام مشروع مأمور به، فينبغي له أن يدعو بالدعوات الطيبة والمأثورة أفضل، الدعاء المأثور يكون أفضل، كالتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ، وسؤال المغفرة والعفو، وقول: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) كل هذا مشروع يعني: في آخر الصلاة قبل أن يسلم، هذا الدعاء مشروع.
الجواب: يمسح رأسه بيديه يقبل بهما ويدبر، يبدأ بمقدمه إلى قفاه ثم يردهما هذا هو الأفضل.
وإن مسح على غير هذه الصفة بأن مسح بيده اليمنى أو بيده اليسرى وعمم أو بيديه من وسط الرأس وعمم لا يضر كله لا يضر يكفي والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الإذاعة الخارجية سجل لكم اللقاء زميلنا مطر محمد الغامدي .
شكراً لكم جميعاً وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر