إخوتي الكرام: أعتذر إليكم مقدماً أنني قد أذكر أسماء أو أقول كلمات يتحرج المسلم من النطق بها؛ لما يلابسها من مشاعر وملابسات غير حميدة إنما تقتضيها ضرورة الموضوع، وذلك أنكم علمتم أن هذا الموضوع يتحدث عما سمي بتوبات أهل الفن، يعني توبتهم إلى الله عز وجل، وقد يدخل في ذلك التوبة بالمعنى اللغوي: أي خروجهم مما هم فيه، ورجوعهم عنه، ولو لم يكن ذلك بالضرورة بدوافع دينية أو إسلامية.
وقد رأيت أن من المناسب أن أعرض على مسامعكم بعض النماذج السريعة، ثم أنتقل بعدها إلى ذكر معالم وملحوظات مهمة، هي بطبيعة الحال المقصودة من وراء هذا الموضوع؛ فلقد شهد العالم الإسلامي -بل العالم كله- شهد حركات واسعة فيما يتعلق بالفن.
وكلمة الفن يدخل فيها ألوان من النشاطات الإنسانية مثل: الأدب، والشعر، إضافة إلى المسرح، والغناء، وغيرها من الأشياء التي يدركها الناس من خلال هذه الكلمة، وليس حديثي عاماً في كل هذه القضايا، وإنما سأتحدث عن القضايا التي يمقتها الإسلام.
من المعروف أن الأدب والشعر وسيلة محايدة، يمكن أن يستفيد منها المسلم في الدعوة إلى الله عز وجل، ونشر الفضيلة وتربية الناس على مكارم الأخلاق، ولقد كان إلى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم عدد من الشعراء والخطباء الذين كانوا ينافحون عن الإسلام، كـحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك.. إلى غيرهم ممن أسلموا، أيضاً كـعبد الله بن الزبعرى الذي كان مشركاً ثم هداه الله عز وجل، فدافع عن الإسلام في شعره، وغيرهم كثير، ومثلهم عدد من الخطباء المشاهير كـثابت بن قيس بن شماس، وغيره.
فالمهم أن الأدب والشعر وسيلة محايدة، يمكن أن يستفيد منها المسلم دفاعاً عن الإسلام، وبناءً للفضيلة، ويمكن أيضاً أن يستغلها أعداء الله عز وجل في نشر الرذيلة، والمبادئ الهدامة، والإساءة إلى الإسلام والمسلمين.
فالغناء -مثلاً- للإسلام منه موقف واضح معروف، وحين نقول: "الغناء" لا يمكن أن يأتي إنسان ويقول: يا أخي هناك غناء مباح، ثم يقول: أنا أقصد الحداء الذي يفعله الأعراب، أو يفعله البناءون أو العمال وغيرهم مثلاً، أو يقول: أنا أقصد النشيد الإسلامي؛ لا، لأننا نتحدث عن الغناء بمفهومه العرفي المستقر في ذهن كل واحد، فأي إنسان أياً كان مستواه حين يسمع كلمة "غناء" يتبادر إلى ذهنه مباشرة الغناء الذي يبث عبر التلفاز، والإذاعات، والأشرطة، وعبر وسائل أخرى، وهو بطبيعة الحال غناء يخاطب الغرائز في الغالب، ويتحدث عن قضايا العلاقة بين الجنسين، وهو مصحوب أيضاً بالموسيقى وغيرها.
ومثل هذه الصورة لا يمكن أن نقول: إنها يوماً من الأيام يمكن أن تكون في خدمة الإسلام؛ لذلك فإن من العبث أن يقول قائل: هناك غناء ديني، فإذا سألته: ما هذا الغناء الديني؟! قال: تلك التواشيح والأزجال والابتهالات التي تذاع في الإذاعات.
فتلك التواشيح والأزجال والابتهالات هي -أولاً- مصحوبة بالموسيقى، وهذا مما لا شك فيه أنه بدعة ومحرم في الوقت نفسه؛ لأن التقرب إلى الله وذكر الله عز وجل عن طريق الطبول والموسيقى هذه صورة بدعية للذكر، على فرض أن هذا ذكر، إضافة إلى أن الموسيقى بذاتها للإسلام منها موقف واضح وصريح، ولذلك فأن الغناء المصحوب بآلة حرام بلا خلاف بين أهل العلم.
وكذلك حين ننتقل إلى أمر آخر، حين ننتقل إلى الفنون المسرحية، وهذه الفنون قد يختلف الناس حول مبدأ التمثيل، وهل الإسلام يجيزه أو لا يجيزه. طبعاً التمثيل يعد فناً متأخراً، وجد في العصور الحديثة، لذلك ليس للعلماء المتقدمين فيه كلام، وإنما العلماء المتأخرون انقسموا فيه إلى مذاهب وآراء؛ ليس قصدي الآن أن نتحدث عن رأي العلماء في هذا، والراجح والمرجوح، إنما قصدي أنه حين نتحدث أو نقول: التمثيل، أو يقول قائل: السينما -مثلاً- أو المسرح، تنطلق إلى الأذهان -أذهان جميع السامعين- تلك الصور والأعداد الهائلة من التمثيليات، والمسرحيات، والأفلام، والمسلسلات التي لا تخدم الإسلام إلا حين نبدل الخاء هاءً!! فحينئذ يكون الكلام معقولاً، وقل مثل ذلك في عدد من ألوان الفن التي يستخدمها الناس اليوم.
وهذا ليس بغريب؛ لأن وسائل الإعلام في كثير من البلاد تسيطر عليها أصابع غير إسلامية، ولليهود دور كبير في السيطرة على الإعلام العالمي من خلال مراكزهم في أمريكا، وأوروبا، وغيرها، وهناك دراسات إحصائية دقيقة عن هذا الموضوع.
فقد يقال: إن وسائل الإعلام العالمية تتعمد تجاهل العلماء، والمصلحين، والمفكرين، والدعاة الإسلاميين؛ لكن ما هو السر وراء تعمد إهمال وإغفال المبدعين، والمخترعين، الذين يقدمون خدمات دنيوية لبني جنسهم؟! قد يكون الأمر نفسه كذلك هو السبب.
فالمهم أنني أقول: إن هذا اللون من النشاط الإنساني المسمى بالفن قد فرض نفسه في حياة الناس وواقعهم، كباراً وصغاراً، شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساءً؛ لذلك أحببت أن ألقي الضوء في هذه الكلمة الموجزة على جانب من هذا الموضوع، وهو ما يتعلق بتوبة وأوبة أولئك المشتغلين في هذا المجال، وكما أسلفت لا أعني بتوبتهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل فقط فيسلموا، وهذا هو المعنى الاصطلاحي الشرعي، بل قد أستعين أحياناً بالمعنى اللغوي الذي يعني: الرجوع عن الشيء وتركه.
ويصف الرجل موسيقاه التي كان يتعاطاها خلال فترة جاهليته بأنها كانت تعبيراً عن الشعور بالظلام الذي يحس به، ويقول: إنه اختار عنوان "خطوات في الظلام" لآخر عمل له قام به عام 1984م، وقال: إن تلك الأعمال تسجل فترة كان يشعر فيها بأنه يسير في مكان مظلم لا يعرف حقيقته، ويقول: منذ وقت طويل بدأت أبحث عن السعادة والهداية والسلام؛ ولذلك كتب على غلاف التسجيل "إن روحي ظمأى إلى الحقيقة".
وبداية تعرف هذا الرجل بالإسلام كانت عام 1976م، حين عاد أخوه من القدس، فأهداه نسخة من القرآن الكريم، ومنذ ذلك الوقت بدأ يوسف إسلام -لاحقاً- يتردد على مسجد في لندن متنكراً لا يعرفه أحد، ولشدة ما كانت دهشة المسلمين حين عرفوا أن هذا الرجل الغريب الذي يتردد على المسجد هو " كات استيفنـز " الذي أصبح فيما بعد يوسف إسلام..!
ويقول هذا الرجل: إنه ظل فترة -بعد ما تعرف على الإسلام- يمارس بعض الأعمال الفنية والأغاني والموسيقى وغيرها، ثم يقول: بدا لي أن استمراري في هذا العمل لم يكن يؤدي إلى نتيجة، فإنه لابد لي من أحد أمرين: إما أن أتخصص في هذا العمل الذي أجد فيه هوايتي ورغبتي وهو الغناء والموسيقى، وإما أن أتخلى عن هذا العمل لأتفرغ للإسلام والعمل للإسلام.
وبعد ما أعلن هذا الرجل إسلامه اختار الطريق الأخير، وهو أن يترك الفن والغناء إلى غير رجعة بإذن الله، ويتفرغ للدعوة إلى الله عز وجل والتعرف على الإسلام.
وفعلاً سار في هذا الطريق، وزار عدداً من البلاد الإسلامية كـالمغرب والسعودية وغيرها، وبعد ما عاد إلى بلده بريطانيا بدأ يمارس نشاطاً إسلامياً قوياً، إذ أسس مدرسة تستقبل أولاد المسلمين، وذلك في مقاطعة في شمال لندن اسمها مقاطعة برنت ويدرس في هذه المقاطعة ما يزيد على مائة وأربعين طفلاً، يتعلمون فيها تعاليم الإسلام، وظل الرجل متجهاً إلى الصلاة والصيام وقراءة القرآن، وشغل وقته في هذه الأعمال المفيدة.
كذلك فكر الرجل في أن يسجل أشرطة أناشيد إسلامية للصغار وغيرهم، تكون بعيدة عن الموسيقى وعن كل ما حرم الله عز وجل.
وهذه القصة التي عاشها وشهدها هذا البطل المسلم يوسف إسلام تكشف عن جوانب مهمة:
أن هذا الرجل صرف جهده الذي كان يصرفه في الغناء، إلى الإسلام وإلى الدعوة إلى الله عز وجل وإلى تعليم أولاد المسلمين، وإلى الدعوة إلى الله عز وجل في وطنه، مع أن الرجل بطبيعة الحال لم يكن مسلماً قبل ذلك، وإنما هداه الله عز وجل إلى الإسلام؛ فتخلى عن هذا النشاط الذي أحس بأنه يتناقض مع المبادئ التي آمن بها، ولذلك يقول: إنه شعر أن أمامه أحد طريقين: إما أن يتجه بكليته إلى الإسلام، ويرفض هذا اللون من الفن، وإما أن يستمر في هذا الأمر. ومعنى ذلك أنه لن يكسب في الجانب الآخر شيئاً، لكن الله عز وجل وفقه لاختيار الطريق الصحيح، طريق الإسلام.
وبعد ذلك أدرك أنه حتى الموسيقى يرفضها الإسلام؛ فصار يفكر في إعداد أناشيد إسلامية للصغار سالمة حتى من هذه الموسيقى.
هذه المرأة بعد ما كسبت الأضواء، والشهرة، وملايين المشاهدين والمشاهدات في أنحاء العالم، وكان الناس يتصورون أنها أسعد امرأة، وجدت منتحرة في غرفتها، وبعد البحث والتفتيش وجدوا في صندوق المحفوظات في أحد البنوك في نيويورك، وجدوا ورقة أو رقعة مكتوبة بخطها، وهي نصيحة تقدمها هذه الممثلة لإحدى الفتيات التي كانت تسألها عن رأيها في أقرب طريق إلى الشهرة، وإلى النجاح في هذا العمل الذي هو التمثيل، وتقول في هذه الرسالة التي كتبتها لتلك الفتاة: احذري من يخدعك بالأضواء! إنني أتعس امرأة في العالم! إنني أتعس امرأة على ظهر هذه الأرض! لم أستطع أن أكون أماً، إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة..!.
وبطبيعة الحال هذه المرأة التي انتحرت لم تكن امرأة مسلمة كما ذكرت لكم، لكن في انتحارها وهي في أوج مجدها الفني دلالة كبيرة على أن كثيراً من النفوس تتطلع إلى الفرار من هذا الجحيم، الذي يسمى أحياناً بالوسط الفني.
تقول هذه المرأة: أسلمت من أجل البساطة والسماحة، فمشهد الناس الطيبين يدخلون إلى ساحة المسجد المتواضع، ويصلون في خشوع؛ لقد فعل ذلك في نفسي فعل السحر، وحرك كوامن كانت مترسبةً في أعماقي، إنني أحس أنني كنت مسلمة حتى قبل أن أعلن إسلامي، وتقول: أنتم في بساطة تؤمنون بالله عز وجل، وبالرسول صلى الله عليه وسلم وباليوم الآخر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو إلا بشر اختاره الله تعالى ليبلغ الرسالة إلى الناس، وكما فهمت فإن القرآن ينظم حياة الناس حتى يعيشوا في سعادة وتعاون وإخاء، بعيداً عن المظاهر الكاذبة، ومظاهر التكلف والرياء.
تقول هذه المرأة: أحس كأنني ولدت من جديد، وخرجت من أعماقي تاركة غلافي القديم.
إنها تحس بأن جسدها التي كانت تستخدمه في جذب أنظار المشاهدين أنه كان غلافاً قديماً قد تخلت عنه، ولبست غلافاً جديداً بعد ما شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
ثم تقول: اسألوا الذين كانوا يعرفونني: كم كانت دهشتهم كبيرة حين أدركوا مدى السعادة التي كنت أحس بها بعد ما دخلت في الإسلام، ونطقت الشهادتين؟!
تقول في أسلوب مؤثر عبر لقاء صحفي معها: في أحد الأيام كنت أؤدي رقصة في أحد فنادق القاهرة المشهورة، وشعرت وأنا أؤدي هذا العمل بأنني عبارة عن جثة، ودمية تتحرك بلا معنى، ولأول مرة أشعر بالخجل، وأنا شبه عارية أرقص أمام الرجال ووسط الكئوس، فتركت المكان وأسرعت، وأنا أبكي في هيستريا حتى وصلت إلى حجرتي وارتديت ملابسي، وانتابني شعور لم أحسه طيلة حياتي التي بدأتها منذ كان عمري خمس عشرة سنة -تعني حياتها الفنية- فأسرعت لأتوضأ وصليت، وساعتها شعرت لأول مرة بالسعادة والأمان، ومن يومها ارتديت الحجاب رغم كثرة العروض وسخرية بعضهم، وأديت فريضة الحج، ووقفت أبكي لعل الله يغفر لي الأيام السوداء. وتختم قصتها المؤثرة قائلة: هالة الصافي ماتت، ودفن معها ماضيها، أما أنا فاسمي سهير عابدين، ربة بيت، أعيش مع ابني وزوجي، ترافقني دموع الندم على أيام قضيتها من عمري بعيداً عن خالقي، الذي أعطاني كل شيء ولم أعطه أي شيء، إنني الآن مولودة جديدة، أشعر بالراحة والأمان بعد أن كان القلق والحزن صديقي رغم الثراء، والسهر، واللهو!
وتضيف: قضيت كل السنين الماضية صديقة للشيطان، لا أعرف سوى اللهو والرقص، أمتع الناس، كنت أعيش حياة كريهة حقيرة، وكنت دائماً عصبية، الآن أشعر أنني مولودة جديدة، أشعر أنني في يد أمينة تحنو علي وتباركني يد الله سبحانه وتعالى.
وبغض النظر عما في كلماتها من عبارات لا نوافقها عليها، نتحفظ عليها، مثل قولها: الله الذي أعطاني كل شيء، ولم أعطه أي شيء، فالله تعالى ليس بحاجة لنا لنعطيه شيئاً، فالله تبارك وتعالى إنما يريد منا أن نقدم لأنفسنا فحسب.
كذلك قولها: إنها تشعر أنها في يد أمينة تحنو عليها هي يد الله تبارك وتعالى، مع أن مقصودها ظاهر ومعروف، وبغض النظر عن هذه الألفاظ والعبارات فإن في هذه القصة من الدلالة القوية على تأثر هذه المرأة ورجوعها إلى الله تبارك وتعالى ما فيها، ونسأل الله تعالى لها، ولجميع التائبين والتائبات أن يثبتهم على الطريق المستقيم.
هذه المرأة تابت إلى الله عز وجل، وقد أجرت معها إحدى المجلات مقابلة ذكرت فيها قصة توبتها، وكيف أنها كانت في بيت محافظ إلى حد ما، وبعد ما تخرجت من الدراسة الثانوية كانت على مفترق طرق، لكنها اختارت اللحاق بمعهد الفنون؛ بسبب أن معدلها قليل، ثم تركته واتجهت إلى التمثيل.
وتقول: إنها كانت تحس أنها تجر جراً إلى هذا الميدان، وأنها قد مثلت أدواراً كثيرة وهي غير راضية عنها، وبعد ما استنار قلبها أصبحت ترفض هذه الأدوار أول الأمر، وتحافظ على الصلاة، ولا تقوم إلا بأدوار محددة بصحبة زوجها، ثم تطور بها الأمر فاتجهت إلى بيت الله الحرام، وأدت فريضة الحج والعمرة، وبعد ما ذهبت إلى المسجد النبوي تقول: إنها انتابتها في داخل المسجد نوبة بكاء طويلة، استمرت معها لوقت طويل، وكان من حولها يحفون بها ويغبطونها على هذا الوضع الذي يقولون عنه: إن الله تبارك وتعالى قد فتح عليها، وبعد هذه النوبة من البكاء صممت على ارتداء الحجاب على رغم معارضة من حولها، وعدم وجود من يعينها، وعلى ترك هذا الميدان الذي هو ميدان التمثيل تركاً نهائياً.
وهذه المرأة أصبحت تؤدي دوراً طيباً في التأثير على بعض من يفكرن في اللحاق بموكب التائبات، وهذه المرأة تتحدث عن الانفصام الذي كانت تحسه بين شخصيتها الحقيقية وشخصيتها المتكلفة التي كانت تؤديها أمام أعين المشاهدين. تقول: كنت أحس بانفصام بين شخصيتي الحقيقية وبين الدور الذي أؤديه أمام أعين المشاهدين.
هذه الممثلة أصدرت تصريحاً تطالب فيه بالحد من تيار الفساد والانحلال الخلقي الذي يجتاح الولايات المتحدة الأمريكية، وحذرت من مغبة إباحة نشر الكتب القذرة والأفلام البذيئة، وطالبت بحظر نشر هذه الأشياء، وقالت: إننا إن لم نحظرها فإننا سنشهد انهيار هذه الأمة، أية أمة؟! إنها أمريكا، تقول هذه المرأة: يجب المبادرة في الحال بتعقب وكف أيدي الذين يتاجرون بالفساد الخلقي وتقديمهم للمحاكمة.
إن هذه المرأة تطلق صيحة ليس من منطلق الحفاظ على الأخلاق والقيم الإسلامية.. لا! بل من منطلق الحفاظ على الأمة الأمريكية، وأن هذا التيار الإباحي الذي ينتشر عبر المجلات وعبر الأفلام يعرض هذه الأمة القوية للخطر؛ ولذلك تطالب بمنع نشر هذه الكتب والأفلام البذيئة والرديئة، ومحاكمة الذين يقومون بها، وبالتالي تطالب بمعاقبة المؤسسات الكبيرة التي تؤثر في المجتمع حتى تكف عن مخاطبة الغرائز، وتتجه نحو البناء الأخلاقي.
وبناءً على ذلك قد يقع التباس عند كثير من الناس؛ فيتصورون أن كون الإنسان -مثلاً- يقوم بأغنية ليست أغنية سيئة -وإن كانت مصحوبة بالموسيقى- أمر لا بأس به، أو كون الرجل (أو حتى المرأة) يمثل دوراً ليس فيه إخلال بالحياء- وإن كان ضمن مسرحية أو تمثيلية رديئة أو سيئة- أنه الآخر أمر مناسب، وأن الإنسان قد يمثل اليوم دوراً في مسرحية وغداً تجده يذهب للحج والعمرة، وقد يكون الآن في صالة للغناء، وبعد قليل تجده يتجه للقبلة ليؤدي الصلاة، واليوم على موعد للتصوير وغداً تجده يقرأ القرآن..!
فهذا الانفصام الهائل الذي نجده في شخصيات كثيرة من الناس أمر يجب ألا يغيب عن البال، فنحن الآن نسمع من كلمات بعض التائبات أن الواحدة منهن كانت تصلي أحياناً! كانت تصلي حتى وهي تمارس هذه الأدوار!! وتحس بالندم والخطأ على مثل هذا الأمر، فكوننا نتحدث عن أن فلاناً تاب وأن فلانةً تابت يجدد للناس الشعور المستقر في أذهانهم أن الإسلام له موقف صريح من مثل هذه الوسائل والأعمال التي يمارسها الناس، وهذا الموقف الصريح يدركه جمهور الناس حينما تكون فطرتهم سليمة غير معرضة للتشويه ولا للبس الذي يمارسه بعض الناس، سواء أكانوا من المنتسبين إلى الدائرة الإسلامية، أم من غيرهم ممن يتطفلون عليها.
وكثيراً ما نقرأ في الجرائد مقالات ومقابلات وكتابات تتحدث عن أن المتزمتين هم الذين يحرمون الغناء، والتمثيل، والموسيقى، إلى غير ذلك، وهذه الأشياء مهما ضحكنا منها، وسخرنا منها، إلا أنها تفعل فعلها في نفوس الناشئة، وتجعل عدداً من الناس يقعون في مثل ما وقعت فيه هؤلاء الممثلات.
فكونه يعلن أن فلانة تابت وأن فلاناً تاب يقول للناس بالخط العريض: يا ناس انتبهوا! فإن الغناء والتمثيل وهذه الأعمال كل الفطر السليمة تقول: إنها أمر لا يرضاه الله ورسوله، بل حتى غير المسلمين يرفضونها أحياناً؛ لغرض آخر سأذكره بعد قليل.
إذاً لا داعي لأن نخادع أنفسنا، ونقول: هذه أشياء إذا كانت في حدود الفضيلة، وفي حدود، وفي حدود..!
هل أصبحت الفضيلة ماركة مسجلة نضحك فيها على أنفسنا؟! أي غناء يمكن أن يكون غناء دينياً؟! وأي تمثيل -اليوم- يمكن أن يكون في حدود الفضيلة؟! إن الجميع يعرفون ماذا يعرض على أعين الناس..!
ومن الغريب أن بعض المشتغلين في هذا المجال -حتى من غير المتدينين- ومن الذين لا يزالون ضحايا لهذه الأمور، يقولون: إن ما يقدم من أعمال جادة لا يعدو ثلاثة في المائة؛ فما بالك بالأعمال المقبولة من الزاوية الإسلامية؟! ربما نستطيع أن نقول: إنها صفر بالمائة أو أقل من ذلك إن كان هناك أقل من ذلك، فهذا المعْلَم لا بد من لفت النظر إليه.
ومما يلفت النظر في المعْلَم نفسه أننا نجد أن أولئك التائبين كانوا يعبرون عن مشاعر مرة كانوا يشعرون بها أثناء ما كانوا يقومون بهذه الأعمال، وقبل قليل كانت إحداهن تقول: إنني أشعر بالتناقض بين شخصيتي الحقيقة وبين الدور الذي أمثله أمام الناس، والأخرى تذكر المرارة التي تحس بها حين كانت تمارس هذا العمل أمام جماهير الرجال، ووسط الكئوس، وكيف أنها كانت تحس بأنها دمية وجثة تتحرك بلا معنى.
ونقلت جريدة الجزيرة في عددين لها خبراً صغيراً عن أحد الشباب الصغار الذي كان له صوت واعد كما يقولون، وقد سجل بعض الأشرطة، وحينما اتصلت به الجريدة لتسأله عن آخر المشاريع التي سجلها، فوجئت بأن صوت الشاب مبحوح وضعيف جداً، وأنه بصعوبة يستطيع أن يتحدث معهم؛ نظراً لأنه ألم به مرض أثر في حلقه، وحينما سألوه عن آخر مشاريعه قال: إنه ترك مجال الفن إلى غير رجعة، وذلك بداية من شهر رمضان المبارك الفائت، وأنه سوف يسجل في أقرب مركز لتحفيظ القرآن الكريم في الإجازة الصيفية..!
لا شك أن هذا الأمر له دلالته، وكما يقال: وربما صحت الأبدان بالعلل، فربما كان ما أصاب هذا الشاب رحمةً من الله تبارك وتعالى.
فالمهم أن وجود مثل هذه القصص تشجع هذا الشاب، وتشجع غيره على اللحاق بموكب المستقيمين المتجهين إلى الله عز وجل قبل أن يتجهوا أصلاً إلى الفن، أو على الأقل قبل أن يتوغلوا فيه؛ فكيف يتجهون إليه وهم يرون بعض ضحاياه يحاولون إنقاذ أنفسهم والخروج من هذا المستنقع الآسن الذي تورطوا فيه؟!.
ولذلك أنقل لكم أيضاً خبراً نقلته جريدة الجزيرة في الحادي عشر من رمضان يقول: نقلت الأخبار القادمة من القاهرة أن إحدى الممثلات امتنعت عن العمل طيلة شهر رمضان، وقررت زيارة أحد المشايخ هناك، وكذلك قررت زيارة الممثلة التائبة شمس البارودي، وهناء ثروت، وشادية، وغيرهن؛ لعل الله أن يمن عليها بالتوبة.
وذكرت الجريدة أن هالة الصافي قررت اعتزالها للفن بعد زيارة لـمكة المكرمة، إذ اتجهت لقراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه، والتفرغ لعملها كربة بيت، وتقول: إنها تشعر براحة وسعادة ما كانت تشعر بها طيلة فترتها السابقة وخلال عملها في هذا المجال، وتسأل الله أن يمن عليها بالثبات.
تقول الجريدة: وكانت الممثلات شمس البارودي، وهناء ثروت، وشادية، والممثل محمد العربي قد أعلنوا قبل فترة ليست بالقصيرة اعتزالهم للمجال الفني.
إذاً من الظاهر في هذا المثل أن أي إنسان في هذا الوسط يفكر بالتوبة قد يفكر بأن يزور بعض هؤلاء الذين كانوا ضحايا في هذا المجال ثم تابوا إلى الله عز وجل؛ فلذلك نشر مثل هذه الأمور يعين على ذلك.
إن تربية النشء -أيها الإخوة- في خطر، وربما يجهل الكثيرون ما هي الأفكار التي تدور في رءوس أولادهم وبناتهم، وما هي المشاعر التي تدور في قلوبهم، وأي نمط من الحياة يتمنون أن يصيروا إليه، وربما نستطيع أن نقول بدون مبالغة: إن تأثير ممثل أو مغنية أو راقصة على أولادنا وبناتنا أبلغ بكثير من تأثير الأب ومن تأثير الأم، فربما لا ترى البنت أباها إلا على مائدة الطعام، لكنها تقضي وقتاً طويلاً يقدر بالساعات يومياً وقد سمرت عينيها أمام هذه الشاشة لمشاهدة مغنٍ أو مغنية، أو ممثل أو ممثلة.
وهذه الشاشة الجذابة الملونة، التي استخدمت فيها وسائل عصرية للإثارة والتشويق والإغراء تؤثر تأثيرا بليغاً في شخصية المشاهد أو المشاهدة؛ لذلك فلا عجب أن نجد هذه النماذج الممسوخة، ولا عجب أن نسمع عن أخبار الانحرافات التي أصبحت تفوح في كل مكان، ولا عجب أن نشاهد هذه الظواهر الشاذة الوافدة على المجتمع.
إننا بحاجة أن نراجع أنفسنا ونتساءل: ما هي الوسائل الحقيقية التي تربي المجتمع؟ وما هو الدور الذي يقوم به البيت في تربية النشء؟ وما هو الدور الذي يمارسه الأب تجاه أولاده وبناته؟ ثم أي دور يقوم به الأب أو الأم في الرقابة على الأولاد والبنات أيضاً؟
إن هذه الأشياء تؤكد علينا أن من واجب الأب أن يحرص على حماية أبنائه وبناته، ومن واجب المجتمع أن يحرص على حماية نشئه من أن يصيروا إلى هذا الموضع وإلى هذا المكان وإلى هذا الوسط المتعفن الذي أصبحت روائحه تفوح في كل مكان، وأصبح ضحاياه يقولون ما تسمعون..!
إن كثيراً من الضحايا يقولون: إننا نشعر بأننا نساق سوقاً إلى هذا المجال، ونجر إليه جراً، نشعر بأنه ليس هو المجال الذي كنا نتمناه. فقليل من هؤلاء من كان يتمنى أن يصبح فناناً أو ممثلاً، أو فنانةً أو ممثلةً، لكن بعضهم وجدوا أنفسهم هكذا دون سابق إنذار، وإنني أعرف من يقولون: إننا فعلاً نحس بأننا في موقع لا يخدم رغباتنا الشخصية، ولا يريحنا، ولكننا نحس بأننا متورطون، وأن خروجنا من هذا الوسط ليس بالأمر الهين.
أنتم تقولون: إن باب التوبة مفتوح وهذا صحيح، لكن ذلك الإنسان -وهذا كلامهم- الذي تورط بشبكة من العلاقات، والاتصالات، والأعمال، وتاريخ قديم، ومشاعر و.....الخ ليس من السهل أن ينتزع نفسه من هذه الأشياء كلها بين يوم وليلة، إلا أن يمن الله تبارك وتعالى عليه بذلك.
إذاً من واجبنا حماية أولادنا وبناتنا من هذا الموقع السيئ، الذي قد يقع أحدهم ضحيته ثم يريد أن يخرج فلا يستطيع، وكما يقال: الوقاية خير من العلاج، وكما أنك تحاول حماية أولادك من كافة الأمراض، فهذا من أخطر الأمراض والأوبئة التي قد تجرهم إلى الضرر والفساد في الدنيا والآخرة، ولا يفوتني أن أنبه في النهاية إلى أن هذه الوقفات، وهذه النماذج الصغيرة القصيرة تلفت نظرنا جميعاً -نحن معاشر المسلمين- خاصة طلاب العلم، والمسئولين عن المؤسسات الإسلامية، ومن يملكون شيئاً من الأمر إلى أن من الضروري أن ندرس جيداً ما هو الدور الذي يجب أن نقوم به تجاه هؤلاء التائبين..
إننا نسمع أحياناً أن فلاناً تاب، ولكننا سرعان ما نفاجأ بأن الأمر قد اختلف، وأن الرجل قد انتكس وعاد إلى ما كان عليه، وقد ذكرت الصحف -مثلاً- أن هناك ممثلاً مصرياً نشرت عنه، وقالت: إنه تاب، وأقلع واعتزل الفن، وبعد خمس سنوات نشرت جريدة أخبار اليوم: أن فلاناً قد عاد إلى الساحة الفنية التي اعتزلها خمس سنوات بسبب الظروف الصحية التي تعرض لها، وأنه سوف يقوم بتصوير عدد من الأعمال الفنية... إلى آخر الخبر.
أيها الإخوة: إن من المؤسف أن يكون بعض الناس جباراً في الجاهلية خواراً في الإسلام، كما يقول أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه، فمن المؤسف أن يكون بعض هؤلاء في جاهليته مفسداً، أثر في حياة الملايين، وغير مجريات الأحداث في مجتمعات بأكملها، ثم إذا اهتدى هذا الإنسان أصبح شخصاً منعزلاً في زاوية لا يسمع به أحد، ولا يصل تأثيره إلى أحد.
ويعجبني خبر ذلك القسيس السوداني الذي أسلم عقب مناظرة طويلة مسجلة في عشرات الأشرطة، وبعد ما أسلم قال: لقد تنصر على يدي أكثر من ثلاثين ألفاً في أفريقيا، وإنه لن يهدأ لي بال حتى يهدي الله تبارك وتعالى على يدي مثل هذا العدد أو أكثر منه.
نعم! ولكن هذا الدور الذي نطلبه من هؤلاء لا يمكن أن يقوموا به بمفردهم، لا يمكن أن يقوموا به إلا إذا وجدوا البيئة الإسلامية التي يتربون فيها أولاً؛ لأنه كما يقال: فاقد الشيء لا يعطيه، وكونه بالأمس -مثلاً- فناناً أو ممثلاً كان يملك المواهب التي تتيح له هذا الأمر، لكنه اليوم يريد أن يخدم في مجال الإسلام، فلا بد أن يملك -أيضاً- الإمكانيات التي تتيح له أن يقدم شيئاً ما في هذا المجال، وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا تربى في جو إسلامي سليم وصحيح، وهذا واجب جميع من يستطيعون أن يقدموا شيئاً في هذا المجال، وواجب المؤسسات الإسلامية بالدرجة الأولى.. هذه ملاحظة.
الفن والغناء وهذه الأشياء ليس لها ميزان في نظرنا، ولا ينبغي أن نضخم دور هؤلاء وحجمهم وأسماءهم، وهذا التضخيم له آثار سلبية؛ لأننا -أحياناً- من حيث لا نشعر قدمناهم في الواجهة، وصرنا نتحدث عنهم في صحفنا، ومحاضراتنا، وكتبنا على أنهم قيادات وشخصيات بارزة، ومقابلات، وكتابات... إلى آخره.
فأقول: إن هذه الهالة التي نضفيها -أحياناً- على هؤلاء التائبين تبرزهم في الواجهة، وتجعل الناس معلقين أو متعلقين بشخصياتهم، وهذا ذو أثر سلبي من عدة جوانب، فمن جانب: هؤلاء الناس قوم حديثوا عهد بإسلام، واحتمال النكوص والتراجع وارد عندهم، خاصة إذا لم يجدوا بعد هدايتهم المجالات التي تستفرغ جهودهم وطاقاتهم، فربما يدعوهم الفراغ إلى معاودة ما كانوا عليه والحنين إلى ماضيهم؛ فيضعف الإنسان منهم، ويتراجع وينتكس، وهذا يسبب إحباطاً عند كثير من الناس، فبقدر ما فرح بالأمس بهدايته، يتضاعف حزنه اليوم لأن فلاناً قد رجع وانتكس إلى ما كان عليه.
وكما أنه يعتبر أنه قدم في هدايته دليلاً على أن ماضيه السابق غير جيد، فهو قد يقدم في نظر بعض الضالين دليلاً على أن ما عاد إليه لم يكن مقنعاً له؛ ولذلك تركه إلى ما كان عليه من قبل.
السلبية الأخرى: أن هؤلاء لا تخلو آراؤهم، ونظراتهم وشخصياتهم من ضعف بسبب أنهم حديثو عهد بإسلام أو بهداية، فقد يتقبلها الناس باعتبار أنهم أشخاص معروفون، وهذا أكثر ما يوجد بالنسبة لأناس عاشوا في بيئات سيئة، ولعلي أضرب مثلاً: مصطفى محمود.
مصطفى محمود رجل تحدث الناس عنه وعن توبته، وتحدث هو عنها في كتابه المعروف رحلتي من الشك إلى الإيمان وفي عدد من كتبه.
وبطبيعة الحال أنا لا أريد أن أتحدث عن هذا الرجل، ولا عن أفكار هذا الرجل، ولا أوافق من يقولون: إن الرجل مدفوع من قبل الماسونية وغيرها، فنحن لم نكلف شرعاً باتهام نيات الناس ومقاصدهم، وينبغي أن نتعامل مع الناس على حسب ما يظهر لنا منهم، وبقدر فرحنا بهداية أي إنسان للخير ينبغي ألا نلقي عليه بأي ظل من الشك، وإنما هذا لا يمنع من التحفظ على آراء أو أفكار أو أطروحات يقدمها للناس.
ولذلك أقرأ في كتب من كتب هذا الرجل، أو قرأت سابقاً في بعض كتبه آراء غير جيدة من الناحية الإسلامية: آراء متأثرة بـالصوفية مثلاً، وآراء متأثرة بـالمعتزلة، وبقايا لوثات من فكره القديم؛ لأنه كان ماركسياً.
وهذه الإشارات لا تجعلنا نقول: إن الرجل ما تاب أو ما تراجع، لا،بل تجعلنا نقول: هذه آثار وبقايا، ونطمع إن شاء الله مع تقدم الزمن به، وعناية أهل الخير ومن حوله به أن تصلح أحواله، وأنا لا أتحدث عن شخص بعينه، فالأسماء لا تعنينا إلا بقدر أن تكون نموذجاً فقط، ففرق بين كوني أهدر الشخص بالكلية وبين كوني أتلقى ما يطرح من آراء وأفكار موثقة ومضبوطة وصحيحة.
فينبغي أن يكون موقفنا من التائبين موقفاً سليماً معتدلاً، لا موقف الإهمال والإغفال، ولا موقف أن ننفخ فيهم ونرفعهم فوق قدرهم؛ فنخسرهم بعد ذلك.
هذه أهم المعالم التي أحببت أن ألقيها بين أيديكم باعتبارها تعليقات على هذه النماذج السريعة، وأسأل الله عز وجل أن يهدي المسلمين جميعاً إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم دنيا وأخرى..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب: هذا المثال الماثل أمامنا الآن يؤكد ما ذكرت لكم قبل قليل من أهمية هذه النماذج في تثبيت ما هو مستقر في أذهان الناس من موقف الإسلام الصحيح تجاه هذه القضايا، فهذا بصفة عامة.
أما القضية الخاصة وهي قضية الغناء وموقف الإسلام منه والمناقشة للأفكار التي طرحها الشيخ محمد الغزالي في كتاب مائة سؤال وفي كتاب السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث فقد تحدثت عنها بالتفصيل في محاضرة أو محاضرات عنوانها حوار هادئ مع الشيخ محمد الغزالي وكان موضوع الغناء يحتل جزءاً من المحاضرة الثانية، فيمكن للأخ مراجعته.
الجواب: هذا يذكرني بجانب مهم أغفله الحديث، وهو أنني حين أتحدث عن دور المجتمع وضرورة أن يقوم بدوره في حماية الشباب من هذا الوضع، فإنه يقدم بذلك خدمة جليلة؛ لأن الإنسان حتى بعد أن يتوب سيجد أنه أمام نتائج وخيمة لماضيه:-
أولها: السمعة السيئة التي يتحدث بها الناس عنه.
ثانيها: التأثير الذي أحدثه في نفوس الكثير من مشاهديه أو مستمعيه، والذي لا يستطيع أن يمحوه بكل حال.
ثالثها: الوثائق المحفوظة من أشرطة أو أفلام أو كتب أو غيرها، التي قد تظل تؤدي دوراً سيئاً حتى بعد هداية هذا الإنسان.
وبذلك لا يستطيع الإنسان أن يمحو جميع الآثار التي كانت له في الماضي.
وأما حول سؤال الأخ فإنني أقول: إن على الأخ أن يبلغ ويبين لكل أحد يتصل به أو يعرفه سواءً من أصحاب التسجيلات أم غيرهم، أنه لا يسمح بتداول الأشرطة التي كانت له في الماضي.. هذه مسألة.
والأمر الآخر: أن عليه بعد أن من الله عليه بالهداية أن يؤدي دوراً في دعوة بعض الناس إلى الإسلام، والتأثير عليهم؛ لعل الله عز وجل أن يكفر بهذه الأعمال الصالحة ما سبق من ذنوبه وأخطائه، والتوبة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم تجب ما قبلها.
الجواب: هذا الموضوع كبير، موضوع دورنا باعتبارنا أفراداً، ودور المؤسسات الإسلامية الرسمية، وغير الرسمية في استقبال التائبين بألوانهم وتثبيتهم ودعم مسيرتهم، وأرى أن الحديث عنه الآن قد لا يفيد كثيراً، ويحتاج الموضوع كما ذكرت إلى حديث خاص، ولعلي أوفق إليه إن شاء الله في مناسبة أخرى.
الجواب: الدور مزدوج كما يقال، فمن جهة لا شك أن هؤلاء يمارسون دور الطابور الخامس في تحطيم الإسلام وقيمه وأخلاقه وعقائده، وهؤلاء أخطر وأفتك من الأوبئة الفتاكة المعدية التي تسري في الأمم فتفتك بالأجساد، وهم لا شك خطر وبيل على الأمة؛ ولذلك فإن هؤلاء لا كرامة لهم، وينبغي الحديث عنهم والتحذير منهم، وهذا مما يتقرب به إلى الله عز وجل، أن تقول لأخيك: اجلس بنا نغتب ساعة! ثم تتحدث عن الفنان الفلاني والممثل الفلاني والدور الذي قام به في تحطيم القيم والأخلاق والفتك بالمعاني الإسلامية في نفوس الناشئة، ولا شك أن هؤلاء ممن يجاهرون بمعاصيهم فلا كرامة لهم.
أما إذا كان لديك وسيلة لدعوة هؤلاء ورأيت أن تكف عن الحديث عنه؛ لأنك تتصل به مباشرة لكونك قريباً له أو جاراً أو زميلاً، وتتحدث معه وترى عند الرجل بدايات واستعداداً للقبول، فرأيت أن تكف عنه لتدعوه إلى الله عز وجل فهذا أمر طيب، والموضوع يدور مع المصلحة.
الجواب: الكتاب فيما أعلم -ولست متأكداً ولكن هذا الذي أظنه- لم يبع في مكتبات المملكة، وهذه نعمة، ونسأل الله أن يوفق القائمين على رقابة المطبوعات إلى منع هذا الكتاب وأمثاله من الكتب التي تحدث البلبلة في عقول الناس، ولو سأل أحد عن الكتاب أو عن أفكاره فينبغي للإنسان أن يوضح ما فيها من خلل أو خطأ، وكذلك ينبغي السعي لنشر المقالات والكتب التي قد تبين ما في هذه الكتب من أخطاء، وهي عديدة، ونشرها في أيدي الناس لتكون منيرة لعقولهم، ومزيلة لما وقع من لبس في أذهان بعضهم حول بعض القضايا الخطيرة التي أثارتها كتب الغزالي.
الجواب: أولاً: تذكيره بموقف الإسلام من قضية الفن هذا أمر ضروري.
والأمر الثاني: تذكيره بموقف الإسلام من قضية اقتناء الصور وتعليقها، خاصة حين تكون صور كافرين، والحقيقة أن هذا جانب قد يتعلق بقضية العقيدة؛ لأنك كونك تعظم هذا الفنان الكافر -قد يكون فناناً كافراً- تعظمه وتعلق صورته في صدر المجلس، أو في السيارة وتصحبها معك، هذا يوحي بانكسار الفواصل العقدية بينك وبينه، أي أنك لا تشعر بالعزلة الدينية عن هذا الإنسان، ومن ثم يقع منك هذا، وهذا قد يؤدي إلى تقليده ومحاكاته.
وقد حدثني بعض الإخوة أن بعض الشباب إذا ذهبوا إلى تلك البلاد يحاكون ويقلدون الفنانين والممثلين والممثلات في حركاتهم وسكناتهم، بل وبعضهم يعلق الصليب ويعلقون الذهب، ويقلدونهم في حركاتهم وأعمالهم، حتى في تعاطي المخدرات وغيرها من الأعمال، وكأن القائل منهم ربط مصيره بهذا الفنان فهو يقول:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد |
الجواب: الدور -يا إخواني- دور الجميع، وأقول: إننا أحياناً نجد مهرباً أن نلقي باللوم على غيرنا ونخرج نحن أبرياء، ويعجبني في هذا مثل صيني يقول: "الأخطاء التي نعيشها الآن حصلت من الجيل السابق، وسوف تحل بواسطة الجيل اللاحق"، أما نحن فجيل مثالي! هذا المثل ينطبق علينا في غالب الأحيان، فمن السهل أن نلقي باللوم في الأخطاء التي نعيشها على غيرنا، وننتظر حلها من غيرنا أيضاً، فالسبب من غيرنا والحل من غيرنا، وهذا مهرب نفسي يخرج به الإنسان أحياناً من الإحراج.
لننظر -مثلاً- في موقف الأخ السائل وموقف الإخوة الحضور: كثير من الشباب ربما يكون قد تورط في مشاهدة الأفلام والمسلسلات وقتاً طويلاً، والآن يذكر أشياءً كثيرة شاهدها بعينه مناقضة للإسلام، أشياء ضد شريعة الإسلام -مثلاً- ضد تعدد الزوجات، وضد الطلاق، وضد الحجاب، وضد منع الخلوة، وأمور كثيرة جداً، وتجد هذا الشاب يقول: أين العلماء ودور العلماء؟! حسناً، أين دورك أنت؟! أنت الآن عرفت، لماذا لا تكتب عما رأيت؟ افترض أنك شاهدت مسلسلاً بعينه أو فيلماً بعينه، أو سمعت أغنية في الماضي، وفي هذه الأشياء أمور محددة يمكن أن تكتب عنها، فيكتب الإنسان أنه يوجد كذا وكذا وكذا بالتفصيل، ولا مانع هنا أن ترفعوا للعلماء، بحيث يكون هناك قضية محددة.
ثم هناك دور آخر، دورنا -أيضاً- نحن لا يقتصر فقط على قضية منع هذه الأمور؛ لأنه -سبحان الله- مع استقرار الأشياء في نفوس الناس وفي المجتمعات أصبح الناس يقولون: هات البديل هات البديل، وبطيبعة الحال الإسلام لا يوافق على قضية "هات البديل" فليس معقولاً أن يرتكب إنسان محرماً ثم يقول: سأستمر حتى يأتي البديل الحلال..!
يمكن أن نقول: اترك الحرام ولو إلى غير بديل، لكن واقع الناس اليوم يطالب بالبديل، لذلك ينبغي لشباب الإسلام وللدعاة الذين يوجد لديهم مواهب وملكات وإمكانيات يمكن أن يقدموها لخدمة الإسلام في هذه المجالات الإعلامية المباحة، ينبغي أن يتجهوا لخدمة الإسلام من هذه الناحية.
الجواب: هذا من جانب يؤكد على أهمية الجليس الصالح، ولذلك شبه الرسول عليه الصلاة والسلام جليس السوء بنافخ الكير، فإنه إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة، فكذلك هذا الإنسان الذي يدرب زملاءه على ألوان من الفن والعزف وغيرها، هو نافخ كير يحرق ثياب جلسائه، وبطبيعة الحال فالشاب يجب عليه أن يختار الجليس الصالح الذي يستفيد منه ديناً ودنيا، وإلا فهؤلاء الجلساء سرعان ما ينفضون عن صاحبهم، وكما قيل:
شيئان ينقشعان أول وهلة ظل الشباب وصحبة الأشرار |
ثم إن الآباء عليهم مسئولية كبرى -في الواقع- في هذا الجانب، فعلى الأقل دور الأب أن يحرص على أن يرشد ابنه إلى الجلساء الصالحين، والحمد لله هم كثير في المجتمعات، ونحن نجد أن المجتمعات ملأى بالشباب المتدين، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، وحلقات العلم والمدارس وغيرها.
فأقل ما يمكن أن يكون دور الأب أن يوجه ابنه نحو اختيار الجلساء الصالحين، وكذلك زملاؤه وأصدقاؤه الذين يعرفونه وأقاربه يحرصون على إنقاذ من استطاعوا إنقاذه من هؤلاء.
فهؤلاء الهلكى -أيها الإخوة- سواء أكانوا ضحايا مخدرات، أم كانوا ضحايا أفكار سيئة، أم ما يسمى بالفن، أم غيرها، هؤلاء مثل جماعة مقيمين في بيت ضخم، فتهدم عليهم هذا البيت، فدور مشاهدي هذا البيت بطبيعة الحال ليس دور المتفرج الذي يصف كيف الحادث، وما هي أسبابه، ومن الذي يتحمل المسئولية.. لا! دوره الآن أن يساهم في الإنقاذ.
فمن استطاع أن ينقذه بالكلية أنقذه، ومن كان يستطيع أن ينقذه ولو كان فيه جروح فعل، ومع هذه الجهود ومع هذا كله لا يمنع أبداً أن يوجد تحت الأنقاض أشخاص كتب لهم أن يموتوا ولا يفيد فيهم الإنقاذ، لذلك الله سبحانه قال عن بعض الناس: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس:97] فعلى الإنسان أن يبذل وسعه في هذا السبيل، والنتائج على الله سبحانه وتعالى.
الجواب: هناك دور عام ذكرته قبل قليل وهو أن واجب القادرين على التأثير في اتجاه هذه البرامج ومزاحمتها أن يبذلوا ما استطاعوا، ثم إننا نعلم أن البلاد الإسلامية مقبلة على ما يسمى بالبث المباشر، والذي تحاول فيه الأقمار الصناعية الغربية والشرقية أيضاً أن توصل بثها التلفزيوني إلى بلاد المسلمين، كما تصل إليهم الإذاعات من أنحاء العالم، وبناءً على ذلك سوف يصبح الأمر خطراً مضاعفاً: خطراً على العقيدة بالتنصير وزعزعة العقائد وبث الإلحاد والشبهات في نفوسهم، وخطراً على الأخلاق، وخطراً على القيم الاجتماعية، وخطراً على الفرد وعلى الأمة.
لذلك فإنني أقول: إن من الواجب أن يدرك الأب خطورة الأمر، ويفكر ملياً، ويدرك جلياً أن الأمر لا ينبغي أن يمر هكذا وكأنه شيء عادي.
إن وجود التلفاز في بيوت كثير من الناس لا يعفيهم من التفكير في عقباته ومغبة تركه في المنـزل، وترك الحبل على الغارب لأهل البيت فيه، فأقول: من كان بمنجاة من هذا الجهاز أو يستطيع أن يكون بمنجاة فهذا الذي لا يسعه غيره؛ لأنه من الصعب على الأب أن يترك أعماله ويجلس كأنه بواب عند هذا الجهاز فيه مادة يجيزها وفيه مادة يمنعها، هذا مستحيل! وقضية الاعتماد على الوازع الديني في نفوس الآخرين هذا -أيضاً- أمر صعب؛ لأني أعرف أن عادة الوازع الديني عندهم أنه ضعيف.
وأما من كان مبتلى بوجود هذا الجهاز ولابد له منه، فإن عليه أن يعمل ما استطاع على قناتين:
القناة الأولى: محاولة حمايتهم من المواد السيئة فيه بقدر ما يستطيع.
القناة الثانية: محاولة تيسير المادة الإسلامية الجيدة للبيت: مثل الشريط الإسلامي، والكتاب، المجلة، وهناك توجد أجهزة الآن يمكن أن تفيد الصغار، فيوجد برامج في الكمبيوتر، يوجد أشرطة كاسيت للأطفال، ويوجد مجلات إسلامية، ويوجد قصص إسلامية، ويوجد وسائل عديدة يمكن أن تنفع أهل البيت، وتحيي الضمير الحي في نفوسهم.
وكذلك دوره في الإصلاح والتأثير؛ فيعقد جلسة مع أهل البيت يذكرهم بالله، وباليوم الآخر، ويبين لهم الحق ليعملوه، ويبين لهم الخطأ ليتركوه. هذا ما يمكن أن يفعل تجاه هذا الموضوع.
الجواب: الحقيقة -أن الذي يبدو لي- أن الأمر لا شك فيه، إما اليوم أو الغد.. هذا أمر آخر، لكن قضية أن هذا الأمر يخطط له من قبل الدول الكبرى، ويعدون أنه من الأشياء التي يتسابقون إليها في محاولة غزو عقول المسلمين واحتلال رءوسهم، فهذا أمر تحدثت عنه الصحف والمجلات والمعلومات والإحصائيات منذ زمن بعيد، ويبدو أنه أمر قريب.
أما واجبنا جميعاً نحو هذه القضية فلعله يقرب مما سبق، وإن كنت هنا أضيف دوراً من باب استكمال بحث القضية، وإلا فمسألة كونه يحصل أو لا يحصل هذه قضية أخرى، وهو أن على المؤسسات الإعلامية الإسلامية سواءً أكانت رسمية أم غير رسمية، أن تتنادى إلى مؤتمرات جادة لمعالجة هذا الموضوع ووضع الحلول المناسبة له.
وإنني أعتقد أنه من أهم وأنجح الحلول أن يوجد للناس البديل المناسب، فالناس تمل من مشاهدة أمور لا جدوى من ورائها، وقضايا مكررة ومعادة ومجاملات، فإذا وجدت أشياء من خلال البث المباشر يكون فيها إثارة، وفيها مراعاة لنفسية المشاهد، واستخدام التكنولوجيا المعاصرة، وفيها أشياء كثيرة، فسوف يعرض الناس -والله أعلم- عن مشاهدة حتى التلفزيونات العربية على ما فيها، وهذا سوف يحدث مسخاً، حتى لو نظرنا بالمقياس المادي البحت سنجد أنه حتى من الناحية السياسية سوف يصبح ولاء هؤلاء الناس لغير بلادهم.
وحتى من الناحية الأمنية سوف يحدث آثاراً بعيدة المدى في نشر الجريمة والتدرب عليها، ونشر المخدرات وغيرها.
فالواقع أنه خطر ديني ودنيوي، والواجب أن يتنادى إلى مؤتمر أو مؤتمرات عامة تضع سياسة إعلامية سليمة وقوية وناجحة، على الأقل تنافس هذه الشركات والمؤسسات التي سوف تبث عن طريق الأقمار الصناعية.
الجواب: من حيث المبدأ فإن سماع الغناء أو سماع الكلام الفاحش البذيء عبر الجهاز أو غيره أمر محرم، ومن حيث المبدأ فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شريعة مستقرة في الإسلام، فإذا استطاع الابن في هذه الحال أن يمنع أهله -أباه أو غيره- من مشاهدة هذه الأشياء أو سماعها فعل.. فإن لم يستطع واستطاع أن ينجو بنفسه من سماعها فعل، فإن رأى أن في بقائه مصلحة كبيرة -مثلاً- شاب يقول: أنا لا أستطيع أن أخرج من البيت؛ فأنا شاب صغير غير متزوج وليس عندي إمكانية أن أستقل ببيت، ولابد لي من البقاء داخل هذا المنـزل، ولو أني قمت بتغيير هذا المنكر بيدي ومنعت سماع الغناء -مثلاً- لكان لذلك آثار سلبية.. فربما يعتدي عليه الأب أو يؤذيه، أو يكون هذا له أثر مضاعف، فحينئذ نقول للابن: عليك ألا تنصت لسماع هذا الغناء، وهذا أضعف ما يجب عليك هو أن تكون منكراً بقلبك وألا تستمع؛ لأن هناك فرقاً بين السامع وبين المستمع.
فالسامع من جاء الشيء إلى أذنه دون أن يتعمد سماعه وأن ينصت له، مثلما لو كنت واقفاً عند إشارة وصاحب السيارة المجاورة قد رفع صوت المذياع بأغنية فسمعت من غير قصد، ففرق بين السامع وبين المستمع الذي ينصت للغناء ويسمعه عمداً وقصداً..
فعلى الإنسان أن يعمل على إصلاح البيت ما استطاع بالوسائل المعروفة، ومن جهة أخرى عليه أن يعمل على تكوين بيت مستقل يبنيه على أسس إسلامية سليمة.
الجواب: في التلفاز قد تعرض قصص -أحياناً- عن حياة بعض الصحابة أو عن حياة بعض الأبطال والعظماء، وهذه القصص بطبيعة الحال العنصر النسائي فيها موجود فيما أعلم، ومشاهدة الرجل للمرأة على شاشة التلفاز وهي بصورة معينة إما مكشوفة الرأس، أو الوجه أو كليهما أو جزء من بدنها غير قليل، وهي في ملابس مثيرة! لا شك أن هذا فيه من الأضرار على الشاب الشيء الكثير.
بل إنني لا أبالغ أحياناً أن أقول: إن هذا قد يفوق -أحياناً- مشاهدة المرأة على الطبيعة من حيث حجم ما يشاهد! فالإنسان قد يشاهد المرأة أو ينظر إليها في السوق لكنها بالجملة محتشمة، أما عبر الشاشة فقد يشاهد منها أجزاء كبيرة تكون أبلغ في الإثارة ولفت النظر! وبذلك يعلم أن مشاهدة مثل هذه الأشياء -متى كانت محتوية على مثل هذا الأمر- غير سائغ.
الجواب: أما اهتمام الصحف -فعلاً- فهو ملحوظ، فقد لاحظت عدداً غير قليل من الصحف يعد بالعشرات! من مقابلات وأسئلة ونشر بعض مقالات، وشيء من هذا القبيل، وتركيز على قضايا معينة مثل: قضايا الغناء، وقضايا وجه المرأة، وقضايا الشباب المسلم، وقضايا الفائدة الربوية، وما أشبه ذلك من الأمور التي يعرفون أن للرجل فيها رأياً، وهم يريدون أن يصطادوا في الماء العكر كما يقال، فهذا هو السر.
أما الجزء الثاني من السؤال (لماذا لا تقفون من الصحف موقفاً إيجابياً): فحقيقة ليس عندي إجابة عليه، وهناك آية في القرآن الكريم نصها: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
الجواب: تأجير هذه المحلات مساهمة في نشر الشر والفساد بين المؤمنين، خاصة محلات الفيديو، فنحن نعلم أن كثيراً منها تستعمل أو تتاجر بأشرطة وأفلام تهدم ولا تبني، وتخرب ولا تعمر، وتضر ولا تنفع.. فمن أجر محلاً لبيع أغانٍ، أو آلات طرب، أو فيديو أو نحوها من الأمور المعلومة التحريم فهو مشارك في الإثم، وداخل في قوله تعالى:وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] فهو ممن يعين على الإثم والعدوان.
الجواب: النصيحة قد تفيد فيه، وعدد منهم تَخَلَّوا عن أماكنهم أو حولوها إلى أماكن إسلامية لبيع مواد نافعة ومفيدة على إثر نصيحة صادقة من بعض الشباب، فهذا الشاب عندما لا يكون جباناً أو خجولاً فإنه لا يخجل من الحق الذي معه.. فلا مانع أن تجلس مع صاحب المحل جلسة مباسطة، وتتحدث معه بهدوء، وتحاول أن تحشد عدداً من المؤثرات، وتذكره بهذا المال الذي يكسبه، وكيف أنه يدخل إلى جوفه وإلى جوف أولاده شيئاً حراماً وبقوله عليه الصلاة والسلام:{أيما جسد نبت من سحت فالنار أولى به} ولا بأس أن تذكره ببعض القصص والأحداث، فالمهم تذكر مؤثرات عديدة، لعل الله أن يهديه.
وكذلك تذكره أن هناك وسائل للرزق كثيرة ومباحة وقد تكون خيراً مما هو فيه.
وأذكر أن رجلاً كان صاحب محل من هذه المحلات السيئة، فالتقى بأحد الشباب الصالحين فنصحه وذكره وقال: الإنسان لا يدري ما مقامه في هذه الدنيا، وهو يشتغل في هذه الأمور التي فيها ضرر وخطر، وما زال به حتى أقنعه؛ فترك هذا المحل، وبعد أقل من أسبوع صار على صاحب المحل حادث وتوفي.. سبحان الله العظيم!! والقصة قريبة الوقوع في هذه المنطقة ومنذ وقت ليس بالبعيد، أعني خلال أشهر..!
الجواب: كلاهما لا يصح.
الجواب: أولاً: ننصحك بنصيحة الله عز وجل: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ [يس:60] ونصيحة إبراهيم عليه السلام لأبيه: يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً [مريم:44] فأنت تعلم الآن أن هذا من الشيطان وهو عدوك فلا تطعه، ثم قد يكون هذا الشعور الذي عندك بسبب ضعف الأعمال الصالحة التي تقوم بها، بحيث وجد عندك شيء من الفراغ؛ فأصبح لديك حنين إلى ماضيك! فعليك أن تكثر من الأعمال الصالحة؛ فإن الأعمال الصالحة تساهم في تثبيت الإيمان في قلبك.
وكل عمل صالح هو دعم لمستوى الإيمان في قلبك، وكأن الإيمان في القلب مثل هذه الرمال التي تتحرك في الصحراء، فإذا غرست فيها الأشجار استقرت وثبتت وغرست جذورها في أعماق التربة، فكذلك الأعمال الصالحة هي أشجار تغرسها فتساهم في تثبيت الإيمان في قلبك، ثم إن كان هناك أسباب توجب هذا الأمر الذي تحسه مع هؤلاء الشباب الطيبين، فعليك أن تعمل على تلافيها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر