أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد...
فإن اللقاء يطيب في مدارسة الأمور الخيرية المهمة، التي تتعلق بنا جميعاً، ذكراناً وإناثاً، والتي من شأنها أن تقوِّم سلوكنا، وتثبيت أقدامنا على طريق الإسلام، وإن الحديث عن موضوع المرأة في كل وقت هو أمر مهم، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إن النساء قلن له يا رسول الله غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً تعظنا فيه، فجعل لهن يوماً، فأتاهن ووعظهن وذكرهن} فالحديث عن المرأة ووجوب تمسكها بقيمها وبدينها، أمر مهم في كل وقت، ولكن تتأكد أهميته في مثل هذا الوقت، وفى مثل هذا الزمن الذي نعيش فيه، وذلك لأسباب ثلاثة:
إذاً: فتبليغ الدين والأحكام والحلال والحرام، أمر يجب أن يوصل إلى المرأة كما يوصل إلى الرجل، والإسلام ليس ديناً مقصوراً على الرجال، كما يشيع في بعض المجتمعات عن جهل، حيث يعتبرون توجه المرأة للدين، وإكثارها من الصلاة، علامة غير طيبة، بسبب الجهل وسوء الظن لديهم، كلا. بل الدين خطاب للرجل والمرأة على حد سواء.
لأن المرأة إذا فسدت وانحرفت غدت فتنة لكل مفتون، وسببت الفساد والدمار في المجتمع، وركزوا على المرأة، لأن المرأة هي التي تتخرج على يديها الأجيال التي ينتظر منها أن تبعث مجد الأمة، والتي يتخرج على يديها الشباب الذين سوف يملئون الفراغ الذي وقعت به الأمة الإسلامية، فإذا انحرفت ونسيت مهمتها فقد ضمن أولئك الأعداء أن تتخرج من المسلمين أجيال لا تعرف من أمر دينها شيئاً، ولا تتحمس لدينها، ولا لأمتها، ولا لكرامتها، إنما تتحمس للتوافه من الأمور، لهذا وذاك ركزوا في هجمتهم الشرسة على المرأة وحاولوا إفسادها بكل وسيلة.
ونظراً لأن الأمراض الخلقية بطيئة التأثير، فإن الإنسان الذي يسمع التحذير منها، ويسمع المصلحين يدقون ناقوس الخطر، ويقولون تداركوا الأمر، ينظر هذا الإنسان في الواقع، فيجد أن الفساد منتشر في كثير من المجتمعات، ومع ذلك لم يصبها العذاب، ولم ينـزل عليها عقاب الله، فيظن هذا الإنسان المتعجل، أن جميع النذر التي يسمعها إنما هي خرافات وأساطير.
والواقع أن العقاب قد لا ينـزل ضرورة في الجيل الأول، الذي وقع في الفساد والانحراف، بل قد لا ينـزل في الجيل الثاني، وقد يتعدى ذلك، ولكن كما ذكرت إن الفساد الخلقي بطيء الانتشار، ولكنه ينتشر بعمق، وقد تظهر الآثار بعد جيل أو جيلين أو ثلاثة بحسب قوة انتشار الفساد، وبحسب المقاومة لهذا الفساد من المصلحين.
وقد أصبحت حال المرأة مع هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يطالبون بحقوقها وهم في الواقع يسعون إلى تكبيلها، وجعلها في موقع العبودية للرجل، وكل همها أن تسعى إلى كسب إعجابه بكل وسيلة، حال هؤلاء القوم مع المرأة، يذكرنا بالخبر الطريف، الذي ذكره الأستاذ العقاد في أحد كتبه حينما قال: "إن المندوب البريطاني في مصر كان إذا أراد أن يسجن رجلاً أو يعاقبه، أرسل إليه خطاباً وختم هذا الخطاب بقوله خادمكم المطيع فلان" هو يدعوه إلى السجن أو التعذيب، ومع ذلك يوقع باسم "خادمكم المطيع فلان".
فهكذا هؤلاء الأدعياء، الذين يزعمون أنهم محامون عن المرأة، وهم في الواقع طلاب شهوات، يريدون أن يستمتعوا بالمرأة بلا قيد ولا شرط.
إن الرجل المستعمر استعماراً عقلياً، والذي تعشش في فكره وخياله النظريات الغربية الكافرة، لا يستطيع أن يفهم معنى حرية المرأة في الإسلام، وهذا الأمر الخطير، هو الذي يحذرنا منه أحد الشعراء الإسلاميين، في قصيدة يخاطب بها المرأة المسلمة، يقول:
أيتها المرأة كُفِّي من دلالك واسمعي النصح يجنبك المهالك |
ذلك العُري الذي آثرته رجعة للغاب لو تدرين ذلك |
خَلْفه أيدي الكواهين التي لا يروي غلها غير اغتيالك |
ثم يقول وهو يصف بالضبط خطورة انحراف المرأة:
قد دَرَت أنكِ معيار القوى فإذا اختل هوى الخزي بآلك |
وقديماً يئسوا من قهرنا حينما أعياهم لمح خيالك |
غير أن الذل قد أرهقنا منذ أن خضت بنا تلك المسالك |
فمتى العود إلى الله وقد وضح الدرب ولا عذر لهالك |
أيها الإخوة.. إن المرأة المسلمة في هذا الزمان، وفى كل زمان، مُطالبة بتحقيق معنى كونها امرأة، مُطالبة بأن تؤمن بأنها خلقت امرأة فعلاً ولم تخلق رجلاً، وأن تدرك أن كمالها وجمالها وقوتها وسعادتها، ليست في محاولة التخلص من طبيعتها، ومحاكاة الرجال في طبائعهم، بل إن قوتها وسعادتها وكمالها، تكمن في تحقيقها لطبيعتها البشرية التي جُبلت عليها.
وفى مثل هذه الظروف والأحوال، يفزع الإنسان إلى التاريخ، يحاول أن يستلهم العبر من الأحداث والوقائع التي حدثت عبر التاريخ، ولذلك فإنني أجدني مسوقاً إلى استعراض بعض الصور والنماذج، التي ضربت فيها المرأة المسلمة أروع الأمثلة في الصبر، وفي القوة، وفي الاعتزاز بدينها، وفي معايشتها السراء والضراء مع زوجها.
أيها الإخوة والأخوات: لقد أشاد الله عز وجل في القرآن الكريم بموقف عدد من النسوة، فها نحن نجد أن الله عز وجل يضرب لنا المثل بقصة امرأة فرعون التي نشأت في هذا القصر المليء بالمغريات، المليء بالملذات الذي يقف فيه هذا الطاغية الأكبر المتأله، فرفعت رأسها في وسط هذه الظلمات تقول: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم:11].
لقد أعرضت عن هذا القصر الذي تعيش فيه، وزهدت في زينته، فطلبت من الله عز وجل أن يبنى لها عنده قصراً في الجنة، وهذه المرأة قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع -منهن-
فهذا أنموذج للمرأة المسلمة وبجواره أنموذج آخر يَمُت إليه بسبب، ألا وهو أنموذج ماشطة بنت فرعون.
يقول ابن عباس -رضي الله عنه وأرضاه: [[تكلم في المهد أربعة -أربعة صغار- عيسى بن مريم، وابن
هذه الصورة العظيمة، التي لا تكاد تتكرر على مدار التاريخ، إنما صنعتها امرأة لم تصنعها بقوتها، بل بقوة الله، ولولا أنها تملك من قوة الإيمان، ورباطة الجأش ما تملك، لما استطاعت أن تقف هذا الموقف الذي ينهزم فيه أكابر الرجال وليس هذا الموقف فريداً أو يتيماً في تاريخ المرأة المسلمة، فإننا نجد في هذه الأمة المختارة المصطفاة، امرأة جددت لنا موقفاً شبيهاً بهذا.
إذا ما محاسني اللاتي أدل بها صارت عيوباً فقل لي كيف أعتذر |
ولقد سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه سيكون في ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد عرفناه -وتعنى بذلك والله أعلم المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي نسب إليه ادعاء النبوة- "وأما المبير" -ومعنى المبير: الذي يكثر القتل في الناس- فوالله ما أحسبه إلا أنت، فخرج الحجاج من عندها يجر ثوبه منكسراً ولم يرد عليها، بل إنه قال في بعض الروايات: جئنا لنعلمها فعلمتنا أو نحو ذلك
]] فهو يشعر بأنه جاء ليوبخها فوبخته هي، وخرج من عندها بهذه الصورة!فهذه صورة امرأة فقدت ابنها فلم تتزعزع ولم تتزلزل، بل إن بعض الروايات تقول: إن ابن الزبير حين حصر بـمكة جاء إلى أمه يقول لها: [[يا أماه أنت ترين الآن وقد حاصرني العدو، وقَلَّ من معي من الجند، ولا بد من الهزيمة، فما رأيك أن أستسلم لهم وأدع القتال، فقالت له: إن كنت إنما تقاتل في سبيل الله، فلا يسعك أن تتخلف عن القتال ما دامت روحك في جسدك، وإن كنت تقاتل في سبيل الدنيا فبئس العبد أنت، فقال لها: والله يا أم ما قلت ذلك إلا لأختبر صبرك فقد عرفت]] وفعلاً حققت هذه الأم من الصبر ما حققت.
أيها الإخوة: هذه صورة من صور القوة، تُطالب المرأة المسلمة اليوم بأن تجعلها نصب عينيها، وأن تدرك أن بإمكانها أن تقاوم الفساد والانحراف، وأن تقف في وجه المغريات الكثيرة التي تضج بها المجتمعات.
وهناك صور أخرى تعبر عن جوانب غير جانب القوة والصبر الذي سبق فمن ذلك جانب القيام بالمهمات، والأعمال الطبيعية التي أنيطت بالمرأة، فالمرأة خلقت لمهمات محددة واضحة، تتعلق بمشاركة الزوج في البيت وخدمته، ورعاية الأولاد، وبناء الأجيال، وما أشبه ذلك من الأعمال.
وانظروا إلى صورة أخرى، وهى صورة امرأة من أفاضل النساء، وكفاها فخراً وشرفاً أنها ابنة محمد صلى الله عليه وسلم، أفضل الأولين والآخرين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين فإنه خير لكم من خادم
} والحديث أصله في الصحيح، وخرج من عندهما صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن هذه الأذكار قد جربت لمن حافظ عليها عند النوم أنه يجد من القوة والقدرة على معاناة الأعمال ما لا يجد غيره" وهذا سر فيها، يدل عليه توجيه النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلي إلى ذلك، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه [[فوالله ما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صفين قال: ولا ليلة صفين]].وهذه القصة أيضاً ليست هي الوحيدة، بل إنني أقول: إن معظم نساء الصدر الأول من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم أو زوجات الصحابة كن على مستوى قريب من هذا المستوى.
يروي الإمام مسلم في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: [[تزوجني
هذه أيها الإخوة والأخوات ثلاثة جوانب:
الجانب الأول: جانب قوة المرأة وصبرها وتحملها لما تلقى في سبيل الله.
والجانب الثاني: إن المرأة مع ذلك، ومع اشتغالها بشئون دينها ودعوتها، فإن هذا لم يصرفها عن القيام بأعمالها الطبيعية التي كلفت بها.
والجانب الثالث: أن هذا وذاك لم يصرفاها عن السعي في طلب العلم وجمعه وتحصيله.
أسأل الله عز وجل أن يصلحنا جميعاً رجالاً ونساءً وأن يحمينا من كيد أعدائنا، وأن يبصرنا بمواطن الضعف في أنفسنا.
وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
الجواب: أولاً: أقول: إن هذا الذي ذكره السائل الكريم، هو شأن طائفة من النساء، وليس شأن النساء كلهن، فإننا نجد بحمد الله وهذه بشارة يكثر تكريرها وتردادها؛ لأن النفس تفرح وتسر بها، فهي كما يقول الشاعر:
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره هو المسك ما كررته يتضوع |
إننا نجد صحوة إسلامية في أوساط النساء، كما نجد ذلك في أوساط الرجال، ونجد من فتيات العصر الحاضر من فاقت كثيراً من النساء الكبيرات سواء في الفهم، أم في العلم، أم في التحجب وعدم ظهور شيءٍ من جسدها للأجانب، أو في غير ذلك من جوانب الالتزام بالسلوك الإسلامي، وهذه والله مفخرة للأمة الإسلامية أولاً التي على رغم الضربات القاسية الموجهة إليها لم تعقم هذه الأمة، ما عقمت، بل لا زالت تخرج لنا المستقيمين الصالحين الثابتين من الرجال ومن النساء، وهو مفخرة للمرأة التي تلتزم بهذا فإنه يدعو إلى الإكبار والإعجاب، وأنت حين ترى امرأة متهتكة متبذلة، تشعر بنوع من السخرية أو عدم التقدير لها، وتحس أنك أمام إنسانٍ غير سوي، لكنك حين ترى هذه المرأة المتحجبة حجاباً إسلامياً صحيحاً، وقد غطت يديها ورجليها وأسبغت الحجاب على رأسها، ولبست ثياباً فضفاضة فإنك تحس بالإكبار والإجلال لمثل هذا النوع من النساء.
وهو أنموذج يوجد في كل بلد، ويجب أن يحتذى ويُسار على منواله، لكن لا شك أيضاً في وجود نوع من الجهل لدى كثير من النساء، بسبب ضعف الوسائل المستخدمة في إيصال الثقافة الإسلامية للمرأة، فالمرأة تقضي معظم وقتها في البيت وهذا صحيح بل هو مطلوب أصلا، ولكن يمكن أن تصل إليها أشياء كثيرة من العلم وهي في عقر دارها، وخاصة في هذا العصر فإننا نجد الكتاب الإسلامي قد انتشر بشكل كبير، وهناك كتب إسلامية كثيرة ألفت فيما يتعلق بالمرأة، وهناك الشريط الإسلامي، وهناك أيضاً عددٌ من الأشرطة الإسلامية والمحاضرات المتعلقة بالمرأة، والتي يمكن سماعها.
مع أن ما تقرؤه المرأة من كتب أو ما تسمعه من أشرطه، ليس هو فقط ما يخصها أو يتحدث عنها، فهناك أشياء كثيرة تشترك فيها المرأة مع الرجل، فكل موعظة توجه للرجال، هي أيضاً مهمة بالنسبة للنساء، ولكن يجب علينا أن نسعى في نشر العلم الشرعي، وترويج الكتاب الإسلامي، والشريط الإسلامي في البيوت وبين النساء بكل وسيلة، حتى نحقق نوعاً من انتشار الوعي والثقافة الإسلامية.
أما ما يتعلق بالمسلسلات سواء أكانت في التلفزيون أم كانت عبارة عن أفلام فيديو أم غيرها، فإنني أقول إن المصيبة أيها المسلمون والمسلمات، إن المصيبة كل المصيبة أن نقع أحياناً في ورطات ندرك نحن أننا مخطئون فيها، ولا يمكن أن يوجد مسلم فيما أظن وأعتقد، يجلس يستمع لهذه المشاهد السيئة، التي ليس فيها إلا ألفاظ الحب والعشق والغرام، والتأوهات والشوق واللقاء وما أشبه ذلك، بل تزيد على ذلك إلى حد أن تصبح دعوة صريحة إلى الزنا في العديد من الحالات.
خطر الأفلام والمسلسلات الهابطة:
وما أظن أن مسلماً يشاهد هذه الأشياء وهو يحس بأنه يمارس عملاً عادياً أبداً، بل يدرك أنه يتعرض لسخط الله في هذا العمل، وإذا كان يدرك ذلك أصلاً فماذا عسى الواعظين أن يقولوا؟ سيقولون له إن هذا العمل حرام، ويجلب عليك سخط الله، وقد يجر المجتمع إلى عدد من المشاكل التي لا نهاية لها، لكن هذا كله لا أظنه يخفى على أولئك القوم.
بل قد تجد بينهم من هو مستعد أن يلقي محاضرة عن أضرار هذه المسلسلات، أو عن أضرار هذه الأفلام، فالقضية قضية إرادة مهزومة، وعزيمة واهنة لم تستطع أن تقف أمام الإغراء، مع أنه إغراءٌُ بسيط.
أيها الإخوة.. هناك مشكلة كبيرة جداً وهي أن الإسلام حين جاء كان من أبرز القضايا التي ركز عليها: هو التفريق بين المسلم والكافر، والتمييز الكامل، ووجود الولاء والنصرة بين المؤمنين، والعداء للكافرين، ومن ذلك جاء النهي عن مشابهة المشركين حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:{ومن تشبه بقوم فهو منهم} فاليوم أصبح العالم كله جزيرة واحدة، وأصبح ما يعرض في أحط وأردأ وأخس البيئات الغربية الكافرة التي لم تذق طعم الإيمان يوماً من دهرها، دول كافرة لم تكن مسلمة على مدى التاريخ، ولا عرفت الطهر والعفاف، هذا الشيء الذي يعرض في هذه الدول المنحطة، أصبحت تجده في كثير من الأحيان يعرض في أوساط المسلمين بصورة أو بأخرى، وهذا معناه أن الأمة الإسلامية، أصبحت مجرد أمة متطفلة على موائد الغرب، وأصبحت مصانع اليهود في هوليود وغيرها، تصدر الأفلام والمسلسلات، وتملؤها بما يثير الغرائز، ويحرك كوامن الشهوات، ويحطم القيم والأخلاق، وتملؤها بما يـبلبل الأفكار، ويهز العقائد، ثم تصدرها إلى هذه الأمة التي أصبحت جاهزة لتقبل مثل هذه الأشياء.
فأين الولاء والبراء؟! وأين النهي عن التشبه بالمشركين؟! وأين الاستقلالية التي فطرت عليها الأمة المسلمة؟!
فهذه بلية عظيمة تحتاج إلى حديث خاص، قد لا يتسع له هذا المجال.
الجواب: أولاً هناك كتب عامة ليست في مواضيع المرأة الخاصة، فهي تصلح للرجل والمرأة، وهذه الكتب كثيرة وفي فنون مختلفة، وأظن أنه سبق في هذا المكان أنني ذكرت بعضها في محاضرات سابقة.
أما الكتب المتعلقة بالمرأة خاصة، فإنني أحب قبل أن أذكر بعضها أن ألفت نظر المرأة المسلمة إلى أن ذكر كتاب معين لا يعني بالضرورة توثيق هذا الكتاب توثيقاً مطلقاً، فقد أذكر كتاباً ويكون فيه بعض الأخطاء ولكنه في الجملة كتاب طيب ومفيد، فمن ذلك كتاب للأستاذ أحمد محمد جمال عنوانه: مكانك تحمدي، ومن ذلك كتاب للأستاذ عمر الأشقر بعنوان: المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم، ومن ذلك كتاب للدكتور مصطفى السباعي عنوانه: المرأة بين الفقه والقانون، وهناك كتب لامرأة هي حرم الدكتور محمد رضا، أحدها: كتاب يتعلق بالتبرج وهو كتاب طيب ومفيد، وهناك كتب لامرأة اسمها حنان لحام، بعضها يتعلق بتفسير آيات أو سور من القرآن الكريم، وهي أيضاً كتب قيمة ومفيدة.
المقدم:
ولنا أن نتفضل على محاضرنا، ونضيف كتاباً آخر من الكتب التي نراها مهمة فعلاً، وهو كتاب الشيخ البليهي، عنوانه: يا فتاة الإسلام اقرئي حتى لا تخدعي، فحق على كل فتاة ولكل فتاة، أن تقف عنده وتطلع على ما فيه حتى لا تخدع.
الجواب: بالنسبة للفتاة التي التزمت بنفسها، ولم يتعدَّ خيرها إلى غيرها، فإنني أقول -وباختصار- إننا بحاجة إلى الفتاة التي ترفع راية الدعوة إلى الله في أوساط بنات جنسها، وتحرص على أن تكون مؤثرة فيهن، من خلال المدرسة وغيرها، وهذا الأمر لا بد منه، وهناك أملٌ كبيرٌ جداً أن يتحقق هذا الأمر، لأن الصحوة كما قلت قد عمت جميع البلاد الإسلامية.
الجواب: أعتقد أن هذا السؤال جاء تعقيباً على محاضرة أخرى فيما أتوقع، بحيث أنني لم أتطرق في هذه المحاضرة لقضية المساواة بين الجنسين، وخروج المرأة إلى العمل، وذلك لسبب وهو أن هناك نية لدى بعض طلبة العلم متجهة إلى جمع بعض المحاضرات، وتسجيل محاضرات أخرى في سائر الشئون المتعلقة بالمرأة ونشرها على شكل سلسلة من الأشرطة، ولعل موضوع هذا السؤال يكون موضوعاً لأحد هذه الأشرطة.
الجواب: إن المرأة تفيض على رأسها ثلاث حثيات، وتغسله دون أن تحتاج إلى حله، ثم تغسل بقية جسدها ثلاثاً ثلاثاً وتبدأ بميامنه، وقد سمعت من بعض النساء أنهن لا يغسلن رءوسهن من الجنابة، لسبب أو لآخر، لأن الشعر يبطؤ في الجفاف، وهذا لا يجوز أبداً، بل إن المرأة لو صلت وقد تركت غسل رأسها من الجنابة، فإن عليها حينئذٍ أن تعيد الصلاة، لأنها صلت على غير طهارة.
الجواب: الذي صححه جمع من علمائنا، أن المرأة لا يلزمها أن تقضي شيئاً من الأوقات التي مرت بها وهي حائض، إنما عليها أن تصلي الصلاة التي طهرت فيها، بمعنى أنها لو طهرت في وقت صلاة العصر فيكفيها أن تصلي صلاة العصر، ولا يلزمها أن تصلي صلاة الظهر معها، والله أعلم.
الجواب: هذا لا يجوز لا في حالة حيض، ولا في غيره، بل قد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم كفراً، وقال عليه الصلاة والسلام: {إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن}.
الجواب: بالنسبة لإزالة الشعر فإزالة شعر الحاجبين لا يجوز، وقد ورد فيه حديث صحيح وأسوقه لأنه مهم، فقد ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة المتفلجات بالحسن المغيرات خلق الله} وقال: [[وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت امرأة فقالت له: يا
ثم ساق بذلك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه صورة من موقف المرأة في استيضاحها وسؤالها عما أشكل عليها، وأنتم ترون أن هذا المرأة تقول: أنها قرأت ما بين الدفتين.
أما إزالة الشعر الموجود في اليدين، أو الساقين فالظاهر أنه لا بأس به، أما قص المرأة شعرها فإن الحديث الذي ورد في صحيح مسلم عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أنهن كن يأخذن من رءوسهن حتى تكون كالوفرة.
فاستدل بهذا بعض العلماء على جواز قص المرأة شعر رأسها، وذهب آخرون إلى منع ذلك خاصة إذا كان منطلقه وسببه التشبه بالنساء الكافرات الأجنبيات، لكن لعل المرأة إذا كانت ذات زوج، ورأت في هذا مزيداً من التحبب إليه، وأن هذا أمر يعجبه، ولم يدر في بالها أنها تتشبه بالنساء الكافرات أنه أقرب إلى الجواز، وإن كانت الاستقلالية عند المرأة المسلمة في العادات والمظاهر مطلوبة.
الجواب: نعم. إذا طهرت المرأة من النفاس في أقل من أربعين يوماً بعشرة أيام أو أكثر أو أقل، فإنها من حين طهرت مطالبة شرعاً بالاغتسال، وأداء الصلاة ولها أن يعاشرها زوجها.
الجواب: التكليم إذا كان يؤمن فيه الفتنة فهو جائز، أما إذا خشيت الفتنة فهو لا يجوز، وكثير من الأمور المباحة عند خوف الفتنة تتحول إلى محرمات، فإذا اضطرت المرأة إلى تكليم رجل أجنبي سواء في التلفون أو مباشرة، فإن لها ذلك، سواء كانت هذه الضرورة لسؤال، أو كانت لخبر، أو لغير ذلك من الموضوعات.
الجواب: أما الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يكون في مهنة أهله، فإذا أذن المؤذن خرج إلى الصلاة، لكن مَنْ مِن الرجال يستطيع ما يستطيعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، على رغم كثرة أعبائه.
فتكليف الرجل ببعض أعمال البيت، هو أمر غير عملي، ولا أظن أنه مناسب، لكن لو وجد عند رجل من الرجال أريحية، وتبسط، ومشاركة في هذه الأمور دون مبالاة فهذا أمر طيب.
إنما على الرجل أن يتعاون مع المرأة ويقدر ظروفها، فرفقة الزوج لزوجته هي رفقة عمر، وليست أمراً مؤقتاً، الأصل أنها مستمرة حتى الموت، ومثل هذا يحتاج إلى نوع من التنازل من الطرفين، يحتاج إلى تنازل من الرجل فلا يتحقق له كل ما يريد، ويحتاج إلى تنازل من المرأة أيضاً، بحيث تقدم على عمل كثير من الأشياء تلبية لرغبة زوجها ولو لم تكن راغبة في ذلك أصلاً.
وإذا أصر كل واحد من الطرفين على تحقيق رغبته فالزوج يصر على تحقيق ما يريد، والزوجة تصر على ألا تحقق إلا ما تريد، فإن ذلك قد يؤدي إلى مشاكل زوجيه، وقد يتعدى الأمر إلى الطلاق.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الدخول، قال: {إياكم والدخول على النساء، فقيل يا رسول الله: أرأيت الحمو؟ -والحمو هو قريب الزوج، أخوه أو ابن أخيه، أو ما أشبه ذلك- قال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت} إشارة إلى خطورة التساهل به، وذلك لأن كثيراً من الناس بسبب اجتماع العائلات في بيت واحد يتهاونون بهذا الأمر، فتتهاون المرأة بالكشف لأقارب زوجها، ويتهاون الزوج بذلك أيضاً فلا يأمرها به.
وقد يحدث أن يقبل إنسان من هؤلاء الأحماء على زوجة أخيه مثلاً، فيرى من جمالها ما يغريه بها، ويدفعه إلى الفتنة، أو يحدث العكس، فحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا لكثرة وقوعه في الناس، وكثرة وقوع الناس فيه، فأخو الزوج لا يقل خطورة عن الرجل الأجنبي في ذلك.
الجواب: هذه الوساوس هي من كيد الشيطان بلا شك، والله عز وجل يقول: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76] لكن لا بد من نوع من المجاهدة فالإنسان الذي ابتلي بهذه الوساوس سواء كانت وساوس في الوضوء أو في الصلاة، أو في غير ذلك.
لكن على الإنسان أن يقف وقفة حاسمة وسيجد أنه خلال مدة وجيزة قد تخلص من هذا الوسواس، وقد جرب ذلك مراراً، وثبت أنه يمكن فعلاً خلال مدة قصيرة التخلي عنه، لكن بشرط أن يكون لدى الإنسان إرادة قوية، ينفذ فيها ما يقتنع به، فعلى الإنسان -مثلاًً- إذا كان يوسوس في الصلاة بزيادة، أو نقص، ثم يعيد الصلاة، فإذا أعادها وسوس مرة أخرى، عليه ألا يلتفت إلى هذا الوسواس، فيصلي ولا يلتفت إلى هذا الوسواس، ولا يسجد للسهو أيضاً، ويظل على هذا الأمر ولا يلتفت لهذا الوسواس أصلاً، ولا يعيد الصلاة بطبيعة الحال، ولو وسوس له الشيطان بأن وضوءه سقط لا يقبل.
وسيجد خلال عشرة أيام -مثلاً- أو نصف شهر، أن هذه الوساوس بحمد الله قد زالت، وقد ذكر بعض الناظمين الحالات التي لا يؤثر فيها الشك، يقول أحدهم:
والشك بعد الفعل لا يؤثر وهكذا إذا الشكوك تكثر |
فإذا كثرت عند الإنسان الشكوك والوساوس، فإنها لا تؤثر ولا يلتفت إليها.
الجواب: لا شك أنه ينافي بر الوالدين، وينافي طاعة الله عز وجل والمصلحة، فإن إدخال هذا الجهاز إلى البيت الأعم الأغلب من أحواله، أنه تعرض فيه الأفلام الساقطة، فهو مدعاة إلى انحطاط المجتمع وفساد البيت بمن فيه، ولهذا وقف هذا الأب ضد دخوله في البيت كما يقف ضد دخول اللصوص والسراق، بل أشد من ذلك، لأن لصوص الأموال أهون وأخف ضرراً من لصوص الأعراض ولصوص الأخلاق. فهذا الفعل هو عصيان لله عز وجل، ثم هو عصيان للوالد ومخالفة لبره، لأنه أمرك بأمر فيه طاعة لله فعصيته وخالفت أمر الله عز وجل.
وهناك من يقول: إنني قد أستعمل هذا الجهاز في أفلام نافعة، فأقول: الواقع أن الأفلام المفيدة النافعة اليوم تعد على الأصابع، فهي قليلة، فيشاهدها الإنسان ثم تنتهي فيذهب لينظر كما ينظر غيره من الناس.
الجواب: نعم، عليها أن تقضي ما فاتها من الصيام، سواء بلغت قبل الشهر فتصوم الشهر كله، أو بلغت في أثناء الشهر فتصوم ما أدركت منه.
عائشة
رضي الله عنها كما في الصحيح[[أبو الأعلى المودودي
رحمه الله ألف كتاباً سماه: الحجاب، وهو كتاب نافع، ومنهم الشيخ الإمامابن تيمية
، ومنهم الشيخمحمد بن عثيمين
، وهناك أيضاً رسالة مفيدة اسمها رسالة الحجاب لـعبد القادر السندي
.الجواب: الذي يظهر أن الأولى بالمرأة ألا تزور المقابر كلها لعموم النهي، كما في قول أم عطية رضي الله عنها في الصحيحين: [[نهينا عن اتباع الجنائز]] ولما يترتب على ذلك من خوف الفتنة، وإذا كانت الفتنة مخوفة بزيارة قبر إنسان عادي، فهي أخوف بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وكذلك لا يجوز لرجل ولا امرأة أن يسافر لزيارة قبر ما، وإنما يقول ذهبت أو سافرت لزيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأثناء وجودي أسلم على رسول الله -إذا كان رجلاً- وإذا كانت امرأة فالحديث كما سمعتم عامٌ ومطلق: {لعن الله زائرة القبور}.
الجواب: ورد في حديث فيما يتعلق بصلاة العيد عن أم عطية أيضاً وفيه قولها: [[فأمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحُيَّض أن يعتزلن مصلى المسلمين]].
أي: أنه لا يجوز لها أن تدخل المسجد وتمكث فيه وهي حائض، وإن كانت تستمع خارج المسجد أو في بيتها فلا بأس، هذا ملخص الإجابة والله أعلم.
الجواب: حقيقة لا أستطيع أن أفتي بهذا، لكنني أنقل لكم فتوى للشيخ محمد بن عثيمين، أن هذا يرخص فيه للضرورة الملحة، ويحسن ألا تمس المصحف، بل يكون من وراء ستار.
الجواب: لا شك أن القضية إن كانت كما وصف، فالإثم في هذه الحالة على المرأة، حيث مكنت الرجل من نفسها، دون أن تشعره بذلك، أما الرجل فإن كان لا يعلم فإن الله عز وجل لا يؤاخذه على ذلك.
الجواب: هذه الحقيقة من المشكلات الكبيرة في مجتمعنا، والتي أصبحت ظاهرة خطيرة، ونحن ننادي دائماً بأن المرأة يجب أن تنسجم مع فطرتها، ويجب ألا تغالب الفطرة، لأن الذي يغالب الفطرة والجبلة فهو مغلوب، فالمرأة تعرف بلا شك، أن الغريزة فطرة مركوزة فيها، وأنه لا بد من إشباع هذه الغريزة بالطريقة الشرعية الصحيحة.
في حين أن الدراسة أمر مهم ولا شك، لكنه ليس بنفس القدر، فتجد كثيراً من الفتيات يرفضن الزوج الكفء بحجة مواصلة الدراسة، فيواصلن الدراسة فتكبر أعمارهن، فيعزف عنهن الخطاب، لأن قطار الزواج أو شك أن يفوت، فيتقدم لها إنسان أقل من الأول الذي تقدم لها، فترفضه؛ لأنها تطمع أن تحصل على نفس النوعية أو أفضل، فتظل تقدم تنازلات بعد فوات الأوان.
فلذلك تجد عدداً من الفتيات يتقدم بهن السن، ويتركن الزواج، أو يصرن إلى حال لو تصورنها قبل لبادرن إلى الزواج.
فأقول: قضية الزواج قضية فطرية، وأنصح كل مسلمة أن تعتبر الزواج أهم من الدراسة وأهم من غير الدراسة، إلاَّ إذا أمكن التوفيق بين الأمرين فهو شيء طيب.
أما أن تكون طالبة وقد تكون في كلية الطب -مثلاً- فتقضي سبع سنوات في الدراسة بعد المرحلة الثانوية، ثم بعد هذه كله تريد أن تحصل على الزوج الذي يناسبها، فهيهات لا أظن أن الزوج سوف يجلس في انتظارها، بل قد يضطر بعض الناس الطيبين إلى الزواج بنساء غير متعلمات، وأقل مستوى من المطلوب لهذا السبب.
الجواب: الأولى ألا تستعمل المرأة هذه الحبوب في رمضان؛ لأن هذه أيضاً قضية فطرية، والحيض وظيفة عضوية، يجب أن تؤدي دورها بصورة طبيعية ولا نتعرض لها، وكثرة استعمال المرأة للحبوب المانعة للحمل، يؤثر عليها كما ذكر ذلك الأطباء، والشرع أباح لها أن تفطر، بل أمرها وأوجب عليها أن تفطر إذا كانت حائضاً وتقضي أياماً أخرى.
أما لو كانت المرأة في الحج، وحاضت قبل أن تطوف بالبيت، أو خشيت الحيض قبل أن تطوف بالبيت، ففي مثل هذه الحالة يمكن أن تتناول هذه الحبوب، حتى تتمكن من إتمام حجها، خاصة إذا كانت مع رفقة قد يسافرون ويتركونها، أو قد تتعرض لبعض الإحراجات.
الجواب: أبداً لا يلزمه ذلك، بل هي تطوع لو شاء صامها ولو شاء لم يصمها، ولو صام بعضها أُجر على ما صام، ولو صام في سنة وترك الصيام في سنة أخرى، فهذا أيضاً لا شيء فيه، ولكن الأفضل دائماً أن يصومها الإنسان لما ورد من فضلها.
الجواب: نعم، إذا كان فيه تساهل، وعبارات لينة، واسترسال في الحديث أيضاً، فإن هذا نوعٌ من الخضوع بالقول، الذي نهيت عنه المؤمنات، ونهيت عنه أمهات المؤمنين بالدرجة الأولى، في قوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32].
وإذا كانت أم المؤمنين منهية عن الخضوع بالقول لئلا يطمع الذي في قلبه مرض، فما بالك بغيرها. فيجب على المرأة أن تبتعد عن هذه الأشياء التي لا تنفعها في دينها ولا في دنياها، بل هي مجرد مضيعة للأوقات وإشغال للقلب.
أقول: ومن الخضوع بالقول سلام المرأة إذا دخلت على صاحب الدكان، فالنتيجة والعلة ظاهرة فيطمع الذي في قلبه مرض.
الجواب: ذكرنا خلال المحاضرة نماذج لصبر المرأة المسلمة، فليس أمام الفتاة المسلمة إلا الصبر، وتحمل هذه المضايقات، مع الحرص على أن يكون جانبها سليماً، بمعنى ألا تكون هي بادأت غيرها بنوع من التعدي، فعليها أن تؤدي حقوق والديها -مثلاً- وحقوق زميلاتها، وحقوق معلماتها، بقدر ما تستطيع، وتتجنب الأشياء التي تثيرهم من الأمور التي ليست واجبة في الدين، ثم إذا حاربوها لأنها متدينة، أو متمسكة بدينها، فعليها أن تصبر وتواجه ذلك قدر ما تستطيع بالهدوء، هدوء الأعصاب، ورباطة الجأش، وتستعين بالله عز وجل فإن الله عز وجل قريب يسمع دعاء الداعين، ويجيبهم كما وعد سبحانه وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
الجواب: الخشوع -أيها الإخوة والأخوات- هو أول علم يفقد من الأرض، ولذلك في الحديث الصحيح بمجموع طرقه عن زياد بن لبيد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {هذا أوان يختلف العلم من الناس، حتى لا يقدروا منه على شيء، فقال له
قال الراوي وهو سالم بن أبي الجعد: فلقيت عبادة بن الصامت فسألته، فقال: [[إن شئت لأحدثك بأول علم يرفع من الأرض: الخشوع، يوشك أن تدخل المسجد الجامع، فلا ترى رجلاً خاشعاً]] والخشوع: حالة في القلب -ليس هو تكلف الدمع والبكاء- لا يملك الإنسان لها دفعاً، وهي مرحلة تحتاج إلى صبر ومجاهدة ووقت واستمرار.
أما الذي يظن أن هذه الأشياء سوف تأتيه بمجرد أنه يريدها فهذا صعب، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه على تفهم القرآن، وعلى استحضار القلب في دعائه وذكره، وعلى تغيير الأذكار الذي يدعو بها والتنقل بين الأذكار الواردة، وكذلك التنقل بين السور القرآنية فلا يداوم على سورة يقرؤها في كل صلاة، بحيث قد يقرءوها وقلبه غافل، بل يحرص على أن يختار اختياراً حتى يستحضر قلبه، ومع المجاهدة تحصل الهداية: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
الجواب: يأتين إلى الأسواق والمدارس بدون محرم، هل المقصود أنهن يركبن مع رجال أجانب كالسائقين -مثلاً- فهذا الأمر فيه خطورة كبيرة جداً كما تعلمون، والمرأة حين تركب في السيارة مع هذا السائق تكون في وضع يشبه الخلوة من بعض الوجوه، ويمكن أن يجري بينهما حديث أو أحاديث، ويمكن أن يكون هناك نوع من الألفة بسبب استمرار هذا العمل، وهذا أدعى إلى وقوع المحظور.
فعلى المرأة أن تحتفظ بكرامتها، وتصون عفافها، وتبتعد عن كل ما يمكن أن يدنسها.
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تخرج إلى الأسواق أو غيرها متطيبة، لأن النهي ورد عن خروجهن إلى المساجد متطيبات، بل قال صلى الله عليه وسلم: {وليخرجن وهن تفلات} فكيف بالخروج إلى غير المساجد، إلا أن تكون ستذهب إلى مجتمع من النساء، فهذا أمر آخر.
الجواب: سماع الأغاني لا يجوز، وأقصد بالأغاني ما يتبادر إلى أذهانكم جميعاً، من سماع هذه الكلمة، وهو الغناء الذي فيه الغزل، والدعوة إلى الفساد، وهو ما ينشر ويبث بين الناس اليوم، أما الأدلة على ذلك، فقد استدل بعضهم بقول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [لقمان:6] وأقسم بعضهم أنه الغناء، وورد في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها حديث أبي مالك الأشعري في صحيح البخاري، قال: قال صلى الله عليه وسلم: {ليكونن في آخر أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير، والخمر والمعازف} والحر هو الفرج.
فهم (يستحِلُّون)، معنى ذلك أنها أشياء محرمة استحلوها، كالزنا ولبس الحرير، والخمر، وقرن بها المعازف، فدل دلالة واضحة على حرمتها، ومن أراد المزيد عن هذا فليرجع إلى كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان للإمام ابن القيم.
الجواب: لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: {لأن يطعن في يد أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له} وفي حديث عائشة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم ما مست يده يد امرأة قط، إلا امرأة يملكها، إنما كان يبايعهن كلاماً}.
الجواب: إذا كانت الحوائج التي أخذت لها حوائج ضرورية، بخل الزوج بالإنفاق فيها، فإنه يجوز لحديث هند بنت عتبة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: {إن
الجواب: البكاء هو فطرة وطبيعة، وقد دمعت عينا الرسول صلى الله عليه وسلم في العديد من المواقف، دمعت عينه حين مات عثمان بن مضعون، ودمعت عينه حين مات ابنه إبراهيم، وفي مواقف أخرى، فاستغرب الصحابة وقالوا: {ما هذا يا رسول الله؟! قال: هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء}.
لكن رفع الأصوات بالبكاء هو النياحة المنهي عنها.
الجواب: إذا كان خروج المرأة لغير غرض، وبدون إذن الزوج، فهي معصية للزوج، بحيث إذا رفض الزوج أن تخرج فلا تخرج، ولو لم يرفض لكنها تعلم أنه لا يوافق، فلا ينبغي ولا يجوز لها أن تخرج بدون علمه، كما أن الخروج لغير حاجة أصلاً ليس مطلوباً من المرأة.
الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يتعامل مع الصلاة، التي هي مُثول بين يدي الله عز وجل بهذه الطريقة، ويجب أن نؤدي الصلاة في أي مكان حللنا فيه، وليس بالضرورة أن للصلاة مكاناً خاصاً، وثوباً خاصاً لا يمكن أن تؤدى إلا فيه، بل إذا التزمت المرأة بالستر في صلاتها، فلها أن تصلي في أي مكان وبأي ثوب، أما صلاة العشاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم ربما أخرها إلى ثلثي الليل، وفي بعض الروايات إلى نصف الليل، فلا ينبغي أن يتعدى بها هذا.
الجواب: هذا يدخل في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح عن أن تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا من المتعظين الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:18].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر