السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا الدرس الثمانون من سلسلة الدروس العامة، وهذه ليلة الإثنين السادس من شهر جمادى الآخرة من سنة ألف وأربعمائة وثلاثة عشر للهجرة، وعنوان هذا المجلس: (نظرة الغرب إلى المسلمين) وأول فقرة فيه، هي بعنوان: (الدرس السابق خلاصات وتعليقات).
إن مما استفدناه من جلستنا الماضية، أن مخاوف الغرب من الإسلام تتزايد يوماً بعد يوم، سواء في ذلك مخاوف الحكومات الغربية، أو مخاوف المؤسسات الفكرية والسياسية وغيرها، أو مخاوف المواطنين العاديين الذين يكثر بينهم التخوف من الإسلام، بل تلقي إليهم أجهزة الإعلام الرعب بمجرد مشاهدة الثوب العربي، أو الغترة العربية، أو مشاهدة الإنسان المسلم.
وأسباب هذه المخاوف الغربية من الإسلام كثيرة منها:
أ/ فشل جهود التنصير:
أولها: أن الغرب حينما يكتشف عودة الناس إلى الإسلام، فمعنى ذلك أنه يكتشف أن الجهود الضخمة التي بذلها هو للتنصير قد باءت بالفشل، وأن الجهود الأخرى التي بذلها للتغريب، ومحاولة جعل المسلمين بعيدين في مجال حياتهم عن الإسلام أنها هي الأخرى لم تجدِ نفعاً، وعلى سبيل المثال بثت إذاعة ألمانيا، وإذاعة صوت أمريكا، باللغة الأمهرية الموجهة إلى بعض البلاد الإفريقية وغيرها، بثت تقريراً نشرته الواشنطن بوست، أبدت فيه تخوفها من تمدد الإسلام، وهذه المخاوف تعتبر تعزيزاً وتأكيداً لمنشور سري وزعته الكنيسة باللغة الإنجليزية، وأشار هذا المنشور إلى سرعة تنامي عدد المسلمين، ولا سيما في أثيوبيا، حيث لا يرتاد الكنيسة إلا أقل من (5%) من سكان أديس أبابا، وأكد المنشور على ضرورة السعي الجاد للتنصير، ونقل التنصير من بيت إلى بيت لمواجهة الإسلام، هذا فيما يتعلق بالتنصير، وهو مثال من طرف القلم كما يقال، وإلا فالأمثلة في الجريدة الواحدة تعد بالعشرات.
أما فيما يتعلق بالسلوك الاجتماعي والأخلاقيات في أوساط المسلمين، فقد نشرت -وهذا أيضاً مجرد مثال- مجلة اسمها بانوراما الخليج، في عدد سابق مقالاً عنوانه: "خلونا ننشد ما دامت الغناوي حرام" وخلاصة المقال أن الكاتبة تبدي ذعرها وانـزعاجها من شباب وشابات هذه الجيل، الذين أصبحت حياتهم -كما تعبر هي- حياة رتيبة مللاً في ملل، وأصبحوا يعيشون روتيناً لم يفرض عليهم، ولكن اختاروه بأنفسهم من المدرسة إلى المسجد إلى البيت وما أشبه ذلك، هؤلاء الشباب تقول: لم يعد الواحد منهم يتجه -مثلاً- إلى النوادي الاجتماعية، ولا يتجه إلى الجامعة لماذا؟ لأن الجامعة فيها اختلاط، وأصبحت البنت تفرح بمجرد ما تدعو لها أمها بالزواج، وتقول بصوت عالٍ: اللهم آمين، اللهم آمين، فالكاتبة المتحدثة مذعورة من هذا الإقبال على التدين ومن الالتزام بالأخلاقيات الذي لم يفرض على البنات والأولاد، وإنما بمحض اختيارهم، طلبوه وأرادوه، ونحن لا شك لا نصدق أبداً حقيقة ما تقول هي عن الملتزمين والملتزمات، فهم سباقون إلى كل خير، وهم بحمد الله منافسون في كل ميادين الحياة، ولكن هذه صورة من صور التشويه. تقول في آخر المقال: خلونا نطلع، نمثل، نقرأ، نعزف، وحتى خلونا ننشد مادامت (الغناوي) حرام.
إن مثل هذا الكلام له معنى كبير، على رغم أننا نعلم جميعاً أن الأجهزة الرسمية في البلاد الإسلامية، ليست أجهزة محايدة لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، لا،بل هي تزيد في جرعة الفساد كلما زادت نسبة الخير، فكلما كثر الإقبال على الدروس والمحاضرات، كثفت الدورات الرياضية، ووسع نطاقها لإغراء المزيد من الأولاد والبنات بالاتجاه إليها، وكلما زادت الحشمة والعفة في أوساط البنات, وسعت أجهزة الإعلام من مساحة التحلل فيها، وقبل ثلاثة أيام نشر في القناة الثانية، في التلفزيون السعودي مشهداً -الذين يكبون على مشاهدة التلفاز يندهشون منه- رجل يقبل فتاة، وهكذا.
إذاً الدلالة الأولى التي يكتسبها ويكتشفها الغرب من التوجه نحو الإسلام أن جهوده للتنصير، أو التغريب على حد سواء قد باءت بالفشل.
أما الدلالة الثانية: فهي أن العالم الإسلامي بدأ يستعيد تميزه، واستقلاليته الفكرية، والعقائدية.
إن من الممكن أن يتعايش الغرب مع دول إسلامية، علمانية في إطارها العام، فالذي يزعج الغرب ليس هو مجرد رفع شعار الإسلام فحسب، ولا مجرد بناء المساجد فحسب، ولا مجرد دفن الموتى على الطريقة الإسلامية فحسب، وإن كان ذلك كله يزعج الغرب أيضاً، ولكن الذي يخيف الغرب هو الوجود الإسلامي بالمعنى الشمولي للإسلام. الذي يخيف الغرب هو الإسلام الذي يهيمن على الاقتصاد، فيهدم الربا، ويحاول إقامة النظام الشرعي الإسلامي بديلاً عن النظام الرأسمالي الربوي الغربي.
الذي يخيف الغرب هو الإسلام الذي يرفع راية الجهاد، والجهاد ذروة سنام الإسلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله } هذا الجهاد الذي كان شبحاً على مدار التاريخ يخيف الغرب، وهو الذي أذعنت له أوروبا يوم وطئتها سنابك خيول المسلمين القادمة من بلاد الأندلس، -أسبانيا الفردوس المفقود- ويوم أن احتل المسلمون العثمانيون أجزاء غير قليلة من أوروبا، وكادت روما عاصمة النصارى أن تقع في أيدي المسلمين.
الذي يخيف الغرب هو ذلك المجتمع المسلم الذي يبني علاقاته الدولية ومعاهداته ومواقفه على أساس من العقيدة الإسلامية الصحيحة.
الذي يخيف الغرب هو الإسلام الذي يقيم نظام الدولة بتفاصيله كلها على أساس التشريع الإسلامي، ومرجعية القرآن والسنة.
إذاً: فالذي يخيف الغرب: هو ما يسميه هو بالإسلام الأصولي، الإسلام المهيمن على كل مناحي الحياة، ولو كان الذين يحملون هذا الإسلام الأصولي، مهذبين بأساليبهم، ولو كانوا منطقيين، ولو كانوا عقلانيين، المهم أنهم يحملون فكراً شمولياً، يحملون الإسلام كله جملة وتفصيلاً، ويمتثلون قول الله عز وجل: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:85] فيعملون على أن يؤمنوا بالكتاب كله، ويدعوا إليه كله، ويقوموا به كله، فلا يجزئون الإسلام، ولا يجعلون القرآن عضين، كما توعد الله من يفعل ذلك، فهؤلاء الأصوليون مهما كانت أساليبهم مهذبة، وطرائقهم لبقة، وعباراتهم هادئة، وشخصياتهم لطيفة، إلا أنهم مصدر إزعاج كبير للغرب.
وعلى النقيض فإنَّ الإسلام الذي يمكن أن يقبل به الغرب بشكل مؤقت، هو لون آخر سيتبين بعد قليل، إن خطراً كهذا الخطر الإسلامي يمكن أن يهدد الغرب في عقر داره، أما ذلك اللون المهجن المدجن لا أقول من الإسلام، فالإسلام واحد، ولكن أقول: من المسلمين المنتسبين إلى الإسلام، فهذا من الممكن أن يهادنه الغرب، وأن يصالحه مصالحة مؤقتة -أيضاً- ليست طويلة الأمد؛ لأن هذا الإسلام الناقص الذي قد يؤمن به بعض المسلمين، من الممكن أن يتحول مع الوقت إلى الإسلام الكامل، وهذا المسلم الضعيف، من الممكن مع الأيام أن يعطي صوته وتأييده ونصرته لذلك المسلم القوي، إنما يعمل الغرب على الموازنة بين المصالح، وترجيح بعضها على بعض، فمن الممكن أن يهادن بعض شرائح المسلمين مؤقتاً، ريثما يفرغ للعدو الأكبر (الإسلام الأصولي).
إن التاريخ كله هو في الحقيقة تاريخ الصراع بين العقائد والمبادئ والمذاهب، ومن يستعرض الحروب العظمى في التاريخ يتأكد من هذه الحقيقة، فالحروب الإسلامية كلها على مدار أربعة عشر قرناً من الزمان، ثم الحروب الصليبية وغيرها، هي مجرد أدلة على أن التاريخ كله، تاريخ الصراع بين العقائد.
لا تظن أبداً أن التاريخ تاريخ الصراع على المرأة، أو تاريخ الصراع على حفنة من الطعام، أو تاريخ الصراع على البترول فحسب، لا؛ هذه الأشياء كلها صحيحة، لكن الصراع الجذري والصراع الجوهري بين كل أمم الدنيا هو الصراع بين العقائد، الصراع بين الأديان، الصراع بين المذاهب، وقلّبْ تاريخ أي أمة من الأمم، لا تخطئك هذه الحقيقة قط، ولا شك أن الغرب اليوم لا يملك العقيدة التي يستطيع أن يواجه بها الإسلام، وإن حاول الغرب أن يستعين بالعقيدة النصرانية كحل، ويكثف الجهود في الدعوة إليها، وقد طالب نكسون كما ذكرت لكم في المجلس السابق بأن على أمريكا أن تشبع العالم روحياً، ولا تكتفي أن تشبعهم مادياً بالمساعدات فحسب، وقال: إن علينا أن نحمل الإنجيل بيد، ونحمل المساعدة الإنسانية باليد الأخرى، ومع ذلك فلا شك أن الغرب يدرك أن النصرانية غير قادرة على مواجهة الإسلام. لقد فشلت النصرانية وانهزمت في أوروبا دون أن تواجه ديناً آخر، فالأوربيون تركوا النصرانية، وتركوا الكنيسة إلى ماذا تركوها؟ إلى دين آخر؟ لا؛ لم يتركوها إلى الشيوعية مثلاً، والذين تشيعوا من الغرب قليل، أحزاب معدودة في فرنسا وفي غيرها، لم يترك الغرب النصرانية إلى اليهودية، لم يترك الغرب النصرانية إلى الإسلام؛ لأن الإسلام لم يقدم له بصورة دعوة سابقاً، إنما ترك كثير من الغربيين النصرانية عقيدةً وسلوكاً وعبادةً، تركوها إلى المرقص، والماخور، والسوق، والبنك، وإلى غير ذلك.
فدل هذا على أن النصرانية دين محرف أولاً، ودين منسوخ ثانياً، فلو كانت غير محرفة، لكفاها أنها منسوخة ؛ مما يدل على أنها لا تلائم الإنسان في هذا العصر، فالله تعالى هو العالم بطبيعة الإنسان، وفضلاً عن كونها منسوخة فهي محرفة -أيضاً- دخلتها يد التحريف والتغيير والتبديل، من اليهود ومن النصارى ومن غيرهم، فإذا كانت النصرانية قد فشلت في استقطاب الناس في قلب أوروبا على رغم عدم وجود المنازع لها، فكيف تتصور أن يكون الحال لو كانت النصرانية في مواجهة الإسلام؟ لا بد أن يؤمن ويوقن المسلم الذي يصدق الله تعالى ويؤمن به، ويصدق رسوله صلى الله عليه وسلم، بأن النصرانية فاشلة في مواجهة الإسلام، وأن مجرد ظهور الحق كافٍ في دحضها، قال الله عز وجل: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء:18] فالباطل زاهق وذاهب لا بقاء له ولا وجود، وقوله سبحانه: فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء:18]، أي: يصيبه في الدماغ، ضربة مسددة قاضية لا بقاء له معها قط.
وقال الله عز وجل: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ [الرعد:17] فهذا مثل ضربه الله للحق والباطل، فالزبد الذي يكون فوق السيل هو زبد ذاهب لا قيمة له، وأما الذي ينفع الناس من المطر فهو يمكث في الأرض فينبت الزرع بإذن الله تعالى.
وكذلك قال الله تعالى: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً [الإسراء:81] قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ [سبأ:49] هذه النصوص -نصوص قرآن ما هي كلام فلان ولا علان- كلام الله عز وجل، ومنها يكتشف المسلم العادي -ودعك من المسلم الواعي ودعك من المسلم العالم- أن مجرد ظهور الإسلام وقوة الإسلام، ووجود المسلمين الصادقين، كافٍ في إزهاق الباطل، أي باطل كان، سواء كان باطل النصارى أو باطل اليهود، أو باطل الشيوعيين، أو باطل الفرق المنحرفة، كل باطل يزهق بظهور الحق.
إذاً علينا أن نظهر الحق ونعلنه ونوقن أنه لا بقاء للباطل أمامه.
إن العقيدة أمر خطير في حياة البشر، وإن جميع التيسيرات المادية، والتسهيلات الحضارية، وارتفاع نسبة الدخل للفرد -مثلاً- أو ألوان الترفيه التي يحصل عليها الإنسان، إنها لا تغنيه أبداً عن العقيدة التي يحتاج إليها قلبه، ويتطلع إليها عقله، ولذلك كتب أحد الفلاسفة الأمريكان المعاصرين، وهو يعتبر من فلاسفة الرأسمالية المعاصرة، واسمه فرنسيس فوكويوما، كتب كتاباً ضخماً خطيراً سماه "نهاية التاريخ" هذا الكتاب أحدث ضجة في العالم الغربي كله وكتبت عشرات الكتب في الرد عليه، ودبجت عشرات المقالات الصحفية في مناقشته، وهكذا انقسم الناس بين مؤيد وبين معارض، هذا الكتاب خلاصته: يؤكد أن الليبرالية الغربية خالدة باقية، وأن العالم الآن قد توقف بعد سقوط الشيوعية، وانتهت كل ألوان الصراع لصالح الليبرالية الغربية بفلسفتها السياسية، التي تسمى الديمقراطية كما هو معروف، حكم الشعب بنفسه، وكذلك بفلسفتها الاقتصادية القائمة على الرأسمالية والربا والاقتصاد الحر، وقال: هذا آخر المطاف بلا منازع، وهذه هي الجنة التي يوعدها البشر ولا زوال لها -هكذا قال-.
وتعرض هذا الكتاب -كما ذكرت- لحملة شديدة، ولكن أطرف كتاب رد عليه كتاب أشير إليه إشارة عابرة اسمه " الإسلام هو البديل " مؤلفه هو سفير ألمانيا في المغرب، والغريب أن هذا الكتاب -أيضاً- أثار ولا يزال يثير ضجة غريبة في ألمانيا وخارجها، حتى أن هناك مطالبة قوية بإبعاد هذا السفير عن منصبه، وأنه لا يمثل بلاده، وشنت عليه حملة قوية جداً، خاصة من النساء، وقد أعلن هذا السفير إسلامه، وذكر ثلاثة أسباب دعته إلى الإيمان والدخول في الإسلام:
السبب الأول: كنت في الجزائر أيام حرب التحرير، فتعجبت من هذا الصبر غير العادي، الذي يتميز به الشعب الجزائري، فآمنت أن هذا الصبر الذي تميز به المسلمون في مقاومة المستعمر، لا بد أن يكون له سبب، فطفقت اقرأ القرآن، فلما قرأت القرآن؛ اكتشفت أن هذا القرآن هو سر العزيمة والإصرار الذي تميز به المسلم الجزائري.
السبب الثاني: كان يتجول في الأندلس -في أسبانيا-، فرأى آثار المسلمين ومعالمهم وفنونهم وبقايا حضارتهم، قال: فآمنت أن هذه العظمة لا بد أن يكون وراءها مبدأ عظيم، فبحث فاهتدى إلى الإسلام.
السبب الثالث: بحثت عن كتب مجموعة من العلماء والمفكرين المسلمين، وكان منها كتب للعلامة عبد الرحمن بن خلدون؛ فأخيراً أعلن هذا الرجل إسلامه، وكتب مجموعة من الكتب، ودفع ثمنها غالياً من سمعته في أوساط الغرب، ولكنه لا يزال مصراً، ونسأل الله تعالى لنا وله ولجميع المسلمين الثبات على الدين.
المهم: أن كتابه الإسلام هو البديل يعتبر رداً غير مباشر على كتاب نهاية التاريخ، ويؤكد أن الإسلام هو الذي سيكون بديلاً عن الشيوعية وعن الرأسمالية.
جـ/ وقوع الغرب في إشكالية عظيمة:
إن الديمقراطية والثراء المادي والمصلحة والشهوة والمادة كلها لا تشبع الحاجة الروحية للإنسان، وسنة الله ماضية قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه:123-126] ولذلك فالغرب أمام إشكالية حقيقية عميقة: إشكالية أن الغرب يواجه دين قوي، وعقيدة راسخة، وشريعة قوية، وكما قال صاحب كتاب التوقع العظيم إن الإسلام لم يُضَفْ عليه أي قانون جديد منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو يتميز بالأصالة، والقدم، والعمق، والنضج، والبعد عن تأثيرات البشر وتغييراتها، هكذا صرحوا -كما أشرت لكم في المجلس السابق- وأمام هذه الإشكالية العظيمة لا مخرج للغرب إلا أحد أمرين:
الأول: الدخول في الإسلام، والقبول بمبادئه، وهذا أمر في نظري أنه بعيد، قد يسلم من الغرب أفراد أو جماعات أو طوائف أو حتى قرى، في ألمانيا الآن، قرية أسلمت عن آخرها، وجاءني شباب من هناك، مسلمون وغيرهم كثير، بل مررت بمركز إسلامي في أمريكا، فأفادوني أنه يسلم أسبوعياً ما يزيد على عشرين ما بين رجل وامرأة، ولا شك أن حركة الإسلام في الغرب في تصاعد، ولكن يجب أن نعلم أن من المستبعد في نظري -والعلم عند الله- أن تتحول المجتمعات الغربية إلى مجتمعات إسلامية؛ لأن الإسلام إذا ظهر كعدو لهم، سوف يسخرون أجهزة ووسائل كثيرة جداً للحيلولة بين الناس وبين الإسلام، وسيظل الذين يلتزمون بالإسلام نسبة محدودة من الغربيين -هذه على الأقل قناعة لدي-، وبكل حال فهذه البلاد هي بلاد الإسلام والنصوص كثيرة قد سبق أن تحدثت عنها مراراً، إذاً الاحتمال الأول أمام الغرب هو: الإسلام.
الاحتمال الثاني: في مواجهة الإسلام من خلال إعلان الحرب عليه، وشحذ مشاعر الناس هناك لمواجهة العدو القادم، واستنفار الطاقات، وتجريد أجهزة الإعلام ووسائل التعليم والتربية وغيرها؛ لإقناع الناس بمقاومة الإسلام وحربه، وإلا فسيظل الغرب مهدداً تهديداً واقعاً حاضراً، أو تهديداً مستقبلاً بالإسلام، والغريب أن هذين الاحتماليين أن يسلم الغرب أو يحارب الإسلام، أنه لا يخرج من إشكالية فقدان العقيدة والدين عندهم إلا بذلك، وهو لن يخرج لو حارب الإسلام، لكن مؤقتاً سيقاوم الإسلام، ويقف في وجهه.
فهذان العرضان ينسجمان مع عرض الإسلام، فإن المسلمين إذا حاربوا عدواً خيروه بين ثلاثة أمور: إما أن يسلم، وإما أن يدفع الجزية عن يد وهو صاغر، والجزية مفروضة على أهل الكتاب عند طوائف من أهل العلم، ومفروضة على جميع أهل الكفر بما فيهم المشركون الوثنيون عند مالك وجماعة من العلماء أيضاً، والله تعالى قال: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] وهم أهل الكتاب.
الاحتمال الثالث هو: القتال.
والجزية التي يطلبها المسلمون من الكفار إنما تكون مقابل حماية المسلمين لهم وعدم محاربتهم، وأن يأذن الغرب بالدعوة في أوساطهم، وأن لا يحاربوا الإسلام، ولا يقفوا في وجه الدعوة، ولا يفتنوا مسلماً عن دينه أبداً، ولهذا قال الله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ [البقرة:193] إذاً لا بد أن يُقاتلوا حتى يذعنوا للإسلام، وأقل ذلك أن يقروا بدفع الجزية، وألا يمنعوا أحداً أراد الإسلام من شعوبهم من الدخول فيه، ولا يفتنوه عن دينه، ولا يضايقوه فيه.
أما الغرب اليوم فإنه لا يملك عقيدة يصدرها إلينا، إنما يملك فلسفات مادية، وتقنيات وتقدم وتيسيرات، ويملك التحلل الأخلاقي المبني على فلسفة معينة فقط.
إذاً: فالسبب الأول الذي يثير مخاوف الغرب من المسلمين هو: العودة إلى الدين، أو ما يمكن أن نسميه بالصحوة، وقد عبر عنه صاحب كتاب التوقع الخطير حيث قال: إن المجددين المسلمين لهم نبي، أما ماركس وسائر المجددين العلمانيين وكذلك الحكام العلمانيون العرب، ليس لهم نبي، يعني أن المسلمين لهم دين يتعززون به ويثبتون، أما أولئك فليس لهم إلا الباطل: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ [ق:5].
إذاً: هاجس الخوف من التزايد العددي الإسلامي، هاجس كبير جداً، وإليك بعض الأدلة السريعة:
د/ من مذكرات ريتشارد نكسون:
أولاً قال ريتشارد نكسون في مذكراته، وقد خلع قفاز الدبلوماسية والسياسة، وقال بصراحة متناهية: إنه ليس أمامنا بالنسبة للمسلمين إلا إحدى حلين:-
الأول: القضاء على الإسلام بقتل جميع المسلمين.
الثاني: العمل على استيعاب المسلمين وتذويبهم.
فمن المفترض عنده أن الإسلام عدو لدود، ولكن المشكل عنده كيف يمكن مواجهة هذا العدو، بهذا الأسلوب أم بذاك، ومع أن هذا الرجل رجح الحل الثاني؛ أنه لا داعي لمواجهة القتل، بل ينبغي أن نعمل على تذويبهم؛ إلا أن الخبراء في السياسة الأمريكية يدركون أي سياسة يميل إليها هذا الرجل على سبيل الحقيقة، لا على سبيل التظاهر.
هـ/ تحذير صحيفة يهودية:
مثال آخر: حذرت صحيفة يهودية اسمها جيرو سالم بوست -وهي شهيرة- حذرت زعماء اليهود من اليقظة الإسلامية، ودعت إلى التحرك لمواجهة الخطر الإسلامي، ونشرت مقالاً عنوانه: "الطوق الإسلامي الفولاذي" قالت فيه: إن تأييد الجماهير الذي يحظى به الدعاة الإسلاميون، مرده فساد الأوضاع العامة في الشارع العربي، إن الأصوليين يشكلون طوقاً فولاذياً حول إسرائيل، وهم غير مستعدين حتى للتلفظ بكلمة السلام، فضلاً عن الاعتراف بإسرائيل.
فإسرائيل، جزيرة في بحر إسلامي متنامي، وهذه الدول المحيطة بها مهما كانت هي دول إسلامية، مهما حيل بينها وبين إسلامها، فإذا كانت الدول البعيدة أوروبا وأمريكا وغيرها تخاف من الهجرة الإسلامية، فما بالك بدولة تقيم في قلب البحر الإسلامي، وهي إسرائيل وهي -أيضا- جسم طارئ غريب على المسلمين.
و/ إرسال دماء ملوثة إلى تونس:
مثال ثالث: ثارت ضجة إعلامية، ربما قرأها البعض، حول شحنة من الدماء الملوثة التي باعتها فرنسا على تونس، هذا الدم تبين أنه ملوث بماذا؟! بجرثومة الإيدز، وفقدان المناعة، فمات بسبب هذه الشحنة ثلاثة، وحقن بها اثنا عشر شخصاً، منهم مجموعة على شفير الموت، وما زال التحقيق في ذلك كبيراً في تونس , وما زالت هناك حرب إعلامية بينها وبين فرنسا، وربما كان لهذا الحرب أبعاد، فإن من الأبعاد المهمة أن أخا الرئيس التونسي مقبوض في فرنسا بجريمة المخدرات، يحاكم هناك، ولذلك منعت الصحف الفرنسية من الدخول إلى تونس، وصار هناك جفاء في العلاقات، ولكن -أيضاً- هذه الشحنة لها تأثير معين ولها دلالة معينة، هو أن الضمير الغربي ضمير فاسد حقود على الإسلام، مهما كان هذا الإسلام إسلاماً ضعيفاً وليس إسلاماً أصولياً، ومع ذلك فإن هذا الخبر صغير الأهمية بالنسبة لتلك الأنباء التي تثبت أن هناك مخلفات إشعاعية خطيرة دفنت في أرض الصومال مما يشكل تهديداً خطيراً للبيئة، وتهديداً خطيراً للإنسان هناك.
ز/ أحداث الصومال:
مثال رابع: أحداث الصومال، وهي مؤشر خطير، فقد فُرِضَتْ الاستقالة على مندوب الولايات المتحدة في الصومال وهو عربي اسمه سحلول؛ لأنه كشف جوانب من الإهمال والتقصير في عمل هذه الهيئة الدولي في حق المسلمين في الصومال فأقيل أو فرضت عليه الإقالة، مع أن تقارير الأمم المتحدة ذاتها تقول: إنَّ المساعدات الدولية فشلت والفقراء يتزايدون. وأقيل هذا الرجل من منصبه؛ لئلا يكشف الفضيحة التي تورطت فيها الأمم المتحدة في التقصير بحق المسلمين في الصومال، بل أن هناك ما هو أخطر من ذلك، هناك تقرير يجب أن نضعه في الاعتبار نشرته جريدة "انترناشيونال هلاردتربيون" في أحد أعدادها بتاريخ (18/10/1413هـ) أي قبل حوالي ما يزيد على عشرة أيام -هذا التقرير عنوانه: "صرح إسلامي جديد"، ويتكلم التقرير عن مجموعة من الشباب المسلم في الصومال الذين يقومون بمجهودات عسكرية هناك، سأقرأ عليكم منه فهو مترجمٌ إلى العربية، يقول : مجموعات من الأصوليين الإسلاميين المسلحين جيداً، يتوسعون في أنحاء المناطق الصومالية، في منطقة القرن الإفريقي، وذلك كمسعى جاد لإقامة معقل قوي للإسلام الأصولي في المنطقة حسب كلام مراقبين صوماليين وأجانب، أقوى مجموعة وأكثرها حضوراً حزب الاتحاد الإسلامي المعروف بـالاتحاد، والذي يلبس زي الإخوان المسلمين العالميين، قد حقق غزواً واسعاً في شمال الصومال، المطل على خليج عدن إلى إقليم أوجادين داخل أثيوبيا، وإلى المناطق التي يقطنها الصوماليون شمال كينيا -قبل أن استرسل في نقل هذا التقرير أحب أن أفيدكم أن هذا الاتحاد الإسلامي هو اتحاد سلفي على طريقة الكتاب والسنة، بعيد عن جميع أنواع الانحرافات السلوكية والعقدية وغيرها، وقد التقيت بأفراد منه، ومعهم تزكيات من مجموعات من أهل العلم وسيرتهم سيرة معروفة- لقد أقام الاتحاد معسكرات للتدريب في أنحاء شمال الصومال وإقليم أوجادين، ويدير شبكة للإمداد بالمال والسلاح، للشعوب الصومالية في جيبوتي والصومال وأثيوبيا وكينيا حسب ما أفاد عشرات القادة المحللين والدبلوماسيين وموظفي الإغاثة في الصومال وأثيوبيا الذين تحدثنا إليهم.
أحد الأهداف المعلنة لـحركة الاتحاد، توحيد مختلف فئات الشعب الصومالي تحت راية الإسلام، ثم ذكروا أن الفوضى التي حصلت في الصومال بسبب سقوط حكومة زياد بري عام (1990م) قد سهلت نشاط الأصوليين في المنطقة، ثم قالوا: إن الإسلام الأصولي، قد فشل في بلاد كثيرة، ولكن كانت هناك حكومات توقف الأصوليين -يعني في البلاد التي فشل فيها كما قال عمر يوسف أزهري- وهو ممثل الجبهة الديمقراطية لإنقاذ الصومال، أما في الصومال فهم يتحركون بحرية وسط هذا الفراغ، وقال: يجب عدم الاستهانة بهم؛ لأنه إذا سمح لهم بالنمو فوق طفولتهم، فسوف يشكلون تهديداً حقيقياً لـمنطقة القرن الإفريقي بأسرها، ثم ذكروا اغتيال طبيبة في بوصاصو وهو أحد المواني المطلة على خليج عدن، واتهموا الجبهة -جبهة الاتحاد الإسلامي- بأنها هي المسئولة عن ذلك، ثم ذكروا سيطرتهم على هذه المدينة، وتكلموا عن معسكراتهم التي تقدم التدريب العسكري والديني لآلاف من الشباب، وأنها أقيمت في عدة مدن، وقال: لم تنجح محاولاتنا المتكررة للاتصال بقيادات الاتحاد في المنطقة، لكن حسب قول بعض شيوخ القبائل الصوماليين الذي يعرفونهم، إن قادة الاتحاد يقولون: بأنهم حملوا السلاح للدفاع عن أنفسهم في بلد تسوده الفوضى العارمة وتنتشر فيه العصابات المسلحة، ثم قال: إنه لم يمكن تحديد مصادر التموينللاتحاد بينما تقول بعض المصادر إن المتدينين الصوماليين في الخارج يدعمون الاتحاد، ويقول الصوماليون الكثيرون: إن مصادر غربية تدعمهم -أيضاً-، وهذا المقصود منه التشويه لهؤلاء المسلمين، ثم قال: ومن الملحوظ أنه يأتيهم من تنظيمات أصولية متطرفة في السعودية وإيران وباكستان والسودان ودول أخرى بعض المساعدات. يقول دبلوماسيون غربيون: إن شحنات الأسلحة للصومال قد سجلت أنها تغادر ميناء جيزان السعودي في البحر الأحمر، هذه كلها أقاويل ودعايات وأكاذيب المقصود منها تشويه صورة هؤلاء الشباب أمام المواطن الصومالي العادي؛ لأنه يتخوف حينما يقال له: هؤلاء من الخارج، خاصة إذا قيل له: مدعومين من الغرب، يقول التقرير: إن التراث الإسلامي المشترك قد وحد مختلف الفروع القبلية في الحركة الوطنية الصومالية في الشمال، وكذلك فإن علاقات الصومال التجارية والثقافية مع دول الجزيرة العربية والخليج تقوم على جذور عميقة، انتهى التقرير.
وعلق عليه مندوب الاتحاد بقوله: لا شك أن بعض ما ذكرته الصحيفة صحيح من حيث الأصل، ويعتبر من الأمور الظاهرة التي لا تخفى على أي زائر للصومال، خاصة إذا كان مهتماً بمثل هذه الأخبار، ووجد بعض الأطراف التي تزوده بالمعلومات الأخرى في المناطق، ولكن فيها قدر من المعلومات غير الصحيحة مثلما يذكرونه عن دعم بعض الدول، وعدد القتلى والجرحى في المعارك من الجبهة الديمقراطية العلمانية، حيث سبق أن أعلنا المعلومات الصحيحة حول هذه الأمور، ونعتقد أن غرض الجريدة لا يخفى على الكثيرين فيما يتعلق بالإشارة حول هذه الأمور، ولكن يبقى الأمر الهام، وهو ما يظنه الأعداء فينا من قوة التخطيط والتدبير والرعب الذي يصيبهم، والموقف الذي يقفه الكثيرون منهم حيث لا يعرفون كثيراً عن قضاياهم المهمة فالله المستعان!
هذا الكلام يتحدث عن مجموعة محدودة من الشباب المسلمين في الصومال، فانظر كيف كان رد الفعل الغربي ضخماً وخطيراً وكبيراً أمام ذلك.
في مقابل هذا الخبر، خبر آخر كبير نشرته كل الصحف أمس وقبل أمس، بما في ذلك جريدة الحياة والشرق الأوسط والصحف المحلية وغيرها، يتلكم عن أربع سفن أمريكية تنقل أكثر من ألف وثمانمائة جندي أمريكي من قوات المارنـز، وبالذات من الفرقة اثنين وثمانين والتي كان لها مشاركة فعالة في حرب الخليج، أبحرت متوجهة إلى منطقة عمليات الشرق الأوسط، والمقصود بها بالذات منطقة الصومال، وهي نواة لقوة أمريكية ستتواجد هناك، تتراوح حسب المصادر الأمريكية نفسها ما بين عشرين إلى ثلاثين ألف جندي أمريكي جاهزة للتدخل، وقريبة من موقع الأحداث، والغريب في الأمر أن المتحاربين في الصومال أيدوا هذه القوة؛ لأنهم شعروا أن هناك خطراً إسلامياً ينازعهم.
إذاً: السبب الثاني الذي يخيف الغرب هو: التكاثر السكاني الإسلامي، وما العملية التي تجري في الصومال -مثلاً- من عملية الإبادة عن طريق الحرب، أو عن طريق التجويع، أو في البوسنة والهرسك أو في بورما، أو في إرتيريا أو في أي بلد آخر إلا نموذجاً لذلك.
ولا شك أن الحرب التي تعلن الآن على إيران -في نظري- وتصريحها هي جزء من ذلك، فالغرب يخيفه أن تمتلك إيران الأسلحة النووية لماذا؟ هل لأنه لا يضمن أن تستخدم إيران السلاح ضد دول الخليج، إذاً لهان الأمر، وكان بإمكانه أن يجعل إيران ذراعاً يهدد دول الخليج، من أجل مزيد من الولاء له، والارتماء في أحضانه، ولكن الغرب يخاف أن تتطور الأمور بصورة لا يمكن تصورها الآن، وأن تدخل المنطقة كلها في مواجهة عامة شاملة تكون إسرائيل طرفاً فيها، فإذا كان الغرب يسعى إلى إيقاف إيران عن تعزيز قوتها، فلا تظن هذا خوفاً على دول الخليج بل هو بالدرجة الأولى خوف على ربيبته وحليفته الإستراتيجية التاريخية المسماة بإسرائيل.
النتيجة الأولى: أن الغرب لا يستطيع مواجهة المسلمين كلهم جملة واحدة، فلذلك يسعى إلى تقسيمهم إلى أقسام، قسم من المسلمين يمكن أن يتعامل معهم الغرب، بل يمكن أن يتحالف معهم، ويظهر الرضا، ويكتب تقارير المديح والثناء، ويحاول تحسين صورتهم شيئاً ما، وهم أولئك المسلمون الضعفاء الذين لا يحسون بأي روح عداء للغرب، بل هم إما جهلة، أو عملاء، أو منافقون، أو ما أشبه ذلك، فهو يضمن عدم مواجهة المسلمين جميعاً بالتحالف مع فئة منهم، من ضعفاء الإيمان وضعفاء النفوس.
أما الأمر الثاني الذي يضمنه الغرب أنه قد يستطيع ضرب المسلمين بعضهم ببعض، فيضرب من يسميهم بالأصوليين والمتطرفين والإرهابيين بمن يسميهم بالمسلمين المعتدلين، الإسلام المعتدل، الإسلام المرن، الإسلام غير الأصولي، الإسلام العصري، ولذلك تجد أن جميع الدول العربية اليوم تعلن حرباً على ما تسميه بالإسلام الأصولي.
فـمصر -مثلاً- أقرت قانون مكافحة الإرهاب الذي يضمن لرجل الأمن أن يضرب أي مشتبه به في الشارع دون أن يقال له: لماذا، وأن يخطأ في العقوبة خير من أن يخطأ في العفو، لا تظن أن جندياً سوف يوقف أو يحاكم؛ لأنه أخطأ في قتل إن لم تثبت جريمته أبداً، لأن مصداق ولائه لدولته، وكرهه للأصوليين أن يقتل دون تمييز، بل في الجزائر جاءتني أخبار دامية كتبها أحد الشباب، وحلف لي بالله أن ما قاله صحيح، وأنه لا يعدو أن يكون بعض الحقيقة، في بلدة الأخيضرية -وهي مركز من مراكز المسلمين القوية- يقول: ذهب أحد الشباب إلى الإسعاف من أجل قلع ضرسه، وكان معه والده، ففوجئ أن أجهزة الأمن تأتي بسرعة، وبطريقة مرعبة، فتأخذه من أحضان أبيه وتذهب به إلى الساحة العامة، ثم تطلق عليه الرصاص لترديه قتيلاً، فأصيب والده بالغيبوبة، أما الطبيب فقد أصيب بانهيار عصبي، وماذا كان ذنب هذا الشاب، كان ذنبه أنه ملتحٍ.
لا مانع أن تكون أجهزة الأمن اشتبهت فيه، لكن لا تحقيق ولا محاكمة ولا مساءلة ولا سجن، بل يأخذه من حضن والده ثم يوضع في الميدان العام ويقتل!!
دول المغرب العربي لما اجتمعت وفشلت في الهدف الذي اجتمعت له، أعلنت على الاتفاق على استراتيجية واحدة لمقاومة الأصوليين، وكتب يوسف دمنهوري في جريدة الندوة، مقالاً، يطالب فيه بالقضاء على الأصوليين الذين يدمرون المنجزات الحضارية للدول، ويهددون اقتصادها بالإفلاس، وقد كتب مقالاً بالأمس أو اليوم يعتذر فيه عن هذا الكلام، ويرد على من تكلم في شأنه فضيلة الشيخ سفر الحوالي، إلا أن كتاباته لم تكن اعتذاراً وإنما كانت نوعاً من اللف والدوران تجاه هذا الأمر، وأعتقد أنه يجب ألا يكتفي بذلك حتى يعلن تراجعه عما قال علانية.
المهم أن الغرب يريد أن يضرب المسلمين بعضهم ببعض، فيضرب الشعوب بالحكومات، بل يضرب الشعوب بعضها ببعض، لو استطاعوا، وعلى سبيل المثال: هذا يشمل تهييج الحكومات ضد الصحوة، وضد الأصولية، باعتبارها خطراً، بل وتضخيم شأنها من خلال التقارير الصحفية، التي ربما بالغت أحياناً في ذكر هذه الصحوة والحديث عنها، وربما وجدت مقالاً صحفياً طويلاً، أو برنامجاً إذاعياً، أو حتى برنامجاً تلفزيونياً، يمتد لساعة ونصف في إحدى المحطات في الغرب، ما هو موضوعه؟! موضوعه الحديث عن أحد دعاة الإسلام في هذه البلاد، والكلام عن كل كلمة أو عبارة أو حديث أو مقال أو نشاط.
فهذا التضخيم من خلال التقارير الصحفية والمعلومات الإعلامية، أو حتى من خلال المعلومات الأمنية والاستخباراتية، التي لا شك أن هناك آفاق كبيرة للتعاون بين الشرق والغرب، بل حتى بين الشرق وإسرائيل، تعاون أمني للقضاء على الأصوليين، ومعرفة مدى خطورتهم واتصالاتهم، وكيفية مقاومتهم، وكما يشمل ذلك إعطاء الفرص لبعض الشخصيات المحسوبة على الإسلام وعلى الدعوة الإسلامية لتؤدي بعض الدور لتقليص النفوذ العلماني الذي يعتبر ورقة في يد الأصوليين، فإن قوة العلمانيين في أي بلد هي في الواقع قوة كما يقولون للأصوليين؛ لأنها تأكد للشعوب أن تلك الحكومات ليست محايدة، بل هي حكومات علمانية محاربة للإسلام فلا بد من تقليص النفوذ الإعلامي نوعاً ما، ومحاولة أن يستر ولو بعطاء رقيق من بعض الشخصيات التي لها طابع إسلامي، ولذلك تعيد بعض الدول منصب المفتي، وتجعل للمفتي دوراً كبيراً في الإعلام، وربما وضعت له برامج كثيرة، وربما استفادت منه في مناسبات عدة حتى تخادع شعوبها عن حقيقتها العلمانية، وتحاول أن تبرز نفسها كما لو كانت حكومات إسلامية.
كما يشمل ذلك تحريض بعض الأطراف الإسلامية على بعض، ومحاولة ضرب الجماعات الإسلامية بعضها ببعض، وضرب النشاطات الدعوية بعضها ببعض، واعتقد أن محاولة تمزيق شمل الدعوة الإسلامية، وتكثير الجهود والرايات والأسماء من أهم الوسائل في ذلك، ومما يحكى ويذكر أن مستشاراً أمنياً كان وزيراً لإحدى الدول العربية الكبيرة، مستشاراً في دولة أخرى، أنه كان يقترح الاقتراح التالي: ما لم توجد في أي بلد عشرات من الجماعات الإسلامية؛ فإنه لا يمكن مقاومة الأصولية بحال من الأحول.
إذاً الأمر الأول في مواجهة الإسلام عند الغرب هو نوع من الهدنة مع من يسمونهم بالمسلمين المعتدلين، لمقاومة المسلمين الأصوليين، حسب تعبيراتهم.
ثانياً: المزيد من الحصار على العالم الإسلامي؛ حتى لا تصل إليه الأسلحة، ولا الخبرات العلمية، ولا أسرار التقنية؛ ليظل العالم الإسلامي فقيراً في مجال العلوم، مرتبطاً بالغرب محتاجاً إليه، ولهذا قد يبيع الغرب على المسلمين مصانع بأكملها وقواعد بأكملها، حتى الأيدي العاملة تأتي معها، حتى يكون المسلمون عالة على الغرب، لا يعرفون حتى كيف يديرون مصانعهم.
ويبدو والله أعلم أن الأصولية ورقة رابحة للطرفين للحكومات العلمانية، وللغرب أيضاً، فأما الحكومات العلمانية فهي تستثمر الأصولية الموجودة في شعوبها؛ لكسب تأييد الغرب وضمان موقفه، فهي تقدم نفسها دائماً وأبداً على أنها البديل، وأنه لا بديل عنها إلا الأصولية، فعليكم أيها الغربيون أن تدعمونا وتقفوا في صفنا.
أما الغرب: فهو يستثمر الأصولية أيضاً؛ لتهديد الحكومات العربية، لضمان من مزيد الولاء له، فهو دائماً وأبداً يقدم لهم التقارير، وأنه يقول لهم: لو تخلينا عنكم ساعة من نهار لم تكونوا شيئاً مذكوراً، كما كان بالأمس يهدد الحكومات العربية بالأحزاب الشيوعية.
وقال ممثل منظمة اليونيسيف -وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة-: إن في العقد المبرم بين هذه الجمعية وبين الحكومة الألبانية فقرة خاصة تستطيع المبرة بموجبها -المبرة النصرانية- تبني هؤلاء الأطفال، وقد نشر هذا الخبر في جريدة القبس الكويتية، عدد"6976".
إذاً: النشاط التنصيري الواسع يستهدف تحويل المسلمين إلى نصارى منذ الطفولة، وهذا نموذج في ألبانيا، أما النماذج في الصومال، والبوسنة والهرسك وعموم القارة الإفريقية، وفي إندونيسيا ودول الخليج، وفي مصر فقد سبق ذكر أشياء من ذلك.
أما الحرب التي تدار بأيدي نصرانية في البوسنة والهرسك فأمرها واضح، البابا شنودة في جريدة العالم اليوم يقول: إن الحرب في البوسنة ليست حرباً إسلامية أو دينية، بل هي حرب سياسية. ولا غرابة أن يقول البابا شنودا ذلك، فقد كشفت الصحف وجميع الإذاعات خبراً مفزعاً مفجعاً عظيماً، ما هذا الخبر؟! شركات مصرية تقوم بنقل البترول إلى صربيا متحدية بذلك الحصار الدولي، نعم في الوقت الذي تقوم فيه أو تأذن فيه الحكومة المصرية بإقامة مهرجانات ومؤتمرات شعبية لمناصرة المسلمين في البوسنة والهرسك، تعطي ضوءاً أخضر للشركات لأن تخرق الحظر على صربيا، وتقوم بإرسال شحنات من البترول وغيره إلى جمهورية الصرب التي تقاتل المسلمين، تماماً- كما رسم ريتشارد نكسون في كتابه، وقرأتها عليكم في المجلس السابق: نأذن لأصدقائنا أن يلعنونا علانية، ليتجنبوا الإحراج في مقابل أن يؤيدونا سراً.
وهاهنا تقرير عن أطفال المسلمين في البوسنة، سوف أقرؤه عليكم الآن، وهو تقرير مبكٍ محزن تتفطر منه الأكباد، وتسيل منه العيون، وتحزن له القلوب عنوانه "أطفال الحرب ضحايا الذاكرة" وقد نشر في جريدة الواشنطن بوست، يوم الأحد (28/5/1413هـ) وهو عبارة عن قصص لأطفال مسلمين.
يقول الكاتب: أدمير يتبع أمه حول معسكر اللاجئين وهو يصطف حولها، هناك ملابس قد وصلته من التبرعات، ولكن في كل ليلة هذا الطفل المسلم ذو السنوات الثمان يسافر وحده في الأحلام، ذلك عندما يتذكر هو ومئات الآلاف من الأطفال مثله أحداث الحرب في يوغسلافيا السابقة، على حشية رقيقة مصنوعة من الأغصان في غرفة يشترك فيها هو وثلاثون آخرون معه، يتكلم أدمير في نومه، يصرخ وينادي ويحذر ثم يبكي على والده الذي أطلق الصرب النار عليه مع ابن عمه وعمه في (20/7/92م) عندما يفزع من نومه، لا يستطيع أحد أن ينام في تلك الغرفة.
تقول أمه: لقد رأى أدمير المنازل تحترق والأجساد ملقاة أمام منـزلنا، لقد أخذته إلى الطبيب مرتين، ويقول الطبيب: إنه مليء بالخوف، أعتقد بعض الأحيان أنني قد فقدت ابني، لقد صدم الأطفال في هذه الحرب أكثر من غيرهم، وأكثر من أي وقت مضى، حتى في الحرب العالمية الثانية، كثير من الأطفال قد بدت عليه أعراض أزمات نفسية عميقة، هناك أحد الأطفال كان يرى -ولمدة ثلاثة أيام ومن النافذة- جثمان أخيه يتحلل، وقد أصبحت جثته سوداء من الذباب حولها، بينما القذف المتواصل والشديد منع عائلته من أخذه ودفنه، الآن في منطقة اللاجئين خارج منطقة الحرب، هذا الطفل يجلس ساعات طويلة يحدق بعينيه إلى أعلى، ويطرد الذباب الذي يتخيل إليه أنه على وجهه.
كما أن طفلاً آخر وهو زياد، وعمره أربعة عشر سنة كان قد اختبأ خلف حافلة عندما قبض الصرب على عائلته في (25/7) ثم رأى على بعد بضعة أقدام أمه وأخته، وثمانية وعشرين آخرين من أقربائه تطلق عليهم النار ويقتلون، الآن يعيش زياد مع أقربائه في ألمانيا، وفي الليل يتذكر ما حصل في ذلك الوقت، ولماذا لم ينج أحد في تلك الحادثة، ويفكر بذلك كل الوقت ويبكي.
إن كثيراً من القاتلين كانوا معروفين لدى هؤلاء الأطفال، فقد كانوا جيرانهم ومدرسيهم، (أقول: هكذا يجب ألا نثق بالنصارى طرفة عين، وإن جاورونا، وإن جلسوا بين أظهرنا، وإن جاءونا كخبراء، أو كأصدقاء، أو كسفراء، أو بأي صفة، فإنهم هم صانعو الخيام) تقول الدراسات التي أجريت على أطفال العراق بعد حرب الخليج: إن الأزمات النفسية، قد تزيد عبر الوقت، إذا لم يجد الطفل من يفضي إليه بشعور، ولكن في البوسنة أكثر أطفال المخيمات على الطرق، عائلاتهم قد تفرقت.
إن كابوس أدمير يستمر في إيقاظ من في الغرفة، ولكنه لم يعد يثير شفقة أحد، ولكن عندما يستيقظ أدمير يتكلم عن والده وعن ساعته، تقول أمه: إن الصرب أخذوا ساعته في الباص الذي أخذهم إلى الخارج، وهو دائماً حزين لها، أنا أخبره أنني سأشتري له ساعة أخرى، ولكنه لا يريد إلا تلك الساعة؛ لأنها كانت هدية له من والده الذي قتله الصرب.
حالات متزايدة من انتحار الأطفال، فقدان التركيز، فقدان النوم، فإن غالب الأطفال الذين هم من مناطق الحرب قد رأوا أناس قد قطعوا إلى نصفين بفعل مدافع الهاون، وأطفال قد رأوا قذائف تقطع رءوس أمهاتهم، أو تقص رجلي طفل هو بين ذراعي أمه، تقول أسبيكا، وهي جدة لبنت عمرها خمس سنوات: إن الصرب قذفوا قريتنا بالقنابل لثلاثة أيام بلياليها، وقد تحول شعر ابنتها إلى أبيض، وتعتقد أسبيكا أن الصرب سوف يهاجمونهم مرة أخرى في معسكرات اللاجئين، ولذلك فهي ترتدي حذاءها دائماً، لا تخلعها حتى إذا ذهبت لتنام، إن الأطفال لا يستطيعون أن يفهموا ما رأوه بأعينهم، ولذلك فإن تلك الأحداث تدور في أذهانهم في الحالات الطبيعية، يعالج الأحداث، ولكن عندما يشاهد المرء خارج خبرته المعتادة؛ فإنه يعيش في حالة من الأزمة النفسية، كثيراً ما يقتل أحد أفراد العائلة بين عائلته، وكثيراً ما يكون هناك اغتصاب للأطفال وللأمهات أمام أطفالهن، وأطفال يرون رجال يقومون بتقطيع أمهاتهم بزجاج مهشم أمامهم، بعض الأطفال ينامون لثلاث أو أربع ساعات فقط، وبعد أشهر من تلك الأحداث التي مرت على بعضهم ما زال بعضهم يشعر ويتصور رائحة الدم، أو رائحة البنادق، أو بعضهم لا يستطيع التخلص من رؤية اللهب والحرائق في عينيه، إنه بالفعل كفلم مصور لهذه الأحداث في أعينهم طوال الوقت.
هكذا يلقى المسلمون من أعدائهم من الصرب ومن ورائهم من الغرب الذين تقع كل هذه الجرائم على أيديهم.
ثم قامت الحرب العالمية الثانية، وكان في أعقابها قرار تقسيم فلسطين، وإنشاء دولة إسرائيل، ودعمها على المستوى العالمي من قبل الشرق والغرب، واليوم يقوم النظام الدولي الجديد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي كبديل عن الحرب الباردة، والغريب أن هذا النظام لم يكن بديلاً عن الإسلام، ولم يكن الإسلام شريكاً فيه؛ إنما قام هذا النظام على أنقاض الشيوعية.
ومع ذلك كان نصيب المسلمين والعرب هو الأكبر في هذا النظام الدولي الجديد، فهل كان الإسلام هو العدو المنهزم أمام الغرب في تلك الحرب الباردة حتى يلقى هذه المواجهة أم أن ضرورة البحث عن عدو جعلت الغرب يواجه الإسلام في هذه الحرب؟!
لم يكن المسلمون حلفاء للشيوعية التي سقطت، بل كانوا ضدها، ولم تكن الأحزاب الشيوعية في العالم الإسلامي، ذات شعبية أبداً، كان الشيوعيون في العالم الإسلامي لا يشكلون أكثر من (2%) فقط وكانت الأحزاب الشيوعية منبوذة.
ومع ذلك فإن الذين تبنوا الشيوعية في العالم الإسلامي، سواء حكومات أو أحزاب إنما تبنوها لأن أمريكا كانت تعلن دعمها لإسرائيل، فكان مقتضى العداء لإسرائيل، أن يلقي المسلمون بأنفسهم في أحضان روسيا، لكن هذا لم يقع إلا على نطاق ضيق جداً، فلماذا يعتبر الغرب أن سقوط الاتحاد السوفيتي، يعني إعلان الحرب على المسلمين، حتى أن رجلاً بريطانياً اسمه فريد هوليداي، وهو أستاذ في جامعة لندن، كان يسارياً إلى حد ما، وكان له مواقف -يقولون: مواقف مشرفة- في السابق من القضايا العربية، كقضية فلسطين مثلاً، ومع ذلك كتب مقالاً في جريدة الإندبندت البريطانية يدعو إلى أخذ الحذر من الإسلام، وقال: إن الإسلام غزا أوروبا مرتين، ويجب الاستفادة من القوة الأمريكية الموجودة اليوم لضرب الإسلام قبل أن تتم المحاولة الثالثة الإسلامية لغزو أوروبا.
إذاً: في ظل النظام الدولي الجديد، هناك حرب معلنة على الإسلام، وقد لخص وزير خارجية بريطانيا هذه الحرب بقوله: يجب على الأمم المتحدة أن تقوم بدور امبريالي في حكم الدول الصغيرة التي لا تحسن حكم نفسها، نعم الدول الإسلامية: هي الدول الصغيرة التي لا تحسن حكم نفسها.
أولاً: الدعم الفعلي غير المشروط لإسرائيل، والالتزام بتفوقها على جميع الدول العربية والإسلامية، وآخر دليل هو تصريح كلنتون في كتابه مصلحة الشعب أولاً، الذي يقول فيه: نؤيد حاجة إسرائيل للاستمرار في تفوقها النوعي والعسكري على خصومها العرب مجتمعين، ويجب على إسرائيل وأمريكا إقامة هيئة عليا مشتركة للتعاون في مجال البحث وتنمية الصناعة، للقرن القادم، ونحن مطالبون بجهد مضاعف لمنع وصول الأسلحة الخطيرة إلى إيران وسوريا وليبيا والعراق لحماية إسرائيل، والقدس هي عاصمة إسرائيل إلى الأبد، والسلام الذي لا يراعي أمن إسرائيل لا يعد سلاماً. انتهى كلامه. ألا يؤكد لكم هذا ما قلته لكم قبل قليل، من أن الغرب حين يمنع إيران من التسليح، إنما يمنعها خوفاً على إسرائيل؟ بلى.
ثانياً: دعم الأنظمة العربية العلمانية الموالية للغرب، ودور المخابرات المركزية الأمريكية في ألوان الاضطهاد الذي يلقاه المسلمون واضح جداً، سواء في مصر أو تونس أو الجزائر أو غيرها، وإن كان الغرب لا يمانع أن تشتم تلك الدول أمريكا مقابل أن تؤيدها في الخفاء كما أسلفت.
ثالثا: إيمان الغرب بعقائد ومُثل وأخلاقيات مناقضة ومناوئة للإسلام، وتبنيه لها، سواء فيما يتعلق بدعم الجهود التنصيرية في العالم الإسلامي، أو تصدير أنماط الحياة الغربية القائمة على الإباحة الجنسية، وعلى الحرية الشخصية، وعدم الإيمان بالعفة والطهارة الأخلاقية، سواء عن طريق الأمريكان الموجودين في البلاد العربية والإسلامية، أو عن طريق وسائل الاتصال كالإذاعة والصحف والتلفزة والكمبيوتر والكتاب وغير ذلك، وآخر ذلك أشرطة كمبيوتر شائعة تعرض ألوان الفساد الأخلاقي والدعارة، وموجودة في كل مكان، ويتداولها الناس، أو عن طريق إغراء المسلمين المقيمين في بلاد الغرب بذلك.
رابعاً: الابتزاز الاقتصادي الذي يمارسه الغرب في حق المسلمين، ومصادرة ثرواتهم وخيراتهم، وذلك بأشكال مختلفة معروفة، وبالتالي يدرك المسلمون أن بلادهم وخيراتهم هدف بارز للمطامع الأمريكية الغربية.
خامساً: عدم مصداقية أمريكا والغرب في تبني حقوق الإنسان -كما يدعون- أو حماية الحرية والكرامة، أو القيام بأي مبادرة حقيقية في هذا المجال، فالروح التي يتحرك بها الغرب، لا تختلف أبداً عن الروح الاستعمارية التي كانت قائمة في العالم الإسلامي قبل عشرات السنين، وبصورة واضحة فإن أمريكا دولة نصرانية وهي حامية الصليب، وكذلك الغرب كله، وهم كفار داخلون في قوله تعالى: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254] فكيف تستغرب من كافر وصفه الله بالظلم، أن يظلم غيره، فضلاً أن يظلم من يعتبره عدواً له وهو المسلم؟!
بهذا يتبين أنه قبل النظام الدولي الجديد وبعده، كان المسلمون في الحالين هم الخاسر الأكبر.
الأمر الأول: الحرب تفريق عرقي وليست حرباً دينية، هذا الكلام نفسه هو كلام البابا شنودة في جريدة العالم اليوم، يقول: المسألة مسألة الحرب العرقية، مع أن من المعلوم أن العرق واحد، فالمسلمون البسنويون، والصرب والكروات أصولهم العرقية واحدة وليست مختلفة، وإنما المختلف هو الدين، فهؤلاء يحاولون أن يجعلوها حرباً عرقية؛ ليغطوا الطابع الديني في هذا الحرب، ونحن لا نستغرب من شنودة أن يقول ذلك، فهو عضو في مجلس الكنائس العالمي، وهو المسئول عن المجلس في مستوى الشرق الأوسط كله، لكن الذي نستغربه من مجلة تصدر باللغة العربية، ويكتب فيها كتاب إسلاميون، بل مجلة محسوبة على هذه البلاد، أن تجعل المسألة، مسألة تفريق عرقي!
الأمر الثاني: أكثر ما شد أنظار هذه المجلة وكتابها المأفونين الكلام عن ملكتي جمال تبتسمان على رغم شبح الحرب، فتباً لهؤلاء وتباً لمن يشتري هذه الجريدة، لقد ناديتكم وطالبتكم مراراً أن تقاطعوا هذه الجريدة، وأقول لكم: أيها الإخوة! المقاطعة التي صدرت منكم قد أثمرت، ولا أدل على إثمارها من أن هناك بعض الشركات الرسمية، كشركة الطيران السعودي أنها أصبحت توزع هذه الجريدة أحياناً وحدها على الركاب، وقد يركب البعض في طائرة ضخمة فيها مئات الركاب، فلا يوزع عليهم إلا جريدة الشرق الأوسط، وقد كتب لي مجموعة من الإخوة من داخل الخطوط يؤكدون هذا الأمر، كما هاتفني به وشافهني مجموعة من الإخوة الذين ركبوا في بعض الطائرات، وكأن ذلك نوع من الدعم لهذه الجريدة في مقابل إعراض الناس عنها، لكنني متأكد -أيضاً- لو أنكم قمتم بحملة صادقة وشاملة على هذه الجريدة أنه لن ينفعها الدعم الرسمي مهما كان، فأنا أؤكد عليكم ذلك، وقد سبق أن قرأت عليكم فتوى الشيخ عبد الله بن جبرين، وقد أرسلنا إلى سماحة الوالد في الأسبوع الماضي ملفاً عن هذه الجريدة، وما نشر فيها؛ برجاء أن يصدر فتوى عامة للمسلمين، وسوف نقوم إن شاء الله بتوزيع فتوى الشيخ عبد الله بن جبرين عن هذه الجريدة، على نطاق واسع.
وهذا -أيضاً- مقال يشير إلى كاتب -أحد كتاب هذه الجريدة- لا أريد أن أذكر اسمه، وإن كان كلامه أكثر من الكفر، وأكثر من الإلحاد، وقد وقع في يدي كتاب ألفه: وهو عبارة عن حلقات كان ينشرها في هذه الجريدة، يسخر فيه بالله تعالى، وينسب الله تعالى إلى الجهل، ويسخر فيه بجبريل، حتى إنه يقول: إن جبريل جاء يعرف الله تعالى على رؤساء الدول العربية، فيقول لله تبارك وتعالى -تعالى الله عما يقول الكافرون والظالمون والملحدون علواً كبيراً-: هذا فلان، وهذا فلان، والله تعالى كما زعم هذا الخبيث، يقوم من عرشه ويصافحهم واحداً تلو الآخر، حتى جاء دور الرئيس جمال عبد الناصر فلم يقم -كما زعم هذا الخبيث- ولم يسلم الله تعالى عليه، قال جبريل لماذا؟ قال: لو قمت لجلس هذا الإنسان مكاني، هذه أحد الطرائف والنكت، وقد قرأتها -أيضاً- على الوالد سماحة الشيخ عبد العزيز، فأنا أدعوكم أيها الإخوة أن تغاروا لدينكم، وتغضبوا لربكم، وأقول: لا خير فينا إن لم نستطع أن نقاطع مثل هؤلاء الذين يعلنوها صريحةً، وكنت أتوقع أن هذه الجريدة تستحيي، أو تراعي مشاعر المسلمين، فإذا بي أقرأ عدد هذا اليوم، وإذا هناك مجموعة من المقالات والقصص والأخبار، التي تدل على أن هؤلاء موتى القلوب، وأنهم غير آبهين بأحد، فاتقوا الله يا عباد الله وغاروا لدينكم.
الجواب: هذا اطلعت على شيء منه، ولا بأس أن يقرأ الإنسان، لكن عليه مع القراءة أن يكون عنده حس ووعي عقدي إسلامي؛ لأننا لا نأخذ معلوماتنا عن الغرب، من خلال أقوالهم فقط، بل ينبغي أن نأخذ من خلال القرآن والسنة، وقد كان من همي أن أذكر لكم النصوص القرآنية والنبوية التي تؤكد عداوة الكفار للمسلمين، ولكنني عزفت عن ذلك: لأنني شعرت أنني أثقلت عليكم، وأكثرت عليكم فيه، فإنني ذكرته لكم مراراً وقرأت عليكم تلك الآيات: وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217] وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] إلى غير ذلك من والآيات النصوص الكثيرة.
الجواب: هذا الخبر ليس صحيحاً، بل القرار ساري المفعول، ولم يوقف، وقد جلسنا مع سماحة الوالد ليلة الخميس الماضي، وأخبرنا عن امتعاضه وانـزعاجه وسائر أهل العلم من هذا القرار، وأنهم سعوا فيه وكلموا بعض المسئولين، ولا يزالون يبذلون مجهوداً في ذلك، وسئل الشيخ علانية -أيضاً- ولم يذكر لنا أن هناك أي تغيير في هذا الموضوع، فعليكم أن تعلموا أن هذا القرار لا يزال قائماً وساري المفعول، ولم يلغ أبداً.
الجواب: أولاً: لا ينبغي أن يقارن النصارى بالمسلمين، على الإطلاق إنما قد تقول: إن هذا العامل عندي مع أنه كافر فإنه أكثر إخلاصاً من المسلم، هذا قد يقع، ليس هذا لأنه كافر، وهذا مسلم، ولكن لأن لهذا ضعيف الإيمان، وذاك الإنسان إما أن يكون ربي تربية معينة، أو ربما يعمل هذه الأعمال حتى يخدع بها بعض المسلمين، أو أنه ذكي يعرف من أين تؤكل الكتف، وكيف يحظى بثقة من حوله، حتى يمنحوه مزيداً من الأعمال، ومزيداً من الصلاحيات. الغرب لا يسرق القرش والريال كما يفعل ضعفاء المسلمين، لكنه يسرق البنوك بأكملها، والغرب لا يضربك على وجهك، ولكنه يقتل شعباً بأكمله.
الجواب: أما إنه تخدير، فلا أعتقد ذلك؛ لأن عندنا أن القوة، قوة الإسلام باقية مهما كان الأمر، وكون الإنسان يعيش شعوراً مؤقتاً بعد أن سمع محاضرة، هذا لا يضر، المهم مستوى الوعي والإدراك الذي يوجد لدى الشعوب الإسلامية وعلى كل حال لدينا يقين مهما كان الأمر، أن قوة الغرب لن تنفعه إذا واجهه المسلمون الصادقون.
الجواب: هذه ثمرة الانحراف السابق، والإعراض عن شريعة الله تعالى، وهي ضربة معلم، ودرس للمسلمين، ونحن على يقين أن الأمة الإسلامية لا يمكن أن تبلغ المستوى المطلوب له، في تمسكها بدينها، وصدقها مع ربها وتوكلها عليه، وإيمانها ووحدتها ونبذها لألوان الخلاف والفرقة إلا على مثل هذه المطارق، فأنت لو جلست سنين طويلة تتكلم للمسلمين عن عدوهم وخصمهم، وحربه لهم وهم لا يرونه، ولا يرون أعماله، فإنهم لا يمكن أن يدركوا ذلك جيداً. وعلى الأقل على مستوى الشعوب والمستوى العام، إذا رأوا بعيونهم ماذا يصنع بهم عدوهم، وكيف يعاملهم فإن هذه الأشياء هي الكفيلة بأن توعي المسلمين، وترفع من مستوى إدراكهم لمسئولياتهم إلى القدر المطلوب.
الجواب: هذا الكلام عن العلمانيين وقد تكلمت عنهم في محاضرة قديمة، قبل ثلاث سنوات عنوانها المعركة بين الإسلام والعلمانية.
الجواب: لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنما أخبر بانتصار الإسلام في جولة قادمة، وأن المسلمين سيكون لهم معارك مع اليهود، وأن الله سيدخل هذا الدين في كل بيت مدر ووبر، وهذا لا يلزم ولا يعني أن يكون الغرب والشرق كلهم مسلمين.
الجواب: نلاحظ أن هذه الأسئلة تنم عن وعي وعن إدراك، أننا نعيش وضعاً يجب دراسته، ومعرفة أسبابه، إذاً المسلمون يعيشون مشكلة أنهم متخلفون دينياً، وعقلياً، وعقائدياً، وأخلاقياً، وسلوكياً، وعلمياً، وسياسياً، واقتصادياً، وإعلامياً، ويجب أن نبحث ما هي الأسباب، هذا موضوع له مجاله الخاص، فلا أريد أن أدخل فيه؛ لأن الأسباب كثيرة وما ذكره الأخ وغيره هي بعض الأسباب.
إذاً: من المهم جداً أن ندرك أننا نعيش مشكلة ينبغي أن نعرف أسبابها، ونعمل على التخلص منها.
الجواب: لا شك، لكن يا أخي ذكر الآيات والنصوص هو في مجاله، فمثلاً: لو لاحظت الأسبوع قبل الماضي، عندما تكلمت عن العمال، كان هذا الموضوع والحمد لله مليئاً بالآيات والأحاديث، والذي قبله "
الجواب: الحقيقة لم يأتني خبر جديد غير الذي ذكرته لكم فيما سبق، ولكن هذا السؤال ذكرني بقضية: وهي أنني ذكرت لكم في ذلك اليوم، أو في يوم قبله، أن هناك بعض البضائع كالتفاح الإيراني، جاءت إلى الأسواق في هذه البلاد، وقد غطيت في جوانبها كلها بقصاصات من المصحف الشريف، وبالذات مصحف المدينة المنورة، مقصوصة وموضوعة لهذه البضائع، والتفاح قادم من إيران، وهذا خطر كبير، وهي جريمة منكرة، لو جاءت هذه البضائع من إسرائيل، ونحن الآن نتكلم عن قضية إلغاء المقاطعة الإسرائيلية، فلا مانع أن تجد تفاح، يافا، وعكا، وحيفا، بعد زمن يطول أو يقصر بالأسواق، لو جاء التفاح من إسرائيل وفيه هذه القصاصات من المصاحف، لم نستغرب أن يفعلوا هذا، فهم اليهود، ولو جاء هذا التفاح من بلاد نصرانية لم نستغرب، لكنه جاء من إيران، وإيران دولة تقول: بأنها تحترم القرآن الكريم، وتدعي أنها تعظم القرآن الكريم، وتقول: إن القرآن الكريم دستورها، فأنا من هذا الموقع أرسل مناشدة لتلك الدولة، ممثلة بسفارتها في هذه البلاد، والمسلمون كلهم يتساءلون عن سر هذه الإهانة للقرآن الكريم، وعن سر هذا التحدي المباشر لمشاعر المسلمين، إن سفارة إيران نفت مرات أن تكون إيران أرسلت البترول إلى الصرب، ونفت مرات أن تكون ساعدت النصارى على المسلمين في أذربيجان، ولكنها لا تستطيع أن تنفي هذا الخبر؛ لأن تلك القصاصات موجودة في أيدينا، وقد وجدها الناس ورأوها، وتداولوها، وموجود عندي نماذج منها، أظن أنني قد أطلعتكم على شيء منها، ولم يبقَ إلا أننا نسائل هذه الدولة من خلال سفارتها في هذا البلد، ونطلب منهم جواباً وإيضاحاً، عن سر هذه الإهانة لكتاب الله عز وجل، وعن سر هذا التحدي العظيم لمشاعر المسلمين.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، وانصرنا على من بغى علينا، اللهم إن نسألك أن تفرج كروب المسلمين في كل مكان، اللهم فرج كربهم، اللهم فك أسرهم، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه، اللهم عمنا برحمتك وتوفيقك يا أرحم الراحمين، اللهم أنـزل علينا من بركاتك وجودك يا حي يا قيوم، اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، اللهم ربنا هب لنا من لدنك علماً، اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً، اللهم إنا نسألك أن تصلح أحوال المسلمين جميعاً كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، حاكمهم ومحكومهم، إنك على كل شيء قدير، اللهم إن نسألك أن تصلح أحوالنا يا حي يا قيوم، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح شبابهم، وشيبهم ورجالهم ونساءهم، وحكامهم وشعوبهم، إنك على كل شيء قدير، اللهم صلِّ على محمد وعلى آله محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر