أولاً نعود لكلام
السيوطي يقول رحمه الله تعالى: ((وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ))، منكم أو من غيركم.
((فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ))، وألحق بالولد في ذلك ولد الابن بالإجماع.
(ولهن) يعني: الزوجات تعددن أو لا.
((وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ))، منهن أو من غيرهن.
((فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ))، وولد الابن في ذلك كالولد إجماعاً.
((وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً)) (يورث) هذه الجملة في محل رفع صفة لرجل، والخبر أي: وخبر كان هو كلمة (كلالة).
(وإن كان رجل يورث كلالة) يعني: إن كان رجل كلالة، وهذا الرجل صفته أنه يورث.
ولم نقل: إن الجملة حال؛ لأن الرجل نكرة.
(كلالة) مصدر كل، كل يعني: لا والد له ولا ولد.
(أو امرأة) يعني: تورث كلالة لا ولد لها ولا والد.
(وله) أي: للمورث كلالة سواء كان رجلاً أو أي شخص يورث كلالة.
(وله أخ أو أخت) أي: من أم وقرأ
ابن مسعود وغيره هذه القراءة، مثل هذه القراءة تسمى: قراءة تفسيرية، يعني: أن الصحابي عندما يقرأ الآية يزيد فيها كلمة من عنده لتفسير المعنى، وليس هذا إضافة للقرآن، لكن هذه القراءة تسمى: قراءة تفسيرية، فكذلك هنا
ابن مسعود لما قرأ هذه الآية قرأها قراءة تفسير وبيان لمعناها فقال:
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ، من أم.
(فلكل واحد منهما السدس) يعني: مما ترك.
(فإن كانوا) أي: الإخوة والأخوات من الأم (أكثر من ذلك) يعني: أكثر من واحد، (فهم شركاء في الثلث) وكلمة (شركاء) هنا بمعنى أنه يستوي في ذلك ذكرهم وأنثاهم، فهذا من المواضع التي يستوي فيه الذكور والإناث.
((مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ))، حال من ضمير يوصى، أي: غير مدخلٍ الضرر على الورثة بأن يوصي المورث بأكثر من الثلث.
والإضرار كما ذكرنا من قبل له صور كثيرة منها: الإضرار في الوصية؛ وذلك بأن يوصي أكثر من الثلث حتى يقلل نصيب الورثة من ميراثه.
قوله: ((وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ))، فهذا مصدر مؤكد ليوصيكم، بمعنى: يوصيكم وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ.
((وَاللَّهُ عَلِيمٌ))، أي: بما دبره لخلقه من الفرائض.
((حَلِيمٌ))[النساء:12]، أي: بتأخير العقوبة عمن خالفه.
وخصت السنة توريث من ذكر بمن ليس فيه مانع من قتل أو اختلاف دين أو رق. يعني: هذه موانع الإرث، فإذا وجد مانع منها فإن السنة هنا تخصص عموم القرآن، بمعنى: أن الولد يرث أباه، أو أي شخص يرث من مورثه، فإذا اختلفا في الدين فإنه يمنع من الإرث.
كذلك شخص قتل مورثه ليتعجل وراثته، فهذا يعاقب بنقيض قصده؛ لأن القاعدة تقول: من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه. فكذلك إذا قام الوارث وقتل مورثه؛ ليتعجل ميراثه فالشرع هنا يعاقبه بالحرمان من الإرث منه، وهذا من حكمة الشارع؛ لأن هذا يسد باب اتخاذ ذلك القتل ذريعة للحصول على هذا الميراث؛ لأنه إذا علم أنه سيحرم لن يعمد إلى إراقة دمه، فإذاً السنة خصت توريث من ذكر بمن ليس فيه مانع من قتل، أو اختلاف دين؛ لأنه (
لا يتوارث أهل ملتين شتى) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، أو رق فلا يرث من فيه مانع من موانع الميراث الثلاثة هذه، قال صلى الله عليه وسلم: (
لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)، وهذا متفق عليه.
(تلك حدود الله) أي: تلك الأحكام المذكورة من أمر اليتامى وما بعده حدود الله وشرائعه التي حدها لعباده ليعملوا بها ولا يتعدوها.
(ومن يطع الله ورسوله) بما حكما به.
(يدخله) أو (ندخله) بالياء والنون التفاتاً.
(جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم).
(ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله) أو ندخله (ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) يعني: له فيها عذاب مهين ذو إهانة، وروعي في الضمائر في الآيتين لفظ (من)، وروعي في (خالدين) معناها.
يقول
السيوطي في الآيات السابقة (واللاتي يأتين الفاحشة) أي: الزنا.
(من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) أي: من رجالكم المسلمين.
(فإن شهدوا) عليهن بها.
(فأمسكوهن) احبسوهن.
(في البيوت) وامنعوهن من مخالطة الناس.
(حتى يتوفاهن الموت) أي: ملائكة الموت.
(أو) بمعنى: إلى أن.
(يجعل الله لهن سبيلاً) طريقاً إلى الخروج منها، أمروا بذلك أول الإسلام ثم جعل لهم سبيلاً بجلد البكر مائة وتغريبها عاماً، ورجم المحصنة، وفي الحديث لما بين الحد قال صلى الله عليه وسلم: (
خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب ترجم، والبكر تجلد)، وهذا رواه
مسلم .
(واللذان) بتخفيف النون وتشديدها.
(يأتيانها) أي: الفاحشة من الزنا أو اللواط.
(منكم) أي: من الرجال.
(فآذوهما) بالسب والضرب بالنعال.
(فإن تابا) أي: منها.
(وأصلحا) أي: العمل.
(فأعرضوا عنهما) ولا تؤذوهما.
(إن الله كان تواباً) على من تاب.
هذا أمر مهم جداً، انظر إلى دقة التفسير، تواباً على من تاب، وإنما أُخذ هذا من الآية التي بعدها:
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17]، فالتوبة على من تاب وقال: يا ألله! تاب الله عليه.
(رحيماً) به، وهذا منسوخ بالحد إن أريد به الزنا، وكذا إن أريد به اللواط عند
الشافعي.
يقول تبارك وتعالى
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:17].
عدم إطلاق قبول التوبة في قوله: فإن تابا وأصلحا
(إنما التوبة على الله) هنا استئناف لبيان أن قبول التوبة من الله تعالى ليس على إطلاقه، كما ينبئ عنه وصفه تعالى بكونه تواباً رحيماً، قد يفهم شخص من قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا في خاتمة الآية السابقة أن الله تعالى تواب على الإطلاق لكل من عصى، فجاءت هذه الآية لتبين أن هذا الإطلاق مقيد بما سينطق به النص الكريم، ولذلك قدرها وحصرها بكلمة: (إنما) وهي مسوقة لبيان الاستئناف أو لرفع هذا الإيهام الذي قد يتوهمه البعض من قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا فاستأنف قائلاً: (إنما التوبة) لأن التوبة فقط لهؤلاء المذكورين في الآية.
فقبول التوبة من الله ليس على إطلاقه كما ينبئ عنه وصفه تعالى بكونه تواباً رحيماً، بل هو مقيد بما سيأتي بعد كلمة (إنما) بما سينطق بها النص الكريم.
(إنما التوبة) (التوبة) مبتدأ، وجملة: (للذين يعملون السوء) هذا هو الخبر.
معنى: (التوبة على الله) في الآية
قوله: (إنما التوبة على الله) متعلق بما تعلق به الخبر من الاستقرار، ومعنى كون التوبة عليه سبحانه في قوله: (إنما التوبة على الله) أي: إنما التوبة التي يقبلها الله.
كلمة: (على) للدلالة على التحقق لحكم سبق الوعد، حتى كأنه من الواجبات عليه سبحانه وتعالى.
المقصود بالجهل في الآية
قوله: (إنما التوبة على الله للذين يعلمون السوء بجهالة) السوء هو المعصية صغيرة كانت أو كبيرة.
(بجهالة) يعني: يعملون السوء متلبسين بالجهالة، يعني: وهم جهلاء سفهاء، والباء للسببية، يعني: بسبب الجهالة، والمراد بالجهل: السفه بارتكاب ما لا يليق بالعاقل، لا عدم العلم، فالجهالة هنا ليس المقصود بها عدم العلم، وإنما المقصود الجهل العملي، فإن من لا يعلم لا يحتاج إلى التوبة، لكن المقصود هنا بالجهل: السفه، وذلك بارتكاب ما لا يليق بالعاقل،
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63]، كذلك الجهل بهذا المعنى الذي هو الجهل العملي السلوكي حقيقة واردة في كلام العرب، كقول الشاعر:
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
يعني: نعاقبه ونهلكه بما هو أعظم من جهله، وكان صلى الله عليه وسلم يقول إذا خرج من بيته: (
اللهم إني أعوذ بك أن أجهل أو يجهل علي).
معنى قوله: (ثم يتوبون من قريب)
شرع تبارك وتعالى في بيان جملة أخرى من أحكام النساء
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19]، نهي عما كان يفعله أهل الجاهلية بالنساء من الإيذاء والظلم.
حال المرأة القريبة والمتوفى عنها زوجها في الجاهلية
روى
البخاري عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانوا إذا مات الرجل -هذا كان في شأن أهل الجاهلية- كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها، يمسكها أهل الرجل). حتى ابنه يمكن أن يتزوجها، فكانوا أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا .
وعن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن الرجل كان يرث امرأته لقرابته فيعضلها حتى تموت).
يعضلها يعني: يمنعها من الزواج حتى تموت، أو ترد إليه صداقها، فنهى الله عن ذلك.
قال
السيوطي: ففيه أن الحر لا يتصور ملكه ولا دخوله تحت اليد، ولا يجري مجرى الأموال بوجه. لأن هناك فرقاً بين المرأة الحرة وبين المال، فالمرأة ليست مالاً موروثاً يرثه أقرباء الميت كما يرثون المال، كما كان يفعل أهل الجاهلية، وإنما لا يجوز بحال استعباد الحر أو تملكه أو دخوله تحت اليد كما يفعل بالأموال.
قوله تعالى: ((لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا))، (كرهاً) بفتح الكاف وضمها كَرهاً أو كُرها، قراءتان، والمقصود هنا لا يحل لكم أن ترثوا النساء حال كونهن كارهات لذلك، أو مكرهات على ذلك، والتقييد بالكره لا يدل على الجواز عند عدمه، يعني: التقييد بالكره لا يدل أنها عند حالة الرضا يكون ذلك جائزاً؛ لأن تخصيص الشيء للذكر لا يدل على نفي ما عداه، بل يجري هذا مجرى الغالب، ويخرج مخرج الغالب كما في قوله تعالى:
وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الإسراء:31]، فالتقييد بخشية الإملاق هنا لا يدل على جواز قتل الأولاد عند عدم الإملاق.
سبب نزول قوله تعالى: (لا يحل لكم أن ترثوا النساء...)
روى
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس رضي الله عنهما: (أن هذه الآية في الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها، ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي به) أي: أنه يؤذيها ويضايقها ويحرج عليها ويستفزها، حتى تطلب هي الإبراء أو تطلب الخلع، فتتنازل له عن صداقها.
هو الذي كرهها وهو الذي لا يرغب في بقائها زوجة له أو الاستمرار معها، فبدل من أن يطلقها بالحسنى وبالمعروف، فإذا به يلجأ إلى هذه الحيلة اللئيمة، بأن يضيق عليها ويؤذيها حتى تطلب هي الطلاق، فانظر كيف يقول الله تعالى (( لا يَحِلُّ لَكُمْ )) ثم عطف على ذلك بقوله:
وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19]، وللأسف الشديد نرى الآن كثيراً من الناس يتفننون في أذية المرأة، مثل هذه الحال هو يكرهها ولا يريد صحبتها، وفي نفس الوقت يريد ألا يعطيها حقها من الصداق أو مؤخر الصداق، فيستفزها ويضيق عليها من أجل أن تفتدي نفسها، وتطلب هي الطلاق مقابل التنازل عن المهر، فهذا يفعله من لا يتقون الله، ومن لا يخافون حساب الله، ولا يرجون لله وقاراً، فكون هذا الفعل يصدر من مسلم فهذه ليست أخلاق المسلمين، هذا العضل وهذه الأذية مما أنزل الله سبحانه وتعالى تحريمه صراحة في القرآن كما ترون.
يقول
ابن عباس : (إن هذه الآية في الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها، ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي به) والعضل هو: الحبس والتضييق.
(ولا تضاروهن) يعني: ولا يحل لكم أن تضيقوا عليهن.
(لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن) يعني: من الصداق، بأن يدفعن إليكم بعضه اضطراراً فتأخذوه منهن.
جواز مضايقة المرأة المرتكبة للفاحشة
حقوق صحبة الزوج مع زوجته ومعنى المعاشرة بالمعروف
بين تعالى حق الصحبة مع الزوجات بقوله عز وجل:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، في الحقيقة إن الآية الواحدة من سورة النساء مثل هذه الآية قد تستغرق حتى نحاول أن نوفيها بعضاً من حقها شهوراً كاملة، لكن التزامنا بالاختصار حتى نقطع الورد المطلوب أسبوعياً هو الذي يجعلنا نضطر إلى الإيجاز أحياناً، فمثل هذه الآية
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وغيرها من آيات الأحكام لا تكاد تنحصر معانيها، وتستغرق عمراً طويلاً إذا أردنا أن نستوفي ما فيها من المعاني.
قوله تعالى:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ أي: صاحبوهن بالمعروف، يعني: الإنصاف في الفعل والإجمال في القول. حتى لا تكونوا سبب الزنا بتركهن، أو سبب النشوز، أو سوء الخلق فلا يحل لكم حينئذ.
يقول
السيوطي. في الآية: وجوب المعروف من توفية المهر والنفقة والقسم واللين في القول، وترك الضرب والإغلاظ بلا ذنب.
(وعاشرهن بالمعروف) فالحقوق التي تجب طبقاً لهذه الآية حقوق كثيرة جداً مادية وأدبية، استدل بعمومها من أوجب لها الخدمة إذا كانت ممن لا تخدم نفسها، فيجب على الزوج أن يأتي لها بخادمة تخدمها؛ لأن هذا من المعاشرة بالمعروف.
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ [النساء:19]، يعني: إن كرهتم الصحبة معهن.
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، كلمة (عسى) في القرآن واجبة، يعني: وعد منجز من الله سبحانه وتعالى، والمقصود من الآية: أن اصبروا عليهن وأمسكوهن لعل الله سبحانه وتعالى يجعل فيهن خيراً كثيراً، بأن يرزقكم منهن ولداً صالحاً يكون فيه خير كثير، وبأن تنالوا الثواب الجزيل في العقبى بالإنفاق عليهن والإحسان إليهن على خلاف الطبع؛ لأن هذا يكون من المجاهدة التي تثابون عليها. قال
إلكيا الهراسي : في هذه الآية استحباب الإمساك بالمعروف وإن كان على خلاف هوى النفس. حتى لو كان إبقاء المرأة والإمساك عليها مخالف لهواه، فإن التقي يمسكها ويعاملها بالمعروف، وهذا ومن المروءة، وفي الآية دليل على أن الطلاق مكروه، ونحن لا نستدل بالحديث الضعيف المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (
أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، لكن نستدل على كراهة الطلاق بقوله تعالى هنا:
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ، في هذه الآية دلالة على كراهة الطلاق.
وقد روى
مسلم في صحيحه عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)، الفرك: هو البغض من كل وجه، يعني: تبغضه من كل وجه بحيث لا ترى فيه حسنة.
فيبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الزوج المؤمن لا يفرك زوجته المؤمنة؛ لأن الرجل المؤمن فيه الوقار والعقل الكامل والعدل والرزانة بحيث أنه يزن الأمور ويحسن تقديرها، فإنه إذا أبغض يكون معتدلاً في بغضه، فيحكم العقل والمروءة وقبل ذلك الشرع، فلا يبغضها من كل وجه، وإنما إذا كره منها خلقاً سرعان ما يتذكر أن لها خلقاً آخر يرضاه ويحبه، فهو يزن الأمور، لذلك لا يبغض المؤمن بغضاً من كل وجه، بخلاف المرأة فإنها إذا أبغضت تنسى كل ما مضى؛ لأنها لا تزن الأمور كما يفعل الرجال، هذا في الغالب إلا من رحم الله، وفي ذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: (
لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، فإن رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط)، فهذه طبيعة عموم النساء إلا من رحم الله، أنها إذا أبغضت فإنها تكفر بالعشير، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء بكفران العشير، أي: كفران نعمة الزوج أو فضل الزوج عليها، فتنسى كل ما مضى بمجرد أن تغضب أو تنفعل، بخلاف الرجل فهو يعلم أن العوج الذي في المرأة هو عوج فطري ليس عوجاً متكلفاً، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (
إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وكسر المرأة طلاقها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وهي على هذا العوج)، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمؤمن يزن الأمور بهذه الطريقة بحيث يعلم أن العوج الذي في المرأة ليس من تكلفها، بل قسم كبير جداً منه يكون فطرياً جبلت عليه، فينبغي الصبر عليها، وعلى العموم في ضوء هذا الكلام ينبغي أن لا يغضب النساء من هذا؛ لأن هذا فيه عذر لهن، وتخفيف من وقوع الحرج عليهن، على أي الأحوال هذا هو الفرق بين الرجل والمرأة في البغض.
ذكر الفعل الأول قال تعالى:
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ، كان يمكن في غير القرآن الكريم الاستغناء عن هذا الفعل كأن يقال: فإن كرهتموهن فعسى أن يكون فيهن خير كثير، وحصر عليه هذا الحكم في الفعل الثاني الذي هو (( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ))، لماذا؟ للتوصل إلى تعميم مفعوله، فكرر فعلين، يعني: إذا قال: فإن كرهتموهن فعسى أن يجعل الله فيهن خيراً كثيراً.
فتكون هنا الكراهة تتعلق بالمرأة فقط التي يبغضها، لكن كرر الفعل فقال: (( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ ))، ثم قال: (( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا ))، يدل على عموم هذه القاعدة: أن الأمر ليس فقط مختصاً بكراهية الزوجات، ولكن المقصود به في عامة أحوالك وفي كل شئونك، هذه سنة من الله سبحانه وتعالى (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، كما نلاحظ عامة الناس يستدلون بها في كل مناسبة ولا يحصرونها في شأن النساء.
يقول
أبو السعود : ذكر الفعل الأول مع الاستغناء عنه وحصر العلية في الثاني للتوصل إلى تعميم مفعوله؛ ليفيد أن ترتيب الخير الكثير من الله تعالى ليس مخصوصاً بمكروه دون مكروه، بل هو سنة إلهية جارية على الإطلاق حسب اقتضاء الحكمة، وإنما نحن في جزء من جزئياتها الذي هو أمر النساء، وفيه من المبالغة في الحمل على ترك المفارقة وتعميم الإرشاد ما لا يخفى، يعني: لو لم يكرر الفعل لم تأت كلمة: (شيئاً)، (( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا ))، فصارت فيها عموم لكل الأحوال.
في الحقيقة يذكر هنا تنبيهاً جليلاً في الوصية بالنساء والإحسان إليهن، نحاول أن نقتصر منه على ما نستطيع يقول: كفى في هذا الباب هذه الآية الجليلة الجامعة وهي قوله تعالى:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ .
قال
ابن كثير : أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، يعني: من صور المعروف هنا طيب الأقوال والألفاظ، وحسن الأفعال، والتزين بأن يلبس ما تستحسنه بحسب القدرة، فإن هذا من المعاشرة بالمعروف.
يقول تبارك وتعالى:
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، وهي درجة القوامة، وقال صلى الله عليه وسلم: (
خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (
ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم -عوان يعني: أسيرات- ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً)، بعض الناس يفهمون هذا الأمر فهماً خاطئاً، ويطبقونه تطبيقاً خاطئاً، ويجهلون أن ضرب النساء مكروه، وهو إنما يباح بشروطه وضوابطه.
بعض آداب عشرة النساء
قال تعالى:
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21] في الآية إنكار لأخذه إثر إنكار على سبيل التعجب، أي: بأي وجه تستحلون المهر. (وقد أفضى بعضكم إلى بعض) أي: وصل بعضكم إلى بعض فأخذ عوضه.
(وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) أي: عهداً وثيقاً مؤكداً، هذا كله مزيد تأكيد، يعسر معه نقظه كالثوب الغليظ يعسر ويصعب جداً أن تشقه، فكذلك هنا الله سبحانه وتعالى يشير إلى أن العهد الوثيق الغليظ المؤكد هو الذي أخذه النساء من الرجال.
قال
الزمخشري : الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة.
ووصفه بالغلظ؛ لقوته وعظمه، فقد قالوا: صحبة عشرين يوماً قرابة، بمعنى: أنك إذا صحبت قوماً عشرين يوماً فقد صارت لهذه الصحبة حرمة، ألسنا نسمع العوام يقولون: عيش وملح؟ وهذا الكلام كله في حق شخص سافر مع واحد في قطار ساعات أو أياماً، فكيف بما يكون بين الزوجين فهو أعظم حرمة من هذا الذي تعارف الناس على احترامه والوفاء بحقه؟!
فقد قالوا: صحبة عشرين يوماً قرابة، فكيف بما يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج؟!
وقال
الشهاب الخفاجي : قلت: بل قالوا: صحبة يوم نسب قريب، وذمة يعرفها اللبيب. صحبة يوم واحد نسب قريب تجعل لهذا الذي صحبته يوماً حرمة عندك، وذمة يعرفها اللبيب، يعني: حسن العهد من الإيمان.
فهذا المعنى ينبغي أن يحيا وأن يجدد في قلوب الناس، وإلا فقد صرنا في هذه الأزمان نرى من التنكر للأخوة ولهذه الصحبة، وصار منتشراً الآن في أخلاق الناس إلا من رحم الله تبارك وتعالى، فالمؤمن يكون حسن العهد يراعي حرمة ما مضى.
والسياق هنا في شأن النساء.
قوله: (وكيف تأخذونه) يعني: كيف بك بين يوم وليلة إذا حصل بينك وبينها نزاع أو تريد أن تطلقها وتتزوج غيرها، وتقلب لها ظهر المجن وتنقلب رأساً على عقب بعدما كان لها هذه الحرمة وهذه الصحبة وهذه الحقوق وهذا العهد الغليظ الذي أخذه الله سبحانه وتعالى عليك؟! ثم بعد ذلك تنقلب إلى شخص لا ينظر إلا نظرة مادية يريد أن يستحوذ على حق هذه المرأة، وأن يأخذ من مالها الكثير؟ يقول تعالى: ((وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا))، يعني: وكنتم آتيتم إحداهن قنطاراً، يعني: مالاً كثيراً ومهراً (فلا تأخذوا منه شيئاً) هذا هو أول نهي وتنفير (شيئاً) يعني: ولو يسيراً فما بالك بالكثير؟!
ثم يقول ثانياً: ( أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبينا) يعني أتأخذونه آثمين باهتين ظالمين مبطلين؟ ثم مزيد من التعجب والاستغراب لهذا التطرف قوله تعالى: ((وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ)) يعني: وأنتم بينكم من الحرمة ما ليس له نظير.
وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا يعني: ما يكون بين الزوجين من علاقة لا يمكن أن توجد بين شخصين آخرين.
(وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض) فهذا مما يوجب مزيداً من الحرمة.
(وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) الميثاق الغليظ هو العهد الوثيق المؤكد، الذي يعسر نقضه كالثوب الغليظ يعسر شقه، أو هو التأكيد الذي أتاكم في القرآن الكريم وفي السنة إثر التأكيد بالإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان
فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، فإن كنت ستمسكها فبمعروف، وإن كنت ستطلقها فبإحسان. لا ترتكب الفجور في الخصومة بأن تنقلب إلى إنسان مادي لا يبحث إلا عن المال حتى ولو تعدى حدود الله.
وقيل: إن الميثاق الغليظ هو قول الولي عند العقد: أنكحتك على ما في كتاب الله من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
حكم المغالاة في المهور وآثاره
معنى الإفضاء في الآية وما يستقر به المهر
(وآتيتم إحداهن) معناها: وكنتم من قبل قد آتيتم إحداهن، إذ إرادة الاستبدال في ظاهر الأمر واقعة بعد إيفاء المال وبعد استقرار الزوجية.
وقد اتفقوا على أن المهر يستقر بالوطء واختلفوا في استقراره بالخلوة المجردة، ومنشأ ذلك أن (أفضى) في قوله تعالى:
وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ يجوز حملها على الجماع كناية جرياً على قانون التنزيل من استعمال الكناية فيما يستحيا من ذكره، والخلوة لا يستحيا من ذكرها، فلا تحتاج إلى كناية، ويجوز إبقاؤها على ظاهرها.
على أي الأحوال هذا فيه بحث طويل يتعلق بمعنى الإفضاء هنا، يعني: هل هو مجرد الخلوة أم أن المقصود به الوطء؟!
وجه الاستدلال بالآية في منع الخلع والأقوال في ذلك
قوله: ((وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)) بعض العلماء استدل بها على منع الخلع مطلقاً، وقالوا: إن هذه الآية ناسخة لآية البقرة التي تبيح الاختلاع.
وقال غيرهم: بل إن هذه الآية منسوخة بآية البقرة.
القول الثالث: لا ناسخ ولا منسوخ، بل إن هذه الآية تحرم أخذ الشيء من مال المرأة بدون طيب نفس منها، وآية البقرة تبيح أن تفتدي بأن يأخذ من مهر المرأة أو صداقها ما تطيب بها نفسها فلا تعارض إذاً بين الآيتين.
والله تعالى قال في سورة البقرة:
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229]، هذا صريح في أن الزوجة إذا كرهت خُلُقَ زوجها أو خَلْقَهُ أو نقص دينه أو خافت إثماً بترك حقه أبيح لها أن تفتدي منه، وحل له أخذ الفدية منها؛ لقوله تعالى: ((وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ))، يجوز في هذه الحالة أن تفتدي وتبرئه.
يقول
السيوطي رحمه الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ)) أي: ذاتهن ((كَرْهًا)) بالفتح والضم لغتان وقراءتان، كانوا في الجاهلية يرثون نساء أقربائهم، فإن شاءوا تزوجوهن بلا صداق أو زوجوهن وأخذوا صداقهن، أو عضلوهن، يعني: منعوهن من الزواج حتى يفتدين بما ورثنه أو يمتن فيرثوهن، فنهوا عن ذلك.
((وَلا تَعْضُلُوهُنَّ)) يعني: ولا أن تعضلوهن أي: تمنعوا أزواجكم عن نكاح غيركم بإمساكهن، ولا رغبة لكم فيهن وإنما تمسكوهن ضراراً.
((لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ)) يعني: من المهر.
((إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)) الفاحشة المبينة: هي الزنا، أو نشوز فلكم في هذه الحالة أن تضاروهن حتى يفتدين منكم ويختلعن.
((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) أي: بالإجمال في القول، والنفقة، والمبيت.
((فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ)) فاصبروا.
((فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)) ولعله يجعل فيهن ذلك بأن يرزقكم منهن ولداً صالحاً.
((وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ)) أي: أخذ بدلها بأن طلقتموها.
((وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ)) يعني: وقد آتيتم إحداهن أي: الزوجات. (قنطارا)...