هذا الحديث هو آخر كتاب النووي الأربعين، وكما هو واضح أن الكتاب ليس فيه أربعون حديثاً، بل هي اثنان وأربعون حديثاً، ولعله ذكر الأربعين تغليباً وحذف الكسر الذي هو بعد الأربعين، فقال عنه: الأربعون.
وهذا الحديث هو من الأحاديث القدسية التي يرويها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه.
السبب الأول: كون الإنسان يدعو الله ويرجو المغفرة.
والثاني: كونه يستغفر.
والثالث: كونه لا يشرك بالله شيئاً، يعني: يخلص لله في عمله، ويكون سالماً من الشرك.
فإذاً: من أسباب المغفرة كون الإنسان يدعو الله ويرجوه أن يغفر له، فإذا فعل ذلك فإن الله تعالى يجيبه ويغفر له.
ومغفرة الذنوب هو سترها عن الخلق والتجاوز عنها بحيث لا يعاقب عليها، هذا هو مغفرتها؛ لأن الغفر هو الستر، ولهذا قيل للمغفر: مغفر لأنه يستر الرأس ويغطيه عن السهام.
فغفر الذنوب سترها عن الناس وعدم إظهارها وحصول ستر الله عز وجل للعبد فيها، وكونه يتجاوز عنها فلا يؤاخذ عليها ولا يعاقب عليها، فيكون كأنه لم يكن، ولكن هذا يكون مع التوبة إلى الله عز وجل، فالإنسان عليه أن يرجو ويدعو وهو تائب لا أن يكون مصراً على الذنب وهو مشغول بالذنب ومهموم بالذنب وشغله متعلق بالذنب وفكره متعلق بالذنب ثم يقول: اللهم اغفر لي، فإن هذا مما يكون على اللسان دون تواطؤ القلب عليه، وإنما يكون الاستغفار نافعاً إذا تواطأ القلب واللسان على ذلك، وكان بتوبة من الله سبحانه وتعالى.
قوله: (يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك)، يعني: هنا بين كثرة الذنوب وأنها تبلغ عنان السماء، ويحتمل أن يكون المراد بعنان السماء أنها تصل إلى السماء بكثرتها، أو يقال: إن المراد بالعنان هو السحاب، أي: أنها تبلغ إلى السحاب، أو مع العلم أن الإنسان إذا نظر فإن الذنوب يكون حجمها ومقدارها بالغاً هذا المبلغ، فإذا ما كثرت الذنوب وبلغت هذا المبلغ وعظمت هذا العظم وتاب الإنسان منها واستغفر الله عز وجل، فإن الله تعالى يغفر له ويتوب عليه.
الثاني: أن يندم على ما مضى، بأن يندم على فعله الماضي وعلى ذنوبه التي وقع فيها.
الثالث: أن يعقد العزم في المستقبل على ألا يعود إلى ذلك.
هذا إذا كان الذنب في حق من حقوق الله وفيه كفارة عليه أن يأتي بالكفارة، وإن كان يتعلق بحقوق الآدميين.
فالشرط الرابع: أن عليه أن يعيد حقوقهم إليهم أو يطلب منهم الحل والمسامحة.
وأما ما كان من الذنوب دون الشرك فأمر صاحبها إلى الله عز وجل إن شاء عفا عنه وتجاوز ولم يعاقبه على ما حصل منه من الذنوب، وإن شاء عذبه، ولكنه إذا عذبه لا يخلده في النار ولا يعذبه عذاب الكفار، بل يبقى فيها المدة التي شاء الله تعالى أن يبقى فيها لمعاقبته على ما حصل منه من الكبائر، ولكنه بعد ذلك يخرج من النار ويدخل الجنة.
فإذاً: لا يبقى في النار أبد الآباد إلا الكفار الذين هم أهلها ولا سبيل لهم إلى الخروج منها، وأما أهل الإيمان والتوحيد الذين لم يشركوا بالله شيئاً فإنهم وإن بقوا في النار ما بقوا وإن مكثوا في النار ما مكثوا فإن الله تعالى يخرجهم منها ويدخلهم الجنة، كما جاء في هذه الآية من سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فكل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله عز وجل.
وكذلك جاءت الأحاديث المتواترة الكثيرة في إخراج أهل الكبائر من النار بشفاعة الشافعين وبعفو أرحم الراحمين؛ فإنها تدل على خروج من كان من أهل التوحيد من النار إن دخلها، وإذا شاء الله تعالى أن يعفو عنه فإنه لا يدخلها، ولهذا يقول الله عز وجل في هذا الحديث القدسي: (يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض) أي: ملئها أو ما يقارب ملأها.
(خطايا ثم أتيتني لا تشرك بي شيئاً) يعني: سليماً من الشرك؛ لأن وجود الشرك لا يغفر الله تعالى معه الذنوب، ولهذا فإن المشركين يؤاخذون على شركهم بالله وعلى أعمالهم الأخرى التي يأتون بها مع الشرك؛ والكفار يتفاوتون في الكفر ويتفاوتون في التعذيب في النار، ويتفاوتون في إيذاء المسلمين في هذه الحياة الدنيا، فمنهم من يكون مع كفره يؤذي المسلمين، ومنهم من يكون مع كفره يأتي بالأمور المنكرة والأمور القبيحة فيكون بذلك أسوأ ممن ليس عنده إلا مجرد الكفر، كما قال الله عز وجل: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ [النحل:88]، ولهذا كان أصحاب النار في النار دركات بعضهم أسفل من بعض، كما أن أهل الجنة في الجنة درجات بعضهم أعلى من بعض، فأهل الجنة يتفاوتون بالرفعة وأهل النار يتفاوتون بالسفل والنزول في النار، كما قال الله عز وجل: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء:145].
وهذا حديث عظيم وحديث جامع من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وهو أصل في باب الفرائض وقسمة المواريث.
ويمكن أن يعكس الأمر فيقال: السدس والثمن وضعفهما وضعف ضعفهما.
أو يؤتى في الوسط فيقال: الثلث والربع وضعف كل ونصفه، يعني: يؤتى إلى الوسط ويشار إلى ما تحته وإلى ما فوقه.
والثلث تحته السدس وفوقه الثلثان، والربع تحته الثمن، وفوقه النصف.
فيقال فيها هذه الأوجه الأربعة في بيان الاختصار بحيث يبدأ بأعلاها ثم ترتب ترتيباً تنازلياً، أو يبدأ بأسفلها وترتب ترتيباً تصاعدياً، أو يؤتى بوسطها ويضاف إليه نصف الاثنين وضعف الاثنين اللذين هما الثلث والربع.
فهذه هي الفروض المقدرة في كتاب الله عز وجل.
وكذلك بالنسبة للإخوة الأشقاء ولأب أنهم إذا اجتمعوا يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما أبناء الإخوة إذا جاءوا ومعهم أخواتهم أو بنات أعماهم فإنهم يستقلون بالميراث عن أخواتهم وبنات أعمامهم؛ فلا يعصب ابن الأخ أخته ولا ابنة عمه، وإنما يستقل بالميراث؛ لأن البنات أو بنات الإخوة ليس لهن نصيب من الميراث لو انفردن، فكذلك لا يكون لهن نصيب من الميراث مع إخوانهن أو بني أعمامهن وإنما يختص به الرجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر).
فإذاً: تكون القسمة بين الذكور والإناث إذا اجتمعوا خاصة بمن يرثن من الإناث لو انفردن، واللاتي يفرض لهن لو انفردن هن البنات وبنات الأبناء وإن نزلن والأخوات الشقيقات والأخوات لأب والأخوات لأم؛ فإن لهن ميراثاً مقدراً في كتاب الله ليس على سبيل التعصيب وإنما على سبيل الفرض، فأولاد الأم لكل واحد سدس، وإذا زادوا عن واحد سواء كانوا إناثاً خلصاً أو ذكوراً خلصاً أو ذكوراً وإناثاً فإن لهم الثلث يشتركون فيه ويتساوون فيه، لا يفرق بين الذكر والأنثى؛ لأن ميراثهم إنما كان بسبب قرابة الأم وليس عصبة.
والذين يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين هم الذين يرثون عصبة ويكون الواحد من الذكور لو انفرد حاز المال كله، ولو كان معه أخته أو أخواته أو إخوانه فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذه القسمة بهذه الطريقة تختص بالأبناء وأبناء الأبناء وإن نزلوا مع أخواتهم، وكذلك بالإخوة الأشقاء مع أخواتهم، والإخوة لأب مع أخواتهم.
ثم إنه جاء في السنة ما يستثنى من ذلك وهو أنه لو وجدت بنت ومعها أخت شقيقة وهناك أخ لأب فإن الشقيقة تأخذ الباقي تعصيباً مع الغير كما جاءت السنة في ذلك؛ وذلك لكونها أقرب، ولا يمكن أن يكونوا عصبة؛ لأن الأخ لأب لا يرث مع الأخت الشقيقة ميراثاً واحداً؛ لأن الميراث الواحد للإخوة الأشقاء مع الأخوات الشقيقات وللإخوة للأب مع الأخوات لأب.
أما إذا وجدت أخت شقيقة وكان هناك إخوة لأب فإن الميراث الذي يكون بعد النصف أو بعد الثلثين إذا كان هناك بنت أو بنات، تأخذه الأخت الشقيقة أو الأخوات الشقيقات إذا لم يكن معهن إخوانهن، فإن كان معهن إخوانهن فالباقي لهم ولهن للذكر مثل حظ الأنثيين، لكن إذا كانت الأخت الشقيقة موجودة ولا يوجد معها إخوة أشقاء ولكن وجد معها إخوة لأب فإن الأخت الشقيقة أولى من الإخوة لأب؛ لأنها أقرب إلى الميت منهم، وقد جاءت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيستثنى ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها).
ويمكن أن يقال: إذا كان المقصود بالفرائض ما جاء التنصيص عليه في الكتاب والسنة والمقصود به بيان من يرث سواء فرضاً أو تعصيباً فإن الأخت الشقيقة يكون لها فرض جاءت به السنة، ولكنه ليس بشيء ترثه على التقدير وإنما على ما بقي؛ لأنه إذا كان هناك بنت للميت أخذت النصف والشقيقة النصف الباقي، وإن كان له ابنتان أو بنت وبنت ابن فإن الشقيقة تأخذ الثلث الباقي، وعلى هذا ليس لها فرض مقدر في كتاب الله ولكن لها فرض بالتعصيب مثل ما جاء في الإخوة الأشقاء والإخوة لأب والأبناء وأبناء الأبناء مع أخواتهم فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
وفي هذه الصورة إما أن تكون مستثناة من الحديث فلا يعطى المال لأولى رجل ذكر، أو يقال: إن ميراثها جاءت به السنة، وجاء أنها وارثة مع البنت أو مع البنات، وعلى هذا لا يبقى للذكور شيء؛ لأن الإناث قد حزنه، وهذا هو التعصيب مع الغير؛ لأن التعصيب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: تعصيب بالنفس، وتعصيب بالغير وتعصيب مع الغير.
والعاصب بالنفس: هو الذي إذا انفرد يحوز الميراث بأكمله، وإن كان وحده أخذ ما أبقت الفروض كالابن وابن الابن والأخ الشقيق والأخ لأب، وكذلك الأب والجد؛ فإن هؤلاء يحوزون المال إذا انفردوا، وإذا كان هناك أصحاب فروض أخذ أصحاب الفروض فروضهم وأخذوا ما أبقت الفروض.
وعلى هذا فإذا ترك الميت أبناء إخوة أشقاء وأبناء إخوة لأب وأعمام وأبناء الأعمام فإن أقربهم الإخوة الأشقاء إذا كانوا موجودين فيحوزون الميراث ويستقلون به إذا كانوا منفردين، وإن كان معهم أصحاب فروض أخذوا ما أبقت الفروض، فيكون قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر).
إذاً: فأقرب هؤلاء الأربعة الأصناف هم الإخوة الأشقاء؛ وقدموا على الإخوة لأب؛ لأن عندهم سببين: سبب القرابة من جهة الأم، وسبب القرابة من جهة الأب، فالجهة واحدة وهي جهة الإخوة.
وأما إذا وجد إخوة لأب وأعمام فإن الإخوة لأب أولى من الأعمام؛ لأن الأخ لأب يدلي إلى الميت بأبيه، وأما العم فيدلي إليه بجده، فمن كان متفرعاً عن الأب القريب فهو أولى من المتفرع عن الأب البعيد، وهكذا الأعمام أخوان الجد أو من فوقهم الذين هم إخوان أبي الجد وإن علاء، وكذلك أبناؤهم وإن نزلوا، فكل من يدلي إلى الميت بمن هو قريب منه هو الذي يحوز الميراث، ومن كان أبعد فإنه لا يحوزه سواء كان ذلك في جهة واحدة أو في جهتين، كالإخوة لأب مع الأعمام فإن هؤلاء في جهة وهؤلاء في جهة؛ لأن أبناء الإخوة يدلون بالإخوة وذلك لمشاركتهم الميت في أبيه، وأما الأعمام فيشاركون الميت في جده وليس في أبيه، فمن يدلي إلى الميت بالأب القريب أولى ممن يدلي إليه بالأب البعيد الذي هو فوق القريب.
وعلى هذا فقوله صلى الله عليه وسلم: (لأولى رجل ذكر) يعني: من كان قريباً إلى الميت، سواء كان ذلك القرب من جهة واحدة أو من جهتين، وهناك من يدلي إلى الميت بسببين كالأم والأب وهناك من يدلي بسبب واحد وهو الأب فقط، فإن الإخوة الأشقاء مقدمون على الإخوة لأب؛ لأن هؤلاء يدلون بالأم والأب وهؤلاء يدلون بالأب فقط، فكانوا أولى وأقرب إلى الميت من هؤلاء.
وهكذا إذا كان ذلك في جهتين كما قلنا بالنسبة للإخوة الأشقاء أو الإخوة لأب مع الأعمام الذين يدلون بقرابتهم إلى الميت في مشاركتهم في جده؛ لأن العم يشارك الميت في أب أبيه، وأما الأخ فيشاركه في أبيه، ومن يشارك في الأب أولى ممن يشارك في الجد.
علل العلماء بتعليلات متعددة، ولكن يبدو أن أقربها هو: أن الرجل عندما يذكر فإنه يتبادر الذهن إلى نجدته وقوته ونصرته وأنه رجل؛ لأن الصغير لا يقال له: رجل، وإنما يقال له: ذكر، فلما كان الأمر لا يختص بأصحاب النجدات والإعانات والنصرة والقوة والدفاع عن الميت لكونه عنده قدرة على ذلك وإنما الأمر يتعلق فقط بالإرث، أضاف إلى ذلك شيئاً يبين أنه ليس الأمر خاصاً بمن يوصف بأنه رجل وهو الذي عنده قوة وعنده شدة وعنده إعانة.
فإذاً: جاء ذكر الذكر بعد ذكر الرجل ليبين أن الأمر لا يختص بالرجال وإنما هو بالذكور الذين يقابلون الإناث.
ولهذا جاء في ميراث الأبناء إذا اجتمعوا مع البنات مع أخواتهم والإخوة إذا اجتمعوا مع أخواتهم قوله عز وجل: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]؛ لأن الذكر يقابل الأنثى والرجل يقابل المرأة، والمرأة غالباً تطلق على الكبيرة والرجل يطلق على الكبير، والأمر لا يختص بالرجال والنساء الكبار وإنما هو للذكور، فيستوي في ذلك من بلغ عمره مائة سنة ومن عمره سنة أو أقل من سنة، فما دام أنهم أبناء للميت أو إخوة للميت أشقاء أو لأب فإنهم يتساوون في الميراث لا يفرق بين كبير وصغير، بل ذلك منوط بالذكورة والأنوثة، ولهذا قال عز وجل: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:176] فيما يتعلق بميراث الأبناء، وجاء في الإخوة الأشقاء في آخر سورة النساء: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:176]، يعني: أن الذكور لهم ضعف الإناث سواء كان الذكور كباراً أو صغاراً، وسواء كانت الإناث كباراً أو صغاراً.
وعلى هذا فهذا الحديث إذا ضم إلى آيات المواريث وإلى ما جاءت به السنة من أحاديث تبين بعض أنواع المواريث مثل ما ذكرنا في مسألة الشقيقة مع البنت أو البنتين فإنها تكون مقدمة على الإخوة لأب، ولا يقال: إن قوله: (لأولى رجل ذكر) بأن أولى رجل ذكر الذي يستقل عن الأنثى هو الذي لا يفرد فيه إلا الأنثى لو انفردت، كأبناء الإخوة الأشقاء وأبناء الإخوة لأب وكذلك الأعمام وأبناء الأعمام فإن الذكور هم الذين يستقلون بالميراث.
وليس في النساء طراً عصبة إلا التي منت بعتق الرقبة
يعني: أن النساء ليس فيهن عصبة بالنفس إلا التي منت بعتق الرقبة التي هي المعتقة، فإنها ترث ولكن هذا الميراث بعد أن ينتهي العصبة من جهة النسب وإن علوا وإن نزلوا، كالأعمام وإن علوا، وكأبناء الأعمام وأبناء الإخوة وإن نزلوا، فإن الإرث بالتعصيب في النسب مقدم على الإرث بالتعصيب بالسبب الذي هو العتق، لكن العتق يكون فيه ميراث النساء بالنفس، وعلى فهذا فهناك ميراث تعصيب بالنفس وتعصيب بالغير.
والذين يرثون بالتعصيب بالنسب هم: الذكور الذين يستقلون بالميراث لو انفردوا والمعتق والمعتقة إذا انفردوا، والمعتقة تأتي من الإناث فيمن يرث بالتعصيب بالنفس.
والذي يرث بالتعصيب بالغير هي المرأة التي يفرض لها لو انفردت، ولكنه إذا جاء معها أخوها فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين كالبنات والبنين وكأبناء البنين وبنات البنين فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وكالإخوة الأشقاء مع أخواتهم الشقيقات والإخوة لأب مع أخواتهم لأب، فإن الأنثى إذا انفردت فرض لها النصف، كالبنت وبنت الابن والشقيقة والأخت لأب، وإن كن أكثر من واحدة فرض لهن الثلثان، وسواء كان هذا الميراث بطبقة واحدة أو بطبقتين فإذا لم توجد بنتان ولكن وجد بنت وبنت ابن فإن البنت يكون لها النصف وبنت الابن يفرض لها السدس تكملة الثلثين؛ لأن البنات المجتمعات لا يحصلن أكثر من ثلثين، فإن كن في درجة واحدة حزنه بالتساوي، وإن كن في درجتين فإن التي في الدرجة الأولى تأخذ النصف والتي في الدرجة الثانية وهي بنت الابن مع البنت يفرض لها السدس تكملة الثلثين، وهكذا الأخت لأب مع الأخت الشقيقة فإنه يفرض للشقيقة النصف والأخت لأب يفرض لها السدس تكملة الثلثين؛ لأنهن يرثن ميراث الأخوات، والأخوات يكون لهن الثلثان.
لكن إذا وجد معهن إخوانهن صار للذكر مثل حظ الأنثيين، فالبنات مع البنين وبنات الأبناء مع بني البنين الذين في درجة واحدة يشتركون في الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الإخوة الأشقاء مع الأخوات الشقيقات والإخوة لأب مع الأخوات لأب يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
فالعصبة بالغير أربعة أصناف: اللاتي يفرض لهن النصف لو انفردن، واللاتي يفرض لهن الثلثان لو اجتمعن، وإذا جاء معهن إخوانهن فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن انفردن فالنصف لواحدة والثلثان لاثنتين فأكثر، وسواء كن في طبقة واحدة كالبنات أو في طبقتين كالبنات وبنات الابن فإن الميراث يكون الثلثين فقط، وهذا هو التعصيب بالغير.
وأما التعصيب مع الغير فميراث الأخوات الشقيقات والأخوات لأب مع البنات، فالأخوات مع البنات عصبات.
فإذا وجدت شقيقة مع بنت أو بنتين فإنها تأخذ الباقي، فإن كانت مع بنت واحدة أخذت الباقي وهو نصف، وإن كانت مع ابنتين أخذت الباقي وهو الثلث.
وكذلك الأخت الشقيقة إذا كانت واحدة فلها النصف، وإن كن اثنتين فلهن الثلثان، والأخوات لأب ليس لهن شيء، كما أن بنات الأبناء ليس لهن شيء إذا حاز البنات الثلثين.
فإن وجدت شقيقتان ووجدت أخت لأب فإنها لا تأخذ الباقي.
والأخوات الشقيقات يأخذن الباقي بعد فرض البنت ويقدمن على الإخوة لأب؛ لأنهن يدلين إلى الميت بقرابتين، بخلاف الأخ لأب فإنه يدلي إلى الميت بقرابة واحدة.
هذا هو ما يتعلق بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر).
والآية الثانية: تتعلق بميراث الزوجين والإخوة لأم الذين لا يرثون إلا بالفرض وليس لهم تعصيب، ولا يرثون بالتعصيب بحال، وهؤلاء يرثون من جهة قرابة الأم ومن جهة الزوجية ونصيبهم إنما هو بالفرض فقط.
وأما القسم الأول المذكور في آية العمودين ففيه فرض وفيه تعصيب؛ لأن الأب يفرض له ويرث بالتعصيب، والابن لا يرث إلا بالتعصيب والبنت يفرض لها، والبنتان يفرض لهما ومع إخوانهما يشتركون للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما الآية التي في آخر سورة النساء وهي الثالثة فهي في الإخوة الأشقاء والإخوة لأب وميراثهم على طريقة ميراث الأبناء، وهي في الكلالة، ومعنى كلالة: ألا يكون للميت أصول ولا فروع، أي: ليس له ولد ولا والد، فمن ليس له ولد ولا والد فإنه يورث كلالة؛ لأنهم كالمحيطين بالميت بخلاف الأصول فإنها فوقه والفروع تكون تحته، وأما الإخوة فهم محيطون به، فقيل لهم: كلالة، فيرثون كلالة إذا لم يكن للميت والد ولا ولد.
فالإخوة للأم كذلك لا يرثون إلا عند عدم الولد والوالد، وكذلك الإخوة الأشقاء والإخوة لأب لا يرثون إلا عند عدم الولد والوالد، ولكن كما هو معلوم أنه بالنسبة للولد الذكر أو الذكور والإناث يأخذون الميراث ولا يبقى للإخوة شيء، وأما إذا كانوا إناثاً خلصاً فلهن النصف أو الثلثان والباقي يأخذه أقرب من يكون للميت، والإخوة الأشقاء هم أقرب من يكون للميت إذا لم يكن له أصول ولا فروع، وميراثهم على طريقة ميراث الأبناء، فإن الأخت الواحدة لها النصف والبنتين لهما الثلثان، وهكذا الأختان الشقيقتان أو لأب لهما الثلثان، فإذا كن اثنتين فأكثر فإنهن يشتركن في الثلثين، ولو وجدت أخت شقيقة وأخت لأب فإن الأخت الشقيقة لها النصف والأخت لأب لها السدس تكملة الثلثين؛ لأنهن يرثن بالإخوة الثلثين، فتكون الأقرب منهن الشقيقة لها النصف والتي هي أبعد والتي هي أبعد منها لها بقية الثلثين، وإذا اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان هناك إخوة أشقاء مع أخواتهم أو إخوة لأب مع أخواتهم فإنه للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن وجد ذكور خلص فإن الإخوة الأشقاء يحجبون الإخوة لأب؛ لأنهم يدلون إلى الميت بسببين وهما: الأبوة والأمومة، والإخوة لأب إنما يدلون إليه بالأبوة فقط.
هذا أيضاً من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، فإن كل واحدة من النسب يحرم مثلها من السبب الذي هو الرضاع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (تحرم الرضاعة ما تحرم الولادة)، وهذا يمكن أن يعرف عن طريق المحرمات بالنسب ثم ما يماثلهن من الرضاعة.
ومما يدخل في مسائلها أن التحريم إنما يكون بخمس رضعات فأكثر، فإذا قل عن خمس رضعات فإنه لا يحرم، كما ثبتت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأن يكون ذلك في زمن الرضاعة وهو الحولان، فرضاع الكبير لا يؤثر ولا عبرة به، وما جاء في قصة سالم مولى أبي حذيفة هذا خاص به، ولا يقال: إنه يتعداه إلى غيره، ولو قيل بتعديه لأمكن كل امرأة أن تتخلص من زوجها بأن تحلب من ثديها في كأس ثم تعطيه ويشرب وهو لا يدري، فإذا فرغ قالت: أنا أمك من الرضاعة وتخلصت منه، فرضاع الكبير لا يؤثر، وإنما جاء ذلك في قصة سالم مولى أبي حذيفة وهو خاص بـسالم مولى أبي حذيفة فلا يتعداه إلى غيره.
فإذاً: الرضاع يكون خمس رضعات فأكثر وفي المدة التي ينفع فيها الرضاع ويسد الرضاع فيها الجوع، وأما إذا كان تغذى الطفل بالطعام وفطم عن الرضاع فإن رضاعه لا عبرة به.
يعني: لما حرمت عليهم الميتات عمدوا إلى الشحوم فأذابوها وباعوها على أنها ودك لا شحم، وهذا من حيل اليهود التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم احتالوا على ما حرم الله فحولوه إلى شيء آخر، وصار له اسم آخر والنتيجة واحدة، والله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله ورسوله حرم جاء في بعض الروايات: (حرما) بالتثنية؛ لأن الضمير يرجع إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذه الرواية التي فيها الإفراد: (حرم) فإنه يقال فيها: إن الضمير يرجع إلى الثاني الذي هو الرسول صلى الله عليه وسلم، والضمير الذي يرجع إلى الله محذوف وتقديره: إن الله حرم ورسوله حرم، فيكون خبر الأول محذوفاً والثاني موجوداً، ويكون هذا مثل قوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التوبة:62] يعني: والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه.
وكذلك قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضٍ والرأي مختلف
يعني: نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راضٍ، فحذف الخبر في الأول فقال: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضٍ بدلالة الثاني على الأول، أي: بدلالة المذكور على المحذور، فيكون ذكر الضمير على سبيل الإفراد هو من هذا القبيل.
كيف يسعى في جنون من عقل
فهذا شيء عجيب! فإنسان أعطاه الله عقلاً ثم كيف يسعى باختياره وإرادته إلى أن يكون من جملة المجانين؟!
ومعلوم أن السكران يذهب عقله والعياذ بالله! فيحصل منه أنواع الخبائث، ولهذا قيل للخمر: إنها أم الخبائث؛ لأنها تؤدي إلى الخبائث، فالإنسان إذا فقد عقله يتصرف تصرفات خبيثة وقد يقع فيها على محارمه والعياذ بالله!
وقد يحصل منه أمور منكرة وأمور مستقذرة مثل قصة سكران كان يبول ويأخذ بوله ويشربه ويغسل به وجهه! وكل هذا قبح وسوء، سببه ونتيجته هو تضييع العقل وإفساد العقل.
إذاً: فالله تعالى حرم الميتة فلا تؤكل ولا تباع، وحرم الخمر فلا تشرب ولا تباع، وحرم الخنزير فلا يؤكل ولا يباع، وكذلك حرم الله الأصنام فلا يجوز بيعها، وإن كانت أعيانها قد تكون طاهرة وتكون سليمة فقد تكون من حجارة أو من خشب فلا يجوز بيعها؛ لأنها أصنام تعبد من دون الله، لكن لو كسرت وحطمت وصارت قطعاً فإنه يمكن الاستفادة من هذه القطع وهذه الكسر؛ لأنها خرجت عن كونها صنماً، فيمكن أن يستفاد من هذه الحجارة في بناء أو في غير ذلك.
ولا شك أن عدم استعمال الميتة وما يتعلق بها أولى، وإنما يستثنى من ذلك الجلود، فإنه يجوز الاستفادة بها بعد الدبغ؛ لأنها تطهر بالدبغ كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إنما يكون خاصاً فيما يؤكل لحمه ويكون ميتة، والمذكى كما هو معلوم مما يؤكل لحمه يمكن الاستفادة من جلده، ولا يقال: إنه نجس كالميتة، وإنما هو طاهر، ولكنه يدبغ من أجل إزالة الشعر والاستفادة منه.
أما إذا كان الجلد مما لا يؤكل لحمه كالحمير والكلاب والخنازير وغير ذلك فإنه لا يستفاد منه ولا ينتفع به، وإنما الاستفادة تكون من مأكول اللحم؛ لأنه هو الذي تنفع فيه الذكاة، وأما ما لا يؤكل لحمه فهو بمنزلة الميتة وإن ذكي؛ لن ذكاته لا تخرجه من كونه ميتة.
ثم قال: (قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه) يعني: أذابوه وصار بدل ما كان شحماً يقال له: ودك، فباعوه وأكلوا ثمنه، وهذا من حيلهم التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حرام.
فالخمر لا يستفاد منها ببيعها ولا يستفاد منها بشيء، وإنما يجب إراقتها وإتلافها، والميتة كذلك لا يستفاد منها إلا بجلدها إذا دبغ، وكذلك الأمور الأخرى لا يستفاد منها لا بالأكل بالنسبة للخنزير ولا بالبيع، وكذلك بالنسبة للأصنام لا يستفاد منها ببيعها؛ لأن ذلك يؤدي إلى الإشراك بها مع الله، وكونها تعبد من دون الله وفي ذلك مضرة، وإنما تحطم وتكسر ولا تبقى صنميتها ووثنيتها، ويمكن أن يستفاد منها في بنيان أو في جدار؛ لأنها لم تبق صنماً.
قوله صلى الله عليه وسلم : (كل مسكر حرام)، هذا جواب جامع يدخل فيه المسئول عنه وغير المسئول عنه، وأن القضية معلقة بالإسكار، فكل ما أسكر فإنه حرام سواء كان من الشعير أو من العسل أو من العنب أو من التمر أو من أي شيء، وسواء كان جامداً أو سائلاً أو مسحوقاً أو غير مسحوق، كل ذلك حرام؛ لأن الأمر علق بالإسكار.
فقوله عليه الصلاة والسلام: (كل مسكر حرام) هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، ولهذا لما سئل بعض الصحابة عن الباذق -وهو نوع من الشراب- قال: (سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق، فقال: (كل مسكر حرام) )، يعني: أن الشريعة في عموماتها وكلياتها يدخل فيها ما كان معروفاً وما ليس بمعروف، فقوله: (كل مسكر حرام)، أنيط الحكم بالإسكار في جميع أحواله سواء كان سائلاً أو جامداً أو دقيقاً أو أي شيء آخر، ولا ينظر إلى ما وراء ذلك.
ثم إن قوله: (كل مسكر حرام)، يكون في القليل والكثير، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، وإنما حرم القليل الذي لا يسكر؛ لأنه ذريعة إلى المسكر، وهذا من باب سد الذرائع ومنع الأشياء التي توصل إلى الغايات، فالقليل وإن كان لا يسكر فإنه حرام.
فالرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن نوعين من النبيذ فعلق الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالإسكار، وهذا معناه: أنه إذا كان غير مسكر فلا بأس، وإن كان مسكراً فهو حرام، وقد جاء في حديث وفد عبد القيس أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الانتباذ في أوعية غليظة يمكن أن يحصل الإسكار فيها ولا يظهر على الخارج منها، وهي الدباء وهو القرع الذي يخرج لبه ثم ييبس ويكون يوضع يكون فيه النبيذ، وكذلك الحنتم وهي جرار ينتبذ بها، والمقير وهو الذي طلي بالقار، والمزفت وهو الذي طلي بالزفت، وكانت هذه أشياء غليظة يمكن أن يحصل فيها الإسكار ولكن لا يظهر على خارجها، وليست كالأسقية التي هي من الجلود؛ فإنها إذا حصل تغير في داخلها ظهر على سطحها، أما هذه فلا يظهر على سطحها، وكان هذا في أول الأمر، ثم إن ذلك نسخ بما يوافق هذه القاعدة التي جاءت في حديث أبي موسى وكذلك في حديث بريدة بن الحصيب الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الناسخ والمنسوخ في ثلاثة أمور فقال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، وكنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث ألا فادخروا، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً).
أي: المهم ألا تستعملوا شيئاً يوصل إلى حد الإسكار، فما أسكر كثيره لا تستعملوه لا كثيره ولا قليله، فهذا الحديث بين فيه صلى الله عليه وسلم أن الأمر يتعلق بالإسكار، وأنه إذا لم يصل إلى حد الإسكار في الكثير فإنه لا بأس بالقليل والكثير، وإن كان كثيره يسكر وقليله لا يسكر فإنه يحرم الكثير والقليل.
إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأله أبو موسى عن هذين الشرابين اللذين كانا موجودين في اليمن وهما: نبيذ العسل، ونبيذ الشعير، ما أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم عليهما وإنما أجابه بقاعدة كلية يندرج تحتها المسئول عنهما وغيرهما، فذكر له: أن كل مسكر حرام وكل ما لم يسكر فإنه حلال.
الجواب: الشيء الذي يتخذ للعلاج إذا كانت نسبته قليلة مع الدواء فإن ذلك لا يؤثر، مثل البنج فقد ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله أن استعمال البنج في الدواء حتى يغيب العقل من أجل قطع شيء من الإنسان بحيث لا يشعر أن ذلك جائز.
الجواب: هذا الكلام ليس بصحيح، لا يقال: كل العطور تصنع من الكحول؛ فكم هناك من العطور التي لا كحول فيها! وكم من طيب ليس فيه شيء من الكحول! ولكن إذا كان هناك طيب فيه كحول وطيب سالم من الكحول فكون الإنسان يأخذ الحلال البين ويترك الشيء الذي هو مشتبه أولى؛ حتى يتقي الشبهات لئلا يقع في المحرم.
الجواب: ليس للناس أن يحوزوا هذه التماثيل ولا أن يقتنوها، بل يجب أن تحطم وتتلف، ولا يجوز أن يقتني الناس تماثيل؛ لأن التماثيل كما هو معلوم هي وسيلة إلى الشرك.
الجواب: قد جاء في الحديث في بعض الروايات الصحيحة: (إن الله ورسوله ينهيانكم) وكذلك جاء: ( أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).
الجواب: من العلماء من قال: إنها نجسة العين وأن الإنسان إذا وقعت عليه فإنه يزيل تلك النجاسة.
الجواب: تكون بما يماثلها من النسب؛ فالأخت من الرضاع كالأخت من النسب، والأم من الرضاع كالأم من النسب، والجدة من الرضاع كالجدة من النسب، والجد من الرضاع كالجد من النسب، والابن من الرضاع كالابن من النسب، وكذلك حليلة الابن من الرضاع كحليلة الابن من النسب، كما ذكر ذلك العلماء وقالوا: إن قوله تعالى: وحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، فقوله: مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] ليس إخراجاً لزوجات الأبناء من الرضاعة وإنما جاءت في إخراج زوجات الأبناء المتبنين؛ فإن ذلك لا يحرم وإنما الذي يحرم هو زوجة الابن من الرضاع كزوجة الابن من النسب.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر