حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضأ منها أو يغتسل، فقالت له: يا رسول الله! إني كنت جنباً! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الماء لا يجنب) ].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمة الله عليه باباً في أن الماء لا يجنب. أي: إذا استعمل واغترف منه للاغتسال من الجنابة؛ فإن ذلك الاغتراف منه لا يؤثر فيه، والجنابة إنما هي وصف في الإنسان الذي حصلت له وتذهب بالاغتسال أو التيمم إذا لم يوجد الماء.
ثم أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم -أي: واحدة من أزواجه وهي
مسدد هو ابن مسرهد ، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[حدثنا أبو الأحوص ].
أبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي ، مشهور بكنيته، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سماك ].
سماك بن حرب صدوق. وفي روايته عن عكرمة اضطراب، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
وهذا الحديث من روايته عن عكرمة ، ولكن ما ذكر من الاضطراب في رواية سماك عن عكرمة لا يؤثر؛ لأن الحديث جاء ما يدل عليه وما يشهد له، ففي صحيح مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل بفضل
[عن عكرمة].
هو مولى ابن عباس ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة في حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه) ].
قال أبو داود : [باب البول في الماء الراكد]. يعني: أن ذلك لا يجوز، وقد أورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه)، وهذا فيه النهي عن الجمع بين الأمرين: البول والاغتسال، لكن جاء في بعض الأحاديث النهي عن كل منهما على سبيل الانفراد، فلا يبال في الماء الراكد، ولا يغتسل في الماء الراكد، وذلك بالانغماس فيه. أما إن اغترف منه اغترافاً فإن هذا لا بأس به، وقد سبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الماء لا يجنب)؛ لأن ميمونة كانت تغترف منه، فالاغتراف لا بأس به، وقد جاء عن أبي هريرة أنه قال: (وليغترف اغترافاً)، فالحديث فيه النهي عن البول والاغتسال، أي: عن الجمع بينهما، وكذلك لا يجوز فعل واحد منهما، لا البول وإن لم يغتسل، ولا أن يغتسل وإن لم يبل، بل هذا ممنوع وهذا ممنوع.
ثم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) التقييد بالماء الدائم له مفهوم، وهو: أن المنع فيما إذا كان دائماً؛ لأن الماء الدائم هو الراكد الساكن غير الجاري؛ لأن هذا تؤثر فيه النجاسة، بخلاف الماء الجاري فإنه يأتي بعده من الماء ما يغطيه ويغلبه بمرور الماء عليه ومكاثرة الماء عليه، والابتعاد عن البول في المياه هذا أمر مطلوب سواء كانت جارية أو ساكنة، ولكن الفرق بين الساكنة والجارية أن الساكنة تؤثر فيها النجاسة، والجارية لا تؤثر فيها النجاسة.
وقوله: (ثم يغتسل منه) يعني: ثم يغتسل منه، يعني: سواء كان على سبيل الانغماس فيه أو الأخذ منه، هذا إذا كان الماء قليلاً تؤثر فيه النجاسة، أما إذا كان كثيراً لا تؤثر فيه النجاسة فلا بأس، ولكن كون الإنسان يبول في الماء الراكد ولو كان كثيراً ففيه تقذير له، وإن كان لا يسلبه الطهورية ما دام أن الماء كثير والنجاسة لم تغير لوناً ولا طعماً ولا ريحاً، كما سبق.
وأما الماء القليل فإنها تؤثر فيه النجاسة، ولو لم تغير لا لوناً ولا طعماً ولا ريحاً.
أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس ثقة أخرج له الجماعة.
[حدثنا زائدة ].
زائدة بن قدامة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[في حديث هشام ].
أي: من حديث هشام ، وهشام هو ابن حسان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد ].
محمد هو ابن سيرين البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة ].
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو رضي الله عنه وأرضاه أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق.
وأما وجه النهي عن الاغتسال وحده في الماء الراكد؛ فلأنه يقذره على غيره، والمقصود الانغماس، أما الاغتراف فليس فيه بأس، إلا إذا كان قد بيل فيه والماء قليل فإن النجاسة توثر فيه، وإذا كان كثيراً لا تؤثر فيه فيمكن أن يغترف، والاغتسال فيه تقذير له، فيكون النهي الأصل فيه للتحريم.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه النهي عن كل واحد منهما على سبيل الاستقلال، فقوله: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة) يعني: لا تفعلوا هذا ولا هذا.
والحديث الأول فيه النهي عن الجمع بينهما، والحديث الثاني فيه النهي عن إفراد كل واحد منهما وإن لم يأت الآخر، فدل هذا على المنع من البول والاغتسال اجتماعاً وافتراقاً، اجتماعاً بأن يبول ويغتسل، أو افتراقاً بأن يبول ولا يغتسل، أو يغتسل ولا يبول.
والحديث فيه الكلام عن الجنابة، ولكنه إذا كان مجرد تنظف وليس رفع حدث وليس فيه ذلك القذر الذي يكون بالماء ويكون في الماء، فالذي يبدو أنه لا مانع منه؛ لأن المنع إنما كان للجنابة فقط الذي هو رفع حدث، وأما ذاك فليس فيه رفع حدث.
مسدد مر ذكره، ويحيى هو ابن سعيد القطان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عجلان ].
محمد بن عجلان المدني صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ سمعت أبي ].
أبوه هو عجلان المدني، لا بأس به، وهذه العبارة (لا بأس به) هي بمعنى صدوق، إلا عند يحيى بن معين فإنها توثيق للرجل، وهي تعادل كلمة ثقة، وهذا اصطلاح له معروف، ولهذا يقولون: (لا بأس به) عند ابن معين توثيق، وأما غيره فـ(لا بأس به) أقل من الثقة، وهي مرادفة لصدوق، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ]
أبو هريرة مر ذكره.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة في حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرار أولاهن بالتراب).
قال أبو داود : وكذلك قال أيوب وحبيب بن الشهيد عن محمد ].
أورد أبو داود رحمه الله باباً في الوضوء بسؤر الكلب، يعني: ما حكمه؟ هل يجوز أو لا يجوز؟ وهو لا يجوز؛ لأن الأحاديث التي أوردها تدل على أنه يغسل الإناء، وأيضاً النجاسة هنا مغلظة، حيث يغسل سبع مرات وأولاهن بالتراب، وفي بعض الروايات فيه: (فليرقه)، وفي بعضها: (فليغسله)، فذكر الغسل والإراقة والطهور، وكل هذا يدل على نجاسة سؤر الكلب، وأنه لا يجوز التوضؤ به، وبعض أهل العلم قال: إنه إذا لم يجد سواه يتوضأ به ويتيمم، وهذا غير صحيح؛ لأنه مادام أنه أمر بغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب فمعنى هذا أنه يراق، وقد جاء الأمر بالإراقة عند مسلم : (فليرقه)، ثم الإناء يغسل سبع مرات وأولاهن بالتراب، فكل هذا يدل على النجاسة، وأنه لا يجوز الوضوء بسؤر الكلب.
إذاً: فالنجاسة لسؤر الكلب جاءت من وجوه: من ذكر التعبير بالطهور، وهذا يدل على أنه نجس، وأيضاً: الأمر بالغسل، وكونه سبع مرات، وأيضاً: التتريب فيه غلظ النجاسة، وأيضاً: الأمر بالإراقة. كل هذه أمور تدل على نجاسة سؤر الكلب، وأنه لا يجوز استعماله، ويدل أيضاً على أن النجاسة في الماء القليل تؤثر فيه وإن لم تغير لوناً ولا طعماً ولا ريحاً، كما جاء في حديث القلتين: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) فإذا كان دون القلتين فإنه يحمل الخبث ويؤثر فيه الخبث.
ومن المعلوم أن الكلب إذا ولغ في الإناء قد لا يحصل لذلك تغيير لا في الرائحة ولا اللون ولا الطعم، ومع ذلك يكون نجساً، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة ذلك الماء الذي ولغ فيه الكلب، فهو دال على أن النجاسة إذا وقعت في الماء القليل أنها تؤثر فيه وإن لم تغير له لوناً ولا طعماً ولا ريحاً، وهو مقتضى حديث القلتين.
وقوله: (طهور) هي بالضم؛ لأن المقصود به الفعل وليس المقصود به الماء، وهناك ألفاظ في حال لها معنى وفي حال آخر لها معنى آخر، مثل: الطَهور والطُهور والسَحور والسُحور والوَجور والوُجور والسَعوط والسُعوط، والوَضوء والوُضوء، كل هذه ألفاظ بالفتح اسم للشيء المستعمل، وبالضم اسم للفعل، وهنا قوله: (طهور) يعني: طهارته تكون بغسله سبع مرات. فالمقصود به: الطهارة والفعل.
وقوله: (إناء أحدكم) هذه لا مفهوم لها، فسواء كان الإناء للإنسان أو لغيره فإن الحكم واحد.
وقوله: (أن يغسل) هنا ليس فيه ذكر الغسل، ولكن ذكر الغاسل، وفي بعض الروايات: (فليغسله) أي: صاحب الإناء، وهو لا مفهوم له؛ لأن المقصود هو التطهير، وسواء كان التطهير من صاحب الإناء أو من غير صاحب الإناء.
إذاً: قوله: (طهور إناء أحدكم) الإضافة هنا لا مفهوم لها، بل إناء الإنسان وإناء غيره يكون كذلك، ولا يلزم أن يكون صاحبه هو الذي يغسله، بل يغسله هو أو يغسله غيره؛ لأن المهم أن ذلك الإناء الذي ولغ فيه الكلب حصلت فيه النجاسة، ولابد من إزالة النجاسة بالغسل سبع مرات أولاهن بالتراب، وسواء كان ذلك الذي تولى هذا هو صاحب الإناء أو غير صاحب الإناء.
وقوله: (إذا ولغ) الولوغ هو: كون الكلب يضع لسانه في الماء ويحركه فيه ليشرب.
وقوله: [ (أن يغسل سبع مرار أولاهن بتراب). هذا يدل على شيئين: التسبيع والتتريب، التسبيع: أن يكون الغسل سبع مرات، فلا يكفي غسله مرة ولا مرتين ولا ثلاثاً ولا خمساً ولا ستاً بل لابد من سبع؛ لأن الحديث ذكر فيه أن الغسل يكون سبع مرات، وأيضاً التتريب، ومعناه: أن تكون واحدة بالتراب.
ثم ما ترتيب الغسلة التي تكون بالتراب، هل هي الأولى أو الأخيرة؟ جاء في بعض الروايات: (أولاهن)، وجاء في بعضها: (السابعة)، وجاء في بعضها: (أخراهن)، ولكن الصحيح والأرجح من غيره، والذي عليه الأوثق والأكثر هي رواية: (أولاهن)، وأيضاً ترجح من حيث المعنى؛ لأن الغسلة الأولى التي فيها التراب هي التي تباشر النجاسة، فلا تكون هي الأخيرة؛ لأنها لو كانت الأخيرة لاحتيج إلى غسلة أخرى حتى ينظف الإناء من التراب، والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أنها سبع فقط.
إذاً: رواية: (أولاهن) هي الأرجح وهي المقدمة على غيرها من حيث الرواة من حيث العدد، ومن حيث الثقة والضبط والإتقان، وأيضاً من حيث المعنى؛ وذلك بأنه إذا دلك الإناء بالتراب فإنه يفيد في إزالة النجاسة منه، وهذه النجاسة مغلظة، وعلى هذا فلابد من التسبيع والتتريب.
بعض أهل العلم قال: إن المقصود هو الإزالة فتكون الأشنان وغيرها من الأشياء تقوم مقامه، ولكن الحرص على الإتيان بالشيء الذي جاء به الحديث لاشك أنه الأولى.
وغسلة التتريب هي واحدة من السبع وهي الأولى، لكن جاء في الرواية الأخيرة من هذا الباب: (وعفروه الثامنة بالتراب) والمقصود: أن الأولى أن يباشر التراب الإناء، فيكون هذا كأنه ثامنة ويصب عليه الماء، فتكون هذه هي الأولى، فهي تبع باعتبار أن الأولى مكونة من شيئين من تراب وماء، وليس المقصود أنه يؤتى بسبع ثم يؤتى بعد الانتهاء من السبع بالتراب؛ لأن هذا يحتاج إلى غسلة أخرى فيكون في ذلك أكثر من ثمانٍ، ولكن كما قلنا: الرواية الأرجح هي: (أولاهن)، وعلى هذا فإن الثامنة ليس المقصود بها أنها إذا انتهت السبع يترب، وإنما يترب في الأول كما جاء في الروايات التي هي أرجح من غيرها: (أولاهن بالتراب) فتكون الأولى مكونة من شيئين: من تراب ومن ماء، فصارت كأنها ثمانٍ وهي في الحقيقة سبع.
هذا الإسناد كله مر في الإسناد المتقدم قريباً.
وقوله: [ قال أبو داود : وكذلك قال أيوب وحبيب بن الشهيد عن محمد ].
يعني: وكذلك جاء ذكر التسبيع والتتريب، وأيوب هو السختياني ، وروايته عن محمد بن سيرين هي كرواية هشام بن حسان ، وكذلك أيضاً رواية حبيب بن الشهيد .
و أيوب السختياني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكذلك حبيب بن الشهيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو بمعنى الحديث المتقدم، وليس باللفظ، يعني: هذا الحديث متفق مع اللفظ المتقدم في المعنى ولكنه ليس بلفظه.
وقوله: [ولم يرفعاه]. يعني: أنه موقوف على أبي هريرة وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء الرفع في الرواية المتقدمة التي هي رواية أيوب وحبيب بن الشهيد وهشام بن حسان فإنهم كلهم رووه عن أبي هريرة مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهنا في هذه الطريق لم يرفعه هذان الاثنان اللذان جاءا بهذا الإسناد، وهما: حماد بن زيد ومعتمر بن سليمان .
وقوله: [ وزاد: (وإذا ولغ الهر غسل مرة) ].
أي: أن فيه زيادة على ما تقدم؛ لأنه قال: بمعناه، ثم قال: (وإذا ولغ الهر غسل مرة) والغسل ليس للنجاسة وإنما للتنظيف، وإلا فإنه قد جاء: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتوضأ وجاءت هرة فأمال لها الإناء وشربت، ثم توضأ صلى الله عليه وسلم)، فدل على أن سؤرها طاهر، وأنه يتوضأ به، ولكن ذكر هذا الغسل الذي جاء به هذا الأثر عن أبي هريرة إنما هو للتنظيف وليس للنجاسة؛ لأن سؤر الهرة ليس بنجس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ منه كما سيأتي في الباب الذي يلي هذا الباب.
مسدد مر ذكره، والمعتمر هو ابن سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقوله: (يعني: ابن سليمان ) لأن مسدداً تلميذ المعتمر ما زاد في روايته عن شيخه على أن قال: المعتمر فقط، ومن دون مسدد وهو أبو داود أو من دون أبي داود هو الذي قال: ابن سليمان ، وأتى بكلمة (يعني) حتى يفهم أنها ليست من التلميذ الذي هو مسدد وإنما هي من أبي داود أو ممن دونه.
ثم قال: [ح وحدثنا محمد بن عبيد ].
ح هي للتحول من إسناد إلى إسناد، ومحمد بن عبيد هو محمد بن عبيد بن حساب ، وهو ثقة أخرج حديثه أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد بن درهم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة ].
أيوب هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ومحمد هو ابن سيرين ، وأبو هريرة مر ذكره.
[ولم يرفعاه].
أي: حماد بن زيد والمعتمر بن سليمان .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات السابعة بالتراب) وهذا فيه ذكر أن السابعة هي التي تكون بالتراب، وهي تخالف رواية: (أولاهن بالتراب) وهي رواية الأكثر والأوثق، وعلى هذا فتكون شاذة؛ لأنها من قبيل مخالفة الثقة للثقات أو للأوثق؛ لأن الشاذ يكون الإسناد فيه صحيح والرجال ثقات، ولكن لوجود المخالفة للأوثق تكون رواية الأوثق محفوظة ورواية الثقة شاذة فلا تعتبر، بل تعتبر الرواية المحفوظة، والرواية المحفوظة هي: (أولاهن بالتراب) وليست: (السابعة بالتراب).
موسى بن إسماعيل التبوذكي أبو سلمة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان ].
أبان بن يزيد العطار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[حدثنا قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ]
محمد بن سيرين وأبو هريرة قد مر ذكرهما.
[ قال أبو داود : وأما أبو صالح وأبو رزين والأعرج وثابت الأحنف وهمام بن منبه وأبو السدي عبد الرحمن رووه عن أبي هريرة ولم يذكروا التراب ].
ولما ذكر هؤلاء الذين رووه عن أبي هريرة وقد ذكروا التتريب في بعض الروايات المتقدمة قال: إن عدداً من الذين رووه عن أبي هريرة ما ذكروا التتريب، ومن المعلوم أن الذين ذكروا التتريب هم ثقات، وهي زيادة من الثقة فتكون مقبولة، وكون هؤلاء ما ذكروه لا يضر؛ لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، ورواية الذين ذكروا التتريب هي المقدمة على غيرها.
قوله: [وأما أبو صالح ].
أبو صالح هو ذكوان السمان أو الزيات ، كنيته أبو صالح واسمه ذكوان ولقبه السمان أو الزيات ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأبو رزين ]
أبو رزين هو مسعود بن مالك ، وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ والأعرج ].
الأعرج لقب واسمه عبد الرحمن بن هرمز المدني ، ثقة مكثر من الرواية عن أبي هريرة ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وثابت الأحنف ].
ثابت الأحنف هو ثابت بن عياض الأحنف ، وهو ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ وهمام بن منبه ]
همام بن منبه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأبو السدي عبد الرحمن ]
أبو السدي هو عبد الرحمن بن أبي كريمة ، والد إسماعيل السدي من تلاميذ أبي هريرة ، مجهول الحال أخرج له أبو داود والترمذي .
وكونه مجهولاً لا يؤثر؛ لأن الذين مروا كلهم ثقات، ولكن لا أدري هل من تلاميذ أبي هريرة من يسمى عبد الرحمن غير هذا أم لا؟
وعلى كل سواء كان هو أو غيره فالأمر في ذلك سهل؛ لأن القضية هي قضية أن هؤلاء رووه بدون التتريب، وما ذكروا التتريب، والذين ذكروه روايتهم مقدمة على غيرهم.
[ رووه عن أبي هريرة ولم يذكروا التراب ].
يعني: أن هؤلاء جميعاً رووه عن أبي هريرة ولم يذكروا التراب، والتتريب جاء عن أولئك الذين تقدم ذكرهم، وهم ثقات.
وقد جاء ذكر التتريب في الأول وجاء ذكره في الآخر، وجاء ذكر التعفير كما سيأتي عن عبد الله بن مغفل أيضاً أي: جاء ذكر التتريب من طريق أخرى غير طريق أبي هريرة ، ولهذا قال القرافي وهو من المالكية -والمالكية لا يقولون بالتتريب-: قد صحت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالعجب من أصحابنا إذ لم يقولوا به!
نقله الحافظ ابن حجر عنه في فتح الباري، وأنا ذكرته في الفوائد المنتقاة، فيما يتعلق باتباع السنة، وأن من أتباع أصحاب المذاهب الأربعة من إذا وجد الدليل على خلاف ما جاء عن صاحب المذهب فإن المعول عليه هو الدليل، وفي ذلك أخذ بوصية الإمام صاحب المذهب، لأنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وكل واحد منهم كان يوصي بذلك، وكل منهم كان يرشد ويدل على أن الواجب هو اتباع ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وترك ما جاء عن طريقه إذا صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا من المالكية وقد قال هذا الكلام.
قال أبو داود : وهكذا قال ابن مغفل ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، ثم قال: ما لهم ولها؟) يعني: أنه أمر بالقتل أولاً ثم قال: (ما لهم ولها)، وهنا معناه: نسخ الأمر بقتل الكلاب، ولكن ما آذى منها فإنه يقتل لأذاه لا لأنه كلب؛ فإن الكلاب لا تقتل لكونها كلاباً، ولكن الذي يؤذي منها هو الذي يقتل، والأمر المطلق هو الذي نسخ، وبعد ذلك ما يؤذي يقتل وما لا يؤذي فإنه لا يقتل.
وقد رخص في استعمالها في أمور معينة هي: الصيد والزرع والماشية، هذا هو الذي ورد فيه الاستثناء، والحديث فيه ذكر الماشية والصيد، ولكن قد جاء في بعض الروايات ما يدل على أن المستثنى ثلاثة أمور هي: للصيد، وللزرع، وللماشية.
وقوله: [ (أمر بقتل الكلاب ثم قال: ما لهم ولها؟ فرخص في كلب الصيد وفي كلب الغنم) ].
أي: أنه بين أن استعمالها واقتناءها يجوز في أمور معينة هي للصيد وللغنم والماشية، يعني: يجوز أن يستخدم ليحرس الماشية والزرع، وأما ما عدا ذلك فإنه يمنع.
وقوله: [ (وقال: إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرار والثامنة عفروه بالتراب) ].
ولما جاء ذكر استعمال الكلاب والترخيص فيها، وأن الناس قد يبتلون بها من حيث كونها تشرب من الماء أو تلغ في الأواني بين عليه الصلاة والسلام هذا الحكم فقال: (إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة بالتراب)، والمقصود بالتعفير أنه يغسل أو يدلك بالتراب، ولكن لا تكون بعد السابعة، ولكنها تكون في الأولى حتى يباشر الإناء بالتراب ثم يغسل بالماء، فيكون التراب والغسل كأنهما غسلتان وهما في الحقيقة غسلة واحدة، وبهذا لا ينافي ما جاء من ذكر السبع في حديث أبي هريرة المتقدم فذكر الثامنة لا يدل على أنه يغسل ثمان مرات وإنما يغسل سبع مرات، فتكون الثامنة هذه محمولة على أن الأولى فيها تتريب وغسل.
قوله: [ قال أبو داود : وهكذا قال ابن مغفل ].
يعني: أنه جاء بهذا اللفظ الذي فيه ذكر التتريب والتعفير، وأنه يكون بالتراب، وهو لا ينافي ما تقدم من حديث أبي هريرة ، ولا يختلف عما تقدم عن أبي هريرة ، وذلك الاختلاف لا يؤثر؛ لأن الثامنة ليست خصلة مستقلة زائدة عن السبع وإنما هي جزء من الأولى التي هي تراب وماء، والجمع بين النصوص ما أمكن هو المطلوب.
أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة ].
يحيى بن سعيد هو القطان مر ذكره، و شعبة هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهذه الصيغة من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو التياح ].
أبو التياح هو يزيد بن حميد مشهور بكنيته أبي التياح ، واسمه يزيد بن حميد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مطرف ]
مطرف بن عبد الله بن الشخير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن مغفل ].
ابن مغفل هو عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الجواب: بعض العلماء قال بهذا، ولكنه ليس محل اتفاق.
الجواب: كون الإنسان يلمس الكلب لا يؤثر ذلك عليه ولا ينجس بالملامسة.
الجواب: المختلط هو الذي تغير، فلا فرق بينهما.
الجواب: هذا غير صحيح، بل الرواتب هي التي تترك إلا ركعتي الفجر والوتر من الرواتب، وأما النوافل المطلقة فقد جاءت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء: (أنه كان يتنفل على راحلته وهو في السفر)، (وصلى عام الفتح -وهو مسافر- صلاة الضحى ثمان ركعات)، فالنوافل المطلقة جاء ما يدل على الإتيان بها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة والوتر على راحلته، وإنما كان ينزل ويصلي الفريضة فقط، ولكن الرواتب التي قبل الصلاة وبعدها فهي التي لا يفعلها الإنسان، وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (لو كنت مسبحاً لأتممت) يعني: لو كنت متنفلاً لصليت أربعاً، فالصلاة خففت إلى اثنتين، فإذاً: لا يتنفل الإنسان النوافل المتعلقة بالصلوات الرواتب، فقوله: إن السنة هي ترك النوافل مطلقاً ليس بصحيح.
الجواب: هذا المبلغ الذي أخذه لا أدري هل أخذه على أساس أنه شركة أو قرضاً؟ فإن كان قرضاً فلا يجوز؛ لأن المسلمين أجمعوا على أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، حتى وإن تواطئوا على هذا، وأما إذا لم يكن هناك مواطأة ولكن المقترض عندما رد القرض زاد وأعطى شيئاً أكثر مما هو واجب عليه فلا بأس بذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى وزاد في القضاء، أما إذا كان هناك اشتراط أو مواطأة وإن لم يكن هناك اشتراط فإن ذلك لا يجوز؛ لأن مما أجمع عليه المسلمون: أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، وإذا كانت شركة مضاربة فعلى حسب ما يتفقان عليه، فإذا اتفقوا على أن هذا يعمل وهذا له النقود فهم شركاء، وذلك على حسب الاتفاق إما على ربع وثلاثة أرباع أو نصف، أو ثلث وثلثين لا بأس بذلك.
والشركة تختلف عن القرض؛ لأن القرض يكون المال في ذمة المقترض، والحق ثابت للمقرض، وأما المضاربة فإن المال للذي دفعه، ولكنه إن حصل ربح فهما على ما اتفقا عليه بالنسبة، وإن حصلت خسارة فيتحملها صاحب المال وحده، ولا يكون على العامل شيء من الخسارة المالية، بل خسارته هي الخسارة الفعلية، وهي: أن عمله ضاع سدى وبدون مقابل، فكل منهما خسر، هذا خسر ماله وهذا خسر جهده، أما أن يجمع على العامل بين خسارتين: ضمان المال الضائع الذي خسر، وجهده الذي ضاع؛ فهذا لا يجوز.
الجواب: لا، ليس بصحيح، بل المسلم يعامل معاملة المسلمين، ويصلى عليه، ويرثه المسلمون، ويدعى ويستغفر له، لكن الذي لا يجوز هو الشهادة له بالجنة، فالشهادة بالجنة لا تكون إلا لمن شهد له الرسول، وأما كونه مات وهو معروف أنه من المسلمين ومات على الإسلام فيعامل معاملة المسلمين، وإنما الذي لا يجوز هو أن يشهد له بالجنة، وأنه مات مرحوماً أو مغفوراً له. هذا هو الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، أو يأتي فيه نص عن الرسول صلى الله عليه وسلم كما حصل للذين شهد لهم بالجنة.
وأما إذا كان مقصود القائل الإيمان الكمال؛ فلا يشهد لأحد بالكمال، وإنما إذا كان المقصود بالإيمان الذي هو أصل الإسلام فكل مسلم معروف أنه من المسلمين ومات، فهو واحد منهم، وقد مات على الإسلام ولم يمت كافراً.
الجواب: الوقف يستعمل فيما خصص له، والذين وقفوه إنما جعلوا هذه الكراسي للمصاحف أو للكتب بحيث ترفع عليها وتساعد على القراءة، فبدلاً من أن يحمل الإنسان الكتاب أو المصحف يجعله على هذا المتكأ أو هذا الكرسي المخصص له، والوقف إنما خصص لهذا فلا يستعمل الوقف في غير ما خصص له، ولم يخصص الوقف للاتكاء والاستناد، وهذه الكراسي ما جاءت ليعتمد الناس عليها وليتكئوا عليها وإنما جاءت ليستعملوها في القراءة، سواء القراءة في المصاحف أو في كتب العلم.
الجواب: كون الإنسان يأتي ويحضر الدرس هذا أمر فيه فائدة كبيرة، وإذا فرغ الإنسان من الدرس فليذهب ليسد ما أمامه من الصفوف التي فيها فراغ.
وأيضاً من المناسب أن الإنسان يتقدم ويكمل الصفوف ثم يأتي للدرس، وإذا فرغ الدرس وكان هناك أماكن في الأمام فليذهب ويشغلها.
الجواب: من المعلوم أن الأعمال الصالحة تكفر الصغائر، وأما الكبائر فإنه لا يكفرها إلا التوبة، وكيف يكون الحج يكفر الكبائر والإنسان مصر عليها ولم يتب منها؟! وإنما الأعمال الصالحة تكفر الصغائر، وتكفر الكبائر مع التوبة، فالإنسان يرجع كيوم ولدته أمه من الحج مع التوبة وليس بمجرد الحج وهو مصر على المعاصي والكبائر، بل في الحج يقع في المعاصي والمحرمات فكيف يرجع كيوم ولدته أمه؟! فليس الأمر كذلك وإنما المقصود من ذلك: أنه يكفر الصغائر، وأما الكبائر فلا تكفر إلا إذا تاب الإنسان منها، فإذا تاب منها فإنه يرجع من حجه كيوم ولدته أمه، ولهذا جاء في الحديث: (الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر) والله تعالى يقول: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] فالكبائر تكفرها التوبة، والصغائر تكفرها الأعمال الصالحة.
الجواب: أخو زوجتك لا يكون محرماً لأمك؛ لأنه أجنبي منها وهي أجنبية منه.
الجواب: مثل هؤلاء ينبغي أن يتعلموا بكتب سليمة ليس فيها محاذير، وليس فيها أمور قد يضل بها الإنسان، وقد يكون الإنسان فيها على غير هدى، فالشيء الذي فيه محذور يبتعد عنه، وإذا كان ما وجد غيرها وهو يعرف الحق فلا بأس بأن يستعملها، ولكن يحذر من الذي فيها، وإذا وجد الشيء السليم فلا يعدل عنه إلى غيره، فالذي لا يفهم وعليه خطر من هذه الكتب يبتعد عن التعلم بها؛ لأنه قد يتعلم اللغة العربية منها ثم يقع في حفرة لكونه ابتلي بعقيدة فاسدة.
الجواب: مني المرأة جاء أنه أصفر، وأما المذي فليس منياً وإنما يحصل عند الشهوة سواء من الرجل أو المرأة، وهو نجس يتوضأ منه، ويغسل لنجاسته.
الجواب: هو في النافلة وليس في الفريضة؛ لأن الفريضة لا توصل بالفريضة إلا عن طريق الجمع، والجمع سائغ جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الإنسان له حق الجمع بين الصلاتين، فالمقصود النافلة؛ فعلى الإنسان أن يأتي بالذكر أو بالكلام ولا يشرع في صلاة النافلة بعد أن يسلم إلا أن يقوم أو يحصل منه كلام أو ذكر لله عز وجل. هذا هو المقصود. والله أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر