قال أبو داود : أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر رضي الله عنهم يقولون: من أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو].
أورد أبو داود رحمه الله حديث المغيرة بن شعبة في تأخره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته وأنه توضأ ولما لحقوا بأصحابه الذين سبقوهم وجدوهم قد دخلوا في صلاة الفجر وقد قدموا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ليصلي بهم، فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مضى ركعة من الصلاة رآه عبد الرحمن فأراد أن يتأخر حتى يتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمكث وأن يمضي في صلاته بهم، ولعله جاء من الجهة الأمامية لأنهم كانوا في البر، ويمكن أنه جاء من ورائهم، وقد كان ذلك في غزوة تبوك، فإذا كانوا في الذهاب فلا إشكال؛ لأنهم سيتجهون إلى الجهة التي جاءوا منها، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيأتي من جهة الأمام، وأما إذا كانوا في الرجوع فإنه سيأتي من الخلف وهم يصلون، فإن كانت القصة في الذهاب إلى تبوك فالأمر واضح؛ لأنهم سيتجهون إلى الجهة التي جاءوا منها، والرسول صلى الله عليه وسلم سيأتي من أمامهم فيرونه عندما يقبل عليهم صلى الله عليه وسلم، وإن كانت القصة في المجيء من تبوك فهذا معناه أنه جاء من جهة الخلف، فرآه عبد الرحمن بن عوف فأراد أن يتأخر فأشار إليه أن امض، فمضى في صلاته وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم وراءه ركعة، ولما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المغيرة بن شعبة وصلوا الركعة التي بقيت عليهم، وفي الرواية السابقة أنه قال: (أحسنتم أو أصبتم) يعني: في صنيعكم حيث قدمتم من يصلي بكم.
ولا يعرف عن أحد من الصحابة أنه صلى إماماً بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا عبد الرحمن بن عوف وأبو بكر رضي الله عنه، كما جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب ليصلح بين بني عمرو بن عوف فتأخر الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء بلال إلى أبي بكر واستأذنه أن يقيم الصلاة، فأذن له وصلى، فجاء رسول الله عليه الصلاة والسلام عند البدء بالصلاة، فسبحوا فالتفت رضي الله عنه وأرضاه وكان لا يلتفت في الصلاة، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتأخر أو يتقهقر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أشار إليه أن يمكث، ولكنه رجع وتأخر، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا في أول الصلاة، وأما عبد الرحمن بن عوف ، فكان قد صلى ركعة من الصلاة، فلا يعرف أن أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إماماً بالرسول عليه الصلاة والسلام إلا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ولهذا أبو نعيم في كتابه معرفة الصحابة في مقدمة ترجمته قال: إمام المصطفى صلى الله عليه وسلم يعني: أنه صلى به إماماً، وهذه الفضيلة ما وجدت من غيره.
قوله: (ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الركعة التي بقيت ولم يزد عليها)، يعني: أن الشيء الذي بقي عليه هو الذي أتى به، وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المسبوق إذا فاته شيء من الصلاة فإنه يقضي ما فاته ولا يفعل شيئاً آخر، وبعض أهل العلم ومنهم الذين ذكرهم المصنف ابن عمر وابن الزبير وأبو سعيد الخدري يقولون: إنه إذا أدرك الفرد من الصلاة فإنه يسجد سجدتين للسهو. والفرد من الصلاة هي: الركعة الواحدة، قالوا: لأنه بذلك سيأتي بتشهد في غير موضعه فعليه أن يسجد، لكن القول الصحيح هو قول جمهور أهل العلم الذين قالوا: ليس عليه شيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى الركعة التي بقيت عليه سلم ولم يزد على ذلك شيئاً لا سجود سهو ولا غيره، وأما كونه يأتي بتشهد في غير محله فلأنه مأمور بمتابعة الإمام، وكل ما يأتي به الإمام عليه أن يأتي به ولو تكرر عنده التشهد، ثم أيضاً ليس هناك سهو حتى يسجد له، فكيف يسجد للسهو ولا سهو موجود؟!
إذاً: القول الصحيح أنه ليس على المسبوق إذا أدرك الفرد من الصلاة -يعني: الركعة الواحدة- سجود سهو إذا سلم من صلاته؛ لأنه في الصلاة ما سها، وكونه حصل منه تشهد في غير محله فهو مأمور بالمتابعة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) فهو يدخل مع الإمام ويتابعه وإذا سلم قام لقضاء ما فاته سواء كان ركعة أو أكثر، وليس عليه شيء بعد ذلك، لكن إذا حصل منه سهو في صلاته في الزيادة التي سيصليها فيسجد للسهو، وإذا كان على إمامه سجود سهو والسجود بعد السلام فإنه يسجد عندما يريد أن يسلم تبعاً لإمامه الذي سجد بعد السلام؛ لأنه إذا سلم الإمام وسجد بعد السلام فإنه يقوم يأتي بالركعة المتبقية عليه، فالإمام يسجد للسهو وهو يواصل صلاته ولكنه في آخر صلاته يسجد للسهو، فليس على المأموم أو المسبوق سجود السهو إلا إذا سها هو فيما يصليه بعد سلام الإمام أو كان الإمام عليه سجود السهو وكان بعد السلام فإنه يفعل مثل ما يفعل الإمام، فيسجد عندما ينتهي من صلاته، وأما كونه أدرك فرداً من الصلاة، ووجد منه تشهد في غير محله، فهو مأمور بالمتابعة، والسهو لم يوجد حتى يسجد له.
هدبة بن خالد ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود ، وهدبة بن خالد يقال له أيضاً: هداب بن خالد ، وقيل: إن هدبة اسم وهداب لقب، يعني: أن اللقب مأخوذ من الاسم، والبخاري رحمة الله عليه من عادته أنه لا يذكره إلا باسمه، وأما مسلم فيذكره أحياناً يقول: هدبة وأحياناً هداب .
[حدثنا همام ].
همام بن يحيى ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن ].
الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وعن زرارة بن أوفى ].
يعني: أن قتادة يروي عن الحسن ويروي عن زرارة بن أوفى ، وزرارة بن أوفى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ومما ذكروا في ترجمته أنه كان يصلي بالناس صلاة الصبح فقرأ بهم سورة المدثر ولما جاء عند قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9] بكى وشهق وخر مغشياً عليه ومات رحمة الله عليه، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره في سورة المدثر، وذكره أيضاً الذين ترجموا له.
[أن المغيرة بن شعبة ].
المغيرة بن شعبة قد مر ذكره.
قال أبو داود : هو أبو عبد الله مولى بني تيم بن مرة ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث بلال بن رباح رضي الله عنه أن عبد الرحمن بن عوف سأله عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالإداوة فيتوضأ منها ويمسح على عمامته وعلى موقيه) والموقان هما: الخفان، وقيل: إنهما خفان قصيرا الساق، ولكن المسح يكون على ما يغطي الكعبين؛ لأن من شرط المسح على الخفين أن يكونا ساترين لمحل الوضوء، وحده: الكعبان، فالخفان لابد أن يكونا ساترين للكعبين.
والحديث فيه المسح على الخفين، وفيه أيضاً المسح على العمامة، والمسح على الخفين والمسح على العمامة ثابت من طرق متعددة، فالحديث وإن كان فيه مجهول إلا أن ما فيه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يحصل الانفراد والاستقلال بروايته عن طريق هؤلاء المجهولين، وإنما جاء ذلك عن كثير من الصحابة، وليس فيه شيء جديد زائد عن الذي ثبت في الأحاديث الأخرى، فيكون الحديث من حيث المتن صحيحاً، ولكنه من حيث الإسناد ضعيف؛ لأن فيه هذان المجهولان اللذان في إسناده، لكن المسح على الخفين والمسح على العمامة ثابت، فيكون هذا مما له أصل، وهو شاهد للأصل، وليس التعويل عليه، ولا الاستناد إليه، وإنما الاستناد إلى غيره، وكونه جاء موافقاً لغيره يدل على أنه معتبر، وأنه جاء مطابقاً لما هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من حيث الإسناد ضعيف، لكنه من حيث المتن صحيح، وليس الحكم مبنياً على أسانيد فيها ضعف، بل الحكم مبني على أسانيد صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما جاء فيه ضعف ولم يكن فيه زيادة عما ثبت في الأحاديث الصحيحة في مسح العمامة ومسح الخفين فإنه يكون معتبراً.
[حدثنا أبي].
أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بكر يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد ].
أبو بكر اسمه عبد الله بن حفص ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمع أبا عبد الله ].
أبو عبد الله هو مولى بني تيم كما ذكر ذلك أبو داود في آخر الحديث، وبنو تيم بن مرة هم رهط أبي بكر ؛ لأن أبا بكر ينتهي نسبه إلى تيم بن مرة، ويلتقي نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مرة ، يعني: أن تيماً أخو كعب والرسول صلى الله عليه وسلم من أبناء كعب بن مرة ، فـتيم بن مرة هو أخو كعب بن مرة ، والرسول صلى الله عليه وسلم من نسل كعب بن مرة وأبو بكر من نسل تيم بن مرة فيقال لـأبي بكر : التيمي نسبة إلى جده الذي هو دون الجد الذي يلتقي به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأبو عبد الله هذا مجهول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .
[عن أبي عبد الرحمن ].
قال في التقريب: أبو عبد الرحمن عن بلال قيل: هو مسلم بن يسار وإلا فمجهول .
ويكفي في ضعف الحديث أبو عبد الله ، فالإسناد ضعيف، وإذا انضاف إليه هذا الشخص الآخر الذي هو أبو عبد الرحمن إذا لم يكن مسلم بن يسار وكان مجهولاً؛ فإن الحديث يزداد ضعفاً، لكن كما ذكرت المسح على العمامة والمسح على الخفين ثابتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأبو عبد الرحمن هذا أخرج له أبو داود والنسائي .
[أنه شهد عبد الرحمن بن عوف ].
عبد الرحمن بن عوف ليس من رجال الإسناد؛ لأنه كان يسأل بلالاً ، فالإسناد عن أبي عبد الرحمن عن بلال .
أورد أبو داود رحمه الله حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (أنه بال ومسح على خفيه وقال: ما يمنعني أن أمسح عليهما وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك؟! قالوا: إنما كان ذلك قبل المائدة) المقصود بذلك: أن آية المائدة فيها غسل الرجلين، يعني: ويكون هذا قبل المائدة فيكون منسوخاً بآية المائدة، فقال رضي الله عنه: وهل أسلمت إلا بعد المائدة؟ يعني: أن إسلامه كان متأخراً، ومعنى هذا: أنه أسلم بعد نزول آية غسل الرجلين، فيكون القرآن بين أن حكم الرجلين الغسل حيث تكونان مكشوفتين، وبينت السنة المتواترة أن حكمهما المسح حيث تكونان مغطاتين بالخفاف أو الجوارب، ولهذا أخبر جرير رضي الله عنه بأنه إنما أسلم بعد المائدة، وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وتحمل عنه بعد إسلامه، ورآه يمسح، وقد سبق أيضاً المسح في قصة المغيرة بن شعبة ، وكان ذلك في غزوة تبوك، وغزوة تبوك هي آخر الغزوات التي غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت في السنة التاسعة، يعني: أن ذلك كان في زمن متأخر فلا يكون حكم المسح على الخفين منسوخاً، فالغسل للرجلين ثابت بالقرآن حيث تكونان مكشوفتين، والمسح على الخفين ثابت بالسنة المتواترة حيث تكون الرجلان مستورتين بالخفاف أو الجوارب.
وهذا الحديث يدل على المسح على الخفين وهو كغيره من الأحاديث الأخرى الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها المسح على الخفين.
علي بن الحسين الدرهمي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[حدثنا ابن داود ].
هو عبد الله بن داود الخريبي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن بكير بن عامر ].
بكير بن عامر البجلي ضعيف، أخرج له أبو داود .
[عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير أن جريراً ].
أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وأبو زرعة بن عمرو يروي هذا الحديث عن جده جرير بن عبد الله البجلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل البصرة] .
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: (أن
قوله: [إن النجاشي أهدى إلى رسول الله].
النجاشي هو ملك الحبشة أسلم وأحسن إلى المسلمين الذين هاجروا إليه قبل هجرتهم إلى المدينة، لما مات صلى الرسول عليه الصلاة والسلام عليه صلاة الغائب كما ثبت ذلك في الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: [خفين أسودين ساذجين].
قيل: إن المقصود أنهما ليس فيهما نقوش وليس فيهما أيضاً شعر ولا شيء من اختلاف الألوان، بل هما أسودان، فقوله: (ساذجين) يعني: غير منقوشين ولا شعر فيهما، وليس فيهما اختلاف ألوان، بل هما أسودان فقط.
قوله: [ (فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما) ].
هذا هو المقصود من الترجمة، وهو أنه مسح عليهما.
مسدد بن مسرهد مر ذكره .
وأحمد بن أبي شعيب هو أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب ، وفي التقريب عندما يبحث الإنسان عنه فيمن يسمى أحمد، ثم بعد ذلك حرف الشين، لا يجده، وكان المناسب كالعادة أن يأتي بعد ذلك في عبد الله؛ لأنه منسوب إلى أبيه ، فهو أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب ، فالإنسان إذا جاء يبحث عند حرف الشين فيمن يسمى أحمد يجد أحمد بن شعيب النسائي ، ولكن لا يجد حوله من يقال له: أحمد بن أبي شعيب ، ومن عادة الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه أنه إذا كان الشخص منسوباً إلى جده أن يقول: هو ابن فلان، ولا يترجم له وإنما يحيل إلى ترجمته، فهنا كان المناسب أن يقول: أحمد بن أبي شعيب هو ابن عبد الله ؛ لأن ترجمته مذكورة في أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[قالا: حدثنا وكيع ].
هو ابن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا دلهم بن صالح ].
دلهم بن صالح ضعيف، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة، وليس لهؤلاء الثلاثة عنه إلا هذا الحديث الواحد، يعني: أن دلهم بن صالح لن يأتي في كتاب أبي داود مرة أخرى، وكذلك أيضاً لا يأتي عند الترمذي إلا مرة واحدة، ولا يأتي عند ابن ماجة إلا مرة واحدة؛ لأنهم كلهم أخرجوا له هذا الحديث الواحد في المسح على الخفين.
[عن حجير بن عبد الله ].
حجير بن عبد الله مقبول، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[عن ابن بريدة ].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب المروزي قاضي مرو، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو بريدة بن الحصيب رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[قال مسدد عن دلهم بن صالح ] يريد بذلك أنه لما روى عن شيخين وساقه على رواية أحمد بن أبي شعيب، وفيها: حدثنا دلهم ، ورواية مسدد ليس فيها (حدثنا)، إنما فيها: (عن) فأراد أن يبين أن مسدداً عندما روى عن شيخه وكيع قال: عن دلهم، فهو أراد أن يبين أنهما لم يتفقا على هذه الصيغة التي هي (حدثنا)، بل هذا لفظ أحمد بن أبي شعيب شيخه الثاني، أما الشيخ الأول فلفظه بالعنعنة وليس بالتحديث، وليس معنى ذلك أن وكيعاً مدلس، وحتى لو كان مدلساً فيكفي أن أحمد بن أبي شعيب صرح بالتحديث، لكن المقصود هو المحافظة على الصيغ التي جاءت عن الرواة، وهي أن هذا قال: حدثنا، وهذا قال: عن.
[قال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل البصرة].
هذا ليس بواضح؛ لأن الإسناد الذي مر أكثره من أهل الكوفة، وفيه مسدد وحده من البصرة، وفيه عبد الله بن بريدة من مرو، وأكثر الرواة فيه كوفيون؛ لأن وكيعاً كوفي وهكذا دلهم كوفي وأحمد بن أبي شعيب حراني نسبة إلى حران، فليس فيه من البصريين إلا مسدداً ، فقوله: هذا مما تفرد به أهل البصرة غير واضح.
أورد أبو داود رحمه الله حديث المغيرة بن شعبة الذي فيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين)، والمسح على الخفين جاء عنه وعن غيره، ولكن الشيء الذي جاء في هذه الرواية ولم يأت في غيرها هو ذكر النسيان وذلك في قول المغيرة بن شعبة للرسول: أنسيت؟ فقال الرسول: (بل أنت نسيت)، هذا هو الذي جاء منفرداً من هذه الطريق التي أوردها أبو داود رحمه الله.
قوله: (بهذا أمرني ربي) يعني: أن أمسح على الخفين.
وقوله: (بل أنت نسيت)، يفهم منه أن المغيرة كان عنده علم بالمسح قبل ذلك ولهذا قال له الرسول (بل أنت نسيت).
أحمد بن عبد الله بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد قال عنه الإمام أحمد : شيخ الإسلام.
وهذا فيه أن التلقيب بشيخ الإسلام قديم؛ لأنه جاء عن الإمام أحمد كما في ترجمة هذا الرجل، ففي تهذيب التهذيب أن الإمام أحمد قال فيه: إنه شيخ الإسلام أو أوصى شخصاً بأن يأخذ عنه وقال: فإنه شيخ الإسلام، فهذا فيه بيان أن هذا التلقيب بهذا اللقب كان موجوداً قديماً، وممن اشتهر به شيخ الإسلام ابن تيمية من المتأخرين، وكذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله على الجميع، وغيرهم اشتهروا بهذا اللقب، ولكن الذي اشتهر به وغلب عليه وعندما يأتي إطلاقه يتبادر الذهن إليه هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، لكن هذا الذي نقل عن الإمام أحمد في ترجمة أحمد بن عبد الله بن يونس يدل على أن هذا اللقب قديم، وأن المتقدمين كانوا يلقبون به من يكون في القمة، ومن يكون في منزلة عالية ومنزلة رفيعة.
[حدثنا ابن حي -هو الحسن بن صالح - ].
ابن حي هو أحمد بن صالح بن حي، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
وله أخ يقال له: علي بن صالح بن حي ثقة عابد، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[عن بكير بن عامر البجلي ].
بكير بن عامر البجلي ضعيف، أخرج حديثه أبو داود .
[عن عبد الرحمن بن أبي نعم ].
عبد الرحمن بن أبي نعم صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن المغيرة ].
المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قد مر ذكره.
الجواب: لبس العمامة من الألبسة الجائزة، ولا يقال: إن من لم يلبس العمامة يكون قد ترك السنة، وإنما هذا من اللباس الجائز مثل لبس الخاتم، ولبس القميص، ولبس الإزار والرداء وهكذا، ولكن الإنسان يؤجر على قصده، وأما كون الإنسان يأتي بشيء يستغربه قومه ويستغربه جماعته ويلفت النظر بالنسبة له فهذا يقال عنه: إنه خالف الناس أو إنه على طريقة تخالف هيئة الناس، وأمر اللباس واسع كما هو معلوم.
الجواب: العمامة جائزة كما هو معلوم، فالإنسان له أن يلبسها أو لا يلبسها، الأمر في ذلك واسع، وإن كانت شيئاً غريباً على الناس فليست لباس شهرة؛ لأنها من ألبسة أهل الإسلام.
الجواب: كونه يتكئ عليها أو يستند إليها وهي فارغة ليس فيه بأس، ولكن الذي فيه شبهة هو كونه يستند عليها والمصاحف فيها بحيث تكون وراءه ويستند عليها والمصاحف فيها، والله تعالى أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر