حدثنا هناد بن السري وإبراهيم بن أبي معاوية عن أبي معاوية ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثني شريك وجرير وابن إدريس عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله رضي الله عنه: (كنا لا نتوضأ من موطئ ولا نكف شعراً ولا ثوباً).
قال أبو داود : قال إبراهيم بن أبي معاوية فيه: عن الأعمش عن شقيق عن مسروق أو حدثه عنه قال: قال عبد الله . وقال هناد : عن شقيق أو حدثه عنه، قال: قال عبد الله ].
أورد أبو داود رحمه الله باباً في الرجل يطأ الأذى برجله، يعني: ماذا يصنع؟ هل يعيد الوضوء أم ماذا يفعل؟
أما إعادة الوضوء فلا إعادة، لكن الكلام هو على هذا الذي وطئه، هل هو نجاسة أو غير نجاسة، فإن كان ليس بنجاسة فلا يؤثر؛ لأن الإنسان إذا صلى وعلى قدمه شيء من الأذى الذي هو طاهر وليس بنجس، فلا يؤثر ذلك، وأما إن كان يعلم أنه نجاسة فعليه أن يزيل النجاسة، وهو باقٍ على طهارته، وباقٍ على وضوئه، أي: إذا وطئت رجله شيئاً فيه نجاسة فلا ينتقض وضوءه بوطء النجاسة، وإنما عليه أن يزيل تلك النجاسة وبأن يغسلها، هذا إذا عرف أنه شيء نجس، وأنه رطب، وأنه يعلق بالقدم.
أما لو وطئ على أرض متنجسة ورجله يابسة، فأيضاً لا يحتاج إلى غسل ما دام أن رجله ليس فيها رطوبة أو الأرض التي فيها النجاسة ليست رطبة تعلق بالرجل، فإنه لا يلزم الغسل؛ لأنه لم يعلق برجله شيء.
أما إذا كانت الرجل رطبة ووطئت على أرض متنجسة، أو كانت الرجل يابسة ووطئت على نجاسة رطبة فعلقت بالرجل فعليه أن يزيل تلك النجاسة وأن يغسلها، والوضوء يبقى على حاله؛ لأن إزالة النجاسة شيء، والوضوء شيء آخر، وكون الإنسان يطأ النجاسة فلا ينتقض بهذا وضوءه، وإنما عليه أن يزيل النجاسة التي حصلت له بغسلها، والوضوء على حاله، وباقٍ على أصله.
فالذي يطأه الناس أو يطأه الإنسان فيه تفصيل: إن كان ليس بنجس لا يؤثر، ولكن كونه يغسل حتى يزول أثر هذا الشيء عن رجله فهذا شيء طيب وهذا شيء مما ينبغي، لكنه ليس بلازم، وإن كانت الرجل رطبة أو الأرض رطبة وفيها نجاسة وحصل علوقها بالرجل بسبب الرطوبة فإنه يلزم غسل النجاسة.
وإن كان يجهل أنه نجس أو غير نجس، فالأصل هو الطهارة، مثل المياه التي تكون في الأسواق وفي الشوارع، فالإنسان إذا لم يتحقق نجاستها فالأصل فيها الطهارة، ولا يحتاج إلى أن يغسل رجليه بسبب ذلك الذي وطئه في الشوارع وفي الطرقات إذا لم يكن متحققاً بأنه نجس.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: (كنا لا نتوضأ من موطئ) يعني: بسبب وطء الشيء، ولعل المقصود هنا بالوضوء: الوضوء اللغوي، الذي هو غسل الرجل، وليس الوضوء الشرعي، الذي هو غسل الوجه واليدين, وعلى هذا يكون قوله هنا: (لا نتوضأ من موطئ) يعني: لا نغسل الرجلين بسبب وطئهما للأذى.
لكن كما قلت: إذا كانت النجاسة معروفة ومحققة، والإنسان وطئها وهي رطبة وعلقت برجله، أو كانت النجاسة يابسة ورجله رطبة ووقعت على النجاسة، فالنجاسة تغسل، ما دام أنه تحقق أن النجاسة وصلت إلى رجله؛ لأنه يلزم عند الصلاة طهارة البدن والثوب والبقعة، وذلك بأن يكون بدنه ليس فيه نجاسة، وثيابه ليس فيها نجاسة، والبقعة التي يصلي فيها ليس فيها نجاسة، إلا إذا كانت متنجسة وفرش عليها فراش، والإنسان يصلي على الفراش فهذا لا يؤثر.
وقوله: (ولا نكف شعراً ولا ثوباً) يعني: في الصلاة، فلا نرفعها، وإنما نرسلها حتى يصيبها ما يصيب غيرها من مواضع السجود، فالإنسان لا يكف شعراً، فإذا كان شعره متدلياً فلا يكفه من أجل أن يسجد، بل يجعله يسجد معه، وكذلك الثوب لا يرفعه عن الأرض حتى يسجد، بل عليه أن يترك ثيابه ويصلي على هيئته ولا يكف شعراً ولا ثوباً.
هو هناد بن السري أبو السري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ وإبراهيم بن أبي معاوية ].
أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ، وإبراهيم بن أبي معاوية صدوق أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ عن أبي معاوية ].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
(ح) هي للتحول من إسناد إلى إسناد، وعثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثني شريك ].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ وجرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثم الرازي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن إدريس ].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هنا يلتقي الإسنادان -الإسناد الأول والإسناد الثاني- عند الأعمش ، والأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شقيق ].
هو شقيق بن سلمة الكوفي أبو وائل، مشهور بكنيته، ويأتي ذكره بالكنية كثيراً، ويأتي ذكره بالاسم كما هنا شقيق بن سلمة ، وهو ثقة مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد فقهاء الصحابة، وكانت وفاته سنة (32هـ) في خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنه أحد العبادلة الأربعة؛ لكن الصحيح أنه ليس منهم؛ لأن المشهور أن العبادلة هم من صغار الصحابة، وهم متقاربون في السن، وقد عاشوا إلى ما بعد سنة 60هـ، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود ؛ وهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
وعبد الله بن مسعود حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : قال إبراهيم بن أبي معاوية فيه: عن الأعمش عن شقيق عن مسروق أو حدثه عنه قال: عبد الله ].
يعني أن أبا دواد له فيه ثلاثة شيوخ: هناد بن السري وإبراهيم بن أبي معاوية وعثمان بن أبي شيبة ، واللفظ الذي ساقه هو بلفظ عثمان بن أبي شيبة ، ليس فيه شك، ولما ذكر الإسناد والمتن أشار بعد ذلك إلى ما عند شيخه الأول وشيخه الثاني إبراهيم بن أبي معاوية وهناد بن السري ، فإن آخر الإسناد عندهما يختلف عما عند عثمان بن أبي شيبة ؛ لأن اللفظ الذي سيق هو لفظ عثمان بن أبي شيبة .
[عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله ].
يعني أن الرواية من طريق عثمان بن أبي شيبة فيها الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله ، هذه هي الصيغة التي جاءت من طريق عثمان بن أبي شيبة .
[عن شقيق عن مسروق أو حدثه عنه].
يعني: أن شقيقاً يروي عن مسروق بالعنعنة أو بالتحديث، ففيه شك هل قال شقيق : عن مسروق أو أن شقيقاً حدثه عن عبد الله بن مسعود .
[وقال هناد عن شقيق أو حدثه عنه أنه قال: قال عبد الله ].
إسناد هناد بن السري هو نفس الإسناد الأول، ولا توجد زيادة، ولكن فيه الشك هل قال الأعمش عن شقيق أو قال: حدثه عنه، يعني: هل أتى بـ(عن) أو أتى بصيغة التحديث.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ وليعد الصلاة)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: باب من يحدث في الصلاة، يعني: ماذا يصنع؟
والجواب: أنه يقطع صلاته وينصرف ويتوضأ ويعيد الصلاة.
وقد أورد فيه حديث علي بن طلق رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد الصلاة).
(فلينصرف): يعني يقطع صلاته؛ لأنه حصل منه الحدث، وخروج الريح من الإنسان هو حدث ينتقض به الوضوء، ومن كان في الصلاة وحصل منه الحدث فإن عليه أن يقطع صلاته، وهذا فيما إذا تحقق خروج الريح؛ لأنه سبق أن مر بنا في الحديث: (إذا شك أحدكم أنه خرج منه شيء في الصلاة فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) فالشيء الخارج من دبره إما صوت يسمع للريح الخارجة، أو يشم رائحة لتلك الريح التي خرجت منه، فعند ذلك يكون متحققاً بأن وضوءه انتقض، وإذا كان الأمر كذلك فعليه أن يقطع الصلاة وينصرف ويتوضأ ثم يعيد الصلاة، يعني: يستأنف الصلاة من جديد، ولا يبني على ما تقدم مما كان قبل الإحداث، وإنما عليه أن يعيد كما جاء في هذا الحديث، وقد جاء حديث فيه ضعف، وفيه: أنه يذهب ويتوضأ وهو في ذلك لا يتكلم ثم يبني على ما كان قد صلى، لكن الذي جاء في هذا الحديث هو الأظهر وهو الأولى؛ لأن الصلاة حصل بطلانها بخروج الريح التي خرجت من الإنسان، فعليه أن يتوضأ لتلك الريح التي خرجت ويعيد الصلاة من أولها.
عاصم بن سليمان الأحول ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عيسى بن حطان ].
عيسى بن حطان مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[عن مسلم بن سلام ].
وهو صدوق، يعني: مقبول، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .
[عن علي بن طلق ].
هو صحابي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي .
وهؤلاء ثلاثة رواة على نسق وعلى ولاء، كلهم أخرج لهم أبو داود والترمذي والنسائي !
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبيدة بن حميد الحذاء عن الركين بن الربيع عن حصين بن قبيصة عن علي رضي الله عنه أنه قال: (كنت رجلاً مذّاءً فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أو ذُكر له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة، فإذا فضخت الماء فاغتسل) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب في المذي.
والمذي: بسكون الذال والياء مخففة، ويكون بكسر الذال وتشديد الياء، وهو سائل خفيف يخرج عند المداعبة والملاعبة، وهو نجس، فإذا خرج يغسل الإنسان ذكره، ويغسل ذلك الذي خرج بالماء، ولم يأت فيه ذكر الاستجمار بالحجارة، وإنما يغسل بالماء، وخروجه ينتقض به الوضوء، ويلزم الإنسان أن يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ ويصلي، وكل ما يخرج من السبيل يعتبر نجس، إلا المني فإنه طاهر.
عن علي رضي الله تعالى عنه قال: (كنت رجلاً مذاء) أي: كثير المذي، يعني: يخرج منه المذي كثيراً، وكان يظن أنه يوجب الغسل؛ لأنه حاصل بسبب الشهوة، فظن أن له حكم الإنزال وحكم المني إذا خرج من الإنسان، فكان يغتسل كلما حصل منه ذلك حتى تشقق ظهره من البرد، فإما أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أو ذُكر ذلك له، وفي بعض الأحاديث ما يدل على أنه لم يسأل بنفسه، وأرسل المقداد بن الأسود ليسأل، وقد استحيا لكونه زوج فاطمة ، فهو يستحي من أن يتكلم بشيء حول الجماع والاستمتاع أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أبوها، فأرسل المقداد بن الأسود، فكان الجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تفعل) يعني: لا تفعل الاغتسال الذي كنت تفعل، وإنما يكفيك أن تغسل ذكرك وتتوضأ.
قوله: [ (إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك، وتوضأ وضوءك للصلاة) ] معناه: أنه ناقض للوضوء، وعليه أن يتوضأ.
وقوله: (فإذا فضخت الماء فاغتسل).
معناه: إذا وجد المني -الذي هو خروج بدفق ولذة- فهذا هو الذي يوجب الغسل، أما إذا لم يحصل شيء من هذا، وإنما حصل بدون لذة وبدون دفق فإنه لا يوجب الغسل، وإنما يوجب غسل الذكر والنجاسة التي خرجت، ويوجب الوضوء، وأما الغسل فلا يوجبه إلا خروج المني.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيدة بن حميد الحذّاء ].
عبيدة بن حميد الحذاء جاء ذكره تحت من اسمه عبيدة، بفتح أوله، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[عن الركين بن الربيع ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري حديث مفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[عن حصين بن قبيصة ].
وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[عن علي ].
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمّة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الحديث السابق (إذا فسا أحدكم ...) فيه ضعف، ولكن يشهد له حديث: (فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، متفق عليه، فحديث: (فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) يشهد له من حيث الانصراف، لكن من حيث كونه يعيد الصلاة فلا يدل له، لكن هذا هو الذي يظهر من جهة أن الصلاة بطلت بحصول الناقض؛ فيتوضأ ويعيد الصلاة من أصلها، ولا يبني على ما تقدم.
هذا فيه بيان أن علياً رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة المقداد بن الأسود رضي الله عنه، وبين له العلة، وقال: إنه يستحي أن يسأله لكون ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها هي زوجته، فاستحيا أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يواجهه بهذا السؤال حياءً منه صلى الله عليه وسلم، فسأله المقداد بن الأسود فقال: (إذا وجد أحدكم ذلك فلينضخ فرجه) يعني: ليغسله وليتوضأ وضوءه للصلاة، ولا يوجب هذا غسلاً، وإنما يوجب الوضوء فقط؛ لأنه حصل نقض الوضوء فيتعين الوضوء.
وهذا فيه أن السائل ينبغي أن يبهم الفاعل، فيقول: ما حكم الرجل يرى كذا وكذا؟ ولكن لو جاء علي رضي الله عنه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ماذا تقول في الرجل يحصل منه كذا، فإنه سيفهم أنه هو صاحب القصة، وأنه هو الذي يحصل منه ذلك؛ ولهذا أمر المقداد بن الأسود رضي الله عنه أن يسأله، فسأله وأجابه بأنه إذا وجد أحدكم ذلك فلينضخ فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة.
وفي هذا دليل على أن الإنسان عندما يكون مع أصهاره وأقاربه فلا يتحدث معهم بالشيء الذي يتعلق بالجماع وبالاتصال بالنساء؛ لأن هذا من الأشياء التي يستحيا منها مع الأقارب ومع الأصهار، كما حصل ذلك من علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[عن مالك ].
مالك بن أنس هو إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي النضر ].
وهو سالم بن أبي أمية ، وهو ثقة يرسل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان بن يسار ].
سليمان بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين.
[عن المقداد بن الأسود ].
وهو المقداد بن عمرو رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث من مسند المقداد وليس من مسند علي رضي الله عنهما.
قال أبو داود : ورواه الثوري وجماعة عن هشام عن أبيه عن المقداد عن علي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
أورد أبو داود رحمه الله الحديث من طريق أخرى، وفيه: أنه يغسل ذكره وأنثييه، يعني يغسلهما عند خروج المذي، وعرفنا أنه لا يكفي فيه الاستجمار، بل لابد فيه من الغسل.
هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير ].
هو ابن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن عروة ].
وهو ثقة ربما دلّس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أن علي بن أبي طالب قال للمقداد ].
هو المقداد بن الأسود رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
[قال أبو داود : ورواه الثوري وجماعة عن هشام عن أبيه عن المقداد عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
ورواه ابن إسحاق عن هشام عن أبيه، عن المقداد عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [عن هشام عن أبيه عن المقداد عن علي ] يعني: أنه من مسند علي لا أنه مسند المقداد .
قال أبو داود : ورواه المفضل بن فضالة وجماعة والثوري وابن عيينة عن هشام عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ورواه ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن المقداد عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر (أنثييه) ].
قوله: [فذكر بمعناه]: أي: معنى الحديث المتقدم، يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ وضوءه للصلاة.
عبد الله بن مسلمة مر ذكره، وأبوه هو مسلمة بن قعنب ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[حدثنا أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن حديث حدثه عن علي ].
عن هشام بن عروة عن أبيه عن حديث حدثه عن علي ، أبوه عروة حدثه عن علي .
[قال أبو داود : ورواه المفضل بن فضالة وجماعة والثوري وابن عيينة عن هشام عن أبيه عن علي بن أبي طالب ].
وهذا فيه أن الحديث من مسند علي ، يعني: أن عروة يرويه عن علي رضي الله تعالى عنه.
والثوري مر ذكره، وابن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ورواه ابن إسحاق ]
هو محمد بن إسحاق صاحب السيرة، صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن هشام بن عروة عن أبيه عن المقداد ].
وقد مرّ ذكرهم.
[عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر (أنثييه_.
ووجه غسل الأنثيين وإن لم يصبهما المذي؛ لأن الأنثيين لهما دخل في إفراز المني والمذي، فغسلهما مع الذكر فيه تعويض لهما عما حصل من الكسل بسبب ذلك الانتشار والانقباض الذي بعده، وأيضاً: لما قد يكون علق بهما من النجاسة التي هي من المذي.
أورد أبو داود حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه، وقصته مثل قصة علي ، فقد كان يلقى من المذي شدة، وكان يكثر من الاغتسال مثل ما كان يفعل علي ، ولعلهما كانا يظنان أن هذا يوجب الغسل؛ لأنه متعلق بالشهوة، ومتعلق بخروج شيء، قال: (فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء) يعني: يكفيك أن تتوضأ، ولا يحتاج الأمر إلى أن تغتسل، قال: (قلت: يا رسول الله! فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك بأن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه) يعني: تأخذ ماء في كفك، وترش به على المكان الذي ترى أن المذي قد أصابه، ويكفيك ذلك.
هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[حدثنا إسماعيل يعني ابن إبراهيم ].
هو ابن علية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا محمد بن إسحاق حدثني سعيد بن عبيد بن السباق ].
محمد بن إسحاق مر ذكره، وسعيد بن عبيد بن السباق ثقة أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[عن أبيه ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن حنيف ].
سهل بن حنيف هو صحابي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو ممن بايع تحت الشجرة، وهو ممن تأثر وتألم كثيراً بسبب إبرام الصلح مع قريش، وكان مع علي في صفين، ولما طلب أهل الشام التحكيم كان بعض أصحاب علي يرون المواصلة والاستمرار في القتال، وكان سهل رضي الله عنه يرى أن توقف الحرب، وأن يكف الناس عن القتال، وكان يقول للذين يرون المواصلة: يا أيها الناس! اتهموا الرأي. يعني: اتهموا هذا الرأي الذي ترونه من مواصلة الحرب، ثم ذكر قصة صلح الحديبية وما حصل من كونهم رأوا رأياً وظنوا أنه الحق، ثم تبين لهم أن الحق على خلافه.
ثم أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، والمقصود بقوله: (الماء يكون بعد الماء) أي: المذي؛ لأن المذي يأتي شيئاً فشيئاً، ويأخذ له وقت، وقد يغسله الإنسان في أول الأمر ويخرج منه شيء بعد ذلك، بخلاف المني فإنه يخرج بشهوة وبدفق وينقطع بعد وقت وجيز، وأما المذي فإنه يستمر في الخروج ويتكرر، وقد يبادر الإنسان إلى غسله ثم يخرج منه بعد غسله، فالمذي هو الماء بعد الماء، يعني المذي بعد المذي، لكونه يمذي ثم يغسله ثم يأتي المذي مرة أخرى، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين أن الحكم فيه أنه يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ وضوءه للصلاة.
والحديث فيه اختصار؛ لأنه لم يذكر ما يوجب الغسل، ولكنه ذكر الذي لا يوجب الغسل وهو المذي.
هو إبراهيم بن موسى الرازي، ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبد الله بن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معاوية يعني: ابن صالح ].
معاوية بن صالح صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.
[عن العلاء بن الحارث ].
وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[عن حرام بن حكيم ].
حرام بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن.
[عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري ].
وهو صحابي رضي الله عنه، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
حديث عبد الله بن سعد فيه: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل له من امرأته فقال: (لك ما فوق الإزار) يعني: أنك تستمتع بها بما فوق الإزار، وذكره في باب المذي؛ لأن الاستمتاع والمباشرة بدون جماع سبب لحصول المذي، هذا هو السبب في إيراد الحديث.
والحديث مشتمل على عدة أمور، منها ما تقدم، ومنها ما يتعلق باستمتاع الرجل بأهله في حال الحيض، والحائض يستمتع بها زوجها في غير الفرج، فالفرج لا يجوز إتيانه في حال الحيض، وما عدا ذلك فيمكن الاستمتاع به.
قوله: [وذكر مؤاكلة الحائض أيضاً].
يعني: أنها تؤاكل، ولا يبتعد عنها زوجها أو يطلب منها أن تبتعد عن الناس في حال حيضها، بل تؤاكل وتضاجع ولكن لا يجامعها زوجها في حال الحيض في فرجها، ويجوز الاستمتاع بها في غير الفرج، وكذا مؤاكلتها ومضاجعتها وكل شيء إلا الجماع.
وهذا فيه وسطية دين الإسلام بين ما عند اليهود وما عند النصارى، فإن اليهود عندهم التشدد في عدم مؤاكلتها ومضاجعتها، والنصارى عندهم العكس، وهو وطؤها في حال الحيض، فهؤلاء متشددون، وهؤلاء مفرّطون، والإسلام وسط بين هذا وهذا، ليس فيه الابتعاد كما يحصل من تشدد اليهود، وليس فيه التفريط كما يحصل من فعل النصارى، فهي تؤاكل وتضاجع، ولكن لا تجامَع، والحق وسط بين الطرفين المتناقضين.
وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .
[حدثنا مروان يعني: ابن محمد ].
وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا الهيثم بن حميد].
وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[حدثنا العلاء بن الحارث عن حرام بن حكيم عن عمه ].
وقد مرّ ذكر الثلاثة.
قال أبو داود : وليس هو -يعني: الحديث- بالقوي ].
هذا الحديث مثل الحديث المتقدم عن عبد الله بن سعد عندما سأل عما يحل له، فقال: (ما فوق الإزار)، وهنا الجواب مثله إلا أنه قال: (والتعفف أفضل).
وهذه الجملة الأخيرة فيها شيء من جهة أن الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثبوت ما فوق الإزار، وأنه كان عليه الصلاة والسلام يستمتع بأهله في حال الحيض، وذلك فيما فوق الإزار، وذكر التعفف يخالف ما جاء من فعله وإرشاده صلى الله عليه وسلم، فهذه اللفظة غير مستقيمة، ولهذا فإن أبا داود رحمه الله قال عن هذا الحديث: ليس بالقوي.
وقيل: إن السبب في ذلك أن عبد الرحمن بن عائذ لم يسمع من معاذ ، وقيل أيضاً: إن بقية بن الوليد الذي في الإسناد كثير التدليس على الضعفاء، وقد روى الحديث بالعنعنة.
ومناسبة الحديث في باب المذي من جهة أن المباشرة يحصل بها خروج المذي.
هشام بن عبد الملك اليزني صدوق ربما وهم، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[حدثنا بقية بن الوليد ].
بقية بن الوليد صدوق كثير التدليس على الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن سعد الأغطش ].
هو سعد بن عبد الله الأغطش، وهو لين الحديث، وحديثه أخرجه أبو داود وحده.
[عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي ].
عبد الرحمن بن عائذ الأزدي ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن.
قال هشام وهو ابن قرط أمير حمص].
وهذا زيادة تعريف له.
[عن معاذ بن جبل ].
معاذ بن جبل رضي الله عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه علل:
فيه الأغطش وهو لين الحديث، وفيه بقية ، وفيه عبد الرحمن بن عائذ، فهو لم يسمع من معاذ ، لكن قوله: (ما فوق الإزار) هذا ثابت من طرق متعددة، ومن أحاديث مختلفة، ومنها الحديث المتقدم، وهو حديث عبد الله بن سعد ، وأيضاً ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر إحدى زوجاته وهي حائض فتأتزر ثم يباشرها.
وكل شيء يحل للرجل من زوجته الحائض إلا الفرج، فإذا وضع شيء يمنع الوصول إلى الفرج فكل شيء منها يمكن الاستمتاع به ولو كان تحت الإزار، لكن الإنسان الذي يخشى على نفسه أن يقع في المحظور يبتعد.
الجواب: تحصيل العلم في هذا الزمان صار متيسراً بحيث أن المرأة وغير المرأة يستطيعان طلبه في أماكنهما، عن طريق الأشرطة، وعن طريق إذاعة القرآن الكريم، وعن طريق الكتب النافعة، فمن يريد أن يحصل العلم فهو يحصله بدون سفر.
الجواب: إذا كان لا يخشى عليها ضرر من سكناها في مكان بعيد فلا بأس بذلك، لكن إذا كان أسرتها موجودين وإياها في بلد واحد فينبغي لها أن تكون معهم، وإذا كان عندها أولاد وسكنها معهم فيه مشقة عليهم، وعندها مكان هي وأولادها، فلا بأس من بقائها وحدها.
الجواب: المحرم الذي معهما هو لتلك المرأة، وأما هي فليس لها محرم، والمرأة ليست محرماً للمرأة، بل محرمها هو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، هذا هو محرم المرأة، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، والمرأة ليس لها أن تسافر مع امرأة ذات محرم؛ لأن محرم المرأة ليس محرماً للمرأة الأخرى، وإنما يجوز لها أن تسافر مع وجود محرم لها هي.
الجواب: إذا كان محدداً عند الطلاق فوجوده مثل عدمه، وماذا تستفيد منه؟! والناس قد يتخذون مثل هذا من أجل الربط، وهذا غير مستقيم.
لكن كونه يكون مؤجلاً وليس محدداً، بل على حسب التيسر فلا بأس، وليس بلازم أن يقول: إنه يحل في الوقت الفلاني، وإنما يكون مؤجلاً متى ما تيسر له.
الجواب: الفراش إذا كان متنجساً فلا يصلي عليه أحد إلا إذا غسل، حتى ولو كان جافاً؛ لأن من شروط صحة الصلاة: الطهارة في البدن والثوب والبقعة.
فإذا كانت الأرض نجسة -ولو كانت جافة- لا يصلي عليها، وإنما تغسل الأرض حتى تطهر، ثم يصلى عليها بعد ذلك.
أما أن يعلم أن هذا المكان متنجس ثم يأتي ويصلي فوقه إذا كان جافاً، فليس له أن يصلي عليه.
والذي سبق أن مر معنا هو أن يمشي ويطأ على مكان متنجس ورجله جافة، والأرض يابسة، وما علق بالرجل شيء؛ فلا يلزم غسلها، وأما كونه يصلي فوق المكان المتنجس إذا كان جافاً فلا يجوز هذا.
الجواب: لا يجوز ذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له).
الجواب: العقل في القلب قال الله: لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا [الحج:46]، فأضاف العقل إلى القلوب، لكن لا شك أن له اتصالاً بالدماغ، بحيث إنه عندما يحصل خلل في الدماغ يتأثر العقل، والله تعالى أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر