ذكر أبو داود رحمه الله في هذا الباب أحاديث فيها مشروعية التيمم، ثم ذكر بعض الأحاديث التي فيها بيان كيفيته، ففي بعضها أنه إلى الآباط، وفي بعضها أنه إلى المرافق، وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أصح شيء ورد في كيفية التيمم أنه للوجه والكفين، والأحاديث التي فيها ذكر المرفقين وذكر نصف الساعد فيها مقال، والأحاديث التي فيها ذكر الآباط وذكر المناكب إن كانت بأمره صلى الله عليه وسلم، فما جاء بعد ذلك يكون ناسخاً لها، وإن كانت من فعل الصحابة فتكون من اجتهادهم، والعبرة بما جاءت به النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فيما يرويه عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه في بيان صفة التيمم أنه يكون للوجه والكفين، وهذه الكيفية هي التي وردت في الصحيحين، ولم يرد في الصحيحين سواها أما ذكر الآباط والمناكب والمرافق ونصف الساعد، فكل هذه جاءت في غير الصحيحين.
فذكر شقيق بن سلمة أبو وائل الكوفي أنه كان جالساً بين أبي موسى وعبد الله بن مسعود ، وكان من رأي أبي موسى أن الإنسان يتيمم للجنابة إذا لم يجد الماء لرفع الحدث الأكبر، وكان من رأي أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لا يتيمم إلا من الحدث الأصغر، فجعل أبو موسى وعبد الله بن مسعود يبحثان ويسأل بعضهما بعضاً فيما يتعلق بحكم الجنب، وهل يتيمم أو لا يتيمم فقال أبو موسى : أرأيت لو أن إنساناً أجنب ولم يجد الماء شهراً هل له أن يتيمم؟ فقال عبد الله بن مسعود : لا، وإن لم يجد الماء شهراً، قال: فما تصنعون بهذه الآية الكريمة وهي آية التيمم: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ منه [المائدة:6]. قال: لو رخص لهم في التيمم لرفع الجنابة بدل الاغتسال لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا، فقال: وهل كرهتم التيمم للجنابة مخافة أن يتهاونوا في الاغتسال، وأنه إذا برد عليهم الماء صاروا إلى التيمم؟ قال: نعم.
فانتقل من الاحتجاج بالآية إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا ترى أن عماراً قال لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه: أتذكر كنت أنا وأنت في رعاية الإبل فأجنبنا، فأما أنت فلم تصل -يعني: أنه لم يتيمم ولم يصل؛ على اعتبار ما ذهب إليه من أنه لا صلاة إلا بوضوء، ولا صلاة إلا برفع الحدث-، وأما أنا فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة، أي: أنه اجتهد فقاس التيمم لرفع الحدث الأكبر على التيمم لرفع الحدث الأصغر، لكن الحدث الأكبر لما كان لابد فيه من استيعاب البدن في الغسل استوعبه بالتمرغ في التراب؛ حتى يعم سائر جسده بالغبار والتراب، وهذا فيه مشروعية الأخذ بالقياس؛ لأن عماراً رضي الله عنه قاس التيمم على الاغتسال من الجنابة، والاغتسال من الجنابة فيه استيعاب البدن في الغسل، فاستوعب البدن بالتيمم أخذاً بالقياس، وهذا اجتهاد منه، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا: فضرب بيده الأرض، ثم نفضهما ومسح إحداهما بالأخرى، ثم مسح وجهه).
فلما ذكر أبو موسى لـعبد الله بن مسعود السنة التي جاءت عن عمار قال عبد الله : ألم تر أن عمر لم يقنع بقول عمار ؟ وعمر رضي الله عنه لم يقنع بقول عمار ليس شكاً فيه، فقد أضاف الخبر إليهما، وأنه كان هو وإياه فأجنبا جميعاً، وأن عمر رضي الله عنه لم يصل؛ لأنه لم يجد الماء، وأما عمار فتمرغ كما تتمرغ الدابة، ثم رجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره، فهو يحكي شيئاً جرى لهما جميعاً، لكن عمر لم يتذكر هذا الذي جرى لهما جميعاً، وفي بعض الروايات أنه قال له: نوليك ما توليت، يعني: نكلك إلى علمك وإلى ما عندك، ولك أن تعمل وتفتي بهذا، وإن كان عمر رضي الله عنه لا يذكر هذا الذي حصل منه، فمن أجل ذلك توقف، وهذا هو معنى قوله: لم يقنع بقول عمار ؛ لأنه لم يذكر شيئاً يتعلق به هو، بل كان أمراً مشتركاً بينهما.
وعند هذا انتهت المحاورة بين أبي موسى وبين عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما.
والحديث دال على رفع الحدث الأكبر بالتيمم كما يُرفع الحدث الأصغر بالتيمم، ولا فرق بينهما، ومن المعلوم أن كلاً منهما يخالف الطهارة بالماء؛ لأن الطهارة بالماء في الوضوء تكون بغسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين، وجاءت السنة في بيان كيفية التيمم بأنه للوجه والكفين فقط، وكذلك جاءت السنة في رفع الحدث الأكبر بالتيمم بأنه للوجه والكفين فقط، وعلى هذا فيكون رفع الحدث الأكبر والأصغر في التيمم على هيئة واحدة.
ويؤخذ من هذه المحاورة التي جرت بين هذين الصحابيين الجليلين حسن الأدب في المناقشة والمناظرة، وأن كل واحد من المتناظرين يتكلم مع صاحبه بكلام لطيف حسن بلا إحَن ولا اختلاف في القلوب، وإنما يكون الاختلاف في وجهات النظر، فأحدهما استدل بالآية والآخر حملها على محمل آخر، ثم هذا استدل بالسنة وهذا بيّن أن عمر رضي الله عنه لم يقنع بقول عمار ؛ لأن عمر رضي الله عنه شاركه في الأمر الذي ذكره عمار .
قوله: (وضرب بكفيه الأرض ونفضهما) أي: حتى يخفف ما فيهما من الغبار إذا كان كثيراً، وهذا فيه أن الغبار إذا كان كثيراً يخفف إما بالنفض أو بالنفخ، وكل من النفض والنفخ جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا أبو معاوية الضرير ].
أبو معاوية الضرير هو محمد بن خازم الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شقيق ].
هو شقيق بن سلمة ، وهو أبو وائل الكوفي مشهور بكنيته، ويأتي ذكره كثيراً بالكنية، ويأتي ذكره كثيراً باسمه، وهو ثقة مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى ].
أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمار ].
عمار بن ياسر صحابي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ (فضرب بيده على الأرض فنفضها، ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على الكفين) ].
يعني: أنه ضرب بهما، ثم مسح الكفين بكل كف على الأخرى، ثم مسح وجهه.
وقوله في سياق الحديث: (فكيف تصنعون بهذه الآية التي في سورة المائدة)؟
يعني: كيف تجيبون عنها وهي تشمل هذا وهذا؟
فأجابه: أنه يخشى إذا برد على أحدهم الماء أن يتيمم، وهذا صحيح إذا كان يخشى من استعماله مضرة أو مشقة ولم يمكن التسخين، وكان الماء بارداً برودة لا تطاق.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عمار رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: أن رجلاً جاء إلى عمر رضي الله عنه فاستفتاه وقال له: إنا نكون في المكان الشهر والشهرين -يعني: لا نجد الماء- أنتيمم؟ قال: أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء، يعني: بالنسبة للغسل من الجنابة، فقال له عمار : أما تذكر إذ كنت أنا وأنت نرعى الإبل فأصابتنا جنابة، يعني: كل واحد منا أصابته جنابة، فأما أنا فتمعكت -يعني: تمرغت- في الصعيد كما تمرغ الدابة، قال: (فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول هكذا: وضرب بيديه إلى الأرض ثم نفخهما).
قوله: (إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا) تقول هنا بمعنى تفعل، وهذا من إطلاق القول والمراد به الفعل، وقوله: (ثم نفخهما) أي: حتى يخفف ما فيهما من الغبار، وفي هذا ذكر النفخ، وفي الرواية السابقة ذكر النفض، والنفض غير النفخ، فيكون حصل النفخ وحصل النفض.
قوله: (ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع) هذه الزيادة: (نصف الذراع) مخالف للروايات الأخرى الثابتة عن عمار والتي فيها أنه مسح الكفين فقط، وليس فيها ذكر الذراع ولا بعض الذراع، فعلى هذا تكون هذه الرواية شاذة؛ لأن فيها مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.
قوله: فقال عمر : يا عمار ! اتق الله، يعني: فيما تقول؛ لأنه ذكر قصة أضافها إليه هو، وهو لا يتذكر هذا الشيء، فخشي أن يكون واهماً؛ لأنه رضي الله عنه لم يتذكر هذا الذي قاله، لذا قال له: اتق الله، أي: فيما تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمار : إن شئت لا أحدث به، أي: إن كنت ترى أن المصلحة ألا أحدث به فلن أحدث به؛ لأنه قد حصل مني إبلاغ السنة التي علمتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك أكون قد أديت ما علي، وإن كنت ترى المصلحة أن أمسك عن ذلك أمسكت، فقال: كلا -يعني: لا أقول لك: أمسك- ولكن نولك من ذلك ما توليت، أي: نكلك إلى ما عندك من العلم، فأنت المسئول عن هذا، وأنت الذي تتحمل تبعة هذا إن كنت غير متحقق، وقد عمر رضي الله عنه شك بسبب أنه أضاف الأمر إلى أمر يخصه معه، ومع ذلك لم يذكره عمر ، فخشي أن يكون حصل له شيء من الوهم.
محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وقد روى محمد بن كثير عن سفيان ، مع أن سفيان متقدم في الوفاة، فقد كانت وفاته سنة إحدى وستين ومائة، ومحمد بن كثير عمر، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن كهيل ].
سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي مالك ].
هو غزوان الغفاري ، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عبد الرحمن بن أبزى ].
عبد الرحمن بن أبزى صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وعبد الرحمن بن أبزى هو الذي جاءت الإشارة إليه في حديث عمر في صحيح مسلم ، وذلك أن عمر كان له أمير على مكة، فلقيه ذلك الأمير فسأله عمر وقال: من وليت على أهل مكة؟ يعني: من أَنَبْتَ عنك في حال غيبتك؟ فقال: وليت عليهم ابن أبزى ، قال: ومن ابن أبزى ؟ قال: مولى من الموالي، قال: وليت عليهم مولى؟! قال: يا أمير المؤمنين! إنه عالم بكتاب الله، عارف بالفرائض، فعند ذلك قال عمر رضي الله عنه: صدق محمد صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين).
فمن مسوغات الاختيار العلم بالكتاب والسنة، وقوله: (الفرائض) يعني: الأحكام، وليس المقصود بالفرائض علم المواريث، وإن كان يطلق على علم المواريث فرائض، لكن الفرائض على سبيل العموم تطلق على الأحكام.
[ عن عمار ].
عمار رضي الله عنه مر ذكره.
أورد المصنف رحمه الله حديث عمار من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه ذكر ما في الرواية السابقة إلى نصف الساعد، وقد عرفنا أن هذا مخالف للروايات الأخرى المحفوظة عن عمار في تلك القصة، وهو أنه مسح الوجه والكفين فقط، فتكون هذه الرواية شاذة، ورواية مسح الوجه والكفين هي المحفوظة.
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، فكنيته أبو كريب وجده كريب ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حفص ].
حفص بن غياث ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأعمش عن سلمة بن كهيل عن ابن أبزى ].
الأعمش وسلمة بن كهيل مر ذكرهما، وكذلك ابن أبزى وهو عبد الرحمن بن أبزى .
[ عن عمار بن ياسر ].
عمار بن ياسر مر ذكره أيضاً.
يعني أن جرير بن عبد الحميد الضبي رواه عن الأعمش عن سلمة بن كهيل ، وجعل بينه وبين عبد الرحمن بن أبزى واسطة وهو ابنه سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، ومعناه أنه رواه عنه بواسطة، وجرير بن عبد الحميد هو الضبي الكوفي ثم الرازي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله من جهة أنه قال: (يكفيك أن تقول هكذا ومسح وجهه وكفيه)، وشك سلمة فقال: لا أدري قال: إلى المرفقين أو إلى الكفين، والمحفوظ هو إلى الكفين.
هو محمد بن بشار البصري الملقب بندار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
محمد بن جعفر هو الملقب غندر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
سلمة مر ذكره، وذر بن عبد الله ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار ].
هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى وقد مر ذكره، كما مر ذكر أبيه وعمار .
قال شعبة : كان سلمة يقول: الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور ذات يوم: انظر ما تقول، فإنه لا يذكر الذراعين غيرك ].
أورد المصنف رحمه الله الحديث من طريق أخرى، وفيه ذكر الذراعين والمرفقين، وهذه الراوية غير محفوظة كما عرفنا، والمحفوظ عن عمار والذي جاء عن الكثير من الثقات هو مسح الوجه والكفين، وأما ذكر المرفقين ونصف الساعد فغير محفوظ.
علي بن سهل الرملي صدوق أخرج له أبو داود والنسائي في (عمل اليوم والليلة).
هو حجاج بن محمد المصيصي الملقب الأعور ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي يأتي ذكره كثيراً مهملاً باسمه عن ابن جريج ، ويقال فيه أحياناً: حجاج بن محمد ، ويذكر أحياناً بلقبه الأعور ، وهنا قال: يعني: الأعور .
[ حدثني شعبة بإسناده ].
يعني: بإسناده الذي تقدم.
[ قال شعبة : كان سلمة يقول: الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور ذات يوم: انظر ما تقول، فإنه لا يذكر الذراعين غيرك ].
منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ومعنى قوله: انظر ماذا تقول، يعني: تحقق أو تثبت فإنه لا يذكر الذراعين غيرك، أي: فإنك أتيت بشيء انفردت به.
نرى هنا أن سلمة يروي عن عبد الرحمن بن أبزى في بعض الطرق مباشرة، وفي بعض الطرق يروي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، وفي الإسناد الأخير يروي سلمة عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه، وهذا لا يعتبر انقطاعاً ولا اضطراباً، فقد تبينت الواسطة، فقد يرويه الراوي نازلاً ثم يرويه عالياً، ومثله حديث: (الدين النصيحة) الذي في صحيح مسلم ، وفيه أن شخصاً جاء إلى سهيل وقال: إن فلاناً حدثني عنك عن أبيك عن فلان كذا، وأريد أن تحذف عني الواسطة، فقال: سأحدثك عن الذي حدث أبي، فحذف عنه واسطتين: حذف أباه، والراوي عنه.
أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وفيه الاقتصار على الوجه والكفين، وهذا هو المحفوظ.
وقوله: وساق الحديث، يعني: ذكر باقيه.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
مر ذكره.
[ حدثني الحكم ].
هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار ].
وهذا مثل الإسناد السابق، وفيه واسطتان: ذر وابن أبزى عن أبيه عبد الرحمن، لكن الراوي مختلف، فهنا الحكم وهناك سلمة .
حصين بن عبد الرحمن ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبو مالك هو غزوان الغفاري، وقد مر ذكره.
قوله: [ سمعت عماراً يخطب بمثله ] يعني: بمثل اللفظ المتقدم إلا أنه قال: لم ينفخ، وهذا يعني: أنه قد جاء في بعض الروايات ذكر النفخ، وجاء في بعضها عدم النفخ.
قوله: [ وذكر حسين بن محمد عن شعبة عن الحكم في هذا الحديث قال: (ضرب بكفيه إلى الأرض ونفخ) ].
هذه الرواية تتفق مع الروايات الأخرى التي فيها ذكر النفخ، والنفخ هنا للتخفيف، ويشرع إذا كان الغبار كثيراً بحيث فإذا وضع الإنسان يديه على وجهه فإنه يغبره، فيشرع له حينئذ أن يخفف ذلك بالنفض أو بالنفخ.
وحسين بن محمد هو الجعفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ثم أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وفيه ذكر الكيفية المحفوظة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الاقتصار على مسح الوجه والكفين في التيمم دون زيادة على ذلك.
محمد بن المنهال ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد ].
سعيد بن أبي عروبة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عزرة ].
هو عزرة بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار ].
قد مر ذكر الثلاثة.
أورد أبو داود حديث عمار من طريق أخرى وفيه: أن المسح إلى المرفقين، وهذا الإسناد فيه رجل مبهم، فـقتادة قال: حدثني محدث، وفيه أيضاً مخالفة الضعيف للثقة، فيكون الحديث منكراً، فالشاذ: هو مخالفة الثقة للأوثق، والمنكر هو مخالفة الضعيف للثقة، فذكر المرفقين في حديث هذا الرجل المجهول يجعل الحديث منكراً.
موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ قال: سئل قتادة عن التيمم في السفر ].
قتادة مر ذكره.
[ فقال حدثني محدث عن الشعبي ].
المحدث هذا مجهول، والشعبي هو عامر بن شراحيل الشعبي ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمار ].
مر ذكرهما.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر