حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو -وهو ابن الحسن بن علي بن أبي طالب - قال: (سألنا
قوله: [ باب: في وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصليها ] هذه الترجمة تتعلق بالأوقات، والمصنف رحمه الله على طريقته في ذكر التراجم المختلفة واختيارها وإيراد الأحاديث تحتها أتى بهذه الترجمة، وهي تتعلق بالأوقات، وكان يمكن أن تدخل تحت ما تقدم في أوقات الصلاة؛ لأن الأحاديث مشتملة على أوقات الصلاة، ولكن لأنه جاء فيها ذكر وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالترجمة من أجل ذلك، وإلا فإنها مثل الترجمة السابقة المتعلقة بمواقيت الصلاة.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أنه سأله محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال(كان يصلي الظهر بالهاجرة) يعني: في وسط النهار عندما تزول الشمس.
قوله: (والعصر والشمس حية) يعني: بيضاء نقية من شدة وهجها وصفاء لونها.
قوله: (والمغرب إذا غربت الشمس).
يعني: إذا غربت الشمس وغاب قرصها فإنه يصليها، وهذا أول وقتها.
قوله: (والعشاء إذا كثر الناس عجل).
يعني: إذا كثر الناس بعد دخول وقتها -هو مغيب الشفق- عجل.
قوله: (وإذا قلوا أخر) يعني: لانتظارهم، وذلك لأن وقتها موسع، وتأخيرها ورد ما يدل على فضله، فكان إذا كثروا عجل حتى لا يشق عليهم، وإذا قلوا فإنه يؤخرها قليلاً.
قوله: (والصبح بغلس).
يعني: في الظلام بعد طلوع الفجر في أول وقتها.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن إبراهيم ].
عن سعد بن إبراهيم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمرو ].
هو محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ قال: سألنا جابراً ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه في بيان وقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس) ].
يعني: عندما يوجد الزوال في أول وقتها.
قوله: (ويصلي العصر وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس حية).
يعني: أنه يصليها في أول وقتها ويذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس حية. يعني أنه ما زال وقت العصر موجوداً.
قوله: (قال: ونسيت المغرب).
يعني أنه نسي الوقت الذي كان يصليها فيه، والذي نسب إليه النسيان هو أحد الرواة، وهو أبو المنهال سيار بن سلامة كما جاء في بعض الروايات.
قوله: (قال: وكان لا يبالي تأخير العشاء إلى ثلث الليل).
يعني أنه كان يستحب تأخيرها، ولكن خشية أن يشق على الناس كان إذا رآهم كثروا عجل.
قوله: (قال: ثم قال: إلى شطر الليل).
يعني: إلى نصف الليل، وشطر الليل الذي هو نصفه هو حد الوقت الاختياري لصلاة العشاء، ونصف الليل يكون تقديره بمعرفة وقت الغروب ووقت طلوع الفجر، ومجموع ما بين هذين الوقتين نصفه هو منتصف الليل.
قوله: (قال: وكان يكره النوم قبلها).
يعني: قبل صلاة العشاء، وذلك لأن النوم قبلها يؤدي إلى تفويت صلاة العشاء، إما تفويتها بأن يخرج وقتها الاختياري، أو تفويت صلاة الجماعة.
قوله: (والحديث بعدها) يعني السمر والحديث بعدها إذا كان لغير فائدة ولغير مصلحة، كعلم أو أمر فيه مصلحة تعود على الناس بالخير، فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا بأس، لكن المهم هو أن لا يكون ذلك سبباً في التأخر عن صلاة الفجر، وذلك بأن ينام ثم لا يقوم لصلاة الفجر، فإذا كان الأمر كذلك فإن الحديث بعدها ولو كان في أمر مستحب لا يسوغ؛ لأن الاشتغال بما هو نافلة إذا كان سيفوت فريضة لا يجوز.
وقد قال بعض أهل العلم: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور.
بمعنى أن الإنسان بعد صلاة العشاء لو كان في أمر مستحب من علم أو مصلحة عامة وكان ذلك يؤدي إلى فوات الفجر فإن ذلك لا يجوز، بل على الإنسان أن ينام مبكراً حتى يستيقظ مبكراً ويؤدي صلاة الفجر في وقتها مع جماعة المسلمين.
قوله: (وكان يصلي الصبح وما يعرف أحدنا جليسه الذي كان يعرفه).
يعني أنه يدخل في الصلاة مبكراً ويخرج منها وقد حصل الإسفار، بحيث يحصل معرفة الإنسان جليسه الذي كان يعرفه.
قوله: (وكان يقرأ فيها من الستين إلى المائة).
يعني: كان يقرأ فيها من ستين آية إلى مائة آية.
هو حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا شعبة عن أبي المنهال ].
شعبة قد مر ذكره، وأبو المنهال هو سيار بن سلامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي برزة ].
هو أبو برزة الأسلمي، وهو نضلة بن عبيد الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا من الأسانيد الرباعية، فبين أبي داود ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أربعة أشخاص، وهم: حفص بن عمر ، وشعبة ، وأبو المنهال ، وأبو برزة الأسلمي .
حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا عباد بن عباد حدثنا محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارث الأنصاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كنت أصلي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدة الحر) ].
قوله: [ باب: في وقت صلاة الظهر ].
لما ذكر فيما مضى جملة من الأحاديث التي فيها ذكر الصلوات الخمس وبيان مواقيتها ابتداء وانتهاء، ثم ذكر وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر جملة من الأحاديث بدأ بذكر الأبواب لكل صلاة من الصلوات الخمس، فبدأ بالظهر، وختم بالفجر، وبدأ بالظهر لأن جبريل حين أم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس بدأ بالظهر وختم بالفجر، وذلك بعد أن عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس، فنزل جبريل في وقتها وبدأ بها، حيث صلى في اليوم الأول في أول الوقت وفي اليوم الثاني صلى في آخر الوقت بدءاً بالظهر وختماً بالفجر، فهذا هو السبب الذي جعل العلماء عندما يذكرون الصلوات يبدءون بالظهر فيقدمونها على غيرها، ولا يبدءون بالفجر مع أن الفجر هي أول صلوات النهار، ولا يبدءون بالمغرب مع أنها أول صلوات الليل، وإنما يبدءون بالظهر لأنها هي أول ما صلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم من الصلوات.
ثم بعد ذلك أورد بعض الأحاديث في وقت صلاة الظهر، فأورد حديث جابر رضي الله تعالى عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانت الأرض شديدة الحرارة، وكان يشق عليهم السجود على الأرض، فكان يأخذ قبضة من الحصباء ويقبض عليها بيده حتى تبرد وتذهب حرارتها ثم يلقيها في موضع سجوده، وذلك لتخف عليه الحرارة؛ لأنه إذا سجد والحرارة شديدة يشغله ذلك عن الصلاة وعن الخشوع في الصلاة، فكان يفعل ذلك، وقد جاء في بعض الأحاديث أنهم كانوا يسجدون على أطراف ثيابهم يتقون حرارة الشمس.
هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ ومسدد ].
هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عباد بن عباد ].
هو عباد بن عباد المهلبي، ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن عمرو ].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن الحارث الأنصاري ].
سعيد بن الحارث الأنصاري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ].
جابر بن عبد الله قد مر ذكره.
قوله: (كانت قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام).
يعني: كان يصلي الظهر عليه الصلاة والسلام في الصيف من ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء من خمسة إلى سبعة؛ لأن الظل يطول في الشتاء ويقصر في الصيف.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا عبيدة بن حميد ].
عبيدة بن حميد صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق ].
أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن كثير بن مدرك ].
كثير بن مدرك وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن الأسود ].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه، وهو يتعلق بالإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر، وذلك بأن تؤخر ولا تصلى في أول الوقت، وعلى هذا فإن الظهر تصلى في أول وقتها إلا إذا اشتد الحر فإنه يبرد بها، وكذلك العشاء تصلى في أول وقتها إلا أنه إذا أمكن أن تؤخر ولم يكن هناك مشقة فلا بأس، وبقية الصلوات تصلى في أول وقتها، فالفجر في أول وقتها، والعصر في أول وقتها، والمغرب في أول وقتها، والتأخير إنما جاء للعشاء وللظهر.
وحديث أبي ذر رضي الله عنه جاء في أن المؤذن أراد أن يؤذن كالعادة في أول الوقت، فقال له صلى الله عليه وسلم: [ (أبرد) ] يعني: أخر الأذان حتى يحصل الإبراد وتخف الحرارة.
قوله: (حتى رأينا فيء التلول)
التلول هي الرمال المنبطحة التي ليست قائمة كالجدار، ومن المعلوم أن ظلها إذا وجد فمعناه أنه مضى شيء من الوقت؛ لأن الذي يأتي ظله بسرعة هو القائم كالجدار، وأما التلول -وهي الكثير من الرمل وشبهه- فإنه لا يأتي ظلها إلا بعد وقت طويل.
قوله: (إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة) يعني أنها تؤخر عن أول وقتها الذي فيه شدة الحرارة وكون الشمس على الرءوس حتى تميل بعد ذلك، والإبراد بها حتى تخف الحرارة عن الناس أمر مطلوب.
قوله: (إن شدة الحر من فيح جهنم) فسر هذا القول بتفسيرين: أحدهما: أن ذلك حقيقة، وأن هذا الذي يوجد من شدة الحر إنما هو من جهنم، وما يوجد من شدة البرودة في الشتاء إنما هو من زمهرير جهنم.
وقيل: إن المقصود من ذلك التشبيه، أي أن ذلك يشبه فيح جهنم، وهو ما يظهر وينتشر، فإن ذلك فيه حرارة كما أن ذاك فيه حرارة، لكن -كما هو معلوم- قد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نار جهنم أعظم من نار الدنيا بسبعين مرة، بمعنى أن النار التي عند الناس في هذه الحياة الدنيا جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم في الحرارة، أي أن حرارتها في غاية الشدة وفي أعلى ما يكون من الشدة، وإذا كانت هذه النار التي في الدنيا يشاهدها الناس جزءاً من سبعين جزءاً من نار جهنم فكيف تكون نار الآخرة مع أنها تعدل سبعين ضعفاً بنار الدنيا؟!
هو هشام بن عبد الملك، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة مر ذكره.
[ أخبرني أبو الحسن -قال أبو داود : أبو الحسن هو مهاجر- ].
أبو الحسن مهاجر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ سمعت زيد بن وهب ].
زيد بن وهب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت أبا ذر ].
هو أبو ذر الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه جندب بن جنادة ، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة، وهو مثل حديث أبي ذر المتقدم، وذكره عن شيخين: أحدهما يزيد بن خالد بن موهب، والثاني قتيبة بن سعيد، وأحدهما قال: (فأبردوا عن الصلاة) وهو قتيبة ، والثاني قال: (فأبردوا بالصلاة) وهو ابن موهب .
قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الهمداني ].
يزيد بن خالد بن موهب الهمداني ، أبو داود رحمه الله أحياناً يذكره ويقلل نسبه، وأحياناً يطوله، كما سبق أن مر في بعض الأحاديث أنه قال: (حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن يزيد بن موهب الهمداني) وهنا قال: [حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني] وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ وقتيبة بن سعيد ].
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن الليث حدثهما ].
هو الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهو من الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة.
[ وأبي سلمة ]
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وعلى هذا فالإسناد فيه واحد من الفقهاء السبعة باتفاق، وواحد من الفقهاء السبعة على قول في السابع منهم، وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف .
[عن أبي هريرة ]
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
أورد المصنف رحمه الله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه [(أن بلالاً كان يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس) ] يعني: إذا زالت الشمس.. فالمقصود بالدحوض هنا الزوال، يعني أنه كان يؤذن في أول وقتها.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سماك بن حرب ].
سماك بن حرب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن جابر بن سمرة ].
جابر بن سمرة رضي الله عنه حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والإسناد رباعي، حيث يروي فيه موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه أخبره: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية، ويذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة) ].
أورد أبو داود رحمه الله [ باب: في وقت صلاة العصر ] وفيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية، ويذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة)] يعني أنه كان في العصر يذهب الذاهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس مرتفعة.
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والباقون مر ذكرهم.
ذكر في الحديث السابق العوالي، وأن الرجل عندما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر قد يذهب بعدها إلى العوالي والشمس مرتفعة، فأراد الزهري أن يبين مقدار مسافة العوالي، والعوالي هي أعلى المدينة من جهة نجدها، أي: من جهة الأماكن العالية؛ لأن النجد المقصود به المكان المرتفع، وهو في الجهة الشرقية الجنوبية، وتهامتها أسفلها الذي في الجهة الشمالية الغربية، فبين الزهري مقدار مسافة العوالي أنها على ميلين أو ثلاثة من المدينة.
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].
هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
أورد المصنف أثراً عن خيثمة بن عبد الرحمن ، وقد أورد أولاً أثراً عن الزهري بين فيه مسافة العوالي، ثم أورد أثراً عن خيثمة بين فيه معنى (والشمس حية)، حيث قال: [حياتها أن تجد حرها] يعني أن تكون الحرارة موجودة.
قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ].
يوسف بن موسى صدوق أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خيثمة ].
هو خيثمة بن عبد الرحمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر) أي: أنها لم ترتفع، وذلك أنه كان يصليها في أول وقتها، وكانت الحجرة صغيرة وجدرانها قصيرة، فكانت الشمس تدخلها ثم يصلي العصر والشمس لم ترتفع منها.
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ قال: قرأت على مالك بن أنس ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب مر ذكره.
[ قال عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ ولقد حدثتني عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن شيبان رضي الله عنه الذي قال فيه: (قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية) يعني أنه عليه الصلاة والسلام كان يؤخر العصر ما لم تصفر الشمس؛ لأنه إذا جاءت الصفرة فإنه يبدأ الوقت الاضطراري، وكون الشمس بيضاء نقية هو الوقت الاختياري.
محمد بن عبد الرحمن العنبري ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير ].
إبراهيم بن أبي الوزير صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن يزيد اليمامي ].
محمد بن يزيد اليمامي مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثني يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان ].
يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان مجهول أيضاً، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عبد الرحمن بن علي بن شيبان، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن ماجة .
[ عن جده علي بن شيبان ].
علي بن شيبان رضي الله عنه هو صحابي، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود وابن ماجة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: حبسونا) أي: المشركون من الأحزاب الذين تجمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
قوله: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر) هذا فيه بيان أن الصلاة الوسطى هي العصر، وهي التي ورد الحديث فيها ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها العصر، وهناك أقوال بأنها الظهر وبأنها العصر وبأنها العشاء وبأنها مجموع الصلوات، ولكن أصحها هو الذي جاء في هذا الحديث أنها صلاة العصر.
قوله: (ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً) هذا دعاء عليهم بأن يصيبهم العذاب في الدنيا وفي الآخرة.
مر ذكره.
[ حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ].
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ويزيد بن هارون ].
هو يزيد بن هارون الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن حسان ].
هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيدة ].
هو عبيدة بن عمرو السلماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها الذي فيه:
أنها أملت على مولاها: (فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين).
وذلك أن عائشة أمرت مولاها أبا يونس أن يكتب لها مصحفاً، وأمرته إذا وصل إلى قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] بأن يخبرها، فلما وصل إلى الآية أعلمها فأملت عليه وأضافت [ (وصلاة العصر) ] وهذا فيه التنصيص على صلاة العصر والقيام لها، وقالت: إنها سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن هذه القراءة شاذة وليست متواترة، والذي أثبت في المصحف: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن القعقاع بن حكيم ].
القعقاع بن حكيم وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
أبو يونس مولى عائشة ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ أمرتني عائشة ].
عائشة قد مر ذكرها.
أورد أبو داود رحمه الله حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه الذي فيه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها).
يعني أنه لم تكن صلاة أشد على أصحاب الله صلى الله عليه وآله وسلم منها؛ لأنها في وقت شدة الحرارة.
قوله: (فنزلت: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، وقال: قبلها صلاتين وبعدها صلاتين).
هذا يفهم منه أن الصلاة الوسطى هي الظهر، لكن الذي ثبت النص فيها هي صلاة العصر، كما في الحديث الذي سبق أن مر، وهو قوله: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر) وهذا ليس فيه تنصيص على أنها صلاة الظهر، بل هي صلاة العصر، ولكن السياق قد يفهم منه ذلك.
قوله: (قبلها صلاتين وبعدها صلاتين) إذا كان المقصود بذلك الظهر فإن قبلها صلاة نهارية وهي الفجر؛ لأنها من النهار، والنهار يبدأ بطلوع الفجر، وصلاة ليلية، وهي العشاء، وبعدها صلاة نهارية، وهي العصر، وصلاة ليلية، وهي المغرب؛ لأنها في أول الليل بعد غروب الشمس، لكن الوسطى هي صلاة العصر.
ولعل المقصود بكونها وسطى الإشارة إلى تعظيم شأنها وأنها فضلى، وأنها أفضل من غيرها وأعظم من غيرها، أو أنها الصلاة الوسطى بعد فرض الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بالليل، لأنه يكون قبلها صلاتان وبعدها صلاتان، قبلها الفجر والظهر وبعدها المغرب والعشاء، فهي الوسطى بالنسبة للصلوات بعد الفرض، ولكن عرفنا أن جبريل ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في الظهر.
هو محمد بن المثنى العنزي الملقب بـالزمن أبو موسى البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثني محمد بن جعفر ].
هو محمد بن جعفر الملقب غندر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة مر ذكره.
[ حدثني عمرو بن أبي حكيم ]
عمرو بن أبي حكيم ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ سمعت الزبرقان ].
هو الزبرقان بن عمرو وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عروة بن الزبير ].
عروة بن الزبير مر ذكره.
[ عن زيد بن ثابت ].
زيد بن ثابت رضي الله عنه، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
هذا الحديث فيه بيان لآخر وقت العصر وآخر وقت الفجر، ووقت العصر هنا هو الوقت الاضطراري، فالإنسان إذا أدرك ركعةً قبل أن تغرب الشمس يكون قد أدرك وقت صلاة العصر، ويصلي بعدها ثلاثاً.
قوله: (ومن أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك) يعني أنه أدرك صلاة الفجر مؤداة، ويضيف إليها أخرى.
الحسن بن الربيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني ابن المبارك ].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
معمر مر ذكره.
[ عن ابن طاوس ].
هو عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ]
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ عن أبي هريرة ].
قد مر ذكره.
أورد المصنف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان عنده جماعة بعد الظهر وقام لصلاة العصر في أول وقتها، فلما ذكروا التعجيل أشار إلى أن التعجيل هو الذي ينبغي؛ لأن فيه المبادرة إلى إبراء الذمة، وأما التأخير إلى أن يخرج الوقت الاختياري ويبدأ الوقت الاضطراري الذي هو عند اصفرار الشمس فقال عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تلك صلاة المنافقين) يعني: الذين يفرطون ويقصرون ويخرجون الصلاة عن وقتها، فإذا اصفرت الشمس وكانت قريبة من الغروب قام الواحد منهم ونقر صلاة العصر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً.
قوله: (يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان).
فسر هذا بأن الشيطان يكون عند غروبها مقارناً لها؛ ليكون سجود من يسجد لها له، ومن المعلوم أن من يعبد غير الله إنما يعبد الشيطان، وعبادته عبادة لغير الله عز وجل، والذين يعبدون الشمس هم يعبدون غير الله، ولكنه يريد من الذين يسجدون للشمس أن يكون سجودهم له، ولهذا جاء النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند قيامها في الظهيرة وعند غروبها، وذلك لأنها تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان، ففسر ذلك بهذا، وفسر بغير هذا أيضاً.
العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.
[ دخلنا على أنس بن مالك ].
قد مر ذكره، والحديث رباعي.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر الذي فيه: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)، يعني: سلبهم وأخذوا منه وبقي وحيداً فرداً ليس له أهل ولا مال، ومعنى هذا أنه كما أن المرء يحذر من أن يفقد أهله وماله، ويهمه ذلك كثيراً، فعليه أن يحذر من أن يتهاون بصلاة العصر حتى تفوته.
والمقصود هو إما أن تفوته بخروج وقتها الاختياري، وإما أن تفوته بخروج وقتها الاضطراري.
ويمكن أن يكون المقصود أنه تفوته صلاة الجماعة.
عبد الله بن مسلمة ومالك مر ذكرهما.
[ عن نافع ]
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ]
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة من الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (أوتر) هو بدل (وتر)، وجاء بحذف الواو (أتر)، وهي مثل: (أقت) و(وقت)، و(أرخ) و(ورخ)، و(أكد) و(وكد)، فالهمزة تأتي بدل الواو.
قوله: [ عبيد الله بن عمر ].
هو عبيد الله بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ واختلف على أيوب فيه ].
أي: أيوب السختياني اختلف عليه فيه، فروي عنه (أوتر) وروي عنه (وتر) بالهمزة وبالواو، فجاء عنه هذا وجاء عنه هذا.
قوله: [ وقال الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وتر) ].
قوله: [ (وتر) ] بالواو، والمقصود من هذا ترجيح رواية (وتر) على (أتر)؛ لأن الرواة لها أكثر.
وقوله: [ عن سالم ].
هو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود هذا الأثر عن الأوزاعي في تفسير الفوات؛ لأن قوله: [ وذلك ] أي: فوات العصر.
قوله: [ بأن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ].
يعني أنه يصفر ما تقع عليه الشمس من الأرض، والمقصود من ذلك فوات الوقت الاختياري لصلاة العصر، بحيث تصلى في حال اصفرار الشمس بعد خروج وقتها الاختياري، فيكون ما جاء في الحديث من بيان الخسارة الفادحة والمضرة الكبيرة التي حصلت لمن فاتته صلاة العصر أن ذلك في حق من فاته أداؤها في الوقت الاختياري، وذلك أن الأوزاعي رحمه الله: [ وذلك ] أي: الفوات الذي مر في الحديث السابق.
[ أن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ] يعني: أن الشمس قد اصفرت وأن ما على الأرض يكون مصفراً باصفرارها. ومعنى هذا أن الإنسان إذا أدى الصلاة في الوقت الاضطراري وأخرجها عن الوقت الاختياري يكون آثماً؛ لأنه أخرجها عن الوقت الذي حدد لها، وهو ما لم تصفر الشمس.
هو محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا الوليد ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ قال: قال أبو عمرو -يعني: الأوزاعي- ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو ، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو نوع من أنواع علوم الحديث: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع من علوم الحديث أن لا يظن التصحيف فيما لو جاء (ابن) بدل (أبو) أو (أبو) بدل (ابن)، فلو جاء في بعض الروايات عبد الرحمن أبو عمر فذلك صحيح؛ لأن كنيته أبو عمرو واسمه عبد الرحمن بن عمرو .
فالذي لا يعرف أن كنيته أبو عمرو لو وجده مكتوباً (عبد الرحمن أبو عمرو) سيقول: (أبو) مصحفة عن (ابن)؛ لأنه عبد الرحمن بن عمرو ، مع أنها ليست مصحفة؛ لأن كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو ، فلا تصحيف.
وهو ثقة، فقيه الشام ومحدثها، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا داود بن شبيب حدثنا حماد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله) ].
قوله: [ باب: في وقت المغرب ].
عرفنا فيما مضى أن وقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق حيث يحضر وقت العشاء، وعرفنا أنه ليس هناك فاصل بين وقت المغرب ووقت العشاء، بل إذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه، كما أن العصر وقتها متصل بوقت الظهر، فإذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله) يعني: بعد فراغهم من الصلاة يكون هناك ضياء النهار، ومعناه أنهم يبادرون بأدائها في أول وقتها، بحيث يفرغون منها وإن الواحد منهم إذا أرسل السهم يرى المكان الذي يقع فيه، وذلك لوجود الضياء الذي يكون موجوداً بعد غروب الشمس، وهذا فيه إشارة إلى أن الأولى والأفضل أنه يبادر بها في أول وقتها، وأما الوقت فإنه ليس وقتاً واحداً، بل هو وقت واسع، ولكنه من غروب الشمس إلى ما قبل مغيب الشفق الأحمر الذي يأتي عند سقوطه ومغيبه وقت صلاة العشاء، وقد سبق أن مرت بنا الأحاديث العديدة في ذلك الدالة على أول الوقت وعلى آخره.
ومما يدل على سعة وقت المغرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ مرة فيها بالأعراف، والأعراف جزء وربع، وقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم مرتلة، ومعنى هذا أن وقتها طويل؛ لأن إيقاعها فيها وهي جزء وربع، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أداها في يوم من الأيام على هذا النحو يدلنا على أن وقتها واسع، وأنه ليس وقتاً واحداً كما جاء في بعض الروايات في حديث جبريل أنه في اليومين صلاها بعد غروب الشمس، بل قد جاء في الأحاديث بعد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن وقتها إلى مغيب الشفق.
داود بن شبيب وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري وأبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا حماد ].
حماد هنا غير منسوب، ويحتمل أن يكون أحد الحمادين: حماد بن زيد وحماد بن سلمة ، وذلك لأن داود بن شبيب يروي عنهما جميعاً، وهما جميعاً يرويان عن ثابت بن أسلم البناني، لكن حماد بن سلمة معروف بالإكثار عن ثابت البناني، فيحتمل أن يكون هو، وعلى كل حال فإن كلاً منهما ثقة، فسواء علم أحدهما وعين أو لم يعلم ولم يعين، فما دام أن الأمر دائر بين الحمادين وكل منهما ثقة فلا يضر عدم معرفة أحدهما، وإنما الذي يضر لو كان أحد الراويين ثقة والثاني ضعيفاً، هذا هو الذي يضر؛ لأنه يحتمل أن يكون الضعيف، لكن حيث يكون المروي عنهما هما حماد بن زيد وحماد بن سلمة وكل منهما ثقة فإن ذلك لا يؤثر.
ولا أدري هل جاء في بعض الطرق أو الروايات الأخرى تسمية أحدهما أم لا، ومعلوم أن من الطرق التي يمكن أن يعرف بها تعيين أحد الشخصين أن ينظر في الأسانيد في الكتب المختلفة، فإنه قد يأتي تسمية أحدهما عند بعض المؤلفين الذين يروون هذا الحديث نفسه، بأن يذكر أحدهما فيقال: حماد بن زيد، أو: حماد بن سلمة.
وما دام أن تعين أنه حماد بن سلمة وهو مكثر من الرواية عن ثابت بن أسلم البناني، فيكون المقصود حماد بن سلمة، وحماد بن سلمة ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت ].
هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك ]
هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأنه رباعي، وأعلى الأسانيد عند أبي داود الرباعيات، وهذا منها.
أورد أبو داود رحمه الله حديث سلمة بن الأكوع ، وهو يدل على المبادرة بصلاة المغرب، وفيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها) يعني: حاجبها الأخير؛ لأنها عند طلوعها يبدو حاجبها المقدم، وعند غروبها يغيب حاجبها المؤخر؛ لأنه يغيب بعضها ثم يبقى بعضها، أو يطلع بعضها ثم يلحقه بعضها الآخر فتظهر كلها، فعند طلوعها يظهر حاجبها المقدم، وعند غروبها يغيب أو يسقط حاجبها المؤخر، وهو طرفها أو مؤخرها، والمقصود هو المبادرة إلى الإتيان بالصلاة، وأنها حين تغرب الشمس ويسقط حاجبها، أي: يذهب آخرها وهو حاجبها الذي يكون آخر شيء يغيب منها.
هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن صفوان بن عيسى ].
صفوان بن عيسى ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد بن أبي عبيد ].
يزيد بن أبي عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن الأكوع ].
هو سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث مرثد بن عبد الله أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه قدم مصر وعقبة بن عامر أمير عليها، فأخر المغرب، فقال له أبو أيوب : ما هذه الصلاة؟ فقال: شغلنا. فقال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم) يعني: إلى أن تظهر النجوم وتبدو لوجود الظلام، ومن المعلوم أن النجوم تتضح قبل دخول وقت العشاء، لكن المقصود من ذلك هو المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، وإلا فإن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق، ولكن الذي أنكره أبو أيوب هو تأخير الصلاة عن أول وقتها وعن المبادرة إليها في أول وقتها.
وقول عقبة : [ (شغلنا) ] يعني: عن المبادرة إليها في أول وقتها. وليس المقصود إخراجها عن وقتها، وإنما تأخيرها عن أول وقتها الذي هو الأولى.
هو عبيد الله بن عمر القواريري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مرثد بن عبد الله ].
هو مرثد بن عبد الله اليزني المصري، وهو ثقة، وكنيته أبو الخير ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ قدم علينا أبو أيوب ]
هو أبو أيوب الأنصاري، وهو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر