حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام وشعبة وأبان عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التفل في المسجد خطيئة، وكفارته أن تواريه) ].
قوله: [ باب في كراهية البزاق في المسجد ].
البزاق: هو ما يخرج من ريق الفم، وإذا كان من أدناه فهو تفل، وإذا كان من أقصاه يقال له: نخامة، ويقال له: بزاق ويقال له: بصاق، وكل ذلك مما لا يسوغ أن يفعل في المسجد؛ وذلك لكونه مستقذراً تشمئز منه النفوس، ومن أجل ذلك جاء ما يدل على النهي عنه في المساجد، وليس النهي لكونه نجساً؛ فإنه طاهر.
أورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث، منها ما يتعلق بلفظ التفل، ومنها بلفظ البصاق، ومنها بلفظ النخامة، وغير ذلك، وكلها في معنى واحد، ولكنها تتفاوت في هيئتها وكيفيتها، فالتفل دون البزاق والنخامة؛ لأن الذي يخرج من الحلق ويخرج من الجوف غير الذي يكون في الفم من الريق إذا تفله الإنسان، فكل ذلك من الأمور المستقذرة.
قوله: (التفل في المسجد خطيئة).
أي: أنه سيئ وأنه إثم، ووقوع في أمر مكروه لا يسوغ، ولكنه إذا وُجد فإن عليه أن يدفنه وأن يواريه، وهذا يدل على طهارته؛ لأنه لو كان نجساً فلا يكفي فيه أن يوارى، فالنجس يغسل ويصبّ عليه الماء، كما جاء في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يراق عليه ذنوب من ماء حتى يطهر بذلك.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد في البزاق إلى مواراته ودفنه؛ وذلك حتى لا تقع إليه الأنظار وحتى لا تشمئز منه النفوس؛ لكونه شيئاً مستقذراً تنفر منه الطباع إذا رأته، فإن كون الإنسان يتخلص من مغبة ذلك بأن يواريه وأن يدفنه في تراب المسجد وهذا فيما إذا كان المسجد ترابياً أو فيه حصباء، أما إذا كان مفروشاً أو مبلطاً فإن الوسخ يظهر عليه سواء كان رطباً أو يابساً، ولا يمكن مواراته.
وعلى كُلٍّ فعلى الإنسان في جميع الأحوال أن ينزه المسجد من هذه الأوساخ، ولا يأتي بشيء يسيء فيه إلى المصلين وإلى من في المسجد، بحيث تقع أبصارهم على شيء تشمئز منه نفوسهم وتنفر منه طباعهم، وإنما على الإنسان أن يبصق في ثوبه إذا كان مضطراً إلى ذلك، أو يبصق في التراب إذا كان المسجد ترابياً ثم يواريه، أو يبصق عن يساره ويدلكه برجله أو بنعله حتى لا يبقى له أثر.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وشعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وُصِفَ بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وأبان ].
هو: ابن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وأحد السبعة من الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف رحمه الله حديث أنس بن مالك من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه بلفظ البزاق وهو اللفظ الذي في الترجمة، والكلام فيه كالذي قبله.
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا أبو عوانة ].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة ، ويأتي ذكره كثيراً بهذه الكُنية.
وكذلك النسائي ليس عنده ثلاثيات، وأيضاً الإمام مسلم رحمة الله عليه ليس عنده ثلاثيات، وإنما الثلاثيات عند الثلاثة الباقين من أصحاب الكتب الستة، فـالبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، بين البخاري وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجة عنده خمسة أحاديث ثلاثية كلها بإسناد واحد وهو إسناد ضعيف.
أورد المصنف رحمه الله حديث أنس بن مالك من طريق أخرى وفيه: [ (النخاعة في المسجد) ] يعني: خطيئة وكفارتها دفنها، حيث ذكر أنه مثل الحديث الذي قبله، إلا أنه بدل البزاق في المسجد قال: (النخاعة في المسجد)، والنخاعة: هي النخامة، والبزاق هو البصاق، كل ذلك بمعنى.
قوله: [ (النخاعة في المسجد) ] أو (البصاق في المسجد) أو (التفل في المسجد) المقصود من الظرفية هو أن حصول ذلك في المسجد هو الشيء الممنوع والمحذور، وسواء كان ذلك ممن في المسجد أو ممن كان في غير المسجد.
هو: فضيل بن حسين الجحدري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي.
[ حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد ].
هو: سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: (فليحفر فليدفنه).
أي: يخرج التراب ويضعه عليه، والحفر يكون بإخراج حفنة من التراب بيده، ويجعل ذلك البصاق في تلك الحفرة التي حفرها ويواريه بحيث يتغطى ولا تقع عليه الأبصار؛ وذلك لأنه مستقذر مع أنه ليس بنجس، وإنما المقصود من مواراته إزالة كل شيء مستقذر تشمئز منه النفوس وتنفر منه الطباع.
قوله: (فإن لم يفعل).
أي: فإن لم يحصل منه الدفن فإن عليه ألا يبصق في الأرض، بل يبصق في ثوبه ويخرج به معه.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا أبو مودود ].
هو عبد العزيز بن أبي سليمان وهو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي ].
وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .
[ سمعت أبا هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
والحديث هو بمعنى الأحاديث التي جاءت قبله عن أنس بن مالك ، وكذلك الأحاديث التي سوف تأتي، وهو وإن كان فيه مقبولان إلا أن هناك أحاديث كثيرة جاءت من طرق صحيحة تدل على ما دل عليه هذا الحديث.
قوله: (ثم ليقل به).
أي: وليدلكه، كما جاء في رواية عند النسائي : (وإلا فليقل هكذا، وبصق تحت رجله ودلكه) فقوله: [ (وليقل به) ] المقصود به أنه إشارة إلى فعل يفعله بهذا الذي وضعه تحت قدمه اليسرى، بمعنى أنه يدلكه بحيث يتلاشى ويضمحل ولا يبقى له أثر.
هناد بن السري ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي الأحوص ].
هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، مشهور بكُنيته، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربعي ].
هو ربعي بن حراش وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن طارق بن عبد الله المحاربي ].
وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن الأربعة.
قوله: (إذا رأى نخامة في قبلة المسجد) أي: في الجدار الأمامي الذي أمام الناس.
قوله: [ (وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلطخه به) ] لأن الزعفران فيه رائحة طيبة، فأراد أن يجعل مكان ذلك الأثر المستقذر زعفراناً له رائحة طيبة.
قوله: [ (فتغيظ على الناس) ].
أي: حصل منه غضب، وظهر عليه التأثر لهذا الفعل الذي حصل، فحرمة المساجد عظيمة، فكيف يحصل لها مثل ذلك؟! فيجب أن تُصان وأن تُنّزه وأن تُنظّف، وألا يُفعل فيها شيء مما لا ينبغي، سواء كان ذلك يلصق في الجدار أو في الأرض، أو كان شيئاً منفصلاً كالقذارة التي سبق أن مر ذكرها في بعض الأحاديث.
قوله: [ (.. ثم حكّها ..) ] أي: باشر ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم.
قوله: (وقال: إن الله تعالى قبل وجه أحدكم) ].
أي: أن الله تعالى قِبَلَ وجهه، والمقصود أمامه.
وهذا مثل الآية الكريمة: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، قال بعض أهل العلم: إن هذه الآية من آيات الصفات، والمقصود بالوجه هو وجه الله عز وجل الذي هو صفة من صفاته، وبعض أهل العلم قال: إن المقصود بالوجه هنا الوجهة، وهي القبلة.
ولكن كون المقصود بها آية من آيات الصفات هو الأوضح؛ لأنه قال: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115] أي: أن الإنسان أينما اتجه فالله تعالى أمامه.
والمقصود من ذلك أن الله عز وجل فوق كل شيء ومحيط به، والمخلوقات في قبضة الله عز وجل، كما قال ابن عباس : (كالخردلة في كف أحدنا) ومن المعلوم أن ما داخل الخردلة المقبوض عليها بالكف أينما اتجه فهو أمام قابضها، ولله المثل الأعلى، وهذا أصح ما قيل في معنى هذه الآية، وأصح ما يقال في معنى هذا الحديث، فنهي الإنسان أن يبصق أمامه، وكذلك أيضاً عن يمينه؛ لأن فيه الملك كما جاء ذلك في بعض الأحاديث التي ستأتي؛ ولأن جهة اليمين مُكَرّمة، وهي تُصان مما لا تُصان منه الشمال.
هو أبو الربيع الزهراني وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
والظاهر أن هذا هو الذي شكّ في الحديث بقوله: (وأحسبه قال ..)، لأن حماداً من طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، ويحتمل أن يكون الذي شك نافع ، ويحتمل غيره، والله أعلم.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف رحمه الله هذه المعلقات التي فيها الإشارة إلى أن جماعة رووه كما رواه حماد ولكنهم لم يذكروا الزعفران، وأن غير هؤلاء رواه وذكر الزعفران كما ذكره حماد ، وأن أحد رواته ذكر الخلوق بدل الزعفران.
والخلوق: طيب فيه صفرة وحمرة، والزعفران أصفر.
وإسناد حماد الذي مرّ جاء فيه على الشك، حيث قال: (أحسبه قال) يعني: أنه دعا بزعفران فلطخه به.
قوله: [ رواه إسماعيل ].
هو إسماعيل بن جعفر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعبد الوارث ].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومالك ].
مالك إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وعبيد الله ].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عمر العمري المصغّر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وموسى بن عقبة ].
هو موسى بن عقبة المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
يعني: هؤلاء رووا نحو ما رواه حماد ، إلا أنهم لم يذكروا الزعفران الذي جاء في حديث حماد .
[ ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه ].
أي: أثبت الزعفران كما جاء في حديث حماد ، وحديث حماد على الشك.
[ وذكر يحيى بن سليم ].
هو يحيى بن سليم الطائفي وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله ].
عبيد الله قد مرّ ذكره.
[ عن نافع : الخلوق ].
نافع قد مرّ ذكره، والخلوق أي: بدل الزعفران، وكلها طيب.
قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين) ] المقصود بالعرجون: العود الذي تكون فيه الشماريخ، أو العود الأصفر الذي هو متصل بأصل النخلة وفي آخره الشماريخ التي فيها الرطب.
والعرجون إذا يبس اعوجّ وانحنى، ولهذا جاء في القرآن في صفة منازل القمر: كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39]، يعني: الذي قد يبس ومضى عليه وقت طويل فصار منحنياً، فالهلال يكون كهذا العرجون.
قوله: [ (فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها، ثم أقبل على الناس مغضباً ...) ].
أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما تكلم مع الناس كان يظهر عليه الغضب.
قوله: [ (أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه؟) ]، وهذه إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الإنسان إذا أراد أن يعرف مدى عدم مناسبة هذا الفعل الذي يفعله، فعليه أن يتصور ذلك في نفسه وفي حقه، هل يناسب في حقه أم لا؟ هل يناسبه أن يتفل أحد بين يديه وأمامه؟
وهذا الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من التنبيه إلى أن الإنسان عندما يتصور ما يحب أن يَعامَل به، فحينئذٍ يتضح له أن ذلك غير لائق، وأنه ليس من الأمور الحسنة، بل من الأمور السيئة؛ لأن الإنسان يجد من نفسه أنه إذا حصل ذلك بين يديه وأمامه فإن ذلك لا يعجبه.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث كثيرة، منها الأحاديث التي في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في حديث طويل، وفيه: قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم والآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه) أي: عامِل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به.
فكما أن الإنسان يكره أن يتفل أحد بين يديه أو أمامه، فكذلك لا يجوز له أن يبصق أمامه لا في المسجد ولا في غير المسجد، وإذا كان في المسجد وهو يصلي وهو بين يدي الله عز وجل فذلك أعظم وأشد.
قوله: (إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز وجل).
يعني: أنه متّجه إلى الله عز وجل يناجيه، وليس المقصود من ذلك أنه مستقبل للقبلة، وأن المقصود باستقبال الله استقبال القبلة، بل المقصود به أن الله تعالى أمامه كما قال الله عز وجل: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، كما ذكرنا آنفاً.
قوله: (والملك عن يمينه).
يعني: والملك يكون عن يمينه، ثم إن اليمين مُكَرّمة ومُصانة.
قوله: [ (فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه) ].
وهذا لأن اليسار تختلف عن اليمين في الإكرام، ولهذا فإن هناك اختلافاً في استعمال اليد اليمنى واليسرى، اليسرى تستعمل في الأمور غير المناسبة واليمنى تصان عن ذلك.
قوله: [ (فإن عجل به أمر) ].
أي: إذا كان قد عاجله البصاق أو نحوه، وهو يريد أن يخرجه ولم يجد بداً من إخراجه، فلا يبصق أمامه ولا عن يمينه، ولكن يكون عن يساره، كما مر في الحديث السابق: (فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه، ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغاً أو تحت قدمه اليسرى) ].
قوله: [ (فليقل هكذا، ووصف لنا
معناه: أن يأخذ بثوبه ويبصق فيه، ويردّ بعضه على بعض.
يحيى بن حبيب بن عربي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا خالد -يعني ابن الحارث - ].
هو خالد بن الحارث البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عياض بن عبد الله ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد الخدري ].
وهو سعد بن مالك بن سنان الخدري ، مشهور بكنيته، ونسبته الخدري ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
أي: لما أخبروه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قاله لهم، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليعرف السبب في ذلك، فقال: (نعم، إنك آذيت الله ورسوله).
قوله: [ (لا يصلي لكم) ].
يعني: أن هذا الرجل لا يصلح أن يكون إماماً، فلما أراد أن يصلي بهم منعوه، وأخبروه بالسبب، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: (لا يصلي لكم) ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ما ذكروا له فقال: (نعم، إنك آذيت الله ورسوله) أي: أن السبب هو حصول هذا العمل المنكر الذي فيه إيذاء لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن المعلوم أن الأذى بالنسبة لله عز وجل لا يصل إليه أحد ولا يناله أي أحد، ولكن هذا باعتبار صدور ذلك منه، وإلا فإن الله لا تنفعه طاعات المطيعين ولا تضره معاصي العاصين، بل هو النافع الضار، كما جاء في الحديث القدسي: (إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) .
فقوله: (إنك آذيت الله ورسوله) لا يعني أن الأذى يصل إلى الله أو أن الضرر يحصل لله عز وجل بسبب هذا، وهذا من جنس ما قال الله تعالى في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم: يسب الدهر، وأنا الدهر) فمعناه: أن من سبّ الدهر فإنما مسبّته تُوجّه إلى الله عز وجل؛ لأن الله تعالى في الحقيقة هو الذي يُسيّر الدهر، ولكن ليس معنى ذلك أن الله تعالى يناله ضرر، بل كما سبق في الحديث القدسي: (إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضرّي فتضروني) ، بل الله عز وجل هو الذي ينفع وهو الذي يضر، فهو النافع الضار سبحانه وتعالى.
وهذا الحديث مثل ما جاء في القرآن: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا [الأحزاب:57].
هو أحمد بن صالح المصري وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا عبد الله بن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني عمرو ].
هو عمرو بن الحارث المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بكر بن سوادة الجذامي ].
هو بكر بن سوادة الجذامي المصري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن صالح بن خيوان ].
صالح بن خيوان وثّقه العجلي ، وأخرج حديثه أبو داود .
[ عن أبي سهلة السائب بن خلاد ، قال أحمد : من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ].
أحمد المصري الذي هو شيخ أبي داود قال ذلك ويمكن أن يكون ذكر ذلك؛ لأنه ليس من مشاهير الصحابة رضي الله عنه، ولهذا قال عنه: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى يبين أنه صحابي، وأن الحديث ليس مرسلاً.
وأبو سهلة أخرج حديثه أصحاب السنن.
قوله: (فبزق تحت قدمه اليسرى).
تلك الأحاديث السابقة من أقواله عليه الصلاة والسلام وأما هذا فهو من فعله.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة وهو ثقة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرنا سعيد الجريري ].
هو سعيد بن إياس الجريري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي العلاء ].
هو يزيد بن عبد الله بن الشخير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مطرف ].
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو عبد الله بن الشخير وهو صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
أورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنه ولكنه من طريق أبي العلاء ، فهو هناك يروي عن أخيه عن أبيه وهنا يروي عنه مباشرة؛ لأن أبا العلاء ومطرفاً أَخَوَان، فالمصنف روى الحديث السابق عن مطرف عن أبيه، وهنا يروي عن أبي العلاء عن أبيه عبد الله بن الشخير ، فهو مثل الذي قبله، لكنه زاد: (ثم دلكه بنعله)، يعني: بزق تحت قدمه اليسرى ثم دلكه بنعله.
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أبيه بمعناه ].
قد مرّ ذكر هؤلاء جميعاً.
الجواب: لاشك أن الذي يلزم مصلّاه قد قطع الشك باليقين، فليس فيه إشكال، أما لو قام إلى مكان آخر فإنه يحصل الإشكال، وأما من يلزم مصلاه ثم يجيء أحد ويسلم عليه أو يقوم ليصافحه، فلا يقال: إنه قد اختل الشرط؛ فإن فضل الله واسع.
الجواب: لا أعلم دليلاً يدل عليه، ولكن قد جاء عن بعض العلماء القول بجوازه، معلّلاً ذلك بأن هذا من جنس الدعاء الذي يكون في الصلاة في جميع الأحوال، ويستدلون على ذلك بفعل أبي بكر رضي الله عنه لما أراد أن يتأخر والنبي صلى الله عليه وسلم أشار إليه بأن يبقى فرفع يديه وقال: اللهم لك الحمد وهو قائم يصلي، لكن لا أعلم نصّاً خاصّاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالدعاء في الصلاة.
لكن من صلى وراء إمام يدعو عند ختم القرآن أو يقنت في صلاة الفجر فعليه أن يتابع الإمام في ذلك، ولا ينفصل عنه بحجة أنه يدعو بعد ختم القرآن، أو يقنت في صلاة الفجر بصفة دائمة.
ومن المعلوم أن العلماء كانوا يختلفون في أمور أشد من ذلك، ومع ذلك يصلي بعضهم وراء بعض، مثل مسألة: الوضوء من لحم الإبل، بعض العلماء يرى أنه لا ينقض الوضوء، وبعضهم يرى أنه ينقض الوضوء، ويصلي الناس بعضهم وراء بعض؛ لأن هذه مسائل اجتهادية، والخلاف فيها سائغ بين أهل العلم.
الجواب: ابن حزم رحمة الله عليه من العلماء الذين حصل تباين في أمرهم، فإنه اتبع الظاهر في أمر ما كان ينبغي له أن يكون ظاهرياً فيه، وترك شيئاً ينبغي له أن يكون ظاهرياً فيه، فكان في العقيدة مؤوّلاً، وكان عليه أن يجري النصوص على ظاهرها، كما كان عليه السلف من غير تشبيه لله عز وجل، وكان في الفروع ظاهرياً لا يقول بالقياس، ولو عَكَسَ القضية لكان خيراً، أي: لو أجرى النصوص على ظاهرها في الصفات، وأخذ بالقياس في الأحكام الفقهية وبما تقتضيه النصوص، وألحق الشبيه بالشبيه والنظير بالنظير لكان أولى، وهو عنده صواب وعنده خطأ كغيره من العلماء.
الجواب: لكن أباه عمر رضي الله عنه لا يفعل هذا الفعل، ومثله أكثر الصحابة لا يأخذون من اللحية شيئاً، والرسول صلى الله عليه وسلم -وهو القدوة والأسوة- هو الذي ما جاء عنه أنه أخذ من لحيته، والإنسان ما دام أنه يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتعرض لها، فعلى الإنسان ألا يتعرض لها، وإذا كان حصل من ابن عمر رضي الله عنهما اجتهاد فإن العبرة بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بما جاء عن أحد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
ومن الممكن أن يقال: إنه اجتهاد منه رضي الله عنه، وقد أخطأ في ذلك؛ لمخالفته للأحاديث الصحيحة الصريحة.
الجواب: هذا شك في الرواية.
الجواب: يجوز، ولا مانع من ذلك.
الجواب: الإمام الأصم فيه نقص؛ لأنه إذا حصل منه شيء كالسهو أو نحوه، فإذا ذكرّه الناس فإنه لا يسمعهم ولا يتجاوب معهم، فيكون هو في وادٍ وهم في وادٍ آخر، فمثله لا يصلح أن يكون إماماً راتباً، وإنما الأولى أن يوضع شخص يسمع الناس لو حصل منه خطأ أو نسيان.
الجواب: لا ليس بصحيح.
الجواب: لا يجب ذلك، وإنما المهمّ أن يكون الأذان بعد دخول الوقت، وأما الإقامة فيمكنهم أن يقيموا قبل المسجد النبوي أو بعده، وليس هناك ما يوجب عليهم أن يكونوا بعده.
قوله: (بصق على البوري).
المقصود بالبوري: الحصير الذي صُنع من القصب، ويقال له: بارية.
قوله: (ثم مسحه برجله، فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله).
قد سبق أن مرت الأحاديث المتعددة في كون الإنسان يدفن النخامة أو البصاق ويواريه في تراب المسجد، وأن ذلك يدل على طهارته وعدم نجاسته، ولكنه يُدفن؛ لأنه شيء مستقذر، ورؤيته تنفر منها النفوس، وليس ذلك لكونه نجساً؛ لأنه لو كان نجساً فلا يكفي أن يدفن، بل يحتاج الأمر إلى تطهيره بالغسل.
والبصاق في المسجد على التراب معروف، ولكن الشيء الجديد الذي في هذا الحديث أنه على بساط قد يتبين فيه القذر.
وهذا الحديث قد جاء من طريق غير صحيحة وغير ثابتة؛ لأن في سنده الفرج بن فضالة ، وهو ضعيف، وفيه أبو سعيد الذي هو صاحب واثلة بن الأسقع ، ولا أدري ما حاله، ولكن يكفي أن الذي روى عنه وهو الفرج بن فضالة وهو ضعيف.
ولو كان الأمر مجرد البصاق في الأرض أو في تراب المسجد لم يكن هناك إشكال؛ لأن هناك نصوصاً صحيحة تدل على ما دل عليه، ولكن البصاق على بساط أو على حصير لم يأتِ فيه دليل صحيح، وعليه يؤثر فيه حتى ولو كان قد دلكه، فإنه قد يظهر الأثر عليه، ولا يمكن إزالة أثر البصاق بمجرد الدّلك.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا فرج بن فضالة ].
فرج بن فضالة ضعيف، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبي سعيد ].
هو أبو سعيد الحميري الشامي وهو مجهول، روى له أبو داود .
[ قال: رأيت واثلة بن الأسقع ].
واثلة بن الأسقع هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في مسجدهم، وكان بيده عرجون من نخل ابن طاب، وهو نوع من النخل يعرف بابن طاب، وكان عندهم عدة أسماء لأنواع من التمر ومنها ابن طاب، والعرجون هو من هذا النوع من النخيل، والذي يفهم منه أنه كان يحك به النخامة من الجدار، وهذا معناه: أنه شيء صلب، وقد يكون رطباً ولكنه كان قوياً وقاسياً، المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حكه بهذا العرجون أو برأس هذا العرجون، وتكلم في الناس، وقال: (أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟! ثم قال: إذا قام أحدكم يصلي فلا يبصقن قبل وجهه؛ فإن الله قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبزق عن يساره تحت رجله) ثم إنه دعا بعبير، يعني: نوع من الطيب، فذهب غلام يجري ويركض فجاء بخلوق في راحته، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخذه وجعله على رأس العرجون وجعل يلطخ به المكان أو الأثر الذي بقي بعد حك تلك النخامة التي في قبلة المسجد، قال: جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (فمن هذا جعلتم الخلوق، في مساجدكم) يعني: كونها تطيب ويجعل فيها الطيب هذا مستنده ووجهه هو كون النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالطيب وطيب هذا المكان.
قوله: [ (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا وفي يده عرجون ابن طاب) ].
يعني: وفي يده هذا العود الذي يكون في أعلاه الشماريخ، ويقال له: القنو، والعرجون هو الذي يصل بين الشماريخ وبين أصل النخلة، وابن طاب نوع من النخل.
قوله: [ (فنظر فرأى نخامة فأقبل عليها فحتها بالعرجون) ].
يعني: رأى نخامة في الجدار فحتها بالعرجون، وهذا يدل على طهارة البصاق؛ لأنه حين يحته يقع على الأرض، ولو كان ذلك نجساً ما كان يفعل ذلك، بل كان سيخرج النجاسة ويغسل أثرها، أو يأتي بشيء يغطي النجاسة ويغلبها.
قوله: [ (ثم قال أيكم يحب أن يعرض الله عنه بوجهه، ثم قال: إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه) ].
ذكرنا في الدرس الماضي أن المقصود من ذلك أن الله عز وجل محيط بكل شيء وفوقه، وأن الإنسان أينما اتجه فالله تعالى أمامه؛ لقول الله عز وجل: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، ويوضح ذلك الأثر الذي جاء عن ابن عباس : (إن السماوات والأرضين في كف الرحمن كالخردلة في كف أحدكم) ولله المثل الأعلى، فالذي يكون في داخل الخردلة فأينما اتجه الذي هو قابض لها وممسك بها فهو أمامه.
قوله: [ (فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه) ].
مر في بعض الأحاديث السابقة: (فإن هناك ملكاً)، وأيضاً اليمين معلوم أنها تكرم عن الأشياء المستقذرة بخلاف الشمال.
والإنسان معه كاتب للحسنات وكاتب للسيئات، فمن أهل العلم من قال: كاتب الحسنات هو الذي يكون موجوداً في الصلاة؛ لأن الصلاة هي عبادة وقربة وحسنات، لكن هذا غير واضح؛ لأنه يمكن أن يكون هناك تقصير، ويمكن أن يكون هناك إساءة في الصلاة فيكتبها كاتب السيئات.
لكن الله تعالى أعلم بالحقيقة، وقال بعض أهل العلم: يمكن أن يكون الملك ليس موجوداً في جهة التفل، وإنما يكون متنحياً، فالله أعلم، ولكن هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (وليبزق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا).
وهذا كما هو معلوم إذا كانت الأرض ترابية، وكان يتوارى فيها البصاق والنخام، ولكن استعمال ذلك في المناديل وفي أطراف الثياب وما إلى ذلك هو المناسب، لا سيما في الأماكن التي فيها فرش، فإن البصاق عليها يقذرها ولو دلك؛ لأنه يبقى أثره، بخلاف التراب فإن البصاق يتوارى ويذهب في التراب ويضمحل.
قوله: [ (ووضعه على فيه ثم دلكه) ].
يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (هكذا) أخذ طرف ثوبه ووضعه على فيه، يعني: كأنه وضع فيه شيئاً ثم دلكه، وذلك بأن رد بعضه على بعض، وفعل هذا ليصف لهم بالفعل الطريقة التي يعملونها في وضع النخامة في الثياب.
قوله: [ (ثم قال: أروني عبيراً) ].
يعني: أعطوني عبيراً، فذهب غلام يشتد ويجري؛ ليأتي بالعبير، فجاء بخلوق في راحته، والخلوق طيب فيه حمرة وصفرة، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم على رأس العرجون، وجعل يحركه على المكان الذي حتت منه النخامة.
يعني: أن هذا هو الدليل على تطييب المساجد، وهو كون النبي صلى الله عليه وسلم طلب العبير، أو طلب الطيب، فجيء بالخلوق، فوضعه في المكان الذي حصل فيه الأذى الذي هو النخامة.
يحيى بن الفضل السجستاني مقبول، أخرج حديثه أبو داود .
[ وهشام بن عمار ].
هشام بن عمار صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ وسليمان بن عبد الرحمن ].
سليمان بن عبد الرحمن صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ الدمشقيان بهذا الحديث وهذا لفظ يحيى بن الفضل السجستاني ].
يعني: أن هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن دمشقيان، والشيخ الأول سجستاني وقوله: (بهذا الحديث) يعني: الذي سيسوقه، وقوله: وهذا لفظ يحيى بن الفضل، يعني: الشيخ الأول.
[ قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل ].
حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة ].
يعقوب بن مجاهد أبو حزرة صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود .
[ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ].
عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ قال: أتينا جابراً يعني: ابن عبد الله ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر