حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! إني رجل أصيد، أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: نعم وأزرره ولو بشوكة) ].
أورد أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل يصلي في قميص واحد، يعني: ليس معه شيء آخر، كأن يكون ليس معه إزار أو سراويل، ولاشك أن القميص إذا كان معه سراويل أو معه أزار فإنه يحصل به كمال التستر، ولكن إذا لم يكن معه شيء فإنه يكفي.
وقد أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث سلمة بن الأكوع ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إني رجل أصيد، أفأصلي في الثوب الواحد؟ قال: نعم، وأزرره ولو بشوكة).
والمقصود من قوله: (وأزرره ولو بشوكة) يعني: أنه إذا كان جيبه واسعاً فإنه يزرره حتى لا تبدو عورته من جهة جيبه؛ لأنه لو ركع أو خفض رأسه وجيبه واسع فإن عورته ترى من جهة جيبه، ولكنه إذا أزرره بشيء ولو كان بشوكة فإن ذلك يكون به ستر العورة، وعدم الاطلاع عليها من جهة الجيب، هذا هو المقصود من قوله: (وأزرره ولو بشوكة)؛ لأنه يكون بذلك ستر العورة من جهة الجيب فلا ترى، يعني: فيما إذا خفض الإنسان رأسه أو كان راكعاً، فإنه إذا كان جيبه واسعاً فسترى عورته من جهة جيبه.
ومعنى هذا: أن الصلاة في القميص الواحد سائغة، وأنه لا بأس بها، ولكن إذا كان معه -أي: القميص- شيء يزيده في الستر كالإزار والسراويل فلاشك أن هذا هو الأكمل والأفضل، وإذا لم يجد إلا قميصاً واحداً، والجيب ضيق، ولا تبدو العورة منه فلا إشكال، وإن كان واسعاً قد تبدو منه العورة فإنه يزره ولو بشوكة، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد ].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة .
[ عن موسى بن إبراهيم ].
موسى بن إبراهيم مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن سلمة بن الأكوع ].
سلمة بن الأكوع رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: (أمنا
يعني: أن الصلاة بالقميص الواحد سائغة، وهذا الحديث مثل الذي قبله، وكذلك الأحاديث المتعددة في ذكر الصلاة بالقميص، والقميص كما هو معلوم من أحسن الألبسة وأسبغها؛ لأنه يغني عن الإزار والرداء، ولكن إذا كان معه إزار أو سراويل لا شك أنه يكون أكمل في التستر.
و جابر رضي الله عنه أمهم في قميص ليس عليه رداء، والمقصود أنه ليس معه شيء آخر، والرداء يكون على القميص يستر جيبه سواء كان ضيقاً أو واسعاً، ولا شك أن وجود شيء مع القميص يكون أكمل، ولكن القميص يكفي إذا كان ساتراً.
محمد بن حاتم بن بزيع ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا يحيى بن أبي بكير ].
يحيى بن أبي بكير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسرائيل ].
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حومل العامري قال أبو داود كذا قال، والصواب أبو حرمل ].
أي: أ، الراوي عنه قال: أبو حومل بالواو، والصواب: أبو حرمل بالراء، وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة ، وهو لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة .
[ عن أبيه ].
أبوه هو عبد الرحمن بن أبي مليكة يروي عن جابر ، وذكر أيضاً أنه مجهول، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال عنه الحافظ : لين الحديث، وقبل ذلك أبو حرمل مجهول، فالإسناد ضعيف، ولو كان هؤلاء قد سلموا فإن أبا حرمل وحده كافٍ في تضعيف الحديث، لكن الحديث متنه صحيح ومعناه صحيح؛ لأن الصلاة في قميص واحد جاء ما يدل عليها، لكن الإسناد هذا غير صحيح.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو سعيد ، وأنس ، وجابر ، وعائشة رضي الله عنهم وأرضاهم.
وفي الحديث الذي قبله: (أزرره ولو بشوكة) فيه: موسى بن إبراهيم مقبول، والشيخ الألباني حسن الحديث، والذي يبدو أن الأحاديث التي تتعلق بالصلاة في القميص الواحد كثيرة، والقميص هو من أستر الألبسة، فكلها يشهد بعضها لبعض.
وقوله: (أزرره ولو بشوكة)، يعني: إذا كان الجيب واسعاً تظهر منه العورة فيزرر ولو بشوكة، أما إذا كان الجيب ضيقاً لا تظهر منه العورة فإنه لا يحتاج إلى أن يزر، وإنما يبدو أن سلمة بن الأكوع كان يصيد، والصائد يحتاج إلى شيء واسع من الثياب، ولا يحتاج إلى شيء يعيقه في الحركة، فقال: (أزرره ولو بشوكة)، يعني: حيث يكون واسعاً.
حدثنا هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ويحيى بن الفضل السجستاني قالوا: حدثنا حاتم -يعني ابن إسماعيل حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: أتينا جابراً -يعني ابن عبد الله - قال: (سرت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فقام يصلي، وكانت عليّ بردة ذهبت أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي، وكانت لها ذباذب، فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تسقط، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به.
يعني: أنه إذا كان الثوب ضيقاً قصيراً لا يكفي أن يجعل طرفيه على الكتفين بحيث يغطيهما أو يغطي أحدهما، فإنه يكتفي بأن يشده على وسطه ويتزر به فقط، ولو انكشف المنكبان؛ لأنه لا يقدر إلا على هذا اللباس القصير الذي لا يكفي إلا للاتزار، وليس معه سعة بحيث يغطى بها المنكبين، هذا هو المقصود من هذه الترجمة، أنه إذا كان الثوب ضيقاً فإنه يتزر به فقط، وإذا كان واسعاً يجعل شيئاً منه على كتفيه.
وأورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، وكان عليّ بردة أردت أن أخالف بين طرفيها) يعني: على كتفيه فلم تبلغ، يعني: ما كفت لأن تصل إلى هذا الحد وهذا المقدار؛ لضيقها ولقصرها، وكان لها ذباذب، يعني: أهداب؛ لأن هذه الأهداب تتذبذب بالهواء أو بالحركة، فقيل لها: ذباذب، فنكسها وجعل الذباذب تكون في الأعلى، ثم خالف بين طرفيها وتواقص، يعني: لفها عليه حتى تصل إلى وراء العنق أو وراء الكتفين، وعمل هذه الهيئة، فالرسول صلى الله عليه وسلم رآه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء وصف عن يساره، فأداره رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه، فجاء ابن صخر -وهو جبار - فصف عن يساره، فأخذ بأيديهما ودفع بهما فجعلهما يذهبان ويكونان صفاً، فدل هذا على أن المأموم الواحد يكون عن يمين الإمام، وأنه إن صف عن يساره فإنه يديره عن يمينه، ولا يتركه عن يساره مع خلو يمينه، بل يديره إلى اليمين، وإذا كانوا أكثر من واحد فإنهم يكونوا صفاً وراء الإمام، فإما أن يتقدم الإمام حيث يكون هناك سعة، أو يتأخران ويكونان وراءه.
قوله: [ (وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني وأنا لا أشعر) ].
أي: جعل ينظر إلى هذه الهيئة التي فيها تواقص، وكونه قد انحنى من أجل هذه البردة حتى تصل إلى المنكبين، وجعل ينظر إليه وهو لا يشعر، ففطن له جابر رضي الله عنه، يعني: تنبه أنه يرمقه وينظر إلى هذه الهيئة.
قوله: [ (فأشار إلى أن أتزر به) ].
يعني: أنه أشار إليه بأن يتزر به فقط ولا يتوشح به.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا
يعني: أنه أمره أن يتزر به، ويشده على وسطه إلى الأسفل، يعني: من السرة وما تحتها، فيشده بحيث يغطي السرة؛ لأن العورة من السرة إلى الركبة، فيستر ما تحت السرة إلى الركبة وما نزل عن ذلك، بحيث لا يصل إلى حد الإسبال الذي يتجاوز الكعبين.
ومحل الشاهد من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك)، يعني: اتزر به فقط، ولا يحتاج إلى أنك تخالف بين طرفيه، وتعمل هذه الهيئة التي هي التواقص، بحيث يتمايل أو يلوي عنقه، أو يلم بعضه إلى ما فوق الكتفين.
هشام بن عمار صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ] .
سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ ويحيى بن الفضل السجستاني ].
يحيى بن الفضل السجستاني مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ قالوا: حدثنا حاتم يعني ابن إسماعيل ].
حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة ].
يعقوب بن مجاهد أبو حزرة صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود .
[ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ].
عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وقد مر ذكره.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يعزوه إلى عمر يعني: شك هل يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو ينسبه إلى عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
قوله: [ (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما) ].
يعني: لأن هذا أكمل وأستر، والثوبان إزار ورداء، أو قميص وسراويل، أو قميص ورداء، يعني: أن يكون هناك قطعتان.
قوله: [ (فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به) ].
يعني: حيث يكون ضيقاً يتزر به فقط، وإذا كان واسعاً يخالف بين طرفيه كما سبق أن مر في الأحاديث.
قوله: [ (ولا يشتمل اشتمال اليهود) ].
قيل: إن اشتمال اليهود هو: أن يتوشح به، أي: يجلل بدنه الثوب ويسبله من غير أن يرفع طرفيه.
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن زيد ].
هو حماد بن زيد بن درهم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ أو قال: قال عمر ].
هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الذي يبدو أن هذا ليس فيه بأس، والذي يبدو أن اليهود لا يضعونه على الكتفين، وإنما يجلل أحدهم به بدنه ويسبله، ولا يجعل أطرافه ترجع إلى كتفيه.
وفي الإحرام أحياناً الإنسان لا يلف الرداء؛ إما لحر وإما لعذر آخر، فيخلي الطرفين، والمهم أن يكون فوق الكتفين؛ لأن الإسبال إذا كان يترتب عليه سقوط لا يجوز، وذلك عندما ينكشف الكتفان، وكونه يلفه على كتفيه يكون هذا سبباً في عدم السقوط؛ لأنه لو سقط انكشف، وهذا هو السدل المنهي عنه في الصلاة، وهو أن يكون على الكتفين رداء، ويسدل بحيث يكون عرضة للسقوط، ولكنه إذا لف الطرف على الكتف فلا بأس، ولا يكون عرضة للسقوط.
وهذا الالتحاف الذي ذكر من فعل اليهود لا أدري هل هو مثل هذه الهيئة التي يفعلها المحرم، أم أنه يلتحف أحدهم به على جسده من تحت المنكبين، ويرسله ولا يلف أطرافه على الكتفين.
الحاصل: أن المحرم يكون عليه إزار ورداء، فلا يسبل الرداء وهو يصلي، بل يلفه على الكتفين؛ لأن هذا أمكن في عدم السقوط؛ لأنه لو سقط انكشف العاتقان، وقد جاء أن الإنسان لا يصلي في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء.
كذلك الجبة لها أكمام، والإنسان يدخل يديه في أكمام الجبة، والجبة مثل المشلح، يعني: توضع على الكتفين ولها أكمام، والمشلح كذلك له أكمام، ولا شك أنه إذا أدخل يديه في أكمامه لا ينشغل به؛ لأنه إذا كانت يداه من الداخل والكم من خارج فإنه ينشغل به من ناحية كونه يظل يمسكه أو يرده.. وما إلى ذلك.
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في لحاف لا يتوشح به) ].
واللحاف: هو الذي يلتحف به الإنسان في نومه، ومعلوم أن اللحف إذا كانت طاهرة وليس فيها نجاسة فإنها تستعمل، وإذا كانت فيها نجاسة فلا يجوز استعمالها، وهذا هو التوفيق بين ما جاء في كونه يصلى في اللحف أو لا يصلى في اللحف، يعني: أن المنع حيث تكون فيها نجاسة أو عرضة للنجاسة، والإباحة حيث تكون سليمة ولا نجاسة فيها، وقوله: (نهى أن يصلى في لحاف لا يتوشح به)، معناه: أنه يجعل شيئاً منه على كتفيه.
قوله: [ (والآخر أن تصلي في سراويل وليس عليك رداء) ] .
يعني: أنه ليس على كتفه منه شيء؛ لأن السراويل تكون على النصف الأسفل، والكتفان لا نصيب لهما مع السراويل؛ لأن السراويل لا يكون شيء منها على الكتفين، فكون الإنسان يصلي في سراويل فقط وليس على عاتقيه شيء نهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يصلي في سراويل وعليه رداء، فإذا لبس سراويل وعليه رداء، أو صلى في سراويل وعليه قميص حصل المقصود، لكن لا يصلي في سراويل دون أن يكون على كتفيه شيء؛ لأن السراويل مثل الإزار الضيق الذي يتزر به الإنسان، ويجوز للإنسان أن يستعمله حيث لا يقدر إلا عليه، وإذا كان الإنسان لا يقدر إلا على السراويل فإنه يصلي بالسراويل ولو لم يكن عليه شيء مادام أنه لم يحصل إلا هذا، كالإنسان الذي لا يحصل إلا إزاراً ضيقاً يتزر به، ولا يبقى منه شيء يصل إلى كتفيه.
فالحاصل: أن السراويل لا يصلى فيهما وحدهما مع القدرة على أن يضاف إليهما قميص أو رداء.
محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا سعيد بن محمد ].
سعيد بن محمد صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح ].
أبو تميلة يحيى بن واضح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو المنيب عبيد الله العتكي ].
هو عبيد الله بن عبد الله العتكي ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عبد الله بن بريدة ].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا زيد بن أخزم حدثنا أبو داود عن أبي عوانة عن عاصم عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام).
قال أبو داود : روى هذا جماعة عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود ، منهم حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأبو الأحوص وأبو معاوية ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب الإسبال في الصلاة.
والمراد بالإسبال: نزول الثياب عن الكعبين، هذا هو الإسبال، وهو الذي جاء التحذير منه، ومن ذلك حديث: (من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه)، وهو حرام مطلقاً في الصلاة وفي غير الصلاة.
لكن كون الإنسان يفعله في العبادة، ويؤدي العبادة وهو مرتكب لهذا الذنب لاشك أن في ذلك خطورة، ومن المعلوم أن الإسبال مطلقاً في جميع الأحوال حرام لا يجوز، وسواء كان في القميص أو في الإزار أو في المشلح أو في الجبة أو في السراويل أو في أي لباس يلبس، فلا يجوز للرجل أن يسبل ثيابه، ولا أن ينزل شيئاً من ثيابه عن الكعبين، بل يكون حد ما يصل إليه وينزل إليه هو الكعبان، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، فهذا يدلنا على تحريم الإسبال، وهو محرم في الصلاة وفي غير الصلاة، ولكنه إذا كان في الصلاة يكون الأمر أخطر؛ لأن الإنسان يتلبس بعبادة، ومع ذلك هو مرتكب لمعصية وواقع فيها، ففي الوقت الذي هو متلبس بالعبادة هو واقع في المعصية، ومرتكب لها.
قوله: [ (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام) ].
المقصود من هذا أن من أسبل إزاره في صلاته خيلاء أنه متكبر ومتصف بهذا الوصف الخبيث الذي هو التكبر.
وقوله: (في حل ولا حرام)، فسر بعدة تفسيرات، منها: ليس من الله في حل في أن يحل له الجنة أو يحول بينه وبين السوء، أو ما إلى ذلك.
فالمقصود من ذلك ذمه، وأنه ارتكب أمراً خطيراً، وهو أمر خطير في جميع الأحوال لاسيما إذا كان الإنسان في الصلاة، فإن ذلك يكون في غاية الفظاعة والخبث.
ثم ذكر أبو داود رحمه الله أنه جاء مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود ، وأن جماعة رووه عنه موقوفاً، ومن المعلوم أن مثل ذلك الموقوف في حكم المرفوع؛ لأن مثل هذا الكلام لا يقال من قبيل الرأي وإنما يصار فيه إلى التوقيف؛ لأن ما يتعلق بالوعيد وبالأمور التي فيها بيان عقاب فإنه لا يكون من قبيل الرأي.
فعلى كل: جاء مرفوعاً وجاء موقوفاً، والموقوف في حكم المرفوع، ولا تنافي بين الوقف والرفع.
زيد بن أخزم ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو داود ].
هو سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي عوانة ].
هو وضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم ].
هو عاصم بن سليمان الأحول ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عثمان ].
أبو عثمان هو: عبد الرحمن بن مل النهدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : روى هذا جماعة عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود منهم حماد بن سلمة ].
هو حماد بن سلمة بن دينار البصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ وحماد بن زيد وأبو الأحوص ].
حماد بن زيد مر ذكره، وأبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأبو معاوية ].
أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره إذ قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، ... وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره) ].
هذا يدلنا على خطورة إسبال الإزار والثياب، ولكن الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده أبو جعفر المؤذن الأنصاري ، وقد قيل: إنه مجهول، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، ولا يعتمد على من كان كذلك إلا إذا توبع، فالحديث ضعيف، وقيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يتوضأ لعله يتفكر في حاله ولعل طهارته للظاهر تكون سبباً لطهارة الباطن، وأن يحصل الانتقال من طهارة الظاهر إلى طهارة الباطن، وهو السلامة من الخيلاء والكبر؛ لأن الإسبال يكون بسبب الخيلاء والكبر، ولكن الحديث غير صحيح، وكون إسبال الثياب من الكبائر هذا جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء ما يدل على ذم الإسبال مطلقاً، وقد سبق أن مرت الإشارة إلى ما حصل من عمر رضي الله عنه في مرض موته، وأنه لما جاءه الشاب الذي أثنى عليه، ثم ذهب وإذا ثوبه يمس الأرض، فقال: (ردوا عليّ الغلام، ثم قال له: ارفع ثوبك؛ فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك).
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبان ].
هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي جعفر ].
هو أبو جعفر المؤذن الأنصاري المدني ، وهو مقبول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن ماجة .
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق فرضي الله تعالى عنه وأرضاه.
الجواب: جاء في الحديث: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء)، فصلاة الشخص ساتراً من السرة إلى الركبة مع عدم القدرة ليس فيه إشكال، وأما مع القدرة فهنا الإشكال من ناحية تغطية الكتفين.
وأما كون ستر العورة من شروط الصلاة فالعلماء يقصدون أن هذا هو الشيء الواجب، وأنه لا أقل منه، أما أزيد منه وأكثر فهذا شيء مطلوب، قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الأعراف:31].
والجمهور يشترطون الستر من السرة إلى الركبة، والإمام أحمد يرى الستر من السرة إلى الركبة وزيادة عليه العاتق.
فعند الحنابلة لابد من زيادة على هذا الشرط، لا يكفي أن يقال: من السرة إلى الركبة.
فلو صلى الإنسان وستر ما بين السرة إلى الركبة فقط مع القدرة على ستر العاتق فلا شك أن من قال: يعيد الصلاة أنه متعين عنده، وأنه من شرط صحة الصلاة، وأنه يكون تابعاً لستر العورة.
الجواب: لا يلزمك صلاة ما مضى، وإنما عليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، وتندم على ما مضى، واحرص في المستقبل على ألا تعود، وحافظ على الفرائض، وأكثر من النوافل، واجتهد في طاعة الله عز وجل، والتوبة تجب ما قبلها.
الجواب: إذا مسه من غير ساتر فإنه ينتقض وضوءه، سواء كان ناسياً أو متعمداً.
الجواب: نعم يجوز، فمادام أنك تريد نصحه فصافحه وادعه بلقب الأستاذ.
الجواب: إذا كان الهجر بسبب أمر منكر فقبل الهجران ينبغي النصح، والحرص على التوجيه، والهجران لا يصار إليه إلا إذا ترتبت عليه فائدة، أما إذا لم تترتب عليه فائدة فوجوده مثل عدمه.
الجواب: على كل هو قضاء وليس بأداء، إذ كان الواجب عليه أن يذبحه في وقت الأداء، وما دام أنه فعل، فإنه يصح ولكنه قضاء وليس بأداء، ولا أقول: إن حجه يكون باطلاً، ولكنه قصر في عدم الإتيان به في الوقت المشروع، وما دام أنه قد فعل، فإنه يصح قضاءً.
الجواب: أصلاً الصلاة الأربعين ليست بلازمة، فلا يلزم الإنسان أن يصلي أربعين صلاة في المسجد النبوي، والحديث الذي ورد في هذا ضعيف، ولكن صلاتك في المسجد النبوي الصلاة الواحدة بألف صلاة.
فإذا صليت أي صلاة في المسجد النبوي فهي بألف صلاة، وكونك صليت في مسجد آخر وما تمكنت من الصلاة في المسجد النبوي ليس عليك شيء، وما كنت تظنه من أن فيه أربعين ليس هناك شيء يدل على ثبوت الأربعين.
الجواب: كان الأولى لك أن تتركها ولا تأخذها، وكونك أخذتها ولم تخبره فكأنك أخذتها منه، وما دمت تعرف صاحبها فأرجعها إليه.
الجواب: هذا الحديث ليس فيه دلالة على أنه كان يرمقه وهو في الصلاة، وإنما يكون في غير الصلاة، وليس معناه أنه حصل الفعل في نفس الصلاة.
الجواب: الحركة للحاجة لا بأس بها، مثل هذا الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم من كونه أولاً: أدار جابر من جهة اليسار إلى جهة اليمين، ثم أرسل الاثنين وراءه، فهذه الحركة من أجل الصلاة لا بأس بها.
وليس هناك مقدار معين يقال فيه: إن من فعل كذا فإنه تبطل به الصلاة، ولكن الشيء الذي يكون فيه حركات كثيرة وعدم إقبال على الصلاة فهذا هو الذي تبطل به الصلاة؛ لأن هذا معناه: أن الإنسان غير ساكن في الصلاة، وأما تحديده بثلاث كما يقوله بعض الناس فليس عليه دليل.
الجواب: تعاد الصلاة إذا كان الأذان حصل خطأً حيث قدم عن وقته، والصلاة أديت في وقتها، فلا تعاد الصلاة، وإنما تعاد لو كانت أديت قبل وقتها، فلو كانوا صلوا قبل الغروب يعيدونها؛ لأنهم صلوا في غير الوقت.
وأما كون الأذان أخطأ فيه المؤذن، وأذن قبل الوقت فلا يدل على إعادة الصلاة، مادام أن الصلاة صليت في الوقت، وكان ينبغي أن يعاد الأذان عند دخول الوقت، فإنه إذا كان في فلاة فالأمر في ذلك سهل، ولكن إذا كانوا في مكان وقد يسمعهم الناس في البيوت فيبنون على هذا الأذان، فيصلون قبل الوقت، فيترتب على ذلك مضرة، فكان المناسب أو المتعين أن يعاد الأذان ، وأما الصلاة مادام أنها حصلت في الوقت فلا تعاد؛ لأنه لو وجدت الصلاة بدون أذان وإقامة صحت ولا تعاد.
الجواب: الجماعة كما هو معلوم تفوت، والجماعة هذه هي الصلاة المكتوبة، فإذا كان صلاته في الجنازة تؤدي إلى فوات الجماعة، فإنه يترك صلاة الجنازة ويصلي مع الجماعة.
فلا ينبغي للإنسان أن يتشاغل بصلاة الجنازة التي هي فرض كفاية، ويترك صلاة الجماعة التي هي واجبة عليه.
الجواب: كون الإنسان يلبس قميصين لا بأس به، ولكن كونه يلبس قميصاً وسراويل، أو قميصاً وإزاراً، أو مع الفنيلة والسراويل أولى من كونه يلبس ثوبين بدون أن يكون عليه إزار، وبدون أن يكون عليه سراويل؛ لأن هذا سبب في انكشاف العورة، ولكن إذا كان عليه ثوب وسراويل فانكشاف العورة مأمون أكثر.
وإذا كان في برد يحصل بلبسه ثوبين دفء فلا بأس.
الجواب: إذا كانت الثياب تشف البشرة، وكانت غير ساترة، فلا تصح الصلاة مع ذلك، وإنما على الإنسان أن يلبس سراويل كافية تغطي ما بين السرة والركبة، وإذا لبس عليها شيئاً شفافاً لا يضر، وأما كونه تبدو العورة من وراء هذا الشفاف، فهذا الشفاف وجوده مثل عدمه، لكن إذا لبس سراويل طويلة تغطي ما بين السرة والركبة ثم لبس الشفاف فلا بأس.
وإذا صلى بدون فنيلة فشف الثياب عن العاتق فلا بأس بذلك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر