باب تسوية الصفوف.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) ].
الإمام أبو داود رحمه الله لا يكثر من ذكر الكتب، وإنما يجمع الأبواب المتعلقة بالطهارة كلها ويجعلها تحت كتاب واحد وهو كتاب الطهارة، ولا يميز الحيض بكتاب، ولا غسل الجنابة بكتاب، ولا التيمم بكتاب.
ولكنه عندما يذكر الموضوعات المختلفة فإنه يجمع أحاديث الموضوع الواحد مع بعض، فيجعل أحاديث الجنابة مع بعض، وأحاديث الحيض مع بعض، وأحاديث التيمم مع بعض .. وهكذا، وكذلك لما جاء عند كتاب الصلاة جعل كل ما يتعلق بالصلاة كتاباً واحداً، ولكنه يذكر الموضوعات المختلفة على حدة، فيجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع على حدة، كما سبق أن مر بنا أنه جعل الأوقات على حدة، وبناء المساجد على حدة، والإمامة على حدة، وما يصلى به على حدة .. وهكذا.
وهنا ذكر الأبواب المتعلقة بالصفوف، فقال: تفريع أبواب الصفوف، ثم قال: باب تسوية الصفوف، يعني: أن باب تسوية الصفوف من الأبواب المتعلقة بالصفوف، وتسوية الصفوف تكون بإكمال الصف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث .. وهكذا.
وفي الصف الواحد تكون التسوية فيه بالتساوي، بحيث يكون كل واحد بحذاء الذي بجواره فلا يتقدم ولا يتأخر عنه، وأيضاً ألّا تكون في الصفوف فرج، فلا بد من التراص في الصفوف.
والعبرة في التسوية والتراص هي جهة الإمام، فمن كان عن يمين الإمام فالتقارب إلى جهة اليسار، ومن كان عن يسار الإمام فالتقارب إلى جهة اليمين.
أورد المصنف عدة أحاديث تتعلق بتسوية الصفوف، أولها: حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف يصفون؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) أي: يتمون الصف الأول ثم الذي يليه وهكذا، ثم لابد من التراص في الصفوف والتقارب بينها.
باب تسوية الصفوف.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) ].
الإمام أبو داود رحمه الله لا يكثر من ذكر الكتب، وإنما يجمع الأبواب المتعلقة بالطهارة كلها ويجعلها تحت كتاب واحد وهو كتاب الطهارة، ولا يميز الحيض بكتاب، ولا غسل الجنابة بكتاب، ولا التيمم بكتاب.
ولكنه عندما يذكر الموضوعات المختلفة فإنه يجمع أحاديث الموضوع الواحد مع بعض، فيجعل أحاديث الجنابة مع بعض، وأحاديث الحيض مع بعض، وأحاديث التيمم مع بعض .. وهكذا، وكذلك لما جاء عند كتاب الصلاة جعل كل ما يتعلق بالصلاة كتاباً واحداً، ولكنه يذكر الموضوعات المختلفة على حدة، فيجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع على حدة، كما سبق أن مر بنا أنه جعل الأوقات على حدة، وبناء المساجد على حدة، والإمامة على حدة، وما يصلى به على حدة .. وهكذا.
وهنا ذكر الأبواب المتعلقة بالصفوف، فقال: تفريع أبواب الصفوف، ثم قال: باب تسوية الصفوف، يعني: أن باب تسوية الصفوف من الأبواب المتعلقة بالصفوف، وتسوية الصفوف تكون بإكمال الصف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث .. وهكذا.
وفي الصف الواحد تكون التسوية فيه بالتساوي، بحيث يكون كل واحد بحذاء الذي بجواره فلا يتقدم ولا يتأخر عنه، وأيضاً ألّا تكون في الصفوف فرج، فلا بد من التراص في الصفوف.
والعبرة في التسوية والتراص هي جهة الإمام، فمن كان عن يمين الإمام فالتقارب إلى جهة اليسار، ومن كان عن يسار الإمام فالتقارب إلى جهة اليمين.
أورد المصنف عدة أحاديث تتعلق بتسوية الصفوف، أولها: حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف يصفون؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) أي: يتمون الصف الأول ثم الذي يليه وهكذا، ثم لابد من التراص في الصفوف والتقارب بينها.
هو ثقة، أخرج حديثه البخاري ، وأصحاب السنن.
[ حدثنا زهير ].
هو زهير بن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: سألت سليمان الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، لقبه الأعمش وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: سألته عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع ].
يعني: ساق الأعمش الإسناد، إلى جابر بن سمرة .
والمسيب بن رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن تميم بن طرفة ].
هو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن جابر ].
جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد المصنف حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم بوجهه)، يعني: عندما أراد الصلاة أقبل عليهم بوجهه، وقال: (أقيموا صفوفكم ثلاثاً)، يعني: كررها ثلاثاً.
قوله: (والله! لتقيمن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم)، فهذا فيه دليل على وجوب تسوية الصفوف؛ لأنّ هذا العقاب وهذا الوعيد الشديد لا يكون إلّا على أمر لازم وواجب.
قوله: [قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعب صاحبه]، يعني: أن كل واحد يقرب من صاحبه حتى يلتصق به، وحتى يكون متصلاً به، فلا يكون بين شخص وآخر فجوة، وإنما تكون الصفوف متراصة، ومتقاربة، ويتصل بعضها ببعض.
وكما ذكرت سابقاً أنّ العبرة هي جهة الإمام، فيتقارب الناس إلى جهة الإمام، فإذا كان الإمام في جهة فلا يذهبون إلى جهة أخرى ويبتعدون عن الإمام، وإنما يتقاربون إلى جهة الإمام، ويتراصون في جهته.
قوله: [والله لتقيمن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم] يعني: أن المخالفة في الظاهر تكون سبباً في المخالفة في الباطن، ومن المعلوم أن القلوب إذا اختلفت وتنافرت فإنه يحصل بذلك الشر الكثير.
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زكريا بن أبي زائدة ].
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قاسم الجدلي ].
هو حسين بن أبي الحارث وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ قال: سمعت النعمان بن بشير ].
النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
فلو كانت العبرة بأطراف القدمين فإن من كانت رجله طويلة وصف بجواره من رجله قصيرة، وجعل أطراف الأصابع بجنب أطراف الأصابع فإن الذي رجله قصيرة سيكون متقدماً على من رجله طويلة، ولكن حيث يكون الكعب محاذياً للكعب، والمنكب محاذياً للمنكب، والساق محاذياً للساق فسيكون هناك التساوي في الصف.
أورد المصنف رحمه الله حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يسوي الصفوف كما يسوي القدح، والقدح هو الخشب الذي يكون به النصل، وهو من وسائل الحرب، وتكون هذه القداح متساوية ومتصلاً بعضها ببعض، وليس فيها تقدم ولا تأخر، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف كهذه الهيئة.
فقد نبههم حتى ظن أنهم قد فهموا، فإذا برجل منتبذ صدره، يعني: قد بدا وخرج من بين الناس، فالصف متساوٍ إلا هذا الذي بدا صدره، فعند ذلك قال عليه الصلاة والسلام: (لتسوُّن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم).
والمخالفة بين الوجوه قيل: تكون بالمخالفة بين القلوب والوجهات، وقيل: تكون تلك المخالفة والعقوبة من جنس الحديث الذي سبق أن مر: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار) يعني: أنه يعاقب فيجعل على هيئة غريبة تخالف ما عليه الناس، فتكون المخالفة في الوجوه إما بهذا، أو بالمخالفة بين القلوب والوجهات كما في الحديث المتقدم: (لتسوون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم)، فتكون المخالفة في الظاهر سبباً في اختلاف البواطن، وتفاوت القلوب وتنافرها وعدم استقامتها وتآلفها.
هو التبوذكي المنقري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة بن دينار وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم ، وأصحاب السنن. إذا روى موسى بن إسماعيل عن حماد غير منسوب، فالمراد به حماد بن سلمة كما مر بنا ذلك كثيراً.
[ عن سماك بن حرب ].
هو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم ، وأصحاب السنن.
[ قال: سمعت النعمان بن بشير ].
رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.
قوله: [ (حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا، أقبل ذات يوم بوجهه) ] ليس فيه دلالة على أن الإمام إذا رأى من المأمومين معرفة بهذا الحكم ألا يكرر عليهم ذلك في كل صلاة، بل يكرر ذلك، لكن لكونه يستقبلهم بوجهه ويسوي بينهم كما يسوى القداح لا يفعله دائماً، ولكن كونه يقول: أقيموا صفوفكم، أو استووا، هذا يقوله باستمرار؛ لأن فيه تنبيهاً لهم وبياناً لهذا الأمر المطلوب.
ولكن هذه الهيئة الذي كان يفعلها عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان، وهي: أنه يسوي الصفوف كما تسوى القداح لم يكن يفعلها دائماً.
أورد المصنف حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية) يعني: من ناحية اليمين إلى ناحية اليسار؛ حتى يستوي المناكب والأقدام فيكونون متساوين.
قوله: [ يمسح صدورنا ومناكبنا ] أي: حتى تكون متساوية بحيث لا يكون هناك تقدم ولا تأخر، فإذا كان أحدهم متقدماً دفعه بصدره، وإذا كان متأخراً قدمه بمنكبه؛ حتى يكون الصف متساوياً.
قوله: [ لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ]، وهذا مثل ما تقدم في الأحاديث.
قوله: [ وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأُوَل ]، وهذا يدلنا على فضل الصفوف الأوَل، وأن الصف الأوّل هو خير الصفوف ثم الثاني ثم الثالث .. وهكذا، فكل صف خير من الذي وراءه، والصف الأول هو خير الصفوف كما قال ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) والحديث في ( صحيح مسلم ).
والصلاة من الله عز وجل هي الثناء على المصلى عليه، وأما صلاة الملائكة فهي الدعاء.
هو هناد بن السري أبو السري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم ، وأصحاب السنن.
[ وأبو عاصم بن جواس الحنفي ].
هو أحمد بن جواس وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ عن أبي الأحوص ].
هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن طلحة اليامي ].
هو طلحة بن مصرف اليامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن عوسجة ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن ].
[ عن البراء بن عازب ].
البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وقد سبق أن مر بنا حديث جابر بن سمرة ، وحديث النعمان بن بشير ، وهؤلاء الثلاثة صحابة أبناء صحابة، فـجابر بن سمرة صحابي، وأبوه صحابي، والنعمان بن بشير صحابي، وأبوه صحابي، والبراء بن عازب صحابي، وأبوه صحابي.
أورد المصنف رحمه الله تعالى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسوي صوفهم إذا قاموا للصلاة، فإذا رأى أن قد استووا كبر ودخل في الصلاة، فهذا يدل على أن الإمام لا يدخل في الصلاة إلّا بعد تسوية الصفوف، وهو يدل أيضاً على عدم صحة ما نقل عن الحنفية من أن الإمام يدخل في الصلاة عند قول المقيم: قد قامت الصلاة، وقبل أن ينهي الإقامة، فإنّ الحديث واضح الدلالة على أنه لا يكبر إلا بعد انتهاء الإقامة وتسوية الصفوف، وليس التكبير عند قول المقيم: قد قامت الصلاة.
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا خالد بن الحارث ].
هو خالد بن الحارث البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ، قال: سمعت النعمان بن بشير ].
وقد مر ذكرهما.
قال أبو داود : أبو شجرة : كثير بن مرة .
قال أبو داود : ومعنى: (لينوا بأيدي إخوانكم): إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف ].
أورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب) أي: أن يكون منكب كل إنسان محاذياً لمنكب الذي بجواره، والمعتبر كما ذكرت هو جهة الإمام.
قوله: (وسدوا الخلل) يعني: لا تتركوا فرجاً بين الصفوف، وإنما اجعلوا الصفوف متراصة متقاربة.
قوله: (ولينوا بأيدي إخوانكم) فسر اللين بأيدي الإخوان بإنه إذا طلب منه أحد أن يتقدم لكونه متأخراً فإنه يلين ويتقدم، وإذا كان متقدماً وطلب منه أن يتأخر فإنه يتأخر، وإذا كان في الصف فجوة وطلب منه أن يقرب إلى جهة جاره فإنه يقرب، فكل تلك المعاني تدخل تحت قوله: [ (لينوا بأيدي إخوانكم) ] والمراد أن يتحرك إذا طلب منه، وأن يتعاون مع إخوانه في تسوية الصفوف.
وفسر المصنف رحمه الله اللين بأن الإنسان إذا أراد أن يدخل في الصف إذا كانت فيه فرجة أو أراد أن يدخل بين شخصين من أجل أن يصل الصف فإن على هذين الشخصين أن يلينا له، وأن يمكناه من الدخول، وألا يمنعاه ولا يحولا دون الوصول إلى ما يريد.
قوله: (ولا تذروا فرجات للشيطان)، أي: لا تتركوا فرجات بينكم، فإن الشيطان يدخل من خلالها، ويعجبه ذلك؛ لأن هذا يخالف تسوية الصفوف الذي أمر الله تعالى به، والذي أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأن ذلك يؤدي إلى أن الله يخالف بين وجوهكم وقلوبكم، وهذه من الأشياء التي يريدها الشيطان ويحبها.
قوله: (ومن وصل صفاً وصله الله) ، أي: أن يقرب بعضهم من بعض، وإذا كانت هناك فرجة في الصف فإنه يدخل فيها ويسدها، فكل هذا من وصل الصفوف.
قوله: (ومن قطع صفاً قطعه الله)، أي: يتسبب في قطع الصف، فالأول يوصله الله بالثواب، والثاني يقطعه من الثواب، أو يحصل له الإثم، أو يعاقبه بضرر يحصل له كما جاء في الحديث (أو ليخالفن الله بين قلوبكم) فتكون هناك منافرة بين القلوب، فهذه عقوبة للقلب، أو تكون عقوبة للوجه كما في الرواية الأخرى، فتحصل مخالفة بين الوجوه.
وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح، وحدثنا قتيبة بن سعيد ].
قوله (ح) تعني: تحول من إسناد إلى إسناد، وقتيبة بن سعيد هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
هو الليث بن سعد المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحديث ابن وهب أتم ].
يعني: الإسناد الأول، فإن أبا داود رحمه الله ذكر هذا الحديث من طريقين: من طريق عيسى بن إبراهيم الغافقي ، عن ابن وهب ، ومن طريق قتيبة بن سعيد ، عن الليث ، وطريق ابن وهب -وهي الطريقة الأولى- أتم.
[ عن معاوية بن صالح ].
هو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن ].
[ عن أبي الزاهرية ].
هو حدير بن كريب الحمصي وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن كثير بن مرة ].
وهو: ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال: قتيبة ، عن أبي الزاهرية ، عن أبي شجرة ، لم يذكر ابن عمر ].
يعني: قتيبة الشيخ الثاني في الإسناد الآخر يقول: عن أبي الزاهرية.
وقد مر ذكره، عن أبي شجرة.
وقد ذُكر في الإسناد الأول باسمه: كثير بن مرة ، وذُكر هنا في الإسناد الثاني بكنيته: أبي شجرة ، والإسناد الأول متصل، والإسناد الثاني مرسل، فإنه لم يذكر ابن عمر ، وإنما هو عن أبي شجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا من المعاني التي تدخل تحت قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم)، وليس قصراً عليها، لأن منه أيضاً كما ذكرت إذا كان الإنسان متقدماً فطلب منه أن يتأخر فيتأخر، أو كان متأخراً فطلب منه أن يتقدم فيتقدم، أو كان في فجوة فيُطلب منه أن يقترب حتى يسدها فليستجب، أو إذا أراد أن يدخل بين من أمامه حتى يسد فرجة فليتُرك، أو أن يكون هناك سعة فيريد أنه يدخل، فكل هذا يدخل تحت قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم).
وتفسير أبي داود تفسير بالمثال، وليس حصراً للين في ذلك، وهذا ما يسمونه التفسير بالمثال، يعني: أن يذكر مثالاً من الأمثلة التي تندرج تحت هذا اللفظ.
وهذا الكلام في الصلاة وقبل الصلاة، فلا يجوز للإنسان أن يمتنع، بل عليه وإن كان في الصلاة أن يقترب إذا كان هناك فجوة في الصف، وإذا كان متأخراً فعليه أن يتقدم، وإذا كان متقدماً فعليه أن يتأخر، فإن ذلك من مصلحة الصلاة، ومن الأشياء المأمور بها في الصلاة.
وبعض الناس إذا أراد أن يتقدم إلى سد فرجة مثلاً فإنه يمشي مشية معينة، فيسحب رجله سحباً؛ لأنها إذا ارتفعت عن الأرض فقد يؤدي ذلك إلى بطلانها بزعمهم، ولا نعلم في ذلك دليلاً، ولكن كون الإنسان يمشي بهدوء فهذا شيء مطلوب، فلا يتقدم بسرعة، ولا يقفز قفزاً، بل يمشي بهدوء.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (رصوا صفوفكم) يعني: تقاربوا فيها وتراصوا فيها كما يتراص البنيان، وكما يتقارب البنيان، فإذا أنتم فعلتم هذا التقارب والتراص الذي يكون فيه كل واحد ملتصقاً بالذي جواره فإنها لا تكون هناك فجوة، ولا تكون هناك فرج أو خلل بين الصفوف.
قوله: (وقاربوا بينها) يعني: قاربوا بين الصفوف بحيث لا يكون هناك صف بعيد عن صف، ولا تكون هناك فجوة كبيرة بين الصف والصف.
قوله: (وحاذوا بالأعناق) يعني: أن هذا التراص وهذا التقارب يكون بالمحاذاة بالأعناق والمناكب والأكعب والساق، فلا يكون بأطراف القدمين فقط، ولا أن يحاذي الإنسان ببطنه بطن الذي قبله، لا، وإنما يكون بالمناكب والأعناق والأكعب .. وهكذا.
قوله: (فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف) المقصود بالحذف: صغار البهائم والغنم التي تدخل؛ لأنها صغيرة ولطيفة وخفيفة، ومعنى هذا: أن الإنسان لا يدع فرجة بين الصفوف يدخل منها الشيطان؛ لأن الشيطان يريد من الناس ألا يتبعوا السنة، وألا يمتثلوا ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتراص والتقارب في الصفوف، فعدم ذلك يعجب الشيطان؛ لأن فيه مخالفة لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن الشياطين تدخل من الخلل أو الفجوات التي تكون بين الصفوف كأنها صغار الغنم.
هو الفراهيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان ].
هو أبان بن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما وضع الحبل الممتد من طرف الصف إلى طرفه لإقامة الصف فما نعلم له وجهاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعله، وإنما كان يأمر بتسوية الصفوف وتقاربها.
وكذلك وضع اللصقة من أول الصف إلى آخره، أو ما إلى ذلك فليس له وجه، لاسيما اللصقة التي يمكن أن تنخلع بحيث تلتصق رجل المصلي بالفراش، فينشغل الإنسان بذلك في صلاته.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة).
المقصود بالصف هنا الجنس، أي: الصفوف.
قوله: (فإن تسوية الصف من تمام الصلاة) قد يستدل به بعض أهل العلم على أن التسوية غير واجبة، ولكن الأحاديث التي فيها بيان العقوبة، والتحذير من أن الشيطان يجد خلالاً بين الصفوف يدل على الوجوب.
فقوله: (من تمام الصلاة) لا يعني أن التسوية غير واجبة، وإنما يعني أن هذا فيه زيادة في الأجر والثواب، وأنَّ الإنسان يأتي بالشيء الواجب ويثاب عليه، لا أنه أمر مستحب.
هو هشام بن عبد الملك وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وسليمان بن حرب ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه، أنّ محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة فيقول: (صليت إلى جنب
وهذا الحديث في إسناده شخصان متكلم فيهما، ولكن قوله: (استووا، وعدلوا صفوفكم) جاء معناه في أحاديث عديدة ثابتة، فمعناه صحيح وإن كان هذا الإسناد غير ثابت.
قتيبة مر ذكره وحاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج أحاديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ].
وهو لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة ].
هو مقبول، أخرج حديثه أبو داود .
فهذا الحديث فيه محمد بن مسلم بن السائب ، وفيه مصعب بن ثابت ، وهما ضعيفان.
[ عن أنس ].
وقد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتسوية الصفوف فيقول: (اعتدلوا سووا صفوفكم) يعني: من جهة اليمين ومن جهة الشمال، وهو مثل الذي قبله.
هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج أحاديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا حميد بن الأسود ].
هو صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري ، وأصحاب السنن.
[ حدثنا مصعب بن ثابت ، عن محمد بن مسلم ، عن أنس ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه: أن كل صف يتم قبل أن ينشأ الصف الذي وراءه، وإذا كان هناك نقص فليكن في الصف المؤخر، أي: أنه لا ينشأ الصف الثاني والصف الأول لم يكتمل، ولا ينشأ الثالث والصف الثاني لم يكتمل، بل يكمل كل صف، وإن كان هناك نقص فليكن في الصف الأخير، ومن جاء بعد ذلك فليتم هذا الصف، وإن بقي الأمر بدون إتمام فإنه يكون في المؤخر، فهذا من تسوية الصفوف.
هو صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا عبد الوهاب يعني ابن عطاء ].
هو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد ].
هو سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قد مر ذكرهما.
قال أبو داود : جعفر بن يحيى من أهل مكة ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة) يعني: أنه إذا طلب منه أن يتقدم تقدم، وإذا طلب منه أن يتأخر تأخر، وإذا طلب منه أن يقرب قرب، وهذا في الصلاة كما هو ظاهر في الحديث.
وهذا من جنس قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم)، وفيه بيان فضل من يكون كذلك، وأن هذا مما يمدح عليه، ويعتبر صاحبه من الخيار.
هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عاصم ].
هو أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جعفر بن يحيى بن ثوبان ].
هو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن ماجة .
[ عن عمه عمارة بن ثوبان ].
هو مستور، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن ماجة .
[ عن عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ]
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: لا، ليس كذلك، بل عليه أن يتقدم، ووجود منبر يقطعه لا يعني ذلك أنه يُترك، بل عليه أن يتقدم، ولو قطع بالمنبر، فإن مثل ذلك لا يؤثر.
الجواب: لا أدري هل ذهاب الرائحة كان بسبب تقادم العهد، وطول المدة؟ فإذا كان هذا بسبب طول مدة بقائه عند المشتري فليس على البائع شيء؛ لأن ذلك العيب إنما هو بسبب تأخر بقائه عند المشتري.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر