حدثنا مسدد حدثنا يحيى ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المعنى عن حجاج الصواف حدثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فعرفت أنهم يصمتوني، فقال
أورد أبو داود هذه الترجمة : [ باب تشميت العاطس في الصلاة ].
يعني: حكم ذلك، وأنه لا يجوز؛ لأنه من الكلام، والمصلي لا يكلم غيره ولا يخاطب غيره.
وتشميت العاطس كما هو معلوم إنما يكون إذا حمد الله وهو في غير الصلاة، وإذا لم يحمد الله فلا يشمت؛ لأن التشميت إنما يكون بعد أن يحمد العاطس الله عز وجل.
وحديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه يفهم منه أن الذي عطس حمد الله، فشمته فقال: يرحمك الله، وكون العاطس يحمد الله في الصلاة لا بأس بذلك؛ لأنه ذكر لله عز وجل، ولا مانع منه، لكن ينبغي للإنسان عندما يحمد الله في الصلاة ألا يرفع صوته وإنما بينه وبين نفسه، ولا يشمته غيره؛ لأنه كلام من الشخص لغيره وليس له ذلك.
فشمته معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، فجعل الناس ينظرون إليه نظراً فيه إنكار، فقال في الصلاة: (واثكل أمياه! مالكم تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم) ففهم منهم أنهم يريدون منه أن يسكت وأن ينتهي، فسكت، ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته، قال: (إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) فبين له عليه الصلاة والسلام بعد الصلاة أن الصلاة إنما هي محل للتكبير والتسبيح وقراءة القرآن وذكر الله سبحانه وتعالى، فلا يكون فيها شيء من الكلام بين الناس بعضهم لبعض، وقد كان ذلك سائغاً في أول الإسلام ولكنه نسخ.
يحكي معاوية بن الحكم السلمي ما حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الصلاة، فيقول: (بأبي هو وأمي) يعني: هو مفدى بأبي وأمي، وهذا ليس بقسم وإنما هي تفدية.
قوله: [ (ما ضربني) ] يعني: ما أدبه بالضرب على هذا الصنيع.
قوله: [ (وما كهرني) ] يعني: ما أغلظ له في القول.
قوله: [ (وما سبني) ] يعني: ما تكلم عليه بكلام يسبه فيه، وإنما قال له صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
يعني: لا يحل في الصلاة كلام الناس الذي هو التخاطب فيما بينهم، وإنما الشأن فيها إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
وقوله: [ (أو كما قال صلى الله عليه وسلم) ] .
وهذا فيه إشارة إلى أنه لم يتقن اللفظ الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أتقن المعنى، فهذه العبارة تقال إذا كان الإنسان لم يتقن اللفظ ولم يضبطه تماماً، ولكنه أتى بمعناه، وأضاف القول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة، فيأتي بعدها بقوله: أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهذه تستعمل كثيراً في كلام العلماء عندما يحدثون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى، ومن غير ضبط منهم لألفاظه صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلته هذا الحديث عن هذا الصحابي معاوية بن الحكم السلمي رضي الله تعالى عنه.
وكذلك أيضاً جاء مثل ذلك في مقدمة الإمام ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في ذكر حديث أنس ثم قال في آخره: أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فهذه طريقة اتبعها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعهم عليها العلماء من بعدهم.
وهذه الفائدة أشرت إليها في سنن ابن ماجة وأوردتها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى.
بدأ هذا الصحابي يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمور كانت معروفة عندهم في الجاهلية، وهو يريد أن يعرف حكمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على عناية الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم واهتمامهم بمعرفة الأحكام الشرعية، ومعرفة ما يسوغ وما لا يسوغ من الأعمال التي كانت في الجاهلية؛ لأن الإسلام نهى عن أشياء من أمور الجاهلية وأقر أخرى، فما أقر منها ثبت بحكم الإسلام وهو الإقرار، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، وهناك أمور جاء النهي عنها من أمور الجاهلية.
فإذاً: الأمور التي كانت في الجاهلية منها ما جاء الإسلام وأقره، ومن ذلك الولي في النكاح، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: أن الرجل عندما يريد المرأة يذهب إلى وليها ويخطبها منه، يعني: أن الولي هو المسئول عن الزواج، وهو الذي يذهب إليه ويخطب منه، فجاء الإسلام وأقر ذلك، ومثل المضاربة في التجارة بالمال، بأن يدفع شخص لآخر مبلغاً من المال على أن يتجر به، وما حصل من ربح فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها. هذه من الأمور التي كانت موجودة في الجاهلية وأقرها الإسلام، وقد حصل الإجماع من العلماء عليها.
وأشياء كثيرة منع منها الإسلام، كما جاء في حديث معاوية بن الحكم السلمي ، حيث سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (ومنا رجال يأتون الكهان) يعني: في الجاهلية، قال: (فلا تأتهم) يعني: لا يجوز أن يذهب إلى الكهان، وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنع من الذهاب إلى الكهان، وبيان خطر الذهاب إليهم، وخطر تصديقهم فيما يقولون.
والكهان هم الذين يخبرون عن أمور غيبية، ويكون ذلك بالخبط والتخمين، وباستخدام إخوانهم من شياطين الجن، فإن الشيء إذا كان موجوداً يمكن أن يطلع عليه ويخبر عنه بسرعة، لكن يمكن أن يكون إخوانهم من شياطين الجن أخبروهم عن الشيء الذي يطلعون عليه ولا يطلع عليه الإنس، فيكون من الكهان الذين يستعينون بشياطين الجن فيعينونهم، ثم يخبروننا عن أمر، فتحصل فتنة للناس بسبب ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الذهاب إليهم وعن تصديقهم فيما يقولون، وحرم الذي يعطى لهم وهو حلوان الكاهن، ومعروف قصة أبي بكر رضي الله عنه مع الغلام الذي كان له، وأنه كان قد تكهن في الجاهلية، ثم لقي هذا الذي تكهن له وأعطاه مكافأة على ذلك، وأعطى أبا بكر فأكل منها، ولما علم أبو بكر ذلك استقاء ذلك الشيء الذي أكله من هذا الغلام الذي جاء عن طريق الكهانة.
فجاءت الشريعة بتحريم حلوان الكاهن، وتحريم الذهاب إليهم وتصديقهم فيما يقولون، على أن الجن الذين يستعينون بهم شياطين الإنس لا يعلمون الغيب، وقد جاء القرآن بذلك كما حكى عن الجن الذين سخرهم الله لسليمان عليه الصلاة والسلام في قصة العصا، وأن دابة الأرض أكلتها، قال الله: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ [سبأ:14] يعني: هم لا يعلمون الغيب، ولكن يمكن أن يكونوا بسبب ذهابهم وإيابهم يطلعون على أشياء ويخبرون بها إخوانهم من شياطين الإنس.
الحاصل: أن الكهان هم الذين يخبرون عن الأمور المغيبة، أما العراف فهو الذي يخبر عن مكان الضالة أو مكان المسروق، والعرافة نوع من الكهانة، وكل ذلك لا يسوغ ولا يجوز.
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لـمعاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: (لا تأتهم) يعني: لا تفعل هذا الذي كنتم تفعلونه في الجاهلية، والحكم في الإسلام أنه لا يذهب إلى الكهان ولا يصدقون.
يسمى التطير بذلك نسبة إلى الطيور، فقد كانوا إذا أرادوا السفر أخذوا طيراً فتركوها فإن اتجهت إلى اليمين تفاءلوا وسافروا، وإذا اتجهت إلى الشمال عدلوا عن السفر بسبب ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (هذا شيء يجدونه في نفوسهم، فلا يصدهم) يعني: هذه الأمور التي كانوا يفعلونها في الجاهلية ينبغي أن تترك، وأن المسلمين يقدمون على ما يقدمون عليه ولا يلتفتون إلى هذه الطيور وما يحصل منها، لا يجوز أن يرجع الإنسان عن السفر الذي أراده؛ لأنه تشاءم من كون الطيور جاءت من جهة الشمال.
كذلك الذين يتشاءمون من أرقام معينة فهو من التشاؤم، وبعض الباعة إذا استفتح بيعه بأعرج أو بأعمى تشاءم من ذلك، وهذا غلط وجهل وضعف عقل.
يعني: يخطون في الأرض، وذلك بأنهم كانوا يخطون عدة خطوط، ثم يجعلونها اثنين اثنين اثنين، فإن بقي اثنان صارت علامة خير، وإن بقي واحد كانت علامة شر، فهم يخطون في الأرض ويتفاءلون ويتشاءمون.
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كان نبي يخط، فمن وافق خطه فذاك) يعني: ولا يمكن أن يوافق خطه؛ لأن هذه إحالة إلى شيء غير معلوم، ولا سبيل إلى معرفته.
إذاً: استعمال الخطوط في الأرض، وبناء أشياء عليها، سواء كانت من جهة التشاؤم والتفاؤل أو عن طريق كهانة أو ما إلى ذلك، كل ذلك لا يسوغ ولا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن نبي أنه كان يخط، ومن المعلوم أن النبي الذي كان يخط إنما يفعل بالوحي.
قوله: [ (فمن وافق خط ذلك النبي فذاك) ] يعني: أنه لا سبيل إلى موافقته وإلى معرفة موافقته، فيكون استعمال الخطوط في الأرض لا يسوغ ولا يجوز؛ لأنه إخبار عن أمر مغيب، وهو فعل نبي من الأنبياء أنه كان يخط.
والاعتماد على هذه الخطوط لا يكون من الشرك الأكبر أو الأصغر، وإنما يكون من التشاؤم، أما إذا كان يعتقد أن الخطوط أو أن غير الله عز وجل هو الذي ينفع ويضر، فهذا هو الشرك، وأما إذا وقع في باله أن هذا علامة خير أو علامة شر، فهذا لا يكون شركاً أكبر.
يعني: أن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أسئلة كانت من أمور الجاهلية، ومن الأمور التي كانوا يعتادونها في الجاهلية الكهانة والخطوط في الأرض والتطير، ثم سأله عن أمر يخصه وحادثة حدثت له، وهي: أن جارية له كانت ترعى غنماً له في أحد والجوانية، فتفقد حالها في وقت من الأوقات، وإذا بالذئب قد أخذ واحدة من الغنم، فصك تلك الجارية صكة، فعظم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، وبين صلى الله عليه وسلم أن هذا أمر عظيم لا يسوغ ولا يجوز؛ لأنه حصل منه لها هذا الإيذاء الذي لا يصلح ولا يليق.
وهذا يدلنا على أن خير الخلق وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم سأل بأين الله؟ وأن ذلك سائغ وجائز، وأن الله تعالى في السماء.
والمقصود بالسماء العلو؛ لأن كل ما علا وارتفع فهو سماء، فلا يفهم من الحديث أن المقصود بالسماء، هي السماء المبنية، وأن الله تعالى تحويه السماوات، وأنه في داخل السماوات، لا، وإنما المقصود من ذلك العلو، ومن المعلوم أن كل ما علا وارتفع فهو علو، فبالنسبة لنا كل ما فوقنا هو سماء لنا، ومن المعلوم أن العرش فوقه علو، والله تعالى في العلو الذي فوق العرش، لا يحويه شيء من مخلوقاته ولا يحل في شيء من مخلوقاته، فهو مباين لمخلوقاته؛ لأن الله تعالى خلق الخلق وكان هو الموجود وحده، ولما خلقهم لم يحل فيهم ولم يحلوا فيه، بل هو مباين لهم وهم مباينون له، والله تعالى فوق العرش، وقد جاء القرآن الكريم بذلك : أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16] أي: في العلو، فالجارية قالت: في السماء، أي: في العلو، والله سبحانه وتعالى في العلو فوق الخلق مستو على عرشه فوق خلقه، عال على جميع خلقه سبحانه وتعالى.
إذاً: كل ما علا، فهو سماء، وما دون العرش مخلوق، والله تعالى لا يحل في شيء مخلوق، والله عز وجل فوق العرش، وما فوق العرش هو الخلو والعدم، وليس فيه إلا الله عز وجل.
قوله: [ (قال: وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون) ].
يعني: هذا اعتذار منه لفعله الذي فعل، قال: إنني غضبت وإني أسفت، والأسف هو الغضب، قال عز وجل: فَلَمَّا آسَفُونَا [الزخرف:55] يعني: أغضبونا، فحصل له غضب، وأنه بسبب ذلك صك الجارية هذه الصكة.
أما الكلام في الصلاة نسياناً فإنه لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر إذا تكلم عامداً، يقول عز وجل في النسيان: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ المعنى ].
أي: أن الطريقين إنما اتفقا في المعنى وليس في الألفاظ.
[ عن حجاج الصواف ].
حجاج الصواف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني يحيى بن أبي كثير ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هلال بن أبي ميمونة ].
هلال بن أبي ميمونة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معاوية بن الحكم السلمي ].
معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأبو داود والنسائي .
وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه.
أورد أبو داود حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه بعض ما في الذي قبله، وفيه زيادة: أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلم شيئاً من أمور الإسلام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أنه إذا عطس أن يحمد الله، وأنه إذا سمع العاطس يحمد الله أن يشمته، ويقول له: يرحمك الله، وبينما هو يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فحمد الله ذلك الرجل العاطس، فشمته معاوية بن الحكم رضي الله عنه، فنظر الناس إليه نظراً ساءه، فقال: ما لكم تنظرون إلي بأعين شزر؟! فسبحوا فسكت، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من المتكلم؟ قالوا: هذا الأعرابي، فأخبره أن الصلاة إنما هي للتسبيح وقراءة القرآن، وأن الإنسان إذا كان في الصلاة يكون هذا شأنه إما أن يكون قارئاً للقرآن، وإما أن يكون ذاكراً مسبحاً لا متكلماً في أمور الدنيا.
إذاًً: العاطس إذا عطس في غير الصلاة وحمد الله عز وجل فإنه يشمت، وإذا لم يحمد الله عز وجل فإنه لا يشمت، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما بالنسبة للصلاة فللعاطس أن يحمد الله سراً، ولكن من سمعه يحمد الله ليس له أن يشمته وهو في الصلاة؛ لأن حمد الله عز وجل ذكر وثناء على الله، وهو سائغ في الصلاة، وأما قول: يرحمك الله -التشميت- فهو خطاب وكلام من المشمت للعاطس، والكلام والمخاطبة في الصلاة لا تسوغ ولا تجوز.
أي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطبه بهذا الرفق وبهذا اللين، وقال له: إن الصلاة لا ينفع فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وذكر الله عز وجل، وهذا يدلنا على أن الرفق في التعليم والرفق في التأديب والتوجيه فيه الخير وفيه البركة، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله رفيق يحب الرفق) وقوله: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه) وكان هذا سمت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهديه ومنهجه وطريقته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو خير الناس وأنصح الناس للناس، وهو أكمل الناس نصحاً وأكملهم بياناً وأفصحهم لساناً، وكان هذا شأنه مع أصحابه يعلمهم ويرفق بهم، ويجدون ثمرة هذا الرفق، فيقولون ما يقولون مثل هذه المقالة التي قالها معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: (فما رأيت معلماً أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
محمد بن يونس النسائي ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا عبد الملك بن عمرو ].
هو أبو عامر العقدي ذكره هنا باسمه، ويذكره أحياناً بكنيته، فأحياناً يقول: حدثنا أبو عامر العقدي ، وأحياناً يقول: حدثنا عبد الملك بن عمرو .
ألا يظن الشخص الواحد شخصين، إذا ذكر باسمه مرة وذكر بكنيته مرة أخرى، فإن من لا علم له يظن أن عبد الملك بن عمرو هو غير أبي عامر العقدي ، لكن من يكون على علم بذلك فإنه لا يلتبس عليه الأمر، سواء جاء ذكره بـعبد الملك بن عمرو أو جاء ذكره بـأبي عامر ، فهو شخص واحد وليسا شخصين، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا فليح ].
هو فليح بن سليمان هو صدوق يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن هلال بن علي ].
هلال بن علي وهو ابن أبي ميمونة الذي مر في الإسناد السابق، ذكر هنا منسوباً إلى أبيه باسمه، وفي الحديث السابق ذكر منسوباً إلى أبيه بكنيته، وهذا مثل ما أسلفت من فائدته ألا يظن الشخص الواحد شخصين، إذا ذكر منسوباً إلى أبيه مكنى أو ذكر منسوباً إلى أبيه مسمى، فإن من لا علم له يظن أن هذا شخص وهذا شخص، ولكن من كان عالماً لا يلتبس عليه الأمر، إن جاء هلال بن علي عرف أنه هلال بن أبي ميمونة ، وإن جاء هلال بن أبي ميمونة عرف أنه هلال بن علي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معاوية بن الحكم السلمي ].
معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأبو داود والنسائي .
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سلمة عن حجر بن العنبس الحضرمي عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال: آمين، ورفع بها صوته) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ التأمين وراء الإمام ].
يعني: حكم تأمين المأموم وراء الإمام أنه يؤمن ويرفع صوته بالتأمين، كما أن الإمام يرفع صوته بالتأمين، وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الإمام يؤمن، وكذلك المأموم جاء أنه يؤمن.
وجاء في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته بالتأمين، وليس فيه شيء يتعلق بالمأموم، مع أن الترجمة هي للتأمين وراء الإمام، ولكن وجه إيراده في هذه الترجمة: أن المأموم مطلوب منه أن يتابع الإمام، وأن يفعل مثل ما يفعل الإمام، ولا يخالفه إلا فيما استثني، مثل: سمع الله لمن حمده، فإنه لا يقولها المأموم وإنما يقولها الإمام وحده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: ربنا ولك الحمد) لم يقل: فقولوا: سمع الله لمن حمده، فإن هذا مستثنى من متابعة الإمام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
إذاً: فالإمام يؤمن ويرفع صوته، والمأموم كذلك يؤمن ويرفع صوته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ولا يستثنى من ذلك إلا ما جاء دليل يدل على اختصاصه بالإمام، والذي جاء هو سمع الله لمن حمده، فإنه يقولها الإمام ولا يقولها المأموم، والإمام يجمع بين التسميع والتحميد، والمأموم يحصل منه التحميد دون التسميع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد).
إذاً: وجه الاستدلال بهذا الحديث على الترجمة: [ التأمين وراء الإمام ] أي: تأمين المأموم وراء الإمام مأخوذ من جهة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) والإمام يقول: آمين ويرفع بها صوته، فكذلك المأموم يقول: آمين ويرفع بها صوته، استناداً إلى أن الإمام يقتدى به وأنه يتبع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وستأتي أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أمر المأمومين بأن يؤمنوا تبعاً للإمام، وأنه إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فليقل المأموم: آمين، يعني: يؤمن وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمن الإمام فأمنوا) ولكن هذا الحديث ليس فيه تنصيص على تأمين المأموم، ولكن وجه الاستدلال به على تأمين المأموم من جهة أن المأموم مأمور بأن يقتدي بالإمام ولا يخالفه إلا فيما استثني، ولم يستثن ذلك، بل جاء في السنة ما يدل على أمر المأموم بأن يؤمن إذا أمن الإمام.
أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: وَلا الضَّالِّينَ قال: آمين ورفع بها صوته).
قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] (كان) تدل على الدوام والاستمرار، يعني: هذا شأنه دائماً، ولكن قد تأتي (كان) أحياناً ولا يراد بها الاستمرار، ولكن يراد بها المرة الواحدة، ومن ذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) فإن قولها: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت) إنما حصل مرة واحدة في حجة الوداع.
على أن (كان).
هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، من كبار شيوخ البخاري ، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو يروي عن سفيان الثوري .
[ أخبرنا سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وسفيان الثوري من المتقدمين في الوفاة، توفي سنة (161هـ) ومحمد بن كثير العبدي الراوي عنه توفي بعد سنة (220هـ) ولكنه عُمِّر تسعين سنة؛ ولهذا أدرك المتقدمين.
[ عن سلمة ].
هو سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حجر بن العنبس الحضرمي ].
حجر بن العنبس الحضرمي وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأبو داود والترمذي .
في بعض النسخ ذكر: أبي العنبس وهو ابن العنبس وليس كذلك، وكنيته أبو السكن ، و(أبي) مصحفة عن (ابن)؛ لأن (أبي) رسمها قريب من رسم (ابن) ولهذا قد يأتي التصحيف بين كلمة (ابن) و(أبي)، لكن لو كانت الكنية موافقة لاسم الأب، يكون كل ذلك صحيحاً، لكن الكنية هنا غير موافقة لاسم الأب، فهو تصحيف.
وقد جاء في بعض الروايات التي ستأتي ابن العنبس ، وجاء في رواية سفيان الثوري أنه قال: ابن العنبس ، وجاء في رواية شعبة عن أبي العنبس .
وجاء في رواية شعبة : (أنه خفض صوته بآمين) ولكن رواية سفيان الثوري مقدمة على رواية شعبة وذلك لأمور عديدة منها: أن سفيان أحفظ من شعبة وهو مقدم على شعبة في الحفظ، وكل من سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وكل منهما حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، ولكن أحدهما أحفظ من الآخر، وهو سفيان ؛ فيكون مقدماً في الحفظ على شعبة .
وقد ذكر الحفاظ أن سفيان مقدم على شعبة ، وقد قال شعبة : سفيان أحفظ مني.
وكانوا يعتمدون في التمييز بين الثقات أيهما أوثق من بعض، أو أيهما أحفظ من بعض، بعدِّ الأخطاء التي يخطئها هذا وهذا، فإذا عدوا أخطاء هذا وأخطاء هذا، وعرفوا أن هذا أقل أخطاء وأن هذا أكثر أخطاء، فإنهم يقدمون في الحفظ من يكون أقل خطأً.
وعلى هذا فرواية سفيان : (أنه جهر بآمين) مقدمة على رواية شعبة : (أنه خفض صوته بآمين) على أن شعبة جاء عنه في بعض الروايات ما يدل على الجهر بآمين، فصارت بعض رواياته موافقة لرواية سفيان الثوري .
[ عن وائل بن حجر ].
هو وائل بن حجر الحضرمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: أنه قال: آمين وجهر بها عندما قرأ سورة الفاتحة.
وفيه: أنه سلم عن يمينه وشماله حتى رأى بياض خده صلى الله عليه وسلم.
فهذا يدلنا على ما دل عليه الحديث الأول من التأمين من الإمام والجهر بآمين، وأن المأموم يتابعه في التأمين والجهر، ويدل أيضاً على أن التسليم تسليمتان: تسليمة عن اليمين وتسليمة عن الشمال.
مخلد بن خالد الشعيري ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا ابن نمير ].
هو عبد الله بن نمير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا علي بن صالح ].
هو علي بن صالح بن حي وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلا: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]. قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول).
وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: آمين ويجهر بها، وهو يدل على ما دل عليه الحديث الأول من الطريقين المتقدمين، ولكن هنا قصره على إسماع الصف الأول، والحديث في إسناده من هو متكلم فيه، والأصل أن الجهر بالتأمين من الإمام لا يقتصر على إسماع الصف الأول.
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا صفوان بن عيسى ].
صفوان بن عيسى ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن بشر بن رافع ].
بشر بن رافع ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة ].
أبو عبد الله ابن عم أبي هريرة مقبول، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الإمام: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) فهذا يدلنا على أن المأموم يؤمن بعدما يقول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] مثل ما جاء في التسميع والتحميد: (إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) يعني: بعد أن يقول: سمع الله لمن حمده، قولوا: ربنا ولك الحمد، وهذا بعد أن يقول: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قولوا: آمين، ولا ينتظر حتى يقول الإمام: آمين، بل يقول: آمين بعدما يقول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فيكون تأمين الإمام والمأموم وكذلك الملائكة في وقت واحد، وأن من يحصل منه ذلك ويوافق قوله قول الملائكة، فإنه يجازى على ذلك بأن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه.
والمقصود بالمغفرة فيما تقدم هو الصغائر، وأما الكبائر فلا بد فيها من التوبة؛ لأنها لا تكفر بفعل الطاعات وإنما تكفر بالتوبة منها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر)، ويقول سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31].
فإذاً: الذنوب التي تكفر بالأعمال الصالحة إنما هي الصغائر، وأما الكبائر فإن التوبة الخاصة هي التي تكفرها، أما إذا أصر على الكبيرة وحصل منه العمل الصالح، بأن قال: آمين وراء الإمام، فإنه لا تغفر له تلك الكبيرة التي هو مصر عليها، بل تغفر له إذا تاب منها، وأقلع عنها، وندم عليها، وحرص على ألا يعود عليها في المستقبل؛ لأن شروط التوبة ثلاثة: أن يقلع عن الذنب، بأن يتركه نهائياً، وأن يندم على ما قد مضى، وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إليه، والشرط الرابع: إذا كان الأمر يتعلق بحقوق الآدميين، سواء بأموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم فعليه أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها.
وعلى هذا فما جاء في هذا الحديث وأمثاله من مغفرة الذنوب بفعل الأعمال الصالحة، إنما يراد به مغفرة الصغائر، وأما الكبائر فإن تكفيرها إنما يكون بالتوبة والإقلاع منها، كما عرفنا ذلك.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور المحدث، أحد الأئمة الأربعة، وأحد أصحاب المذاهب المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سمي مولى أبي بكر ].
هو سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح السمان ].
أبو صالح السمان كنيته أبو صالح واسمه ذكوان ولقبه السمان ، ويقال له: الزيات ، لأنه كان يبيع الزيت والسمن، فقيل له: السمان وقيل له: الزيات ، وكثيراً ما يأتي بكنيته أبي صالح ، وأحياناً يأتي بكنيته واسمه فيقال: أبو صالح ذكوان ، وأحياناً يأتي بكنيته ولقبه كما هنا حيث قال: أبو صالح السمان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكره.
قال ابن شهاب (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين) ].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) وهذا لا يخالف الحديث السابق، الذي فيه: (إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) فليس معنى قوله: [ (إذا أمن) ] أي: إذا فرغ من التأمين فأمنوا، وإنما المقصود من ذلك أنه إذا وجد منه التأمين بعد: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فالمأموم يقول عند قول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]: آمين، والملائكة تقول عند قول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]: آمين، فتكون الأقوال متفقة من الإمام والمأموم والملائكة.
القعنبي ومالك مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
و ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري ، وهو مشهور بـالزهري ومشهور بـابن شهاب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين باتفاق، وأما السابع منهم ففيه ثلاثة أقوال: قيل: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الذي معنا في هذا الإسناد، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الذي هو مولى سمي الذي مر ذكره، وهو مولاه من أعلى وسمي مولاه من أسفل، فهذا أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، والقول الثالث: أنه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وأما الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة فهم: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير بن العوام وخارجة بن زيد بن ثابت والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وسليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، هؤلاء الستة المتفق على عدهم من الفقهاء السبعة.
ومعنا في الإسناد واحد ممن هو معدود في الفقهاء السبعة اتفاقاً، وواحد ممن هو معدود فيهم على اختلاف في ذلك، وكل من سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أخرج حديثهما أصحاب الكتب الستة، بل الفقهاء السبعة كلهم -المتفق عليهم والمختلف فيهم- أخرج لهم أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة وقد مر ذكره.
أورد أبو داود رحمه الله حديث بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا رسول الله! لا تسبقني بآمين) قيل: إن معنى ذلك أنه كان يقيم الصلاة وهو في مكان بعيد من الإمام، ثم يأتي بعد ذلك، فهو يريد من النبي صلى الله عليه وسلم ألا يقول: آمين قبل أن يصل ويدخل في الصلاة ويقول: آمين، ولكن الحديث في ثبوته كلام من جهة أن أبا عثمان النهدي الذي يروي عن بلال ، قيل: إنه لم يدرك بلالاً ، وجاء في بعض طرقه أن أبا عثمان النهدي قال: إن بلالاً قال كذا وكذا، وعلى هذا فيكون من قبيل المرسل الذي يحكي فيه التابعي شيئاً في زمن النبوة لم يدركه، وقد روى الحديث موصولاً، وجاء من رواية أخرى مرسلاً، وعلى هذا يكون الحديث منقطعاً غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ أخبرنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم ].
هو عاصم بن سليمان الأحول وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عثمان ].
هو أبو عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بلال ].
هو بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : المقراء قبيلة من حمير ].
أورد أبو داود حديث أبي زهير النميري عن أبي مصبح المقرائي قال: (كنا نجلس إلى
وهذا الحديث يدل على أن الدعاء إذا حصل من الداعي أنه يؤمن في دعائه بعدما يدعو.
وآمين معناها: اللهم استجب.
لكن هذا الحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن كثيراً من الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم تأتي ولا يروى في آخرها أنه قال: آمين، فكون الإنسان يرى أو يلتزم بها، وأنه لا يقول دعاء إلا ويختمه بآمين، ليس هناك ما يدل عليه.
وعلى هذا فإن آمين معناها: اللهم استجب، فإذا دعا المرء وقال: آمين في بعض الأحيان دون أن يلتزمها، ودون أن يعتقد أن هذه سنة ثابتة عن رسول صلى الله عليه وسلم، فلا بأس بذلك، لكن أن يقال: إنها سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هو المشكل.
الوليد بن عتبة الدمشقي ثقة، أخرج له أبو داود .
[ ومحمود بن خالد ].
هو محمود بن خالد الدمشقي وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا الفريابي ].
هو محمد بن يوسف الفريابي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صبيح بن محرز الحمصي ].
صبيح بن محرز الحمصي مقبول، أخرج له أبو داود .
قال الحافظ : اختلف هل هو مفتوح أوله أو مصغر؟ وعلى كل فإنه ممكن أن يقال: صَبيح وصُبيح .
[ حدثني أبو مصبح المقرائي ].
أبو مصبح المقرائي ثقة، أخرج له أبو داود .
[ كنا نجلس إلى أبي زهير النميري ].
أبو زهير النميري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أبو داود .
[ قال أبو داود : المقراء، قبيلة من حمير ].
يريد بذلك: أن أبا مصبح المقرائي ينسب إلى قبيلة من حمير، نسبة نسب وليست نسبة بلد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر