قال أبو داود : وكل من روى هذا الحديث لم يقل: فكبر، ولا ذكر رجع ].
مر الكلام على حديث أبي هريرة من طريق حماد بن زيد عن أيوب ، ثم أورده أبو داود من طريق مالك عن أيوب ، وذكر أن هناك فروقاً بين رواية مالك ورواية حماد بن زيد ولم يسق لفظ مالك، ولكنه قال: لفظ حماد بن زيد أتم، وأشار إلى شيء من الفروق التي وقعت بين رواية مالك ورواية حماد بن زيد منها أنه قال: (صلى رسول الله، ولم يقل: صلى بنا)، يعني: أن في رواية مالك: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر) ولم يذكر لفظ: (بنا) كما ذكره حماد .
قوله: (ولم يقل: فأومئوا) .
أي: أما في رواية حماد بن زيد فقد ذكر: (فأومئوا: أي نعم) ومعناه أنهم ما تكلموا، وإنما حصل منهم إيماء يدل على الجواب بنعم، ولهذا قال: أي نعم، أي أن إيمائهم معناه: نعم، وأما رواية مالك فليس فيها أنهم أومئوا وإنما فيها أنهم قالوا: نعم، تكلماً.
ويمكن الجمع بينهما بأنهم أومئوا وقالوا نعم، فيكون حماد بن زيد ذكر الإيماء، ومالك ذكر نعم.
قوله: [ (قال: ثم رفع ولم يقل: وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع) ].
أي: ثم ذكر في رواية مالك شيئاً يتعلق بسجود السهو، وهو الذي كان بعد السلام، فـمالك ذكره باختصار، فإنه ما ذكر التكبير إلا مرة واحدة، وأشار إلى السجدة الأولى دون أن يشير إلى التكبير لها والسجود، وإنما ذكر الرفع، ثم قال: (ثم كبر فسجد ثم رفع) ولم يقل: وكبر، وهذا فيه اختصار.
ورواية حماد بن زيد المتقدمة فيها الجمع بين التكبير والسجود والرفع، وأنه يكبر لسجود السهو أربع مرات وأنه يرفع من كل سجدة ويكبر، ورواية مالك ليس فيها ذكر السجود ولا ذكر التكبير عند السجود في السجدة الأولى، وإنما فيها ذكر الرفع دون التكبير.
ثم في السجدة الثانية ذكر التكبير والسجود، وعند الرفع منها فيها الرفع بدون ذكر التكبير، وهذا فيه اختصار؛ ولهذا يقول صاحب عون المعبود: إن رواية الإمام مالك في الموطأ توضح الإطلاق الذي جاء في رواية أبي داود ؛ لأن رواية أبي داود أنه قال: (ثم رفع)، ولم يذكر ما قبل ذلك من السجود والتكبير، ثم قال: (ثم كبر وسجد ثم رفع) ] ولم يذكر التكبير، وفي رواية مالك في الموطأ : (أنه كبر ثم سجد) يعني: للسجدة الأولى، ثم قال: (ثم رفع) ولم يقل: (وكبر) كما جاء هنا ذكر الرفع بدون تكبير، ثم قال: (ثم كبر وسجد) كما هنا أيضاً، ثم قال: (ثم رفع) ولم يذكر التكبير عند الرفع من السجود.
وهذا فيه اختصار، ولاشك أن تكبير السهو مثل تكبير الصلاة، فيها سجدتان فيهما أربع تكبيرات وجلوس بين السجدتين كالحكم في السجدتين اللتين في الصلاة.
وعلى هذا فرواية مالك التي في الموطأ فيها ما يوضح الإجمال أو الاختصار الذي في رواية أبي داود هنا.
قوله: (ثم رفع ولم يقل: وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع)، وأتم حديثه لم يذكر ما بعده.
أي: وتم حديثه ولم يذكر ما بعده من كونه سلم وكون محمد بن سيرين قيل له: هل سلم؟ فقال: لم أحفظه عن أبي هريرة ولكن نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم، والحديث سيأتي عن عمران بن حصين وفيه ذكر التسليم.
قوله: (قال: ولم يذكر (فأومئوا) إلا حماد بن زيد ).
يعني أن حماد بن زيد في الرواية السابقة هو الذي قال: (أومئوا) وغيره لم يذكرها، وإنما ذكروا أنهم قالوا: نعم.
[ قال أبو داود : وكل من روى هذا الحديث لم يقل: فكبر ولا ذكر رجع ].
أي: أن كل من ذكر حديث أبي هريرة ، لم يذكر: فكبر، ولا ذكر أنه رجع إلى مكانه الذي صلى فيه بعد أن قام إلى خشبة معروضة، ووضع عليها يديه إحداهما على الأخرى، ولما قال له ذو اليدين ما قال استفسر من الناس، فأجابوه بما أجابه ذو اليدين ، ورجع إلى مقامه ودخل في صلاته.
قوله: (لم يقل: فكبر) مشى صاحب عون المعبود على أن المقصود بها أنه كبر عند سجوده للسهو تكبيرة إحرام غير تكبيرة السجود، كما سيأتي في رواية هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أنه قال: (كبر ثم كبر) أي: أنه كبر تكبيرة إحرام لسجود السهو، والمعنى أنه بعدما سلم دخل في السجدتين بتكبيرة إحرام.
ويحتمل أن يكون المقصود من ذلك غير هذا الذي ذكره صاحب عون المعبود، وأن المقصود أنهم ما قالوا: فكبر عندما دخل في الركعة الثالثة وإنما دخل فيها بدون تكبير، حيث إنه رجع إلى مقامه فصلى الركعتين.
لكن التكبير كما سبق أن أشرت وقع ضمن الركعة الثالثة؛ لأن المصلي عندما يجلس للتشهد يقوم مكبراً ويدخل في الركعة الثالثة، فيكون التكبير داخلاً فيها؛ لأن الركعة الثالثة أولها التكبير؛ لأنه قال: (قام فصلى الركعتين الباقيتين)، معناه أنه كبر تكبيرة الانتقال من الجلوس للتشهد الأول إلى الركعتين الباقيتين عند الدخول في الثالثة.
وهذا يختلف فيما لو سها فجلس في الركعة الثالثة وقد نسي الركعة الرابعة، فإذا قام للركعة الرابعة فإنه يدخل بها بدون تكبير؛ لأن التكبير قد وجد عند القيام من السجود.
فصاحب عون المعبود مشى على أن المراد به أنه كبر لسجود السهو تكبيرة إحرام، وهو الذي سيأتي قريباً من رواية هشام بن حسان ، وهي رواية شاذة؛ لأنها مخالفة للروايات الأخرى التي ما ذكرت هذا التكبير، وكل من ذكر السجدتين أنه كبر للسجود، ما قالوا: كبر للإحرام ثم كبر للسجود، إلا ما جاء في رواية هشام .
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
( عن مالك ).
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
( عن أيوب ).
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن محمد ).
هو محمد بن سيرين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ بإسناده ].
أي إسناد محمد بن سيرين عن أبي هريرة إلى آخره.
ولم يذكر: (كان يسميه ذا اليدين )، ولا ذكر: فأومئوا، ولا ذكر الغضب، وحديث حماد عن أيوب أتم ].
أورد أبو داود طريقاً أخرى لحديث أبي هريرة رضي الله عنه وهي من رواية سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين ، وهي مثل رواية حماد بن زيد إلى آخر قوله: [ (نبئت أن عمران قال: ثم سلم) ].
قوله: (قلت: فالتشهد؟).
هذا قول سلمة بن علقمة لـمحمد بن سيرين ، يعني: هل تشهد بعد أن سجد للسهو؟ وذلك لأن حديث أبي هريرة ليس فيه ذكر السلام وإنما ذكره محمد عن عمران .
قوله (قال: لم أسمع في التشهد وأحب ألي أن يتشهد)، هذا من قول محمد بن سيرين ، وكأنه فهم أن المعهود في التسليم أن يسبقه تشهد، لكن هذا كما هو معلوم فيه تطويل، وقد جاء التشهد في بعض الأحاديث التي فيها كلام، والأحاديث الكثيرة جاءت من حديث عمران بن حصين ومن حديث غيره، ولم يذكروا التشهد.
قوله: [ ولم يذكر كان يسميه ذا اليدين ].
أي: ولم يذكر في هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي الرجل الذي قال: (يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟) ذا اليدين .
قوله: (ولا ذكر: فأومئوا ولا ذكر الغضب).
أي: ولا ذكر فأومئوا التي مرت في حديث حماد بن زيد ، ولا ذكر أنه كان مغضباً لما قام إلى الخشبة كما مر في رواية حماد .
قوله: (وحديث حماد عن أيوب أتم).
أي: وحديث حماد عن أيوب أتم من حديث سلمة بن علقمة عن محمد .
مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
( حدثنا بشر - يعني ابن المفضل - ).
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( حدثنا سلمة -يعني ابن علقمة -).
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
وقد مر ذكرهما.
قال أبو داود : روى هذا الحديث أيضاً حبيب بن الشهيد وحميد ويونس وعاصم الأحول عن محمد عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم ما ذكر حماد بن زيد عن هشام : (أنه كبر ثم كبر وسجد) .
وروى حماد بن سلمة وأبو بكر بن عياش هذا الحديث عن هشام لم يذكرا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد : (أنه كبر ثم كبر) ].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وذكر جماعة رووه عن محمد بن سيرين ، وأن في الذين رووه عن محمد بن سيرين هشام بن حسان ، وهشام بن حسان لما ذكر سجود السهو بعد السلام، قال: (كبر ثم كبر) ، يعني: كبر تكبيرة إحرام للسجدتين، ثم كبر للسجدة الأولى من السجدتين.
وذكر أبو داود أن كل الذين رووه ما ذكروا (أنه كبر ثم كبر) إلا هشام بن حسان .
وعلى هذا فيكون ذكر التكبير للإحرام فيه شذوذ؛ لأنه إنما جاء من طريق هشام بن حسان ، وكل الذين رووه وهم كثيرون، وقد سردهم المصنف ومر منهم جماعة في الحديث الأول والذي بعده، لم يذكروا أنه كبر للإحرام ثم كبر للسجود.
وعلى هذا فإن الإنسان عندما يسلم ثم يسجد بعد السلام، فإنه يكبر تكبير السجود ولا يكبر تكبيرتين: تكبيرة للإحرام، وتكبيرة للسجود.
هو علي بن نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، وأبوه نصر بن علي كثيراً ما يأتي ذكره في الأحاديث، يروي عنه أبو داود مباشرة، وهنا روى عن ابنه علي بن نصر وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
( حدثنا سليمان بن حرب ).
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( حدثنا حماد بن زيد ).
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن أيوب ).
مر ذكره.
( وهشام ).
هو هشام بن حسان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( ويحيى بن عتيق ).
ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .
( وابن عون ).
هو عبد الله بن عون وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
محمد هو ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، وقد مر ذكرهما.
( قال أبو داود : روى هذا الحديث أيضاً حبيب بن الشهيد ).
حبيب بن الشهيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( وحميد ).
هو حميد بن أبي حميد الطويل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( ويونس ).
هو يونس بن عبيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( وعاصم الأحول ).
هو عاصم بن سليمان الأحول وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن محمد عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم ما ذكر حماد بن زيد عن هشام ).
يعني فهؤلاء الذين تقدموا والذين ذكرهم بعد ذلك؛ كل هؤلاء رووه من هذا الطريق الذي رواه هشام بن حسان ، ومع ذلك ما قالوا: (كبر ثم كبر).
( وروى حماد بن سلمة وأبو بكر بن عياش هذا الحديث عن هشام لم يذكرا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد : (أنه كبر ثم كبر) ).
ومعناه: أن هشام بن حسان في بعض الروايات عنه ما قال: (كبر ثم كبر)، وإنما جاءت الزيادة من طريق حماد بن زيد عنه.
وعلى هذا فـهشام جاء عنه شيء يوافق الجماعة وشيء يخالف الجماعة، فروايته التي توافق الجماعة هي الأولى، ويمكن أن يكون الخطأ من حماد ويحتمل أن يكون منه.
أورد المصنف حديث أبي هريرة من طريق أخرى بهذه القصة وفيها أنه قال: (ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله ذلك) أي: حتى يقنه أنه قد سها، لكن هذا التيقين الذي حصل له من الله، هل هو بوحي؟ أو أنه ذكر فتذكر؟
الأحاديث جاءت في أنه قال له ذو اليدين ما قال، وأنه قال للناس: (أكما يقول: ذو اليدين)، ولما قيل له: إنك قد نسيت قام، يحتمل أنه حصل له وحي من الله عز وجل، وأن الصحابة أخبروه قبل ذلك، ويحتمل أنه لم يحصل له وحي، ولكنه حصل له اليقين بوجود هذا الجمع الكثير الذين صلوا وراءه، وأخبروه بأنه قد نسي.
محمد بن يحيى بن فارس هو الذهلي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
( عن محمد بن كثير ).
هو ابن أبي عطاء الثقفي ، وهو صدوق كثير الغلط، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
وقد سبق أن مر بنا أن أبا داود يروي عن محمد بن كثير كثيراً، وهو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهنا يروي عن محمد بن كثير بواسطة، ومعنى هذا أن الذي روى عنه بواسطة هو محمد بن كثير الثقفي ، وليس محمد بن كثير العبدي ، فإذا جاء في طبقة شيوخه محمد بن كثير فهو العبدي ، وإذا جاء في طبقة شيوخ شيوخه محمد بن كثير فهو الثقفي .
( عن الأوزاعي ).
هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن الزهري ).
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن سعيد بن المسيب ).
هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة.
( وأبي سلمة ).
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
( وعبيد الله بن عبد الله ).
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة.
فهذا الإسناد فيه اثنان من الفقهاء السبعة باتفاق وواحد منهم على اختلاف فيه، وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف .
( عن أبي هريرة ).
قد مر ذكره.
ذكر بعد ذلك رواية أبي بكر بن سليمان أنه بلغه في هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد السجدتين اللتين تسجدان إذا شك حتى لقاه الناس، أي: حتى أخبره الناس وبينوا له أنه قد سها، وذلك حين علموا بأنها لم تقصر الصلاة وكانوا لم ينبهوه؛ لأن الزمن زمن الوحي؛ ولهذا مر في الحديث: (أن سرعان الناس خرجوا وهم يقولون: قصرت الصلاة، قصرت الصلاة).
فهذا يفيد بأن الناس هم الذين أخبروه، وأن تيقنه إنما حصل من الناس، وفي الرواية السابقة: (حتى يقنه الله ذلك)، أنه إما يقنه الله بوحي، أو بتذكير الناس إياه ذلك كما جاء في هذه الرواية.
حدثنا يعقوب -يعني ابن إبراهيم - ].
هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبي ].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن صالح ).
هو صالح بن كيسان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن ابن شهاب أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة ).
ابن شهاب مر ذكره وهو الزهري ، يأتي ذكره بلفظ الزهري وبلفظ ابن شهاب كثيراً، اشتهر بنسبته إلى جده شهاب واشتهر بنسبته إلى الزهري ، وهو نسبة إلى زهرة بن كلاب جده الأعلى.
و أبو بكر بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وهو هنا مرسل؛ لأنه ما ذكر الصحابي، ولكنه كما هو معلوم موافق للرواية السابقة، والصحابي الذي اشتهر عنه السلام من سجدتين هو أبو هريرة ، وإن كان قد جاء عن غيره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال ابن شهاب : وأخبرني بهذا الخبر سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن الحارث بن هشام وعبيد الله بن عبد الله ].
( قال: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ).
وقد مر ذكره.
( وأبو بكر بن الحارث بن هشام ).
أبو بكر بن الحارث بن هشام أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
( وعبيد الله بن عبد الله ).
عبيد الله بن عبد الله مر ذكره، أحد الفقهاء السبعة.
ذكر المصنف رحمه الله ذكر الله هذه الرواية لهذه القصة التي تقدمت عن أبي هريرة وليس فيها أنه سجد سجدتي السهو، وهذا مخالف للروايات السابقة التي فيها إثبات السجدتين، فالسجود للسهو بعد السلام ثابت بالروايات الكثيرة المتعددة، فرواية من نفاها رواية غير صحيحة، فهي إما شاذة وإما منكرة.
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( وعمران بن أبي أنس ).
وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ).
أبو سلمة بن عبد الرحمن مر ذكره، والعلاء بن عبد الرحمن صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
وأبوه ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
( قال أبو داود : ورواه الزبيدي عن الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: (ولم يسجد سجدتي السهو) ].
هذه الرواية أيضاً غير صحيحة، وهي مخالفة للروايات السابقة من الطرق المتعددة الدالة على حصول السجدتين بعد السلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( قال أبو داود : ورواه الزبيدي ).
هو محمد بن الوليد الزبيدي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
( عن الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ).
وقد مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهي أخصر من طريق حماد بن زيد التي مرت، وهو مثله فيما تقدم من الأحكام، وليس فيه شيء زائد.
قوله: (صلى الظهر).
أي: أنه حدث ذلك في الظهر، وهناك قال: (إحدى صلاتي العشي الظهر أم العصر).
قوله: (فسلم في الركعتين فقيل له: نقصت الصلاة؟ فصلى ركعتين ثم سجد سجدتين).
هذه الرواية ليس فيها ذكر السلام، وكذلك الرواية السابقة عن أبي هريرة ليس فيها ذكر السلام، إلا أن السلام سيأتي من رواية عمران بن حصين .
هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
( حدثنا أبي ).
هو معاذ بن معاذ العنبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( حدثنا شعبة ).
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
(عن سعد بن إبراهيم ).
وقد مر ذكره.
( سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكرهما أيضاً.
وهذا أيضاً مثل الذي قبله من رواية أبي هريرة ، عدم ذكر سجدتي السهو، وهي مخالفة للروايات الصحيحة السابقة التي فيها أنه سجد للسهو سجدتين.
صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
( أخبرنا شبابة ).
هو شبابة بن سوار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
(حدثنا ابن أبي ذئب ).
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ).
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن أبي هريرة ).
وقد مر ذكره.
أورد المصنف رحمه الله هذه الطريق الأخرى وهي مثل التي قبلها، إلا أن فيها ذكر السجدتين بعد التسليم كما سبق في الروايات الصحيحة.
داود بن الحصين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد ).
وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن أبي هريرة ).
وقد مر ذكره.
أورد المصنف حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه ما في الروايات السابقة من حصول السجدتين بعد السلام، وأن ذلك هو الثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن السهو وجد ووجد السجود له، ولكنه بعد السلام كما عرفنا.
ثم كونه عليه الصلاة والسلام سجد بعد السلام يدلنا على أن السجود للزيادة يكون بعد السلام.
هو هارون بن عبد الله الحمال وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
( حدثنا هاشم بن القاسم ).
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( حدثنا عكرمة بن عمار ).
صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
( عن ضمضم بن جوس الهفاني ).
وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
( حدثني أبي هريرة ).
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو مثل حديث أبي هريرة، وفي القصة، ولهذا اختصره وأحال إلى رواية أبي هريرة ، وذكر أنه سلم ثم سجد سجدتي السهو، ولم يذكر التسليم، وإنما ذكره عمران بن حصين كما سيأتي.
أحمد بن محمد بن ثابت ثقة، وحديثه أخرجه أبو داود.
( حدثنا أبي أسامة ).
أبو أسامة حماد بن أسامة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
(ح وحدثنا محمد بن العلاء ).
هو أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب الهمداني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( أخبرنا أبو أسامة أخبرني عبيد الله ).
أبو أسامة مر ذكره، وعبيد الله هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن نافع ).
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( عن ابن عمر ).
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الرواية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه وهو الذي أشرت آنفاً أن فيه ذكر التسليم بعد سجود السهو، وهو الذي قال محمد بن سيرين : نبئت أن عمران بن حصين قال: (ثم سلم).
وعرفنا أن رواية ابن سيرين فيها انقطاع حيث قال: نبئت، ولكن الحديث جاء متصلاً في هذه الرواية.
وهذا الحديث فيه قصة سهو الرسول صلى الله عليه وسلم قبل إتمام الصلاة، إلا أن الروايات السابقة من حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عمر : (أنه سلم من ركعتين، ثم أخبر فقام وصلى الركعتين الباقيتين وسلم، ثم سجد للسهو) ، وليس فيهما ذكر التسليم.
أما رواية عمران بن حصين التي معنا ففيها أنه صلى ثلاث ركعات ثم سلم، وأنه خرج ودخل الحجر، وهذا يخالف ما تقدم من أنه قام إلى خشبة معروضة ووضع يديه عليها، ثم روجع فرجع إلى مقامه وصلى، وإنما فيه أنه دخل حجره صلى الله عليه وسلم، (فقال له رجل: أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضباً يجر رداءه فقال: أصدق؟ يعني: هذا الرجل الذي هو الخرباق ، وهو ذو اليدين ، وكأن هاتين القصتين فيهما أن هذا الرجل الذي هو ذو اليدين هو الذي قال له ما قال.
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم الناس فصدقوا ذا اليدين ، فقام وصلى الركعة الرابعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم، وفي هذه الرواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم مشى كثيراً حيث ذهب ودخل الحجر، وأنه لما أخبر رجع وصلى الركعة الباقية وسلم، ثم سجد بعد السلام سجدتين ثم سلم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والذي يبدو أنهما قصتان؛ لأن هذه فيها ثلاث ركعات، وتلك فيها ركعتان، وهذه فيها أنه دخل الحجر، ورواية أبي هريرة المتقدمة، وكذلك رواية ابن عمر ليس فيهما أنه ذهب إلى الحجر، ولكنه كان في المسجد.
قوله: (عن مسلمة ) معناه: أن الذي ذكر دخول الحجر هو مسلمة بن محمد ولم يذكر ذلك يزيد بن زريع .
وقد روى يعقوب بن إسحاق الإسفرييني هذا الحديث في مستخرجه من طريق أبي داود وبإسناده، وقال عند قوله: (قال عن مسلمة ): (قال غير مسلمة فجعل كلمة (غير) مكان (عن) وهو كما قال عند مسلم والنسائي وابن ماجة الذين خرجوا هذا الحديث عن غير مسلمة ، فغير مسلمة هم: يزيد بن زريع ، وإسماعيل بن إبراهيم ابن علية وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، فهؤلاء ثلاثة، اثنان منهم عند مسلم وهم ابن علية وعبد الوهاب الثقفي ، وواحد منهم عند النسائي وهو يزيد بن زريع ، وكذلك عبد الوهاب الثقفي عند ابن ماجة ، فصار هؤلاء الثلاثة وهم غير مسلمة هم الذين ذكروا أنه دخل الحُجَر.
فيكون قوله (قال:غير مسلمة ) إشارة إلى يزيد بن زريع وغيره ممن ذكر دخوله الحجر، ويكون مسلمة هو الذي اقتصر على قوله: (دخل)، بخلاف ما يوهمه كلامه هنا من أن مسلمة هو الذي قال: (دخل الحجر).
فعلى هذا تكون (عن) هنا مصحفة عن كلمة (غير)، كما هو واضح من وجود الحديث عند يعقوب بن إسحاق الإسفراييني من طريق أبي داود .
ويؤكد لنا التصحيف أن هذه الكلمة جاءت على خلاف ما هو معهود من أبي داود ، فإنه يقول: قال فلان قال فلان، وهنا قال: (قال عن مسلمة ) فيظهر أنه أراد: قال غير مسلمة ، فتصحف.
مسدد بن مسرهد مر ذكره.
( حدثنا يزيد بن زريع ).
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
( ح: وحدثنا مسدد عن مسلمة بن محمد ).
مسلمة بن محمد لين الحديث، أخرج له أبو داود .
) قالا: حدثنا خالد الحذاء ).
هو خالد بن مهران الحذاء وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
(حدثنا أبو قلابة ).
هو عبد الله بن زيد الجرمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
(عن أبي المهلب ).
هو الجرمي عم أبي قلابة المتقدم، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
(عن عمران بن حصين ).
هو عمران بن حصين أبو نجيد ، صحابي جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: لم يأت شيء يدل على تفضيل عمل في رجب لا في المدينة ولا في غيرها.
فشهر رجب لا يخص عن الشهور بشيء؛ لأنه لم يثبت في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ثبت في رجب أنه شهر من الأشهر الحرم كذي القعدة وذي الحجة والمحرم.
الجواب: المسبوق إذا جاء والإمام في التشهد الأخير يجلس كجلوس الإمام وكجلوس المصلين الذين لم يسبقوا، فيجلس متوركاً كما جاءت في ذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإمام يتورك ومن وراءه يتورك والمسبوق يتورك، ولا يعتبر نفسه أنه في التشهد الأول، بل يأتي بالتشهد ويأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو ويكثر الدعاء حتى يسلم الإمام، فهو يتابع الإمام في هيئة الجلوس وفي كونه يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتخير من الدعاء ما شاء، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس معنى ذلك أنه يجلس في التشهد يسكت، بل يفعل كما يفعل الإمام.
الجواب: هذا الحديث لا يدل على أنه سلم معه ولا قبله، وإنما معناه أنه يتابعه، يعني: أنه حين سلم سلموا معه، وحين وجد منه السلام وجد منهم السلام.
وسبق أن مر الحديث الذي ذكرنا أن له حكم الرفع، وفيه أن حدر السلام سنة، وأن المقصود من ذلك أنه لا يطول السلام حتى لا يحصل من بعض الناس بسبب التطويل أنه يوافق الإمام أو يسابق الإمام، وإنما يأتي به متوسطاً لا بسرعة شديدة ولا بتباطؤ شديد، وذلك حتى يحصل الخروج من الصلاة بدون تطويل، وحتى لا يحصل من المصلين المسابقة أو الموافقة.
الجواب: الذي عرف بأنه يستغيث بغير الله ويطلب حاجاته من الموتى، ويرجوهم ويدعوهم؛ فهذا لا تؤكل ذبيحته؛ لأن هذا شرك بالله عز وجل.
الجواب: الخطوط التي تلصق أو يؤتى بخيوط تمد؛ هذا ليس له أساس، لكن لو أنه وضع في الفراش الذي يحاك خطوط على هيئة الصفوف فلا بأس، وإن كان فيه تكلف.
الجواب: السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لا يكون طويلاً، لكن إذا كان أطول من ذلك يخطب عليه ولا بأس بذلك.
الجواب: الأصل أن الإمام الأول هو الذي يصلي وهو أولى بالصلاة، وما الذي يمنع الإمام أن يصلي بالناس ما بقي من الصلاة.
نعم، إذا خرج بسرعة وتكلم الناس فيما بعد، فإنه يكمل واحد منهم، لكن ما دام الإمام موجوداً فهو أحق بالإمامة.
وكما هو معلوم فإن الصلاة تصح بإمامين واحد بعد الثاني عن طريق الاستخلاف؛ لكن ما دام الإمام موجوداً فهو أحق بالإمامة من غيره.
الجواب: جمهور العلماء على أنه يقع.
الجواب: الصحيح أن الطلاق يقع في الحيض وله المراجعة كما جاء في قصة عبد الله بن عمر رضي الله عنه في تطليق زوجته وهي حائض، قال: (مره فليراجعها).
فإذا طلق في الحيض ثم راجع، ثم طلق مرة ثانية في الحيض ثم راجع، ثم طلق وهي حامل فإن امرأته تبين منه؛ لأن الطلقة الثالثة هي آخر الطلقات، والطلاق في الحيض معتبر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر