حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر (أن
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب اللبس للجمعة] يعني: لبس الثياب الحسنة والجميلة والنظيفة للجمعة، والمقصود من هذا أن الجمعة يتجمل لها بلبس أحسن الثياب، وقد وردت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله في هذه الترجمة، وهو حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو اشتريتها تلبسها للجمعة وللوفد إذا جاءوا. فقال عليه الصلاة والسلام: [(إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة)] فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلل مثل هذه الحلة، فأعطى عمر بن الخطاب رضي الله عنه منها واحدة، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: [كسوتنيها -يا رسول الله- وقد قلت في حلة عطارد ما قلت؟!] فقال: [(إنني لم أكسكها لتلبسها)] يعني: وإنما لينتفع بها، فأهداها عمر رضي الله عنه لأخ له مشرك في مكة.
والحديث يدل على التجمل للجمعة من جهة أن عمر رضي الله عنه عرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتري هذه الحلة للجمعة وللوفد إذا قدموا، فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا، وهذا شيء مستقر عندهم، ولكن الذي أنكره الرسول عليه الصلاة والسلام أنها حرير، والحرير لا يلبسه الرجال وقال: [(إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة)] يعني: ممن لا يصلح له لبسه وهم الرجال، وأما النساء فقد أبيح لهن لبس الحرير كما ثبتت السنة في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد أخذ ذهباً وحريراً وقال: (هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)، فالرجال لا يحل لهم لبس الحرير؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: [(إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة)] يعني: من لا نصيب له في الآخرة، فدل هذا على ما ترجم له المصنف من التجمل للجمعة؛ لأن عمر رضي الله عنه وأرضاه لما عرض عليه ذلك لم ينكر عليه السبب الذي ذكره، وهو استعمال ذلك للجمعة وللوفود إذا قدموا، وإنما أخبره بأن مثل هذه الثياب لا يلبسها إلا من لا خلاق له في الآخرة، فهذا هو الذي أنكره صلى الله عليه وسلم، وأما أصل التجمل فإن هذا ثابت ومستقر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءته حلل من جنسها، فأعطى عمر واحدة منها، فتذكر عمر رضي الله عنه قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: [(إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة)] فقال: إنك قلت في حلة عطارد ما قلت؟ ! فقال عليه الصلاة والسلام: [(إني لم أما كسكها لتلبسها)] فأعطاها عمر رضي الله عنه أخاً له مشركاً بمكة.
فـعمر رضي الله عنه راجع النبي عليه الصلاة والسلام حيث تذكر قوله، فبين له النبي عليه الصلاة والسلام أن السبب هو إنما أعطاه إياها ليستفيد منها ولينتفع بها في أي وجه من وجوه الانتفاع من غير اللبس للرجال، فيمكن أن تستعملها النساء، ويمكن أن يبيعها ويستفيد من ثمنها، لكن ليس له أن يلبسها، فـعمر رضي الله عنه وأرضاه أعطاها أخاً له مشركاً بمكة، فكيف يعطي المشرك شيئاً لا يجوز في الإسلام، وهو لبس الحرير؟ وهل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أو غير مخاطبين؟
والجواب أنه على القول بأنهم غير مخاطبين فلا إشكال، ولكن على القول بأنهم مخاطبون ففي ذلك إشكال، ويكون الجواب عن هذا الإشكال أن المشرك عندما يعطاها عليه أن يبيعها ويستفيد من ثمنها، أو يعطيها لامرأة تستفيد منها وتستعملها، وأما الرجال فإنهم لا يستعملونها، فعلى القول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة يكون الأمر مثل ما حصل لـعمر ، والكافر لا يعطاها ليلبسها وإنما لينتفع بها، والقول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة قول قوي، وفائدة ذلك أنهم مخاطبون بالأصول والفروع، ويؤاخذون على ترك الأصول والفروع، ولكن لو حصلت منهم الفروع قبل أن تحصل منهم الأصول فإنه لا يعتد بها ولا عبرة بها؛ لقول الله عز وجل: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، ولكنهم مخاطبون بالأصول وبالفروع، ويحصل لهم إثم ترك الأصول وإثم ترك الفروع، ولا تقبل منهم الفروع بدون الأصول، بل هم مطالبون بالأصول أن يأتوا بها وأن يأتوا بعدها بالفروع.
وعطارد هو صاحب الحلة التي عرض عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشتريها منه، واسمه عطارد بن حاجب التميمي ، وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلم، فهو صحابي، وهو الذي كان يبيع هذه الحلل، وبيع الحرير وتملكه سائغ ولكن الممنوع أن يلبسه الرجل، وأما المرأة فإنها تلبس الحرير، وقد أبيح لها ذلك في الإسلام، وإنما منع منه الرجال.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث من مسنده لا من مسند أبيه؛ لأنه يحكي أن عمر حصل منه كذا وكذا.
وأخو عمر المذكور قيل هو أخوه من أمه أو من الرضاع، أما أخوه من النسب زيد بن الخطاب فإنه أسلم قبل إسلام عمر رضي الله تعالى عنهما.
أورد المصنف الحديث من طريق آخر، وفيه أن عمر رضي الله عنه وجد حلة تباع في السوق، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: [ابتع هذه تجمل بها للعيد وللوفود]، وفي الرواية السابقة قال: (للجمعة)، وكل من العيد والجمعة يتجمل له ويلبس فيه أحسن الثياب، سواءٌ أكان جديداً أم نظيفاً مغسولاً.
وقوله: [ثم ساق الحديث] يعني: مثل الحديث الذي تقدم [والأول أتم] أي: الحديث الذي هو من رواية نافع عن ابن عمر أتم من رواية سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، وحلة الإستبرق نوع من الحرير، قيل: هو ما غلظ من الديباج.
هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعمرو بن الحارث ].
هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
قد مر ذكره.
قال أبو داود : ورواه وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وقد ذكره هنا في الرواية الأولى مرسلاً، فإن محمد بن يحيى بن حبان من التابعين، وقد أضاف ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مرسل، ولكن جاء في الروايات الأخرى ذكر الواسطة وهو ذكر عبد الله بن سلام ، وهو صحابي، وجاء في الرواية الأخيرة ذكر ابنه يوسف بن عبد الله بن سلام وهو صحابي صغير.
وهذا الحديث فيه إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الإنسان يجعل له ثياباً يلبسها في الجمعة غير الثياب التي اعتاد لبسها في أثناء الأسبوع، والتي يستعملها في جميع أحواله وفي مهنته وعمله، فيستحب أن يجعل له ثياباً يتجمل بها للجمعة وللعيدين غير الثياب التي اعتاد لبسها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: [(ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته)] ويعني بالثوبين مثل الإزار والرداء أو قطعتين من القماش، والمقصود من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد من وجد وكان عنده قدرة مالية وعنده جدة أن يتخذ ثوبين للجمعة يلبسهما يوم الجمعة غير الثوبين الذين اعتاد لبسهما في جميع أحواله وفي مهنته وعمله؛ لأن اتخاذ مثل ذلك وتهيئته للجمعة فيه تجمل لها، وهو دال على أن الجمعة يتجمل لها ويلبس أحسن الثياب لها.
تقدم ذكر الأربعة الأولين، ويحيى بن سعيد الأنصاري هو المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن محمد بن يحيى بن حبان ].
محمد بن يحيى بن حبان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ قال عمرو : وأخبرني ابن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن ابن حبان عن ابن سلام ].
هذا طريق آخر، وعمرو هو عمرو بن الحارث ، وابن أبي حبيب هو يزيد بن أبي حبيب المصري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وموسى بن سعد مقبول أخرج له مسلم وأبو داود وابن ماجة ، ومحمد بن يحيى بن حبان مر في الإسناد السابق.
[ عن ابن سلام ].
وابن سلام هو: عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك على المنبر ].
يعني أنه سمعه يخطب به ويبلغه للناس حتى يكثر الآخذون عنه، وحتى يكثر من يتلقى ذلك عنه؛ لأن تعليم الشيء على المنبر تحصل به كثرة الآخذين وكثرة من يبلغهم ذلك؛ لأنه يكون من جملة ما يخطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه.
قوله: [ قال أبو داود : ورواه وهب بن جرير عن أبيه ].
وهب بن جرير بن حازم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبوه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن أيوب ].
يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن يوسف بن عبد الله بن سلام ].
يوسف بن عبد الله بن سلام له رؤية، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه ضالة، وأن ينشد فيه شعر، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي النهي عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، والتحلق هو وجود حلقات يكون فيها علم قبل الصلاة، وذلك أن على الإنسان عندما يأتي إلى المسجد أن يشتغل بذكر الله عز وجل، وبقراءة القرآن، وبالصلاة، أما كونه يجلس ويعلم العلم في ذلك الوقت ففيه شغل للناس عن الاشتغال بالصلاة وعن ذكر الله عز وجل، وقد كان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم إذا جاءوا المسجد مبكرين يصلون ما كتب الله لهم أن يصلوا ثم يجلسون ولا يقومون إلا للصلاة، وحصول الحلقات العلمية قبل صلاة الجمعة فيها شغل عن الصلاة وعن الذكر، وأيضاً فيها قطع للصفوف وعدم وصل لها، حيث يمنعون الناس أن يتموا الصف الأول فالأول، وفيها شغل للناس عن ذكر الله عز وجل وقراءة القرآن والصلاة، فلهذا نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن ذلك، ولكن النهي مقيد بما قبل الصلاة، أما بعد الصلاة فلا بأس به؛ لأن النهي قبل الصلاة وليس بعدها، فدل هذا على أن المحذور هو ما قبل الصلاة.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البيع والشراء في المسجد، فلا يجوز البيع والشراء في المساجد؛ لأن المساجد إنما هي لذكر الله وليست للبيع والشراء.
وكذلك نهى عن إنشاد الضالة في المسجد، وقد جاء أنه يقال لمن أنشدها: (لا ردها الله عليك).
وكذلك نهى عن إنشاد الشعر في المسجد، وقد جاء أن حسان بن ثابت كان ينشد الشعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فكيف يجمع بين هذا وبين النهي؟
قيل في الجمع بينهما: إن النهي المقصود به كراهة التنزيه، وحصول الإنشاد يدل على الجواز، وقيل: الذي جاء إباحة إنشاده هو الشعر الحسن الذي فيه إظهار للحق، وبيان للحق، وهجاء للمشركين الذين يحاربون الدين ويأتون بالكلام الذي لا يليق في الإسلام وأهله، فهجاؤهم وبيان ما هم عليه من الباطل من الأمور الحسنة، وأما إذا كان الشعر لا يليق وفيه أمور غير حسنة فإنه لا ينشد ولا يصلح إنشاده، فيجمع -إذاً- بين الأحاديث بأن يكون النهي للتنزيه وما جاء من إنشاد حسان يدل على الجواز أو أن النهي يكون في الأمور التي لا تليق ولا تنبغي، والجواز في الأمور الحسنة الجيدة المفيدة التي لا محذور فيها.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو ابن سعيد القطان البصري ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عمرو بن شعيب ].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وفي جزء القراءة وأصحاب السنن الأربعة.
وشعيب بن محمد يروي عن جده عبد الله بن عمرو ، وليست الرواية عن أبيه محمد ؛ لأن محمداً تابعي، ورواية محمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبيل المرسل؛ لأنه ليس بصحابي، ولكن شعيب بن محمد يروي عن جده، وقد ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو ، ولهذا جاء في بعض الأحاديث التنصيص على أنه يروي عن جده عبد الله بن عمرو ، فرواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هي من قبيل المتصل، والجد المروي عنه هو عبد الله بن عمرو الذي هو جد شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو .
[ عن جده ].
هو عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والقراءة قبل صلاة الجمعة بصوت يسمعه الآخرون من الأمور المحدثة، وإنما كل إنسان يقرأ لنفسه، وقراءة رجل بصوت مرتفع لا تمكن الآخرين من قراءة القرآن، ويشغل من يريد الصلاة؛ لأن هذه القراءة -كما يوجد في بعض البلدان- قد تكون بمكبر صوت.
والتحلق بعد صلاة الفجر يوم الجمعة الذي يظهر لي أنه داخل تحت هذا العموم، فإن من بعد الفجر كله يعتبر قبل الصلاة، وكل ذلك يدخل تحت هذا العموم، وينطبق عليه أنه تحلق يوم الجمعة قبل الصلاة.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري القرشي حدثنا أبو حازم بن دينار (أن رجالاً أتوا
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب اتخاذ المنبر] يعني أنه يستحب اتخاذ المنبر في المساجد التي يخطب فيها الخطيب والتي يصلى فيها الجمعة، حتى يكون الخطيب مرتفعاً بارزاً يراه الناس، ويتمكن الجميع من رؤيته ومن الاستفادة منه، وهذا هو المقصود من الترجمة.
وأورد حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الدال على استحباب ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر تلك المرأة أن تأمر غلامها أن يصنع له منبراً من أعواد؛ ليخطب على هذه الأعواد إذا كلم الناس، فيكون على مكان مرتفع، وهذا هو محل الشاهد.
وسبب حديث سهل بن سعد رضي الله عنه هو أن أناساً تماروا -أي: تجادلوا- في منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أي شيء هو؟ أي: من أي نوع هو من أنواع الخشب؟ فجاءوا إلى سهل بن سعد رضي الله عنه يسألونه فأخبرهم بأنه على علم تام بذلك، وأنه يعلم اليوم الذي أحضر فيه ذلك المنبر، واليوم الذي خطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمكان الذي وضع فيه، واليوم الذي جلس عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم ذكر القصة وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لامرأة لها غلام نجار: [(مري غلامك أن يعمل لي أعواداً أجلس عليها إذا كلمت الناس)] يعني: إذا خطب الناس وإذا وعظ الناس وذكر الناس صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فدل هذا على استحباب اتخاذ المنبر، واستحباب وجوده في المساجد حتى يصعد عليه الخطيب؛ ليكون ذلك أبلغ في وصول كلامه إلى الناس، ومشاهدة الناس له ورؤيتهم له.
ثم ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وضع له المنبر صلى عليه، فقام على أعلى المنبر وكبر وركع، ولما جاء السجود نزل القهقرى وسجد في أسفل المنبر، ثم لما جاء في الركعة الثانية رجع، ولما فرغ من صلاته قال: [(إنما يعمل هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي)] يعني: حتى يروه ويشاهدوه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو القدوة وهو الأسوة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فوقف على هذا المكان البارز حتى يراه الجميع، وحتى يراه غير أهل الصف الأول؛ لأنه مرتفع عن الناس يشاهده أهل الصف الأول ومن وراءهم.
ودل هذا -أيضاً- على أن العمل اليسير في الصلاة لا يؤثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صعد على المنبر ثم نزل وهو في الصلاة، فدل على أن مثل ذلك سائغ، وأنه لا يؤثر في الصلاة شيئاً.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل القهقرى حتى يبقى إلى جهة القبلة ولا ينصرف إلى الناس ويقبل عليهم؛ لأنه في الصلاة متجه إلى القبلة، فعندما يريد أن يسجد ولا يستطيع السجود ولا يمكنه السجود على المنبر فإنه ينزل القهقرى ثم يسجد على الأرض صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد جاء في بعض الأحاديث أن المنبر كان ثلاث درجات، وجاء في بعضها أنه درجتين، وجمع بينهما بأنه كان ثلاث درجات، ومن قال: إنه درجتين لم يعد الدرجة التي يجلس عليها.
والغابة مكان يقال له: الغابة، والطرفاء شجر فيها، فكان منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اتخذ من هذا النوع من الشجر الذي هو شجر الطرفاء وكان في الغابة، والغابة مكان في شمال المدينة.
قوله: [ (فسألوه عن ذلك فقال: والله إن لأعرف مما هو، ولقد رأيته أول يوم وضع، وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].
هذا الكلام قاله سهل بن سعد رضي الله عنه ليطمئن الذين سألوه على أنه على علم تام، وقد أقسم على ذلك حتى يزداد اطمئنانهم إلى تمام علمه وإلى معرفته بالشيء الذي سألوه عنه، وقد أجابهم بالذي سألوه وأجابهم بغيره، وأنه يعلم اليوم الذي جيء به، ويعلم اليوم الذي جلس عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا يفيد علمه التام بما يتعلق بالمنبر من ناحية مادته، ومن ناحية اليوم الذي جيء به، ومن جهة اليوم الذي استعمله فيه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والمقصود من ذلك إخبارهم وطمأنتهم بأن سؤالهم عنده جوابه، وأنه متحقق منه، وأنه يعلم جواب ذلك السؤال، ويعلم أموراً أخرى دقيقة غير الذي سألوه، وهو اليوم الذي جيء به، واليوم الذي جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة امرأة قد سماها سهل) ].
يعني أن سهلاً سمَّاها، وهنا أبهمت فقيل: فلانة.
قوله: [ (أن: مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا كلمت الناس) ].
هذا هو محل الشاهد، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعمل المنبر في الجمعة وفي غير الجمعة.
قوله: [ (فأمرته فعملها من طرفاء الغابة) ].
يعني: أمرت غلامها فعمل المنبر من طرفاء الغابة، وهو شجر من شجر الغابة يقال له: الطرفاء.
قوله: [ (ثم جاء بها فأرسلته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت ها هنا) ].
يعني: جاء الغلام بالمنبر الذي صنعه إلى تلك المرأة، فالمرأة أرسلته به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بها -أي: بتلك الأعواد- فوضعت ها هنا، والإشارة إلى مكان في قبلة المسجد قرب الجدار الجنوبي الذي هو قبلة المسجد، وكان بينه وبين الجدار ممر الشاة كما سيأتي، أي أنه لم يكن ملصقاً بالجدار، ولكنه كان قريباً من الجدار، وليس بينه وبين الجدار إلا مقدار ما تمر الشاة.
قوله: [ (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر عليها ثم ركع وهو عليها ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد) ].
ذكر سهل رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صعد على المنبر ودخل في الصلاة وهو على المنبر وكبر وركع، ولما أراد السجود رجع القهقرى حتى سجد في أسفل المنبر -أي: على الأرض- ثم رجع، وأخبرهم عليه الصلاة والسلام بعد الفراغ من الصلاة أنه فعل ذلك ليتعلموا صلاته ولينظروا إليه ويعرفوا كيف يفعل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فهو أراد أن يتعلم الناس كيفية صلاته، وأن يراه أهل الصف الأول وكذلك الصفوف الأخرى؛ لأنه عليه الصلاة والسلام إذا صلى على المنبر فالذين في الصف الأول والذين وراءهم كلهم يتمكنون من مشاهدته صلى الله عليه وسلم، وهذه الصلاة الظاهر أنها فريضة، وقد تكون الجمعة، فقد جاء في بعض الروايات أنه خطب ثم صلى الله عليه وسلم بهم، وليس لأحد الآن أن يصنع هذا؛ لأن الأحكام مستقرة، والناس يتعلمون بدون أن يصعد الإنسان على المنبر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو الذي يأتي بالشرع، وهو الذي يقتدى به ويتلقى عنه الشرع، وبعد ذلك استقرت الأحكام، فليس لأحد أن يصعد على المنبر من أجل أن يعلم الناس، وإنما يعلم الناس بالكلام.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري القرشي ].
يعقوب بن عبد الرحمن القاري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا أبو حازم بن دينار ].
هو سلمة بن دينار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن رجالاً أتوا سهل بن سعد الساعدي ].
هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو العباس ، صحابي جليل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بدن -يعني: كبر- قال له تميم الداري : ألا أتخذ لك منبراً تجمع عليه أو تحمل عليه عظامك؟ يعني: ليجلس عليه ويرقى عليه ويقف عليه عندما يخطب الناس، فقال: بلى، فاتخذ له المنبر، وقد سبق في الحديث السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر تلك المرأة أن تأمر غلامها، وهنا جاء أن تميماً الداري هو الذي عرض ذلك، فمن أهل العلم من قال: إن تميماً هو الذي صنع المنبر، ويكون هو الغلام، ومنهم من قال: إن غلام المرأة يقال له: ميمون ، وليس هو تميم الداري ، ويمكن أن يوفق بين هذا وذاك بأن يكون تميماً هو الذي اقترح وهو الذي عرض عليه صناعة المنبر، ويكون تميم هو الذي بلغ تلك المرأة لتأمر غلامها أن يصنع المنبر، فيكون هو الذي عرض وباشر الإبلاغ لمن يقوم بصناعته، وبهذا يوفق بين ما جاء في هذا الحديث وما جاء في الحديث السابق.
وهنا قال: [مرقاتين] وقد جاء في بعض الروايات أنه ثلاث درجات، وقد ذكرت أن بعض أهل العلم جمع بين هذا وهذا بأن الذي قال: مرقاتين لم يحسب المرقاة التي يكون عليها الجلوس.
ويجوز اتخاذ المنبر أكثر من ثلاث درجات، ولكن كونه يقتصر على الشيء الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأولى.
هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا أبو عاصم ].
هو أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من كبار شيوخ البخاري الذين روى عنهم الثلاثيات؛ لأن البخاري روى الثلاثيات عن عدد قليل من مشايخه، ومنهم أبو عاصم النبيل .
[ عن ابن أبي رواد ].
هو عبد العزيز بن أبي رواد ، صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
قد مر ذكرهما.
حدثنا مخلد بن خالد حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: (كان بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الحائط كقدر ممر الشاة) ].
أورد أبو داود رحمه الله باب موضع منبر الرسول صلى الله عليه وسلم من مسجده، وأنه كان عند الجدار الأمامي الجنوبي الذي هو قبلة المصلين، وليس ملتصقاً به، بل بينه وبين الجدار مقدار ممر الشاة.
وموضع المنبر الآن هو على ما كان عليه؛ لأنه حد الروضة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) فهو مكانه.
مخلد بن خالد ثقة أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد ].
أبو عاصم مر ذكره، ويزيد بن أبي عبيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن الأكوع ].
هو سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال.
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا حسان بن إبراهيم عن ليث عن مجاهد عن أبي الخليل عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال: إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة).
قال أبو داود : هو مرسل، مجاهد أكبر من أبي الخليل وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال] والمقصود من ذلك صلاة النوافل يوم الجمعة قبل الزوال، وأورد فيه هذا الحديث الذي هو غير صحيح وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [(أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة)] ومعناه أنه عند زوال الشمس تكره الصلاة إلا يوم الجمعة، فإن جهنم تسجر كل يوم إلا يوم الجمعة، فالأيام التي تسجر فيها جهنم لا يصلى في نصف نهارها، ولكن يوم الجمعة يصلى عند الزوال فيها؛ لأن الجمعة لا تسجر فيها جهنم، لكن الحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير صحيح؛ لوجود الإرسال بين أبي الخليل وبين أبي قتادة رضي الله عنه، وكذلك -أيضاً- فيه ليث بن أبي سليم ، وهو مختلط.
فالأصل أنه لا فرق بين الجمعة وغيرها، إلا أن بعض أهل العلم أجاز صلاة النافلة يوم الجمعة قبل الزوال، وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة التي هي عند طلوع الشمس، واستوائها وغروبها، وكذلك لا يدفن الموتى في هذه الأوقات الثلاثة.
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا دخلوا المسجد يوم الجمعة يصلون ما أرادوا ثم يجلسون ولا يقومون إلا للصلاة، فالإنسان إذا دخل يصلي ما قدر له ثم يجلس يقرأ القرآن ثم يستمع للخطبة ويقوم للصلاة معه إذا أقيمت الصلاة.
هو محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا حسان بن إبراهيم ].
حسان بن إبراهيم صدوق يخطئ، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود .
[ عن ليث ].
هو ليث بن أبي سليم، وهو صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فترك، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الخليل ].
هو صالح بن أبي مريم الضبعي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قتادة ].
هو أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ قال أبو داود : هو مرسل، مجاهد أكبر من أبي الخليل ، وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة ].
الحديث منقطع، وهو مرسل بالاصطلاح العام، وإلا فإن المرسل المشهور عند المحدثين هو قول التابعي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا) فتسميته مرسلاً من حيث الانقطاع، فالشخص عندما يرسل عمن لم يلقه شيئاً من الأحاديث يقال له: مرسل بهذا المعنى، وهو منقطع.
الجواب: ما أعلم ذلك بالتحديد، ولكنه فترة وجيزة حينما تكون في وسط السماء فوق الرءوس، والإنسان عندما يأتي في ذلك الوقت عليه أن يمتنع عن الصلاة.
الجواب: الأناشيد الإسلامية التي فيها تغنِّ وفيها تلحين، وتكون بأصوات مجتمعة مسجلة لا تصلح في المسجد؛ لأن هذا ليس من قبيل ما كان يفعل في المسجد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن حسان رضي الله عنه كان ينشد الشعر على طريقة العرب، وأما هذه الأناشيد التي يقال عنها: إسلامية التي يقف فيها مجموعة من الشباب ويأتون بأناشيد يلحنونها وتسجل ليست من هذا القبيل، وهي إلى العناية بسماع الأصوات أكثر من العناية بالمعنى، فهي تخالف ما كان موجوداً في زمنه عليه الصلاة والسلام وما كان ينشده بين يديه حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
الجواب: إذا كان المرء قد بلغ قبل أن يكمل الخمسة عشر عاماً بأن يكون احتلم، أو نبت الشعر الخشن حول قبله فإنه يمكن أن يكون محرماً، وأما إذا ما حصل هذا ولا هذا فإنه لا يصلح أن يكون محرماً؛ لأن المحرمية تحصل بالبلوغ، فإذا وجد البلوغ قبل ذلك فلا بأس، فـالمغيرة بن مقسم الضبي احتلم وعمره ثلاثة عشر عاماً، فالبلوغ قد يحصل قبل سن الخامسة عشرة بالاحتلام أو بنبت الشعر الخشن حول القبل، فإذا كان وجد هذا أو هذا من هذا الذي عمره أربعة عشر عاماً فإنه يكون بالغاً، ويكون محرماً، ويكون مكلفاً.
الجواب: التصوير لا يسوغ إلا عند الحاجة مثل رخصة القيادة أو حافظة النفوس أو الجواز أو ما إلى ذلك من الأمور التي يحتاج إليها ويضطر إليها.
الجواب: تأخير صلاة العشاء سائغ، لكن على الإنسان أن لا يتركها حتى يخرج الوقت، بل ينبغي للإنسان أن يبادر بها، وإذا أخرها أو أخرت في المسجد والناس متفقون على تأخيرها، دون أن ينام أحد قبل أن يؤتى بالصلاة فلا مانع من تأخيرها، لكن ليحرص المرء على أن لا يأتي نصف الليل قبل أن تصلي؛ لأنه إذا مضى نصف الليل فمعناه أنه خرج وقتها الاختياري.
الجواب: هو سيء، وإذا وجد منه الكبر والخيلاء فذلك أسوأ، والرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى من يحصل منه إسبال الثياب ما سأله: هل أنت تفعله خيلاء أو لا تفعله خيلاء؟ وإنما أرشده عليه الصلاة والسلام إلى رفع الثوب وعدم إسباله، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لما كان في مرض موته بعد ما طعن كان الناس يعودونه، فجاء إليه شاب فأثنى عليه ثناءً عظيماً وقال: هنيئاً لك يا أمير المؤمنين، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم صحبت أبا بكر كذلك، ثم وليت الخلافة فعدلت، وذكر شيئاً من فضائله ومن خصاله الحميدة، فقال رضي الله عنه: وددت أن يكون ذلك كفافاً لا علي ولا لي، ثم ذهب الغلام فرآه وإذا ثوبه يمس الأرض، فدعاه، فلما جاء قال: يا ابن أخي! ارفع ثوبك؛ فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك، وما قال له: هل أنت تفعله خيلاء أو لا تفعله خيلاء؟ وإنما أمره مباشرة؛ لأن هذا غير سائغ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ما أسفل من الكعبين ففي النار)، ولكن إذا وجدت النية السيئة والصفة الذميمة التي هي صفة الكبر والخيلاء فإنه يكون سوءاً إلى سوء، وشراً على شر.
الجواب: زيارة القبور سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كون الإنسان عندما يريد أن يسافر يذهب ويودعها ويحصل منه الوداع فهذا لا يصح ولا يسوغ، وينبغي على الإنسان أن يكون دائماً وأبداً يصلي ويسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام، والملائكة تبلغه ذلك، فلا يحتاج إلى أن يودع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكون الإنسان لا يسافر إلا وقد ودع النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت دليل يدل عليه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر