حدثنا سعيد بن منصور حدثنا شهاب بن خراش حدثني شعيب بن رزيق الطائفي قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: الحكم بن حزم الكلفي رضي الله عنه، فأنشأ يحدثنا قال: (وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر لنا بشيء من التمر والشأن إذ ذاك دون، فأقمنا بها أياماً شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكئاً على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال: أيها الناس! إنكم لن تطيقوا -أو: لن تفعلوا- كل ما أمرتم به ،ولكن سددوا وأبشروا).
قال أبو علي : سمعت أبا داود قال: ثبتني في شىء منه بعض أصحابنا، وقد كان انقطع من القرطاس ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب الرجل يخطب على قوس] أي أن الخطيب يخطب معتمداً على قوس أو على عصا في حال خطبته، وذلك ليكون أسكن له، وأدعى إلى عدم حركته وحركة يده، وأيضاً ليتكئ عليها، وفي ذلك تخفيف عليه من طول قيامه، فالاعتماد على العصا أو القوس هو لهذه الحكم.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث الحكم بن حزم الكلفي رضي الله تعالى عنه قال: [(وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر لنا بشيء من التمر)].
والمتاع والطعام قليل، وهو إشارة إلى قلة ذات اليد.
قوله: [(فأقمنا بها أياماً شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكئاً على عصاً أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: أيها الناس! إنكم لن تطيقوا -أو: لن تفعلوا- كل ما أمرتم به، ولكن سددوا وأبشروا) ].
الشاهد قوله: [(فقام متوكئاً على عصا أو قوس)].
والحديث دليل على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفاقة ومن قلة ذات اليد، وكذلك ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرم واللطف بالمسلمين صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وكذلك أيضاً كون الخطبة تشتمل على حمد الله عز وجل، وأنها تشتمل على كلمات واضحة جلية مفيدة مباركة، وكذلك أيضاً كون الرسول صلى الله عليه وسلم بين في خطبته أنهم لن يطيقوا كل ما أمروا به، ولكن عليهم السداد، وأن يفعلوا ما يستطيعون، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)، ولهذا جاء في حديث عمران بن حصين الذي سبق أن مر بنا فيما يتعلق بالصلاة قوله صلى الله عليه وسلم: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) فالأوامر يأتي الإنسان بها على قدر طاقته وعلى قدر استطاعته: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وأما النواهي فإنها تروك، والتروك مستطاعة مطلقاً، وكل إنسان يستطيع الترك، ولكنه يحتاج إلى مجاهدة النفس، وإلى محاسبتها، وإلى كفها عن الإقدام على ما يعود عليها بالضرر، ولهذا جاء في الحديث: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)، فقيد الأمر بالاستطاعة، والاجتناب ما قيده بالاستطاعة؛ لأنه مستطاع مطلقاً، فالنواهي يستطيع الإنسان تركها إذا وفق لمجاهدة نفسه وإبعادها عن الوقوع في المعاصي والمحرمات، وأما الأوامر فهي التي يكون فيها مشقة، وقد تستطاع وقد لا تستطاع، ولكن على الإنسان أن يأتي بالأوامر على قدر طاقته وعلى قدر استطاعته.
سعيد بن منصور ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شهاب بن خراش ].
شهاب بن خراش صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود .
[ حدثني شعيب بن رزيق الطائفي ].
شعيب بن رزيق -بالراء المقدمة تصغير رزق- لا بأس به، أخرج له أبو داود، و(لا بأس به) بمعنى (صدوق) إلا أنها عند يحيى بن معين بمعنى (ثقة) وهذا اصطلاح خاص بـيحيى بن معين رحمة الله عليه، فإنه إذا قال عن شخص: لا بأس به فهو يقصد أنه ثقة، ولهذا يقولها في حق أئمة كبار، ولا غرابة في ذلك، ولا مشاحة في الاصطلاح، وإذا فهم المقصود يزول الإشكال، وكلمة (لا بأس به) عند الحافظ ابن حجر هي بمعنى (صدوق).
[ قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: الحكم بن حزم الكلفي ].
الحكم بن حزم الكلفي صحابي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفد عليه، وحديثه أخرجه أبو داود .
والاعتماد على السيف أو القوس كل ذلك مثل الاعتماد على العصا يحصل به المقصود، والقول بأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم فعله للحاجة ليس هناك شيء يدل عليه، وآلة القوس -كما هو معلوم- غير مستقيمة، بل هي مثل السيف فيها ميلان.
يعني: افعلوا السداد الذي يمكنكم، وأبشروا بالأجر وبالثواب الجزيل، وبالعواقب الحميدة في الدنيا والآخرة.
قوله: [كلمات خفيفات طيبات مباركات] يدل على أن خطبته صلى الله عليه وسلم كانت مشتملة على كلمات خفيفة واضحة جلية جامعة، وهو صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، فيأتي بالكلام الجامع الذي لفظه قليل ومعناه كثير؛ ولهذا جاء في الحديث: (إن قصر خطبة الرجل مئنة من فقهه)؛ لأنه يختار الكلام الجامع، والكلام الواضح الذي يثبت في أذهان السامعين ويستقر، ويخرجون من الخطبة بفائدة.
أبو علي هو اللؤلؤي راوي السنن عن أبي داود ، وأبو داود هو المصنف، قال: ثبتني بشيء من الحديث بعض أصحابنا.
ومعناه أن بعض أصحابه الذين كانوا أخذوا معه الحديث ثبته، بمعنى أنه تحقق منه شيئاً فات عليه وانقطع من القرطاس، فذكره به بعض أصحابه فتذكر وتنبه.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً
) ].أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، ولا علاقة له بالترجمة، والترجمة التي عقدها المصنف يتعلق بها الحديث الأول فقط، ثم أتى بأحاديث عديدة لا علاقة لها بالترجمة؛ لأنها تتعلق بالخطبة، وبقصر الخطبة، وباشتمال الخطبة على أشياء من تذكير وقراءة قرآن، وما إلى ذلك.
فلا أدري هل أتى بهذه الترجمة ثم جاء بعدها بأحاديث لا علاقة لها بها أو أن هناك ترجمة سقطت بعد الترجمة، وهي تتعلق بما تشتمل عليه الخطبة؟!
وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال: [(الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره..)] إلى أن قال في آخره: [(من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً)]، وفيه الجمع في الضمير بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: [(ومن يعصهما)] أي: من يعص الله ورسوله، وقد جاء ذلك في أحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) أي: مما سوى الله ورسوله، وكذلك الحديث الذي فيه: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن الخمر) وسيأتي المصنف بحديث أن خطيباً خطب وقال: (ومن يعصهما فقد غوى) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (بئس الخطيب) ؛ لأنه جمع بين الله ورسوله في الضمير، وقد ذكر العلماء في الجواب عن هذا الاختلاف بين هذه الأحاديث أن الخطبة المقصود بها البسط والإيضاح، فكان الأمر يتطلب التفصيل ولا يتطلب التثنية، بخلاف الأمور التي فيها إرشاد وتعليم لأحكام شرعية فإنه يمكن أن يجمع فيها بين الضميرين، وقال بعض أهل العلم: إن التثنية خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، فله أن يجمع في التثنية بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليس لغيره أن يفعل ذلك.
قوله: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد) ].
يعني: إذا أتى بالذكر الذي يكون في أول الخطبة المشتمل على التشهد، وتسمى المقدمة والديباجة التي تأتي بين يدي الخطبة، وتسمى تشهداً بأجل شيء وأعظم شيء فيها، كما أن التشهد الذي هو: (التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك -أيها النبي- ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) قيل له: تشهد من أجل (أشهد أن لا إله إلا الله) فيطلق على الشيء الكثير اسم أهم شيء فيه وأعظم شيء فيه.
محمد بن بشار البصري هو الملقب بـبندار ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عاصم ].
أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عمران ].
هو عمران بن داور أبو العوام، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد ربه ].
هو عبد ربه بن أبي يزيد، وهو مستور، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبي عياض ].
هو أبو عياض عمير بن الأسود ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن ابن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود هذا المرسل عن الزهري أنه سئل عن التشهد فذكر نحو الحديث المتقدم، أي: الحمد لله نحمده ونستعينه ... إلخ، إلا أنه قال في آخره: [(ومن يعصهما فقد غوى)] بدل قوله: (فلا يضر إلا نفسه) في الرواية السابقة، والزهري من صغار التابعين، فإضافته ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من قبيل المرسل.
قوله: [ (ونسأل الله ربنا أن يجعلنا) ] هذا دعاء يحتمل أن يكون من أبي داود أو من الزهري أو من أحد الرواة.
هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، ثقة أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ أخبرنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو ابن شهاب هو الزهري ، وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن خطيباً خطب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى] فقال: [(قم -أو: اذهب-؛ بئس خطيب القوم أنت)] وفي بعض الألفاظ: (بئس خطيب القوم) بدون كلمة (أنت) وهذا فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام أنكر عليه الجمع في التثنية بين الله ورسوله حيث قال: [ومن يعصهما] وقد أشرت آنفاً إلى أن بعض أهل العلم جمع بين ما جاء من التثنية وما جاء من ذم هذا الخطيب أن الخطبة تشتمل على التفاصيل والإيضاح والبيان، ولا يناسبها الاختصار وجمع الضمائر، بخلاف الأحاديث التي هي مشتملة على بيان الأحكام، فإن الاختصار فيها والجمع في الضمائر فيها لا بأس به ولا مانع منه.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان بن سعيد ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني عبد العزيز بن رفيع ].
عبد العزيز بن رفيع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن تميم الطائي ].
هو تميم بن طرفة الطائي، ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عدي بن حاتم ].
هو عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : قال روح بن عبادة عن شعبة قال: بنت حارثة بن النعمان ، وقال ابن إسحاق : أم هشام بنت حارثة بن النعمان ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث بنت الحارث بن النعمان أو بنت حارثة بن النعمان -وهي صحابية- أنها قالت: [ما حفظت (ق) إلا من في رسول صلى الله عليه وسلم] تعني سورة (ق) [كان يخطب بها كل جمعة] وليس المقصود أنه يقرؤها من أولها إلى آخرها في الخطبة، وإنما يقرأ آيات منها؛ لأن قراءتها كلها في الخطبة فيه تطويل للخطبة، ولكن يحمل على أنه كان يأتي بآيات منها في أولها وفي وسطها وفي آخرها، فلكونه يأتي بها ويكررها حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه السورة مشتملة على أمور عظيمة تتعلق بالبعث والخلق، وتتعلق بأمور عظام مثل عذاب من يستحق العذاب، وكذلك فيها صفة الجنة وأهل الجنة، ومشتملة على عدة أمور وفوائد عظيمة، فمن أجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بشيء منها في الخطبة.
وقد كانت خطب رسول صلى الله عليه وسلم ليس فيها تطويل، وإنما يأتي فيها بكلمات جوامع، وبأمور جامعة، كما هو هديه وشأنه صلى الله عليه وسلم أنه أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، بحيث يأتي بالكلام القليل المبنى الواسع المعنى.
وابن القيم رحمه الله في أول كتابه الفوائد تكلم على هذه السورة وعلى معانيها ومقاصدها وما تشتمل عليه بكلام نفيس جداً، وبين ما اشتملت عليه هذه السورة العظيمة من الموضوعات ومن الأمور المهمة والأمور العظيمة.
قالت: [وكان تنور رسول الله وتنورنا واحداً] فيه إشارة إلى قربها منه صلى الله عليه وسلم، وأن أهل بيتها كانوا جيراناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
مر ذكره.
[ حدثنا محمد بن جعفر ].
هو محمد بن جعفر البصري، وهو الملقب بـغندر، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خبيب ].
هو خبيب بن عبد الرحمن، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن محمد بن معن ].
عبد الله محمد بن معن مقبول أخرج له مسلم وأبو داود .
[ عن بنت الحارث بن النعمان ].
بنت الحارث بن النعمان صحابية أخرج حديثها مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة ، ويقال فيها: بنت حارثة بن النعمان ، وأم هشام بنت الحارث ، وهي واحدة جاء ذكرها على صيغ مختلفة، لكن ما ذكر اسمها، وهي أخت عمرة بنت عبد الرحمن ، قيل: إنها أختها من أمها أو أختها من الرضاع، وليست أختها من النسب؛ لأن هذه عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ، وهذه بنت حارثة أو بنت الحارث بن النعمان .
فكان يقرأ شيئاً من الآيات بعضها في موضوع واحد مثل ما جاء في أول سورة (ق) فيما يتعلق بالبعث ويتعلق بالاستدلال على البعث بإنبات النبات وإحياء الأرض بعد موتها، وكذلك ما جاء في وسطها من قدرته على الخلق، وأن القادر على الخلق الأول قادر على الخلق الثاني، ويمكن أن يتكلم في موضوع ثم يأتي بهذه الآيات التي تتعلق بها، كل هذا محتمل، ولكنها حفظت الآيات لكون الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قراءتها.
روح بن عبادة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال عن شعبة أنه قال: [ بنت حارثة بن النعمان ]، والأول قال: [بنت الحارث بن النعمان ].
قوله: [ وقال ابن إسحاق : أم هشام بنت حارثة بن النعمان ].
أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت خطبته قصداً وكانت صلاته قصداً)] يعني: ليس فيها إطالة وتطويل، وإنما فيها إيجاز مع التمام، فخطبته كانت قصداً بمعنى أنها وجيزة ولكنها كاملة، وذلك أنه كان يأتي بالكلام الجامع المختصر الذي معناه واسع؛ لأنه أعطي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، وجوامع الكلم هي الكلمات القليلة المباني الواسعة المعاني.
قوله: [ (يقرأ آيات من القرآن ويذكر الناس) ].
يعني أن الخطبة كانت مشتملة على قراءة شيء من القرآن وعلى تذكير الناس.
مر ذكره.
يحيى مر ذكره، وسفيان الثوري مر ذكره أيضاً.
[ عن سماك ].
سماك بن حرب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن جابر بن سمرة ].
جابر بن سمرة رضي الله عنه حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : كذا قال يحيى بن أيوب وابن أبي الرجال عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان ].
أورد أبو داود حديث أم هشام المتقدمة، وهي بنت حارثة بن النعمان أو بنت الحارث بن النعمان ، وفيه: عن عمرة عن أختها أنها قالت: (ما حفظت ق إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها في كل جمعة).
محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا مروان ].
مروان بن محمد الطاطري ، ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا سليمان بن بلال ].
سليمان بن بلال ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرة ].
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أختها ].
هي أم هشام بن الحارث بن النعمان أو بنت حارثة بن النعمان ، وهي صحابية أخرج لها مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة ، وهي التي مر ذكرها.
قوله: [ قال أبو داود : كذا قال يحيى بن أيوب وابن أبي الرجال عن يحيى بن سعيد ].
يعني: رواه يحيى بن أيوب كالذي تقدم، أي: أنه قال: عن عمرة عن أختها كما قال سليمان بن بلال : عن عمرة عن أختها.
ورواه ابن أبي الرجال عن يحيى بن سعيد بلفظ: عن عمرة عن أم هشام بنت الحارث ، هذه رواية ابن أبي الرجال ، وأما رواية يحيى بن أيوب فهي مثل رواية سليمان بن بلال ، وستأتي رواية يحيى بن أيوب في الإسناد الذي بعد هذا.
ويحيى بن أيوب الغافقي صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و ابن أبي الرجال هو عبد الرحمن بن محمد ، وأبوه يقال له: أبو الرجال ، وهو لقب له وليس كنية، وأبوه الذي يقال له أبو الرجال له عشرة بنين، فكان يقال له: أبو الرجال ، وهذا لقب، مثل أبي الزناد ، فـأبو الزناد لقب لا كنية، واسمه عبد الله بن ذكوان ، وكنيته أبو عبد الرحمن ، وهذا لقبه أبو الرجال ، وكنيته أبو عبد الرحمن ، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وقد تقدم.
المقصود أن ابن أبي الرجال قال: عن عمرة عن أم هشام بنت الحارث ، وسليمان بن بلال ويحيى بن أيوب قالا: عن عمرة عن أختها.
أورد المصنف الحديث من طريق عمرة بنت عبد الرحمن وقال: إنها أخت لها أكبر منها بمعناه، أي: بمعنى الحديث المتقدم الذي هو: (ما حفظت (ق) إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة).
قوله: [ حدثنا ابن السرح ].
ابن السرح هو أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، مر ذكره.
[ أخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أختها ].
مر ذكرهم جميعاً.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة عن حصين بن عبد الرحمن أنه قال: رأى عمارة بن رويبة بشر بن مروان وهو يدعو في يوم جمعة فقال عمارة : قبح الله هاتين اليدين! قال زائدة : قال حصين : حدثني عمارة رضي الله عنه أنه قال: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ما يزيد على هذه. يعني السبابة التي تلي الإبهام) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [رفع اليدين على المنبر] يعني: ما حكم رفع اليدين على المنبر؟
والمقصود أن الخطيب لا يرفع يديه وهو يخطب على المنبر، إلا إذا استسقى في الخطبة يوم الجمعة فإنه يرفع اليدين؛ لأن ذلك ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه رجل أن يستسقي، فرفع يديه ودعا، ولكن في غير الاستسقاء ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه، ورفع اليدين في الدعاء له ثلاثة أحوال:
الأولى: حالات كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيها بكثرة، ولم يعهد عنه أنه رفع يديه صلى الله عليه وسلم، وذلك في الخطب كما جاء في هذا الحديث الذي أورده المصنف أنه ما كان يرفع يديه، وإنما كان يكتفي بأن يشير بإصبعه السبابة، وكذلك بعد الصلوات المفروضة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي بالناس دائماً، ولم ينقل عنه أنه رفع يديه بالدعاء بعد الصلاة.
الثانية: مواضع ورد فيها رفع اليدين، فترفع فيها الأيدي، مثل الوقوف على الصفا والمروة، ومثل الوقوف بعد رمي الجمرات الأولى والثانية، وغيرها من المواضع التي ورد فيها رفع اليدين.
الثالثة: حالات مطلقة ليست من هذا ولا من هذا، فيكون الأمر فيها واسعاً، إن رفع يديه فله ذلك، وإن لم يرفع يديه فله ذلك.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عمارة بن رويبة رضي الله عنه أنه رأى بشر بن مروان وهو أمير يخطب وقد رفع يديه يدعو فقال: [قبح الله هاتين اليدين! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ما يزيد على هذا. وأشار بالسبابة] يعني أنه يشير بالسبابة عند التشهد أو عند ذكر الله عز وجل، ولكن كونه يرفع يديه عند الدعاء فما رآه عمارة بن رويبة رضي الله عنه يفعل ذلك.
والإشارة بالسبابة المقصود بها عندما كان يدعو، وبعض العلماء قال: أي: يشير إلى الناس في الخطبة، والذي يبدو أن المقصود من الإشارة التشهد وأنه يشير بذكر الله عز وجل، وكذلك عند الدعاء عند الخطبة، وقوله: [ما يزيد على هذا. وأشار بالسبابة ] يحتمل أن يكون مقصوده عند التشهد، وأنه يشير عند هذا الموطن فقط، ويحتمل أن يكون المراد عند الدعاء.
ورفع اليدين في الاستسقاء يختلف؛ لأنه يجعل بطونها إلى الأرض في الاستسقاء فقط، وأما في غيره فترفع إلى السماء.
هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زائدة ].
هو زائدة بن قدامة، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حصين بن عبد الرحمن ].
حصين بن عبد الرحمن السلمي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمارة بن رويبة ].
عمارة بن رويبة رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وهو أن يكون بين أبي داود وبين رسول صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص.
وقول الصحابي: [قبح الله هاتين اليدين!] يحتمل أنه قاله بين الخطبتين أو قاله فيما بعد؛ لأن السنة جاءت بأن الإنسان لا يتكلم وقت الخطبة، اللهم إلا إذا لم تكن بلغته الأحاديث التي فيها النهي عن الكلام وقت الخطبة، أما إذا بلغه النهي فإنه لا يخالفه.
أورد أبو داود حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: [ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهراً يديه قط يدعو على منبره ولا على غيره، ولكن رأيته يقول هكذا. وأشار بالسبابة وعقد الوسطى بالإبهام] وهذا مثل الحديث الذي قبله، يقول: ما رآه رافعاً يديه يدعو في خطبته ولا في غيرها، ومعلوم أنه ورد عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في الاستسقاء، وكان يرفع يديه في أمور أخرى متعددة، مثل الدعاء عند الصفا والمروة، وعند رمي الجمرتين الأولى والثانية، والمنذري أو غيره ألف في ذلك رسالة جمع فيها الأحاديث في رفع اليدين في الدعاء.
مسدد تقدم، وبشر بن المفضل ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الرحمن -يعني ابن إسحاق- ].
هو عبد الرحمن بن إسحاق بن المديني، صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن معاوية ].
عبد الرحمن بن معاوية صدوق سيء الحفظ، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن ابن أبي ذباب ].
هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، وهو ثقة أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن سهل بن سعد ].
سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن هذا هو ربا النسيئة، ولكن كونه يأخذها منه قرضاً ثم يوفيه هناك بعملة البلد فلا بأس، أما كونه يعطيه ريالات سعودية ثم يستلم منه هناك ريالات سودانية فهذا هو ربا النسيئة؛ لأنه لا بد من التقابض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) .
الجواب: لا يسجد لهذا سجود السهو.
الجواب: هذا غير جيد، وكذلك كونه يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) إذا قال: (قال الله تعالى) فلا حاجة إلى ذلك؛ لأنه يستشهد وليس قارئاً، وإنما يؤتى بالاستعاذة عند القراءة، أما إذا كان الإنسان يستشهد فليقل: قال الله تعالى كذا ويذكر الآية، أو يأتي بمحل الشاهد من الآية بدون أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن هذا ليس مقام قراءة، و(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) يؤتى بها بين يدي القراءة.
فالاستشهاد لا يؤتى فيه بالقراءة بترتيل، بحيث يغير الخطيب صوته من كونه يتكلم ويخطب إلى كونه يقرأ القرآن.
أما إذا كان الإنسان يريد أن يقرأ شيئاً من القرآن في الخطبة، وأتى قبله بـ(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فلا بأس بذلك، لكن كونه يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم في مقام الاستشهاد لا يصلح، ولو كان يريد أن يسرد عشر آيات كأدلة فلا وجه للاستعاذة قبل كل آية.
الجواب: يرفع اليدين، وتكون بطونهما إلى الأرض، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء خاصة.
الجواب: وردت في ذلك أحاديث ضعيفة غير ثابتة، وهي لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الدبر يطلق على شيئين:
يطلق على آخر الشيء وعلى ما يلي آخره، وقد ورد ذكر الدبر في الصلاة والمراد به ما بعد الصلاة، وجاء بلفظ مطلق يدخل تحته ما قبل الصلاة وما بعدها، ففي الحديث الذي فيه تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين هذا بعد الصلاة، وأطلق عليه دبر لأنه يلي آخر الشيء.
ومن المعلوم أن الإنسان يكثر من الدعاء داخل الصلاة، أما بعد الصلاة فالإنسان يأتي بالاستغفار ثلاثاً، وهو دعاء ومعنى: (استغفر الله) أي: أطلب من الله المغفرة، وأسأل الله المغفرة، ولكن يأتي بعده ذكر، وإذا فرغ من الذكر وأراد أن يدعو فله أن يدعو لكنه لا يأتي بشيء قبل الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي بهذا الذكر الذي هو: (اللهم أنت السلام ومنك السلام) إلى آخر الأذكار المعروفة، وإذا جلس في مكانه بعد ذلك وسأل الله عز وجل فلا بأس بذلك، والأمر في ذلك واسع.
الجواب: دعاء الاستخارة يكون بعد السلام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر