قوله: [ (كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام) ].
أي: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يأتي إلى أهله ويصلي أربع ركعات، ثم ينام، وهذا فيه بيان أن سنة العشاء أربع، لكن المحفوظ والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي جاء عن عائشة وعن غيرها أنها ركعتان، فمن العلماء من قال: إن هذا ليس بمحفوظ بل هو شاذ، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنها ركعتان، ومن أهل العلم من قال: إن هذا يدل على الجواز، يعني: أنه يشرع أن يصلي ركعتين أو يصلي أربعاً، وكل ذلك سائغ، لكن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد العشاء، وهي الرواتب التي جاءت في بعض الأحاديث، وقد بينتها عائشة رضي الله عنها بالتفصيل، وذكرت ركعتين بعد العشاء، فالسنة أن يصلي الإنسان بعد العشاء ركعتين، ثم بعد ذلك يصلي قيام الليل.
قوله: [ (ثم يأوي إلى فراشه وينام وطهوره مغطى عند رأسه، وسواكه موضوع حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه من الليل) ].
يعني: كان ينام عليه الصلاة والسلام وطهوره عنده، وسواكه عنده، والطَّهور -بفتح الطاء- هو الماء الذي يتوضأ به، والطُّهور بالضم: هو فعل الوضوء، يقال: الوُضوء والوَضوء، والطُّهور والطَّهور، والسُّحور والسَّحور، والوُجور والوَجور كل هذه الكلمات الفتح فيها يراد به الشيء الذي يُفعل والذي يُعمل، والضم فيها يراد به الفعل، فهنا قال: والطَّهوره عنده، يعني: الماء الذي يتطهر به مغطىً عنده، والحديث الذي فيه: (الطُّهور شطر الإيمان..) هو بالضم، أي: الفعل الذي هو الوضوء.
قوله: (حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه) يعني: يبعثه من نومه، وذلك أن النوم أخو الموت أو شبيه بالموت، ولهذا جاء في القرآن: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42] أي: يتوفاها، فهنا ذكر البعث من النوم لأنه مثل الحياة بعد الموت، وقد جاء في الحديث (النوم أخو الموت).
هذا مثل ما تقدم، إلا أن فيه رفع صوته بالتسليم، وأنه يكاد يوقظ أهل بيته منها، ولكن هذا لا يعني أنها تسليمة واحدة، وإنما رفع الصوت يكون في تسليمة واحدة.
يعني: كان يصلي تسع، وبعدها يصلي ركعتين وهو جالس، ولما كبر صلى الله عليه وسلم نقص من التسع ثنتين، فكان يوتر بسبع، وقد مر في الحديث: (أنه كان يجلس بعد السادسة ويذكر الله عز وجل، ثم يقوم للسابعة، ثم يجلس بعدها ويذكر الله عز وجل، ثم يسلم).
قوله: [ (فجعلها إلى الست والسبع) ].
يعني: الست التي هي الشفع، والوتر الذي هو السابعة الذي يوتر بها الست.
علي بن حسين الدرهمي ، هو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا ابن أبي عدي عن بهز بن حكيم ].
ابن أبي عدي مر ذكره، وبهز بن حكيم صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ حدثنا زرارة بن أوفى أن عائشة ].
زرارة بن أوفى وعائشة قد مر ذكرها.
قال المنذري : ورواية زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة هي المحفوظة، وعندي في سماع زرارة من عائشة نظر، فإن أبا حاتم الرازي قال: سمع زرارة من عمران بن حصين ، ومن أبي هريرة ، ومن ابن عباس ، وظاهر هذا أنه لم يسمع عنده من عائشة والله أعلم.
لكن هذا الحديث له شواهد، والألباني صحح هذه الروايات وإن كانت قصة واحدة وفيها اختلاف، وإذا نظرت إلى هذه الأحاديث المتكررة تجد بعضها يشبه بعضاً، من ناحية أنها سبع وبعدها ثنتان، أو تسع وبعدها ثنتان، وهكذا كثير من الأحاديث على هذا النهج، وإنما الإشكال في الخلاف في القصة الواحدة.
هذا الحديث مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ].
هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
يزيد بن هارون الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا بهز بن حكيم ].
بهز بن حكيم مر ذكره.
قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ].
هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي مولاهم أبو حفص الحمصي ، صدوق، من العاشرة، مات سنة خمسين ومائتين.
[ حدثنا مروان يعني: ابن معاوية ].
مروان بن معاوية الفزاري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بهز حدثنا زرارة بن أوفى عن عائشة ].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وقال في آخره: وليس في تمام حديثهم.
وهذا يحتمل أن يكون المراد به كما قال صاحب عون المعبود: أي: ليس في جيد حديثهم، أي: أشار إلى ثلاثة وهم: يزيد بن هارون وحماد بن سلمة وابن أبي عدي ، فهؤلاء الثلاثة قال: إنه ليس في جيد حديثهم، ويحتمل أن يكون المقصود بقوله: وليس في تمام حديثهم: أن يكون هذا الذي جاء في الأخير ليس تاماً مثل الأحاديث التي قبله أو التي مرت، يعني: ليس مثل الأحاديث التي تقدمت بالتمام؛ لأن التمام يراد به تمام الحديث أو نقصانه، يقال: هذا الحديث أما تفسير قوله: ليس في تمام حديثهم أي: ليس في جيد حديثهم، وجعل تمام بمعنى: جيد، فهذا فيه نظر؛ لأن التمام غالباً يؤتى به للحديث من كونه تاماً، وكون بعضه أتم من بعض، وأوفى من بعض، فيحتمل -والله أعلم- أن يكون المقصود بقوله: وليس في تمام حديثهم يعني: أنه ليس تاماً مثل الطرق التي قبله.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
موسى بن إسماعيل مر ذكره.
[ حدثنا حماد ].
حماد بن سلمة ، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة ].
وقد مر ذكرهم.
أورد أبو داود حديث عائشة وفيه: أنها ثلاث عشرة ركعة، يعني: يوتر بتسع ويصلي ركعتين وهو جالس، ثم ركعتين بين الأذان والإقامة، وهذا مثل ما تقدم قريباً.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد يعني: ابن سلمة عن محمد بن عمرو ].
موسى بن إسماعيل وحماد مر ذكرهما، ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن وعائشة قد مر ذكرهما.
هذا مثل الذي مر معنا.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم ].
موسى بن إسماعيل وحماد ومحمد بن عمرو مر ذكرهم، ومحمد بن إبراهيم هو: التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علقمة بن وقاص ].
علقمة بن وقاص الليثي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو جد محمد بن عمرو الذي يروي عن محمد بن إبراهيم .
[ عن عائشة ].
عائشة وقد مر ذكرها.
روى الحديثين يعني: المتقدمين قبل هذا.
قوله: [ عن خالد بن عبد الله الواسطي ].
خالد بن عبد الله الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمرو مثله قال فيه: قال علقمة بن وقاص : يا أمتاه! ].
معناه: أن علقمة بن وقاص هو الذي سألها وقال: يا أمتاه! أخبريني عن كذا وكذا.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها وهو يشبه حديثها الطويل الذي سبق أن مر، إلا أنه لم يذكر فيه صلاة سنة العشاء، وإنما ذكر أنه كان يأوي إلى فراشه بعد صلاة العشاء فينام، وما ذكر الأربع الركعات، لكنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد صلاة العشاء كما جاء عن عائشة في الحديث المتقدم.
قوله: [ (ثم يأوي إلى فراشه، فينام فإذا كان جوف الليل قام إلى حاجته وإلى طهوره، فتوضأ ثم دخل المسجد فصلى) ].
المسجد يعني: المصلى، والمسجد الذي في البيت هو مكان صلاته.
قوله: [ (يخيل إليّ أنه يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود) ].
سبق أن مر شيء يشبه هذا من حديثها.
معناه: أنه بعدما يصلي الوتر يضع جنبه فيستريح، وقد سبق أن مر بنا أنه كان يضطجع مرتين، مرة بعد الوتر فيستريح في السحر، ومرة بعد أن يأتي بركعتي الفجر.
وهنا إشكال في قوله: آذنه؛ لأن معنى يؤذنه أي: يؤذنه بالإقامة، لأن المؤذن يؤذن بدون إيذان، فـبلال كان يؤذن إذا جاء الوقت، ولكنه لا يقيم إلا بعد إيذانه، فهنا فيه إشارة إلى أنه آذنه مرتين، وهذا غير واضح؛ لأن بلالاً ما كان يستأذنه في الأذان، وإنما كان يؤذنه بالإقامة، حتى يقيم الصلاة ويأتي ويصلي بالناس صلى الله عليه وسلم، وأما الأذان فإنه يؤذن إذا جاء الوقت، ولا أدري وجه ذكر هذا الإيذان.
وهب بن بقية الواسطي ، ثقة، أخرج حديثه مسلم ، وأبو داود والنسائي .
[ عن خالد ].
هو ابن عبد الله الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا ابن المثنى ].
هو: محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـالزمن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الأعلى ].
عبد الأعلى هو: ابن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هو: ابن حسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن هشام ].
سعد بن هشام ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، ومن السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود : وإنما كررت هذا الحديث؛ لأنهم اضطربوا فيه.
ثم قال أبو داود : أصحابنا لا يرون الركعتين بعد الوتر ].
هذا الكلام في بعض النسخ، والركعتان بعد الوتر جاءت في أحاديث عديدة، من طرق مختلفة، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يداوم عليها، وإنما فعلها في بعض الأحيان، وإذا فعلت في بعض الأحيان فلا بأس بذلك، وإذا تركت ولم يؤت بها فلا بأس بذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مداوماً عليها.
قال عثمان : (بثلاث ركعات فأتاه المؤذن فخرج إلى الصلاة).
وقال ابن عيسى : (ثم أوتر فأتاه
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وذلك أنه رقد عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت خالته ميمونة ، يريد من وراء ذلك أن يعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل، فرقد عند خالته ميمونة ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم قام واستاك وتوضأ، ثم صلى ركعتين، ثم بعد ذلك نام، ثم استيقظ وصلى ركعتين، ثم نام واستيقظ وصلى ركعتين، ثلاث مرات، يعني: يصلي ركعتين، ثم ينام، ثم يصلي ركعتين، ثم ينام، ثم يصلي ركعتين، فهذه ست ركعات، ثم بعد ذلك يصلي ثلاثاً، فيكون أوتر بتسع، ثم صلى ركعتين بعد الوتر، ثم بعد ذلك رقد حتى يؤذنه بلال بالصلاة.
قوله: [ قال عثمان : (بثلاث ركعات، فأتاه المؤذن فخرج إلى الصلاة) وقال ابن عيسى : (ثم أوتر فأتاه
يعني: أوتر بثلاث، وبعد ذلك آذنه المؤذن بالصلاة، فصلى ركعتين بعدما طلع الفجر، وبعدما حصل الأذان خرج إلى الصلاة وهو يقول هذا الدعاء: (اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن شمالي نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، اللهم وأعظم لي نوراً).
هذا النور الذي دعا به يشمل النور الحسي الذي يكون يوم القيامة، ويشمل النور المعنوي الذي يكون في هذه الحياة الدنيا، وهو أن يكون على هدى وبصيرة، وأن يسير إلى الله عز وجل على نور وهدى واستقامة، قد أخرج من الظلمات إلى النور بالحق والهدى.
وهذا الدعاء جاء في الخروج إلى صلاة الفجر، لكن الذي يبدو أنه يمكن أن يكون أيضاً في غيرها، ولهذا يذكرونه في الخروج إلى جميع الصلوات، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في أول آداب المشي إلى الصلاة أنه يدعى به عند الخروج إلى الصلاة.
محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا هشيم ].
هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا حصين ].
حصين بن عبد الرحمن السلمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حبيب بن أبي ثابت ].
حبيب بن أبي ثابت ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن محمد بن فضيل ].
محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ].
حصين وحبيب بن أبي ثابت مر ذكرهما ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن عباس ].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف طريقاً أخرى وقال: نحوه إلا أنه قال: (وأعظم لي نوراً)، ولم يقل: (اللهم وأعظم لي نوراً) يعني: ليس فيه لفظ: (اللهم)، أما الطريق السابق ففيه لفظ: (اللهم)، وهذا الطريق فهو بدونها.
قوله: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حصين ].
كل هؤلاء مر ذكرهم.
يعني: هذه الطرق التي ذكرها فيها مثل الطريق الأخيرة التي فيها أنه قال: (وأعظم لي نوراً)، وليس فيها: (اللهم وأعظم لي نوراً).
قوله: [ وكذلك قال أبو خالد الدالاني ].
أبو خالد الدالاني صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن حبيب ].
حبيب بن أبي ثابت مر ذكره.
[ وقال سلمة بن كهيل : عن أبي رشدين عن ابن عباس ].
سلمة بن كهيل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و أبو رشدين هو كريب مولى ابن عباس ذكر هنا بكنيته، وكثيراً ما يذكر باسمه، وذكره بكنيته قليل نادر، وهذا منه، فـأبو رشدين هو كريب مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ومعرفة الألقاب والكنى من الأمور المهمة في معرفة علوم الحديث، وذلك أن الشخص إذا لم يعرف الكنى ولم يعرف الألقاب قد يظن الشخص الواحد شخصين؛ لأن من لا يعرف أن كريباً كنيته أبو رشدين إذا قرأ أبا رشدين في موضع آخر قد يظن أنه شخص آخر، ولكنه إذا عرف أن كريباً كنيته أبو رشدين لن يلتبس عليه الأمر، وسواء جاء باسمه أو جاء بكنيته، فالأمر يكون واضحاً لا خفاء فيه ولا إشكال.
[ عن ابن عباس ].
مر ذكره.
أورد أبو داود هذا الحديث عن الفضل بن عباس ، وليس بمعروف أن الفضل بن عباس نام عند خالته ميمونة ، وإنما المعروف والثابت الذي جاء في أحاديث كثيرة من طرق متعددة أنه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهذه الطريق فيها الفضل بن عباس ، وهي تشتمل على صفة من صفات صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل، ولكن لم يثبت ذلك عن الفضل بن عباس ؛ لأن الإسناد فيه انقطاع بين كريب وبين الفضل بن عباس ؛ لأنه لم يدركه، فيكون منقطعاً، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الثابت في صفة صلاة الليل حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
و الفضل هو أكبر أولاد العباس ، وبه يكنى، وكذلك أم أولاد العباس لبابة بنت الحارث الهلالية كنيتها أم الفضل مثل كنية العباس ؛ لأن أكبر أولادهما هو الفضل بن عباس ، وعبد الله بن عباس أصغر منه، وقد أدركه كريب ، وأما الفضل بن عباس الذي هو الأكبر فإنه لم يدركه كريب كما ذكر ذلك أهل العلم.
قوله: [ (فتوضأ واستن) ].
يعني: استاك، أي: دلك أسنانه بالسواك.
قوله: [ (ثم قرأ بخمس آيات من آل عمران) ].
قرأ بخمس آيات من أول قوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [آل عمران:190]، وهذه مرت في حديث ابن عباس ، وفيه إلى آخر السورة، يعني: من هذه الآية إلى نهاية السورة.
قوله: [ (ولم يزل يفعل هذا حتى صلى عشر ركعات) ].
يعني: صلى ركعتين، ثم بعد ذلك حصل منه الاستنان، ثم استمر على ذلك حتى صلى عشر ركعات، يعني: ثنتين ثنتين ثنتين، وبينهما الاستنان وقراءة هذه الآيات، ثم قام وصلى ركعة واحدة أوتر بها، ثم طلع الفجر وآذنه بلال فصلى ركعتين ثم خرج، فصلى بالناس صلى الله عليه وسلم.
[ محمد بن بشار هو الملقب بندار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عاصم ].
هو أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير بن محمد ].
زهير بن محمد الخراساني ، أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال ابن حجر : رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وضعف بسببها.
وهذا الحديث ليس من رواية أهل الشام عنه؛ لأن أبا عاصم النبيل الذي يروي عنه في هذا الإسناد بصري.
[ عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ].
شريك بن عبد الله بن أبي نمر صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة في التفسير.
[ عن كريب عن الفضل بن عباس ].
كريب مر ذكره، والفضل بن عباس هو: الفضل بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أكبر أولاد العباس ، وأمه أم الفضل ، وهو الذي أردفه النبي صلى الله عليه وسلم من المزدلفة إلى منى، والنبي صلى الله عليه وسلم أردف اثنين في حجة الوداع: أردف من عرفة إلى مزدلفة أسامة بن زيد ، ومن مزدلفة إلى منى الفضل بن عباس ، وقد أردف عليه الصلاة والسلام كثيرين، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن ابن مندة جمع الذين أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فبلغوا ثلاثين شخصاً، ومنهم الفضل بن عباس هذا، وكان ذلك في سيره من مزدلفة إلى منى صلى الله عليه وسلم، والفضل بن عباس أخرج له أصحاب الكتب الستة.
يعني: بعض الحديث، والمقصود أن الذي خفي عليه ما ذكره، وإنما ذكر الشيء الذي ما خفي عليه.
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مختصراً، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بسبع أو خمس لم يجلس إلا في آخرهن، وهذا شك، ويحتمل أن يكون سبعاً وأن يكون خمساً، والمقصود بذلك الخمس الأخيرة أو السبع الأخيرة، والأقرب أن تكون خمساً، فالمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يوتر بخمس، كما جاء في الأحاديث المتعددة، ومعنى ذلك أن الخمس تكون مع بعض مسرودة في الآخر، وكونه يأتي سبعاً مسرودة في الآخر بعد أن يأتي بالركعات التي قبل لا يعرف، ولكنه جاء أنه يصلي سبعاً فقط، يجلس بعد السادسة، ثم يقوم للسابعة، ثم يسلم، وهذا أقل شيء صلاه صلى الله عليه وسلم من الليل.
إذاً: المقصود هنا هو الوتر، وهو ما يؤتى به في آخر صلاة الليل، والمطابق للروايات هو الخمس، وهذا مشكوك فيه هل قال: كذا أو كذا، فتكون الخمس هي الأقرب والأظهر؛ لأنها جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة أنه كان يوتر بخمس يسبقها أربع وأربع أو غير ذلك كما مر في عدد من الأحاديث.
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره، ووكيع هو: ابن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن قيس الأسدي ].
محمد بن قيس الأسدي ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن الحكم بن عتيبة ].
الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
أورد أبو داود حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل بيته صلى أربعاً، وبعض أهل العلم قال: إنها سنة العشاء، ومعلوم أن سنة العشاء ركعتان كما ثبت ذلك عن عائشة وغيرها، فيحتمل -والله أعلم- أنها من صلاة الليل، ثم قام وصلى خمساً التي هي الوتر، وهي التي مرت في الطريق السابقة بالشك: سبعاً أو خمساً، وهنا قال: صلى خمساً.
قوله: [ (فقمت عن يساره فأدارني فأقامني عن يمينه) ].
يعني: أن ابن عباس قام وصلى عن يساره، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه.
وفي هذا دليل على أن موقف المأموم الواحد عن يمين الإمام، وأنه إذا جاء أحد وصلى عن يسار الإمام فإنه يديره إلى جهة اليمين، وأن مثل هذه الحركة لا تؤثر لا من الإمام ولا من المأموم، فكون الإمام يضع يده عليه ويديره، وكونه يستدير ويتحول من اليسار إلى اليمين لا بأس بذلك، وليس في هذا تأثير على الصلاة، وفيه أيضاً دليل على ائتمام المتنفل بالمتنفل.
قوله: [ (ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه) ].
يعني: الصوت الذي يخرج من النائم.
قوله: [ (ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الغداة) ].
صلى ركعتي الفجر وصلى الغداة، ويحتمل أن يكون الحديث الذي مر فيه اختصار، وأن هناك شيئاً غير الأربع والخمس؛ لأن بعض الأحاديث يذكر فيها اتصالاً، كما سيأتي أنه ما ذكر الوتر في بعض الأحاديث، يعني: ذكر قيام الليل وركعات قيام الليل، ولم يذكر الوتر.
والقصة تحتمل أن تكون واحدة أو متعددة، وهي إن كانت واحدة فالأحاديث لابد أن يرجح بعضها على بعض، ويكون أرجحها هو المحفوظ وغيره يكون شاذاً، ويحتمل أيضاً أن تكون مع كونها واحدة وتختلف الروايات أن يكون لها شواهد، فتكون غير شاذة من أجل الشواهد، وإذا كانت القصة متكررة فالأمر في ذلك واضح بلا إشكال.
ابن المثنى مر ذكره، وابن أبي عديهو : محمد بن إبراهيم ابن أبي عدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ].
الحكم وسعيد بن جبير وابن عباس مر ذكرهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر