أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وأنه صلى ركعتين ركعتين حتى بلغ ثمان ركعات، ثم أوتر بخمس فلم يجلس بينهن، فصارت ثلاثة عشر، وهذا يؤيد ما تقدم من ترجيح رواية خمس على سبع، وأن المقصود بذلك خمس قبلها شيء، وليست خمساً مستقلة ومنفردة؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في الليل أقل من سبع ركعات، وعلى هذا فتكون الخمس التي جاءت في الحديث المتقدم والتي حصل فيها الشك من الراوي بين السبع والخمس أن المقصود من ذلك خمس قبلها شيء، وهذا الحديث فيه ثنتين ثنتين ثنتين ثنتين -أربع مرات- ثم يأتي بالخمس ولا يجلس إلا في آخرها، فصار المجموع ثلاثة عشر.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد العزيز بن محمد ].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد المجيد ].
هو عبد المجيد بن سهيل ، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن يحيى بن عباد ].
يحيى بن عباد ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ].
سعيد بن جبير وابن عباس مر ذكرهما.
بعدما أنهى أبو داود رحمه الله أحاديث عائشة أتى بأحاديث ابن عباس من طرق مختلفة، ثم عاد إلى أحاديث عائشة وأتى بجملة منها، ثم سيعود بعد ذلك إلى أحاديث ابن عباس، وأورد هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، وهو مثل حديث ابن عباس المتقدم قبل هذا، إلا أن فيه أنه صلى ثمان ركعات، وهنا صلى ست ركعات، وأوتر بخمس يعني: هنا ذكر ست ركعات، وفي الحديث المتقدم ثمان ركعات، فتكون الخمس مع الست إحدى عشر، ومع ركعتي الفجر تكون ثلاث عشرة ركعة، فيصلي ثنتين ثنتين ثنتين ثم خمساً لا يجلس إلا في آخرها.
عبد العزيز بن يحيى الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثني محمد بن سلمة ].
هو محمد بن سلمة الباهلي ، وهو ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن جعفر بن الزبير ].
محمد بن جعفر بن الزبير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة بن الزبير عن عائشة ].
عروة بن الزبير ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث مثل الذي قبله، إلا أن ذاك فيه تفصيل، وهذا ليس فيه تفصيل.
(ثلاث عشرة بركعتي الفجر)، يعني: إحدى عشر بدون ركعتي الفجر.
قتيبة مر ذكره، والليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عراك بن مالك ].
عراك بن مالك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال جعفر بن مسافر في حديثه: (وركعتين جالساً بين الأذانين) زاد: جالساً ].
أورد أبو داود حديث عائشة وليس فيه ذكر الوتر؛ لأنه ما ذكر الوتر، وإنما ذكر ثمان ركعات، وذكر الركعتين اللتين كان يصليهما وهو جالس، وليسا بين الأذانين يعني: بين الأذان والإقامة، وإنما الركعتان اللتان تكون بعد صلاته في الوتر.
قوله: [ (بين الأذانين) ] يقول عنها الشيخ الألباني رحمة الله عليه: ذكر الأذانين غير صحيح؛ لأن التي كان يصليها بعد ذلك وهو جالس هي الركعتان التابعة لصلاة الليل، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر وهو جالس، بل كان يصليهما -وهما خفيفتان جداً- وهو قائم صلى الله عليه وسلم.
وقلنا: إنه ما ذكر الوتر، والوتر هو ركعة أو أكثر، إما ثلاث وإما واحدة، إذا كان ثلاث ركعات تكون صلاة الليل إحدى عشر، وإذا كان واحدة تكون تسعاً، فيمكن أن يكون المقصود بذلك الوتر، وحديث عائشة الذي مر أنه ذكرها ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر، ويكون الشذوذ في كلمة (جالساً) قد يكون محتملاً ما ذكرته.
هو نصر بن علي الجهضمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وجعفر بن مسافر ].
جعفر بن مسافر صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ أن عبد الله بن يزيد المقرئ ].
عبد الله بن يزيد المقرئ ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي أيوب ].
سعيد بن أبي أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جعفر بن ربيعة ].
جعفر بن ربيعة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عراك بن مالك عن أبي سلمة ].
عراك بن مالك مر ذكره وأبو سلمة هو: ابن عبد الرحمن بن عوف ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة قد مر ذكرها.
أورد المصنف حديث عائشة أنها سئلت: بكم كان يصلي من الليل مختوماً بالوتر؟ فقالت: كان يوتر بأربع وثلاث، والثلاث متصلة، ويحتمل أن تكون منفصلة ثنتان وواحدة، والأقرب أنها متصلة، وأما الأربع فلا تحتمل الاتصال، بل هي منفصلة.
قوله: [ (وست وثلاث) ] وكذلك الست تكون متصلة ومنفصلة.
[ (وثمان وثلاث، وعشر وثلاث) ] فلم يكن يصلي بأقل من سبع الذي هو أربع وثلاث، ولم يكن يصلي بأكثر من ثلاث عشرة التي هي عشر وثلاث.
هذا الحديث مشتمل على بيان أحوال صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل، وأنها تكون سبعاً، وهي أقل شيء، وتكون تسعاً، وتكون أربع ركعات وثلاثاً، وست ركعات وثلاثاً، وثمان ركعات وثلاثاً، وتكون إحدى عشرة ركعة، وتكون ثلاث عشرة ركعة.
يعني: كان يصلي سبعاً وهذه أقل شيء، ويصلي تسعاً، ويصلي إحدى عشرة ركعة، ويصلي ثلاث عشرة ركعة، وهذه أكثرها، فما كان يزيد على ثلاث عشرة ركعة، وما كان ينقص عن سبع ركعات.
والحديث فيه ذكر هذه الأحوال التي هي سبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة.
وهل يصح إطلاق الوتر على مجموع قيام الليل؟
نعم يطلق عليه الوتر، ولكن الأقرب في الوتر أنه لا يؤتى به إلا خاتماً للصلاة سواء كانت ثلاثاً أو خمساً أو واحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، فلا شك أن العدد يكون وتراً بها بدل ما كان شفعاً، فيطلق الوتر على صلاة الليل كلها، ويطلق على آخر شيء من الصلاة: ركعة أو ثلاث أو خمس.
أحمد بن صالح ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ ومحمد بن سلمة المرادي ].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن معاوية بن صالح ].
معاوية بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن أبي قيس ].
عبد الله بن أبي قيس ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عائشة ].
عائشة رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.
[ قال أبو داود : زاد أحمد بن صالح : (ولم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر، قلت: ما يوتر؟ قالت: لم يكن يدع ذلك) ولم يذكر أحمد : وست وثلاث ].
الكلام الأخير الذي قاله أبو داود غير واضح المعنى. قال: ولم يذكر أحمد بن صالح - وهو شيخه الأول- وست وثلاث. يعني: وإنما ذكر (بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث).
قوله: (وزاد أحمد بن صالح : (ولم يكن يوتر ركعتين قبل الفجر) في بعض النسخ لا يوجد لفظ (ركعتين) وإنما الوارد: (ولم يكن يوتر قبل الفجر) ، وفي بعض النسخ: (لم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر) بحرف الباء.
فيمكن والله أعلم أن يكون كذلك، لكن الركعتين هي التي أتت بالإشكال، فيمكن أن يكون هذا هو المقصود يعني: أن وتره لا يصل إلى السحر الذي هو قبيل الأذان، وإنما ينتهي قبل ذلك بمدة، كما أتى في أحاديث مرت بنا في هذا الباب، أنه كان يأتي السحر وقد انتهى من صلاته، وأنه يرقد ليستريح.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل، ثم إنه نقص ركعتين وصلى إحدى عشرة ركعة وترك ركعتين، ثم قبض صلى الله عليه وسلم حين قبض وهو يصلي من الليل تسع ركعات، وكان آخر صلاته من الليل الوتر).
المعروف أنه لما مرض وكبر كان يصلي سبع ركعات -هو أقل شيء حفظ عنه صلى الله عليه وسلم- وكان آخر شيء يصليه الوتر، وهذا فيه بيان أن الوتر يطلق على الركعة الأخيرة، أو على الثلاث مجتمعة، أو على الخمس مجتمعة، وكل صحيح، إن أريد به الركعة المنفردة على أساس أنها وتر أو الثلاث تكون وتراً، أو الخمس تكون وتراً، وإن أريد به العدد الذي هو متصل وجاء بركعة بعدها، فإنه يكون وتراً بها، كما جاء في حديث: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، وقوله في الحديث الآخر: (ثم يأتي بركعة توتر له ما مضى). فالعدد الشفع إذا أضيف إليه ركعة صار وتراً، والست إذا أضيفت لها واحدة صارت وتراً، والثمان إذا أضيفت لها واحدة صارت وتراً، والعشر كذلك، وهكذا.
والحديث ضعفه الألباني ، ولا أدري ما وجه تضعيفه، وقد جاء فيه أن التسع هي التي كان قبض وهو يفعلها، ولكن سبق أن مر في بعض الأحاديث أنه كان يصلي سبعاً لما مرض صلى الله عليه وسلم.
مؤمل بن هشام ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ].
إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور بن عبد الرحمن ].
منصور بن عبد الرحمن صدوق يهم، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ عن أبي إسحاق الهمداني ].
أبو إسحاق الهمداني هو السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأسود بن يزيد ].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة رضي الله عنها مر ذكرها.
قضية كيف يكون آخر شيء تسع وقد ثبت عنه سبع، وتضعيف الشيخ الألباني ؟ هذا يدل عليه فعل الإمام مسلم رحمه الله، حيث أنه لم يخرجه بتمامه، وإنما أخرج: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى يكون آخر صلاته وتراً).
مرت جملة من الأحاديث في باب صلاة الليل من طرق مختلفة عن عائشة ، وعن ابن عباس ، وهذه الطريق التي أوردها المصنف هنا هي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو أنه سأله كريب عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل، فقال: بت عن ميمونة أي: خالته أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، فلما مضى ثلث الليل أو نصفه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من منامه، وأتى إلى شن معلق، والشن: هو القربة القديمة، وتوضأ منها، ثم دخل في الصلاة، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما وصف إلى يساره، فأقامه عن يمينه، وجعل يلمس أذنه ورأسه كأنه يوقظه من النعاس الذي قد يكون به، فصلى ركعتين، ثم صلى ركعتين ركعتين حتى صلى إحدى عشرة ركعة، وبعد ذلك نام حتى جاءه المؤذن وقال له: الصلاة، فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الناس فصلى بهم صلى الله عليه وسلم.
هذه كيفية من كيفيات صلاة الليل، وهو أنه صلى ركعتين ركعتين حتى أكمل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة إذا كانت الركعتان الخفيفتان محسوبة، وإذا كانت غير محسوبة فتكون إحدى عشرة ركعة، وقد جاء إحدى عشرة وثلاث عشرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي مبيت ابن عباس رضي الله عنهما عند خالته ميمونة ليعرف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل دليل على فضله ونبله، وحرص الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على معرفة السنن، ومعرفة أفعال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى الأمور المتعلقة بالبيت.
ثم أيضاً يدل على أن المأموم ليس له أن يصف عن يسار الإمام إذا كان واحداً، وأنه إن صف عن يساره أداره عن يمينه من ورائه، وأيضاً فيه دليل على ائتمام المتنفل بالمنتفل، ودليل على أنه لا يلزم النية في الإمامة أن تكون من أول الصلاة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام دخل في الصلاة على أنه سيصلي وحده منفرداً، وفي أثناء ذلك دخل معه ابن عباس ، فدل هذا على أنه لا يلزم في الإمامة أن تكون النية موجودة فيها من أول الصلاة، بل عندما يوجد الائتمام تحصل الإمامة كما حصل من ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه بعدما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة جاء وصف عن يساره، فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولكنه أداره عن يمينه، وذلك لبيان أن موقف المأموم الواحد يكون عن يمين الإمام ولا يكون عن يساره.
هو عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ، ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثني أبي ].
أبوه هو شعيب بن الليث ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن جدي ].
جده: الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد بن يزيد ].
خالد بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي هلال ].
صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مخرمة بن سليمان ].
مخرمة بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن كريباً مولى ابن عباس ].
كريب مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر، معناه: أنها تصير إحدى عشرة ركعة، وبلغت ثلاث عشرة بركعتي الفجر، وهذا في قول بعض الرواة، وإلا فأحد الشيخين لم يقل فيها ركعتي الفجر، يعني: أنها ثلاثة عشر كلها ولم ينص فيها على ركعتي الفجر، ويمكن أن تكون فيها ركعتا الفجر، ويمكن أن تكون كلها دون ركعتي الفجر.
وقد سبق عدة أوجه لصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل، وفيها ذكر ركعتي الفجر، وعدها مع الركعات الثلاثة عشر، وفيها عدم ذكرها، وذكر ركعتين وهو قاعد بعد الوتر، وفيه صفات أخرى مر ذكرها.
نوح بن حبيب ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ ويحيى بن موسى ].
يحيى بن موسى ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن طاوس ].
ابن طاوس هو عبد الله بن طاوس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة بن خالد ].
عكرمة بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[عن ابن عباس ].
وقد مر ذكره.
أورد أبو داود رحمه الله حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في بيان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل، وأنها ثلاثة عشر ركعة: ركعتين.. ركعتين.. والركعة الأخيرة هي الوتر، يوتر بها العدد الماضي، فيكون مجموع ما صلاه صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، اثنتا عشرة ركعة في ستة تشهدات وتسليمات، وركعة واحدة ختم بها صلاته من الليل فصارت وتراً.
وفيه أن زيد بن خالد قال: (لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل) وهذا يدل على نبل الصحابة وفضلهم، وحرصهم على معرفة السنن، فقال: (فتوسدت عتبته أو فسطاطه) وهذا يحتمل أن يكون خارج الحجرة، والفسطاط: هو الخيمة الكبيرة، فكان أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين، ثم ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، يعني: أكد وصفها ذلك ثلاث مرات، ثم ركعتين دونهما، وهكذا حتى بلغ مجموع ما صلاه من الصلوات اثنتا عشرة ركعة في ستة تشهدات وتسليمات، ثم أتى بالركعة، فكان مجموع ذلك ثلاث عشرة ركعة، وهذا هو أكثر ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا أن أقل ما جاء عنه هو سبع، وأن أكثر ما جاء عنه هو إحدى عشرة ركعة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وأحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي بكر ].
هو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن عبد الله بن قيس بن مخرمة ].
عبد الله بن قيس بن مخرمة ثقة مخضرم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن زيد بن خالد الجهني ].
زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد المؤلف حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم من بعض الطرق عنه: أنه صلى ثلاث عشرة ركعة اثنتان اثنتان اثنتان ست مرات، وركعة أوتر بها ما مضى، وذلك مطابق لما جاء في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.
قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس ].
مر ذكرهم جميعاً.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم ما داوم عليهما، وإنما فعلهما في بعض الأحيان، فلو أن أحداً فعلهما اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان فلا بأس ذلك.
الجواب: إي نعم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم جاء في بعض الروايات أنه كان يبتدئ الصالة جالساً ثم يقوم، والرسول صلى الله عليه وسلم إذا صلى جالساً فله الأجر كاملاً، وأما غيره فأجره على النصف، فإذا فعل ذلك في بعض الأحيان لا بأس بذلك، وإن فعله قائماً لا شك أنه أولى وأكمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لو صلى جالساً حصل على الأجر كاملاً، وأما الإنسان فأجره على النصف من الصلاة، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث.
الجواب: لا تعارض بينهما؛ ولو أن الإنسان فعل هذا في بعض الأحيان اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان لا بأس بذلك.
ومثل ذلك لو أوتر الإنسان ولكنه قام بعد ذلك وصلى، لكنه لا يوتر ثانية، ولا يقال: إنه إذا حصل منه الوتر فيمنع من الصلاة بعدها، بل إذا احتاج إلى أن يصلي يصلي، كالذي صلى أول الليل يخشى ألا يقوم، ثم قام آخر الليل، لا يقال له: لا تصل، بل يصلي ما شاء ولكنه لا يوتر ثانية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وتران في ليلة).
الجواب: يوجد كثير من أهل العلم لم يصححوا هذا الحديث، وضعفوا كل الأحاديث التي وردت فيما يتعلق بليلة النصف من شعبان، واليوم سواء كان ليلاً أو نهاراً ليس له مزية، وليس للإنسان أن يخص ليلة النصف من شعبان بشيء؛ لأنه لم تثبت بذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الإنسان يبحث عن السنن ويتبعها، ولا يشغل نفسه بأفعال ذكرها أهل العلم ضمن الأمور المحدثة المنكرة، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة، وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم هم خير الناس وأسبقهم إلى كل خير، ولو كان خيراً لسبقوا إليه.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل: من يا رسول الله؟ فقال: هم من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، فالواجب على المسلم أن يكون متبعاً وأن يحذر من البدع، ولشيخنا عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة كتبها عن ليلة النصف من شعبان مع رسائل أخرى ثلاث أطلق عليها اسم: التحذير من البدعة.
والألباني لم يصحح الحديث وإنما حسن إسناده، ولفظه غير اللفظ الذي ذكرت، فلفظه: (إن الله ليطلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل إنسان إلا مشرك أو مشاحن) وليس فيه ذكر النزول.
الجواب: لا يجوز شراء مثل هذه الأشياء، فهذا فيه تشجيع لأهل البدع وتأييد لهم، بل يجب التحذير والتنبيه على أن ليلة النصف من شعبان ويوم النصف من شعبان لا يخصص بشيء؛ لأن هذا من الأمور المحدثة والمنكرة، والإنسان لا يعين على إظهار البدع وإحيائها، بل عليه أن ينبه على ذلك وأن يحذر منه.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم ما منع من الزيادة، وهذا الحديث حكاية لفعله صلى الله عليه وسلم، وأما الزيادة فلا يوجد دليل يدل على المنع منها، بل فيه ما يدل على الجواز، وهو حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة توتر له ما قد صلى) يعني: تصلي ثنتين.. ثنتين.. ثنتين.. وإذا خشيت طلوع الفجر ائت بركعة توتر ما مضى، فهذا يدل على أن الأمر في ذلك واسع، والإنسان عندما يصلي وراء إمام يصلي ثلاثاً وعشرين أو ثلاثين أو أقل أو أكثر فإنه يتابع الإمام، ويكون بذلك حقق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)، وكون الإنسان يصلي مع الإمام الأول ثم ينصرف لا يقال: إن الإمام قد انصرف، بل الناس يصلون ولم ينصرفوا، والإمام لم ينصرف، وإنما تحول من كونه إماماً إلى كونه مأموم، حتى يعقبه الآخر بالقراءة، ويكون هذا يبدأ بنشاط، وذاك يمكن يكون قد تعب، فيكون في ذلك مصلحة.
وليس معنى ذلك أن الصلاة تنتهي بانتهاء صلاة الإمام الأول، فهو ما انصرف وذهب إلى بيته، وإنما تحول من كونه إماماً إلى كونه وراء الإمام.
ثم لو فرضنا أن هذه العشرين ركعة صار فيها لكل ركعتين إمام، هل يصلي ركعتين مع الأول وينصرف؟! أولاً: الإمام ما انصرف، إنما تحول الإمام إلى كونه مأموماً فهذا للمصلحة، فأنت تصلي مع الناس وتستمر ولا تنصرف إلا إذا انصرف الإمام فهذا خير لك، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على منع الزيادة إلا هذا الحديث، لكن ما قال: لا تزيدوا.
فلا شك أن فعله صلى الله عليه وسلم هو الأولى، لكن إذا صليت وراء إمام يصلي أكثر فلا تنصرف قبل انصرافه، بل كن معه وذلك خير لك.
الجواب: لا أبداً، كيف يكون داخلاً في بيع الغرر؟! لأن هذا شيء المصلحة تدعو إليه، وهو من تهيئة الطعام، فهم أعطوك على اعتبار أنك ستحضر وأنهم سيصنعون لك طعاماً، فإذا غبت عنه فمعناه أنه ضاع على حسابك، فكونك غبت عنه لحاجة أو أنك دعيت أو عزمت على دعوة فتخلفت، يعني: هم يصنعون الطعام بعدد الأوراق التي صرفت، فهذا ليس من الغرر، بل هذا فيه فائدة ومصلحة ولا غرر فيه، وليس معناه أنهم ربحوا، لا، فالطعام موجود، فإذا تخلفت عنه فلا غرر في ذلك، ولا محظور.
الجواب: على الإنسان ألا يذل نفسه، وألا يوقع نفسه في أمر لا يصلح أن يقع فيه، وإذا كان لا يسمح له بأن يبقى فعليه أن يرجع، أو يبحث عن الإقامة والبقاء بطريق سائغ لا محظور فيه، ولا يترتب عليه ضرر به، هذا هو الذي ينبغي للإنسان، وطاعة ولي الأمر هي من طاعة الله ورسوله ما لم يأمر بمعصية، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني)، ثم ما فائدة الأمير إذا كان يأمر ولا يطاع، فإذا أمر بشيء ليس فيه معصية، بل هو أمر مباح وسائغ ولا معصية فيه فإن على الإنسان أن يسمع ويطيع.
والإنسان الذي دخل هذه البلاد وليس عنده شيء يمكنه من الإقامة فعليه ألا يعرض نفسه للإهانة وألا يتخلف، فعليه أن ينصرف أو يسعى لأن يحصل الإقامة بطريق يسلم فيها، ولا يرتب على نفسه شيء من الضرر أو يتسبب في أن يلحق بنفسه شيئاً من الضرر والإهانة.
الجواب: كل جارية لها شاة، وكل ذكر له شاتان، فالتوأمان إذا كانا ذكرين فيعق عنهم بأربع شياه، وإذا كان التوأمان إناثاً فيعق بشاتين، وإذا كانا ذكراً وأنثى فثلاث شياه، ثنتان للذكر وواحدة للأنثى.
الجواب: مس المرأة لا ينقض الوضوء إلا إذا حصل بسب المس خروج شيء نجس فإنه ينتقض الوضوء، وأما إذا كان في غير ذلك فإنه لا ينتقض الوضوء.
الجواب: لها أن تجهر إذا لم يسمعها أحد ليس من محارمها، أو لا يتأذى بها أحد من أهل بيتها، فإذا كان لا يتأذى أحد من أهل بيتها من جهرها فلا بأس بذلك.
الجواب: لا شك أن الباطل له أنصار، وله أناس يعتنون به، ولا يهتمون بالسنن، وهذا من الضلال والإضلال؛ لأن الإنسان كونه يضل بنفسه هذه مصيبة، ولكن أعظم من ذلك مصيبة أن يضل ويُضِل مع ذلك، والواجب هو معرفة الحق والرجوع إلى أهل العلم، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتم الله شريعته، فليست في نقص يحتاج إلى أن يعرف عن طريق رؤيا، والرؤى والمنامات لا يعول عليها، وإنما ما جاء منها مطابقاً للحق فهو حق؛ لأن الحق معروف بدونها، وأما أن يأتي شيء فيه مخالفة للحق ومخالفة لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذا باطل.
وكما يروج الباطل ينبغي أن يروج الحق، والشيخ ابن باز رحمة الله عليه قد كتب في ذلك رسالة قيمة مفيدة مطبوعة مع ثلاث رسائل بعنوان: التحذير من البدع، فينبغي كلما حصل إظهار هذا الأمر المنكر أن يظهر هذا الحق، وأن ينشر في مقابله الحق بعد نشر الباطل، حتى يظهر الحق لمن قد يخفى عليه.
وبعض الناس بسبب جهله قد ينطلي عليه مثل هذا الكذب الذي جاء في هذه الوصية المنسوبة إلى أحمد خادم الحجرة، ورسالة الشيخ عبد العزيز بن باز قيمة ومفيدة، وواضحة جلية.
الجواب: لم يكن يدع ذلك، أي: هاتان الركعتان اللتان لم يكن يدعهما، وهما ركعتا الفجر، وأما الركعتان اللتان قبل الوتر فكان يدعهما، ولعل المقصود به: أن ركعتي الفجر كانت تحسب في بعض الأحاديث مع صلاة الليل، وعليه فقد كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الفجر، ومعنى: (لم يدعهما) أنه كان محافظاً عليهما أي: ركعتي الفجر، وأنها محسوبة، فالعبارة ما زالت فيها خطأ، أعني: (لم يكن يوتر).
الجواب: كيف يليق بمسلم أن يتجاوز الأربع التي حددت والتي لا زيادة عليها، بل إن العلماء قالوا: إن من أراد خامسة وعنده أربع ليس له أن يتزوج بدلاً من واحدة إلا بعدما تخرج الأولى من العدة، حتى لا يكون قد جمع خمساً في عصمته لأن الرجعية زوجة، فكيف يكون ذلك؟! هذا من الغريب!
وإذا كان مستحلاً لهذا فهو كافر، وإذا كان غير مستحل فهو عاصٍ ومخطئ خطأ كبيراً، ويستحق العقوبة إذا كان هناك من يطبق الأحكام الشرعية.
ثم ألا ينصح هذا الشخص؟! ألا يبين له إذا كان الأمر كما قيل؟! فما أدري عن صحة الكلام، والله أعلم.
الجواب: التلفظ بالنية في جميع الأعمال من البدع ما عدا الحج، فإنه يمكن أن يتلفظ الإنسان بما نوى، فيقول: لبيك حجاً! لبيك عمرة وحجا! وكل ما سوى ذلك فهو من البدع المحدثة، سواء كتب على الجدار أو تلفظ به، فهو يكتب على الجدار حتى يذكر الداخل بأن يأتي بهذه البدعة.
الجواب: هذه العرائس التي هي على شكل الآدميين هي من الصور المحرمة، وليست من قبيل ما كان معروفاً عن عائشة رضي الله عنها؛ لأن المعروف عن عائشة شيء ليس من هذا القبيل، بل كان عندها أعواداً تلفها بخرق ويكون بعضها معترضاً، وبعضها مستقيماً، فهذه ليست صورة، وأما العرائس فهي صور حقيقية مجسمة، فلا يجوز تعاطي ذلك، وإنما الذي يجوز مثلما حصل لـعائشة شيء من خرق وأعواد، أما شيء آخر يكون على هيئة وشكل الآدمي أو على شكل مجسم للآدمي سواء كان صغيراً أو كبيراً، فذلك لا يجوز.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر