قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله.
باب في كم يقرأ القرآن.
حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: أخبرنا أبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (اقرأ القرآن في شهر، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في عشرين، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في خمس عشرة، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في عشر، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأ في سبع ولا تزيدن على ذلك) ، قال أبو داود : وحديث مسلم أتم ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله.
(قراءة القرآن) أي: ما يقرأ منه، ومتى يختم، وفي كم يوم يختمه الإنسان، هذا فيما يتعلق بقراءة القرآن.
(وتحزيبه): أي: من يقرأ القرآن يقسمه إلى أحزاب، بحيث يكون له في كل يوم حزب ومقدار معين يحرص على قراءته.
وترتيله أن يقرأه مرتلاً، لا هذاً وبسرعة شديدة، وإنما بترتيل، كما قال الله عز وجل: وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4] دون أن يكون مسرعاً سرعة يحصل بها إخلال، أو يحصل بها نقص في القراءة.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (اقرأ القرآن في كل شهر -أي: في كل يوم جزءاً- فقال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في عشرين، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في خمس عشرة، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في عشر، قال: إني أجد قوة، قال: اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك)، أي: ولا تزد على ذلك من ناحية النقص في الأيام، لا من حيث الزيادة في الأيام، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أرشده أولاً أن يقرأه في شهر، ثم كل مرة يقول: أجد قوة، حتى وصل إلى سبع، والمعنى: أنه لا يقرؤه في أقل من سبعة أيام.
لكن جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أنه يقرؤه في ثلاثة أيام، وهذا أقل مقدار جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأيام التي يقرأ فيها القرآن أنها ثلاث، بحيث يقرأ في كل يوم عشرة أجزاء ويختمه في ثلاث، لكن كونه يختمه في سبعة أيام، أي: في كل أسبوع مرة، هذا فيه تسهيل عليه، بخلاف ما لو كان في ثلاث فقد يكون فيه مشقة.
وقد جاء عن الصحابة أنهم كانوا يحزبون القرآن على سبعة أحزاب كل حزب في يوم، ويختمون القرآن في سبعة أيام، وسيأتي الحديث في ذلك، والحاصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما إلى أن يقرأ القرآن في سبع، بحيث يختم القرآن في كل أسبوع، وهذا خير كثير إذا حصلت المداومة والاستمرار على ذلك، بحيث يقرأ في كل يوم أربعة أجزاء وشيئاً.
وقوله: [ (اقرأ القرآن في شهر) ].
هذا هو الحد الذي لا ينبغي للإنسان أن يفوته أو يحصل منه التهاون والتساهل في أن يقرأه في أكثر من ذلك، نسأل الله عز وجل أن يعيننا على كل خير؛ فعلى الإنسان ألا يجعل ختم القرآن في رمضان فقط، وإنما يختمه في رمضان وغير رمضان، ولكن في رمضان يكون أكثر، أما أن يقصر ذلك على رمضان ولا يقرأ القرآن إلا في رمضان، فلا شك أن هذا عمل غير جيد، فقد جاء عن بشر الحافي أنه قيل له: إن أناساً يجتهدون في رمضان، فإذا خرج رمضان تركوا، فقال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وموسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قالا: أخبرنا أبان ].
هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن يحيى ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو من عبّاد الصحابة، ولهذا كثير من الأحاديث التي جاءت في قراءة القرآن وكذلك في صيام التطوع هي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
[ قال أبو داود : وحديث مسلم أتم ].
وهو شيخه الأول؛ لأنه ذكر شيخين: موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثم قال: وحديث مسلم أتم.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر قال: فناقصني وناقصته..)، يعني: أنه أخبره بأنه يجد قوة، ويريد منه أن ينقص في هذا المقدار من الزمان، فكان ينقص شيئاً فشيئاً، حتى قال: (فناقصني وناقصته فقال: صم يوماً وأفطر يوماً) كان يطلب الزيادة على ذلك حتى وصل إلى أن يصوم يوماً ويفطر يوماً بحيث يصوم خمسة عشر يوماً من الشهر، ويفطر خمسة عشر يوماً من الشهر، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يريد منه أن يبقى على الحد الأقل وهو يطلب منه الزيادة على ذلك.
قوله: [ قال عطاء : واختلفنا عن أبي فقال بعضنا: سبعة أيام، وقال بعضنا: خمساً ].
يعني: غيره خالفه في الرواية عن أبيه، فقال بعضهم: خمساً، وقال بعضهم: سبعاً، أي: أن يختم القرآن في سبع؛ لأنه قال له: في شهر، ثم نزل إما إلى سبع وإما إلى خمس، ولكن الذي جاء في الرواية السابقة وفي غيرها من الروايات أنه يقرؤه في سبع، ولا يزيد على ذلك، ومعناه: أنه يختم القرآن في أسبوع، لكن كما قلت: جاء أيضاً ما يدل على أنه يختمه في ثلاثة أيام، وهي أقل من الخمس والسبع.
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا حماد ].
هو حماد بن زيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن السائب ].
عطاء بن السائب صدوق اختلط، وحماد بن زيد ممن روى عنه قبل الاختلاط، فاختلاطه لا يؤثر، وأخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو السائب بن مالك ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو الذي فيه أنه سأله في كم يوم يقرأ القرآن؟ فقال: في شهر، فناقصه، يعني: طلب منه أن يحدد له شيئاً أقل من هذا، حتى وصل إلى سبعة أيام قال: (اقرأه في سبع، قال: إني أقوى من ذلك، قال: لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث).
وهذا يدل على أنه يقرأ في ثلاث، ولكن السبع أولى؛ لأن فيها رفقاً بالنفس، وفيها أيضاً إمكان المحافظة على ذلك؛ لأنه عندما يوزع على أيام الأسبوع ويكون لكل يوم نصيب، فيختمه في أسبوع، من الجمعة إلى الجمعة، ومن الخميس إلى الخميس، يكون في ذلك سهولة ويسر، واعتدال وتوسط، وعدم مشقة، ولكنه يمكن أن يقرأه في ثلاث، ولكن لا ينقص عن ثلاث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث)، أي: أن ذلك يؤدي إلى السرعة التي لا يتأمل معها الإنسان ولا يتدبر ولا يتفكر في معاني آيات الله عز وجل.
هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الصمد ].
هو عبد الصمد بن عبد الوارث ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا همام ].
هو همام بن يحيى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن عبد الله ].
هو يزيد بن عبد الله بن الشخير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص وقد مر ذكره.
قوله: [ ردد الكلام محمد بن المثنى العنزي ].
هو محمد بن المثنى فهو مشهور بكنيته، ولهذا في تهذيب التهذيب في تلاميذ الشيوخ بدلاً ما يقول في كثير من الأحيان: محمد بن المثنى يقول: أبو موسى ، وهذا معناه: أنه مشهور بكنيته.
قال أبو علي : سمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد -يعني ابن حنبل - يقول: عيسى بن شاذان كيس ].
أورد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وفيه اختصار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (اقرأ القرآن في شهر)، ثم ذكر في الآخر أنه يقرؤه في ثلاث، وهذا مطابق لما تقدم: (لا يفقه القرآن من يقرؤه في أقل من ثلاث) فهذا هو الحد الأدنى، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره لـعبد الله بن عمرو بن العاص بعد سؤاله ومراجعته أنه أنقصه عن ثلاث، بل قال: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث).
والحديث فيه اختصار، فليس فيه أنزله من ثلاثين إلى ثلاث، وإنما فيه تدرج، ولكن هذا أقل شيء.
محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القطان مقبول، أخرج حديثه أبو داود .
[ أخبرنا أبو داود ].
هو سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري معلقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرنا الحريش بن سليم ].
الحريش بن سليم مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن طلحة بن مصرف ].
طلحة بن مصرف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خيثمة ].
هو خيثمة بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
عبد الله بن عمرو قد مر ذكره.
والحديث ألفاظه موجودة في الأحاديث التي مرت، فكونه فيه مقبولان لا يؤثر.
[ قال أبو علي : سمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد -يعني ابن حنبل - يقول: عيسى بن شاذان كيس ].
أبو علي هو اللؤلؤي الذي يروي عن أبي داود ، قال: سمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول عن عيسى بن شاذان : إنه كيس، وعيسى بن شاذان ليس من رجال الإسناد، وإنما جاء عرضاً هكذا، فهو ابن أخت محمد بن حفص شيخ أبي داود ، فهو ليس من رجال الإسناد، وقول أحمد بن حنبل فيه: إنه كيس، هو توثيق بلا شك.
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد قال: سألني نافع بن جبير بن مطعم فقال لي: (في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أحزبه، فقال لي
أورد أبو داود هذه الترجمة باب تحزيب القرآن، أي: جعله على أحزاب وأقسام يقرأ الإنسان في كل يوم حزباً، وكما أشرت أنه روي عن الصحابة أنهم كانوا يحزبون القرآن سبعة أحزاب، بحيث يختمونه في كل أسبوع، فيجعلون البقرة والنساء وآل عمران حزباً، كما سيأتي في أثر عن أوس بن حذيفة قال: سألت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ فقالوا: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده، وأوله (ق)، على اعتبار أن سورة الفاتحة غير محسوبة، وإذا حسبت سورة الفاتحة يصير أول المفصل سورة الحجرات.
وعلى القول الثاني أن سورة الفاتحة لا تحسب، وأنه يحسب من البقرة، فيبدأ حزب المفصل من (ق)، ولهذا نجد في بعض الطبعات القديمة للمصحف أن السور التي هي بدء الحزب يكون لها شكل معين في رسم الصفحة الأولى، مثل الإسراء والصافات و(ق) مثلاً، توضع علامات على هذه الأحزاب السبعة التي جاءت في أثر أوس بن حذيفة الذي سيأتي.
قوله: [ (سألني نافع بن جبير بن مطعم ، فقال لي: في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أُحِّزبه) ].
يعني: في كم تقرأ القرآن؟ وهل لك حزب معين تلتزم به؟ قال: ما أحزبه. أي أنه ما كان يقرأ بأحزاب، وإنما يقرأ من غير أن يحدد.
قوله: [ قال: لا تقل: ما أحزبه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (قرأت جزءاً من القرآن) ].
وهو مقدار من القرآن.
قوله: [ (حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة ) ].
أي: حسبت أنه ذكر الحديث عن المغيرة بن شعبة ، فهذا شك في إضافته إلى ذلك الصحابي.
وقوله: (لا تقل: ما أحزبه).
نهاه عن عدم التحزيب؛ لأن القرآن يقسم أقساماً وأجزاءً وأحزاباً.
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ أخبرنا ابن أبي مريم ].
هو سعيد بن الحكم المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا يحيى بن أيوب ].
يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن الهاد ].
هو يزيد بن عبد الله بن الهاد ، مثل: يزيد بن عبد الله بن الشخير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: سألني نافع بن جبير بن مطعم ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المغيرة بن شعبة ].
وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أوس بن حذيفة ، وفي أوله قال: (قدمنا على رسول صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة ، ونزل بني مالك في قبة كانت للرسول صلى الله عليه وسلم.
قال مسدد : وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيف).
يعني: أوس بن حذيفة.
قوله: [ قال: (كان كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا) ].
يعني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيهم كل ليلة بعد العشاء يحدثهم، ويكون واقفاً حتى يطول القيام ويراوح بين رجليه، أي: يعتمد على هذه تارة، ويعتمد على هذه تارة، وكان يحدثهم بما جرى لهم بمكة من الإيذاء، وأنهم بعد ما هاجر إلى المدينة صارت الحرب بينهم وبين أهل مكة سجالاً، يدال عليهم ويدالون عليه.
قوله: [ (فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه) ].
أي: أبطأ عن المجيء الذي كانوا ألفوه واعتادوه منه، فسألوه، فقال: (إنه طرأ عليّ جزئي من القرآن) أي: المقدار الذي كان يقرؤه في اليوم وكان قد شغل عنه، فأراد أن يتداركه فتأخر عنهم؛ لأنه كان يقرأ جزأه من القرآن، أي: المقدار الذي خصصه لقراءته في كل يوم.
ثم قال أوس : (سألت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده) أي: ثلاث سور من القرآن حزب، فإن حسبت الفاتحة صارت الفاتحة والبقرة وآل عمران، وإن بدئ البدء من البقرة صارت البقرة وآل عمران والنساء، ثم خمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، ثم بعد ذلك يكون الوقوف على الحجرات أو على (ق)، فإن حسبت الفاتحة صار الحزب المفصل الذي هو الحزب السابع يبدأ من الحجرات، وإن لم تحسب الفاتحة وبدئ من البقرة فإن الحزب يبدأ بـ(ق)، وبذلك يكون القرآن سبعة أحزاب، وقد قسموا القرآن هكذا حتى يقرءوه كل أسبوع مرة.
والحديث ضعفه الألباني لأن فيه من هو مقبول، وفي المتن أيضاً نكارة، وهو كون الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي ويقف حتى يتعب من الوقوف، ويراوح بين رجليه وهم جلوس يحدثهم، فكيف يقف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الوقوف الطويل وهم جالسون، ويحدثهم ويتكلم معهم، ولا شك أن إتيان الضيوف وإيناسهم شيء طيب، ولكن كونه بهذه الهيئة وبهذه الكيفية يبدو أن فيه نكارة، فاللائق والمناسب أن يكون جالساً، حتى يستريح هو وهم أيضاً؛ لأنه عندما يكون واقفاً وهم جالسون لا يرتاحون مع ذلك، فاللفظ فيه غرابة ونكارة.
والتحزيب هذا ليس ببعيد؛ لأنه ما دام الحد الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم سبعة أيام، وهو من أحرص الناس على كل خير، وكونهم يحافظون على قراءة القرآن، وجعلوه أحزاباً يحافظون عليها، ويستمرون عليها، ليس ببعيد، لكنه من ناحية الإسناد فيه ما فيه، ومن ناحية المتن أيضاً فيه النكاية التي أشرت إليها.
هو مسدد بن مسرهد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ أخبرنا قران بن تمام ].
قران بن تمام صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ ح وحدثنا عبد الله بن سعيد ].
هو عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا أبو خالد ].
هو سليمان بن حيان ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ].
عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى صدوق يخطئ ويهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل، والنسائي وابن ماجة .
[ عن عثمان بن عبد الله بن أوس ].
عثمان بن عبد الله بن أوس مقبول، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن جده ].
جده هو أوس ، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ قال عبد الله بن سعيد في حديثه: أوس بن حذيفة ].
أي: قال: عن جده أوس بن حذيفة .
[ قال أبو داود : وحديث أبي سعيد أتم ].
أي: الشيخ الثاني، وهو عبد الله بن سعيد الأشج ؛ لأنه ذكره في الأول باسمه، وذكره في الآخر بكنيته أبي سعيد .
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)، وهذا يدل على أن الثلاث هي الحد الأدنى، وأنه لا ينقص عنها، وأنه من نقص عنها فإنه لا يفقه القرآن ولا يتدبره؛ لأن ذلك لا يتأتى بسرعة شديدة.
محمد بن المنهال الضرير ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقتادة هو قتادة بن دعامة السدوسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير ].
أبو العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
عبد الله بن عمرو قد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم في كم يقرأ القرآن؟ قال: في أربعين، ثم قال: في شهر، ثم نزل حتى وصل إلى سبع ولم ينزل عن سبع، يعني: أنه لم ينقصه عن سبع، لكن قد جاء في بعض الأحاديث المتقدمة أنه نزل إلى ثلاث، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث)، وهي تشبه العبارة التي جاءت في أول الحديث (ولا تزد على ذلك) يعني: في النقصان، وليس معناه أنه لا يزيد في الأيام؛ لأن الأيام مرخص له أن يزيد فيها، فله أن يقرأ في عشر ليال، أو خمس عشرة ليلة أو عشرين ليلة، ولكن المقصود أنه لا يزيد على ذلك، بحيث يقرؤه في أقل من سبعة أيام.
وقد قال الألباني : إنه صحيح، إلا قوله: (لم ينزل من سبع)؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ثلاث، ومعنى: (لم ينزل من سبع) مثل: (لا تزد على ذلك) في أول حديث، وهذا إرشاد إلى الأولى، ثم بعد ذلك نقصه إلى ثلاث، فدل على أن الثلاث يمكن أن ينزل إليها، ويمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قال له ذلك في أوقات مختلفة، وأن المفاوضة حصلت في أوقات مختلفة.
نوح بن حبيب ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر ].
عبد الرزاق مر ذكره، ومعمر هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك بن الفضل ].
سماك بن الفضل ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن وهب بن منبه ].
وهب بن منبه ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ففي التفسير.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
عبد الله بن عمرو قد مر ذكره.
قال أبو داود : هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله ].
أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنه قال له رجل: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أهذاً كهذ الشعر ونثراً كنثر الدقل؟! يعني: بسرعة شديدة وفائقة كهذ الشعر ونثر الدقل، والدقل هو التمر الذي يتساقط ويختلط بعضه ببعض لتساقطه، ثم قال: لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر في ركعة، ثم ذكر جملة من السور، وكل سورة تكون نظيرة لسورة.
والحديث في الصحيحين، لكن بدون ذكر تفصيلات هذه السور، وإنما فيه ذكر النظائر التي كان الرسول يقرأ بها، لكن تفاصيلها خارج الصحيحين.
وقد صححه الألباني بدون سرد السور، والحديث متفق عليه بدون سرد السور.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرحه لهذا الحديث: ولا خلاف بين العلماء أن قراءة القرآن بغير ترتيل جائزة، وأنه بالترتيل أحسن وأفضل.
[ قال أبو داود : وهذا تأليف ابن مسعود ].
أي: ترتيب هذه السور هي هكذا في مصحف ابن مسعود .
وترتيب السور فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنه باجتهاد الصحابة، ولهذا يقولون: تجوز قراءة هذه قبل هذه، ومنهم من قال: إنه بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا هو الذي حصل في العرضة الأخيرة، أي: بينه وبين جبريل في آخر شهر من شهور رمضان التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في السنة العاشرة، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في أدب المشي إلى الصلاة يقول: إن جمهور العلماء على أنه بالاجتهاد، قال: وترتيب الآيات واجب لأنه بالنص، وترتيب السور بالاجتهاد لا بالنص في قول جمهور العلماء، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها.
وهذا الفعل من ابن مسعود يقوي هذا القول، فإن مصحفه يخالف ترتيب المصحف الموجود.
عباد بن موسى ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا إسماعيل بن جعفر ].
إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسرائيل ].
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله الهمداني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علقمة ].
هو علقمة بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ والأسود ].
وهو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن مسعود ].
عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه أبو إسحاق السبيعي ، وهو مدلس، لكن الحديث بدون سرد السور في الصحيحين.
أورد أبو داود حديث أبي مسعود رضي الله عنه أنه سأله عبد الرحمن بن يزيد وهو يطوف بالبيت، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه).
والآيتان من آخر سورة البقرة هي قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ [البقرة:285] هذه الآية والتي بعدها.
وقوله: (كفتاه) يمكن أن يقال: كفتاه عن غيرهما، أو كفتاه السوء؛ لأن فيهما وقاية وحفظاً، ولا مانع من إرادة هذه المعاني كلها، بأن تكون كفتاه عن غيرهما، لأهميتهما وعظم شأنهما، وأيضاً تقيه وتكفيه الشر والسوء.
وأيضاً ذكروا أن من معاني (كفتاه) أي: كفتاه عن قيام الليل.
لكن الإنسان لا يتكل على بعض النصوص التي يراها، ثم يتساهل ويتهاون، بل ينبغي أن يفرح بهذا الخير ويعمل الخير.
وفيه جواز الكلام في الطواف والسؤال في مسائل العلم وما إلى ذلك؛ لأن عبد الرحمن بن يزيد سأل أبا مسعود وهو يطوف بالبيت فأجابه، فدل على أن الكلام والسؤال والتساؤل في مسائل العلم لا بأس به في الطواف.
قوله: [ (في ليلة) ] لا يوجد تحديد، والليلة كما هو معلوم تبدأ بالغروب وتنتهي بطلوع الفجر.
حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو: منصور بن المعتمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم ].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن يزيد ].
هو عبد الرحمن بن يزيد النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي مسعود ].
هو أبو مسعود عقبة بن عامر الأنصاري البدري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وكلمة (كفتاه) لها معان عدة، فقيل: (كفتاه) أي: من قيام الليل، وقيل: من الشيطان، وقيل: من الآفات، ويحتمل من الجميع، قال في النهاية: أي: أغنتاه عن قيام الليل، وقيل: أراد أنهما أقل ما يجزئ من القراءة في قيام الليل، وقيل: تكفيان السوء وتقيان من المكروه. قاله السيوطي .
وعلى كلٍ: كل هذه المعاني صحيحة، لكن مسألة قيام الليل والتهاون به من أجل هذا لا ينبغي؛ لأن قيام الليل جاء في أصرح من هذا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله)، ومعناه بالجمع بينهما، لا أن صلاة الصبح تعادل الليل كله، وإنما هذه تعدل النصف الأول، وهذه تعدل النصف الأخير.
فالذي يبدو أن المراد أن الإنسان إذا قرأ هذا المقدار في ليلة من الليالي، فإنه يكفيه، لكن لا يكفيه عن قراءة القرآن، كما أن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] كونها تعدل ثلث القرآن فالإنسان لا يقرأها ثلاث مرات ويقول: لقد قرأت القرآن.
أورد أبو داود رحمه الله أحاديث عديدة تتعلق بتحزيب القرآن وتجزئته، وهذا الحديث حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)، وهذا في قيام الليل؛ لأن قوله: (من قام) أي: صلى وقرأ هذا المقدار من الآيات.
وقوله: (من القانتين) كلمة القنوت تأتي بعدة تفسيرات، فتأتي بمعنى: السكوت، وبمعنى: طول القيام، وبمعنى: الدعاء، ويأتي بمعانٍ أخرى، وهنا يحتمل أن يكون المراد بالقانتين الذين يحصل منهم طول القيام في صلاة الليل، ويحتمل غير ذلك.
قوله: [ (ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين) ] أي: الذين يحصلون على الأجر العظيم، والأجور الكبيرة الواسعة؛ لأن المقنطرين نسبة للقنطار، أو ما يزن القناطير أو يماثلها في كثرتها، وهذا كناية عن عظم الأجر والثواب.
أحمد بن صالح ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا ابن وهب ]
هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا عمرو ]
هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن أبا سوية حدثه ]
عبيد بن سوية ، وهو صدوق أخرج له أبو داود .
[ أنه سمع ابن حجيرة ].
هو عبد الرحمن بن حجيرة الأكبر ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمرو بن العاص ].
وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
[ قال أبو داود : ابن حجيرة الأصغر : عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ].
لكن الذي معنا في الإسناد هو الأكبر وليس الأصغر، والأصغر ليس له رواية إلا عند النسائي في عمل اليوم والليلة، وله عنده حديث واحد، والذي خرج له مسلم وأصحاب السنن هو أبوه عبد الرحمن بن حجيرة الذي يقال له: الأكبر، فلا أدري هذا البيان من أبي داود لـابن حجيرة على اعتبار تمييز الأصغر من الأكبر، وأن الأصغر هو فلان، ومعناه أن الأكبر هو أبوه، أو أنه وهم منه، وأنه يريد أن يوضح الذي في الإسناد، بل ما ذكر الذي في الإسناد، ولكنه ذكر ابنه الذي هو عبد الله بن عبد الرحمن .
فالحاصل أن هذا الذي نسبه أبو داود ليس هو الذي في الإسناد، بل الذي في الإسناد أبوه، وكل منهما يقال له: ابن حجيرة، ويميز بينهما بأن يقال: ابن حجيرة الأكبر وابن حجيرة الأصغر ، فالذي معنا في الإسناد هو ابن حجيرة الأكبر .
والحافظ ابن حجر ذكر أنه أراد أن يميز بينهما.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أقرئني يا رسول الله! فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات (الر) قال: قد كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني) يعني: تقدم بي السن، فما أستطيع أن أحفظ كما أريد وكما أبغي، (واشتد قلبي) يعني: حصل له ما حصل من عدم القوة والضبط والحفظ؛ لكبر سنه.
(وغلظ لساني) يعني: ثقل فصار لا يستطيع أن يقرأ وأن يتمكن من القراءة كما لو كان صغيراً.
(فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات حم) نزل معه إلى أن يقرأ ثلاثاً من ذوات (حم)، ومعلوم أن في هذه السور ما هو أقصر من ذوات (الر)، وأقصر السور في الحواميم سورة الدخان، (فقال: مثل مقالته ) يعني: كبر سني.. إلى آخره، (فقال: اقرأ ثلاثاً من المسبحات)، وهي التي بدأت بسبح .. سبح لله.. ويسبح لله، فقال مثل ما قال.
ثم قال الرجل: (أقرئني سورة جامعة، فأقرأه: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1] حتى فرغ منها)، وهي جامعة لقوله في آخرها: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه -[الزلزلة:7-8]، وهي التي لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر الأهلية هل فيها زكاة؟ فقال: (لا أجد فيها إلا هذه الآية ما أنزل علي فيها هذه الآية الفاذة الجامعة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه [الزلزلة:7-8])، أي: أن من يعمل الخير ولو كان قليلاً يسيراً يجده أمامه، ومن يعمل الشر سواء كان قليلاً أو كثيراً يجده أمامه، وهذا الذي جاء في هذه الآية مثل ما جاء في الحديث القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. قوله:
فقال عليه الصلاة والسلام: (أفلح الرويجل) يعني: إذا صدق فيما قال من أنه يسعمل بما في هذه السورة الجامعة.
وقوله: (الرويجل) قيل: هو تصغير رجل، ولكنه على خلاف القياس؛ لأن القياس أن الرجل يصغر على رجيل، وإنما الذي يصغر على رويجل هو الراجل، وهو الماشي وهو ضد الراكب، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً [البقرة:239] يعني: راكبين أو ماشين على أرجلهم، وقيل: إنه تصغير راجل، وأن المقصود به هذا الرجل الذي ذهب يمشي، فقوله: (أفلح الرويجل) أي: الذي ذهب يمشي.
وعليه فإن كان المقصود به تصغير رجل فهو تصغير على خلاف القياس، وإن كان المراد به تصغير راجل الذي هو الماشي فهو على القياس.
يحيى بن موسى البلخي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ وهارون بن عبد الله ]
هوهارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ قالا: أخبرنا عبد الله بن يزيد ]
هو عبد الله بن يزيد المقري المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سعيد بن أبي أيوب ]
هو سعيد بن أبي أيوب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني عياش بن عباس القتباني ]
عياش بن عباس القتباني ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عيسى بن هلال الصدفي ]
عيسى بن هلال الصدفي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عبد الله بن عمرو ]
عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
والحديث ضعفه الألباني ، ولا أدري ما وجه تضعيفه، والإسناد كما هو واضح كله ثقات، وفيهم من هو صدوق، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وقال: إنه صحيح.
الجواب: هذه الأشياء التي فيها مبالغات لا أدري ما صحتها، ومعلوم أن قراءة القرآن بالتدبر والتأمل لا يمكن أن تحصل في ذلك، والذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي ينبغي أن يحرص عليه، لا سيما وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا يفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث).
الجواب: على المسلم بل هو أن يلبس لباس المسلمين في كل مكان، في هذه البلاد وفي غير هذه البلاد، والبنطلون ليس من لباس المسلمين، بل هو لباس الكفار، ولكن بعض المسلمين قلدوهم فيه وتابعوهم.
الجواب: التهنئة بيوم العيد سائغة، وقد جاء ما يدل على ذلك، وكونه يكتب تهنئة أيضاً لا بأس بذلك، ولا نعلم شيئاً يمنع منه، وقد ذكرت في الفوائد المنتقاة في آخرها أثراً: أن الصحابة كانوا إذا لقي بعضهم بعضاً يوم العيد قال بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم، وقد ذكره الحافظ ابن حجر وأظنه قال: وإسناده إسناد الصحيح، وقد أشرت إليه في آخر الفوائد المنتقاة في الفوائد المتفرقة في القسم الأخير.
الجواب: بنات زوجة أبيهم من رجل آخر يعتبرن أجنبيات، وهن يعتبرن ربيبات له، فلهم أن يتزوجوا بهن؛ لأن بعضهم عن بعض أجانب، وليسوا محارم لهن؛ بل يجوز لهم أن يتزوجوا منهن.
الجواب: الواجب هو سورة الفاتحة، وما زاد على ذلك فهو سنة، والإنسان عليه أن يحرص على أن يأتي بالسنن، ويقرأ ما تيسر من القرآن بعدها.
الجواب: تقرأ ثلاث مرات بعد صلاة المغرب والفجر، أما في العصر والأوقات الأخرى فتقرأ مرة واحدة.
الجواب: غالباً يصححونه أو يحسنونه إذا لم يكن ذلك الشيء الذي رواه مما أخذ عليه؛ لأن أوهامه أحياناً تكون محصورة، فإذا كان الوهم من ذلك الشخص في هذا الحديث فإنه يضعف، ويكون هذا هو الذي عيب عليه، وأما إذا كان الحديث ليس مما أخذ عليه، ولا يعتبر من أوهامه فلا يؤثر ذلك.
الجواب: معناه: أن المسلمين يأوون ويأتون إليها، ويحرصون على الإتيان إليها، كما تحرص الحية على الذهاب إلى جحرها.
الجواب: الكلمة التي قلتها هي أنني قلت: من أحب أعمالي إليّ وأرجاها لي عند ربي حبي الجم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبغضي الشديد لمن يبغضهم، وأرجو الله عز وجل وأسأله بحبي إياهم أن يزيدهم فضلاً على فضلهم، وأن يزيد من لم يرعو عن غيه من شانئهم ذلاً وهواناً وخذلاناً.
الجواب: لا يتحمل، الركن لا بد منه، فإذا كان الإنسان قد فاته ركن من الأركان بأن ترك الركوع أو السجود فعليه أن يقوم ويقضي ويأتي بركعة بعد ذلك، ولا يتحمل الإمام شيئاً لا بد منه كالأركان.
الجواب: هؤلاء يمكن أن يتداركوا؛ لأنهم إذا سمعوا الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، قاموا وركعوا، وقالوا: سبحان ربي العظيم، ثم رفعوا ولحقوا بالإمام، فيمكنهم ذلك.
الجواب: بعض السلف حصل له ذلك، ومنهم زرارة بن أوفى الذي يأتي في الأسانيد، فقد ذكر ابن كثير في تفسيره أنه قرأ قوله تعالى: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9] وكان يصلي بالناس وكان أمير البصرة، فخر مغشياً عليه، ثم مات رضي الله عنه وأرضاه، لكن هذا الأمر ليس تكلفاً، بل هو شيء يأتي من الله عز وجل، وبعض الناس يتكلفون شيئاً وهو يخالف ما في بواطنهم، مثل البكاء والتباكي، فالبكاء أن يبكي من غير اختياره، وأما التباكي فهو أ، يتكلف البكاء.
وهذا الكلام يقال في المتكلفين الذين يتمايلون ويتساقطون، وهو: إذا كانوا صادقين فليكونوا فوق جدار ويفعلو هذا الفعل؛ لأنهم سوف يقعون ويموتون، وهم لا يريدون الموت.
حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة أخبرنا قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له، تبارك الذي بيده الملك) ].
أورد أبو داود باباً في عدد الآي، وأورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سورة من القرآن ثلاثون آية -أي: آياتها ثلاثون- تشفع لصاحبها حتى يغفر له (تبارك الذي بيده الملك)) فهي ثلاثون آية، وفي هذا دليل على أن البسملة ليست من السورة؛ لأنها ثلاثون آية بدونها،إلا على قول من يقول إنها جزء من الآية، فتكون جزءاً من الآية التي بعدها فتكون متصلة بها.
والمشهور والمعروف أن البسملة آية مستقلة من القرآن يؤتى بها للفصل بين السور، وليست آية من السور، وإنما هي بعض آية في سورة النمل قال تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل:30]، وأما التي تأتي في أوائل السور فهي آية من القرآن يؤتى بها للفصل بين السور، وليست آية من كل سورة.
قوله: [ (تشفع لصاحبها حتى يغفر له) ].
المقصود بذلك أن قراءته لها هي التي تشفع له حتى يغفر له.
عمرو بن مرزوق ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود .
[ أخبرنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عباس الجشمي ]
عباس الجشمي مقبول، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ]
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
والحديث صحيح صححه جماعة من أهل العلم، وهذه السورة من السور التي ثبت في فضلها هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثير من السور التي جاء في ذكرها فضائل لم يثبت فيها شيء، وإنما ثبت في سور ومنها سورة الملك، فهذا الحديث دال على فضلها، وأنها تشفع لصاحبها يوم القيامة، أي: للذي يقرؤها.
وممن صحح الحديث الألباني وغيره صححه، ولا أدري هل له أسانيد، أو أن الشخص الذي تكلم فيه -الذي هو مقبول- الكلام فيه غير مسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر