حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن أبي النجود عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه قال: (كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عارية الدلو والقدر) ].
أورد أبو داود باباً في حقوق المال، أي: الحقوق المترتبة على المال، سواء كانت في الزكاة أو غير الزكاة.
وأورد فيه شيئاً يتعلق بالزكاة، وأشياء هي غير الزكاة، وأورد في ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا نعد الماعون) أي: الذي جاء ذكره في القرآن: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:7]، (عارية الدلو والقدر) أي: الأشياء التي يحتاج الناس إلى التعاون فيها، وتبادل المنافع فيما بينهم، كإعارة الدلو، والقدر، والصحن، وغير ذلك من الأشياء التي يحتاجها الناس ثم يرجعونها.
قال: (كنا نعد الماعون عارية الدلو) أي: إعارة الدلو التي يستخرج بها الماء من البئر، وإعارة القدر التي يطبخ بها، أو التي تستعمل في أي وجه آخر من وجوه الاستعمال المباحة المشروعة، والمقصود من ذلك تفسير الماعون هذه الآية الكريمة: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:7]، وهذا تفسير بالمثال؛ لأن ذكر الدلو والقدر مثال، وإلا فإن الأمور الأخرى التي يحتاج الناس إلى تبادلها على سبيل الإعارة فيما بينهم من الأواني وغيرها تدخل في ذلك.
ومراد أبي داود من الترجمة أن هذه الأشياء من الحقوق.
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عوانة ].
أبو عوانة هو : الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم بن أبي النجود ].
عاصم بن أبي النجود وهو عاصم بن بهدلة وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقرونة.
[ عن شقيق ].
شقيق بن سلمة هو: أبو وائل ، يذكر بكنيته أحياناً، ويذكر باسمه أحياناً أخرى، وهو ثقة مخضرم أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله ].
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه (ما من صاحب كنز) أي: سواء كان ذهباً أو فضة، لا يؤدي حقه إلا إذا كان يوم القيامة صفح له صفائح من نار، فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره في نار جهنم، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، حتى يحكم الله تعالى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
وقوله: (لا يؤدي حقها) حقها هو زكاتها، وقد سبق أن مر أن المال الذي أخرجت زكاته ليس بكنز، فالكنز الذي توعد عليه في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34] إنما هو الذي لم يؤد حقه، فأما إذا أخرجت زكاته فلا يعتبر كنزاً؛ لأنه قد أدي الحق الذي عليه فيه.
وقوله: (فيُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) فيه دليل على أن من لم يؤد الزكاة التي هي عليه في ماله، ولم يكن ذلك جحوداً للزكاة، وإنما كان بخلاً وكسلاً فإنه لا يكون كافراً؛ لأنه قال هنا: (ثم يُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار)، والكافر لا سبيل له إلى الجنة، فليس أمامه إلا النار، فهذا يدلنا على أنه لا يكفر، ولكنه يعذب على ذلك في الموقف، وبعد ذلك يُرى مصيره إما إلى الجنة وإما إلى النار، فيحتمل أنه يصير من أهل الجنة، وأن الله تعالى يتجاوز عنه، أو أنه يعذب العذاب الذي يستحقه في القبر أو في الموقف في ذلك اليوم العظيم الذي مقداره خمسون ألف سنة مما يعد الناس، فيكون هذا نصيبه من العذاب على عدم إخراجه الزكاة تهاوناً وكسلاً. وأما إذا كان تركها جحوداً فإنه يكون كافراً؛ لأن جحود ما هو معلوم ثبوته من دين الإسلام بالضرورة كفر.
قوله: (وما من صاحب غنم لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر) أي: بطح لها بمكان مستو ليس فيه ارتفاع ولا انخفاض.
وقوله: (قرقر) قيل: إن المقصود به أنه أملس، وقيل: إنه هو نفس القاع، ولكنه ذكر هنا على سبيل التوضيح، ولعله في كونه مستوياً أن تمشي عليه بسهولة فتطؤه ذاهبة وآيبة، فتأتي يوم القيامة تلك الغنم التي لم يؤد حقها (ليس فيها عقصاء) وهي ملتوية القرن، (ولا جلحاء) وهي التي لا قرن لها، بل تكون قرونها بارزة كي تنطحه بها.
(وتطؤه بأظلافها) ، والظلف: هو الذي يكون منقسماً إلى قطعتين، فهناك خف وظلف وحافر، فالخف يكون للبعير، والظلف يكون للشاة والبقرة، والحافر يكون للفرس وللحمار.
(إذا مر عليه أخراها عاد عليه أولها) أي: بدأ أولها حتى ينتهي آخرها، ثم ترجع من جديد، وهكذا في هذا اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة مما يعد الناس، حتى يحكم الله تعالى بين العباد، (ويرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار).
قوله: (وما من صاحب إبل لا يؤدي حقها) وحقها هو زكاتها، وهناك شيء آخر مع الزكاة سيأتي بيانه.
قوله: (إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر فتطؤه بأخفافها إذا مر عليه آخرها عاد عليه أولها) أي: فرغت من أولها إلى آخرها عند ذلك تستأنف من جديد، فتأتي أولاها وتطؤه حتى تأتي أخراها.. وهكذا، ويكون ذلك في هذا اليوم الطويل الذي مقداره خمسون ألف سنة مما يعد الناس، حتى يحكم الله تعالى بين عباده فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
فالحق هنا هو الزكاة، ولكن جاء في بعض الروايات ما يدل على أن هناك شيئاً آخر وراء هذا الحق، وهو حلبها يوم وِرْدها والتصدق بذلك، وكذلك إعارة دلوها وما إلى ذلك من الأمور التي يحتاج الناس إليها، وهذا من الحقوق، وهي غير الحقوق الواجبة التي لابد منها، وهذا العذاب يكون قبل الفصل.
وأما إذا ترك أداء الحق جحوداً فإنه يبقى في النار أبد الآباد؛ لأنه كافر، وأما إن كان تركها تهاوناً وكسلاً فإنه يعذب في النار على قدر جرمه، ثم بعد ذلك يخرج من النار ويدخل الجنة، فلا يبقى في النار إلا الكفار الذين هم أهلها، والذين لا سبيل لهم إلى الخروج منها، وأما أصحاب الكبائر والمعاصي فمهما طال مكثهم في النار فلابد أن يأتي يوم يخرجون منها ويدخلون الجنة.
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه (الوابل الصيب): هناك داران باقيتان لا تفنيان، وهناك دار تفنى، فأما الداران الباقيتان اللتان لا تنفيان فدار الطيب المحض، ودار الخبث المحض، يعني: دار المتقين ودار الكفار، فهاتان باقيتان أبد الآباد، وأما الدار التي جمع أهلها بين الخبث والطيب فإنها تفنى، فالذين دخلوا النار يعذبون على قدر خبثهم، ثم يخرجون من النار ويدخلون الجنة، فيصير المكان الذي كان فيه هؤلاء العصاة خالياً ليس فيه أحد، وهذا هو معنى فنائها، وأما الكفار فالمكان الذي هم فيه في النار لا يخلو منهم أبد الآباد.
وهذا واضح الدلالة على أن ابن القيم يرى دوام النار، وأنها لا تفنى، وأن التي تفنى إنما هي النار التي فيها العصاة، فإنه يأتي عليها يوم من الأيام وليس فيها أحد.
وأما المكان الذي فيه الكفار فهذا باق أبد الآباد إلى غير نهاية.
وهذا العذاب يكون في المحشر، وقد جاء في حديث الشفاعة العظمى: (أن الناس يموج بعضهم في بعض، ويلجمهم العرق، فمنهم من يكون العرق إلى ركبته، ومنهم إلى نصفه ... إلخ)، وهذا التفاوت بينهم على حسب الأعمال التي حصلت منهم في الدنيا، ثم بعد ذلك يبحثون عن طريق للخلاص من هذا الموقف، فينتهون إلى أن يستشفعوا برسل الله عز وجل إلى الله؛ ليخلصوهم مما هم فيه، (فيأتون إلى آدم فيعتذر، ثم إلى نوح فيعتذر، ثم إلى إبراهيم فيعتذر، ثم إلى موسى فيعتذر، ثم إلى عيسى فيعتذر، ثم يأتون إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، فيشفع، فيشفعه الله عز وجل)، وهذا هو المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون الآخرون، من لدن آدم وإلى أن تقوم الساعة، فحصل الخلاص للجميع من ذلك الموقف بهذه الشفاعة من الرسول الكريم محمد صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وسمي بالمقام المحمود؛ لأنه يحمده عليه الأولون والآخرون، ولهذا جاء في أول الحديث: (أنا سيد الناس يوم القيامة) ، ونص على سيادته يوم القيامة مع أنه سيد الناس في الدنيا والآخرة لأن سؤدده على الناس كلهم من أولهم إلى آخرهم يظهر في ذلك اليوم العظيم، ويظهر فضله وإحسانه على الجميع؛ لأن شفاعته شملت الجميع من آدم إلى آخر رجل، فكل الخليقة تمّ تخليصهم مما هم فيه من شدة الموقف بشفاعة نبينا محمد صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
موسى بن إسماعيل هو التبوذكي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن سلمة ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سهيل بن أبي صالح ].
سهيل بن أبي صالح صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا أن البخاري أخرج له تعليقاً ومقروناً.
[ عن أبيه ].
أبوه هو: أبو صالح ذكوان السمان ، فاسمه ذكوان ، ولقبه السمان ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ]
هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله عنه وأرضاه.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، قال: وذكر نحوه، وقال: (وإعارة دلوها) ، والمراد بالدلو -كما هو معلوم- الدلو التي يستخرج بها الماء للإبل، فإذا كان عند الإنسان دلو فإنه يسقي إبله ويعير الدلو، فهذا من الحق والإحسان الذي يكون بين الناس، وقال صاحب (عون المعبود): ضرعها، وهذا ليس فيه إعارة الضرع، اللهم إلا أن تعار المنيحة كلها، فيحلبها ويرجعها، فهذا هو الذي يمكن إعارته، وأما الدلو فالمقصود بها الدلو المعروفة وليس الضرع، فتفسير الدلو هنا بالضرع غير واضح ولا مستقيم.
يحيى بن خلف صدوق أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا أبو عاصم ].
أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال: [ أبو الزبير ].
أبو الزبير هو: محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت عبيد بن عمير ].
عبيد بن عمير ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه من كبار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا هو من قبيل المرسل، لكن ما قبله شاهد له، وكذلك ما بعده.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه: أنه قيل لـأبي هريرة [ فما حق الإبل؟ ] فبين أمثلة عديدة من ذلك الحق الذي يكون في الإبل، وهو غير الزكاة.
قوله: [ فقال: أن تعطي الكريمة ] وهي النفيسة، فكون الإنسان يعطيها ويبذلها لغيره فهذا من الحق، وهذا أمر زائد على الحد الواجب. وهو الزكاة يسمى إحساناً.
قوله: [ وتمنح الغزيرة ] وهي الشاة أو الناقة أو غيرهما إذا كانت غزيرة اللبن، فتعطى للفقراء يحلبونها ويستفيدون من لبنها وحليبها، وإذا انتهى الحليب أرجعها المستمنح إلى صاحبها؛ لأنها لا تزال في ملكه، فهو لم يمنحهم إلا المنفعة دون العين، فهي لا تزال باقية في ملك صاحبها.
قوله: [ وتفقر الظهر ] أي: أن تحمل على الظهر من يحتاج إلى حمل، وهذا من حق الإبل، فهو يفيد غيره بركوبها والسلامة من طول المشي، وهذا في حق لا ظهر له.
قوله: (وتطرق الفحل) أي: إذا كان عنده فحل من الإبل أو الغنم واحتاج أحد إلى إطراقه لأنثى له من الإبل أو الغنم فإنه يمكنه من ذلك بدون أن يأخذ عليه مقابلاً، فقد جاء في الحديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل) ، وهو ما يؤخذ مقابل نزوه على الإناث، فهذه من الأمور التي تبذل ولا يبايع عليها، وبيع ذلك لا يصح ولا يجوز؛ لأن هذا من الأمور التي لا يصلح أن تكون محلاً للبيع والشراء، ثم هو أيضاً شيء مجهول، وغير مقدور على تسليمه، فربما ينزو الفحل ولا ينتج شيئاً، فيكون الإنسان قد أخذ مقابلاً على ذلك مع أنه لم يحصل من ذلك شيء؛ لذلك فإنه يُمنع بدون مقابل.
قوله: (وتسقي اللبن) ، فهناك قال: (تمنح الغزيرة) أي: أنه يعطي الشاة للفقير ويقول له: احلبها، فإذا انتهى حليبها فأرجعها إليّ، فهذا هو المنح، وهنا قال: (وتسقي اللبن) أي: أنه يحلبها ثم يعطي الناس لبناً في قدح، فتكون تلك العطية منتهية بإعطاء ذلك القدح، فهذا هو الفرق بين الجملتين.
وهذه الحقوق -كما هو معلوم- هي من مكارم الأخلاق، ومن الأمور التي تبذل بين الناس، وأما الحق الواجب فيها فهو إخراج الزكاة، فالإنسان إذا أدى زكاة ذلك فليس بكانز للمال، وكذلك إذا أدى الزكاة في الإبل فقد أدى ما هو واجب عليه، وأما هذه فهي من الأمور التي جاءت الشريعة ببذلها، والإحسان فيها، فلو لم تبذل لم يكن الإنسان مؤاخذاً عليها.
وكما هو معلوم أن الحق هو الزكاة، وأما هذه فهي من الحقوق الإضافية التي هي من باب المروءات والإحسان بين الناس، ولو لم يفعلها لا يقال: إنه ترك أمراً واجباً عليه.
وإعارة السيارة الآن داخلة في قوله: (وتفقر الظهر)؛ لأن حمل الناس الآن إنما هو على السيارات وليس على الدواب، فالدواب لا يحج عليها أحد الآن، ولا ينتقل عليها من بلد إلى بلد، فقد جاءت السيارات وحلت محلها، فعلى الإنسان أن يحسن في السيارة كما كان يحسن في الإبل، ولا شك أن هذا من الحقوق التي تكون بين الناس، فللإنسان أن يؤجرها وله أن يعيرها، وكل ذلك حق، كما أن الإبل يمكن أنه تؤجر ويمكن أنه تعار، وقد سبق أن مر الحديث الذي فيه: أنهم كانوا يكارون الإبل للحج.
وللإنسان أن يتصرف في ماله كيف يشاء، فإن أراد أن يعطيه السيارة التي يملكها فيملكها إياه فلا بأس بذلك، وإن أراد أنه يعيره إياها فله ذلك، وإن قال له: اركب معي فيذهب به مشواراً فكل هذا بإمكانه، فصاحب المال يتصرف فيه كيف يشاء.
ولا تدخل السيارة في جملة الماعون، فالماعون هي الأشياء التي يتبادلها الناس فيما بينهم كالقدر والدلو والصحن وغيرها من الأشياء التي يحتاج إليها الناس فيما بينهم، وأما السيارة فلا تدخل في إعارة الماعون، فهي مثل الظهر بالنسبة للناقة، فللإنسان أن يؤجر الظهر، وله أن يحسن بالظهر، وكذلك السيارة، فله أن يؤجرها، وله أن يحسن بها.
الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا النسائي .
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
يزيد بن هارون الواسطي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي مر ذكره.
[ عن قتادة ].
قتادة مر ذكره.
[ عن أبي عمر الغداني ].
أبو عمر الغداني مقبول أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة مر ذكره.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، قال: وذكر نحوه، وقال: (وإعارة دلوها) ، والمراد بالدلو -كما هو معلوم- الدلو التي يستخرج بها الماء للإبل، فإذا كان عند الإنسان دلو فإنه يسقي إبله ويعير الدلو، فهذا من الحق والإحسان الذي يكون بين الناس، وقال صاحب (عون المعبود): ضرعها، وهذا ليس فيه إعارة الضرع، اللهم إلا أن تعار المنيحة كلها، فيحلبها ويرجعها، فهذا هو الذي يمكن إعارته، وأما الدلو فالمقصود بها الدلو المعروفة وليس الضرع، فتفسير الدلو هنا بالضرع غير واضح ولا مستقيم.
يحيى بن خلف صدوق أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا أبو عاصم ].
أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال: [ أبو الزبير ].
أبو الزبير هو: محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت عبيد بن عمير ].
عبيد بن عمير ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه من كبار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا هو من قبيل المرسل، لكن ما قبله شاهد له، وكذلك ما بعده.
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر بقنوٍ يعلق في المسجد للمساكين) ، وهذا غير الزكاة؛ لأن الزكاة -كما هو معلوم- يخرص فيها التمر وهو على رءوس النخل، وتؤخذ فيه الزكاة عندما يجذّ بالمقدار الذي جاءت به السنة، فإذا كان يُسقى بكلفة وبمشقة فنصف العشر، وإذا كان يسقى بغير كلفة ومشقة فالعشر .
وأما هذا المذكور في هذا الحديث فإنه صدقة أخرى، وهي من باب الإحسان والإرفاق، وهي قليلة جداً بالنسبة للمقدار الذي أخرجت منه، فإنها تخرج من عشرة أوسق، وهذا كمقدار نصاب الزكاة مرتين؛ لأن نصاب الزكاة هو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع ثلاثة كيلوهات، أي: أنه ألف وثمانمائة كيلو من مقدار ستمائة صاع، فيخرج قنواً واحداً يعلق في المسجد؛ كي يستفيد منه الفقراء، وفي هذا دليل أيضاً على جواز الأكل في المسجد، وعلى تعليق أو إحضار الطعام إلى المسجد لكن بشرط ألّا يحصل فيه تلويث للمسجد، وألّا يحصل بسببه إساءة إلى الناس لوجود أشياء يلحقهم بها مضرة أو تلحق بثيابهم إذا لم تكن هناك نظافة، وقد سبق أن مر بنا حديث ذلك الرجل الذي علق عذقاً وهو حشف، فطعنه إنسان بهذا وقال: إن صاحب هذا لو أراد أن يتصدق بخير من هذا لفعل، وقال: إن صاحبه يأكل حشفاً يوم القيامة.
قوله: [ (أمر من كل جاد عشرة أوسق) ، أي: على كل من يجذّ من النخل مقدار عشرة أوسق من التمر، أي: ستمائة صاع، أن يخرج قنواً واحداً من هذا المقدار، ويعلق في المسجد، وهذا غير نصف العشر أو العشر.
عبد العزيز بن يحيى الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثني محمد بن سلمة ].
محمد بن سلمة الحراني وهو ثقة أخرج له البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن إسحاق ].
محمد بن إسحاق المدني صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن يحيى بن حبان ].
محمد بن يحيى بن حبان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عّمه واسع بن حبان ].
واسع بن حبان قيل: صحابي، وقيل: ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرجل الذي جاء وهو على ناقة له، فجعل يصرفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له)، وقد قيل: إن هذا الرجل كان يصرف ناقته لأنها كانت قد أعيت وهزلت، ولعله كان يريد أن يُنظر إليه، ويتصدق عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له) أي: فكأن هذا لا ظهر له مادام أن ناقته بهذا الوصف، فمن كان عنده فضل ظهر -وهو المركوب- فليعد به على من لا ظهر له.
قوله: (حتى ظننا أنه لا حق لأحد منا في الفضل) أي: أن الفضل يبذل، فظننا أن الإنسان الذي يكون عنده شيء زائد على حاجته فإنه يجود به، وفي هذا الحديث الحث والترغيب في ذلك، وليس ذلك بواجب، إلا ما أوجبه الله عز وجل في المال من الزكاة.
محمد بن عبد الله الخزاعي، ثقة أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ وموسى بن إسماعيل ].
و موسى بن إسماعيل مر ذكره .
[حدثنا أبو الأشهب ].
أبو الأشهب هو جعفر بن حيان وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي نضرة ].
أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي سعيد ].
هو الخدري ، وهو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد رباعي.
أورد أبو داود بعد ذلك حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أنه لما نزلت: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر : أنا أفرج عنكم) أي: أنا أسعى في إزالة الحرج عنكم بسؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إليه وسأله، فقال له: (إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطب ما بقي من أموالكم) أي: أن الزكاة إنما فرضها الله عز وجل حتى تطيب ما سواها، وهذا كما تقدم في الحديث السابق: (ما أديت زكاته فليس بكنز) ، وذلك في باب: حد الكنز وحد الغنى، وهنا قال: (إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم) أي: بعد إخراج الزكاة، فالزكاة طهرة كما قال الله تعالى في القرآن: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103]، وهي أيضاً سبب في نمائه وكثرته وزيادته.
قوله: (وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم) فلو كان الإنسان ينفق ما عنده إذاً لما بقي ميراث، والله تعالى قد فرض المواريث، فمعنى ذلك: أن الميراث يكون لشيء موجود، لكن إذا أديت الزكاة فإنه يخرج من كونه كنزاً، وصار الإنسان يستفيد منه في حياته، وإذا مات انتقل إلى الورثة، ولكن الله عز وجل فرض الزكاة لتطيَّب ما بقي من المال.
قوله: (فكبر عمر ) أي: لحصول المقصود، وزال الحرج الذي كان يخافه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على مشروعية التكبير عند الأمور السارة، ولا يصلح التصفيق كما يفعله كثير من الناس في هذا الزمان.
قوله: (ثم قال له: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟) أي: أنه بعدما ذكر كنز المال وأن الإنسان يخرج زكاته، فإذا فعل ذلك خرج عن كونه كنزاً، بعد ذلك أخبر عن الشيء الذي يكون مع الإنسان، وتكون صلته به وثيقة، وهو خير ما يكنز المرء، وذلك هو الزوجة الصالحة، فتسره إذا نظر إليها لجمالها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها.
عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له البخاري ومسلم و أبو داود والنسائي في (عمل اليوم والليلة) وابن ماجة .
[ حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي ].
يحيى بن يعلى المحاربي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا أبي ].
أبوه يعلى بن الحارث المحاربي ، وهو ثقة مثل ابنه أخرج له أصحاب الكتب إلا الترمذي .
[ حدثنا غيلان ].
غيلان هو ابن جامع وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة
[ عن جعفر بن إياس ].
جعفر بن إياس هو المشهور بـأبي وحشية ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ].
مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة.
وهذا الحديث ضعفه الألباني كما في السلسلة الضعيفة برقم (1319)، رجاله ثقات، ولكن فيه علة وهي: أن هناك واسطة بين غيلان وبين جعفر بن أبي وحشية ، وهذه الواسطة هي عثمان بن أبي حميد أبو اليقظان ، وهو ضعيف مختلط أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر