باب: فرض الحج.
حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة المعنى قالا: حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي سنان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يا رسول الله! الحج في كل سنة أو مرة واحدة؟ قال: بل مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع) ].
ذكر الإمام أبو داود رحمه الله بعد كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، ثم أتى بعده بكتاب المناسك، وجعله قبل الصيام، وأخر كتاب الصيام عن كتاب المناسك وعن كتب أخرى أيضاً، وجعله بعد النكاح.
والطريقة المشهورة عند العلماء أنهم يجعلون المناسك في آخر أركان الإسلام، فيأتون بالصلاة، وقبلها مفتاح الصلاة وهو الطهارة، ثم بعد ذلك الزكاة، ثم الصيام، ثم الحج، كما جاء في حديث جبريل: (قال: أخبرني عن الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً).
ومن أهل العلم من يقدم المناسك أو الحج على الصيام، كفعل أبي داود رحمه الله، وكذلك هو صنيع البخاري ، فإنه رحمه الله بدأ كتاب الإيمان بحديث ابن عمر ، وفيه هذا الترتيب، حيث قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)، فرتب كتب صحيحه على هذا الترتيب الذي جاء في حديث ابن عمر .
وقد ذكر المحشي أن في بعض النسخ تقديم المناسك على الصيام، وكذلك هو في مختصر المنذري ، وأما الخطابي فمشى على تقديم الصوم على المناسك، كما هو الحال في ترتيب غالب كتب الحديث.
ومن أهل العلم من يترجم للحج فيقول: كتاب الحج، ومنهم من يقول: كتاب المناسك، كما فعل أبو داود .
والمناسك من حيث اللغة تطلق إطلاقاً واسعاً، وكذلك أيضاً تطلق في الشرع على عدة أمور منها: العبادة، والذبيحة أو الذبح، وتطلق أيضاً على الحج، ولعلهم سموا الحج والعمرة مناسك ويريدون من ذلك أن الحج والعمرة يشتملان على أنساك، فالحج ثلاثة أنساك: تمتع وقران وإفراد.
فالتمتع أن يأتي بالعمرة على حدة في أشهر الحج، ثم يأتي بالحج من العام، والقران أن يجمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج، فيقرن بينهما، ويفرغ منهما جميعاً، وتكون أفعالهما واحدة، والإفراد يؤتى به وحده في أشهر الحج، والعمرة يؤتى بها مستقلة لا علاقة لها بالحج، كالعمرة التي تكون في رمضان وفي أشهر السنة كلها، فإن هذه من المناسك، فقالوا لأعمال الحج: مناسك؛ لاشتماله على هذه الأنساك الثلاثة، والعمرة تكون مع الحج في القران، وتكون منفصلة عنه في أشهر الحج قبل الحج، وهي التمتع، وقد يؤتى بها في أشهر الحج مفردة بدون أن يكون معها حج، فلا يقال لها: تمتع، كما حصل من النبي صلى الله عليه وسلم في عُمره التي فعلها في ذي القعدة، وهي ما عدا العمرة التي في حجته، فتلك العمرات كانت مستقلة ليس لها علاقة بالحج، وكذلك العُمَر في الأشهر كلها داخلة في المناسك، فمن أجل ذلك عبر بعض أهل العلم عن ذلك بالمناسك.
أورد أبو داود رحمه الله: باب فرض الحج، أي: أنه فريضة من فرائض الإسلام.
وأورد حديث ابن عباس رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس (سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحج أفي كل عام أو مرة واحدة؟ فقال: بل مرة واحدة، وما زاد فهو تطوع) أي: أن الحج يجب مرة واحدة.
وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقال
وعلى هذا فالحج فريضة من فرائض الإسلام، بل هو ركن من أركان الإسلام، وقد جاء ذلك في حديث جبريل، وجاء أيضاً في حديث ابن عمر ، وجاءت أحاديث كثيرة تدل على فضل الحج والأمر به، وقبل ذلك آي من القرآن كقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97]، فالحج من الأمور المعلومة من دين الإسلام بالضرورة، ويجب في العمر مرة واحدة، وهذا من تيسير الله عز وجل وتخفيفه على عباده؛ لأنه لو وجب في كل عام على كل قادر لكان في ذلك مشقة على الناس، ولكان في ذلك أيضاً مشقة في كثرة الناس وازدحامهم، ولكن الله عز وجل لم يفرضه في العمر إلا مرة واحدة.
ولهذا فإن الحج هو أقل العبادات وجوداً من حيث الفرض، فالصلاة تجب في اليوم والليلة خمس مرات، والزكاة تجب في السنة مرة واحدة على من كان غنياً، والصوم يجب على كل من وجب عليه في السنة شهراً، وأما الحج فإنه لا يأتي في العمر إلا مرة واحدة على سبيل الوجوب، وما زاد على ذلك فهو تطوع.
زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ وعثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فقد أخرج له في (عمل اليوم والليلة).
[ قال: المعنى ].
قوله: المعنى، أي: أن المعنى واحد.
[ قالا: حدثنا يزيد بن هارون ].
يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان بن حسين ].
سفيان بن حسين ثقة في غير الزهري ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الزهري ].
الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سنان ].
أبو سنان هو يزيد بن أمية وهو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن ابن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث من رواية سفيان بن حسين عن الزهري ، وسفيان ضعف في روايته عن الزهري ، لكن للحديث شواهد، وهو
ورد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة .
[ قال أبو داود : هو أبو سنان الدؤلي ، كذا قال عبد الجليل بن حميد ، وسليمان بن كثير جميعاً عن الزهري ، وقال عقيل : عن سنان ].
يعني: أن بعض الرواة رووه عن أبي سنان ، وأما عقيل بن خالد فإنه قال: عن سنان ، وهو أبو سنان .
وعبد الجليل بن حميد ثقة لا بأس به، أخرج له النسائي .
وسليمان بن كثير لا بأس به في غير الزهري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وعقيل هو ابن خالد بن عقيل المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأزواجه في حجة الوداع: (هذه، ثم ظهور الحصر) أي: ثم الْزَمْنَ ظهور الحُصُر، والحصر: جمع الحصير، وهو ما يبسط في البيت، من الفرش والمقصود من ذلك أنهن يلزمن البيوت بعد أدائهن لفريضة الحج.
وقوله: (هذه) أي: حجة الإسلام الفريضة، ولهذا أورده أبو داود رحمه الله في كتاب فرض الحج، وأنه فرض على الرجال والنساء، وقد قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97].
وقد جاءت أحاديث أخرى تدل على أنه يجوز للنساء أن يتطوعن، وفي صحيح البخاري : (أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور)، وكذلك الأحاديث المرغبة فيه هي عامة للرجال والنساء كقوله: (الحج مرة، وما زاد فهو تطوع).
وهذا الحديث يدل على أن المرأة ينبغي لها ألا تكرر الحج، لكن لو كررته فقد جاء ما يدل عليه.
وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم حججن معه، وكن متمتعات، وكانت عائشة معهن، وكانت متمتعة، ولكن حصل لها الحيض، فأدخلت الحجة على العمرة، ولهذا سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة بعد الحج، حتى تكون مثل أمهات المؤمنين اللاتي دخلن بالعمرة، وأتممن عمرتهن على استقلال، ثم أتين بالحج مستقلاً، وطفن طوافين، وسعين سعيين، فأرادت أن تكون مثلهن في إيقاع عمرة مستقلة، وحج مستقل، وقد نحر عنهن البقر كما جاء ذلك في الصحيح، وحججن أو عدد منهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في آخر خلافة عمر ، وفي عهد عثمان، فهن لم يفهمن الوجوب من قوله: (هذه، ثم ظهور الحصر)، بدليل وجود الأحاديث الأخرى التي تدل على أن أفضل الجهاد هو الحج مبرور وغير ذلك.
هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا عبد العزيز بن محمد ].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن لـأبي واقد الليثي ].
اسمه واقد ، وقد جاء تسميته في مسند الإمام أحمد، وهو مختلف في صحبته، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو واقد الليثي رضي الله عنه، قيل: اسمه: الحارث بن مالك ، وقيل: ابن عوف ، صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي حدثنا الليث بن سعد عن أبيه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها).
أورد أبو داود باب: المرأة تحج بغير محرم، يعني: أن ذلك لا يجوز، فقد جاء النهي عن السفر، والحج لا يتأتى غالباً إلا بالسفر والانتقال إلى مكة؛ لأداء النسك سواء كان حجاً أو عمرة، فالمرأة لا تسافر إلا مع محرم، سواء كان ذلك السفر للحج أو لغيره، وإذا لم يوجد المحرم فإن الحج لا يكون لازماً لها، فمن شروط وجوبه عليها وجود المحرم؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء أن يسافرن إلا مع ذي محرم.
وقد جاءت أحاديث عديدة في تحديد مدة السفر، ففي بعضها: يوم وليلة، وبعضها: ليلة، وبعضها: ثلاثة أيام، وغير ذلك، وقد قيل في سبب اختلافها: إنها كلها مبنية على أسئلة، وإن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عن تلك الأسئلة، فلا تدل على أن ما دونها يجوز، وقد جاء الإطلاق عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح أنه قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، فكل ما يقال له سفر فإنه يناط به الحكم، سواء كان طويلاً أو قصيراً، قليلاً أو كثيراً.
وإيراد أبي داود رحمه الله لهذه الأحاديث في كتاب الحج إشارة إلى أن الحج لا يكون من المرأة إلا مع ذي محرم، والمحرم هو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، بنسب أو سبب مباح.
فالزوج يكون في حال وجود الزوجية، وهذا المحرمية مادامت في العصمة، وإلا فإنه إذا طلقها صارت أجنبيه.
وأما الذين محرميتهم مستقرة ودائمة فهم من تحرم عليهم على التأبيد لنسب كالأم والبنت، أو لسبب مباح كالرضاعة أو المصاهرة، وهذا يخرج من تحرم عليه مؤقتاً كزوج الأخت، وزوج العمة، فإنه ليس له أن يجمع بينها وبين أختها، وهذا التحريم مؤقت، فلو ماتت أختها فإن له أن يتزوجها، ولو ماتت العمة فإن له أن يتزوجها، وإنما يحرم الجمع فقط.
قوله: (لا يحل لامرأة مسلمة) فيه أن المسلم هو الذي يحصل منه حج، واختلف أهل العلم هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أو غير مخاطبين على قولين: أصحهما أنهم مخاطبون، ولكن لا يصح منهم الحج إلا بعد الإتيان بالركن الركين، والأصل الأصيل، وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
وفائدة ذلك: أنهم يؤاخذون على ترك الأصول، وعلى ترك الفروع.
قتيبة بن سعيد الثقفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث بن سعد ].
الليث بن سعد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي سعيد ].
سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو سعيد المقبري ، واسمه كيسان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
و سعيد بن أبي سعيد يروي عن أبيه، ويروي عن أبي هريرة مباشرة.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه : (أنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، فذكر معناه) أي: معنى الحديث المتقدم الذي قبل ذلك.
ويأتي كثيراً في القرآن والسنة الجمع بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، وذلك أن الإيمان بالله هو الأصل التي تبنى عليه جميع الأصول، فالإيمان بالله يتبعه الإيمان بملائكته وكتبه ورسله، فكل ذلك مرده إلى الله عز وجل، وتابع للإيمان بالله عز وجل، فمن لم يؤمن بالله لا يؤمن بالملائكة، ولا بالكتب، ولا الرسل، فالإيمان بهذه الأمور تابع للإيمان بالله تعالى، فهو تصديق بما جاء عن الله عز وجل، فقد جاء في الوحي أن هناك ملائكة، وأن هناك رسلاً ... إلى آخره.
ويأتي كثيراً في القرآن والسنة الجمع بين الإيمان بالله وبين اليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله هو الأصل، ولأن اليوم الآخر هو يوم المعاد الذي فيه الجزاء والحساب، ففي ذكر ذلك والتنصيص عليه تذكير باليوم الآخر والحساب، فهنا قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر) فإن الذي يفكر في اليوم الآخر وما يكون فيه من الثواب والعقاب يجعله ذلك يقلع عن المعصية، فالمرأة إذا أرادت أن تسافر وسمعت هذا الحديث: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر) فإنها تأثم، وتكون عرضة للعقاب في اليوم الآخر.
ومثل هذا حديث وكذلك: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، وقوله تعالى: ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [الطلاق:2].
وإذا حجت المرأة بغير محرم فإنها تكون قد فعلت طاعة، وفعلت معصية، فتثاب على طاعتها، وتأثم على معصيتها، فالحج إذا وجد دون محرم يصح، ولكن تأثم المرأة على ذلك، ولا تعيد.
عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
النفيلي مر ذكره، ومالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا الحسن بن علي ].
(ح) يؤتى بها للتحول من إسناد إلى إسناد آخر، والحسن بن علي هو الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا بشر بن عمر ].
بشر بن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني مالك عن سعيد بن أبي سعيد ].
سعيد بن أبي سعيد هو المقبري .
[ قال الحسن في حديثه: عن أبيه ].
أي: أنه يروي عن أبيه عن أبي هريرة ، وأما القعنبي والنفيلي فإنهم لم يقولوا: عن أبيه، ولا إشكال في ذلك؛ لأن سعيد بن أبي سعيد روى عن أبيه عن أبي هريرة ، وروى عن أبي هريرة مباشرة.
فيكون عنده الطريقان، وهذه طريقة معروفة عند المحدثين، فيمكن أن يكون الحديث عنده نازلاً، ثم يقف عليه عالياً، فيرويه على الوجهين، يحصله نازلاً، والنازل هو الذي يكثر فيه الوسائط والرواة، والعالي الذي يقل فيه ذلك.
أي: كأنه ساقه على رواية عبد الله بن مسلمة .
[ قال أبو داود : ولم يذكر القعنبي والنفيلي عن أبيه ].
أي أن الذي قال: [ عن أبيه ] هو الحسن بن علي الحلواني ، ولا تنافٍ بينهما.
[ رواه ابن وهب وعثمان بن عمر عن مالك ، كما قال القعنبي ].
أي: بدون ذكر أبيه.
[ رواه ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعثمان بن عمر ].
عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو نحو ما تقدم، إلا أنه قال: (بريداً)، والبريد: أربعة فراسخ، وقيل: مسيرة نصف يوم.
قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ].
يوسف بن موسى صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ عن جرير ].
جرير بن عبد الحميد وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهيل ].
سهيل هو ابن أبي صالح ، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة ].
سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد ، وهو بمعنى حديث أبي هريرة ، وقد قلنا: إن ذكر الثلاث، وذكر اليوم والليلة، كلها لا مفهوم لها، فلا يقال: بجواز ما كان أقل من ذلك، بل أي سفر لا يجوز للمرأة وحدها بلا محرم كما جاء ذلك في بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أشرت إليه آنفاً.
وهنا ذكر بعض المحارم، وخصّ أولاً ثم عمَّ، فقال: (أبوها، أو أخوها، أو زوجها، أو ابنها، أو ذو محرم منها) وذو محرم منها أعم، فهذا تعميم بعد تخصيص.
ويشترط في المحرم أن يكون بالغاً؛ لأن غير البالغ بحاجة إلى رعاية، فليس عنده القدرة على رعاية غيره.
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره، وهناد هو ابن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
[ أن أبا معاوية ].
هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ووكيعاً حدثاهم ].
وكيع بن الجراح الرؤاسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح ].
أبو صالح السمان ، واسمه ذكوان والسمان لقبه، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد ].
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم)، وهو مثل ما تقدم.
أحمد بن حنبل هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ يحيى يحيى بن سعيد ].
يحيى بن سعيد هو القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله ].
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني نافع ].
نافع مولى ابن عمر وهو ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف أثر ابن عمر أنه كان يردف مولاة له يقال لها: صفية ، تسافر معه إلى مكة.
وهذا فيه ذكر المحرم، فمالك الجارية محرم لها.
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو أحمد ].
أبو أحمد هو محمد بن عبد الله بن الزبير ، المعروف بـأبي أحمد الزبيري، ثقة يخطئ في حديث الثوري، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو يروي هنا عن الثوري
[حدثنا سفيان].
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ].
عبيد الله عن ونافع وابن عمر مر ذكرهم.
وكون أبي أحمد يخطئ في حديث الثوري لا يؤثر، فكون الإنسان محرماً لأمته أمر معروف، وكونه يردفها أو تركب معه أمر لا بأس به، بل يحل للإنسان -كما هو معلوم -أن يطأ ملك يمينه، كما قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7].
وأما إذا زوجها فإن المحرمية وملك اليمين باقية، وأما البضع فقد ذهب عن ملكه.
أورد أبو داود رحمه الله باب: لا صرورة في الإسلام، والصرورة فسرت بتفسيرين:
الأول: أنه بمعنى التبتل وعدم التزوج، وهذا مثل ما عليه النصارى من الرهبانية، وقد جاء الإسلام بمنع ذلك كما جاء في قصة الثلاثة الذين قال أحدهم: أنا لا أتزوج النساء، وقال الثاني: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثالث: أنا أقوم الليل فلا أنام، فقال عليه الصلاة والسلام: (أما إني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).
والتفسير الثاني: أن المقصود بقوله: (لا صرورة في الإسلام) أي: لا يُترك الحج، فلا يقعد الإنسان عن الحج مع قدرته على الحج، وهذا هو وجه إيراده هنا في هذه الترجمة.
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره، وأبو خالد هو سليمان بن حيان الأحمر ، المعروف بـأبي خالد الأحمر وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج].
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر بن عطاء ].
عمر بن عطاء هو عمر بن عطاء بن وراز بفتح الواو والراء الخفيفة وآخره زاي كما في التقريب، وهو ضعيف، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عكرمة ].
عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
وهناك من يقال له: عطاء بن عمر آخر، وهو ثقة، وقد صحح هذا الحديث الحاكم ووافقه الذهبي في (تلخيص المستدرك)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله: لعلهم ظنوا أنه عمر بن أبي الخواء ، وهو ثقة، فصححوا حديث أبيه، وإنما هو ابن وراز ، وهذا من الأوهام في التصحيح والتضعيف، فأحياناً يحصل الاختلاف في التصحيح والتضعيف بناءً على تعيين الرجل: هل هو هذا أو ذاك، فقد يتفقان في الاسم واسم الأب، ويختلفان في اسم الجد، فربما جاء هذا الراوي الضعيف في الحديث فظن أنه ذلك الثقة، فيصحح الحديث أو العكس.
والحديث ذكره الألباني في (السلسلة الضعيفة) برقم (685)، وقال: لعل الحاكم وتبعه الذهبي في تلخيص المستدرك ظنّا أنه الثقة، فصححوا الحديث، وإنما هو ابن وراز الذي هو ضعيف بالاتفاق.
وهذا كما قلته من الأمور التي يحصل فيها الاختلاف في التصحيح والتضعيف، وذلك ناتج عن الاختلاف في تعيين راوٍ من الرواة هل هو هذا أو هذا، وأذكر أن الحافظ ابن حجر ذكر في ترجمة ياسين العجل من (تهذيب التهذيب) في حديث من الأحاديث التي وردت في المهدي، وأن بعض العلماء تكلم في هذا الحديث، فقال الحافظ ابن حجر في ترجمة ياسين العجل : وقد ظن بعض المتأخرين أن ياسين هذا هو ياسين بن حمزة الزيات ، فضعف الحديث بسببه، فلم يصنع شيئاً، وإنما هو ياسين العجل .
الجواب: حكم ترك الحج فيه خلاف بين أهل العلم، وقد جاء في الزكاة: أن من تركها تهاوناً وكسلاً فإنه لا يكون كافراً، كما في حديث: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لم يؤد زكاتها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من النار، فيكوى بها جنبه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار)، والكافر لا سبيل له إلى الجنة، فإذا كان هذا في الزكاة وهي أعظم أركان الإسلام بعد الصلاة، فيمكن أن يقال: إن تارك الحج يأثم ولا يكفر، ويكون كمن يترك الزكاة تهاوناً من غير جحود.
وقد جاء في أثر عبد الله بن شقيق العقيلي : لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة.
لكن جاء أثر عن عمر وفيه كلام -أنه قال: من أدركه الحج وله سعة فلم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً.
ووردت آثار أخرى من هذا القبيل، ولكن فيها كلام.
الجواب: اختلف أهل العلم في ذلك، فجمهورهم على أنه على الفور، وقال بعض أهل العلم: إنه على التراخي، ومعلوم أن الأصل هو المبادرة، وأن الإنسان إذا أمر بشيء وكان متمكناً من فعله، فعليه أن يبادر، لذا فالقول بأنه على الفور هو الأوضح.
الجواب: اخُتلف في وجوبها، والصحيح أنها واجبة في العمر مرة واحدة، وقد جاء في بعض ألفاظ حديث جبريل. (أن تحج وتعتمر).
الجواب: الحج لغة: القصد، وفي الاصطلاح: قصد البيت بأفعال مخصوصة، فالمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي هنا، فالمعنى اللغوي أوسع من المعنى الاصطلاحي.
وأما في الشرع: فهو قصد مخصوص، أي: هو قصد البيت لأداء أعمال مخصوصة من طواف، وسعي، ووقوف بعرفة وغير ذلك، فهذا هو تعريفه في الشرع.
والعمرة لغة: مطلق الزيارة، وفي الشرع: زيارة مخصوصة، أي: زيارة البيت للطواف والسعي والتقصير.
الجواب: نعم، يجوز لها أن تحج؛ لأن هذا لا يقال له: سفر، فالذهاب إلى عرفات ليس سفراً، لكن تكون مع رفقة مأمونة.
الجواب: إن حججها بدون محرم فهو آثم مثلها، وحجها صحيح.
وإذا قيل بإلغاء الشرط فإن المستقدمين للخادمات يحبون أن يلغوا الشرط؛ حتى لا يتكلفوا التحجيج، وكثيراً ما يُسأل عن هذا.
وعلى كل نقول: إن وفى بالشرط وحججها فحجها صحيح، وهما آثمان، وإن لم يحججها فإنه لم يف بالشرط، فالأسلم للإنسان إذا اضطر إلى أن يأتي بخادمة -مع توسع الناس في ذلك من غير أن يكون هناك ضرورة إليه- أن يأتي بمحرم معها.
الجواب: يجوز ذلك إذا كان للإنسان قدرة على السداد.
الجواب: لا يجب عليه، ولا يأثم إذا لم يحج بها، ولكن الأولى له أن يحج معها، وإذا كانت قادرة دفعت له ما يلزمه، وإذا وافق على ذلك فهذا الذي ينبغي، وأما الوجوب فلا يجب عليه أن يحج بها.
الجواب: الدولة لا تمنع من الفريضة، ولكن لكثرة الناس ولكثرة الوافدين إلى هذه البلاد وكون الكثير من الناس يقول: إن البقاء في المملكة ليس بمستمر، فما دام أني موجود هنا فسأحج كل سنة، أو أتابع الحج، ويترتب على ذلك كثرة الزحام؛ عملت الحكومة شيئاً من التنظيم في هذا، ولا بأس بذلك، فعلى الإنسان أن يتقيد بذلك، ويحمد الله أنه قد حج، ويترك غيره يحج.
الجواب: إذا كان الطلب لأمر وجيه وصحيح، وهناك مصلحة في طلاقها؛ طلقها، وأما إذا كانت الأم ليس عندها شيء يقتضي ذلك، وإنما هناك شيء في النفس، فلا ينبغي ذلك، فالتفريق بين الزوجين بلا أمر يقتضي ذلك لا ينبغي، ولكن عليه أن يسترضيها ويبقي زوجته، ويحاول أن يطيب خاطر أمه حتى يزول ما في نفسها.
حدثنا أحمد بن الفرات - يعني: أبا مسعود الرازي - ومحمد بن عبد الله المخرمي -وهذا لفظه- قالا: حدثنا شبابة عن ورقاء عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (كانوا يحجون ولا يتزودون، قال
أورد أبو داود رحمه الله باب: التزود في الحج، أي أن الإنسان يأخذ معه من الزاد ما يحتاجه؛ حتى لا يكون عالة على الناس، وحتى لا يحتاج إلى سؤال الناس، فسؤال الناس جاءت أحاديث كثيرة في ذمه، فإذا كان الإنسان ليس لديه قدرة مادية فإنه لا يجب عليه الحج.
وأورد أبو داود حديث ابن عباس قال: (كانوا يحجون ولا يتزودون) أي: في الجاهلية، (ويقولون: نحن المتوكلون) أي: أننا ذاهبون إلى الحج، فالله عز وجل لن يضيعنا، ثم يذهبون يسألون في الطريق وفي مكة، فهم إذاً المتواكلون وليسوا المتوكلين، فالتواكل ضد التوكل، ففيه كسل وخمول وعدم جد، فلا ينبغي أن يتصف الإنسان بهذا.
قوله: (فأنزل الله عز وجل: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]) أي: تزودوا في أسفاركم للحج ولغيره؛ حتى لا يكون الإنسان عالة على الناس، والحج يدخل في ذلك، بل هو الذي نزلت فيه الآية: فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197].
وقال بعض أهل العلم: وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان كما أنه في سفره في الدنيا يحتاج إلى الزاد، فكذلك في سفره إلى الآخرة فإنه يحتاج إلى زاد، وزاده في سفره إلى الآخرة هو تقوى الله عز وجل.
أحمد بن الفرات أبو مسعود ، وهو ثقة أخرج له أبو داود .
[ ومحمد بن عبد الله المخرمي ].
محمد بن عبد الله بن المبارك وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ قال: وهذا لفظه ].
أي: لفظ المخرمي ، وهو الشيخ الثاني لـأبي داود .
[ حدثنا شبابة ].
شبابة بن سوار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ورقاء ].
ورقاء اليشكري ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن دينار ].
عمرو بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قرأ هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] قال: كانوا لا يتجرون بمنى، فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات ].
أورد أبو داود باب التجارة في الحج، أي: البيع والشراء في الحج، والمقصود أنه لا بأس بذلك، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأورد أبو داود أثر ابن عباس (أنه قرأ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] فقال: كانوا لا يتجرون بمنى) أي: في الحج.
قوله: (فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات) أي: أُذن لهم بذلك في حجهم، فالاتجار جائز سواء كان قبل الحج أو بعده، ولا يكون هو المقصد والدافع للإنسان على الحج، ولا يكون شاغلاً له، لكن كونه يشتري الشيء فيذهب به إلى بلده كي يستفيد منه، أو يبيعه بسعر أكثر، فلا بأس بذلك.
يزيد بن أبي زياد الهاشمي ، ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن مجاهد ].
مجاهد هو ابن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
وهذا الحديث له شواهد.
حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم عن الأعمش عن الحسن بن عمرو عن مهران أبي صفوان عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أراد الحج فليتعجل) ].
أورد أبو داود باب تعجيل الحج، أي: المبادرة إليه، وعدم تأخيره، ثم أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أراد الحج فليتعجل) أي: فليبادر إليه، ومعلوم أن الإرادة تكون للفرض وللتطوع، وتكون المبادرة للفرض على الفور كما سبق، وأما التطوع فالأفضل أن يبادر إلى فعله.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم ].
مر ذكره.
[ عن الأعمش ].
مر ذكره.
[ عن الحسن بن عمرو ].
الحسن بن عمرو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن مهران أبي صفوان ].
مهران أبو صفوان مجهول، أخرج له أبو داود .
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
هذا الحديث صححه الألباني ، وصححه أيضاً أحمد شاكر في تحقيق المسند، ولعل ذلك لشواهده.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا العلاء بن المسيب حدثنا أبو أمامة التيمي قال: (كنت رجلاً أكري في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج، فلقيت
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب الكرى، أي: أن يكري الإنسان راحلته أو سيارته في الذهاب إلى الحج، فيذهب مع سيارته أو مع دوابه، فيكريها على الناس ليحجوا عليها، ويأخذ الأجرة على ذلك، وهو حاج مع الناس.
جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنه فقال: (إني أكري في هذا الوجه) أي: في الحج، (وإن ناساً يقولون: إنه لا حج لك)؛ لأنه كان يذهب للكري (فقال: ألست تطوف وتسعى وتفيض من عرفات وتلبي؟ قال: نعم، قال: فإن لك حجاً، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مثلما قلت لي، فقال له: النبي صلى الله عليه وسلم: لك حج)، فدل هذا أنه يجوز للإنسان أن يكري، وله أن يحج، وقد ذكرت الآية أنه يجوز للإنسان أن يحج، ومع ذلك يبتغي من فضل الله عز وجل.
مسدد مر ذكره، وعبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا العلاء بن المسيب ].
العلاء بن مسيب ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا أبو أمامة التيمي ].
أبو أمامة التيمي مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر مر ذكره.
وهذا الحديث صححه الألباني مع أن فيه رجلاً مقبولاً، فلعل له شواهد.
أورد أبو داود حديث ابن عباس أنهم كانوا يتبايعون في أول الحج، فكانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز.
(فخافوا البيع وهم حرم) أي: وهم محرمون ومتلبسون بالحج.
فأنزل الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] أي: أن هذا الذي خفتموه لا بأس به، وفيه: في موسم الحج، وهذه من القراءات الشاذة التي لا يقرأ بها في الصلاة، وقوله: (كان يقرؤها في المصحف) لعلها كانت في بعض المصاحف، قيل: إنها بمعنى التفسير، وقد استدل بهذه الآية دون ذكر هذه الزيادة كما جاء في الرواية المتقدمة، وكما جاء في روايات أخرى.
محمد بن بشار هو الملقب بندار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن مسعدة ].
حماد بن مسعدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن أبي ذئب ].
ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن أبي رباح ].
عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد بن عمير ].
عبيد بن عمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
أورد أبو داود الأثر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].
أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في (الشمائل).
[ حدثنا ابن أبي فديك ].
ابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل بن مسلم، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني عن ابن أبي ذئب عن عبيد بن عمير ].
مر ذكرهما.
[ عن ابن عباس ].
مر ذكره.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالروحاء فلقي ركباً فسلم عليهم، قال: من القوم؟ فقالوا: المسلمون، فقالوا: فمن أنتم؟ قالوا: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففزعت امرأة فأخذت بعضد صبي فأخرجته من محفتها، قالت: يا رسول الله! هل لهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر) ].
أورد أبو داود رحمه الله باب: حج الصبي، أي: أنه يحج به، وحجه لنفسه، ولمن حججه أجر، ولكن هذا الحج لا يغني عن حج الإسلام، بل هو تطوع جاء قبل الفرض، فإذا بلغ تعين عليه أن يأتي بحجة الإسلام.
أورد أبو داود حديث ابن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الروحاء، فلقي قوماً فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: المسلمون، قالوا: ومن أنتم؟ قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: ومن معه.
(ففزعت امرأة) أي: لما علمت أن هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، (فرفعت صبياً من محفتها) قيل: إنها مثل الهودج، إلا أن الهودج يكون له سقف، وهذا ليس له سقف، (فقالت: ألهذا حج؟ فقال: نعم، ولك أجر)، فدل هذا على أن الصبي يحج به، وأن الذي يحججه يؤجر على ذلك، ولكن هذه الحجة لا تغني عن حجة الإسلام، ويعامل معاملة الكبير في الطواف والسعي والوقوف والذبح له إذا كان حج به متمتعاً أو قارناً.
أحمد بن حنبل مر ذكره.
[ حدثنا سفيان بن عيينة ].
سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن عقبة ].
إبراهيم بن عقبة ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن كريب ].
[عن ابن عباس].
قد مر ذكره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر