حدثنا هناد -يعني: ابن السري - عن ابن أبي زائدة أخبرنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن سليم بن الأسود أن أبا ذر رضي الله عنه كان يقول فيمن حج ثم فسخها بعمرة: لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب من أحرم بالحج ثم يجعلها عمرة، وقد مر بنا جملة من الأحاديث الدالة على أن الإنسان الذي ليس معه هدي سواءً كان قارناً أو مفرداً أنه يفسخ إحرامه إلى عمرة، وأنه يكون متمتعاً، ومر أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك: (هل هي لنا أو للأبد؟ قال: بل لأبد الأبد)، وهي أحاديث صحيحة دالة على أن ذلك لم يكن خاصاً بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه حكم مستمر ودائم.
وأورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة أثراً وحديثاً فيهما أن هذا الذي حصل كان خاصاً بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فالأول عن أبي ذر ، وهو موقوف عليه، أنه كان يقول فيمن حج ثم فسخها بعمرة: لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو يخبر أن الركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسخوا إحرامهم إلى عمرة، وصاروا متمتعين، وذكر أن ذلك لم يكن إلا لهم، وهذا قول ورأي له، ويقابل هذا الرأي الأحاديث الكثيرة الصحيحة الدالة على أن ذلك ليس خاصاً بهم، وإنما هو للأبد، وقال بعض أهل العلم: إن قول أبي ذر هذا يحمل على أن الفسخ الواجب الذي يتعين هو الذي كان لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما غيرهم فإنه يبقى على الاستحباب، وقد ذكر هذين القولين ابن القيم رحمه الله.
هناد مر ذكره.
[ عن ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق ].
محمد بن إسحاق صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن الأسود ].
عبد الرحمن بن الأسود ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليم بن الأسود ].
سليم بن الأسود ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي ذر ].
أبو ذر هو جندب بن جنادة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث بلال بن الحارث رضي الله عنه (أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل لكم خاصة)، وهذا دال على ما دل عليه كلام أبي ذر المتقدم، وهذا مرفوع إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه غير صحيح ولا ثابت، بل الثابت خلافه، فقد تُكلِّم في بعض رواته، والذين رووا خلاف ذلك كثيرون، وليس فيهم كلام، بل هي أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر جملة منها.
عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ].
ربيعة بن أبي عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بلال بن الحارث ].
بلال بن الحارث مقبول أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبيه ].
أبوه هو بلال بن الحارث وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب السنن.
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (كان
أورد أبو داود باب: الرجل يحج عن غيره، وكلمة الرجل هنا لا مفهوم لها، بل إن المرأة كذلك أيضاً، فللرجل أن يحج عن غيره، وللمرأة أن تحج عن غيرها.
وأورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن
فـالفضل بن العباس رضي الله عنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة إلى منى، فجاءت امرأة من خثعم تستفيه عن حجها عن أبيها، وكان شيخاً كبيراً لا يستطيع الثبوت على الراحلة، فقالت: (إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع الثبوت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم)، وذلك في حجة الوداع، فدل هذا على أن المرأة تحج عن الرجل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أفتاها بأن تحج عن أبيها، وفيه دليل على الحج عن الغير، وأن الرجل يحج عن الرجل، والمرأة تحج عن الرجل، والحديث واضح وصريح الدلالة في حج المرأة عن الرجل، ويحج عن الميت، وأما الحي فإنه لا يحج عنه إلا في حالتين:
إحداهما: ما جاء في هذا الحديث، وهي أن يكون هرماً كبيراً، لا يستطيع السفر والركوب.
والثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، وأما غير هذين الصنفين من الناس فإنه لا يحج عنه وهو حي.
وفي هذا الحديث: أن الفضل كان ينظر إلى هذه المرأة وهي تنظر إليه، فصرف النبي صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الشق الآخر، وهذا من الأحاديث التي يستدل بها من يقول بجواز كشف النساء وجوههن، وعدم وجوب تغطيتها، وقد جاءت عدة نصوص دالة على الحجاب وستر الوجوه، وقد عُلِّل ذلك كما جاء في أمهات المؤمنين: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].
وإذا كان هذا في أمهات المؤمنين فهو مطلوب من غيرهن من باب أولى؛ لأنهن إذا كان ذلك مع طهارتهن ونزاهتهن رضي الله عنهن وأرضاهن فغيرهن من باب أولى والعلة واحدة، ثم أيضاً إذا كانت الشريعة قد جاءت بأن المرأة ترخي ثوبها من وراءها حتى تستر قدميها، فكيف تأمر الشريعة بستر القدمين وتبيح كشف الوجه، والزينة إنما تكون في الوجه لا في الرجلين؟!
وهذا الحديث الذي معنا وهو قصة الخثعمية ، ونظر ابن العباس إليها ونظرها إلى الفضل بن العباس رضي الله تعالى عنهما، يمكن أن يقال: إنه لا يلزم أن يكون الجمال فقط في الوجه، والنظر يكون إلى الوجه، فكما يكون الجمال في الوجه فإنه يكون أيضاً في التفاصيل، وفي هيئة الجسم وشكله، فإن المرأة ولو كانت متحجبة قد يظهر جمالها في الشكل والهيئة، وليس الأمر مقصوراً على الوجه والنظر إليه، بل الهيئة أيضاً لها دخل في معرفة جمال النساء، وذلك في طلعتهن وهيئتهن وتفاصيل أجسامهن وإن لم يكن الوجه ظاهراً.
وبعض أهل العلم يقول: إن هذا كان في الحج، والمرأة إحرامها في وجهها، ولكن قد جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: كنا نكشف وجوهنا فإذا حاذانا الركبان سدلت إحدانا خمارها على وجهها.
والحاصل أن كشف الوجوه لا يأتي إلى الناس بخير، فكثير من الفتن والشرور التي جاءت إنما هي ناتجة عن كشف الوجوه، فبعد كشف الوجوه جاء كشف الرءوس، ثم كشف النحور، ثم كشف الصدور، ثم كشف الأرجل والأفخاذ! وصار شأن كثير من المسلمات في كثير من بلاد العالم الإسلامي على هيئة الرجال، وهذه الهيئة مخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرجال يسبلون ويغطون أعقابهم، والنساء تتعرى، فتظهر المرأة صدرها وعضديها وساقيها وجزءاً من فخذيها، وكل هذا نتيجة للتهاون بالسفور.
سليمان بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين.
[ عن عبد الله بن عباس ].
عبد الله بن عباس مر ذكره.
الجواب: يصوم العشرة أيام في بلده.
الجواب: الأفضل أن يصومها قبل يوم عرفة، وإن أخر ولم يفعل ذلك فإنه يجوز صيامها في أيام التشريق، ولا يصوم في يوم العيد، وقد قال بعض الصحابة: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي، فمن لم يجد الهدي جاز له أن يصوم أيام التشريق، والأولى أن يصومها قبل يوم عرفة.
وإذا كان مقيماً في المدينة للدراسة أو للعمل فإنه يصوم في المدينة، فهذا هو محل إقامته، وليس المراد أن يأخرها ولو إلى بعد سنة حتى يرجع إلى بلده.
الجواب: الحديث الذي مر بنا قريباً يدل على أنه لا يجوز ذلك.
الجواب: لا يؤخذ منه ذلك، وإنما الذي لابد منه هو النية التي محلها القلب، وإذا تلفظ الإنسان بما نوى بما يتعلق بالحج فهذا هو الذي ينبغي، وليس بواجب، وذلك أن الأنساك متعددة، فإذا تلفظ الإنسان بالشيء حتى يعرف غيره ما هو النسك الذي أهل به فلا بأس به، لكن لو لم يتلفظ بذلك فإنه يكفيه أن ينوي بقلبه، والتلفظ بالنية بدعة في العبادات إلا في الحج، فإن الإنسان يتلفظ بما نوى؛ لأن هناك عمرة مستقلة، وحج مستقل، وحج مقرون مع عمرة، فإذا أتى بهذا أو بهذا فقد جاءت السنة بذلك كله، لكن التلفظ بذلك ليس بلازم.
وليس معنى ذلك أنه يقول: نويت، وإنما ينوي بقلبه ويقول: لبيك عمرة، أو لبيك حجة، أو لبيك عمرة وحجة.
الجواب: المسائل التي للصحابة فيها أقوال مختلفة يرجع فيها إلى الأقوى من حيث الدليل، وأما إذا كانت المسألة ليس فيها أقوال، وإنما فيها قول لأحد الصحابة فلاشك أن لقوله قوة؛ لأنه رأي وقول لرجل من خير هذه الأمة، وهم خيرة سلف هذه الأمة، وهم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه على رسله ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين، وإذا كان قول الصحابي له شيء يعضده، أو عموم يندرج تحته الحكم، فالمعول عليه هو الدليل، ولكن حيث لا دليل فلاشك أن آراء الصحابة لها وزنها ولها قيمتها.
الجواب: لا يفعل ذلك في مقام التحذير، وإنما يحذر بدون أن يقول ذلك، لكن ذلك القول جائز؛ لأن كل مسلم هو أخ في الإسلام، والذين حصلت المباينة بينهم وبين المسلمين هم الكفار، والله تعالى يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10] أي: الذين يقتل بعضهم بعضاً إخوان، فيصلح بينهم، وإن كان قد حصل اعتداء من بعضهم على بعض، وأما في مقام التحذير فلا يقال: أخونا فلان، أو إخواننا، وإنما يحذر منهم دون أن تذكر الأخوة، لكن هل هم إخوة لنا في الإسلام أو ليسوا بإخوة؟ فكل من لم يكن كافراً فهو أخ لنا في الإسلام.
حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم بمعناه قالا: حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين رضي الله عنه أنه قال حفص في حديثه رجل من بني عامر أنه قال: (يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: احجج عن أبيك واعتمر) ].
سبق البدء في هذه الترجمة وهي: باب الرجل يحج عن غيره، وقلنا: إن ذكر الرجل لا مفهوم له، والمقصود من ذلك هو الحج عن الغير، سواءً كان الحاج رجلاً أو امرأة، ولهذا أورد أبو داود رحمه الله ثلاثة أحاديث:
الحديث الأول: حج امرأة عن رجل، وهو حديث الخثعمية.
والحديث الثاني: حج رجل عن رجل.
ثم أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي رزين العقيلي رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن) . أي: لا يستطيع أن يركب ولا يستطيع أن يمشي، أي: أنه قد بلغ به الكبر بحيث إنه يتمكن من أن يمشي أو يركب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (حج عن أبيك واعتمر)، فدل هذا على أن الرجل يحج ويعتمر عن غيره.
وهذا من الأدلة التي يستدل بها على وجوب العمرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (حج عن أبيك واعتمر) وذلك عندما ذكر له أنه لا يستطيع الحج والعمرة.
فأمره أن يحج عن أبيه ويعتمر، فدل ذلك على وجوب العمرة، وقد مر بنا حديث الصبي بن معبد، وفيه أنه كان نصرانياً فأسلم، وأنه كان يحب الجهاد، ولكنه وجد أن الحج والعمرة مكتوبين عليه، فجاء إلى رجل من قومه فأرشده أن يجمع بينهما -أي بين الحج والعمرة- فجاء إلى عمر رضي الله عنه وأرضاه وذكر له القصة، فقال له: (هديت لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم)، وهذا الحديث هو أقوى ما يستدل به على وجوب العمرة، وقد جاء عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: هذا أصح شيء جاء في وجوب العمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث مطابق للترجمة من جهة أن يحج الرجل عن غيره، فهذا يدل على أن للإنسان أن يحج عن غيره، وهذا إذا كان ميتاً، وأما إذا كان حياً، فيجوز ذلك في حالتين اثنتين: إحداهما: أن يكون هرماً كبيراً لا يستطيع السفر، كما جاء في هذا الحديث وحديث الخثعمية السابق، والثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، وهو في معناه.
حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .
[ ومسلم بن إبراهيم ].
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن النعمان بن سالم ].
النعمان بن سالم ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمرو بن أوس ].
عمرو بن أوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي رزين ].
أبو رزين العقيلي رضي الله عنه صحابي أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: (سمع رجلاً يقول: لبيك عن
وفيه دليل على أن الإنسان لا يحج عن غيره إلا إذا كان قد حج عن نفسه.
فيبدأ بنفسه أولاً، ثم يحج عن غيره، فلا يحج عن غيره وهو لم يحج عن نفسه، وفيه دليل أيضاً على أنه يمكن للإنسان أن يظهر في التلبية لمن يكون النسك، فيقول: لبيك لفلان، أو لبيك عن فلان، إذا كان يحج عن غيره.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن
وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا كان قد أحرم بالنسك عن غيره ولم يحج عن نفسه فإنه يقلب ذلك إلى نفسه، فيلبي عن نفسه، ويكون النسك له، ولا يستطيع الإنسان أن يحج حجاً واحداً عن شخصين، بل يكون الحج من واحد عن واحد، إما عن نفسه، أو عن واحد من الناس، لكن يمكن إذا كان الإنسان متمتعاً أن يجعل العمرة لشخص والحج لشخص، لأن كل واحد منهما مستقل عن الثاني بإحرامه وتحلله وما بين ذلك.
إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ثقة، أخرج له أبو داود .
[ وهناد بن السري ].
هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبدة بن سليمان ].
عبدة بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي عروبة ].
ابن أبي عروبة هو: سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عزرة ].
عزرة بن يحيى وهو مقبول، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير رضي الله عنه، تابعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث صحيح.
حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، قال: وكان
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: كيف التلبية؟ أي: كيف تكون التلبية؟ وما هي صيغتها؟ والتلبية: مصدر لبى يلبي تلبيةً، أي: أنه قال: لبيك اللهم لبيك! لبيك لا شريك لك لبيك، وهذه هي تلبية رسول الله.
وأورد أبو داود حديث ابن عمر أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لبيك اللهم لبيك! لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، فهذه هي تلبية رسول الله عليه الصلاة والسلام التي كان يقولها، وكان ابن عمر يزيد على ذلك: (لبيك لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل)، وجاء -كما سيأتي- أنهم كانوا يزيدون والنبي عليه الصلاة والسلام يسمع ولا ينكر عليهم، فدل هذا على جواز ذلك، ومعلوم أن السنة: قول وفعل وتقرير، ولكن الأولى هو الاقتصار على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكلمة (لبيك) معناها: إجابة بعد إجابة، فيؤتى بكلمة لبيك في الإجابة، فالإنسان إذا نودي فإنه يقول: لبيك، وقد كان معاذ بن جبل رديفاً للنبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا
قوله: (لا شريك لك) أي: أنه بعد تكرار التلبية ذكر إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وكل عمل من الأعمال لا ينفع صاحبه إلا إذا كان خالصاً لوجه الله، ومطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالعمل المقبول عند الله لابد فيه من هذين الشرطين، فلا بد من تجريد الإخلاص لله وحده، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يعبد إلا الله، ولا يعبد الله إلا طبقاً لما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإذا اختل أحد هذين الشرطين فلا ينفع العمل، ويرد على صاحبه، فإذا فقد الشرط الأول وهو الإخلاص، فالعمل مردود، ولو كان العمل خالصاً لله ولكنه مبني على بدعة فإنه يكون مردوداً عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، وقوله: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقال: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) .
ولا يكفي أن يقول الإنسان: هذا عمل طيب، وأنا قصدي حسن، فهذا الكلام لا ينفع، ولابد من هذين الشرطين: الإخلاص والمتابعة، فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110]، قال بعض أهل العلم: العمل المقبول عند الله هو ما كان خالصاً صواباً، فالخالص ما كان لله، والصواب ما كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله: (لبيك لا شريك لك) توضيح وبيان أن العبادة لله وحده، وأن الحج يكون لله وحده، ولهذا فكلمة: لبيك لا شريك لك هي بمعنى: لا إله إلا الله، فلبيك هي بمعنى: (إلا الله)، ولا شريك لك: هي بمعنى (لا إله)، فلبيك لا شريك لك فيها نفي وإثبات، فهي تنفي العبادة عن كل ما سوى الله، وتثبتها لله وحده لا شريك له، وقول الملبي: لبيك لا شريك لك فيها خطاب لله تعالى، أي: أجيبك وأجيب دعوتك، ولا أشرك معك أحداً في العبادة، كما قال الله عز وجل: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163].
ثم بين بعد ذلك أن كل النعم من الله، وأن الحمد لله، وأن الملك لله، قال: (إن الحمد والنعمة لك والملك)، فالله تعالى هو المنعم بكل النعم ظاهرها وباطنها، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ [النحل:53] وقال: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، فنعم الله تعالى لا تعد ولا تحصى، والنعم كلها من الله، ولو أنعم عليك أحد من الخلق وأحسن إليك فإنما حصل ذلك من الله عز وجل، كما قال عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف)، فالنعم كلها من الله، والله تعالى يجعل للنعم أسباباً تحصل بها، والكل من الله عز وجل، والحمد لله تعالى، فهو المحمود على كل حال، فهو صاحب النعمة والمتفضل بها، وهو المستحق للحمد، وهو أيضاً مالك الملك، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى، ففي التلبية توحيد وثناء، فالتوحيد في قوله: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك)، والثناء في قوله: (إن الحمد والنعمة لك والملك) فكما أنه لا شريك لك في الملك، ولا شريك لك في الرزق، ولا في الإحياء، ولا في الإماتة؛ فلا شريك لك أيضاً في العبادة.
وقول ابن عمر رضي الله عنه في الزيادة: (لبيك لبيك لبيك وسعديك) كلمة (سعديك) هذه كلمة يؤتى بها معطوفة على لبيك، فلا تأتي لوحدها، وإنما تأتي معطوفة على سعديك، فهي كلمة تابعة لكلمة، وكلمة سعديك تضاف إلى الله عز وجل، ويخاطب بها الله سبحانه وتعالى، ومعناها: مساعدة منك بعد مساعدة، أو إسعاد منك بعد إسعاد، أي: لي.
وقوله: (والخير بيديك) أي: كل النعم هي من الله، والخير بيد الله، فهو الذي يجود ويتفضل على عباده، فالخير بيد الله يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء.
قوله: (والرغباء إليك) أي: الرغبة وطلب الحصول على الشيء إنما تكون إلى الله، فهي نوع من أنواع العبادة، فأنواع العبادة كثيرة منها: الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة والاستعانة والاستعاذة والذبح والنذر وغيرها، فيجب أن تكون أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له، ولا يصرف أي نوع من أنواع العبادة لغيره، وهذا هو توحيد الألوهية، وهو توحيد الله تعالى بأفعال العباد، كالدعاء والنذر والخوف والرجاء وغيرها، وأما توحيد الربوبية فهو توحيد الله بأفعاله، فهو الخالق الرازق المحيي المميت، فهذه أفعال الله عز وجل.
القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وهي التي يكون فيها بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وهم هنا: القعنبي ومالك ونافع وابن عمر .
أورد أبو داود حديث جابر وهو مثل حديث ابن عمر في التلبية، وزاد فيه: (والناس يزيدون: ذا المعارج ونحوه من الكلام الذي فيه ثناء على الله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئاً) أي: لا ينكر عليهم، وقد سبق أن عرفنا أن الاقتصار على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل، وهو وإن كان قد أقرهم فهو لم يأت بذلك، فالاقتصار على ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام لاشك أنه هو الأولى.
وبعض الناس قد يأتون ويزيدون شيئاً غير سائغ، وأما الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فما كانوا يأتون إلا بشيء سائغ، ولهذا لا يصح أن يزيد الإنسان ما يريد، لكن إذا أتى بشيء مما جاء عن الصحابة فلا بأس بذلك، وأما أن يأتي بشيء من عنده فلا يصلح ولا ينبغي، والاقتصار على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأولى.
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جعفر ].
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو محمد بن علي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما صحابي بن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
و جعفر وأبوه محمد بن علي من أهل البيت، وهما من أئمة أهل السنة، وأهل السنة يعظمون أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وينزلونهم منازلهم، ويعرفون قدرهم، وهذان الرجلان العظيمان رحمة الله تعالى عليهما من علماء أهل السنة، ومن أئمة أهل السنة، الذين يعرف أهل السنة فضلهم، وينزلونهم منازلهم من غير جفاء ولا غلو، وإنما باعتدال وتوسط.
أورد أبو داود رحمه الله حديث السائب بن خلاد رضي الله عنه: (أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فأمرني أني آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال أو بالتلبية، يريد أحدهما) أي: أن رفْع الصوت بالتلبية لا يحصل مضرة على الناس، وهذا بالنسبة للرجل، وأما المرأة فتلبي بدون رفع الصوت، ويكون ذلك بحيث تسمعها صاحباتها، ولا يسمعها الرجال، والذين يرفعون أصواتهم هم الرجال، لكن بلا مشقة، وبلا إزعاج.
وهذا فيه دليل على أن الإنسان يرفع صوته بالتلبية والإهلال، وهذا ليس بلازم؛ لأن التلبية نفسها ليست بلازمة، فلو لم يأت بها لا يترتب على ذلك شيء، ولا يلزمه شيء، فهي من المستحبات التي ينبغي أن يأتي بها، ولكن لو لم يأت بها لا يقال: إن حجه نقص، أو أنه ترك أمراً يحتاج فيه إلى جبر، فالتلبية سنة، ورفع الصوت بها سنة.
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ].
عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خلاد بن السائب ].
خلاد بن السائب بن خلاد وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو السائب بن خلاد، أخرج له أصحاب السنن.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن عباس رضي الله عنهم: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة) ].
أورد أبو داود باب: متى يقطع التلبية؟ والمقصود به هنا الحاج الذي أحرم بالحج، أو بالحج والعمرة أي: سواء كان قارناً أو مفرداً، وهو الذي يبقى على إحرامه حتى يوم النحر، وحتى يرمي جمرة العقبة، فتقطع التلبية عند رمي جمرة العقبة، فالإنسان من حين يدخل في الإحرام يلبي إلى أن يرمي جمرة العقبة، فإذا رمى جمرة العقبة قطع التلبية، لكن هل يقطعها عند البدء أو يقطعها عند الانتهاء؟ قال بعض أهل العلم: إنه يقطعها عندما يبدأ، وقال بعضهم: إنه يقطعها عندما ينتهي، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لما كان يرمي لم يأت عنه أنه كان يلبي، وإنما كان يكبر، فدل هذا على أن الأظهر هو القطع عند البدء؛ لأنه بعد ذلك يكبر ولا يلبي عند الرمي، فالحالة التي يرمي فيها لم يعرف عنه أنه لبى، ولم يأت ذلك عنه، وهذا يقوي القول الأول القائل: إنه يقطع التلبية عندما يبدأ برمي جمرة العقبة، وبعد ذلك يكبر، وكذلك في يوم العيد وأيام التشريق، فهي أيام تكبير.
وهذا الحديث الذي أورده أبو داود هو حديث الفضل بن عباس ، وهو أكبر أولاد العباس ، وأمه لبابة بنت الحارث الهلالية ، وهي أم أولاد العباس ، وكان من أعلم الناس بهذه الحالة؛ لأنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يلبي حتى رمى، فهو على علم بتلبيته وبانتهائها.
وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
[ عن الفضل ].
عبد الله بن عباس يروي عن أخيه الفضل رضي الله عنهما، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث ابن عمر : (أنهم غدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات يوم عرفة، منهم الملبي ومنهم المكبر) أي: منهم الذي يكبر، ومنهم الذي يلبي، وكل ذلك سنة وحق، ولا يعني بذلك أن بعضهم يفعل هذا دون هذا، وبعضهم يفعل هذا دون هذا، لا؛ وإنما المراد أن هناك من يكبر، وهناك من يلبي، فالكل موجود.
عبد الله بن نمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
يحيى بن سعيد الأنصاري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي سلمة ].
عبد الله بن أبي سلمة الماجشون وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عبد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن أبيه ].
أبوه هو عبد الله بن عمر ، وقد مر ذكره.
حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر) ].
أورد أبو داود رحمه الله باب: متى يقطع المعتمر التلبية، وهذا يتعلق بالعمرة، فالإنسان الذي أحرم بعمرة سواءً كان في وقت الحج، أو في غير وقت الحج، متى يقطع التلبية؟ للعلماء في ذلك قولان: فمنهم من يقول: إنه يقطعها عندما يبدأ بالطواف ويستلم الحجر، وقد جاء في ذلك حديث ضعيف رواه أبو داود ، والصحيح فيه الوقف على ابن عباس ، وعلى هذا أكثر أهل العلم كما قال ذلك الإمام الترمذي.
والقول الثاني: إنه يقطع التلبية إذا دخل مكة، وقد جاء في صحيح البخاري (أن
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن هشيم ].
هشيم بن بشير الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي ليلى ].
ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه، وهو صدوق سيئ الحفظ جداً، أي: أنه مع تمكنه في الفقه كان في الحديث سيئ الحفظ جداً، ولهذا لا يعول على ما ينفرد به، إذاً وهو سبب ضعف هذا الحديث.
وهناك اثنان يقال لهما: ابن أبي ليلى، وهما محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو هذا الضعيف، وأما الثاني فهو عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو ثقة معروف، ومخرج له في الصحيحين، وهو الذي يروي عن الصحابة كثيراً، والذي يذكر في كتب الفقه هو محمد عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي هو سيئ الحفظ جداً.
وقد أخرج له أصحاب السنن.
ذكر المؤلف طريقاً أخرى صحيحة، رواها عبد الملك بن أبي سليمان وهمام عن عطاء عن ابن عباس موقوفاً عليه، وهو ليس من طريق ابن أبي ليلى المتكلم فيه، فالمحفوظ إذاً هو الوقف؛ لأن الطريق المرفوعة ضعيفة، والطريق الموقوفة رجالها أحسن حالاً من تلك، فـعبد الملك بن أبي سليمان صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
وأما همام بن يحيى فهو ثقة، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهما قرينان في هذه الرواية، فكل منهما يروي عن عطاء .
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا ح وحدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة أخبرنا عبد الله بن إدريس أخبرنا ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجاجاً، حتى إذا كنا بالعرج نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلنا، فجلست
أورد أبو داود باب: المحرم يؤدب غلامه، أي: يؤدب غلامه بالضرب غير المبرح، وأورد حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: (أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجاجاً، وأنهم كانوا في مكان يقال له: العرج، فنزلوا وكان الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً و
قوله: (وكانت زماله رسول الله صلى الله عليه وسلم و
فيدل هذا الحديث على أنه لا بأس للمحرم أن يؤدب غلامه من غير كلام سيئ.
محمد بن أبي رزمة ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن إدريس ].
عبد الله بن إدريس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن إسحاق ].
ابن إسحاق هو محمد بن إسحاق ، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ].
يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عباد بن عبد الله وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أسماء بنت أبي بكر ].
أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر