حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اللهم ارحم المحلقين! قالوا: يا رسول الله والمقصرين، قال: اللهم ارحم المحلقين! قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: والمقصرين) ].
قال أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب: الحلق والتقصير، والحلق والتقصير من الأمور الواجبة في الحج والعمرة، فالمعتمر عندما يدخل مكة فإنه يطوف ويسعى ثم يحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل من التقصير، وكذلك الحاج عندما يأتي من مزدلفة ويرمي الجمرة فإنه يحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل من التقصير.
وإذا كانت العمرة قريبة من الحج بحيث لا يكون هناك مدة ينبت فيها الشعر فإن المناسب أن يقصر الإنسان حتى يحلق يوم العيد، وذلك كأن يأتي في وقت متأخر، فعندما ينتهي من العمرة من كان متمتعاً يقصر من شعر رأسه كله، وإذا جاء اليوم العاشر فإنه يحلق رأسه كله، وأما بالنسبة للنساء فإن الواجب في حقهن التقصير فقط.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [ (اللهم ارحم المحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: اللهم ارحم المحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: والمقصرين) ].
فهذا الدعاء بالرحمة وتكراره من النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين يدل على أن الحلق أفضل من التقصير، ويدل على أن أي واحد منهما يحصل به أداء الواجب، ولكن الحلق أفضل وأعظم أجراً من التقصير؛ وذلك أن الإنسان عندما يكون محباً للشعر فقد يقدم على التقصير ويحتفظ بالشعر، ولكنه إذا أزاله كله بالحلق تقرباً إلى الله، فإنه يكون أكمل وأفضل.
قوله صلى الله عليه وسلم: [ (اللهم ارحم المحلقين) ] يدل على جواز الدعاء بالرحمة للأحياء، فهي ليست مقصورة على الأموات، بل تكون للأحياء والأموات، وقد شاع عند الناس أن الترحم إنما يكون للأموات، فإذا سمع شخصاً يقول: فلان رحمه الله، فإنه يظن أنه قد مات، فهذا الحديث يدل على الدعاء بالرحمة للأحياء وللأموات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (اللهم ارحم الملحقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله!) ] وهذا يسمى عطف التلقين، فهم يطلبون منه أن يضيف المقصرين ويلحقهم بالمحلقين، فكرر عليه الصلاة والسلام الدعاء للمحلقين، ثم قال: [ (والمقصرين) ]، فدل على أن الحلق أفضل من التقصير.
وقد بينت الأحوال التي يكون فيها الحلق والتقصير، فالحلق أفضل في العمرة إذا كانت بعيدة عن الحج، وفي الحج يوم العيد، وأما إذا كان الحج قريباً فإن التقصير أولى وأنسب من أجل أن يحصل الحلق يوم العيد، وأما النساء فليس في حقهن إلا التقصير من شعورهن.
وقد سبق أن مر بنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة هو وأصحابه طافوا وسعوا وقصروا؛ وذلك لأن الحج قريب، فلم يبق عليه إلا خمسة أيام، فقد دخل عليه الصلاة والسلام مكة في اليوم الرابع، والحلق يكون في اليوم العاشر فقصر وقصروا.
إذاً: فالحلق يكون أفضل من التقصير إذا كان في عمرة بعيدة من الحج، أو كان في الحج في يوم العيد، وكذلك كون الحاج يزيل شعره كله تقرباً إلى الله عز وجل فإنه أكمل وأفضل، بخلاف الذي يقصر فإنه أبقى لنفسه شيئاً من الشعر؛ فهو يحبذه ويعجبه ذلك.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأنه من الرباعيات.
أورد أبو داود حديث ابن عمر : [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع) ] يعني: يوم العيد بعد أن رمى ونحر حلق، وقد فعل عليه الصلاة والسلام الأكمل والأفضل، وقد سبق الحديث أنه دعا للمحلقين ثلاث مرات، والمقصرين مرة واحدة.
هو قتيبة بن سعيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يعقوب -يعني: الإسكندراني - ].
هو يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني القاري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن موسى بن عقبة ].
هو موسى بن عقبة المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر، ثم رجع إلى منزله بمنى ودعا بذبح فذبح، ودعا بالحلاق فأخذ بشق رأسه الأيمن، فجعل يقسم بين من يليه الشعرة والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الأيسر، ثم قال: هاهنا
وهذا يدلنا على ما ترجم له المصنف من الحلق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد حلق في حجته، ويدل على أنه رمى ثم نحر ثم حلق.
قوله: [ (بذبح) ] سبق أن مر أنه نحر بيده صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بدنة، ووكل علياً بنحر الباقي وهو تمام المائة.
والحديث يدل على تبرك الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وبعرقه وبفضل وضوئه وغير ذلك مما مسه جسده صلى الله عليه وسلم، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم فلا يفعل ذلك مع غيره من الناس؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لم يفعلوا هذا مع الخلفاء الراشدين، ولا مع كبار الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهم خير وأفضل الناس، وعلى هذا فما يقوله بعض العلماء: من أن التبرك بآثار الصالحين جائز، يعتبر غلطاً؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لم يفعلوا هذا مع خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وهم أولى الناس بأن يتبرك بهم لو كان التبرك سائغاً، وأما أن يتعدى ذلك إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك ليس بصحيح، وقد نقل الشاطبي اتفاق الصحابة على ذلك، وأنهم لم يحصل منهم ذلك مع أحد إلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً فهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم ولا يتعداه إلى غيره.
قوله: [ (ثم قال: هاهنا
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حفص ].
هو حفص بن غياث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن سيرين ].
هو محمد بن سيرين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا مثل الذي قبله، إلا أنه قال للحالق: [(ابدأ بشقي الأيمن)]، وهناك بدأ بالشق الأيمن ثم بالأيسر، وهذا يدل على البدء بالشق الأيمن عند الحلق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ثم بعد ذلك ينتقل إلى الشق الأيسر.
قوله: [ حدثنا عبيد بن هشام أبو نعيم الحلبي ].
عبيد بن هشام أبو نعيم الحلبي صدوق، أخرج له أبو داود .
[ وعمرو بن عثمان ].
هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن حسان ].
هشام بن حسان قد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل يوم منى فيقول: لا حرج) ] أي: أنه كان يسأل عن التقديم والتأخير، فكان يقول: [ (لا حرج) ]، وقد رتب النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال في يوم النحر على النحو التالي: رمي، ثم نحر، ثم حلق، ثم طواف، فبعض الناس قدم وأخر، فجاءوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن ترتيبهم ليس كترتيب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان كلما سئل قال: [ (لا حرج) ] فجاءه رجل وقال: [ (حلقت قبل أن أنحر) ]، والنبي صلى الله عليه وسلم نحر ثم حلق، فقال: [ (اذبح ولا حرج) ] أي: لا حرج عليك في تقديم وتأخير النحر لا حرج عليك، وهذا يدل على أن الترتيب ليس بلازم وليس بواجب، وأنه يجوز التقديم والتأخير، ولكن الإتيان بها وترتيبها كما رتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل، لكن لو قدم بعضها على بعض وخالف هذا الترتيب فإنه سائغ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل عن شيء قدم أو أخر إلا قال: [ (لا حرج) ].
قوله: [ (قال: إنس أمسيت ولم أرم) ] يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى ضحى، فهذا جاء المساء وهو لم يرم في الصباح، فقال: [ (ارم ولا حرج) ] فدل هذا على أن النهار كله وقت للرمي يوم العيد، وأنه يبدأ من طلوع الشمس إلى غروبها، وأن من رخص له في الانصراف من مزدلفة آخر الليل، فإن له أن يرمي كما فعل ذلك بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهي أم سلمة رضي الله عنها، وكذلك أيضاً أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما.
لم يتمكن من الرمي في النهار له أن يرمي في الليل الذي بعده، وليس ذلك مقصوراً على نصف الليل، بل إلى الفجر، ولكنه عن شيء سابق، ليس عن شيء قادم، لا يقدم مثلاً رمي يوم الثاني عشر ليلة إحدى عشرة، ولكنه يمكن أن يرمي عن يوم العيد في الليل، ويمكن أن يرمي عن يوم الحادي عشر ليلة اثني عشرة، إذا لم يتمكن من الرمي قبل الغروب.
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا خالد ].
هو خالد بن مهران، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير) ] يعني: أن النساء يقصرن من شعورهن ولا يحلقنها، فالحلق والتقصير للرجال، والحلق أفضل كما عرفنا، وأما النساء فإن الواجب في حقهن هو التقصير فقط، ولا يحلقن رءوسهن؛ لأن النساء بحاجة إلى شعر الرأس للتجمل به، وهن يختلفن عن الرجال.
محمد بن الحسن العتكي صدوق يغرب، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا محمد بن بكر ].
محمد بن بكر صدوق قد يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: بلغني عن صفية بنت شيبة بن عثمان ].
صفية بنت شيبة صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم عثمان بنت أبي سفيان ].
أم عثمان بنت أبي سفيان صحابية أخرج لها أبو داود .
[ أن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
وهنا يقول ابن جريج: [ بلغني ] ففيه انقطاع إذاً، وستأتي له طريق أخرى يتقوى بها فيكون الحديث حجة.
قوله: [ (ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير) ] وهو مثل الذي قبله، ولكن ينبغي أن يعلم أن النساء لهن أن يقصرن عن أنفسهن بأنفسهن، ولا يلزم أن يقصر للمحرم غيره أو يحلقه غيره، فالمرأة تقصر عن نفسها، والرجل يقصر عن نفسه، ويحلق عن نفسه إذا تمكن من ذلك، فهذا ليس فيه ارتكاب محظور وإنما هو فعل نسك من الناسك وبعض الناس قد يتساءل كثيراً هل يحلق المحرم لنفسه أو يقصر لنفسه، وهل المرأة تقصر لنفسها؟ والجواب: أنها يجوز لها أن تقصر لنفسها، والرجل يقصر ويحلق لنفسه، فهذا الفعل ليس فيه ارتكاب محظور، وإنما هو فعل النسك الذي يكون به التحلل، فهو سائغ وجائز ولا بأس به.
ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في (السلسلة الصحيحة) في الجزء الثاني رقم (157) أن ابن جريج صرح بالتحديث في رواية المخلص في جزء المنتقى من (الجزء الرابع)، وقد توبع على ذلك.
هو إسحاق بن أبي إسرائيل صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا هشام بن يوسف ].
هشام بن يوسف ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة ].
ابن جريج مر ذكره، وعبد الحميد بن جبير بن شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان أن ابن عباس ].
مر ذكرهم.
وهذا الحديث يفسر الحديث السابق، والواسطة التي بلغت عن صفية هو عبد الحميد بن جبير بن شيبة ، والحديثان يشد بعضهما بعضاً.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا مخلد بن يزيد ويحيى بن زكريا عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (اعتمر رسول الله صلى الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل أن يحج) ].
قوله: [ باب: العمرة ]، العمرة واجبة كالحج، والمسلم عليه في عمره حجة واحدة وعمرة واحدة، سواء أتى بالعمرة وحدها والحج وحده، أو أتى بالعمرة مع الحج، وسواء كان تمتعاً أو قراناً، فالعمرة والحج لا زمان للمسلم في عمره مرة واحدة، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ثلاث عمر وهي: عمرة الحديبية، وعمرة القضية، وعمرة الجعرانة، هذه الثلاث كانت قبل حجته، فعمرة الحديبية في السنة السادسة، والقضاء أو القضية في السنة السابعة، والجعرانة في السنة الثامنة، فحجته صلى الله عليه وسلم كانت في السنة العاشرة، وقد قرن فيها بين الحج والعمرة، فكانت عمره صلى الله عليه وسلم أربعاً، ثلاث مستقلات وواحدة مقرونة مع حجته صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالإنسان له أن يحج قبل أن يعتمر، وله أن يعتمر قبل أن يحج، وله أن يأتي بهما جميعاً بالقران.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في (عمل اليوم والليلة) وابن ماجة .
[ حدثنا مخلد بن يزيد ].
مخلد بن يزيد صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ ويحيى بن زكريا ].
هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد ].
ابن جريج مر ذكره، وعكرمة بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر مر ذكره.
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما أعمر عائشة بعد الحج ليقطع بذلك أمر أهل الشرك الذين كانوا لا يأتون بالعمرة في أشهر الحج ولا في الأشهر الحرم، وإنما يأتون بها بعدما ينتهي المحرّم وهو آخر الأشهر الحرم، وذلك إذا دخل صفر، فعند ذلك يأتون بالعمرة، لكن كما هو معلوم أن عائشة رضي الله عنها وأرضاها ما أعمرها الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بعد إلحاحها وطلبها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعمرها ابتداء ليقطع دابر أهل الجاهلية، فالرسول صلى الله عليه وسلم نفسه إنما فعل عمره كلها في ذي القعدة، وفي ذلك إبطالاً لأمر الجاهلية الذين يقولون: إن العمرة لا تكون في أشهر الحج ولا في الأشهر الحرم، وإنما كانوا يؤخرون العمرة إلى أن تنتهي الأشهر الحرم، فكانت عمره كلها في ذي القعدة، وذو القعدة من أشهر الحج ومن الأشهر الحرم، وكذلك أمهات المؤمنين كن متمتعات وعمرتهن كانت في ذي الحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً: فإعمار النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة بعد الحج كان بعد إلحاح منها، ولا شك أن أمر الجاهلية هو عدم الإتيان بالعمرة في الأشهر الحرم، ولكن قد جاء ما يدل على ذلك غير هذا الحديث، ومن ذلك أن أمهات المؤمنين اللاتي دخلن في اليوم الرابع عمرهن في شهر ذي الحجة، وقد طفن وسعين وقصرن وتحللن.
إذاً: فلا شك أن هذه العمرة وغيرها مما وقع في أشهر الحج في ذي العقدة وذي الحجة أن في ذلك مخالفة للمشركين، وقد خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم وأتى بالعمر كلها قبل حجه في السنة السادسة والسابعة والثامنة في ذي القعدة.
قوله: [ (كانوا يقولون: إذا عفا الوبر) ] يعني: كثر الوبر على ظهور الإبل.
قوله: [ (وبرئ الدبر) ] الدبر هو الذي يكون في ظهر الإبل من الجروح بسبب الركاب وكثرة السير عليها، فإنهم لا يقاتلون في الأشهر الحرم، بل يتركون الإبل تستريح حتى يبرأ الدبر، وكذلك لا يعتمرون عليها في الأشهر الحرم.
قوله: [ (ودخل صفر) ] ذهب بالأشهر الحرم.
هناد بن السري ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد)، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن أبي زائدة حدثنا ابن جريج ].
ابن أبي زائدة وابن جريج قد مر ذكرهما.
[ ومحمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن طاوس ].
عبد الله بن طاوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو طاوس بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس قد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أم معقل رضي الله عنها، أن أبا معقل حج مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه بعدما جاء من الحج قالت أم معقل : إن عليها حجة وأنها لم تحج، وأن أبا معقل عنده بكر -والبكر هو الفتى من الإبل- فقال: إني قد حبسته في سبيل الله، فقال: أعطها إياه لتحج عليه؛ فإن الحج في سبيل الله، ثم قالت: إنني قد كبرت وضعفت فهل هناك شيء يجزئ عن حجتي؟ فقال: عمرة في رمضان تعدل حجة.
والحديث يدل على فضل العمرة في رمضان، ولكنه لا يدل على أن العمرة تغني عن الحج وتجزئ عنه؛ لأن العمرة واجبة والحج واجب، ولا يغني أحدهما عن الآخر، والإنسان مطالب بأن يعتمر ومطالب بأن يحج، ولكن الحديث يدل على فضل العمرة في رمضان، وأنها تعدل حجة، أي: من ناحية الأجر والثواب، فأجرها عظيم وثوابها عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
وهل ذلك خاص بها أو عام لها ولغيرها؟ الذي يبدو أنه عام وليس خاصاً، فالعمرة في رمضان تعدل حجة من حيث الأجر والثواب، وهذا من جنس ما جاء في الحديث: (أن الإنسان إذا جلس في مصلاه فجعل يذكر الله، ثم صلى ركعتين، فهي تعدل حجة وعمرة تامة تامة تامة) يعني: في الأجر والثواب.
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه صلاة كانت تعدل عمرة)، وهذا يدل على عظم هذا العمل، ففيه ذلك الثواب العظيم من الله عز وجل، وأما كون العمرة تغني عن الحج فلا.
هو الفضيل بن حسين الجحدري، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبو عوانة ].
هو وضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن مهاجر ].
إبراهيم بن مهاجر صدوق لين الحفظ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي بكر بن عبد الرحمن ].
هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني رسول مروان ].
رسول مروان مجهول ومبهم، ولكن الحديث له طرق كما سيأتي ذكر بعضها، وهو صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ أرسل إلى أم معقل ].
أورد أبو داود حديث أم معقل رضي الله عنها أنهم كانوا تهيئوا للحج فأصابهم مرض وتوفي أبو معقل ، وأنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحج فقال لها: [ (يا
وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه أن أبا معقل قد توفي، وفي الحديث الأول أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن يوفق بينهما بأنه حج مات بعد الحج، وأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبرته بالسبب الذي منعها من الحج فقال مواسياً لها: [ (فاعتمري في رمضان فإنها كحجة) ] يعني: في الأجر، وأما حجة الإسلام فإنها لازمة؛ لأنه كما قالت: [(الحج حجة والعمرة عمرة) ]، أي: أنه لا يغني الحج عن العمرة، ولا العمرة عن الحج.
قولها: [ (ما أدري إلي خاصة) ] والمقصود من ذلك أن هذا الذي فاتها من الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم أنها إذا اعتمرت في رمضان فإنها تحصل فيه على أجر تلك الحجة، ولكن حجة الإسلام لازمة عليها وباقية في ذمتها، وعليها أن تحج بعد ذلك.
محمد بن عوف الطائي ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي في مسند علي .
[ حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ].
أحمد بن خالد الوهبي صدوق، أخرج له البخاري في (جزء القراءة)، وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن إسحاق عن عيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي ].
محمد بن إسحاق مر ذكره، وعيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي مقبول، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا يوسف بن عبد الله بن سلام ].
يوسف بن عبد الله بن سلام صحابي أخرج له البخاري في (الأدب المفرد)، وأصحاب السنن.
[ عن جدته أم معقل ].
أم معقل قد مر ذكرها.
قوله: [ قوله عن جدته ].
هي جدة عيسى بن معقل .
وفيه أن سبب تأخرها عن الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم أنه مات الزوج وأوصى بالجمل في سبيل الله، والتوفيق بينهما يكون بأنهما جاءا يمشيان بعد الحج، لكن فيه اختلاف من ناحية أنه كان معها كما في الرواية الأولى، وهنا جاءت وحدها كما في هذه الرواية التي معنا، وأخبرت بأنه قد هلك، فالذي يبدو والله أعلم أن هذه الرواية التي فيها: أنها جاءت وقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: (فاعتمري في رمضان فإنها كحجة) أنها أولى، فهي متصلة وفيها مبهم، وهذه فيها عيسى بن معقل وهو مقبول، لكن كل هذه الروايات يشهد بعضها لبعض.
وهذا الحديث في قصة أم معقل أخرجه النسائي في الحج، باب: العمرة في رمضان مختصراً، وابن ماجة .
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهو يتعلق بهذه القصة، وحكايتها وطريقتها هي نفس طريقة قصة أم معقل وأبي معقل ، وهي دالة على ما دلت عليه.
هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
و عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عامر الأحول ].
عامر الأحول صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في (جزء القراءة)، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن بكر بن عبد الله ].
هو بكر بن عبد الله المزني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس قد مر ذكره.
وهذا الحديث أخرج النسائي نحوه مختصراً من رواية أبي معقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه ابن ماجة مختصراً كذلك بلفظ: (عمرة في رمضان تعدل حجة) عن أبي معقل .
أورد أبو داود حديث عائشة : [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال) ]، والرسول صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم اعتمر أربع عمر، فلعلها تقصد بذلك العمر التي أتى بها مستقلة تامة، وذلك إنما هو في عمرة القضية وفي عمرة الجعرانة، وأما عمرة الحديبية فإنه صُدَّ عنها ولم يدخل مكة، وأما العمرة التي مع الحج فهي مقرونة مع الحج، وأما العمرتان المستقلتان التامتان فهما: عمرة القضية، وعمرة الجعرانة، فالقضية في السنة السابعة، والجعرانة في السنة الثامنة.
قوله: [ (وعمرة في شوال) ] قال بعض أهل العلم: إن هذا يحمل على أنه حصل البدء في شوال، ولكن التنفيذ كان في ذي القعدة، وبذلك تتفق النصوص على أن عُمُرَ النبي صلى الله عليه وسلم كانت كلها في ذي القعدة، أي: في نهايتها، وكانت العمرة التي مع الحجة في شهر ذي الحجة، والإحرام للحج والعمرة إنما كان في شهر ذي العقدة، وقيل: إن عمره كلها كانت في شهر ذي القعدة، باعتبار أن عمرته التي مع حجته كانت بدايتها في ذي القعدة، والإتيان بها وتنفيذها كان في ذي الحجة؛ لأنها مقرونة مع الحج.
إذاً: فيحمل قولها: [ (وعمرة في شوال) ] على أن العمرة بدئ بها في شوال وأتما في ذي القعدة، ومن العلماء من يقول: إن هذا وهم، وأن عمر النبي صلى الله عليه وسلم كلها كانت في ذي القعدة، وليس منها شيء في شوال، ولا في غيره من الشهور.
عبد الأعلى بن حماد لا بأس به بمعنى صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا داود بن عبد الرحمن ].
داود بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن عروة ]
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، وهو من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثاً سوى عمرته التي قرنها بحجة الوداع، وابن عمر قال: اثنتين، ولعله يقصد بالاثنتين المستقلتين، وهما: عمرة القضية، وعمرة الجعرانة، وأما الباقيات: فالأولى صُدّ عنها هي عمرة الحديبية، والثانية هي العمرة التي قرنها مع الحج.
والحديث ضعفه الألباني ولا أدري ما وجه التضعيف، فالحديث مطابق للأحاديث الأخرى من جهة أن عُمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أربع، وأن واحدة منهن مع حجته، والإسناد ليس فيه شيء، وحتى لو كان فيه كلام فالأحاديث الأخرى تشهد له وتدل عليه.
هو عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا زهير ]
هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو إسحاق ].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ]
هو مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس وفيه بيان عمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنها أربع: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، والعمرة المقرونة مع حجته.
مر ذكرهما .
[ حدثنا داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار ].
داود بن عبد الرحمن مر ذكره، وعمرو بن دينار ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قد مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث أنس [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، كلهن في ذي القعدة إلا العمرة التي مع حجته) ] وهذا مثل ما تقدم إلا أن قوله: [ (إلا التي مع حجته) ] لا ينافي ما تقدم؛ لأن العمرة التي مع الحجة حصل الإحرام لها في ذي القعدة، ولكن أداؤها كان في ذي الحجة، فالقول بأنها عمرة في ذي القعدة، لا ينافي ما جاء هنا من استثناء، فالبداية في ذي القعدة بلا شك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة في آخر ذي القعدة، وأحرم بالحج والعمرة من الميقات قارناً، ولكن التنفيذ وهو الطواف والسعي للحج والعمرة إنما كان في شهر ذي الحجة، فلا تنافي بين ما تقدم وبين هذا؛ لأن المعتبر البداية بالنسبة للإحرام، وأما التنفيذ فكان في ذي الحجة.
هو هشام بن عبد الملك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهدبة بن خالد ].
هدبة بن خالد ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود .
وهدبة بن خالد هذا هو الذي يقال له: هداب ، وكثيراً ما يأتي في صحيح مسلم هداب، وقيل: إن هدبة اسمه، وهداباً لقبه، والبخاري لا يذكره إلا بـهدبة ، وأما مسلم فيذكره كثيراً بـهداب، وأحدهما اسم والثاني لقب، واللقب يؤخذ من الاسم أحياناً، فلعل: هداب مأخوذ من هدبة .
[ حدثنا همام ].
هو همام بن يحيى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ]
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ]
أنس قد مر ذكره.
قال: أبو داود أتقنت من هاهنا عن هدبة ولم أتقنه من أبي الوليد ، ثم ذكر ذلك التفصيل الذي أتقنه، حيث قال: (عمرة زمن الحديبية)وذلك عندما صده المشركون عنها، فتحلل صلى الله عليه وسلم بحلق رأسه ونحر هديه.
قوله: [ (وعمرة من الجعرانة) ] وهي في السنة الثامنة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا داود بن عبد الرحمن حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيها رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وآله وسلم قال لـ
قوله: [ باب: المُهلَّة بالعمرة تحيض فيدركها الحج فتنقض عمرتها -وفي بعضها: فترفض عمرتها- وتهل بالحج هل تقضي عمرتها؟ ]
سبق أن مر بنا الكلام في هذه المسألة، وأن عائشة رضي الله عنها لم ترفض العمرة بمعنى أنها ترفض نيتها وترفض إحرامها بها، وإنما رفضت أعمالها ككونها تطوف وتسعى؛ لأنها لم تتمكن من الطواف بسبب الحيض، فأمرها بأن ترفض أعمال العمرة وأن تدخل الحج على العمرة، وبهذا صارت قارنة، وقال لها صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لما أرادت أن تعتمر: (يكفيك طوافك وسعيك عن حجك وعمرتك)؛ وذلك لأن القارن يكفيه طواف واحد عن حجه وعمرته، وسعي واحد عن حجه وعمرته، وقد كانت عائشة رضي الله عنها من القارنين ولم تكن من المتمتعين؛ لأنها لم يتم لها ما أرادت بسبب الحيض، وأما أمهات المؤمنين فتم لهن ما أردن؛ لأنه لم يأتهن الحيض، فأتممن عمرتهن ثم أحرمن بالحج، وأرادت رضي الله عنها وأرضاها أن يكون عندها طواف وسعي مستقل كما حصل لأمهات المؤمنين، وكما أرادت في أول الأمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يكفيك طوافك وسعيك عن حجك وعمرتك)، ولما ألحت عليه أمر أخاها بأن يذهب بها إلى التنعيم وأن تحرم من هناك، وهو لم يأذن لها إلا بعد إلحاحها عليه، فهي عمرة ثانية، وليست بديلة عن العمرة السابقة؛ لأن العمرة السابقة موجودة مقرونة مع الحج، كما قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العمرة والحج، وقد قرنت عائشة بين العمرة والحج، حيث أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، وهذه ليست عوضاً عنها، بل هي عمرة ثانية، ولهذا استدل بهذا أهل العلم على أنه يجوز الإتيان بعمرتين في السنة أو في الشهر، لأن عائشة رضي الله عنها حصل لها العمرة المقرونة مع الحج، وحصلت لها هذه العمرة التي بعد ذلك.
قوله: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لـ
الأكمة هي مكان في التنعيم.
قوله: [ (فلتحرم فإنها عمرة متقبلة) ].
يعني: أنها عمرة صحيحة مقبولة عند الله عز وجل، لكن لا يعني هذا أن الناس يترددون بين الكعبة والتنعيم، فإن هذا لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، وإنما جاء في قصة عائشة بعد إلحاح، وبعد ظرف خاص حصل لها، وعمر النبي صلى الله عليه وسلم كلها وهو داخل إلى مكة، ولم يخرج من مكة من أجل أن يأتي بعمرة.
عبد الله بن عثمان بن خثيم هو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يوسف بن ماهك ]
يوسف بن ماهك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ]
حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ثقة، أخرج لها مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبيها ].
هو عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث محرش الكعبي رضي الله عنه، وهو يتعلق بعمرة الجعرانة، والحديث فيه تقديم وتأخير، والصحيح فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء الجعرانة وأحرم منها، ودخل مكة وطاف وسعى، ثم رجع إليها وصار فيها كبائت، ولهذا خفيت هذه العمرة؛ لأنها حصلت في الليل، فقد كان في الجعرانة في الليل، ثم ذهب إلى مكة ورجع فأصبح فيها كبائت، أي: بالجعرانة وليس بمكة، وبعدما أصبح اتجه إلى المدينة حتى التقى بطريق المدينة بمكان يقال له: سرف، وذهب إلى المدينة صلى الله عليه وسلم، فاللفظ هذا فيه إيهام، والصواب كما جاء في بعض الروايات أنه أحرم من الجعرانة في أول الليل، ثم ذهب واعتمر، ثم رجع فأصبح فيها كبائت، وبعد زوال الشمس من الغد ذهب إلى المدينة فالتقى بالطريق بسرف.
قوله: (جاء إلى المسجد) هذا منكر، يقول الألباني : غير ثابت، يعني: ذكر المسجد والصلاة فيه، وإنما فيه أنه أحرم منها ورجع إليها، ثم سافر إلى المدينة.
قوله: [ (فجاء إلى المسجد فركع ما شاء الله ثم أحرم) ] كأنه مسجد في الجعرانة، وليس المقصود الكعبة.
قوله: [ (ثم استوى على راحلته) ] يعني: حين ذهب إلى سرف، وهذا كان في الضحى بعد الزوال من الغد.
مر ذكره.
[ حدثنا سعيد بن مزاحم بن أبي مزاحم ].
سعيد بن مزاحم بن أبي مزاحم هو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثني أبي مزاحم ].
مزاحم مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد ].
عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن محرش الكعبي ]
محرش الكعبي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي .
حدثنا داود بن رشيد حدثنا يحيى بن زكريا حدثنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقام في عمرة القضاء ثلاثاً) ].
أورد أبو داود [ باب المقام في العمرة ]، والمقصود بذلك عمرة القضاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أقام في عمرة القضاء بمكة ثلاثة أيام، وذلك للاتفاق الذي كان بينه وبين كفار قريش، وأنه يبقى ثلاثة أيام.
وهذا بيان لما قد حصل، وللإنسان أن يقيم ما تيسر له دون تحديد بثلاث أو بأقل أو أكثر، وهذا التحديد ورد بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأما المهاجرون فإنهم لا يبقون أكثر من ثلاثة أيام، حتى يرجعوا إلى دارهم.
داود بن رشيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا يحيى بن زكريا حدثنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح ].
أبان بن صالح ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
[ وعن ابن أبي نجيح ]
هو عبد الله بن أبي نجيح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر وقد مر ذكره.
[ عن ابن عباس ]
ابن عباس مر ذكره.
الجواب: لا بد من تقصير الرأس كله ولا يكفي تقصير بعضه، كما أنه لا يكفي حلق بعضه، فيحلق كله أو يقصر كله، سواء كان ذلك بالمقص أو بالمكائن الكهربائية التي تأخذ الأطراف وتترك الأصول.
الجواب: تأخذ من أطراف ضفائرها مقدار الأنملة.
الجواب: لا يجوز إدخال (الدشوش) في البيت مطلقاً؛ وذلك لما فيها من الشر الكثير، والواجب هو الحذر منها والابتعاد عنها؛ لأن أوساخ وقاذورات العالم كلها تأتي عن طريق هذه (الدشوش).
الجواب: لا ندري هل هذا مكان سجوده، أو لا، فالله أعلم بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن له محراب، وإنما كان يصلي بين منبره وبيته، ويمين الصف من وراء المنبر من جهة الغرب، ولا نعلم مكاناً معيناً صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى الإنسان أن يصلي في أي مكان من المسجد، وإذا تيسر له أن يصلي في الروضة من دون أن يؤذي أحداً من الناس ويتنفل بها فإن ذلك حسن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة).
الجواب: هذا كله من الأمور المنكرة، وعلى الإنسان عندما يأتي إلى هذا المسجد ألا يشغل نفسه بالتمسح والمسح، وإنما يصلي ويقرأ القرآن ويذكر الله عز وجل، فهذا هو الأمر المشروع، وأما كون الإنسان يمسح الجدران ويقبل الشبابيك وما إلى ذلك، فإن هذا من الأمور المحدثة والمنكرة، وقد عرفنا فيما مضى أن الله عز وجل لم يشرع للناس أن يقبلوا حجارة ولا جدراناً، وإنما شرع لهم أن يقبلوا الحجر الأسود فقط، ولو لم يقبله النبي صلى الله عليه وسلم ما قبله الناس، كما قال عمر : (أما إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) ثم إن محبة النبي عليه الصلاة والسلام يجب أن تكون في قلب كل مسلم، أعظم من محبته لنفسه وأبيه وأمه وأولاده، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)، ويقول الله عز وجل مبيناً علامة المحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]، فعلامة المحبة هي الاتباع وليس الابتداع، وبعض أهل العلم يسمي هذه الآية: آية الامتحان؛ لأن من ادعى محبة الله ورسوله فعليه أن يقيم البينة، والبينة هي الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، فهذه هي علامات المحبة الصادقة، وأما التمسح بالجدران والشبابيك فليس من علامات المحبة، بل هو خلاف السنة وخلاف ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، وسلف هذه الأمة، فهو من محدثات الأمور، فمحبة النبي عليه الصلاة والسلام يجب أن تكون في قلب كل مسلم فوق محبة كل محبوب من الخلق؛ وذلك أن النعمة التي ساقها الله للناس على يديه هي أعظم نعمة على المسلم، وهي نعمة الهداية إلى الصراط المستقيم، ونعمة الخروج من الظلمات إلى النور، فهذا هو السبب في كون محبته يجب أن تفوق محبة كل محبوب من الخلق عليه الصلاة والسلام.
إذاً: فمحبته عليه الصلاة والسلام لا تكون بالتمسح بالجدران والشبابيك، وإنما تكون باتباعه والسير على منهاجه، والله تعالى يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].
الجواب: ليس هناك شيء، وإذا جاء الإنسان إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعليه أن يسلم عليه ويدعو له، ولا يدعوه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الدعاء عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله، يقول عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وقال عليه الصلاة والسلام: (الدعاء هو العبادة)، وقد سبق أن مر بنا الحديث في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاء غير الله شرك بالله، وصرف لحق الله إلى غير الله.
الجواب: إذا كانت الجوارب دون الكعبين فلا بأس بها، مثل الخفاف التي تكون مقطوعة دون الكعبين، ولو أراد أن يبقي الجوارب دون قطع فلا بأس بذلك ما دام أنه بحاجة إليها، لكن عليه أن يطعم ستة مساكين أو يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، وأما إن قطع الجوارب وكانت دون الكعبين فإنه ليس عليه شيء.
الجواب: إذا أراد الإنسان أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيء عن طريقه فما عليه إلا أن يعمل صالحاً لنفسه، فإن الله يعطي نبيه مثل ما أعطاه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي دل الناس على الخير، ومن دل على هدى كان له مثل أجر فاعله، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثم من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً).
إذاً: فإذا أردت أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيء بسببك، فما عليك إلا أن تعمل لنفسك عملاً صالحاً، كالصلاة والصيام والزكاة والحج وكل عمل تتقرب به إلى الله عز وجل، والله تعالى سيثيب نبيه مثل ما أثابك، ولهذا فالنبي عليه الصلاة والسلام له من الأجر مثل أجور أمته من حين بعثه الله إلى قيام الساعة؛ لأنه هو الذي دل الناس على هذا الحق والهدى، كما في الحديث: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، فلا تشغل نفسك بأن تضحي للنبي صلى الله عليه وسلم، بل ضح عن نفسك والله تعالى سيثيبك على فعلك، ويثيب نبيه مثل ما أثابك.
الجواب: لا، لا يسأل بوجه الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يقول: أسألك بوجه الرسول، أو أتوسل إليك بالرسول، فكل هذا لا يجوز وهو من الأمور المنكرة.
الجواب: بقي على الحج تقريباً خمسة وعشرون يوماً، فيمكن أن يخرج الشعر وينبت، وبالتالي يمكن أن يحلق الشعر يوم العيد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر