حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل الكعبة هو و
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي باب: الصلاة في الكعبة.
يعني: الصلاة في الكعبة جاءت السنة بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيما يتعلق بالنافلة، ولم يثبت صلاة فرض فيها.
واختلف العلماء في صلاة الفرض فيها، فمنهم من قال: بجوازها من باب إلحاق الفرض بالنفل، ومن العلماء من قال: بمنعها؛ لأن الذي ثبت هو النفل فقط ويقتصر عليه، وأما الفرض فإنه لا يؤتى به إلا خارج الكعبة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: [ (أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل الكعبة ومعه
قوله: [ (فمكث فيها، قال
يعني: مكث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من الزمن، فـابن عمر رضي الله عنهما لحرصه على معرفة أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم سأل: ماذا صنع في هذه المدة التي دخل فيها الكعبة؟ فقال بلال : [ (جعل عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلى) ] فهذا فيه إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى النافلة في البيت، فدل على أنها سائغة وأنها مشروعة.
أما مكان صلاته فما يبعد أن الباب كان وراءه من جهة الجنوب، ويكون اتجه إلى جهة الشمال إلى جهة الحجر، وما دام أنه ترك عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه فمعنى هذا أنه كان متقدماً عن الباب شيئاً قليلاً؛ لأنه جعل عموداً عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه، فيدل هذا أنه غير مستقبل الباب، وإنما كان إلى جهة أخرى، والله أعلم.
القعنبي مر ذكره، ومالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر قد مر ذكره.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن ابن عمر ولم يذكر السواري التي هي ثنتان عن اليمين وواحدة على اليسار وثلاث وراءه، وإنما قال: [ (ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع) ].
يعني: بينه وبين جدار القبلة ثلاثة أذرع، فهذا يدل على أنه كان متجهاً إلى الجدار وليس متجهاً للباب، والمقصود بالقبلة الجدار الذي أمامه.
وهذا الحديث هو الذي استدل به بعض أهل العلم على أن الإنسان إذا لم يكن له سترة فإنه يترك بينه وبين الذي يمر من أمامه مقدار ثلاثة أذرع من قدمه، ويمشي بعد ذلك من ورائها؛ لأن المصلي إذا لم يكن له سترة لا يحجز الذي أمامه ولو كان المقدار طويلاً، وإنما من يريد أن يمر يترك مقدار ثلاثة أذرع ويمر، أخذاً بهذا الحديث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى بين عمودين وترك بينه وبين القبلة ثلاثة أذرع.
قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي ].
عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ].
عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مالك ].
مالك مر ذكره.
أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وفيه: [ (ونسيت أن أسأله كم صلى؟) ] يعني: أنه لم يسأله كم صلى في ذلك المكان.
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره.
[ حدثنا أبو أسامة ].
هو أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله ].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قد مر ذكرهما.
أورد المصنف حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة صلى ركعتين، وأنه لم يطيل البقاء في الكعبة.
قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].
زهير بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد مر ذكره.
[ عن يزيد بن أبي زياد ].
يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن مجاهد ].
مجاهد مر ذكره.
[ عن عبد الرحمن بن صفوان ].
عبد الرحمن بن صفوان يقال: له صحبة، وقال البخاري : لا يصح، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة .
[ عن عمر ].
هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، الصحابي الجليل ثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
والحديث صححه الألباني وما أدري ما وجه التصحيح هل له طرق أم ماذا؟!
أورد أبو داود حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة؛ لأن فيها الأصنام حتى أخرجت منها، وفيها صورة إبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام.
والأزلام هي سهام مكتوب عليها: افعل، لا تفعل أو غفل، ويضعونها في وعاء، فالذي يريد أن يعمل عملاً من الأعمال إذا أراد أن يعرف هل يناسب أن يعمله أو لا يعمله يدخل يده في الوعاء ثم يأخذ منها واحداً، فإذا طلع افعل يقدم على الشيء الذي أراد أن يفعله، وإذا جاء الذي فيه لا تفعل ترك، وإن طلع الغفل أعاد الاستقسام مرة ثانية حتى يأخذ السهم الذي فيه افعل أو لا تفعل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما ظهرت صورة إبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان قال: [ (قاتلهم الله لقد علموا أنهما ما استقسما بها قط) ] يعني: أن هذا كذب وافتراء عليهما الصلاة والسلام.
قوله: [ (ثم دخل البيت فكبر في نواحيه وفي زواياه ثم خرج ولم يصل فيه)].
وهذا فيه نفي الصلاة، ولكن حديث ابن عمر فيه أنه صلى، وعمر كذلك أثبت أنه صلى، فدل على أن الصلاة ثابتة، والمثبت مقدم على النافي.
ودخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة كان عام الفتح؛ لأن الأصنام كانت ما زالت داخل الكعبة.
وبعض العلماء يستفاد من كلامه أن تلك الأحاديث كلها في عام الفتح، حيث جمع بين من قال: إنه صلى ومن قال: إنه لم يصل، بقوله: إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى صلاة خفيفة، وبعض الصحابة رأى هذه الصلاة الخفيفة الذي هو أسامة بن زيد الذي كان عنده، والآخر كأنه لم يتنبه لهذه الصلاة الخفيفة؛ لأنه انشغل بالتكبير والذكر والدعاء في ناحية من نواحي الكعبة، هكذا قال صاحب عون المعبود في التوفيق بين هذا وهذا.
أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الوارث ].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة قال: فأمر بها فأخرجت، فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قاتلهم الله أما والله لقد علموا أنهما لم يستقسما بها قط، قال : فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه) فقيل : كان ذلك دخولين صلى في أحدهما ولم يصل في الآخر، وهذه طريقة ضعفاء النقد، كلما رأوا اختلاف لفظ جعلوه قصة أخرى، كما جعلوا الإسراء مراراً لاختلاف ألفاظه، وجعلوا اشتراءه من جابر بعيره مراراً لاختلاف ألفاظه، وجعلوا طواف الوداع مرتين لاختلاف سياقه، ونظائر ذلك، وأما الجهابذة النقاد فيرغبون عن هذه الطريقة، ولا يجبنون عن تغليط من ليس معصوماً من الغلط ونسبته إلى الوهم.
قال البخاري وغيره من الأئمة: والقول قول بلال ؛ لأنه مثبت شاهد صلاته بخلاف ابن عباس ، والمقصود أن دخوله البيت إنما كان في غزوة الفتح لا في حجه ولا عمره، وفي صحيح البخاري عن إسماعيل بن أبي خالد قال: (قلت لـ
وقالت عائشة : (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع إلي وهو حزين القلب، فقلت: يا رسول الله! خرجت من عندي وأنت كذا وكذا، فقال: إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت، إني أخاف أن أكون قد أتعبت أمتي من بعدي) فهذا ليس فيه أنه كان في حجته، بل إذا تأملته حق التأمل أطلعك التأمل على أنه كان في غزاة الفتح، والله أعلم. (وسألته
الأمر واضح أنه دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح، وسبق أن ذكرت أن بعض أهل العلم قال: إن أسامة مثبت، وأن ابن عباس إذا كان دخل فإنه يكون قد انشغل مع النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم في نواحي البيت بالتكبير والدعاء، ثم النبي صلى الله عليه وسلم صلى ولم يره، لاسيما والباب كان مغلقاً، وليس هناك وضوح، فالمعتمد ما جاء عن بلال أنه صلى ركعتين، وما جاء عن ابن عباس إنما يدل على حسب علمه، ويمكن أن يكون كما قال بعض أهل العلم: إنه انشغل بالذكر والدعاء والتكبير والتهليل، ولم يطلع على ما اطلع عليه غيره، والمثبت مقدم على النافي، والله تعالى أعلم.
حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز عن علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فأدخلني في الحجر، فقال: صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت، فإن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت) ].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها، وأنها كانت تريد أن تصلي في الكعبة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيدها وذهب إلى الحجر وقال: [ (صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت، فإن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت) ].
وقد جاء في الحديث الصحيح (أنها قصرت بهم النفقة) فاقتطعوا جزءاً منه وأخرجوه وجعلوا هذا الجدار الدائري الذي حوله حتى يكون علامة على هذا الجزء المقتطع، وفي هذا دليل على أن الحجر -وليس الحجر كله وإنما جزء كبير منه-من الكعبة، وأن الصلاة فيه كالصلاة في الكعبة؛ لأنه جزء من الكعبة.
القعنبي وعبد العزيز مر ذكرهما، وعلقمة هو علقمة بن أبي علقمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أمه ].
هي مرجانة مقبولة، أخرج حديثها البخاري في جزء رفع اليدين وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقد مر ذكرها.
والحديث صححه الألباني ، ولعل له طرقاً تؤيد؛ لأن فيه هذه المرأة المقبولة.
حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن إسماعيل بن عبد الملك عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندها وهو مسرور، ثم رجع إلي وهو كئيب، فقال: إني دخلت الكعبة لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها، إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي) ].
قوله: [ باب: في دخول مكة ]. هناك ذكر الصلاة وهنا ذكر الدخول.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها وهو مسرور، ثم رجع إلي وهو كئيب، فقال: إني دخلت الكعبة، لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها، إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي) ].
يعني: أنهم قد يحرصون على دخولها ويحصل في ذلك مشقة عليهم، هذا هو المقصود من الحديث.
والحديث ضعفه الألباني .
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عبد الله بن داود ].
هو عبد الله بن داود الخريبي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن إسماعيل بن عبد الملك ].
إسماعيل بن عبد الملك صدوق كثير الوهم، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن عبد الله بن أبي مليكة ].
هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين وقد مر ذكرها.
الحديث ضعفه الألباني وفيه هذا الرجل الذي هو كثير الوهم، وقد يكون التضعيف بسببه.
أورد أبو داود حديث عثمان بن طلحة الحجبي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين دعاه: [ (إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين، فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي) ].
والقرنان قيل: إنهما قرنان حقيقيان، ولعل المقصود أنهما صورة قرنين داخل الكعبة، والرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يغطيهما.
والحديث صححه الألباني ، لكن فيه المرأة الأسلمية لا يعرف حالها.
ابن السرح هو أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ وسعيد بن منصور ].
سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
مسدد مر ذكره، وسفيان هو ابن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور الحجبي ].
منصور الحجبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن خاله ].
خاله هو مسافع بن عبد الله بن شيبة وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي .
[ عن صفية ].
صفية بنت شيبة هي صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت الأسلمية ].
الأسلمية لا تعرف، أخرج لها أبو داود وحده.
[ قلت لـعثمان ].
هو عثمان بن طلحة الحجبي صاحب رسول صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود .
[ قال: ابن السرح : خالي مسافع بن شيبة ].
يعني: أحد شيوخ أبي داود صرح باسمه في إسناده، وقد يكون الصحابي وقد يكون غيره، فقد كان الصحابة يروون عن بعضهم كثيراً، ويروون عن التابعين قليلاً، لكن الغالب أن يكون من الصحابة، ولعل هذا هو السبب الذي جعل الألباني يصحح الحديث.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الشيباني عن واصل الأحدب عن شقيق عن شيبة -يعني ابن عثمان - قال: (قعد
قوله: [ باب في مال الكعبة ].
يعني: المال الذي للكعبة، وهو ما يهدى إليها وما يوقف لها، هذا يقال له: مال الكعبة، والمقصود به المال الذي كان موجوداً فيها من قبل أن يفتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، كان فيها ذلك المال وتركه صلى الله عليه وسلم ولم يتعرض له، فأراد عمر رضي الله عنه أن يقسمه ويوزعه، فقال له شيبة بن عثمان : [ (ما أنت بفاعل، قال: لم؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى مكانه و
وقيل: إن مال الكعبة لا يوزع على الفقراء والمساكين؛ لأنه شيء مخصص، والأوقاف إنما يقتصر فيها على الشيء الذي وقفت له، وقيل: إن السبب في ترك ذلك أنهم كانوا حديث عهد بالجاهلية، والنبي صلى الله عليه وسلم ما فعل ذلك خشية أن يكون في نفوسهم شيء، مثلما ترك هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم كما جاء في حديث عائشة ، وفيه ذكر كنز الكعبة ومال الكعبة، وأنه تركه صلى الله عليه وسلم.
عبد الرحمن بن محمد المحاربي لا بأس به، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشيباني ].
الشيباني هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن واصل الأحدب ].
واصل الأحدب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شقيق ].
هو شقيق بن سلمة أبو وائل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هو شيبة بن عثمان الحجبي صحابي رضي الله عنه، أخرج له البخاري وأبو داود وابن ماجة .
حدثنا حامد بن يحيى حدثنا عبد الله بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي عن أبيه عن عروة بن الزبير عن الزبير رضي الله عنه قال: (لما أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لية حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في طرف القرن الأسود حذوها، فاستقبل نخباً ببصره وقال مرة: واديه، ووقف حتى اتقف الناس كلهم، ثم قال: إن صيد وج وعضاهه حرام محرم لله. وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره لثقيف) ].
أورد أبو داود باباً بدون ترجمة، وهذا قليل في استعمال أبي داود رحمه الله، فقليلاً ما يذكر باباً بدون ترجمة، والبخاري يستعمله في مواضع كثيرة، والباب الذي يكون بدون ترجمة يكون من الباب الذي قبله، وله تعلق به، ولكنه يميز كما تميز الفصول التي تكون داخل الباب، فهذا هو المقصود من ذكر الباب بدون ترجمة.
والباب الأول يتعلق بمال الكعبة، وأما هذا فيتعلق بتحريم وج وعدم قطع عضاهه، يعني: شجره، ووج هو واد بالطائف، والحديث غير صحيح وغير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هناك شيء محرم إلا مكة والمدينة فقط، وما سواهما فإنه ليس بمحرم، ولو صح يمكن أن يكون ذلك حمى ومنع منه في وقت معين، ولكن الحديث غير صحيح وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: (لما أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لية) ].
لية مكان معين معروف عندهم.
قوله: [ (حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في طرف القرن الأسود حذوها) ].
القرن الأسود قيل: إنه جبل صغير، يعني: أكمة صغيرة.
[ (فاستقبل نخباً ببصره) ].
نخب هو واد بالطائف.
[ (وقال مرة: واديه، ووقف حتى اتقف الناس كلهم) ].
يعني: حتى وصل الناس ووقفوا معاً، واتقف هي بمعنى وقف، وقف فاتقف.
قوله: [ (ثم قال: إن صيد وج وعضاهه حرام محرم لله) ].
وج واد بالطائف.
حامد بن يحيى ثقة، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عبد الله بن الحارث ].
عبد الله بن الحارث ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي ].
محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي لين، أخرج له أبو داود .
[عن أبيه].
وهو أيضاً لين، أخرج له أبو داود .
[ عن عروة بن الزبير ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزبير ].
هو الزبير بن العوام رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة والله تعالى أعلم.
الجواب: لا فرق في الاستحلال بين مسألة واحدة ومسائل كثيرة، فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله ولو في مسألة واحدة فإنه يكفر، وأما إذا كان غير مستحل فلا فرق بين كونه حكم بواحدة أو بألف أو بأربعة أو بعشرة وهو يعرف أنه مذنب وأنه مخطئ، فلا يكون كفراً.
الجواب: ليس عندي علم في هذا، ولكن لا شك أن وضع التمر مع النوى في مكان واحد مع الشيء الذي يؤكل لا يجعل النفوس ترغبه وتشتهيه، وإنما يكون النوى على حدة والتمر يكون على حدة، ولا يجمع بين النوى والتمر في مكان واحد، لكن ما أعلم حديثاً في هذا، ولكنه كما هو معلوم ليس بجيد من ناحية الآداب، ومن ناحية كون الإنسان يقذره، وقد يجعل بعض الناس لا ترغب نفسه أن يأكل من ذلك التمر الذي وضع عليه النوى.
الجواب: لا شك أن ذمته تبرأ بهذا.
الجواب: إذا كانوا تركوها ورموها فيمكن أن تؤخذ؛ لأن الشيء الذي تركه أصحابه ولا يريدونه لا مانع من أخذه، هذا إذا كان متحققاً أنهم تركوه.
الجواب: كون الإنسان يسرح بإبله وغنمه ويجعلها في أرض الحرم ويتردد في أرض الحرم لا شك أن هذا لا يجوز، وأما كون حيوان أو دابة ترتع ما فيه إشكال، وإنما الإشكال في كون الإنسان يتخذ من الحرم موطناً لرعي غنمه؛ لأنه بذلك يقضي على علف الحرم وعلى النبات الذي في الحرم.
الجواب: إذا كان الحيوان لا يؤكل ليس له أن يقتله، وإذا كان مأكول اللحم وهذا الجرح الذي فيه قد يؤدي إلى هلاكه وإلى أن يكون ميتة فيذبحه، لكن هذا لا يكون بمجرد أن فيه جرحاً يسيراً، وقد سبق أن مر بنا حديث فيما يتعلق بالهدي، وأن بعض الناس قد يقدم على ذبح الشيء الذي يؤكل لحمه، مع أن عنده قوة وعنده مناعة، والحديث مر بنا في سنن أبي داود وفي باب: الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ.
عن ابن عباس قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً
يعني: أنه إذا رخص له هو وأصحابه فيمكن إذا حصل فيها أي شيء أن يقدم على نحرها، لكن إذا كان ليس له فيها نصيب فمعناه أنه لا يذبحها إلا إذا خشي أن يحصل لها الهلاك وأن تكون ميتة.
الجواب: الشوك المؤذي يزال، لكن هل هو أشواك في شجر أو أنه شوك متناثر في الأرض؟
إذا كان متناثراً في الأرض فلا إشكال في إزالته، وأما إذا كان في شجر فالإنسان لا يقطع الشجر بل يتركه في مكانه.
الجواب: اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إن قراءة القرآن وإهداءها للأموات سائغة، ومنهم من قال: إن الأموات ينتفعون في حدود ما ورد، والذي ورد هو الصدقة والدعاء، وكذلك الصيام في حق من كان عليه صوم واجب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ، وأما الشيء الذي لم يرد فالأولى عدم فعله، ومن أراد أن ينفع موتاه فلينفعهم بالشيء الذي قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما الصدقة التي ينتفع بها الفقراء والمساكين، ويحصل ثوابها للأموات الذين أراد الإنسان أن يتصدق عنهم.
الجواب: (بائن من خلقه) يعني: أنه ليس حالاً في المخلوقات، ولا المخلوقات حالة فيه، هذا هو معناه، وهذا المعنى صحيح، فهذا كلام يوضح المعنى، وإضافته إلى الله عز وجل من باب الإخبار وليس من باب الصفات.
إذاً: فهذه العبارة عبارة صحيحة ومعناها صحيح، وليست صفة من صفات الله، وإنما هي إخبار عن الله بأنه ليس حالاً في المخلوقات.
الجواب: لا يقول شيئاً من ذلك، ولا يتلفظ بالنية، والتلفظ بالنية بدعة، وإنما ينوي بقلبه أنه يصلي الصلاة التي جاء من أجلها، فالإنسان عندما يسمع الأذان لصلاة العصر مثلاً، والمؤذن يقول: حي على الصلاة، يعني: تعالوا لصلاة العصر، فهو يتوضأ يريد بذلك الوضوء أن يصلي العصر، وكذلك يدخل المسجد ليصلي العصر، وإذا قامت الصلاة يريد صلاة العصر، فهو ينوي بقلبه أنه يصلي هذه الصلاة المكتوبة في هذا الوقت التي هي العصر، لكن لا يقول: نويت أن أصلي العصر أربعاً مقتدياً بهذا الإمام الله أكبر! هذه من الأمور المحدثة.
الجواب: يصح ذلك إن شاء الله، ولكن إذا كان قد رمى ويغلب على ظنه الوقوع في المرمى فإنه يكفيه، أما إذا كان يغلب على ظنه عدم الوقوع، وإنما الوقوع على رءوس الناس فهذا هو الذي يلزمه الإعادة.
وكونه تذكر أو ذكر بهذا الشيء الذي عليه فقضاه فلا يلزمه أنه يرجع ويرمي عن اليوم الحادي عشر وعن الثاني عشر، بل عليه هذا الشيء الذي فعله قضاءً، كما لو أنه نسي صلاة من الصلوات وبعد خمسة أيام تذكرها فإنه يقضيها فقط، ولا يقضي التي وراءها.
الجواب: هذا ليس بطيب، يعني: كون الإنسان يأخذ من ماء زمزم ويضيف إليه أضعافه هذا ما يقال له: ماء زمزم، وقد يكون الغالب هو ذلك الماء الذي ليس من ماء زمزم، فيكون ماء زمزم مغموراً ليس له أثر، فعلى الإنسان أن يتزود من ماء زمزم ويصطحبه إلى بلده وأن يهديه لغيره ولا يضيف إليه شيئاً، ولا يلزم أن يسقي الكثير من الناس إذا كان لا يستطيع، بل يسقي بعضهم، ولا يلزم أن يعطي الواحد حتى يروى بل يعطيه شيئاً قليلاً.
الجواب: الإنسان الذي أحصر ويجب عليه هدي ولا يستطيعه، يصوم عشرة أيام مكان الهدي.
الجواب: إذا كان الإنسان عنده مال ولم يحج فإن الحج أو نفقة الحج واجبة في ماله، ومقدمة على الميراث؛ لأن هذا دين، فيحج عنه من ماله، وإن لم يكن له مال وتصدق عنه وحجج عنه فهذا شيء طيب لا بأس بذلك، والإنسان الذي حج عن غيره بالمال إذا كان أخذ المال من أجل أن يذهب إلى مكة ويطوف بالبيت ويقف في المشاعر، ويدعو الله عز وجل في تلك الأماكن، فهذا شيء محمود، وإن كان قادراً على المال وعنده المال فالذي ينبغي له أن يحج بماله ولا يحج بمال غيره، لكن من كان قادراً على أن يشهد الموسم وأن يحج مع الناس، ولكن أخذ المال طمعاً فيه، فهذا حج ليأخذ، فالأخذ هو غاية والحج وسيلة، فهذا يكون مذموماً؛ لأنه حج من أجل الدنيا والباعث له على الحج الدنيا، فأحدهما محمود وهو من أخذ ليحج والثاني مذموم وهو من حج ليأخذ.
الشيخ: الإنسان له أن يحج عن غيره، أما أن يحج عن نفسه ويهب الثواب فلا، وإنما ينوي من الميقات أن الحج لفلان سواءً كان لأمه أو أبيه، فيكون الحج له وهو مأجور على كونه يحسن إلى غيره، ولكن كونه ينوي الحج عن نفسه ثم يهب الثواب لغيره فلا، وإنما عليه إذا أراد أن يحج عن غيره أن ينوي من الميقات بأن العمرة لأمه أو لأبيه أو لفلان بن فلان، فتكون له بهذه النية.
الجواب: هذا ليس بصحيح؛ لأن الحجر هو من البيت، وإسماعيل هو الذي بنى البيت هو وأبوه إبراهيم، والحجر داخل في البيت، فكيف يكون مدفوناً فيه؟! هذا غير صحيح.
الجواب: يمكن أن يقال: إن الإنسان لا يصلي في مكان أو في مسجد فيه قبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، وعن بناء المساجد على القبور، وقد قال ابن القيم في زاد المعاد: إنه لا يجتمع في دين الإسلام قبر ومسجد والحكم للسابق منهما؛ فإن كان القبر موجوداً أولاً وأتي بالمسجد وبني عليه يهدم المسجد، وإن كان المسجد مبنياً أولاً وأدخل الميت في المسجد ينبش الميت ويخرج من المسجد ويبقى المسجد كما كان، ولا يجمع بين المسجد والقبر.
والرسول صلى الله عليه وسلم حذر من اتخاذ القبور مساجد في آخر حياته قبل أن يموت بخمس، ثبت في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت
(ولما كان في النزع عليه الصلاة والسلام، طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها وقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وهذه أحاديث محكمة لا تقبل النسخ بحال من الأحوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قالها ومات، ولم ينزل وحي بعدها، فهو يقول: إن القبور لا تتخذ مساجد، بل هذا من آخر ما قاله صلى الله عليه وسلم في أواخر أيامه وأواخر لحظاته صلى الله عليه وسلم، فدل على أنه محكم لا يقبل النسخ بحال من الأحوال، بل هو حكم ثابت مستقر، هذا هو شأن هذه الأحاديث التي تتعلق باتخاذ القبور مساجد.
إذاً كل المساجد التي بنيت على القبور، أو دفن الموتى فيها لا يجوز اتخاذها مكاناً للصلاة.
نأتي إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ونقول: هل الرسول صلى الله عليه وسلم دفن في المسجد؟ وهل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بني على قبر؟
كان هناك قبور المشركين ولكنها نبشت وأخرجت، وكان له عليه الصلاة والسلام بيوت متميزة في شرق المسجد، والرسول صلى الله عليه وسلم لما توفي تشاور الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أين يدفنونه صلى الله عليه وسلم، فروى بعضهم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الأنبياء يدفنون حيث يموتون) أي: المكان الذي يموت فيه النبي يدفن فيه، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم مات في حجرة عائشة دفن في حجرة عائشة ، وكانت تلك الحجرة خارج المسجد، وكانت تحيض أم المؤمنين عائشة فيها، ويجامع أهله عليه الصلاة والسلام فيها، فهي ليست من المسجد، بل المسجد مستقل عن البيوت والبيوت مستقلة عن المسجد، فليس هذا المسجد مبنياً على قبر، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في المسجد وإنما دفن في بيته، وبقي الأمر على هذا الوضع، وبقيت الحجرات خارج المسجد في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وفي عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكذلك بقيت فترة من خلافة بني أمية، ثم إنه وسع المسجد وأدخل القبر في المسجد، فالصلاة فيه بألف صلاة، سواء دخل القبر أو لم يدخل.
فلا يجوز أن تترك الأحاديث المحكمة التي لا تقبل النسخ بحال من الأحوال، بسبب عمل حصل من بني أمية بعد زمن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، حيث قاموا بإدخال القبر في المسجد، ولا يجوز أن يتخذ هذا العمل حجة في مقابل الأحاديث المحكمة، وإنما المعول عليه الأحاديث المحكمة، وأما هذا المسجد فالصلاة فيه بألف صلاة سواءً دخل القبر فيه أو لم يدخل. فهذا هو الجواب عن هذه الشبهة التي يتشبث بها بعض الناس.
وينبغي على الناس أن يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دفن في المسجد، وأن المسجد مستقل، وإنما دفن في بيته، وبعد ذلك أدخل القبر في جملة المسجد، فالمعول عليه ليس فعل بني أمية وإنما المعول عليه الأحاديث المحكمة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، والتي لا تقبل النسخ بحال من الأحوال.
الجواب: أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالات هؤلاء أمرهم إلى الله عز وجل ويمتحنون يوم القيامة، ونتيجة الامتحان هي التي تكون النهاية مبنية عليها، إما يكون سعيداً وإما شقياً في ذلك الامتحان الذي يكون يوم القيامة، وقد ذكر العلماء الكلام على هذا في تفسير قول الله عز وجل: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15].
وأما الذين بلغتهم الرسالة وعندهم علم عن أخبار الرسل ولم يكونوا على منهاجهم وقد عبدوا الأصنام، فإن هؤلاء كفار، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن أباه في النار وذلك في الحديث الذي فيه: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أين أبي؟ قال: أبوك في النار، فرأى أنه تغير وتأثر، فقال: إن أبي وأباك في النار) والحديث في صحيح مسلم .
وكذلك أمه ماتت كافرة، (والرسول صلى الله عليه وسلم استأذن ربه أن يستغفر لها فلم يأذن له، ثم استأذن أن يزورها فأذن له) وزيارة الكفار جائزة ليس للدعاء لهم بل لتذكر الآخرة وتذكر الموت.
إذاً: كون الرسول صلى الله عليه وسلم استأذن أن يستغفر لأمه فلم يؤذن له يدل على أنها ماتت كافرة، وكذلك أبوه مات كافراً، وجده مات كافراً الذي هو عبد المطلب ، وكذلك أبو طالب لما عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرض موته الإسلام حيث قال: (يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، وكان عنده رجلان كافران -أحدهما أسلم والثاني مات كافراً- فقالا له: أترغب عن ملة
الجواب: الحج يصح، لكن لا يصلح أن يؤخر الطواف وهو ركن من أركان الحج؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، والركن لا يتم الحج إلا به، فليس للإنسان أن يؤخره، وأما إذا كان هناك ضرورة أو مرض أو ما إلى ذلك أو كان في المستشفى، ثم أتي به بعد ذلك وطاف محمولاً أو ماشياً فإنه لا بأس به.
وعلى كل فالطواف يصح منه في أي وقت؛ لأنه ليس له وقت مخصص، ولكن المبادرة إليه مطلوبة ولا ينبغي للإنسان أن يؤخره؛ لأنه إذا أخره أخر ركناً من أركان الحج، وقد يعرض له عارض فلا يكون قد حج.
الجواب: لم يأت عن النبي عليه الصلاة والسلام شيء يدل على هذا، وإنما جاء ما يدل على أن مكة هي أفضل البقاع، والرسول صلى الله عليه وسلم لما أخرج من مكة قال: (أما إنك أحب بلاد الله إلى الله، ولولا أنني أخرجت منك لما خرجت) فهذا يدل على أن مكة هي أحب البلاد إلى الله وأنها خير البقاع وأفضل البقاع، ولهذا الصلاة هناك بمائة ألف صلاة.
والجواب عن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بألف صلاة، والحديث الذي يذكر فيه فضل المدينة على مكة وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هاجر من مكة إلى المدينة قال: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلي فأسكني أحب البقاع إليك) فقالوا: هذا يدل على أن المدينة أفضل من مكة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أحب البقاع إلى الله).
أولاً: هذا يخالف الحديث الصحيح الذي سبق: (إنك أحب بلاد الله إلى الله)، فمكة هي أحب البلاد إلى الله وليست المدينة.
ثانياً: هذا الحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً من حيث المعنى هو فاسد؛ لأن هذا يقتضي أن يكون الأحب إلى الرسول غير الأحب إلى الله، والأصل أن ما كان أحب إلى الله فهو الأحب إلى رسول الله، ولا يقال: إن الله تعالى أحب إليه شيء والرسول يخالف ما يحبه الله فيكون الأحب إليه شيئاً آخر.
إذاً: الحديث الصحيح: (أما إنك أحب بلاد الله إلى الله، ولولا أنني أخرجت لما خرجت) والله تعالى يقول: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8]، ولهذا فُضِّلَ المهاجرون على الأنصار؛ لأن المهاجرين عندهم الهجرة وعندهم النصرة، ولهذا قال الله عز وجل: وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الحشر:8]، فعندهم المعنى الموجود في الأنصار وعندهم زيادة على ذلك وهي الهجرة، فكان المهاجرون رضي الله عنهم أفضل من الأنصار رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وعلى هذا فالتفضيل من الأمور التي يتقيد فيها بالنصوص الشرعية، والنصوص الشرعية جاءت بتفضيل مكة على المدينة، وقد صحت بذلك الأحاديث ومنها ما ذكرت، وأما الحديث الذي ذكرته والذي يخالف ذلك فهو حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: إذا كان لم يدخل عرفة ولا لحظة وكان خارج الحدود سواءً كان عامداً أو جاهلاً، ثم طلع الفجر من يوم النحر ولم يكن في عرفة؛ فإنه لم يقف بعرفة، وعلى هذا ليس له حج؛ لأن الحج لابد فيه من الوقوف بعرفة، ويكون ذلك في وقت الوقوف الذي ينتهي بطلوع الفجر من ليلة النحر، ولهذا من الأمور المهمة للحجاج -وهي من أهم المهمات- أن الواحد منهم يتحقق أنه بعرفة، وأن ينظر للبنايات التي كتب عليها بمختلف اللغات تحديد أرض عرفة، فيكون في داخلها ولا يقف خارجها، والوقوف يحصل ولو بلحظة إذا كان في أرض عرفة، فهذا الذي يسأل إذا تحقق أنه لم يكن داخل الحدود ولا لحظة واحدة فإنه لا يعتبر وقف بعرفة، ولا يعتبر قد حج في ذلك العام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر