حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء المعنى قالا: حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء -قال ابن العلاء: ابن علقمة بن عياش- عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر رضي الله عنه -قال ابن العلاء : البياضي - أنه قال: (كنت امرأً أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئاً يتايع بي حتى أصبح، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوت عليها، فلما أصبحت خرجت إلى قومي، فأخبرتهم الخبر، وقلت: امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قالوا: لا والله، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخبرته، فقال: أنت بذاك يا
زاد ابن العلاء : قال ابن إدريس : (بياضة): بطن من بني زريق ].
قوله رحمه الله تعالى: [ باب في الظهار ]، الظهار: هو أن يقول الرجل لزوجته: (أنتِ عليّ كظهر أمي) أي: كما أن أمه حرام عليه فإن زوجته تكون كذلك، وقيل: إن الظهار أخذٌ من الظهر وإضافته إلى الظهر، فقد كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، يظاهرون من نسائهم ويعبرون بالظهر ويقولون: أنت علي كظهر أمي، وكان يعتبر في الجاهلية طلاقاً، فجاء الإسلام فحرم ذلك، ووصفه بأنه منكر من القول وزور، وأن على من فعله كفارة، وأنه لا يعتبر طلاقاً، وهو لا يقيد بلفظ: (أنت علي كظهر أمي)، بل أي لفظ يؤدي هذا المعنى فإنه يكون ظهاراً، ولكنه أطلق عليه (ظهار) إضافة إلى الظهر، فكان ذلك من أجل بعض أحواله، وإلا فإنه لا يكون مقتصراً على تعليق ذلك بالظهر، وأن يقول: (أنتِ علي كظهر أمي).
وأورد أبو داود حديث سلمة بن صخر البياضي رضي الله عنه، وأنه كان شديد الرغبة في النساء، وأنه لما دخل رمضان ظاهر من امرأته مدة شهر رمضان، وهو يريد من ذلك أن يلزم نفسه بعدم قربانها وعدم الاتصال بها في الليل، لئلا يؤدي ذلك إلى أن يتصل بالنهار فيكون فعل ذلك في النهار، وكان منه أن حصل منه الجماع، فكان بذلك قد حصل منه الوقاع قبل أن تمضي المدة التي حددها، وهي مضي شهر رمضان، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي حصل له، فكرر عليه بقوله: [ (أنت بذاك؟!] يعني: أنت الذي وقعت بذاك؟! -مُنكراً عليه- فقال: [ (أنا بذاك يا رسول الله مرتين، وأنا صابر لأمر الله عز وجل..) ] فقال له: [ (اعتق رقبة) ] فقال: إنه لا يجد ولا يملك شيئاً إلا رقبته، وضرب بيده على صفحة عنقه،... إلخ الحديث.
وفي هذا الحديث دليل على أن الظهار تجب فيه الكفارة على هذا الترتيب المذكور في الحديث، وقد جاء ذلك في أول سورة المجادلة.
وفيه دليل أيضاً على أن التأقيت في الظهار وتحديد زمن معين له بأن يقول: أنت علي كظهر أمي إلى نهاية شهر رمضان أو إلى الليل أو إلى بعد يومين أو أكثر؛ أن ذلك يقع، وأنه يكون ظهاراً، وأن عليه أن يمتنع في تلك المدة التي حددها، والظهار قد يكون مطلقاً وليس مقيداً، كأن يقول: أنتِ علي كظهر أمي، ويطلق، كل ذلك يكون ظهاراً؛ ولكنه إذا كان مؤقتاً وصبر إلى نهاية المدة ولم يحصل منه جماع فيها فإن جمهور العلماء على أنه لا يكون عليه شيء؛ لأن التحريم حصل منه في مدة محددة وفي مدة معينة ولم يحصل منه شيء فيها، وأما إن حصل منه الوقاع فيها فإنه تكون عليه الكفارة كهذا الذي حصل لـسلمة بن صخر رضي الله عنه؛ لأنه وقع منه الجماع في تلك المدة التي حددها، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أوجب عليه الكفارة.
قوله: [ (يتايع بي حتى أصبح) ] يعني: أنه يحصل منه في الليل ثم يواصل حتى يدخل عليه النهار، فيكون مجامعاً في النهار، وإلا فإن المجامعة في الليل جاء القرآن بجوازها، قال الله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187]، وهو يخشى أنه يحصل منه الوصال والاستمرار في تلك المدة التي قد أبيحت له حتى يفعل ذلك بالنهار.
والذي يظهر لي أن هذه القصة بعد أن أحل الله الجماع في ليل رمضان؛ لأن سلمة كان يخشى فقط أن يستمر جماعه من الليل حتى يدخل النهار.
قوله: [ (فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوت عليها) ].
نزا عليها أي: جامعها.
وقوله: [ (فبينا هي تخدمني ذات ليلة) ].
من المعلوم أن المرأة هي التي تتولى شئون البيت، والرجل لا يقوم بشئون البيت، وإنما عليه السعي لتحصيل الرزق والإنفاق عليها، وهي التي تقوم بالطبخ، وهي التي تقوم بما يلزم للزوج، فالخدمة لازمة لها.
(أنت بذاك؟!) يعني: أنت الذي وقعت بهذا؟! وأنت الذي تلبست بهذا؟! فكرر ذلك عليه، وفي كل ذلك يجيب بأنه وقع بهذا وأنه تلبس به.
قوله: [ (قال: حرر رقبة) ] هذا يدل على الإطلاق في الرقبة، وأن أي رقبة يكون بها الكفارة، سواءً كانت صغيرة أو كبيرة أو على أي صفة كانت، ولو كان فيها عيب، إلا أن يكون زمِناً، أي: لا يستطيع الحراك، أو فيه مرض دائم لا يستطيع معه الحراك؛ فإن هذا لا يحصل به الكفارة؛ لأنه لا يستفيد من وراء تلك الحرية شيئاً، بل هو بحاجة إلى غيره، وبحاجة إلى من يعوله، وهو لا يعول أحداً، وأيضاً فيه إطلاق الكفارة كما جاء أيضاً مطلقاً في القرآن، وأنها ليست موصوفة بالمؤمنة، وقد جاء وصف الرقبة بأنها مؤمنة في كفارة القتل، فيكون المقصود بالرقبة هي المؤمنة التي يكون التكفير بها، ولا تكون مطلقة بحيث يكون الإعتاق لكافر أو لرقبة كافرة وإنما يكون لرقبة مؤمنة.
لعل هذه القصة كانت بعد قصة خولة بنت ثعلبة التي نزلت بشأنها سورة المجادلة، والتي جاءت أحكام الظهار في أول السورة، فتكون هذه القصة بعدها؛ لأن هذه ليس فيها ذكر سبب نزول، وإنما سبب النزول جاء في قصة خولة التي هي المجادِلة، فيكون الحكم موجوداً، والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن له ما جاء في القرآن، وليس فيه اجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فيه إخبار بما جاء في القرآن.
قوله: [ (قال: فأطعم وسقاً من تمر بين ستين مسكيناً، قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين ما لنا طعام) ].
يعني: جائعين ما لنا طعام، ولم نأكل شيئاً، فليس عندنا شيء ندفعه كفارة لإطعام ستين مسكيناً.
والوسق: ستون صاعاً كما مر في الزكاة: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)والخمسة أوسق: ثلاثمائة صاع، التي هي النصاب في الزكاة، وعلى هذا فيكون لكل مسكين صاع، ولكن كفارة الجماع في نهار رمضان جاء أنها خمسة عشر صاعاً، لكل مسكين مُد؛ لأن الصاع: أربعة أمداد، فيكون لكل مسكين مُد، وبعض أهل العلم قال: يكون لكل مسكين صاع أخذاً بهذا الحديث، وبعضهم قال: يخرج ثلاثين صاعاً، لكل مسكين نصف صاع، وبعضهم قال: يخرج خمسة عشر صاعاً لكل مسكين مُد.
والحديث الذي معنا حسن من جهة بعض الأحاديث الأخرى، وإلا فإن في سنده محمد بن إسحاق ، وهو مدلس، وقد روى بالعنعنة، وفيه أيضاً سليمان بن يسار وهو لم يدرك سلمة بن صخر .
والذي يبدو أن الإطعام لا يكون صاعاً؛ لأن هذا شيء كثير، وإنما يبدو أنه مد؛ لأن هذا هو الذي ثبت في كفارة الظهار في رمضان، وهو الذي جاء من طريق صحيح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن فيه خمسة عشر صاعاً، لكن أكثر الكفارات نصف صاع؛ لأنه جاء فيها تنصيص، وهذه أيضاً جاء فيها: خمسة عشر صاعاً في كفارة الظهار في رمضان، أي: لكل مسكين مُد.
قال ابن العلاء : قال ابن إدريس : (بياضة): بطن من بني زريق ].
ومعنى أنه قال: هو البياضي في أول السند، أي: محمد بن العلاء أبو كريب قال في روايته: البياضي زيادة على رواية عثمان بن أبي شيبة ، حيث ذكر فيها: سلمة بن صخر فقط، ومحمد بن العلاء زاد: البياضي ، ثم بعد ذلك بيّن أن (بياضة) بطن من بني زريق، وقد ذهب إليهم سلمة وهم قومه، والرسول صلى الله عليه وسلم أحاله عليهم ليعطوه زكاتهم.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فإنه أخرج له في (عمل اليوم والليلة).
[ ومحمد بن العلاء ].
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ المعنى ] يعني: الرواية متفقة بالمعنى مع الاختلاف في الألفاظ.
[ عن ابن إدريس ].
هو عبد الله بن إدريس الأودي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق يدلس، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن عمرو بن عطاء ].
محمد بن عمرو بن عطاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وقال ابن العلاء : ابن علقمة بن عياش ].
يعني: محمد بن العلاء زاد في نسبه وقال: محمد بن عمرو بن عطاء بن علقمة بن عياش ، هكذا قال محمد بن العلاء ، وأما عثمان بن أبي شيبة فإنه قال: محمد بن عمرو بن عطاء فقط.
[ عن سليمان بن يسار ].
سليمان بن يسار ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن صخر ].
سلمة بن صخر صحابي، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ قال محمد بن العلاء : البياضي ].
الإضافة: إلى سلمة بن صخر .
قال أبو داود في هذا: إنها كفّرت عنه من غير أن تستأمره.
قال أبو داود : وهذا أخو عبادة بن الصامت رضي الله عنه ].
أورد المصنف حديث خويلة بنت مالك بن ثعلبة وهي التي نزلت في قصتها سورة المجادلة، وآيات الظهار، وبيان الفرض الذي فيها، وهو الكفارة: يُفرض عتق رقبة، ثم إذا لم يجد فيصوم شهرين متتابعين، وإذا لم يستطع يطعم ستين مسكيناً.
فامرأة أوس بن الصامت -وهو أخو عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهما- جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته أنه ظاهر منها، فنزلت عند ذلك أول سورة المجادلة، فأخبرته أنه لا يستطيع أن يعتق رقبة، وأنه أيضاً لا يستطيع الصوم؛ لأنه شيخ كبير، وأنه كذلك لا يستطيع أن يطعم ستين مسكيناً؛ لأنه لا يملك شيئاً.
فجيء النبي صلى الله عليه وسلم بعرق أو مكتل فأعطاه إياها فقالت: إنها أيضاً تعينه بعرق آخر فقال: أحسنتِ؛ لأنها ستُخرج ذلك عنه، وبعد ذلك تذهب إليه ويعودان على ما كانا عليه، وأنه لا يجوز لهما الالتقاء وأن يحصل منهما التماسُّ إلا بعد أن تحصل الكفارة، وأن تنفذ الكفارة كما جاء في القرآن: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3] يعني: أنه لا يتم الرجوع إلى النكاح وإلى الاستمتاع فيما بينهما إلا بعد أن توجد الكفارة.
قوله: [ عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة ].
هي: خولة ، ويقال: خويلة ، ويأتي ذكرها خولة أو خويلة تصغير خولة ، أي: تأتي بالتكبير وبالتصغير.
قوله: [ قالت: (ظاهر مني زوجي
أي: تشكو الذي حصل منه، وأن بينهما العشرة طويلة ومع ذلك حصل منه هذا الشيء، وكان الظهار موجوداً عندهم في الجاهلية، وكانوا يعدونه طلاقاً كما ذكرتُ آنفاً، والإسلام لم يعتبره طلاقاً، وإنما أوجب فيه كفارة، ثم يعودان إلى ما كانا عليه قبل الظهار.
أما في الجاهلية فقد كانوا يطلقون ثم يراجعون، وهكذا يستمرون إلى غير نهاية، فكأنها فهمت أنه مثلما كان في الجاهلية قد حصل الطلاق، ولذلك جاءت تشتكي.
قالت: [ (ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجادلني فيه ويقول: اتقي الله فإنه ابن عمك، فما برحت حتى نزل القرآن: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] إلى الفرض) ] قولها: (إلى الفرض) أي: الذي فرضه الله عز وجل، وهي الكفارة: عتق رقبة، فإن لم يجد فيصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فيطعم ستين مسكيناً.
قوله: [ (فقال: يُعتق رقبة، قالت: لا يجد، قال: فيصوم شهرين متتابعين، قالت: يا رسول الله! إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فليطعم ستين مسكيناً، قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأُتي ساعتئذٍ بعرق من تمر) ]. العرق هو: المكتل.
قوله: [ (قلت: يا رسول الله! فإني أعينه بعرق آخر) ].
الظاهر أن ذاك العرق ما يكفي الستين مسكيناً؛ لأنها قالت: ستعينه بمثله.
قوله: [ (قال: قد أحسنتِ، اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكيناً، وارجعي إلى ابن عمك) قال: والعرق ستون صاعاً ].
قوله: [ والعرق ستون صاعاً ]: هذه جملة تفسيرية خارجة عن الحديث، ولذلك فإن الشيخ الألباني رحمه الله ذكر أن الحديث حسن إلا هذه الجملة.
قوله: [ قال أبو داود في هذا أنها كفّرت عنه من غير أن تستأمره ].
أي: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاها هذا المقدار وهي أضافت مثله، لكن كونها لم تستأمره لا يُجزم به؛ لأنه يجوز أنها تكون أخبرته وأنها أعلمته، لأنها قالت: تعينه بعرق آخر، فهذا معناه أن الكفارة لازمة له، ويحتمِل -كما قال أبو داود - أنها فعلت هذا من غير أن تستأمره، ويحتمل أيضاً أنها قد أبلغته ولكنها هي التي تولت المهمة وراجعت وحصلت من النبي صلى الله عليه وسلم ما حصلت، وأضافت إليه ما أضافت.
[ قال أبو داود : وهذا أخو عبادة بن الصامت ].
هذا توضيح لهذا الرجل الذي هو أوس بن الصامت ، فهو أخو عبادة بن الصامت الصحابي المشهور صاحب الأحاديث الكثيرة الذي يأتي ذكره كثيراً في الأحاديث.
هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا يحيى بن آدم ].
هو يحيى بن آدم الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله بن حنظلة ].
الاثنان عبد الله بن إدريس ومحمد بن إسحاق مرّ ذكرهما، ومعمر بن عبد الله بن حنظلة مقبول، أخرج حديثه أبو داود .
[ عن يوسف بن عبد الله بن سلام ].
يوسف بن عبد الله بن سلام صحابي صغير، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن، وأبوه عبد الله بن سلام هو الصحابي المشهور.
[ عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة ].
خويلة بنت مالك بن ثعلبة صحابية، خرَّج حديثها أبو داود .
والكفارة تلزم بحصول الظهار ولو لم يحصل جماع في تلك المدة، فالجماع لا يكون إلا بعد الكفارة، وفي قصة سلمة بن صخر حصل منه الجماع قبل مضي المدة التي حددها لنفسه فلزمته الكفارة، والتماسُّ بينهما -الذي هو الجماع والاستمتاع- لا يكون إلا بعد أداء الكفارة؛ ولكن إذا كانت المدة محددة بأن يقول: (أنت علي كظهر أمي) إلى الليل، ثم لم يقربها حتى جاء الليل فهذا لا يلزمه شيء، ولكن لو جامع قبل انتهاء المدة المحددة لزمته الكفارة، مثلما حصل لـسلمة بن صخر ، فإنه لزمه؛ لأنه حصل منه الجماع قبل انتهاء المدة، لكن إذا كان الظهار مطلقاً فإنه لا جماع ولا التقاء بينهما بالاستمتاع إلا بعد التكفير، كما قال الله عز وجل: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3].
وإن جامع المظاهر قبل أن يكفر فلا تلزمه كفارة أخرى؛ لأن سلمة بن صخر الذي مرت قصته جامع قبل انتهاء المدة ولم تلزمه كفارة ثانية فوق كفارة الظهار، وهذه الكفارة مثل كفارة من جامع في نهار رمضان.
ومن لم يجد هذه الثلاث الكفارات فلا تسقط عنه الكفارة، وإنما تبقى ديناً في ذمته كسائر الحقوق التي تلزم الناس، وآخر شيء الإطعام، فيلزمه على الترتيب حيث كان قادراً، وإذا كان وقت اللزوم لا يستطيع هذا ولا هذا ولا هذا فإن الكفارة لازمة في ذمته.
قال أبو داود : وهذا أصح من حديث يحيى بن آدم ].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه تفسير العَرَق بأنه مكتل يسع ثلاثين صاعاً، أي: بخلاف الحديث الذي قبله، فإن فيه ستين صاعاً، ويظهر أن أبا داود يرجح هذه الرواية على التي قبلها.
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني ].
عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا محمد بن سلمة ].
وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن إسحاق بهذا الإسناد ].
ابن إسحاق مر ذكره وذكر من فوقه.
أورد المصنف هذا الأثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وهو أن العرق زنبيل يسع خمسة عشر صاعاً، وهذا موقوف أو مقطوع ينتهي إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وإسناده صحيح.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبان ].
أبان هو: ابن يزيد العطار ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود الحديث، وفيه: أنه أعطاه فرقاً يسع قريباً من خمسة عشر صاعاً، وقال: (تصدق به، قال: يا رسول الله! على أفقر مني ومن أهلي؟ قال: كله أنت وأهلك)، وهذا لا يدل على سقوط الكفارة، وإنما يدل على أنه فقير محتاج وأنه أعطي هذا المقدار لا لأنه أخذه كفارة يتصدق به على نفسه؛ لأن كفارة الإنسان لا تكون عليه وإنما تكون لغيره، وهو أعطاه لفقره، ومعلوم أن الكفارة بقيت في ذمته إلى أن يحصل له اليسار والجدَة، فهذا الذي أعطاه إياه لا يعتبر كفارة، وإنما لما أخبر بأنه محتاج فبدلاً من أن يعطيه لغيره وهو أحوج ما يكون إليه أعطاه إياه ليستفيد منه لا لأنه كفارة؛ لأن الكفارة تكون منه لغيره، والكفارة باقية في ذمته.
هو أحمد بن عمرو بن السرح ، ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن لهيعة وعمرو بن الحارث ].
هو: عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق ساء حفظه لما احترقت كتبه، ورواية العبادلة عنه كانت قبل اختلاطه بعد احتراق كتبه، وهذه الرواية هي من هذا القبيل؛ لأن الراوي عنه هو أحد العبادلة الأربعة عبد الله بن وهب ، ثم أيضاً لم ينفرد بهذه الرواية بل معه عمرو بن الحارث المصري فيها، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بكير بن الأشج ].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان بن يسار ].
هو سليمان بن يسار ، وقد مر ذكره.
قال أبو داود : وعطاء لم يدرك أوساً وهو من أهل بدر قديم الموت، والحديث مرسل، وإنما رووه عن الأوزاعي عن عطاء أن أوساً ].
أوس بن الصامت هو زوج خولة بنت ثعلبة التي مر ذكرها، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه خمسة عشر صاعاً لإطعام ستين مسكيناً، فيكون لكل مسكين مُد، وهذا المقدار هو الذي يتفق مع كفارة المجامعة في نهار رمضان.
وقوله: [ قرأت على محمد بن وزير المصري قلت: حدثكم فلان ]، هذه الصيغة قليلة الوجود في سنن أبي داود ، أي: أن يقول: حدثكم فلان عن فلان عن فلان عن فلان كذا، وهي تأتي في صحيح مسلم كثيراً، وتأتي عند النسائي أيضاً كثيراً، ولها حالتان عند المحدثين:
إحداهما: في آخر الحديث يقول: حدثكم فلان عن فلان عن فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا، فأقر به. أي: جواب الاستفهام في قوله: حدثكم.
وأحياناً لا يأتي ذكر (أقر به) ولكنه يكون مقراً به، ويتركون ذلك على سبيل الاختصار، وهذا ليس فيه: (قال: نعم) أو (فأقر به) أي: في آخر الإسناد، وهذا -كما سبق- قليل عند أبي داود .
محمد بن وزير المصري مقبول، أخرج له أبو داود .
[ حدثكم بشر بن بكر ].
بشر بن بكر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عطاء ].
هو ابن أبي رباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أوس ].
هو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت ، صحابي، أخرج حديثه أبو داود .
المرسل هنا هو بالمعنى العام الذي هو مشهور باصطلاح الفقهاء، حيث إن الحديث المرسل في اصطلاح الفقهاء: أن يروي شخص عن آخر لم يدركه في أي مكان من السند، فيقال له: عند الفقهاء إرسال.
وأما المرسل في اصطلاح المحدثين: هو: قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فيكون الانقطاع هو سقوط الراوي الذي فوق التابعي، فالمرسل عند الفقهاء أوسع من الاصطلاح المشهور عند المحدثين.
والمصنف ذكر المرسل هنا بالمعنى العام عند الفقهاء الذي هو كون الراوي يروي عمن لم يدركه فيقال له: مرسل، ولذا يقال: فلان يرسل.
أورد المصنف قصة أوس بن الصامت ، وذكر هنا أن زوجته جميلة ، وقد مر أن زوجته خولة أو خويلة ، ولعلها ذُكرت هنا بوصف من أوصافها، وهناك ذكرت باسمها، وإلا فإن القصة واحدة.
قوله: [ (وكان رجلاً به لمم) ].
قيل: إن المقصود باللمم: الحاجة إلى النساء، وقيل: اللمم: الغضب والانفعال، وأنه إذا أصابه ذلك ظاهر منها، والذي يظهر أن هذا هو المعنى الصحيح أي: أنه يغضب وأنه يظاهر منها؛ لأنها قد أخبرت أنه شيخ كبير، فهو لم يحصل له مثلما حصل لـسلمة بن صخر الذي يقول: إن عنده ما ليس عند غيره من الحاجة إلى النساء، فالذي يظهر أن اللمم هنا: أنه إذا حصل له غضب أو انفعال ظاهر من زوجته.
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه انقطاع، فهو مرسل.
قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ].
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن الفضل ].
هو: أبو النعمان عارم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عُرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا الأثر مرسل عن عكرمة ، ويبدو أنه يتعلق بقصة سلمة بن صخر الذي واقع امرأته قبل أن يكفر، وكان سبب ذلك أنه رأى بياض ساقها في القمر فواقعها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره باعتزالها حتى يكفر، وهذا دليل على أنه لا تلزمه كفارة أخرى بسبب الوطء قبل انتهاء مدة الظهار، والواجب على من ظاهر أن يعتزل امرأته حتى يكفر، حتى ولو كان معدماً لا يستطيع أن يكفر فإنه يصبر حتى يجد الكفارة؛ لأن الله قال: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3].
إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ثقة، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا سفيان ].
هو ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الحكم بن أبان ].
الحكم بن أبان صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هذا مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا الزعفراني ].
هو الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن سفيان بن عيينة عن الحكم بن أبان عن عكرمة ].
قد مر ذكرهم.
أورد المصنف الحديث متصلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ ولم يُذكر الساق ]، ويقصد بالساق أي: أن الذي دفعه إلى ذلك أنه رأى ساقها فأعجبه فوقع عليها.
قوله: [ حدثنا زياد بن أيوب ].
زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا إسماعيل ].
إسماعيل بن علية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس ].
مر ذكرهم إلا ابن عباس ، وهو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وواحد من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف الحديث هنا من طريق أخرى، وأحال إلى حديث سفيان بن عيينة المتقدم.
قوله: [ حدثنا أبو كامل ].
هو أبو كامل الجحدري الفضيل بن حسين ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ أن عبد العزيز بن المختار حدثهم ].
عبد العزيز بن المختار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا خالد ].
هو: ابن مهران الحذاء ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني محدث ].
هو مبهم، حيث لم يُسمّه.
[ عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ].
أي: أنه مرسل.
أورد المصنف الحديث هنا من طريق أخرى، وهو كذلك منتهٍ إلى عكرمة ، فهو من قبيل المرسل.
[ قال أبو داود : وسمعت محمد بن عيسى ].
محمد بن عيسى هو: الطباع ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا المعتمر ].
هو المعتمر بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد المصنف الحديث هنا من طريق أخرى مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمعنى ما تقدم.
[ قال أبو داود : كتب إلي الحسين بن حريث ].
هو الحسين بن حريث المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ أخبرنا الفضل بن موسى ].
هو الفضل بن موسى المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس ].
قد مر ذكرهم.
الجواب: ألفاظ الظهار: كأن يقول: (أنتِ علي كظهر أمي) أو (كبطن أمي) أو (كأمي) أو أي لفظ يدل على هذا المعنى، ومثل ذلك محارمه، مثل: (كظهر أختي) أو (حرام علي كأختي) أو كأي امرأة من محارمه فإنه كذلك ظهار، ولا يختص الحكم بالأم، ولا يختص بعضو معين لمحارمه كالظهر أو نحوه، فلو ذكر أي شيء من جسم المرأة مثل: ظهرها أو بطنها أو ما إلى ذلك فإنه يقع الظهار.
الجواب: المرأة لا تطلِّق ولا تظاهِر، فليس لها طلاق ولا مظاهرة.
الجواب: كيف لم ينكر؟! أما قال: (أنت بهذا؟! أنت بهذا؟!) يكرر عليه؟! وهذا إنكار، وقد جاء في القرآن أنه منكر من القول وزور، وهو محرم، فكيف يقال: إنه جائز؟!
الجواب: يجوز، لكن كونه يعطيهم شيئاً من الطعام يستفيدون منه أولى، وإن جمعهم وأطعمهم فإنه يجزئه.
الجواب: هذه المسألة اختلف فيها العلماء:
منهم من قال: يتعين أن يستوعب ستين مسكيناً، بمعنى: أنه لا بد أن تكون هذه الصدقة توزَّع على ستين شخصاً.
ومنهم من قال: إنه يجوز أن يطعم عشرة مساكين ست مرات، فيكون كأنه أطعم ستين مسكيناً.
والقول الأول عزاه في عون المعبود إلى مالك والشافعي ، والقول الثاني عزاه إلى أبي حنيفة ، وبلا شك أنه إذا أطعم ستين مسكيناً بدون أن تكون الكفارة متكررة مع بعض المساكين فهو أولى، لكن إذا لم يتيسر تحصيل ستين مسكيناً فإنه لا بأس أن يطعم جماعة من المساكين بعدد ما يكون به استيعاب الكفارة.
الجواب: الصاع هو: ثلاثة كيلوات، والصاع أربعة أمداد، فالمدّ ربع الصاع، إذاً: المد أقل من كيلو.
الجواب: نعم، يمكن أن يتولاها غيره في الحياة وبعد الموت، وبعد الموت لا تعتبر لازمة على الورثة، ولكنها مجزئة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ولا يلزمه، ولكنه إذا صام عنه فإنه يكون أدى ما عليه.
الجواب: يُرجع في هذا إلى المرور.
الجواب: لا شك أن هذا العمل من الأعمال السيئة التي فيها تنفير القلوب وإيجاد الوحشة، وهذا لا يسوغ، ولكن لا يقال: إن هذا فيه خلع للبيعة، وإنما هذا عمل منكر وعمل لا يسوغ، ويمكن أن يؤدي إلى الخلع للبيعة من ناحية تنفير القلوب وحصول التشويش وتأليب الناس؛ فتحصل الفتن بسبب ذلك.
الجواب: اختلف العلماء في هذا:
منهم من قال: إن التماسَّ إنما يكون بالجماع.
ومنهم من قال: إنه يكون بكل استمتاع.
والذي يظهر أنه ليس له أن يستمتع منها أي استمتاع حتى يكفِّر.
الجواب: لا شك أن كبر السن من الأسباب، كما قالت المجادلة عن زوجها: إنه كبير السن كما في حديث خولة ، ومنها: أن يكون فيه مرض لا يستطيع معه الصيام.
الجواب: ليس له ذلك، والذين حضروا كثير منهم ليسوا مساكين، بل حتى ولو كانوا مساكين فما يصح أن تكون الوليمة هي الكفارة؛ لأن الوليمة سبب للعرس، وأما الكفارة فهذه جزاء عن الخلل الذي حصل منه.
الجواب: نعم يعتبر، إذا كان لا يستطيع وليس له قدره على كبح شهوته، مثلما جاء في قصة سلمة .
الجواب: ليس للمخطوبة أن تصور نفسها، وليس لها أن تدفع الصورة إلى من يخطبها، بل إن تيسر له أن يراها سواء كان عن طريق المشاهدة -مع التستر ولا يبدو إلا وجهها ويداها- أو عن طريق النظر إليها من شباك أو من فتحة باب أو ما إلى ذلك، وأما قضية التصوير ودفع الصور فهذا لا يصلح ولا يليق، بل يُخشى أن يحتفظ الخاطب بالصورة ويخرج منها نسخاً وتُنشر، وهذا لا يصلح ولا يجوز.
الجواب: الذي حصل أنه أخبر وهو يبحث عن الحكم لأنه مستفتٍ؛ لكن ليس فيه ذكر كيفية الجماع وكيفية الاستمتاع وما إلى ذلك، وإنما ذكر الذي حصل له، وليس فيه التحدث بما حصل بين الزوجين، والحديث ليس فيه شيء من هذا، وإنما فيه أنه رآها وأعجبته ووقع عليها، وقد كان ظاهر منها مدة شهر.
وأما قوله: إنه لا يصبر على ما يصبر غيره، وإن عنده قوة، فهذا فيه بيان السبب الذي جعله يقدم على ما أقدم عليه، وهذا من باب الاعتذار بأنه شديد الشهوة، وليس فيه التحدث عن كيفية جماعه، وإنما هو يخبر عن حاله مستفتياً وأنه لم يصبر هذه المدة التي ظاهر منها، وهي مدة شهر رمضان.
الجواب: ليسوا من أهل السنة والجماعة؛ ولكنهم أقرب من غيرهم إلى أهل السنة والجماعة، وإلا فأهل السنة والجماعة هم الذين كانوا على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعلوم أن عقيدة الأشاعرة لا يعرفها الصحابة، ولم تكن وجدت في زمن الصحابة، وإنما نبتت بعد الصحابة، فهل يعقل أن يكون هذا خيراً فات الصحابة وادُّخر لمن جاء بعدهم؟! لا يعقل، فالصحابة هم أولى الناس بكل خير، وهم أسرع الناس إلى كل خير، وهم أحرص الناس على كل خير.
فعقيدة الأشاعرة عقيدة نابتة، وخير هذه الأمة لا يعرفونها، والعقيدة التي فيها الفلاح: هي التي كان عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال مالك : لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها، وقال: ما لم يكن ديناً في زمن محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه لا يكون ديناً إلى قيام الساعة.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) وعقيدتهم لم تأتِ عن الرسول ولا عن الخلفاء الراشدين، وقال: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي).
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر