حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: طُلقت خالتي ثلاثاً، فخرجت تجد نخلاً لها فلقيها رجل فنهاها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال لها: (اخرجي فجدي نخلك، لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيراً) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في المبتوتة تخرج بالنهار، أي: أن المطلقة المبتوتة في حال عدتها تخرج في النهار دون الليل، وأورد في ذلك حديث جابر رضي الله عنه أن خالته طلقت ثلاثاً، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تستفتيه في الخروج نهاراً من أجل جداد نخلها، والجداد هو: قطع التمر، فقال لها الرسول: (اخرجي إلى نخلك؛ لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيراً) وهذا يدل على جواز الخروج للمطلقة المبتوتة في النهار دون الليل، وأما المطلقة الرجعية -كما هو معلوم- فهي زوجة تكون في بيت زوجها كحالتها قبل أن يحصل لها الطلاق، أي: أنها لا تخرج إلا بإذنه، وأما المطلقة المبتوتة فلا علاقة له بها، فشرع لها أن تخرج في النهار دون الليل.
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يحيى بن سعيد ].
يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح المكي ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: أخبرنا أبو الزبير ].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمعتدة المبتوتة يلزمها البقاء في البيت كالمعتدة في الوفاة، ولا تخرج إلا بالنهار، هذا هو مقتضى حديث جابر هذا.
حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240]، فنسخ ذلك بآية الميراث بما فرض لهن من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشراً) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب نسخ متاع المتوفى عنها زوجها بما فرض لها من الميراث، والمتاع: هو أن يصير لها نفقة وأن تعطى شيئاً مدة عدتها، فنسخ ذلك بما جعل لها من الميراث؛ لأن الميت إذا مات فإنه بمجرد موته ينتقل المال إلى الورثة وهي من جملتهم، فهي تنفق على نفسها من ميراثها، ولا ينفق عليها من رأس المال، وإنما كلٌّ له حقه، وحقها من الميراث هو الربع أو الثمن، فتنفق على نفسها من ذلك، والمتاع الذي كان يوصى به من أنه ينفق عليها منه طيلة عدتها نسخ بآية المواريث، كما أن الاعتداد بالحول الكامل جاء نسخه بالاعتداد بأربعة أشهر وعشر، وهذا مما جاء فيه الناسخ متقدماً على المنسوخ في الذكر وفي التلاوة؛ لأن آية: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]، متقدمة على آية: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240]، فنسخ الله ذلك بآية الميراث.
وقوله: (بما فرض لهن من الربع والثمن) يعني: أن الزوجات فرض لهن الربع والثمن ينفقن على أنفسهن منه، ولا يلزم أن ينفق عليهن من رأس المال مدة العدة.
وقوله: (ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشراً)، أي: نسخ كونها تعتد حولاً كاملاً إلى أن تكون العدة أربعة أشهر وعشراً فقط.
والمتوفى عنها زوجها لا نفقة لها ولا سكنى إلا إذا كانت مثلاً في بيت زوجها فتعتد في بيت زوجها، ولا يستأجر لها من رأس المال، فحيث يكون له بيت وهي ساكنة فيه فإنها تمكث فيه أربعة أشهر وعشراً.
هو أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود .
[ قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد ].
علي بن الحسين بن واقد صدوق يهم، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو حسين بن واقد ، وهو ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد النحوي ].
هو يزيد بن أبي سعيد النحوي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) وأصحاب السنن.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
وهو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنهما أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة: قالت زينب : دخلت على أم حبيبة رضي الله عنها حين توفي أبوها أبو سفيان رضي الله عنه فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً).
قالت زينب : ودخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً).
قالت زينب : وسمعت أمي - أم سلمة رضي الله عنها- تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: لا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما هي أربعة أشهر وعشراً، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)، قال حميد : فقلت لـزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طائر- فتفتض به، فقلَّما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره.
قال أبو داود : الحفش: بيت صغير ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب إحداد المتوفى عنها زوجها، وإحداد المرأة هو: امتناعها من الطيب ومن الزينة في مدة العدة، وزمن العدة هو أربعة أشهر وعشر إذا كانت حائلاً -أي: غير حامل- ووضع الحمل إذا كانت حاملاً سواء طالت المدة أم قصرت، وإن كانت غير حامل فإنها تعتد بأربعة أشهر وعشر.
وأورد أبو داود حديث زينب بنت أبي سلمة رضي الله تعالى وفيه أن حميد بن نافع يروي عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة، قالت زينب : دخلت على أم حبيبة حين توفي أبوها أبو سفيان فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً).
فهذا هو الحديث الأول من الأحاديث الثلاثة التي حدثت بها زينب بنت أبي سلمة رضي الله تعالى عنها، وفِيه: أن أم حبيبة تفعل هذا الفعل ليس من أجل أنها ترغب في أن تستعمل الطيب، وإنما من أجل أن تبتعد عن الشيء الذي فيه مخالفة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الإحداد والامتناع من الطيب، فهي تقصد بذلك تنفيذ وتطبيق السنة، وأنها لا تكون محدة وممتنعة من الزينة والطيب من أجل ميت غير الزوج؛ لأن الزوج هو الذي يحد عليه أربعة أشهر وعشراً، فتمتنع المرأة من الزينة ومن الطيب فيها، وأما غيره فليس لها أن تزيد على الثلاثة أيام التي هي أيام الحزن والمصيبة التي حلت بأهل الميت.
وقوله: (تؤمن بالله واليوم الآخر) ذكر فيه الإيمان بالله عز وجل لأنه هو الأساس، وذكر الإيمان باليوم الآخر لأنه يوم الجزاء والحساب.
وفيه: التنبيه على امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فالإنسان أمامه ثواب وعقاب، فيستعد لذلك اليوم من امتثال الأوامر واجتناب النواهي، لذلك نصّ على الإيمان باليوم الآخر مع الإيمان بالله، والإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر هما من أصول الإيمان الستة وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره فقوله: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر) هذا فيما يتعلق بالنواهي، ويأتي أيضاً في الترغيب: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)، فذكر اليوم الآخر من أجل الترغيب ومن أجل تحصيل الثواب، ويذكر في الترهيب من أجل الحذر من العقاب.
وفيه: بيان أن العدة هي أربعة أشهر وعشر، وأن الإحداد إنما يكون أيضاً في العدة، ومن المعلوم أن العدة والإحداد إنما يبدأان من الوفاة، فلو لم تعلم المرأة بوفاة زوجها إلا بعد أن تمضي مدة من العدة فإنها تعتد الباقي، ولو لم يأت الخبر إلا بعد أربعة أشهر وعشر فإنها تكون قد مضت عدتها ولا يلزمها أن تأتي بعدة جديدة، فالعدة هي أربعة أشهر وعشر من وفاة الزوج سواء عُلم بذلك أو لم يعلم، وإذا كان قد مضى بعض الوقت فإنها تعتد الباقي، أي: تجلس المرأة الباقي وتمتنع من الطيب والزينة في الباقي، ولو خرجت من العدة قبل أن تعلم بوفاة الزوج فإن العدة تكون قد انتهت ومضت.
وقوله: [ قالت زينب : ودخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً) ].
فهذا الحديث كما أنه جاء عن أم حبيبة فقد جاء أيضاً عن زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، إذاً فقد جاء عن اثنتين من أمهات المؤمنين.
وقولها: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر) هذا فيه بيان أنه قاله على المنبر، وهذا يدل على إعلان السنن وتبيينها على المنابر وفي الخطب كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
وقوله: [ قالت زينب : وسمعت أمي أم سلمة تقول: (جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول: لا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هي أربعة أشهر وعشر) ].
وسبب منعها من الاكتحال أن الكحل من الزينة وعليها أن تجتنب الزينة، فإذا كان هناك علاج بغير الزينة فلا بأس به، فالمحذور هو أن تعالجها بشيء من الزينة كالكحل، فدل هذا على أن المرأة تجتنب الزينة ولو كان ذلك لحاجة ولأمر يقتضيه.
ثم قال: (إنما هي أربعة أشهر وعشر) يعني: أنها مدة قصيرة بالنسبة لما كان عليه أهل الجاهلية، فإنهن كن في الجاهلية يمكثن سنة كاملة وهنّ بحال سيئة من الابتعاد عن الزينة والابتعاد عن النظافة، فلا تأخذ المعتدة شعراً، ولا تقلم ظفراً سنة كاملة، فتكون على هيئة كريهة وقبيحة، وأما الأربعة أشهر والعشر فإنها مدة قليلة يقللها صلى الله عليه وسلم بالنسبة لما كان في الجاهلية.
وقوله: [ (وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول) ].
قيل: إن المقصود بذلك: أنها كانت إذا مضى الحول وقد بقيت على هذه الهيئة الكريهة، وصبرت على هذا الأذى وهذه المشقة فإنها ترمي بالبعرة، وهذا معناه: أن هذه المدة التي قطعتها من أجل الوفاء للزوج لا تساوي هذه البعرة التي ترمي بها، وأنه شيء يسير، أي: أن هذا الذي عملته من المكث هذه المدة الطويلة في مسكن ضيق مظلم صغير لا يساوي شيئاً في جانب حق الزوج والوفاء به، وأن البقاء هذه المدة على هذه الهيئة لا يساوي هذه البعرة، وأن المدة التي مضت سهلة عليها كهذه البعرة التي ترمي بها بيدها.
وقوله: [ قال حميد : فقلت لـزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طائر- فتفتض به فقلَّما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعد، ما شاءت من طيب أو غيره ].
الحفش: هو مكان ضيق تجلس فيه ولا تخرج ولا تمس طيباً ولا تأخذ شعراً، ولا تقلم أظفاراً، وتكون في ذلك المكان أيضاً في حر وفي عرق، وتبقى هذه المدة الطويلة فتكون مثل الجيفة، فإذا مضى الحول أُعطيتْ طائراً أو حماراً أو شاة فقلَّما تفتض بشيء إلا مات؛ أي: بسبب نتن رائحتها، ومعنى تفتض به: أي: تدلك به جسدها، فلشدة النتن الذي كان على جسدها خلال هذه السنة من أولها إلى آخرها فإنها لو أخذت طائراً حياً ودلكت به جسدها فإنه يموت من شدة هذه الرائحة، وهذا واضح بالنسبة للطائر، وأما بالنسبة للحمار وللشاة فلعل المقصود به أنها لو فعلت ذلك برأسه فإنه يموت؛ لشدة الرائحة الكريهة.
عبد الله بن أبي بكر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد بن نافع ].
حميد بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب بنت أبي سلمة ].
زينب بنت أبي سلمة ربيبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قالت: دخلت على أم حبيبة ].
هي أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة، وكذلك زينب بنت جحش رضي الله عنها حديثها عند أصحاب الكتب الستة.
وكذلك أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله عنها، وحديثها أيضاً عند أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة : أن الفريعة بنت مالك بن سنان -وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما- أخبرتها: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي؛ فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم، قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال: كيف قلت؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي، قالت: فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فلما كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته، فاتبعه وقضى به ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في المتوفى عنها تنتقل، يعني: من بيت زوجها إلى أهلها أو إلى مكان آخر، يعني: هل لها ذلك أو ليس لها ذلك؟
وأورد أبو داود حديث الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما: أن زوجها كان له أعبد وأنهم أبقوا -أي: هربوا- فلحقهم، فلما أدركهم قتلوه في مكان يقال له: القدوم، هو قريب من المدينة، وأنها جاءت تستأذن في الانتقال إلى أهلها، فأذن لها صلى الله عليه وسلم، ولما كانت في الحجرة أو في المسجد دعاها فقال: ماذا قلت؟ فأعادت الذي قالت، ثم قال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، يعني: امكثي في البيت الذي كنت فيه امكثي فيه حتى يبلغ الكتاب أجله، أي: حتى تمضي الأربعة أشهر والعشر التي هي مدة العدة، أو وضع الحمل إذا كانت المرأة المتوفى عنها حاملاً، وهذا يدل على أنها لا تنتقل وأنها تبقى في بيت زوجها أو المكان الذي هي فيه مع زوجها، ولكن إذا كان هناك مصلحة في الانتقال أو كان هناك خوف عليها من البقاء في ذلك المكان كأن يكون موحشاً أو أنه غير مأمون فلها أن تنتقل، وإلا فإن الأصل أنها لا تنتقل، وإنما تعتد في بيت زوجها.
وقولها: [ قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته، فاتبعه وقضى به ].
يعني: لما كانت خلافة عثمان بعث إليها فحدثته بالحديث فاتبعه وقضى به، أي: أنه كان يفتي بأن المرأة تعتد في بيت زوجها عدة الوفاة.
سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة ].
عمته زينب بنت كعب بن عجرة مقبولة، ويقال: لها صحبة، أخرج لها أصحاب السنن.
[ أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري ].
الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري صحابية، أخرج حديثها أصحاب السنن.
حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثنا موسى بن مسعود حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح قال: قال عطاء : قال ابن عباس رضي الله عنهما: نسخت هذه الآية عدتها عند أهلها فتعتد حيث شاءت، وهو قول الله تعالى: غَيْرَ إِخْرَاجٍ ، قال عطاء : إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ .
قال عطاء : ثم جاء الميراث فنسخ السكنى، تعتد حيث شاءت ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب من رأى التحول، يعني: أنها تتحول من مكان إلى مكان.
ثم أورد أثر ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن هذه الآية: مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ نُسخت، فنُسخ الأجل بالحول إلى أربعة أشهر وعشر، ونُسخ المتاع وكذلك السُكنى إذا كان هناك استئجار وتحمل مال بالميراث الذي شرعه الله للمرأة المتوفى عنها.
ولكن إذا كان له بيت وهي ساكنة فيه فإن عليها أن تبقى فيه، كما جاء في حديث الفريعة الذي فيه: أنه أمرها أن تعتد في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله.
وعلى هذا فالذي نسخ هو الحول، وكذلك نسخ وجوب السُكنى، بمعنى: أنه لا يتحمل أحد شيئاً من أجل إسكانها، ولا يستأجر لها مكاناً إذا لم يكن له مكان يسكن فيه، وأيضاً من حيث المتاع -وهو الإنفاق عليها مدة العدة- فإنه لا نفقة لها؛ لأنها تنفق على نفسها من نصيبها من الميراث.
قوله: [ (إن شاءت اعتدت في بيت أهله وسكنت في وصيتها) ]، يعني: قوله: وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ، أي: الذي أوصى لها فيه، وهذا قتد نسخ.
فإن شاءت بقيت في المكان الذي أوصى لها فيه، وإن شاءت خرجت لقوله: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ [البقرة:240]، وهذا إن كان له بيت تسكن فيه فإنها تبقى في مكانها، وأما إن لم يكن له بيت فليس على ورثته أن يستأجروا لها مكاناً تسكن فيه، وإنما تستأجر هي من ميراثها.
أحمد بن محمد المروزي مرّ ذكره، وموسى بن مسعود صدوق سيئ الحفظ، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا شبل ].
هو شبل بن عباد المكي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة في التفسير.
[ عن ابن أبي نجيح ].
هو عبد الله بن أبي نجيح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال ابن عباس ].
ابن عباس قد مرّ ذكره.
الجواب: يكون الوصل بإتمام الصف الأول فالأول بحيث لا ينشأ الصف الثاني إلا إذا اكتمل الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا إذا اكتمل الثاني، ولا ينشأ الصف الرابع إلا إذا اكتمل الثالث... وهكذا.
ويكون وصل الصفوف أيضاً بالتقارب والتراصّ في الصفوف وألا يكون فيها فُرَج، ويكون التراصّ والتقارب إلى جهة الإمام، ولا يكون إلى أحد طرفي الصف وإنما يتجه الناس إلى جهة الإمام، فإذا كانوا من جهة اليمين تراصّوا وتقاربوا إلى جهة اليسار، وإذا كانوا في يسار الصف فإنهم يتراصون إلى جهة اليمين، أي: إلى جهة الإمام.
فوصل الصفوف يكون بملء الصفوف والتقارب وعدم وجود فُرَج، وكذلك يتحاذون بلا تقدم ولا تأخر.
وقطع الصفوف هو: عدم وصلها وعدم المبالاة بذلك.
الجواب: جاء النهي عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، وإذا كان الأمر كما ذكر السائل وأنه يترتب على عدم التنفيذ الحيلولة بينه وبين الصلاة والخطبة والإمامة، وأن الأمر يئول إلى أن يصل إلى مثل هذه المهمات من فيهم شر ومن لا خير فيهم، فيمكن للإنسان أن يفعل من ذلك شيئاً يسيراً وفي وقت يسير جداً، مثل أن يستغرق خمس دقائق أو قريباً من ذلك من أجل تلك المصلحة؛ لأن مثل هذا الوقت أو مثل هذه الفترة القصيرة يحصل بها الإبقاء على هذه المصلحة العظيمة، وفي نفس الوقت لم يَطل ذلك الوقت الذي يحصل به الانشغال عن الصلاة والاستعداد والتهيؤ لها، والاشتغال بقراءة القرآن وبالصلاة، حيث يصلي الإنسان ما شاء قبل الخطبة كما في الحديث الوارد في ذلك، فلا بأس بفعل ذلك إذا كان الوقت يسير جداً.
الجواب: كيف تقام الحجة على سب الله؟! وكيف يقال: إن هذا يجوز أو لا يجوز؟! فسبّ الله ليس فيه جهل، فمن سب الله عز وجل فهو كافر، إلا إذا كان سَبْقَ لسان دون قصد فهو معذور، وأما أن يتلفظ الإنسان ويتفوّه بسب الله عز وجل فليس له حجة، فهذا أمر لا يجوز وليس هناك أحد عنده شك أن سبّ الله لا يجوز.
الجواب: من الذي يُكَفّر مطلقاً دون إقامة الحجج؟! فهناك أمور خفية يمكن أن تقام فيها الحجة، وهناك أمور ليست خفية كالسبّ الذي ذكرناه، فهذا كيف تقام فيه الحجة؟ فإن هذا لا يجوز، أعني: أن يسب الإنسان الله عز وجل الذي خَلَقَه.
الجواب: هذا قول باطل؛ لأن الأعمال ليست كلها فرائض، بل فيها سنن، واعتقاد الإنسان أنه لابد أن يأتي بالسنن والأعمال الصالحة كلها، وإن لم يأت بها فإنه يكون كافراً أو غير مؤمن هذا قول باطل؛ لأن الأعمال ليست كلها على حد سواء، بل هي متفاوته، ففيها قسم يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، وهي السنن والمستحبات.
الجواب: الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، ولكنها متفاوتة، ففيها أمور متحتمة وفيها أمور مستحبة، والأعمال يزيد بها الإيمان وينقص بنقصانها، فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ومعلوم أن هذه الزيادة التي تحصل تكون بالواجبات وبالمستحبات، والتفاوت يكون بذلك، والأعمال ليست على حد سواء، ففيها نوع إذا ذهب لا يذهب الإيمان معه، وفيها نوع إذا ذهب فإنه يذهب معه الإيمان، فالأعمال مثل جسم الإنسان، حيث إن في جسم الإنسان شيء إذا قطع مات معه الإنسان، وهناك شيء إذا قطع يبقى الإنسان حياً.
الجواب: تارك للصلاة تهاوناً وكسلاً فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال بكفره، ومنهم من قال بعدم كفره، والذين قالوا بعدم كفره يقولون: إنه مستحق للوعيد، وإنه على خطر، ولا يقال: إنهم من أهل الإرجاء؛ لأن القائلين بالإرجاء يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فبدعة الإرجاء فيها تحلل من الدين ومن التكاليف؛ لأن عندهم أنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وعندهم أن الناس كلهم على حد سواء في الإيمان، فلا فرق بين أتقى الناس وأفجر الناس، فما دام أنهم مسلمون فكلهم سواء في الإيمان؛ لأن الإيمان عندهم هو ما يكون في القلب فقط، فالقائلون من العلماء بأن تارك الصلاة لا يكفر كثيرون قديماً وحديثاً فلا يقال: إنهم مرجئة أو إنهم من أهل الإرجاء.
الجواب: أنت معذور ولا شك في ذلك، وإذا كان المسجد كبيراً مثل المسجد النبوي ودخل إنسان من الباب الغربي وهناك جماعة عند الباب الشرقي فما يدريه أن هناك جماعة؟ لكنه إذا رأى جماعة فإنه يذهب إليها، وإذا لم ير فله أن يصلي مع غيره جماعة.
وإذا دخل مثلاً من الجهة الشرقية ووجد جماعة فيصلي معهم ولا يلزمه أنه يذهب إلى أقصى المسجد لا إلى الجهة الغربية ولا إلى الجهة الشمالية ولا إلى الجهة الشرقية، وإلا فمعناه أنه لن يصلي، بل سيبقى يطوف بالمسجد ويدور عليه جميعاً من أوله إلى آخره يفتش عن جماعة حتى يجيء العشاء وهو لم يحصل ولم يصل المغرب.
الجواب: لكن جاء في الحديث أنه قال: (لا سكنى لك ولا نفقة)، جاء هذا عنها في روايات متعددة، وهذا الذي حصل هو شيء آخر، فمع كونها لا سكنى لها ولا نفقة حصل لها ما يخاف عليها منه، ومجرد إخبارها بأن الرسول قال: (لا سكنى لك ولا نفقة) كافٍ في تحولها.
الجواب: نعم يجوز؛ لأنه يستحق بمجرد الوفاة، فيمكن قسمة الميراث وكل يأخذ نصيبه سواء المعتدة أو غيرها.
الجواب: تنكيس الأعلام من الأمور المحدثة فلا يجوز، ومثل هذه أمور محدثة مبتدعة.
الجواب: يكون الإحداد بترك الزينة والطيب وترك الخروج أيضاً إلا للضرورة.
الجواب: نعم، كل من توفي عنها زوجها مدخولاً بها أو غير مدخول فإنها تحد، وقد سبق أن مر قصة المرأة التي قال عنها عليه الصلاة والسلام: (عليها العدة، ولها الميراث، ولها مهر المثل).
الجواب: الإماء ليس عليهن عدد، فإذا مات سيدها فلا عدة عليها؛ لأن الاعتداد إنما هو للزوجات فقط.
الجواب: الذي يبدو أنه عام، وأنه يقال في كل مكان.
الجواب: الحزام ليس فيه بأس سواءً لبسه أولاً أو لبسه في الآخر، فوجود الحزام ولو كان مخيطاً لا يؤثر، فللإنسان أن يستعمله فإنه لا يؤثر على الإحرام.
الجواب: إذا كانت المرأة تعرف أن سفرهم غالباً أو عادة سيكون قبل انتهاء حيضها فإنها لا تدخل في العمرة، وإن كانت تعلم بأن خروجها أو انتهاء عادتها قبل وقت سفرهم فإنها تدخل في الإحرام، وإذا وصلوا مكة تبقى في سكنها ولا تدخل المسجد، فإذا طهرت تغتسل وتدخل وتطوف.
الجواب: لا نعلم شيئاً في هذا، والشيء الذي يمنع هو الزينة، فالأولى ألا تفعله المرأة.
الجواب: لا، ليس من الزينة؛ لأنها لو بقيت بدون أن تسرح شعرها فستكون على حالة تشبه أحوال النساء في الجاهلية.
الجواب: لا تستعمل الطيب، واغتسالها بالصابون لا بأس به لكن تستعمل شيئاً لا طيب فيه، وتقليم الأظفار ليس فيه بأس، فلها أن تقلم أظفارها.
الجواب: لا يجوز بيع ما هو موقوف، فالذي كتب عليه (وقف) لا يجوز بيعه، وإنما للإنسان أن يستفيد منه، وإذا استغنى عنه فإنه يعطيه غيره بدون بيع.
الجواب: لا يجوز الاستناد على المصاحف.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر