حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عُلّي بن رباح عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) ].
أورد أبو داود رحمه الله باب توكيد السحور، يعني: تأكده وأنه يحرص عليه ويؤتى به، وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على ذلك في الصحيحين وفي غيرهما.
والسُحور بالضم المقصود به: الفعل، والسَحور بالفتح المقصود به: الطعام الذي يؤكل، ولهذا نظائر، أي: ما كان بالفتح يراد به الشيء الذي يستعمل، وما كان بالضم يراد به نفس الاستعمال، كالطهور، والوضوء، والوجور، والسعوط، وغيرها، فالسَحور هو: اسم للطعام الذي يؤكل في السحر، والسُحور هو: نفس الأكل، والسَعوط هو الشيء الذي يوضع في الأنف، يعني: نفس الدواء الذي يوضع في الأنف، والسُعوط هو نفس الفعل، يعني: كونه يضع الدواء في الأنف.
وأورد أبو داود حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) وهذا فيه توكيد السحور؛ لأن فيه مخالفة لأهل الكتاب، وأن هذا مما يتميز به المسلمون عن أهل الكتاب، وقيل: إن أهل الكتاب -كما جاء عن المسلمين في أول الأمر- كان الواحد منهم إذا نام ثم استيقظ فإنه لا يأكل شيئاً ويواصل إلى النهار الثاني حتى يأتي وقت الإفطار، وكان المسلمون كذلك في أول الأمر كما سبق أن مر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ثم إن الله تعالى خفف ويسر على المسلمين فنسخ ذلك الذي كان شرع أولاً وكان على المسلمين فيه مشقة، وأذن لهم أن يأكلوا ويشربوا ويجامعوا إلى طلوع الفجر، فالسحور مع كونه فيه بركة -كما جاءت بذلك الأحاديث- فيه مخالفة لأهل الكتاب.
مسدد مر ذكره، وعبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن عُلّي بن رباح ].
موسى بن عُلّي بن رباح صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
عُلّي بن رباح ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص ].
اسمه عبد الرحمن بن ثابت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن العاص ].
عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا حماد بن خالد الخياط حدثنا معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان فقال: هلم إلى الغداء المبارك) ].
أورد أبو داود باب من سمى السحور الغداء المبارك، والمقصود من هذه الترجمة أن السحور يقال له: غداء، وإنما قيل له: غداء؛ لأنه متصل بالغداة، يعني: أن أول النهار متصل به وقريب منه، ولهذا يقال لصلاة الفجر: صلاة الغداة، والغداء يكون قبل الزوال؛ لأن الغداء يكون في وقت الغداة، ووقت الغداة هو قبل الزوال، وما بعد الزوال يقال له: عشاء؛ لأنه من العشي؛ فالعشي يبدأ بالزوال والغداة تكون قبل الزوال.
وقيل للسحور: غداء؛ لأنه بمثابة الغداء؛ ولأنه متصل بالغداة.
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء عنهم في بعض الأحاديث الصحيحة أنهم قالوا: (ما كنا نقيل ولا نتغدى يوم الجمعة إلا بعد الجمعة) ؛ لأنهم كانوا يبكرون بالصلاة، وأما قبل ذلك فكانوا يقيلون ويتغدون قبل الزوال؛ لأن عندهم وجبتين وليس ثلاث وجبات كما عندنا الآن: فطور وغداء وعشاء، والغداء والعشاء عندنا كله في العشي، فصار الغداء عشاءً والعشاء عشاءً؛ لأنهما واقعان في العشي، يعني: بعد الزوال، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يبكرون إلى الصلاة، ولذا قالوا: (ما كنا نقيل ولا نتغدى يوم الجمعة إلا بعد الصلاة) وقبل ذلك كانوا يقيلون ويتغدون قبل الصلاة وقبل الزوال.
أورد أبو داود حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور وقال: هلم إلى الغداء المبارك) وهذا مثل ما جاء: (تسحروا فإن في السحور بركة) فهنا في هذا الحديث قال: ( مبارك )، وقال في الحديث الآخر: (بركة).
عمرو بن محمد الناقد ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا حماد بن خالد الخياط ].
حماد بن خالد الخياط ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا معاوية بن صالح ].
معاوية بن صالح بن حدير صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يونس بن سيف ].
يونس بن سيف مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن الحارث بن زياد ].
الحارث بن زياد لين الحديث، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبي رهم ].
أبو رهم هو أحزاب بن أسيد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن العرباض بن سارية ].
العرباض بن سارية رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب السنن.
والإسناد فيه هذا الذي هو لين الحديث، والحديث صححه الألباني أو حسنه، ولعل ذلك إما لشواهد أو لأن الذي فيه مطابق لقوله: (تسحروا فإن في السحور بركة).
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة : (نعم سحور المؤمن التمر)، وهذا مطابقته للترجمة ليست واضحة؛ لأنه ليس فيه ذكر الغداء، فإن المصنف أورد الترجمة بعنوان: باب من سمى السحور الغداء، وعلى هذا فالحديث ليس فيه مطابقة للترجمة، ولكن فيه مدح التسحر بالتمر، حيث قال: (نعم السحور التمر)، والتمر كان قوتاً معتاداً، وقد جاء في الصحيح: (بيت لا تمر فيه جياع أهله)؛ لأن التمر كان طعاماً رئيسياً عندهم، وهذا يدل على أن التسحر بالتمر ممدوح؛ لأن (نعم) هذه من صيغ المدح كما هو معلوم.
عمر بن الحسن بن إبراهيم وهم والصواب: محمد بن الحسن بن إبراهيم ، هذا هو الصواب كما قال ذلك المزي وغيره، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا محمد بن أبي الوزير أبو مطرف ].
محمد بن أبي الوزير ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ قال: حدثنا محمد بن موسى ].
محمد بن موسى صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد المقبري ].
سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن عبد الله بن سوادة القشيري عن أبيه قال: سمعت سمرة بن جندب رضي الله عنه يخطب ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعن من سحوركم أذان
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في وقت السحور، يعني: وقت الأكل الذي يأكله الإنسان ليتقوى به على الصيام، ووقته قبل طلوع الفجر، وإذا طلع الفجر فإنه يمسك، وإذا كان المؤذن يعتني بالوقت ومعرفته فإنه يعول على أذانه، ومن المعلوم أن الأحكام الشرعية أنيطت بأمور طبيعية يعرفها الخاص والعام والحضري والبدوي، ولم تكن الأوقات الشرعية مبنية على أمور فيها خفاء وغموض ولا يعرفها إلا من عنده ذكاء وفطنة، وإنما هي مبنية على أمور مشاهدة معاينة، فطلوع الفجر يكون عنده الإمساك، ويكون عنده أداء صلاة الفجر، فإذا طلع الفجر وجب الإمساك عن الأكل والشرب وجاء وقت صلاة الفجر، وإذا جاء وقت الغروب أقبل الليل من المشرق وذهب النهار من المغرب، وإذا غربت الشمس جاء وقت الإفطار، فالصيام يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وكذلك الصلوات أيضاً مبنية على أمور مشاهدة، فبعد طلوع الفجر يبدأ وقت الفجر إلى طلوع الشمس، والظهر يبدأ من الزوال إلى أن يكون ظل الشيء مثله، وبعده مباشرة يبدأ وقت العصر إلى أن يكون ظل الشيء مثليه، وهذا في الوقت الاختياري، والوقت الاضطراري يكون إلى غروب الشمس، والمغرب يبدأ بغروب الشمس، والعشاء يبدأ بمغيب الشفق الأحمر، وهذه أمور مشاهدة معاينة، والشهر يعرف دخوله وخروجه برؤية الهلال، فهي أمور مشاهدة معاينة ليس فيها غموض وليس فيها شيء يحتاج إلى ذكاء وإلى فطنة، فوقت السحور يكون في وقت السحر آخر الليل، وإذا طلع الفجر يمسك عن الأكل والشرب ويأتي وقت أداء صلاة الفجر، وإذا كان الإنسان يشاهد ذلك في برية فإنه يعمل به، وإذا كان في مدينة أو في بلد والمؤذن يعتني بضبط الوقت وحفظ الوقت فإنه يعول على أذانه.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه كان يخطب ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه بيان السنن وإعلانها على المنابر، وبيان الأحكام الشرعية في الخطب، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كانوا يفعلون، فـسمرة يقول في خطبته: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمنعن من سحوركم أذان
وقوله: (ولا بياض الأفق الذي هكذا) يعني: الذي يسمونه الفجر الكاذب الذي يظهر مستطيلاً ولا يأتي معترضاً، وإنما هو مستطيل ممتد، فهذا الفجر الذي يظهر في الأفق مستطيلاً لا يمنع من الأكل والشرب حتى يأتي الفجر الذي يأتي عرضاً مع الأفق، ويتزايد شيئاً فشيئاً حتى تطلع الشمس، هذا هو الذي إذا وجد يكون عنده الإمساك، الذي يأتي عرضاً لا الذي يأتي طولاً.
قوله: (ولا بياض الأفق الذي هكذا) فيه إشارة إلى أنه مستطيل وأنه ممتد في السماء ليس على جهة العرض.
وقوله: (حتى يستطير) يعني: حتى يأتي عرضاً وذاك يذهب وينتهي، وأما الذي يأتي عرضاً فإنه يزيد شيئاً فشيئاً حتى تطلع الشمس.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد بن درهم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن سوادة القشيري ].
عبد الله بن سوادة القشيري ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
سوادة القشيري صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ قال: سمعت سمرة بن جندب ].
سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث ابن مسعود وهو بمعنى حديث سمرة المتقدم، وفيه: (لا يمنعن أحدكم أذان
وقوله: (فإنه يؤذن أو قال: ينادي ليرجع قائمكم وينتبه نائمكم، وليس الفجر أن يقول هكذا) هذا هو مثل ما تقدم في حديث سمرة ، والفجر الحقيقي ليس هو الفجر المستطيل في الأفق وإنما هو الفجر المعترض في الأفق، فالمستطيل في الأفق الذي يكون فيه اختلاط بياض بسواد وهو ممتد في الأفق لا يمنع من الأكل والشرب.
وقوله: (وليس الفجر أن يقول هكذا) فيه إشارة إلى امتداده، وإنما الفجر يكون بالعرض.
وقوله: (ليرجع قائمكم) يعني: يرجع قائمكم للراحة؛ لأنه يشتغل بالصلاة، فإذا جاء قرب صلاة الفجر يستريح.
مسدد مر ذكره، ويحيى هو ابن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن التيمي ].
التيمي هو سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا أحمد بن يونس ].
ح للتحول من إسناد إلى إسناد، وأحمد بن عبد الله بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير ].
زهير هو ابن معاوية ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب.
[ حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان ].
سليمان التيمي هناك قال: عن التيمي فذكره بنسبته فقط، وهنا في الطريق الثانية ذكره باسمه ونسبته، وأبو عثمان هو النهدي وهو عبد الرحمن بن مُل أو مَل أو مِل مثلث الميم، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن مسعود ].
عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [ ومد يحيى بأصبعيه السبابتين ].
يعني: إما أن الأصبعين متصلتان ويشير إليهن باليسار أو أنه فرق بينهما وأشار إلى جهة اليمين والشمال.
قال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل اليمامة ].
أورد أبو داود حديث طلق بن علي اليمامي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يهيدنكم -يعني: لا يمنعنكم- الساطع المصعد) يعني: الذي يمتد في الأفق مستطيلاً، وهو الذي يسمونه الفجر الكاذب، والمراد: لا يمنعنكم من الأكل والشرب.
وقوله: (حتى يعترض) يعني: حتى يعترض لكم الأحمر في الأفق، والأحمر هو الفجر الصادق، وقيل له: أحمر لأنه أول ما يخرج يكون فيه لون ليس بواضح من حيث البياض والخفاء، وقيل: إن الأحمر يراد به الأبيض، وقيل: إن الأحمر يطلق على الأبيض. يقال الأسود والأحمر يعني الأسود والأبيض.
وقوله: (يهيدنكم) يعني: يمنعنكم، مثل ما تقدم.
وتسميته بالساطع لأنه أول شيء يطلع، فأول شيء يطلع هو الفجر الكاذب.
محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ملازم بن عمرو ].
ملازم بن عمرو اليمامي صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن النعمان ].
عبد الله بن النعمان اليمامي مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي .
[ قال: حدثني قيس بن طلق ].
قيس بن طلق صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه طلق بن علي رضي الله عنه، أخرج له أصحاب السنن.
قال أبو داود : (وهذا مما تفرد به أهل اليمامة) يعني: أنه مسلسل باليماميين؛ لأن فيه أربعة يماميين والخامس الذي هو محمد بن الطباع بغدادي، والباقون من أهل اليمامة.
والحديث فيه هذا المقبول، ولكن ما تقدم كله شاهد له؛ لأنه بمعناه.
أورد أبو داود حديث عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه أنه لما نزل قول الله عز وجل: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] ظن أن الخيط الأسود والخيط الأبيض خيوطاً، فأخذ عقالين: واحداً أسود وواحداً أبيض وجعلهما تحت وسادته، وجعل ينظر إليهما حتى يتبين له الأسود من الأبيض، فجاء وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (إن وسادك إذاً لطويل عريض) وفسر هذا بأن المقصود به: أن نومك كثير، وقيل: إن أكلك كثير، على اعتبار أنه يأكل حتى يحصل أنه يرى الفرق بين الخيطين الأبيض والأسود، وقيل: معناه: إذا كنت غطيت الشيء الذي ذكره الله عز وجل بوسادك -مع أن الذي ذكره الله إنما هو الأفق وبياض النهار وسواد الليل- إذاً وسادك الذي يغطي الأفق عريض.
وفرض الصيام كان في أول الهجرة وكان ذلك في السنة الثانية، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات، وعدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه كان متأخر الإسلام، فيحمل قوله: (لما نزلت الآية) يعني: لما قرأ الآية أو بعدما أسلم وبلغته الآية وعلم الآية فهم منها هذا الفهم، وليس معنى ذلك أن نزولها كان متأخراً؛ لأن إسلام عدي بن حاتم كان متأخراً، والآية نزلت في وقت متقدم.
فإذاً: يحمل ذلك على علمه بها ووصولها إليه وقراءته إياها، وأنه لما أسلم وبدأ يصوم، وقرأ الآية فهمها هذا الفهم وعند ذلك جاء وسأل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره وقال له ما قال صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
مسدد مر ذكره، وحصين بن نمير لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فإنه أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا ابن إدريس ].
عبد الله بن إدريس الأودي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حصين ].
حصين هو ابن عبد الرحمن السلمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي ].
عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عدي بن حاتم ].
عدي بن حاتم رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا مما قاله العرب، لكن لا يليق هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يقول عن صاحبه: إنه غبي وإنه كذا وكذا، فالذي يبدو أنه بعيد أن يكون مراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن صاحبه غبي وأنه كذا.
حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده، يعني: يسمع أذان الصبح والإناء على يده، أي: ماذا يصنع؟ هل يشرب ويكمل الشرب أو ينزع ويترك؟ والجواب: أنه إذا كان المؤذن الذي يؤذن يعتمد عليه في معرفة الوقت فإن الإنسان إذا كان قد بدأ يشرب فإنه يكمل الشرب، ولكنه لا يبدأ بعد الأذان، وكونه عندما يسمع الأذان يبادر ويذهب ليشرب لا يجوز له ذلك؛ لأن الأذان حصل بعد دخول الوقت، وإذا دخل وقت الفجر فإنه يمنع الأكل ويبيح الصلاة، أي: صلاة الفجر؛ لأنه جاء وقتها، والأكل ذهب وقته في حق من يريد أن يصوم.
فمن أذن المؤذن وهو يشرب فإنه يكمل الشرب، وإذا كان لم يبدأ فإنه لا يجوز له، وهذه المسألة من ضمن المسائل التي يقال فيها: يجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء، يعني: أن الإنسان لا يجوز له أن يبدأ الشرب، ولكنه إذا كان قد بدأ يكمل، وليس معناه أن الذي في فمه يقذفه ولا يشرب، بل يبلع الذي في فمه ويكمل أيضاً؛ لأن الذي جاء عنه التحديد جاء عنه استثناء هذه الحالة، فيجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء.
وقول المصنف: (باب في الرجل) كلمة الرجل هذه لا مفهوم لها، فكذلك المرأة.
ثم أيضاً لا يجوز أن يفهم من هذا أنه يمكن للإنسان أن يضع على يده كأساً ثم ينتظر الأذان، وإذا سمع الأذان بدأ يشرب، فهذا لا يجوز، بل يشرب ويقضي حاجته قبل ما يسمع الأذان، لكن إن بدأ يشرب وأذن المؤذن وقد بدأ فإنه يكمل وإن لم يبدأ فإنه لا يفعل.
وإذا لم يكفه الكأس فليس له أن يأخذ كأساً ثانياً، لأنه قال: (حتى يقضي حاجته منه) يعني: من الكأس الذي في يده.
وإذا كان يشرب شراباً مثل الماء فلا بأس، وأما الطعام كما هو معلوم فلا.
عبد الأعلى بن حماد النرسي لا بأس به، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن سلمة ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن عمرو ].
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وحماد هنا غير منسوب فيحتمل أن يكون ابن سلمة ويحتمل أن يكون ابن زيد ، وفي ترجمة عبد الأعلى بن حماد ذكروا أنه يروي عن الحمادين: حماد بن زيد وحماد بن سلمة ، لكن في ترجمة محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص ذكروا أن الذي يروي عنه هو ابن سلمة فقط، فإذاً: يكون هو ابن سلمة ؛ لأن محمد بن عمرو شيخ لـحماد بن سلمة ، وأما عبد الأعلى فهو تلميذ للاثنين . حماد بن زيد وحماد بن سلمة ، فإذاً: يكون حماد هو ابن سلمة .
[ عن أبي سلمة ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه وأرضاه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر