[ كتاب الجهاد.
باب ما جاء في الهجرة وسكنى البدو.
حدثنا مؤمل بن الفضل ، حدثنا الوليد -يعني ابن مسلم - عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن أعرابياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجرة فقال: ويحك! إن شأن الهجرة شديد، فهل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فهل تؤدي صدقتها؟ قال: نعم، قال: فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئاً) ].
الجهاد: مأخوذ في اللغة من الجهد والمشقة، وذلك لأن فيه مشقة احتمال ذهاب النفس، وذهاب المال، فإن لم يحصل ذهاب فيحتمل حصول نقص في الخلقة، بأن يحصل له عيب بسبب الجهاد في سبيل الله عز وجل.
والشاعر يقول:
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
أي: وليس كل الناس يصبرون على القتل، وذلك خشية الموت، ولا على البذل والإعطاء، وذلك خشية الفقر.
وفي الشرع: هو بذل الجهد في قتال العدو، ويكون فرض عين ويكون فرض كفاية، فيكون فرض عين حيث يختار من أهل البلاد أعداد يوجهون للغزو والجهاد في سبيل الله، وكذلك يكون فرض عين إذا استنفر أهل البلد أو داهمهم العدو.
وأما إذا لم يكن هناك ما يقتضي أن يكون فرض عين فإنه يكون فرض كفاية، بمعنى أنه يختار من الناس أناس أو جماعة من بعض البلاد دون بعضها ليقوموا بالجهاد في سبيل الله، ويذهبوا إلى بلاد الكفار يدعونهم إلى الدخول في الإسلام، أو أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وقد أورد أبو داود رحمه الله هذا الباب: باب ما جاء في الهجرة وسكنى البدو.
فالهجرة: هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة، وهاجر أصحابه معه، وصارت المدينة فيها المهاجرون الذين جاءوا إلى المدينة من مكة ومن غيرها لصحبة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ونصرته، والأنصار الذين استقبلوه وآووه وأيدوه ونصروه، فكان المهاجرون أفضل من الأنصار؛ لأنهم جمعوا بين الهجرة والنصرة، وأما الأنصار فكانت عندهم النصرة فقط، والله تعالى وصف المهاجرين بالهجرة والنصرة بقوله: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8].
أورد المصنف حديث أبي سعيد الخدري : (أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن الهجرة، فقال: ويحك، إن شأن الهجرة شديد) (ويحك) كلمة تقال لمن وقع في شيء يشفق عليه منه وليس مذموماً، بخلاف (ويلك) فإنها تقال لإنسان وقع في محذور، وهذا الأعرابي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجرة ما أمره بأن يبقى ولكنه سأله: (هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: هل تؤدي صدقتها قال: نعم، قال: فاعمل من رواء البحار) يعني: اعمل الأعمال الصالحة وكن مع إبلك من وراء البحار [ (ولن يترك الله من عملك شيئاً) ] أي: لن ينقصك من عملك شيئاً.
قوله: [(من وراء البحار)] يعني: من وراء المدن والقرى؛ لأن البحار يراد بها المدن والقرى، والبحرة هي البلدة أو القرية.
قوله: [ (وكن مع إبلك) ] لعل النبي صلى الله عليه وسلم خشي عليه ألا يستمر في هجرته، وأن يقطعها لاسيما وعنده إبل يكون متعلقاً بها، فقد يحصل له رجوع عن هجرته ويحصل له ترك لهجرته، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يبقى مع إبله، وأن يعبد الله عز وجل، ولا ينقصه الله عز وجل من عمله شيئاً، وأما إذا كان الإنسان ليس عنده ما يشغله، وهو في البلد الذي هو فيه لا يستطيع أن يؤدي شعائر دينه، فإن عليه أن ينتقل، وأما إذا كان بقاؤه بالبلد الذي فيه كفار فيه مصلحة وفيه فائدة من ناحية أنه يدعو إلى الله عز وجل، وهو متمكن من دينه ويقوم بشعائر دينه، وليس عليه محذور في ذلك، فقد يكون من الأصلح والأوفق له أن يبقى لهذا الغرض ولهذه المهمة العظيمة، وإذا لم يستطع القيام بشعائر دينه، فإن عليه أن ينتقل من ذلك البلد إلى بلد يستطيع أن يقوم فيه بشعائر دينه.
مؤمل بن الفضل صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا الوليد -يعني ابن مسلم- ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وهو فقيه الشام ومحدثها، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يزيد ].
هو عطاء بن يزيد الليثي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد الخدري ].
هو سعد بن مالك بن سنان ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وافتتح أبو داود رحمه الله كتاب الجهاد بالهجرة؛ لأن الهجرة هي من أجل النصرة، ومن أجل الجهاد في سبيل الله، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يأتون من مكة ومن غير مكة مهاجرين إلى المدينة لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والجهاد معه.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدو، والبداوة: هي الذهاب إلى البادية، وليس المقصود سكنى البادية.
قوله: [ (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدو إلى هذه التلاع) ].
أي: يظهر ويذهب إلى تلك التلاع، والتلاع: هي الأماكن التي ينحدر فيها من علو إلى سفل.
وكون الإنسان يذهب للبادية إنما يكون في بعض الأحيان، وليس لسكنى البادية، ومعلوم أن الرسل الذين أرسلهم الله عز وجل كلهم من الحاضرة وليسوا من البادية، وكذلك هم من الرجال وليسوا من النساء، كما قال الله عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [يوسف:109].
رِجَالًا أي: ليسوا نساءً، مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أي: ليسوا من أهل البادية، والذهاب إلى البادية في بعض الأحيان لا يخرج الإنسان من كونه حضرياً إلى كونه بدوياً، وأئمة اللغة الذين جمعوها كانوا يذهبون إلى البادية ويبقون الأشهر يدونون اللغة ويعرفون الكلام، ولم يكونوا بذلك بدواً، وكذلك ما ذكر الله عز وجل عن يوسف وإخوته: وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ [يوسف:100]، ليس معنى ذلك: أنهم من سكان البادية، وإنما ذلك مثل ما جاء في حق نبينا صلى الله عليه وسلم من أنه كان يذهب للبادية، وهم كذلك كانوا يذهبون.
وعلى هذا فقول الله عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [يوسف:109] لا يعترض عليه بما جاء عن يعقوب وأبنائه أنهم جاءوا من البادية.
قوله: [ (وأنه أراد البداوة) ] أي: أن يذهب إلى البادية.
قوله: [ (فأرسل إلي ناقةً محرمة من إبل الصدقة) ] المحرمة: هي الناقة التي فيها صعوبة وليست ذلولاً؛ ولهذا يقولون: فلان يركب الصعب والذلول، يضربون به المثل في تحمل المشاق.
وقولها: (أرسل إلي ناقةً محرمة)، لا أدري ما الوجه في إرسالها، هل هو لحلبها، أو لغير ذلك؟!
وأرشدها صلى الله عليه وسلم إلى الرفق مطلقاً، ولكن أتى به هنا إشارة إلى الرفق بها، وأنها وإن كانت صعبة فإنها ترفق بها ولا تقسو عليها.
قوله: [ (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) ]، يدلنا على فضل الرفق، وعلى أن الرفق محمود وأن ضده مذموم.
هو أبو بكر بن أبي شيبة ، وهو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، أخو عثمان ، وعثمان أكثر عنه أبو داود ، وأما أبو بكر فذكره قليل عند أبي داود ، ومسلم أكثر عنه ولم يرو مسلم عن رجل كما روى عن أبي بكر بن أبي شيبة ، فإنه روى عنه أزيد من ألف وخمسمائة حديث، فهو أكثر المشايخ الذين روى عنهم مسلم في صحيحه، وينقل الحافظ ابن حجر في آخر بعض التراجم من تهذيب التهذيب من كتاب يقال له الزهرة، يقول: إنه روى البخاري له كذا وروى له مسلم كذا، وعندما جاء إلى ذكر ابن أبي شيبة ذكر في ترجمته أن البخاري روى عنه ثلاثين حديثاً، وأن مسلماً روى عنه ألفاً وخمسمائة وكذا حديث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ وعثمان ].
هو عثمان بن أبي شيبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فإنه إنما أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا شريك ].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق ساء حفظه لما ولي القضاء، ويخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
و شريك إذا جاء في مثل هذه الطبقة وهي طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، فالمراد به شريك القاضي هذا، وأما شريك بن عبد الله بن أبي نمر فهو من طبقة التابعين، يروي عن الصحابة.
[ عن المقدام بن شريح ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
وهو ثقة، أخرج له كذلك البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ قال: سألت عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ، أخبرنا عيسى عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن أبي هند عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها) ].
أورد أبو داود [ باباً في الهجرة هل انقطعت؟ ]
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الهجرة من مكة إلى المدينة انتهت بالفتح؛ لأنه بفتح مكة صارت دار إسلام، وقبل ذلك كانت دار كفر، وكان الصحابة يهاجرون منها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد صلح الحديبية حصل الاتفاق الذي كان من ضمن ما شرطه الكفار على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلماً فإنه يرد عليهم، وأما من جاء من المسلمين إلى الكفار مرتداً فإنه لا يرد، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ومنهم عمر وسهل بن حنيف تألموا وتأثروا من هذا الشرط، وكانوا يراجعون النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم يخبرهم بأنه رضي بهذا، فسكتوا وهم متألمون ومتأثرون، ولكن ماذا كانت النتيجة؟
كان الذين يسلمون ويهربون من الكفار لا يقبلهم الرسول صلى الله عليه وسلم بناءً على هذا الشرط، وهم لا يريدون أن يرجعوا إلى الكفار، فاجتمعوا وصاروا على ساحل البحر، وكلما جاءت عير لقريش اعترضوها، حتى ساء ذلك قريشاً، فرغبوا في أن يتخلصوا من هذا الشرط، فعند ذلك طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبلهم، فكان في ذلك مصلحة، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عندما يأتي شيء قد يكون فيه مشقة على النفس ولا تقبله النفس، يقول بعضهم: يا أيها الناس! اتهموا الرأي في الدين، وقد قال ذلك سهل بن حنيف في صفين لما أراد أهل الشام التحكيم، حيث كان الذين مع علي رضي عنه ومنهم سهل بن حنيف يرون أن يوقف القتال، وأن يصير الناس إلى التحكيم، فكان سهل يقول للذين يريدون أن يواصل القتال: يا أيها الناس اتهموا الرأي في الدين، ويذكر قصة صلح الحديبية وما حصل فيها، وأنهم كانوا رأوا شيئاً فكانت المصلحة بخلافه.
فالهجرة من مكة انتهت؛ ولهذا جاء في الحديث: (لا هجرة بعد الفتح) أي لا هجرة من مكة إلى المدينة بعد أن فتحت مكة، وصارت دار إسلام لكن بقي الجهاد والنية، وأنه إذا حصل الاستنفار من المسلمين فإنهم ينفرون للجهاد في سبيل الله.
وأورد أبو داود حديث معاوية رضي الله عنه: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها) يعني: في آخر الزمان، ومعنى هذا: أن الهجرة من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين باقية لا تنتهي، وإنما الذي انتهى الهجرة من مكة إلى المدينة؛ لأن مكة صارت دار إسلام، فالحديث يدل على عدم انقطاع الهجرة، وأما الحديث الذي سيأتي (لا هجرة بعد الفتح) فالمقصود بذلك: الهجرة المتحتمة لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ما عدا ذلك فإن الهجرة مستمرة ولم تنقطع.
إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا عيسى ].
هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حريز بن عثمان ].
حريز بن عثمان ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن أبي عوف ].
عبد الرحمن بن أبي عوف ثقة، ويقال أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبي هند ].
وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن معاوية ].
هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أمير المؤمنين وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال عليه الصلاة والسلام يوم الفتح: (لا هجرة) -يعني: بعد الفتح- (ولكن جهاد ونية) وكون الإنسان ينتقل من بلده إنما ينتقل للجهاد في سبيل الله، ويكون عنده نية الجهاد في سبيل الله إن طلب منه، وإن لم يطلب منه فإنه يكون على استعداد، وإذا استنفر الجميع ينفرون، حيث يتعين الجهاد ويكون فرض عين عليهم مثلما حصل في غزوة تبوك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم استنفر الناس، ولم يبق إلا المنافقون وأصحاب الأعذار، وإلا الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم، والذين ذكر الله قصتهم في سورة التوبة وهم كعب بن مالك وصاحباه رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
قوله: [ (وإذا استنفرتم فانفروا) ] الرسول صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى القتال وأخبرهم بوجهته، وأنه سيذهب لغزو الروم، وكان الصيف شديداً والظهر قليلاً، وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها، وفي هذه الغزوة أعلن عنها واستنفر الناس، ومن تأخر وفقد وهو ليس من أهل الأعذار سئل عنه، ومنهم كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه.
جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي ، وهو ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن طاوس ].
هو طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، أنه جاءه رجل وسأله عن شيء سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) أي: المسلم الحق والمسلم الكامل.
والمهاجر الحق من هجر ما نهى الله عنه؛ لأن من هجر ما نهى الله عنه وجاهد نفسه يستطيع أن يجاهد الكفار، ويقاتل في سبيل الله؛ لأنه جاهد نفسه، وطوعها لله عز وجل.
والمسلم هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويده، فلم يصل إليهم أذاه، لا من يد ولا من لسان، وذكر اللسان والمقصود به التكلم في الناس والوقوع في أعراضهم، وقد عبر باللسان ولم يعبر بالقول، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: إن التعبير باللسان دون التعبير بالقول من فوائده أن الإنسان يمكن أن يؤذي بلسانه بدون قول، كأن يخرجه ويستهزئ.
وكذلك كلمة: (يده) يفيد عمومها أن الإنسان قد يموت وتبقى آثار يده بالكتابة، من كونه يكتب سوءاً، ويكتب أموراً منكرة، ويكتب ضلالاً، ويحرر بيده أمراً باطلاً، ثم يبقى ذلك الكتاب فيتضرر منه الناس، فهذا يكون من ضرر اليد، ويمكن أن يكون الضرر في حياته بالضرب وبالبطش وغير ذلك، ويمكن أن يكون بالكتابة، ثم تبقى الكتابة بعده، ويتضرر الناس بما خطته يداه؛ ولهذا يقول الشاعر:
كتبت وقد أيقنت يوم كتابتي
بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
فإن عملت خيراً ستجزى بمثله
وإن عملت شراً علي حسابها
فاليد آثارها تكون في الحياة وتكون بعد الممات.
والمهاجر حقاً من هجر ما نهى الله عنه، والذي يهجر ما نهى الله عنه ويستقيم على طاعة الله ويكون قوي الإيمان، هو الذي يكون له النكاية في الكفار، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غزوا الكفار وكان عددهم قليلاً، وعدتهم قليلة، وكان الكفار أكثر منهم عدداً، وكانوا أقوى منهم عُدَداً، ومع ذلك كان الكفار يشخونهم؛ لأن عندهم قوة الإيمان؛ ولأنهم هجروا ما نهى الله عنه، وصدقوا الله عز وجل في إيمانهم وفي يقينهم وفي تقربهم إلى الله عز وجل، فخافهم الكفار، وحيث كان الناس في هذا الزمان بالعكس، فهم كثرة كاثرة، ولكنهم غثاء كغثاء السيل، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان شأنهم أنهم يخافون من الكفار والكفار لا يخافون منهم.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
يحيى هو ابن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ].
إسماعيل بن أبي خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عامر ].
هو عامر هو ابن شراحيل الشعبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم تقذرهم نفس الله، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير) ].
أورد أبو داود باباً في سكنى الشام فذكر شيئاً مما ورد في سكنى الشام، وأن في ذلك فضلاً، وقد ورد فيه أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن الشام في آخر الزمان يحشر الناس إليها، وينزل عيسى بن مريم هناك، ويكون المهدي الذي يخرج في آخر الزمان هناك، ويصلي خلفه عيسى بن مريم في بيت المقدس، وأن عيسى بن مريم يدرك الدجال بباب لد فيقتله، ويريهم دمه في حربته صلى الله عليه وسلم، وكذلك تأتي يأجوج ومأجوج إلى هناك، ويهلكهم الله عز وجل، فورد في الشام أحاديث منها ما أورده المصنف هنا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: (ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم) الذي هو بلاد الشام.
قوله: [ (ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم) ]، يعني: في آخر الزمان.
قوله: (تقذرهم نفس الله) أي: أن الله تعالى يكرههم، قالوا: المراد بالنفس هنا الذات، ومعلوم أن النفس جاءت مضافة إلى الله في القرآن، وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتأتي يراد بها الذات، والمقصود بذلك يقذرهم الله، والحديث فيه كلام من جهة شهر بن حوشب الذي هو أحد الرواة، والألباني ضعفه هنا، ولكنه حسنه في بعض المواضع لبعض الشواهد.
هو عبيد الله بن عمر القواريري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا معاذ بن هشام ].
هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبي ].
أبوه هو هشام بن أبي عبد الله ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شهر بن حوشب ].
كثير الإرسال والأوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد مر ذكره.
والحديث فيه قتادة ، وروايته بالعنعنة، وفيه شهر بن حوشب الذي هو كثير الأوهام.
أورد المصنف هذا الحديث عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه، وهو في فضل الشام قال: (سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجندة).
قوله: [ (واسقوا من غدركم) ].
الغدر: جمع غدير، وهو الذي يبقى بعد ذهاب السيل، وبعد انقطاع المطر، والناس يأتون إليها ويشربون منها.
قوله: [ (فإن الله توكل لي بالشام وأهله) ].
يعني: أنه وعده بأن يكلأهم ويحفظهم.
حيوة بن شريح الحضرمي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا بقية ].
هو بقية بن الوليد ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني بحير ].
هو بحير بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن خالد -يعني ابن معدان - ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قتيلة ].
وهو صحابي أخرج له أبو داود .
[ عن ابن حوالة ].
وهو صحابي أخرج له أبو داود .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر