حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهي عن ركوب الجلالة) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في ركوب الجلالة. والجلالة: هي التي تأكل العذرة، وهي الجلة، وهي البعر، والمقصود بذلك النجس، وأما الشيء الذي ليس بنجس فهذا لا محذور فيه، وإنما المحذور فيما كان نجساً فالجلالة التي تأكل العذرة، وهي ما يخرج من الإنسان أو من الحيوان الذي روثه نجس، فهذه لا يجوز أكلها، وكذلك جاء الحديث أنها لا تركب حتى يطيب لحمها، وحتى يذهب ما فيها، فتحبس وتمنع وقتاً من الأوقات فتأكل شيئاً طيباً حتى يذهب ما فيها من الخبث الذي جاء نتيجة لأكل العذرة، وعند ذلك تؤكل ويركب عليها.
وقيل في النهي عن الركوب أنه عندما تعرق يكون فيها هذا النتن بسبب هذا الذي تغذت به وهو النجاسة والعذرة، فيكون ذلك فيه نوع من العقوبة المالية، فكون الإنسان ممنوعاً من الاستفادة من هذه الدابة التي صارت كذلك حتى يبعدها عن أكل هذه النجاسة وعن هذه الأشياء القذرة.
وهل هناك فترة معينة لمدة الحبس؟ الظاهر أنه لا توجد فترة معينة، لكن حتى يطمئن العبد فيها إلى أن اللحم قد طاب.
أورد المؤلف حديث ابن عمر قال: (نهي عن ركوب الجلالة) والحديث الثاني: (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ركوب الجلالة).
عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
نافع مولى ابن عمر وابن عمر قد مر ذكرهما.
وهذا الحديث مثل الذي قبله في النهي عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها.
قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ].
أحمد بن أبي سريج الرازي ، هو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ أخبرني عبد الله بن الجهم ].
عبد الله بن الجهم ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عمرو يعني: ابن أبي قيس ].
عمرو بن أبي قيس ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
وأما الحمار فأقول: إذا كان يأكل العذرة فحكمه مثل الجلالة، إلا أن الحمار كما هو معلوم لا يأكل العذرة، فإذا وجد في الحمير ما يأكلها فلا يمكن من أكل الجلة وإذا أكل فلا يركب عليه، وإنما يطعم شيئاً طيباً، فالذي يبدو أنه لا فرق بين الحمار وغيره، فالنتيجة واحدة، والكل يمنع من أكل العذرة والأِشياء القذرة.
وأما بالنسبة للدجاج فإنه قد يجد شيئاً قذراً لكنه في الغالب يكون طعامه طيباً، فأقول: مثل هذا لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر كونه يأكل هذه الأشياء القذرة دائماً ويتغذى بها، أما إذا أكل شيئاً نجساً يسيراً جداً فهذا لا يسلم منه الدجاج.
حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ رضي الله عنه قال: (كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل يسمي دابته، فإنه لا بأس بأن تسمى الدابة باسم تعرف به، وقد جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث، ومنها هذا الحديث الذي هو حديث معاذ قال: (كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير) يعني: اسمه عفير، وقيل: إنه تصغير أعفر، وهو الذي لونه لون التراب.
ففي الحديث تسمية الحمار بعفير، والشيخ الألباني قال: إن التسمية هنا شاذة، لكن كون بعض الرواة ما ذكروا التسمية لا يؤثر؛ لأن الذي ذكر أن اسمه كذا هي زيادة في الحديث فتكون مقبولة.
وهذا هو نفس الحديث: (أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟) إلى آخر الحديث.
هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الأحوص ].
أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن ميمون ].
عمرو بن ميمون ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معاذ ].
معاذ بن جبل رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثني يحيى بن حسان أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: (أما بعد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة والصبر، والسكينة وإذا قاتلنا) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في النداء عند النفير يا خيل الله اركبي.
النداء عند النفير يعني: عند الفزع وعند إرادة الإقدام، فينادى: يا خيل الله اركبي.
وقيل: المراد بالخيل هم الفرسان؛ لأن الخيل تأتي ويراد بها الأفراس، وتأتي ويراد بها الفرسان، ومن ذلك قول الله عز وجل: وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [الإسراء:64] أي: بجنودك سواء ممن يركبون الخيل، أو الذين يمشون على أرجلهم.
أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أما بعد: فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا خيل الله).
قوله: (إذا فزعنا).
يعني: إذا حصل فزع ونفير، وذلك في الإقدام على شيء، ومنه الحديث الذي جاء في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وأنه أصاب الناس فزع وركب على فرس عري ليس لها سرج فسبق الناس حتى رجع وقال: (لن تراعوا لن تراعوا! وقال: إنه لبحر) يعني: مع أنه كان كليلاً وبطيئاً لكنه انطلق وأسرع وسبق غيره، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرهم بأنه ليس هناك شيء، وأنهم لن يراعوا، فالمقصود به الفزع عند الشدة والنفير لأمر مهول أو أمر مخوف.
قوله: [ (فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا) ].
يعني: إذا حصل فزع وخوف، والفزع الذي هو النفير من أجل شيء يخاف منه.
فكان يناديهم: يا خيل الله! من أجل أن يفزعوا فينطلقوا وينفروا، والمقصود بذلك الفرسان وليس الخيل نفسها، والحديث ضعيف لأنه من في سنده كلهم ضعفاء إلا الصحابي ويحيى بن حسان وخمسة رواة كلهم ضعفاء انفرد أبو داود بالرواية عنهم.
قوله: [ (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة والصبر والسكينة).
أي: أن نكون مجتمعين، وألا نكون متفرقين، وبالصبر والسكينة إذا نفروا من أجل الذي فزعوا إليه، وعدم الذعر والخوف، أو أن يكون عندهم هلع. والحديث ضعيف لأن فيه خمسة ضعفاء.
قوله: [ (وإذا قاتلنا) ].
كذلك يأمرهم بالصبر والجماعة في هذه الأحوال عند فزعهم وعند قتالهم.
محمد بن داود بن سفيان ، مقبول، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثني يحيى بن حسان ].
يحيى بن حسان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجة .
[ أخبرنا سليمان بن موسى ].
سليمان بن موسى ، وفيه لين، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ].
جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ، وهو ليس بالقوي، أخرج له أبو داود .
[ حدثني خبيب بن سليمان ].
خبيب بن سليمان ، وهو مجهول، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
سليمان بن سمرة وهو مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن سمرة بن جندب ].
سمرة بن جندب رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فسمع لعنة، فقال: ما هذه؟ قالوا: هذه فلانة لعنت راحلتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ضعوا عنها فإنها ملعونة، فوضعوا عنها، قال
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن لعن البهيمة.
يعني: أن لعن البهيمة حرام لا يجوز، وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع لعنة فقال: ما هذه؟ قالوا: فلانة -يعني: سموها- لعنت ناقتها! فقال: ضعوا عنها).
يعني: ضعوا عنها حملها أو ركابها واتركوها عارية ليس عليها شيء، فلا يركبها أحد، قال: (فإنها ملعونة).
قوله: [ (فإنها ملعونة) ] يعني: أن صاحبتها لعنتها، وهذا قيل: إنه من العقوبة بالمال، وذلك حرمان منفعة المال، وحرمان الركوب، والمقصود من هذا أنه ليس معنى ذلك أنها تهمل وتترك، وأنه لا يستفاد منها، وإنما المقصود منها هذه الصحبة والرفقة التي حصل فيها اللعن، أنها تترك فلا يستفاد منها عقوبة لصاحبتها؛ لكونها لعنتها، ولا يعني ذلك أنها لا تبقى على ملك صاحبتها، وأنها تباع ولا يستفاد منها، بل يستفاد منها، وليست مالاً مهملاً متروكاً مضيعاً، وإنما هذه عقوبة من أجل التأديب حتى لا تفعل مثل ذلك، وحتى يبتعد غيرها عن أن يقدم على ما أقدمت عليه.
وقد قال الإمام النووي : إن هذا إنما هو خاص في تلك الرفقة التي فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا جاء في الحديث: (لا تصحبنا ناقة ملعونة) وعلى هذا فاللعن لا يجوز، والنهي موجه لكل أحد، ولكن ذلك لا يعني أنه إذا لعن الشيء فإنه يهمل ويترك ولا يستفاد منه، وإنما ذلك كما قال النووي: خاص بتلك الناقة التي لعنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصحبنا ناقة ملعونة).
قوله: [ (فكأني أنظر إليها ناقة ورقاء) ].
يعني: أنها فيها غبرة مثل لون الحمامة التي يقال لها: ورقاء.
سليمان بن حرب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد بن زيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أيوب بن أبي تميمة السختياني مر ذكره، وأبو قلابة هو: عبد الله بن زيد الجرمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي المهلب ].
وهو الجرمي عم أبي قلابة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمران ].
عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله عنه وأرضاه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا يحيى بن آدم عن قطبة بن عبد العزيز بن سياه عن الأعمش عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في التحريش بين البهائم، والتحريش بين البهائم هو أن يسلط بعضها على بعض، وأن يعمل على ذلك، كالكباش تتناطح أو الديكة تتناقر ويؤذي بعضها بعضاً، وذلك لما فيه من العبث؛ ولأن فيه إيذاء وإيلاماً للحيوان، حيث إن الحيوان يؤلم الحيوان؛ فيترتب على ذلك كون الكبش ينطح الكبش بأن يضره ويلحق به ضرراً، والديك ينقر ديكاً آخر فيفقأ عينه أو يلحق به ضرراً.
فالعلة كونه فيه عبث وأيضاً ما يترتب عليه من إلحاق الضرر بالحيوان بسبب هذا التحريش، والحديث ضعيف، ولكن وإن كان هو ضعيف إلا أن المعنى صحيح، فلا يجوز أن يتسبب المرء في كون الحيوان يؤذي أخاه، ولا أن يلتهى بذلك، وكون الإنسان يستمتع بالنظر إليها وهي يؤذي بعضها بعضاً، لا يجوز.
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قطبة بن عبد العزيز بن سياه ].
قطبة بن عبد العزيز بن سياه ، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن الأعمش ].
سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي يحيى القتات ].
أبو يحيى القتات ، وهو لين الحديث، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن مجاهد ].
مجاهد بن جبر المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث ضعيف من جهة هذا الراوي الذي هو لين الحديث.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بأخ لي حين ولد ليحنكه، فإذا هو في مربد يسم غنماً. أحسبه قال: في آذانها) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في وسم الدواب، يعني: أن ذلك سائغ؛ لأن فيه مصلحة وفائدة، وهي أنه علامة بحيث يكون كل جماعة أو كل قبيلة لهم علامة في الوسم، بحيث إذا رئي الحيوان قيل: هذه الناقة لآل فلان، أو هذا وسم آل فلان، أو هذا وسم إبل الصدقة، فالمقصود به العلامة التي يستدل بها على أهل البهيمة، وعلى أصحاب البهيمة، وهو إن كان فيه شيء من الإيذاء في أول الأمر عند وسمها إلا أنه من جنس الأشياء الأخرى مثل الختان؛ لأن فيه مصلحة وفائدة.
فالوسم جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه كما أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه جاء بأخ له حين ولد ليحنكه، أي: ليمضغ تمرة ثم يدلك بها حنكه فيكون أول شيء يصل إلى جوفه هو ذلك الحلو، ثم كونه من ريق النبي صلى الله عليه وسلم فيكون فيه البركة، وقد كانوا يتبركون بريقه صلى الله عليه وسلم ويتبركون ببصاقه وشعره وعرقه ومخاطه صلى الله عليه وسلم.
فكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتبركون به صلى الله عليه وسلم، فكانوا يأتون إليه من أجل أن يحنك أولادهم، وبعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذهب إلى أحد ليحنك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ريقه فيه بركة، ولم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده يذهبون إلى أبي بكر أو إلى عمر أو إلى عثمان أو إلى علي ليحنكوا أطفالهم، وإنما كان الواحد يحنك ابنه، والمرأة تحنك ابنها دون أن يحتاج إلى أن يذهب إلى أحد، فقد ذكر الشاطبي في الاعتصام ذلك، وأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما فعلوا ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل هذا على أنه من خصائصه عليه الصلاة والسلام.
يقول أنس : إنه ذهب بأخ له إلى رسول الله ليحنكه، وهو أخوه من أمه زوجة أبي طلحة، فوجده في مربد، وهو حضيرة الغنم التي تكون فيها، فوجده يسم غنماً، قال: حسبته قال: في آذانها يعني: في آذان الغنم، وهذا يدل على أن الغنم توسم في آذانها؛ لأن شعرها يغطي الوسم لو كان في غير الأذن، فالوسم في الأذن يكون واضحاً وجلياً، ويكون بيناً.
وفي هذا دليل على أن الأذن ليست من الوجه؛ لأنه جاء النهي عن الوسم في الوجه، وعن الضرب في الوجه، وقد جاء في الحديث بالنسبة للإنسان أن الأذنين من الرأس أي: أنهما تمسحان ولا تغسلان، فحكمهما حكم الرأس لا الوجه، فالوجه يغسل والرأس يمسح والأذنان من الرأس تمسحان ولا تغسلان، فأضافهما إلى الرأس، لكن جاء في بعض الأحاديث إطلاق الأذن أو نسبتها إلى الوجه كما في الحديث الذي يقول: (سجد وجهي لله الذي خلقه، وشق سمعه وبصره).
والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه النهي عن الوسم في الوجه، وجاء عنه الوسم في الأذن؛ فدل ذلك على أنه سائغ سواء قيل إنه من الوجه فيكون مستثنى، أو أنه ليس من الوجه، وإنما هو من الرأس فيكون فعل النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً أن ذلك سائغ، وأنه ليس من قبيل ما نهى عنه.
حفص بن عمر ، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن زيد ].
هشام بن زيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث رباعي فهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
الجواب: لا يجوز أن يوسم الإنسان، وإنما يفصح عن نفسه، فلا يحتاج إلى أن يعرف كما تعرف البهائم بوسمها، البهائم لا تفصح عن نفسها لأنها تعلم عن نفسها هي كما ورد في الحديث: (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة) يعني: التي لا تفصح.
الجواب: الغنم لا يجوز قطع آذانها من أجل الوسم، بل ذلك يؤثر عليها فيما يتعلق بالأضاحي والهدي، وإنما توسم بدون قطع.
الجواب: هذا يدل على الحرص من النهاية للنهاية، وعلى كل: كونه يضع علامة لنعله حتى تتميز لا بأس بذلك.
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بحمار قد وسم في وجهه فقال: أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها؟ فنهى عن ذلك) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه.
يعني: أنه لا يجوز أن يوسم في الوجه، ولا أن يضرب الحيوان على الوجه، والإنسان من باب أولى، وقد جاء فيه النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الوجه فيه معظم الحواس والتي هي السمع والبصر والفم والأسنان واللسان وما إلى ذلك، فيكون فيه إيذاء، بخلاف الجهات الأخرى أو الأماكن الأخرى التي ليست كذلك، فيترتب على ذلك تشويه الخلقة أو فقد حاسة من الحواس، وما إلى ذلك من الأمور المحظورة التي عنيت وقصدت في النهي عن الوسم والضرب في الوجه.
قوله: [ (أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها) ].
لا يجوز الضرب ولا الوسم في الوجه.
قوله: [ (فنهى عن ذلك) ]
يعني: أنه قد سبق أن لعن فاعل ذلك، قال: (أما بلغكم) يعني: أنه قد تقدم مني بذلك لعن، ثم إنه قال: (فنهى عن ذلك) يعني: زيادة أو تأكيداً لما سبق أن حصل منه صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا تأكيداً بعد تأكيد، وتنبيهاً على شيء قد حصل، وأن السنة إذا وجدت فعلى الناس أن يأخذوا بها، وأن من لم يعمل بها فإنه قد يكون مخالفاً لما جاءت به السنة، ويمكن أن يحمل على أنه لم يبلغه ذلك فيكون معذوراً، ولهذا قال: (أما بلغكم أني قد لعنت) فإذا كان الإنسان لم يبلغه ذلك فإنه يكون معذوراً، وإذا بلغه النهي فلا يجوز له أن يقدم عليه، بل عليه أن يحذر الوقوع في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
سفيان الثوري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزبير ].
أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر بن عبد الله رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا سند رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ابن زرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها، فقال
أورد أبو داود باباً في النهي عن أن تنزى الحمر على الخيل يعني: فتتولد منها البغال؛ لأن الخيل إذا نزت على الخيل جاء خيل، والحمير إذا نزت على الحمير جاء حمار، ولكن إذا نزى جنس على غير جنس جاء شيء له اسم خاص، وهو البغل الذي يكون متولداً من الحصان والحمار، والنهي جاء عن الإنزاء يعني: كون الناس يتعمدون هذا الشيء، وذلك أن فيه قطع النسل المرغوب فيه، وعمل على وجود نسل من جنس آخر أخف منه الذي هو البغل، الذي لا يحصل منه الكر والفر الذي يحصل من الخيل والأفراس.
فإنزاء الحمر على الخيل يكون فيه عدم التوالد بين الخيل أو قلة التوالد بين الخيل، مع أن الخيل معقود في نواصيها الخير، وهي التي يرغب فيها وفي تناسلها، وفي استعمالها، وقد جاء في القرآن أن الله امتن على الناس بالخيل والبغال قال تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً [النحل:8] فذكر البغال، ولكن كونه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك يدل على أن هذا الذي يحصل قد يأتي بدون إنزاء، فإذا حصل بدون إنزاء فهذا شيء ليس للشخص دخل فيه، وإنما أن يتعمد الناس ويأتون بالحمار، ويمسكون الفرس حتى ينزو عليها فهذا هو الذي جاء فيه النهي.
فإذاً: الذي جاء في القرآن من الامتنان بها نعم هي نعمة من النعم ويستفاد منها، ولكن كونها تأتي من غير قصد هو الذي لا يخالف ما جاء في الحديث.
والبغال تستعمل ويستفاد منها إذا وجدت، لكنه لا يعمل على إيجادها بكون الحمير تنزو على إناث الخيل.
قوله: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها) ]. فدل ذلك على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ركب البغال، والله تعالى ذكر الامتنان على عباده بها في سورة النحل.
قوله: [ فقال علي : (لو حملنا الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه) ].
يعني: الرسول لما ركب هذه البغلة التي أهديت إليه واستعملها قال علي : (لو حملنا الحمير على الخيل لكان لنا مثل هذه)، يعني: هذه التي ركبها النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون) ].
يعني: الذين هم لا يعلمون العواقب أو النتائج، وأنه يأتي شيء غير مرغوب فيه، ويترك الشيء الذي هو مرغوب فيه، أو الذين لا يعلمون الأحكام.
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يزيد بن أبي حبيب ].
يزيد بن أبي حبيب المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الخير ].
وهو: مرثد بن عبد الله اليزني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن زرير ].
وهو: عبد الله بن زرير ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن علي بن أبي طالب ].
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة رضي الله عنه وأرضاه، والحديث رجاله مصريون إلا شيخ أبي داود والصحابي، والأربعة الذين بينهما كلهم مصريون الليث ويزيد بن أبي حبيب وأبو الخير وابن زرير .
الجواب: الحديث يدل على أن الإنزاء لا يفعل؛ لأن هذا فيه قطع أو تقليل للنسل المفضل المرغب فيه الذي يستعمل في الجهاد في سبيل الله عز وجل، والذي يحصل به الكر والفر والمضي؛ لأن البغال ليست كذلك.
حتى وإن كان العكس أن تنزو الخيل على أنثى الحمير فالنتيجة واحدة؛ لأن الخيل فيه القوة التي يمكن أن يضعها في أنثى من الفرس فتلد خيلاً، فالنتيجة أن هذه القدرة وهذه القوة ذهبت في شيء دونه في القوة.
حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن عاصم بن سليمان عن مورق -يعني: العجلي - حدثني عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر استقبل بنا، فأينا استقبل أولاً جعله أمامه، فاستقبل بي فحملني أمامه، ثم استقبل بـ
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في ركوب ثلاثة على دابة.
يريد أبو داود رحمه الله أن الدابة يمكن أن يركب عليها ثلاثة ولكن بشرط أن تكون مطيقة لا يؤثر عليها الركوب ويلحق بها ضرراً.
وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما، وكان من صغار الصحابة، وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر استقبل بالصغار يعني: أن الكبار يستقبلون الرسول صلى الله عليه وسلم بالصغار معهم، فاستقبل في سفرة قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بـعبد الله بن جعفر فأركبه أمامه، ثم استقبل بـحسن أو حسين -يعني: أحدهما، وهذا شك من الرواي- فجعله وراءه، فكان يجعل الأول أمامه والثاني يجعله وراءه.
وقال: فدخلنا المدينة وإنا لكذلك، يعني: ثلاثة على راحلة، ومعلوم أن عبد الله بن جعفر والحسن أو الحسين كانا صغيرين، والأمر مبني على الإطاقة للدابة، فإذا كانت الدابة مطيقة ولا يلحقها ضرر فإنه يجوز أن يركب عليها ثلاثة أو اثنان، وإذا كان يلحقها ضرر فلا يركب عليها إلا واحد، ومعلوم أن هذين الاثنين اللذين ركبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهما من صغار الصحابة- كانا صغيرين، فمن ناحية الحمل والثقل فهما ليسا بكبيرين، بل يمكن أن يعادلا شخصاً واحداً أو أقل من ذلك، فكأنه ركب عليها اثنان، ولكن في الحقيقة الحكم يدور مع الدابة وكونها مطيقة أو غير مطيقة، فإن كانت مطيقة حمل عليها أو ركب عليها اثنان أو ثلاثة، وإن كانت لا تطيق فلا يركب عليها إلا من تطيقه.
أبو صالح محبوب بن موسى ، صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري ].
إبراهيم محمد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم بن سليمان ].
عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
مورق العجلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن جعفر ].
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر