حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا جرير بن حازم حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في السيف يحلى، يعني: هل يحلى أو لا يحلى؟ وهو أن توضع فيه زينة كأن يكون فيه فضة أو ذهب، والسيف لا يحلى بالذهب، ولكن تحليته بالفضة تجوز إذا كانت التحلية يسيرة.
وأورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة) والقبيعة: هي التي بجوار مقبض السيف، ولعله الشيء الذي يفصل بين الحد وبين المقبض، بحيث يكون فيه شيء نافع يميز ويفصل بين المقبض وبين حد السيف، فهذه المنطقة يقال لها قبيعة، فيكون هذا المقدار من السيف محلى بالفضة، فدل ذلك على جواز مثل ذلك، وأن التحلية بالفضة لا بأس بها بحيث تكون يسيرة.
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا جرير بن حازم ].
جرير بن حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي مر ذكره.
[ عن أنس بن مالك ].
رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من الأسانيد العالية عند أبي داود التي يكون فيها بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص.
ورواية جرير بن حازم عن قتادة يقول الحافظ في التقريب: ثقة، في حديثه عن قتادة ضعف. لكن الأسانيد التي ستأتي بعده يقوي بعضها بعضاً.
أورد أبو داود هذا الإسناد وهو مرسل لأنه من رواية سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن البصري وأسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعي إذا أسند إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يقال له: حديث مرسل، وهو من قبيل المنقطع، لكن هذه الرواية والرواية السابقة يشهد بعضها لبعض، يعني: الحديث الأول متصل وفيه كلام، وهذا منقطع وهو صحيح، فبعضها يشهد لبعض.
معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: حدثني أبي ].
هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن ].
قتادة مر ذكره، وسعيد بن أبي الحسن أخو الحسن البصري واسمه: الحسن بن أبي الحسن ، وهذا سعيد بن أبي الحسن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال قتادة : وما علمت أحداً تابعه على ذلك ].
يحتمل أن يكون هذا من قول قتادة ويكون المراد به سعيد بن أبي الحسن ، ولكن قيل: إن المقصود أن الذي قال هذا هو أبو داود نفسه، أي: قال أبو داود في رواية قتادة : وما علمت أن أحداً تابعه أي: تابع جرير بن حازم في الرواية عن قتادة.
قالوا: لأن هذه العبارة ما كان يستعملها المتقدمون وإنما يستعملها المتأخرون.
لكن بعض أهل العلم قال: يحتمل أن يكون هذا القول قول قتادة ، ومرجع الضمير في قوله: (تابعه) أي: تابع سعيد بن أبي الحسن ، لكن الأقرب: أن هذا من قول أبي داود، وأن الصيغة فيها اختصار، وأنه قال أبو داود في رواية قتادة: وما علمت أحداً تابعه، فيكون الضمير رجعاً إلى جرير بن حازم في روايته عن قتادة .
وفيما يتعلق برواية جرير عن قتادة فيها شيء.
قال النسائي : هذا حديث منكر والصواب قتادة عن سعيد .
وقال الترمذي : حديث حسن غريب، وهكذا روي عن همام عن قتادة عن أنس ، وقد روى بعضهم عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن .
وأما قول النسائي : والصواب عن قتادة عن سعيد فإنه صوب المرسل، أي: أن ذاك متصل وهذا مرسل وهو صوب المرسل.
والأحاديث كلها يضم بعضها إلى بعض، والألباني قال: إن الحديث صحيح لغيره، يعني: أن هذه الروايات بعضها يشهد لبعض، فلا تنافي بينها من حيث النتيجة والغاية.
أبو داود قوى مثل الذي قوى النسائي ، وهي الطريق الوسطى التي هي مرسلة، ولكن هذه الضعاف هي بمعنى المرسلة، وكلها تتعلق بقبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان من فضة فيكون بعضها شاهداً لبعض، ويقوي بعضها بعضاً.
محمد بن بشار هو الملقب بندار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العنبري ].
يحيى بن كثير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عثمان بن سعد ].
عثمان بن سعد ، وهو ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي .
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه قد مر ذكره.
وهذا سند رباعي.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه أمر رجلاً كان يتصدق بالنبل في المسجد ألا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في النبل يدخل به المسجد. والمقصود من الترجمة جواز مثل ذلك بالنسبة للمساجد، وأنه سواء كان في المسجد أو في الأماكن التي يجتمع فيها الناس يحذر من أن يجرح أحداً أو يكون عرضة لأن يحصل لأحد إيذاء به، فيمسك بنصال النبال بحيث يؤمن من ضررها.
وقد أورد أبو داود حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمر رجلاً كان يتصدق بالنبل في المسجد ألا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها).
قتيبة بن سعيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزبير ].
أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر رضي الله عنه، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد أيضاً من الرباعيات عند أبي داود .
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري ، وهو بمعنى الحديث الأول إلا أن فيه زيادة الأسواق مع المساجد.
قوله: [ (إذا مر أحدكم في مسجدنا) ].
ليس المقصود مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة، وإنما المقصود مساجد المؤمنين التي فيها الاجتماع، فمسجدنا أو سوقنا يعني: الأماكن التي فيها اجتماع الناس، فيمسك بنصالها لئلا تصيب أحداً من الناس عن طريق الخطأ.
قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ].
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو أسامة ].
وهو: حماد بن أسامة البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بريد ].
بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وهو ثقة يخطئ قليلاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بردة ].
أبو بردة هو جده؛ لأنه بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وهو يروي عن جده أبي بردة ، وهو أبو بردة بن أبي موسى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى ].
وهو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث فيه رواية حفيد عن جد وابن عن أب، رواية حفيد عن جد وهو بريد يروي عن جده أبي بردة ، وأبو بردة يروي عن أبيه أبي موسى .
والحديث فيه دليل على جواز إدخال السلاح المسجد، إذا لم يحصل منه مضرة في ذلك.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً يعني: يعطي شخص الثاني، وذلك لأنه إذا كان مسلولاً لا يؤمن أن يحصل عن طريق الخطأ أن يجرح أحدهما أو يسقط على رجله ما دام أنه مسلول، ولكنه إذا كان مغمداً يؤمن من وراء أن يباشر حده الأجسام، فيتعاطى السيف مغمداً بحيث إنه لو مس بشره لا يؤثر فيه.
وقد أورد أبو داود حديث جابر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً).
يعني: وإنما يتعاطى مغمداً؛ وذلك من أجل السلامة من حصول الضرر بسببه.
موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
وهو ابن سلمة ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الزبير عن جابر ].
أبو الزبير وجابر قد مر ذكرهما.
وهذا سند رباعي.
الجواب: السكين كما هو معلوم ليست مغمدة دائماً، ولكنه إذا طلبها منه أحد فيناوله المقبض ولا يناوله حدها، وإنما يمسك المقبض ويناوله، والسكين ليست ثقيلة مثل السيف فأمرها أخف من حيث الثقل، فإذا كان لها غمد فإنه يناسب أن تكون مغمدة، لاسيما إذا كانت من السكاكين التي يعتنى بها لحدتها، وكونها تغمد ويحافظ عليها، أما إذا كانت من السكاكين العادية البسيطة فيمكن للإنسان أن يناول الآخر، ولكنه لا يعطي الحد لصاحبه.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا قريش بن أنس حدثنا أشعث عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقد السير بين أصبعين) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي أن يقد السير بين إصبعين.
والسير: هو القطعة التي تستخرج من الجلد، بحيث إنه يقد من الجلد سيور، فهذا في كيفية القد، أنه لا يكون القد بين إصبعين؛ لأنه قد تنزل السكين التي يقد بها على الأصابع أو على اليد فتجرحها بحدها، وهذا المقصود منه المحافظة على النفس، وعدم التساهل في استعمال السلاح بحيث إنه قد يؤدي إلى أن يجرح الإنسان نفسه، فيكون من جنس ما تقدم من الأحاديث، فإذا قده بين إصبعين فمعناه أنه قد يزل الحد إلى الإصبع، لكن إذا كان معه شخص يمسك ثم يقد فإنه ينتفي المحذور، وإذا كان وحده يمكن أنه يمسك طرفاً ويقد، أما كونه يقد بين إصبعين فإنه قد يعرض نفسه لجرح أصابعه بتلك السكين التي يقد بها.
والسير: هو القطعة الدقيقة التي تؤخذ من الجلود، بحيث يكون مثل الحبل يحزم به ويربط به.
وهو نفس السير الذي في النعال، كذلك هذه السيور كانت تتخذ فيما مضى في استخراج الماء؛ لأنهم يقدون الجلد حتى يصير سيراً، فيربطون به الغرب، فيكون مكوناً من رشا في أعلاه، وسير في أسفله من الجلد، فكل ذلك سواء كان للنعل أو لاستخراج الماء أو لرباط أربطة أو أي شيء؛ كل هذا يقال له سيور.
محمد بن بشار مر ذكره.
وقريش بن أنس صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا أشعث ].
أشعث بن عبد الملك الحمراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ عن الحسن عن سمرة بن جندب ].
الحسن بن أبي الحسن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة ، ورواية الحسن عن سمرة لم يثبت منها إلا حديث العقيقة، وأما غيره ففيه خلاف، فقيل: لا يصح إلا إذا جاءت له شواهد ومتابعات، والألباني ضعفه؛ لأنه ما جاء إلا من هذه الطريق وليس له شواهد.
والذي مر معنا من النهي أن يقد السير، والنهي أن يتعاطى السيف مسلولاً، والنهي إذا مر الإنسان بالنبل وهو غير قابض على نصولها الأصل فيها التحريم، ومعلوم أن سد الذرائع من قواعد الشريعة، وهذا كله من سد الذرائع.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان قال: حسبت أني سمعت يزيد بن خصيفة يذكر عن السائب بن يزيد رضي الله عنه عن رجل قد سماه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين، أو لبس درعين) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في لبس الدروع.
والدروع: هي التي تتقى بها السهام، بحيث إذا جاء السهم لا يضرب في الجلد وفي الجسم بل يضرب في الدرع الذي يعتبر وقاية للجسم، فلبس الدروع سائغ، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك لبس المغفر على الرأس ليقيه السهام والسيوف، فالدروع تلبس على الأجسام أو على الصدور من أجل أن تمنع السهام أن تنفذ إلى الأجسام.
أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد سماه السائب ، والسائب صحابي صغير.
قوله: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر...) ].
يعني: لبس اثنين، من المظاهرة والتظاهر: وهو التعاون والتساعد، ومعناه: أن هذا صار مع هذا، فصارا شيئين اثنين، فصار الثاني يقوي الأول، فهو إما أنه ظاهر بمعنى: أنه لبسهما وجعل واحداً مساعداً للثاني وإما أنه لبسهما بحيث جعل أحدهما فوق الثاني.
سفيان هو: ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: حسبت أني سمعت يزيد بن خصيفة ].
وهذا فيه شك في السماع، ويزيد بن خصيفة ، ثقة، أخرج له صحاب الكتب الستة، وهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة فهو منسوب إلى جده.
[ عن السائب بن يزيد ].
السائب بن يزيد ، وهو صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رجل قد سماه ].
وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك؛ لأن الصحابة يروون عن الصحابة.
أما إذا أخذ بالأسباب واعتمد على الله، وعلم أن كل شيء بقضاء الله، فإن ذلك لا ينافي التوكل، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، وهنا قوله: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، فيه الإرشاد إلى الأمرين وهما: الأخذ بالأسباب، والتعويل على مسبب الأسباب، فإنه قوله: (احرص على ما ينفعك) أخذ بالأسباب المشروعة، ومع أخذه بالأسباب لا يعتمد على الأسباب ويغفل عن الله، بل عليه أن يسأل الله عز وجل ويستعين به، ويسأله أن يحقق له ما يريد.
فإذاً: الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع ولبس المغفر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا ابن أبي زائدة أخبرنا أبو يعقوب الثقفي حدثني يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم قال: بعثني محمد بن القاسم إلى البراء بن عازب رضي الله عنهما (يسأله عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت؟ فقال: كانت سوداء مربعة من نمرة) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الرايات والألوية. يعني: في الجهاد ما لونها؟ والألوية: قيل: إن اللواء يكون أكبر من الراية والراية دونه، وقيل العكس.
والراية واللواء المقصود به الدلالة على القائد، ومعرفة المرجع الذي يرجع إليه الجيش، ومعرفة مكانه؛ لأنها تكون مرتفعة وعالية، وترى من بعد؛ فيعرف الناس من ارتفاعها المكان الذي يكون فيه المرجع الذي يرجع إليه الجيش، والقائد الذي يقود الجيش يكون عند هذا اللواء.
وقد أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: (إن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء مربعة من نمرة) والنمرة: هي الثياب المخططة التي فيها سواد وبياض، وقيل لها: سوداء لأنها ترى من بعيد، ففيها خطوط، لكنها ترى من بعيد سوداء، فذكر النمرة يدل على أنها ليست سوداء خالصة، ولكنها يغلب عليها السواد، وكذلك ترى من بعيد.
فهذا فيه دليل على أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء، وقال هنا: إنها مربعة، ومعناه: أنها متساوية الأضلاع، يعني أن طولها وعرضها سواء، والألباني حسن الحديث بدون ذكر كونها مربعة.
إبراهيم بن موسى الرازي ، ثقة حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ابن أبي زائدة ].
وهو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا أبو يعقوب الثقفي ].
وهو: إسحاق بن إبراهيم ، وثقه ابن حبان ، وفيه ضعف، وحديثه أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثني يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم ].
يونس بن عبيد ، وهو مقبول أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن البراء بن عازب ].
البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله تعالى عنه وعن أبيه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه مقبول وفيه من هو ضعيف، والألباني حسن الحديث وصححه بدون كونها مربعة، ولعل ذلك لشواهد.
أورد أبو داود حديث جابر : أن لواءه حين دخل مكة كان أبيض، وهذا يدل على أنه كان أبيض، والحديث الأول يدل على أنه كان أسود، وهذا يدل على تعدد الألوان في الألوية، وأنه أحياناً يكون كذا، وأحياناً يكون كذا.
قوله: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي وهو ابن راهويه ].
إسحاق بن إبراهيم المروزي هو ابن راهويه ، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو فقيه، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شريك ].
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، اختلط لما ولي القضاء، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمار الدهني ].
عمار بن معاوية الدهني ، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الزبير ].
أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر يرفعه ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (عن جابر يرفعه) يعني: أنه يضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إما أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديثاً آخر عن رجل من قوم سماك بن حرب يقول: (رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء) يعني: لونها أصفر، ولكن الحديث فيه هذا الرجل المبهم الذي هو شيخه الذي من قومه، وأما الصحابي الذي رأى الراية فالجهالة لا تؤثر؛ لأن المجهول من الصحابة في حكم المعلوم، ولكن الجهالة تؤثر في غيرهم، فهذا الذي هو شيخ سماك مبهم غير معروف، فالحديث بسببه ضعيف، وأما الرجل المبهم الذي رأى راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء فجهالته لا تؤثر؛ لأن الصحابة عدول والمجهول منهم في حكم المعلوم.
قوله: [ حدثنا عقبة بن مكرم ].
عقبة بن مكرم ، ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا سلم بن قتيبة الشعيري ].
وهو أبو قتيبة يعني: كنيته أبو قتيبة ، وأبوه قتيبة ، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو يأتي أحياناً بكنيته فقط فيقال: أبو قتيبة ، وأحياناً يأتي باسمه كما هو هنا سلم بن قتيبة الشعيري والشعيري نسبة إلى بيع الشعير.
وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن رجل من قومه عن آخر منهم ].
وهذا هو الذي قلت: إنه سبب تضعيف الحديث، لأنه رجل مبهم لا يعرف.
حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا الوليد حدثنا ابن جابر عن زيد بن أرطأة الفزاري عن جبير بن نفير الحضرمي أنه سمع أبا الدرداء رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم).
قال أبو داود : زيد بن أرطأة أخو عدي بن أرطأة ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب الانتصار برذل الخيل والضعفة.
يعني: طلب النصر أو تحصيل الانتصار لوجود ضعفة عندهم صدق وإخلاص وعبادة، يدعون الله عز وجل فيستجيب لهم.
وقد أورد أبو داود حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم).
وقد جاء في سنن النسائي : (بدعائهم وصدقهم وصلاتهم وإخلاصهم) يعني: لأن عندهم العبادة والإخلاص، وليس عندهم انشغال بالدنيا ومتاعها ولذاتها، وإنما هم مقبلون على العبادة، فيكون دعاؤهم مظنة الإجابة.
فمعنى هذا: أنه إذا وجد في الجيش من يكون كذلك ومن يكون قلبه خالياً من التعلق بالدنيا، ومشتغلاً بالعبادة والدعاء فإن ذلك من أسباب النصر على الأعداء؛ لكونهم يدعون الله عز وجل، وقلوبهم صافية، وهم مخلصون لله عز وجل، وليس عندهم الانشغال بالدنيا ومتاعها ولذاتها.
قوله: [ (ابغوني) ].
أي: اطلبوا لي، ومعناه: أنه يريد مثل هذا النوع وهذا الجنس من الناس الذين يكون عندهم عبادة وإخلاص، وليس عندهم انشغال بالدنيا وافتتان بها.
قوله: [ (فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم) ].
يعني: بوجودهم معكم، وكونهم يسألون الله عز وجل والله تعالى يجيب دعاءهم.
فوجود الفقير والضعيف الذي يعان ويساعد من أسباب كثرة الرزق، وكذلك أيضاً كون الضعيف يدعو فيستجيب الله له مثلما جاء في الحديث: (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره).
أما رذل الخيل فلم يأت في الحديث شيء يدل عليها، ولكن لعل ذلك لكون الضعفاء يكون عندهم شيء ضعيف على قدر حالهم وطاقتهم، وأنه لا يستهان بالضعفاء ولا بمركوباتهم، والمقصود من ذلك هو الضعفاء أنفسهم، والرذل هي تابعة لهم، وهذا على قدر طاقتهم وقدر ما يستطيعون.
مؤمل بن الفضل الحراني ، صدوق أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن الوليد ].
الوليد بن مسلم الدمشقي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن جابر ].
وهو: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أرطأة الفزاري ].
زيد بن أرطأة الفزاري ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن جبير بن نفير الحضرمي ].
جبير بن نفير الحضرمي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ أنه سمع أبا الدرداء ].
أبو الدرداء وهو: عويمر رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : زيد بن أرطأة أخو علي بن أرطأة ].
هذا تعريف بهذا الشخص، وأنه أخ لهذا الشخص.
حدثنا سعيد بن منصور حدثنا يزيد بن هارون عن الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان شعار المهاجرين عبد الله، وشعار الأنصار عبد الرحمن) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل ينادي بالشعار.
يعني: أنه يتكلم بالشعار أو ينادي غيره بهذا الشعار، ففي هذا الحديث الذي أورده أبو داود من حديث سمرة أن شعار المهاجرين عبد الله، أي ينادى أحدهم ويقول: يا عبد الله! وشعار الأنصار يا عبد الرحمن! فهذه علامة اتفقوا واصطلحوا عليها بأن يكون شيء تواطئوا عليه بحيث إنه إذا نودي بكذا يعرف أن المراد هذا الصنف من الناس، وإذا نودي بكذا فالمراد به هذا الصنف من الناس، لكن الحديث ضعيف لأنه من رواية الحسن عن سمرة ، وفيه أيضاً الحجاج بن أرطأة .
سعيد بن منصور ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
يزيد بن هارون الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحجاج ].
الحجاج بن أرطأة ، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له صحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سمرة بن جندب ].
رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (غزونا مع
وهذه الكلمة قيل: إن المقصود بها أنها دعاء، وهي أن الله تعالى يميت الكفار أو يميت العدو الذي يقاتلونه، ولكنها هي المقصود بها لفظة تواطئوا عليها، بحيث إذا كانوا في ظلام وكانوا في اختلاط فقد يدخل فيهم من ليس منهم، فإنه يعرف أنه منهم بذكره هذه العلامة، حتى لو جاء أحد أو كان واحداً منهم قد ذهب ليقضي حاجته أو ما إلى ذلك ثم جاء وظن أنه من العدو، فإذا ذكر هذه العلامة التي تواطئوا عليها عرف أنه منهم فلا يحلقه أذى منهم.
هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن المبارك ].
عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة بن عمار ].
عكرمة بن عمار ، وهو صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن إياس بن سلمة ].
إياس بن سلمة بن الأكوع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث المهلب بن أبي صفرة قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بيتم)، يعني: بيتكم العدو وأتاكم على غرة.
(فليكن شعاركم حم لا ينصرون) يعني: أن هذا هو شعار يكون بينهم يتعارفون به، ويعرف بعضهم بعضاً به بأن يقول: حم لا ينصرون، وقيل: إن اختيار (حم) التي هي من الحروف المقطعة في أوائل السور لتكون علامة لهم يتواطئون عليها، وكذلك أيضاً كلمة (لا ينصرون) أي: لا ينصر الكفار عليهم، أي: هؤلاء الذين هاجموهم أو بيتوهم، فهذا شعار يكون بينهم يعرف به بعضهم بعضاً.
محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المهلب بن أبي صفرة ].
المهلب بن أبي صفرة ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
قوله: (أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم).
يعني: أنه صحابي، والصحابة كلهم عدول المجهول فيهم في حكم المعلوم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
الجواب: على الإنسان أن يحذر من أن يعرض نفسه للخطر، فيقضي حاجاته بعمل كل ما يريد في مصلحته من قد وقص، لكن على وجه يأمن معه حصول أثره عليه.
ثم الحديث ضعيف كما عرفنا، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن كون الإنسان يكون على حذر من أن يتأذى بآلة حادة يستعملها هو أو يناوله آخر، فهذا أمر مطلوب.
الجواب: لأنه إذا كان منهما يصير قماراً، فكل واحد يريد أن يحصل من الثاني شيئاً، وأما إذا كان الجعل من واحد منهما فمعناه أنه ما كانت المنافسة الموجودة على المال، وإنما هي على العمل الطيب الذي هو المسابقة، والذي فيه مصلحة وتقوية للمسلمين.
وكذلك إذا كان الجعل من غير المتسابقين فما فيه المحذور الذي يكون بينهم، وهو كون كل واحد منهما يريد أن يكون رابحاً على حساب صاحبه.
الجواب: لا بأس بذلك، والمنهي عنه هو كون الرجل يجمع بين أختين، وأما كون الأب يتزوج واحدة والولد يتزوج أختها فلا بأس بذلك، ويجوز أن تكون الكبيرة للكبير والصغيرة للصغير والعكس أيضاً.
الجواب: الإنسان يحرص على الأدعية الشرعية التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل الله عز وجل بأدعية الرسول عليه الصلاة والسلام، والشيء الذي فيه إشكال أو فيه شبهة يبتعد عنه، والإنسان إذا حرص على أن يأتي بشيء من عنده أو من عند الناس لا يأمن من العثور، ولا يأمن من أن يقع في أمر لا ينبغي، ولكن الشيء الذي فيه العصمة هو كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أذكر أنه ورد شيء من هذا؛ لكن لا أدري هل هي سنة الظهر أو العصر أو هما معاً؟! ولكن الغالب والذي ينبغي والأفضل أن تكون كل ركعتين على حدة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى).
الجواب: الذي يبدو أنها ليست الجماعة، وإنما المقصود منه الصلاة نفسها، يعني: كون الإنسان يتركها أو يؤخرها حتى يخرج وقتها، فهذا هو المقصود، وأما الجماعة فلا شك أنها واجبة، ولكن عدم حضورها لا يبطل العمل، وإنما يفوت أجراً كبيراً، وهو حصول المضاعفة التي جاءت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر