إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [315]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحرب خدعة، فعلى قائد المسلمين أن ينصب الكمائن التي تفتك بالعدو، وينظم جيشه ويصفهم بما يناسب الحال، وإن دعا أحد من المشركين إلى المبارزة فليبعث له من فيه قوة وشجاعة ليقتله، ويكسر قلوب الكافرين بقتله.

    1.   

    نصب الكمائن في القتال

    شرح حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم الرماة على الجبل يوم أحد

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الكمناء.

    حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق سمعت البراء رضي الله عنه يحدث قال: (جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الرماة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلاً- عبد الله بن جبير رضي الله عنه، وقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا من مكانكم هذا حتى أرسل لكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم. قال: فهزمهم الله، قال: فأنا -والله- رأيت النساء يسندن على الجبل، فقال أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمة -أي قوم- الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟! فقال عبد الله بن جبير : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! فقالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فأتوهم فصرفت وجوههم وأقبلوا منهزمين) ].

    يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الكمناء ].

    والكمناء: جمع كمين. وهو القسم الذي يجعل من الجيش في مكان يختفي فيه ليقوم بمهمة في النكاية بالأعداء، هذا هو المقصود بالكمين أو الكمناء.

    وأورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، وذلك في غزوة أحد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل خمسين من الرماة في مكان، وجعل عليهم أميراً عبد الله بن جبير ، وقال: امكثوا في هذا المكان ولا تبرحوه حتى يأتيكم مني شيء، فإن رأيتمونا تخطفنا الطير -أي: هزمنا- فلا تبرحوا من مكانكم حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا ظفرنا وانتصرنا فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم، فلما حصلت الوقعة وانهزم المشركون في أول الأمر ورأى هؤلاء الذين هم كمناء ما حصل قال بعضهم لبعضهم: الغنيمة! أي: انتصر المسلمون.

    فذكرهم أميرهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم لا يبرحون، سواء انهزم الجيش أم انتصر حتى يأتيهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم من يبلغهم بالشيء الذي يفعلونه.

    فلما قال لهم أميرهم ما قال رأى بعضهم ألا يأخذوا بقول الأمير المستند إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم، فخرجوا ولحقوا بالقوم، ثم إنه حصل لهم بعد ذلك الهزيمة، وهؤلاء الذين أسندت إليهم المهمة وهم الكمناء ما قاموا بالالتزام بالشيء الذي أرشدهم إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فحصل ما حصل.

    والمقصود من الحديث ذكر الكمين، وأنه يمكن للوالي أو للأمير أن يجعل بعض القوم كمناء بحيث يكونون ظهراً للمسلمين.

    قوله: [ (جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الرماة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلاً- عبد الله بن جبير) ].

    يعني جعله أميراً عليهم.

    قوله: [ وقال: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا من مكانكم هذا حتى أرسل لكم) ].

    هذا جانب الهزيمة، فقوله: [ (تخطفنا الطير) ] يعني: انهزمنا أمام الأعداء. فإن رأيتمونا كذلك فلا تبرحوا حتى أبعث إليكم.

    قوله: [ (وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل لكم إليكم) ].

    يعني: تغلبنا عليهم واستولينا عليهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم.

    ففي كلا الحالتين هم ملزمون أن يبقوا حتى يأتيهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم توجيه يوجههم به.

    قوله: [ (فهزمهم الله) ].

    يعني: حصلت النتيجة أن هزم الله المشركين.

    قوله: [ (فأنا -والله- رأيت النساء يسندن على الجبل) ].

    الذي يظهر أنهن نساء المشركين، يعني: بعدما انهزموا صارت النساء تسند على الجبل.

    قوله: (فقال أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمة -أي قوم- الغنيمة) ].

    يعني: قال بعض أصحاب عبد الله بن جبير الذين معه والذين هو أميرهم: الغنيمة الغنيمة. أي: انطلقوا حتى تأخذوا الغنيمة أو تشاركوا في أخذ الغنيمة. فذكرهم أميرهم عبد الله بن جبير بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم يبرحون ولا يتجاوزون المكان إلا بعد أن يأتيهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول يبلغهم بالشيء الذي يريده النبي صلى الله عليه وسلم منهم، فلم يأخذوا بما ذكرهم به عبد الله بن جبير رضي الله عنه.

    قال: [ (فقال عبد الله بن جبير : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! فقالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة) ].

    قوله: [ (فأتوهم فصرفت وجوههم وأقبلوا منهزمين) ].

    يعني هؤلاء الذين أسندت إليهم المهمة ما قاموا بها، ولم يلتزموا بما أرشدهم له النبي صلى الله عليه وسلم.

    [ (وصرفت وجوههم) ] يعني: رجعوا دون أن يحصلوا طائلا.

    ولا شك أن الذنوب والمعاصي أسباب كل شر وأسباب كل بلاء، فمن أسباب الهزيمة ومن أسباب انتصار الأعداء على المسلمين الوقوع في المعاصي، قال الله عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].

    تراجم رجال إسناد حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم الرماة على الجبل يوم أحد

    قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

    عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

    [ حدثنا زهير ].

    هو زهير بن معاوية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا أبو إسحاق ].

    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ سمعت البراء ].

    هو البراء بن عازب رضي الله عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا الإسناد من الأسانيد العالية عند أبي داود التي هي الرباعيات.

    1.   

    صف الجيش عند القتال

    شرح حديث أمره صلى الله عليه وسلم أصحاب بدر وقت اصطفافهم برمي العدو بالنبل حال قربهم منهم

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصفوف.

    حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين اصطففنا يوم بدر: (إذا أكثبوكم -يعني إذا غشوكم- فارموهم بالنبل، واستبقوا نبلكم) ].

    أورد أبو داود [ باب في الصفوف ] يعني أن الجيش يصف، وأنهم يكونون صفوفاً ولا يكونون بدون تنظيم وبدون اصطفاف، بل يكونون صفوفاً.

    وأورد حديث أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اصطففنا يوم بدر ].

    ومحل الشاهد قوله: [ اصطففنا ] ومعناه أن الجيش يصطف، وقد جاء في اصطففاهم يوم بدر الحديث المشهور الذي فيه أنهم لما صفوا وكان عبد الرحمن بن عوف في الصف كان عن يمينه شاب من الأنصار وعن يساره شاب من الأنصار، فغمزه الذي عن يمينه وقال: يا عم! أتعرف أبا جهل ؟ قال: وماذا تريد منه؟! قال: إنه يسب الرسول صلى الله عليه وسلم، فلئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. ومحل الشاهد منه أنهم صفوا وكان على يمين عبد الرحمن شاب من الأنصار والآخر عن يساره، وكذلك غمزه الآخر وقال مثلما قال، فأراهما إياه فانطلقا إليه وقتلاه.

    فمن الأمور المهمة في الجيوش التنظيم في الصفوف، وكان عليه السلام يصف أصحابه، وحصل ذلك في بدر كما جاء في قصة عبد الرحمن بن عوف ، وكما جاء في الحديث الذي معنا، وهو أنهم لما اصطفوا قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: [ (إذا أكثبوكم -يعني: إذا غشوكم- فارموهم بالنبل) ].

    أي: إذا قربوا منكم فأرسلوا النبل إليهم؛ لأن النبل لا يذهب مكاناً بعيداً، فإذا قربوا منهم فإنه ينفع إرسال النبل، وإذا كانوا في مكان بعيد ذهب النبل ولم يصب العدو، فلم يحصلوا من الرمي على طائل.

    فقوله: [ (إذا أكثبوكم) ] ليس معناه أنهم وصلوا إليهم بحيث التحموا بهم؛ لأنه إذا حصل الالتحام فالسيوف هي التي تنفع، وأما إذا كان بينهم مسافة بحيث تصل السهام فإنها ترسل السهام إليهم، وإذا كانوا بعيدين لا ترسل السهام، بل يستبقون نبلهم، فقوله: [ (أكثبوكم) ] معناه صاروا قريبين منكم، ولهذا كثيراً ما يأتي التعبير بالوقوف عن كثب، ومعناه: عن قرب.

    قوله: [ (فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم) ].

    معنى قوله: [ (فارموهم بالنبل) ] أي: إذا قربوا وصاروا قريبين منكم [ (واستبقوا نبلكم) ] يعني لا ترسلوه إذا كانوا بعيدين؛ لأنكم لو أرسلتموه فإنه يضيع ولا تصيبون الأعداء.

    تراجم رجال إسناد حديث أمره صلى الله عليه وسلم أصحاب بدر وقت اصطفافهم برمي العدو بالنبل حال قربهم منهم

    قوله: [ حدثنا أحمد بن سنان ].

    أحمد بن سنان ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في مسند مالك وابن ماجة .

    [ حدثنا أبو أحمد الزبيري ].

    هو محمد بن عبد الله الزبيري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ].

    عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ، صدوق فيه لين، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل وابن ماجة .

    [ عن حمزة بن أبي أسيد ].

    حمزة بن أبي أسيد ، صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود وابن ماجة .

    [ عن أبيه ].

    هو أبو أسيد الساعدي ، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    سل السيوف عند اللقاء

    شرح حديث: (إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في سل السيوف عند اللقاء.

    حدثنا محمد بن عيسى حدثنا إسحاق بن نجيح -وليس بـالملطي - عن مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر: (إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم) ].

    أورد المصنف [ باب في سل السيوف عند اللقاء ] يعني عند لقاء العدو، بحيث إذا غشوهم وقربوا منهم واختلطوا بهم فإن السيوف تمضي فيهم، فعند ذلك تسل وتستخدم السيوف، وأما إذا كانوا ليسوا قريبين منهم أو كان بينهم مسافة فيرسل النبل إليهم إذا كانت المسافة قريبة كما مر في الحديث السابق، بحيث تؤثر السهام فيهم، ولا ترمى إذا كانوا بعيدين بحيث لا تصل إليهم السهام، فإذا كان بينهم وبينهم مسافة قريبة ترسل السهام، وإذا غشوهم والتصقوا بهم واختلطوا بهم فعند ذلك تعمل السيوف فيهم.

    فقوله: [ (إذا أكثبوكم) ] أي: دنوا منكم وقربوا بحيث يصل النبل إليهم ويصيبهم.

    قوله: [ (ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم) ] يعني: لا تسلوها حتى يصلوا إليكم وتصلوا إليهم.

    فالالتحام إذا حصل تعمل السيوف عند ذلك، وإذا كان هناك مسافة قريبة وكان هناك حد فاصل بين المسلمين والكفار فإنه يرسل النبل؛ لأن النبل حينها ينفع، وإذا ضربوا بالسيوف فإنهم يضربون في الهواء، فليس عندهم أحد يضرب بالسيوف، لكن إذا وصلوا إليهم بحيث تصل السيوف إليهم تستعمل السيوف ولا يستعمل النبل ما دام قد حصل الالتحام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم)

    قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].

    هو محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

    [ عن إسحاق بن نجيح ].

    إسحاق بن نجيح مجهول، أخرج له أبو داود .

    وقوله: [ ليس بـالملطي ].

    يقصد بذلك أن هناك شخصاً يقال له: إسحاق بن نجيح الملطي وبعض العلماء كذبوه، وليس له رواية في الكتب الستة، فـأبو داود قال: [ وليس بـالملطي ] حتى يبين أنه هو الثاني الذي هو إسحاق بن نجيح الحضرمي ، ليبين أنه ليس الكذاب الذي اسمه إسحاق بن نجيح ، وإنما هو الثاني الذي هو مجهول، أخرج له أبو داود .

    [ عن مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي ].

    مالك بن حمزة بن أبي أسيد مقبول، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

    [ عن أبيه عن جده ]

    أبوه وجده تقدم ذكرهما.

    والحديث ضعفه الشيخ الألباني ، ولعله من أجل المجهول والمقبول، ولكن معناه صحيح من جهة أن النبل يرسل حيث لا يكون الالتحام، وأنه إذا حصل الالتحام تنفع السيوف.

    1.   

    المبارزة

    شرح حديث طلب عتبة بن ربيعة المبارزة يوم بدر

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المبارزة.

    حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي رضي الله عنه أنه قال: (تقدم -يعني عتبة بن ربيعة - وتبعه ابنه وأخوه فنادى: من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قم يا حمزة ، قم يا علي ، قم يا عبيدة بن الحارث . فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم ملنا على الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة) ].

    أورد أبو داود [ باب في المبارزة ].

    والمبارزة هي بروز فرد أو أفراد من جيش المسلمين مع جيش الكفار فيحصل الاقتتال فيما بينهم خاصة، هذه هي المبارزة، وفيها إظهار القوة والنشاط وعدم الضعف، وأن الكفار إذا تطاولوا وأظهروا أن فيهم قوة فالمسلمون يقابلونهم بقوة أعظم من قوتهم.

    فهؤلاء الثلاثة من الكفار، وهم عتبة وابنه الوليد وأخوه شيبة طلبوا المبارزة، فانتدب لهم شباب من الأنصار، أي: قالوا: نحن نبارزكم. فقالوا: من أنتم؟ فأخبروهم، فقالوا: لا نريدكم وإنما نريد بني عمنا. أي: قرابتنا الذين هم من قريش من المهاجرين وليسوا من الأنصار.

    فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لقرابته: قم يا حمزة ، وقم يا علي ، وقم يا عبيدة بن الحارث . وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمه، فكل الثلاثة من أقاربه، عمه وابنا عمه، فبرز الثلاثة إلى الثلاثة، فبرز حمزة لـعتبة ، وعلي لـشيبة ، وعبيدة للوليد ، فـحمزة وعلي كل منهما قتل قرنه وقتل الشخص الذي بارزه، وأما الوليد وعبيدة بن الحارث فكل واحد منهما ضرب الآخر وأثخنه وأثر فيه، ولكن ما قتل أحدهما الآخر، فلما قتل علي صاحبه وحمزة قتل صاحبه مالا على الوليد فقتلاه واحتملا عبيدة بن الحارث الذي أثخن.

    قالوا: فهذا فيه دليل على المبارزة وعلى جوازها وعلى مشروعيتها. ومن العلماء من قال: إنها تكون بإذن الإمام ولا تكون بغير إذنه. ومنهم من قال: إنها تكون بغير إذنه؛ لأن الأنصار الثلاثة الذين انتدبوا ما قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: تقدموا. وإنما أبرزوا أنفسهم، ولكن أولئك رفضوا وقالوا: ما نريدكم أنتم، بل نريد بني عمنا. يقصدون المهاجرين.

    ولكن كون الأمر يرجع فيه إلى الإمام، وكون الجيش يتصرف بتوجيه الإمام هذا هو الذي ينبغي.

    وبدء المعركة بالمبارزة معناه إظهار القوة لاسيما أن أولئك الذين بدءوا كان عندهم تطاول واستعلاء، ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى خذلهم، فلا شك أن هذا فيه إظهار قوة المسلمين فيما إذا حصل تغلبهم على من يبارزهم.

    وفعل حمزة وعلي رضي الله عنهما حين ساعدا عبيدة كأنه كان سائغاً عند العرب.

    تراجم رجال إسناد حديث طلب عتبة بن ربيعة المبارزة يوم بدر

    قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ].

    هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

    و هارون بن عبد الله الحمال يروي عن هشام بن عبد الملك أبي الوليد الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد عرفنا فيما مضى أن أبا داود يروي عنه مباشرة بدون واسطة ويروي عنه بواسطة.

    [ حدثنا عثمان بن عمر ].

    عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ أخبرنا إسرائيل ].

    هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي إسحاق ].

    هو جده عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، مر ذكره.

    [ عن حارثة بن مضرب ].

    حارثة بن مضرب ثقة، أخرج له مسلم والبخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

    [ عن علي ].

    هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767946515