حدثنا سعيد بن منصور وعثمان بن أبي شيبة المعنى -قال أبو داود : وأنا لحديثه أتقن- قالا: حدثنا أبو معاوية عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق مولى تجيب عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه، ومن كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء].
يعني: ينتفع بشيء من الغنيمة فيركب على دابة من الغنيمة، أو يلبس ثوباً من ثياب الغنيمة في بعض الأحوال حتى يجد ثوباً أو يصل إلى مكان له فيه ثياب، أو حتى يتمكن من تحصيل ثوب، فيجوز أن يستفيد من الغنيمة والفيء بالشيء بقدر الحاجة، ولا يستفيد منه ويستمر فيه حتى يبليه ويتلفه، أو يركب الدابة حتى يعجفها وينهكها، وإنما يستعمل ذلك للحاجة فقط، ومتى ما وجد السبيل إلى الاستغناء عن ذلك فإنه يرده.
وأورد أبو داود حديث رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه) ].
معناه أنه يستعملها إلى أن ينهكها، ومفهوم هذا أنه إذا انتفع بشيءٍ لحاجة بحيث لا يؤدي الانتفاع إلى إتلافها أو إتعابها في الاستخدام والاستعمال فذلك لا بأس به؛ لأن المحذور هو أن يستعمل الفيء ويداوم على ذلك بحيث يحصل بسبب استعماله شيء من التأثر والتضرر للمستعمل الذي هو الدابة أو الثوب.
قال صلى الله عليه وسلم: [ (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه) ].
قوله: [ (حتى إذا أخلقه رده فيه) ] معناه: حتى يكون خلقاً بالياً لا يستفاد منه.
فإذا كان المرء محتاجاً إلى الركوب فإنه يركب، وإذا احتاج إلى أن يلبس ثوباً لمدة مؤقتة فإنه يلبس، ولا بأس بذلك، ولكن الممنوع هو كون انتفاعه يؤدي إلى إنهاك الدابة أو إتلافها وإخلاق الثوب أو إتلافه.
سعيد بن منصور مر ذكره.
[و عثمان بن أبي شيبة ].
هو عثمان بن أبي شيبة الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
قوله: [قال أبو داود : وأنا لحديثه أتقن ].
يعني بذلك شيخه الثاني الذي هو عثمان بن أبي شيبة .
[قالا: حدثنا أبو معاوية ].
هو محمد بن خازم الضرير ، وقد مر ذكره.
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني ، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي مرزوق مولى تجيب ].
هو حبيب بن الشهيد ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[عن حنش الصنعاني ].
حنش الصنعاني ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[عن رويفع بن ثابت الأنصاري ].
هو رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي .
حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا إبراهيم -يعني ابن يوسف ، قال أبو داود : هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي - عن أبيه عن أبي إسحاق السبيعي قال: حدثني أبو عبيدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت: يا عدو الله يا أبا جهل ! قد أخذ الله الآخر. قال: ولا أهابه عند ذلك، فقال: أبعد من رجل قتله قومه؟! فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً حتى سقط سيفه من يده، فضربته به حتى برد].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة].
والترجمة موهمة، ومعلوم أن السلاح يقاتل به في المعركة، وهذا هو الأصل فيه ولا يحتاج إلى ترخيص، ولكن المقصود من ذلك السلاح الذي يكون مع العدو فيأخذه المسلم من الكافر فيقاتل به، فالمقصود سلاح العدو وليس المقصود سلاحه هو؛ لأن الأصل أن كل مسلم يقاتل بسلاحه، والترخيص إنما هو في استعمال سلاح العدو بحيث يأخذ المسلم من عدوه سلاحاً فيقاتل به في المعركة، فالمقصود من السلاح هنا سلاح العدو.
وأورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لما كان يوم بدر وجد أبا جهل وقد أصيبت رجله، وكذلك أصيب -أيضاً- في غير رجله، ولكن بقي فيه رمق، فجاء عبد الله وعرفه، وكان معه سيف غير حاد فكان يضربه به في غير طائل، أي: من غير فائدة، فضرب يده فسقط السيف وكان في يده وكان يذب به عن نفسه، أي: ما كان يستطيع الحركة ولكنه يذب عن نفسه بالسيف، فلما سقط سيفه أخذه عبد الله وأجهز عليه به حتى برد، أي: حتى مات وفارق الحياة.
ومحل الشاهد منه كون عبد الله بن مسعود أخذ سيف أبي جهل وضربه به واستعمله في المعركة.
قوله: [مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت يا عدو الله يا أبا جهل قد أخذ الله الآخر].
يعني بالآخر الأبعد.
قوله: [ولا أهابه عند ذلك].
يعني: ولا أهابه عند ذلك لأنه جريح واقع في الأرض.
قوله: [فقال: أبعد من رجل قتله قومه؟!].
قال الخطابي : الصواب أنه (أعمد).
وقوله: [ قتله قومه ].
معناه أن الذي قد حصل هو أن الرجل قتله قومه. يريد أن يهون على نفسه المصاب.
قوله: [فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً].
أي: ضربه ابن مسعود بسيف كان معه، وقوله: [غير طائل] يعني: غير مجدٍ وغير مفيد [فلم يغن شيئاً] يعني: ما حصل منه المقصود في كونه يجهز عليه ويجعله يفارق الحياة.
قوله: [حتى سقط سيفه من يده فضربته به حتى برد].
يعني: سقط سيف أبي جهل من يد أبي جهل ، فضربه به حتى برد، أي: حتى مات وفارق الحياة.
وقد جاء في بعض الأحاديث أن الذي قتل أبا جهل هما معاذ ومعوذ ابني عفراء .
وهنا ذكر أن الذي قتله ابن مسعود ، والتوفيق بينهما أن معاذاً ومعوذاً أجهزا عليه فأردياه وبقي به رمق، فأجهز عليه ابن مسعود رضي الله عنه.
هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[عن أبيه].
هو يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق السبيعي ].
أبو إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو عبيدة ].
هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي جليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والصحيح أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والألباني صحح الحديث، وقال: إن بعضه له شاهد في البخاري، ومعنى ذلك أن الحديث ثابت بالشواهد.
حدثنا مسدد أن يحيى بن سعيد وبشر بن المفضل حدثاهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه (أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلوا على صاحبكم. فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله. ففتشنا متاعه فوجدنا خرزاً من خرز يهود لا يساوي درهمين) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة [باب في تعظيم الغلول] يعني تعظيم شأنه وأنه خطير، وأنه ليس بالأمر الهين.
والغلول في الأصل يكون من غنيمة، ويؤخذ بغير حق، وهو من الخيانة، فأمر الغلول عظيم، وقد جاء في الحديث (لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر) ومعناه أنه أخذ ذلك من غير حق، فيكون خائناً بذلك، فشأن الغلول عظيم وخطير.
وقد ترجم أبو داود بهذه الترجمة، قال: [ باب في تعظيم الغلول ] يعني تعظيم شأنه وبيان خطورته وأن فيه وعيداً شديداً، وأنه ليس بالأمر الهين، وإنما هو شيء عظيم عند الله عز وجل.
وأورد حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه [ (أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صلوا على صاحبكم) ].
أي: لم يصل عليه.
قال: [ (فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله) ].
قوله: [ (فتغيرت وجوه الناس) ] يعني: تأثروا لكون الرسول صلى الله عليه وسلم تأخر عن الصلاة عليه، ومعنى ذلك أن عنده جرماً وأنه أتى بشيء عظيم فتغيرت وجوه الناس لكونه لم يصل عليه صلى الله عليه وسلم، فقال: [ إن صاحبكم غلَّ في سبيل الله ] يعني أن السبب في عدم الصلاة عليه كونه غل، والغلول خيانة؛ لأنه أخذ حقاً مشاعاً للغانمين، فالذين ظلمهم وأساء إليهم كثير، ولو كانت الإساءة إلى واحد فإن الأمر عظيم أيضاً، ولكن حيث تكون الإساءة إلى عدد كبير حين يكون الأخذ من حق أناس كثيرين فإن الأمر يكون أخطر؛ لأن فيه تعميماً للظلم وتكثيراً له، فلو حصل الظلم لشخص واحد فإنه يكون خطيراً فكيف به حين يكون لأشخاص كثيرين؟!
وأخبر زيد بن خالد رضي الله عنه أنهم فتشوا رحله ومتاعه فوجدوا فيه خرزاً من خرز اليهود لا يساوي درهمين.
والحديث في إسناده أبو عمرة ، وهو مقبول.
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ أن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[و بشر بن المفضل ].
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثاهم].
أي: حدثا مسدداً وغيره.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن يحيى بن حبان ].
محمد بن يحيى بن حبان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عمرة ].
أبو عمرة مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن زيد بن خالد الجهني ].
هو زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنهم لما كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر أنهم لم يغنموا ذهباً ولا فضة، وإنما غنموا الثياب والمتاع والأموال، يعني: ما غنموا ذهباً ولا فضة، وإنما غنموا أشياء من الثياب والمتاع ومن الأموال غير الذهب والفضة.
قال: [ (فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو وادي القرى) ] وذكر أنه أهدي لرسول صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له: مدعم ، وأنه بينما يحط رحل الرسول صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: [ (كلا، والذي نفسي بيده! إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً) ].
وهذا هو محل الشاهد للترجمة، وهو بيان تعظيم الغلول وأن الأمر خطير، وأن تلك الشملة مع أنها حقيرة تشتعل عليه ناراً، وأنه يعذب بها لأنه قد غلها وأخذها من غير حقها.
فلما سمع الناس ذلك استعظموه، فجاء رجل ومعه شراك أو شراكان -شك من الراوي-، والشراك هو شسع النعل، فهو شيء يسير، وأخبر أنه أخذ ذلك من الغنيمة، فقال صلى الله عليه وسلم: [ (شراك من نار) ] أو قال: [ (شراكان من نار) ] ومعناه أنه يعذب بهما، فصاحب الشملة عذب بها، وكذلك الشراكان يكونان من نار يعذب بهما آخذهما غلولاً.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ثور بن زيد الديلي ].
ثور بن زيد الديلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الغيث مولى ابن مطيع ].
أبو الغيث مولى ابن مطيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن عبد الله بن شوذب قال: حدثني عامر -يعني ابن عبد الواحد - عن ابن بريدة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر
أورد أبو داود [باب في الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رحله] أي: لا يحرق رحل الغال.
وهذه الترجمة فيها أن الغلول اليسير الذي يكون مع الغال يترك معه، ولكنه متوعد في ذلك في الدار الآخرة؛ لأنه جاء به بعد القسمة، ولأنه لو كان أتى به قبل أن يقسم لقسم بين الغانمين.
وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر
ومعلوم أن كل واحد يأخذ شيئاً من الغنيمة من العدو، فكان صلى الله عليه وسلم يأمر بلالاً فينادي بأن يأتي الناس بالغنائم التي معهم، فيجمعونها حتى تخمس وتقسم.
وفي غزوة أصاب شخص زماماً من شعر، وهو زمام البعير الذي يقاد به، فلم يأت بعد أن سمع النداء إلا بعدما قسمت الغنائم وقال: هذا أخذته من الغنيمة. فقال له صلى الله عليه وسلم: [ (أسمعت
فقال له صلى الله عليه وسلم: [ (كن أنت تجيء به يوم القيامة) ] يعني أنك تحاسب عليه يوم القيامة؛ لأنك أخذته من الغنيمة بغير حق، ولم تأت به ليقسم بين المستحقين.
فيبقى معه وهو متوعد بهذا الوعيد، وهو دال على خطورة الغلول، وأنه من الأمور الخطيرة ولو كان ذلك الشيء يسيراً.
ولقد سبق في حديث مضى أن رجلاً كان معه كبة من شعر أخذها من الغنائم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك) أي: وما كان للناس فإنه لا يملكه، فقال: (أما إذا بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها) ثم رماها وتركها ولم يأخذها.
والترجمة فيها ذكر التحريق والإشارة إلى التحريق، أي: تحريق رحل الغال، وقد أورد أبو داود عدة أحاديث ستأتي فيما يتعلق بتحريق المتاع ولكنها كلها ضعيفة.
أبو صالح محبوب بن موسى صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[أخبرنا أبو إسحاق الفزاري ].
هو إبراهيم بن محمد بن الحارث ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن شوذب ].
عبد الله بن شوذب صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[حدثني عامر -يعني ابن عبد الواحد -].
عامر بن عبد الواحد صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن بريدة ].
هو عبد الله بن بريدة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا النفيلي وسعيد بن منصور قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد -قال النفيلي : الدراوردي - عن صالح بن محمد بن زائدة -قال أبو داود : وصالح هذا أبو واقد - قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم، فأتي برجل قد غل، فسأل سالماً عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه)، قال: فوجدنا في متاعه مصحفاً، فسأل سالماًعنه فقال: بعه وتصدق بثمنه ].
أورد أبو داود [باب في عقوبة الغال] ومعنى ذلك أنه يعاقب في الدنيا بتحريق متاعه، وفي الآخرة جاءت الأحاديث في الوعيد بحقه، مثلما مر في قوله صلى الله عليه وسلم: (شراك من نار) أو (شراكان من نار) وإخباره صلى الله عليه وسلم عن الشملة أنها تشتعل على صاحبها ناراً وأنه يعاقب على غلوله.
وتحريق المتاع لا يدخل فيه الغنيمة التي معه؛ لأنها للغانمين وليست حقاً له، وإنما الذي يحرق هو متاعه الذي يخصه.
وأورد أبو داود حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه) ].
قوله: (أحرقوا متاعه واضربوه) يعني: متاعه الذي يخصه وليس الغنيمة، ومعناه أنه يضرب مع تأديبه بحرق متاعه.
وقوله: [فوجدنا في متاعه مصحفاً، فسأل سالماً عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه].
أي: كان مما وجد في متاعه مصحف، فسأل مسلمة سالماً عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه؛ فلا يحرق مع متاعه، بل يبقى للاستفادة منه ويباع.
والحديث ضعيف لضعف رجل في إسناده.
هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ وسعيد بن منصور قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد ].
سعيد بن منصور مر ذكره، وعبد العزيز بن محمد هو الدراوردي وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صالح بن محمد بن زائدة ].
صالح بن محمد بن زائدة ضعيف، أخرج له أصحاب السنن.
[فسأل سالماً عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب ].
سالم هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبوه هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه هو أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : وهذا أصح الحديثين، رواه غير واحد أن الوليد بن هشام أحرق رحل زياد بن سعد -وكان قد غل- وضربه ].
هذا إسناد آخر ينتهي إلى الوليد بن هشام ، وهو مثل الذي قبله، ومعناه أن الغال يحرق رحله ويضرب.
وهو مقطوع، ومع ذلك في إسناده ذلك الرجل الضعيف الذي هو صالح بن محمد .
أبو صالح مر ذكره، وأبو إسحاق هو الفزاري ، وقد مر ذكره.
[ عن صالح بن محمد ].
صالح بن محمد مر ذكره.
قوله: [ قال: غزونا مع الوليد بن هشام ].
في الحديث السابق قال: مع مسلمة : وهنا قال: مع الوليد بن هشام، وهناك ذكر الإسناد إلى عمر بن الخطاب ، وهنا وقف عند كون الوليد بن هشام أحرق المتاع، فيكون مقطوعاً، ومع كونه مقطوعاً هو ضعيف؛ لأن فيه صالح بن محمد وهو ضعيف أخرج له أصحاب السنن.
والوليد بن هشام هو الأموي، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
قوله: [ قال أبو داود : وهذا أصح الحديثين ].
يعني أن الموقوف هذا أصح من ذلك المتصل، وكل منهما فيه الرجل الضعيف الذي هو صالح بن محمد .
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما حرقوا متاع الغال وضربوه، فهو مثل الذي قبله، وهو -أيضاً- ضعيف من أجل زهير بن محمد الذي في الإسناد.
محمد بن عوف ثقة، أخرج له أبو داود ، والنسائي في مسند علي .
[حدثنا موسى بن أيوب ].
موسى بن أيوب صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[حدثنا الوليد بن مسلم ].
الوليد بن مسلم ثقة، كثير التدليس، أخرج له أصحاب السنن.
[حدثنا زهير بن محمد ].
زهير بن محمد رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، والحديث ثبت من رواية الوليد بن مسلم ، وهو من أهل الشام.
[عن عمرو بن شعيب ].
عمرو بن شعيب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبيه].
أبوه صدوق أيضاً، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن.
[عن جده].
هو عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أي أن علي بن بحر زاد في الحديث: [ومنعوه سهمه] ولم يسمعها منه أبو داود ، بل سمعها من غيره، ومعنى: [ومنعوه سهمه] أي: من الغنيمة.
وعلي بن بحر ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي .
معناه أن الحديث مقطوع من قول عمرو بن شعيب .
قوله: [وحدثنا به الوليد بن عتبة ].
الوليد بن عتبة ثقة، أخرج له أبو داود .
[ وعبد الوهاب بن نجدة ].
عبد الوهاب بن نجدة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[قالا: حدثنا الوليد عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب ].
قد مر ذكرهم جميعاً.
وهذه الروايات ضعفها جميعاً الإمام الألباني .
حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا سليمان بن موسى أبو داود قال: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال: أما بعد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كتم غالاً فإنه مثله) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن الستر على من غل] أي أن الغال إذا علم أمره وشأنه فإنه لا يُستَر عليه، والذي ينبغي في مثل هذا أن ينصح، وإذا لم يقبل النصح، فإنه يرفع أمره إلى الأمير حتى يخلصه من هذا الغلول الذي حصل؛ لأن بقاءه معه واستمراره في حوزته واستمرار خيانته يعود عليه بالمضرة في الدنيا والآخرة، فالعمل على تخليصه من هذه البلية ومن هذا العمل الخبيث من التعاون على البر والتقوى.
وقد أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من كتم غالاً فإنه مثله) ].
يعني: من كتم أمره وأخفى أمره وهو يعلم ذلك فإنه يكون مثله. أي: في الإثم.
لكن الحديث ضعيف لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن المعنى صحيح من حيث كون المسلم يكون عوناً لأخيه المسلم وناصحاً له، فالذي عليه أن ينصحه وأن ينبهه حتى يتخلص من الغلول، وإذا لم يقبل النصح فإنه يرفع أمره إلى أمير الجيش حتى يخلصه من هذا الغلول الذي يعود عليه بالمضرة في الدنيا والآخرة.
والحديث -كما أشرت- ضعيف، وفيه خمسة متكلم فيهم، وهذا الإسناد هو إسناد حديث مر هو (يا خيل الله! اركبي)، فإن هذا الإسناد هو نفس ذاك الإسناد، فيه خمسة متكلم فيهم، فيهم من هو مقبول ومن هو مجهول ومن هو لين الحديث، ولم يسلم غير الصحابي إلا واحد هو يحيى بن حسان ، فهو ثقة، وأما الصحابة فلا كلام فيهم، والخمسة الباقون بين لين الحديث ومقبول الحديث ومن ليس بالقوي ومن هو مجهول.
وهؤلاء الخمسة انفرد أبو داود بالإخراج لهم.
محمد بن داود بن سفيان مقبول، أخرج له أبو داود وحده.
[حدثنا يحيى بن حسان ].
يحيى بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[حدثنا سليمان بن موسى أبو داود ].
سليمان بن موسى أبو داود فيه لين، أخرج حديثه أبو داود .
[حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ].
جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ليس بالقوي، أخرج له أبو داود .
[ حدثني خبيب بن سليمان ]
خبيب بن سليمان مجهول، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه سليمان بن سمرة ].
سليمان بن سمرة مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن سمرة بن جندب ].
هو سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: لا يجوز ذلك، وإنما أموال الدولة تستعمل في الأمور التي خصصت لها، فكون الإنسان يكون موظفاً فيأخذ من أوراق الدولة ومن أقلامها ويستعملها، أو يستعمل التلفونات في أموره الخاصة وليس في أمور الدولة؛ هذا لا يجوز، ويعتبر خيانة لكونه أخذ شيئاً بغير حق، ولا يعد غلولاً؛ إذ الغلول خاص بالأخذ من الغنيمة قبل القسمة.
الجواب: جاء في تفسيرها -كما في بعض الأحاديث- أنهم فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذها.
ولعل المقصود من ذلك أنه أخذها اصطفاءً لا غلولاً. وقد جاء في بعض الأحاديث في قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آل عمران:161] أن معناه: ما كان للنبي أن يتهمه قومه بالغلول.
وقوله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يفسره قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر، يقول: يا رسول الله! أغثني فأقول: قد أبلغتك).
الجواب: المراد بالشملة شيء من الثياب يتوشح به ويتلفع، أو كساء من صوف أو شعر يتغطى به ويتلفف به، وهي من المتاع الخفيف.
الجواب: لا بأس ببيعه.
الجواب: يعني أنه حديث عهد بإنزال ربه؛ لأنه -كما هو معلوم- نزل من بين السماء والأرض، وما نزل من العرش، وإنما نزل من بين السماء والأرض، كما قال الله عز وجل: وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [البقرة:164]، وقال تعالى: أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ [الواقعة:69] أي السحاب، فهو حديث عهد بإنزال ربه، وليس معنى ذلك أنه جاء من عند الله من فوق العرش.
الجواب: المسلمون -كما هو معلوم- في هذا الزمان عندهم ضعف شديد، وسبب ضعفهم عدم قيامهم بأمر الله عز وجل وبما يجب عليهم، ومن أجل ذلك هانوا على أنفسهم وهانوا على أعدائهم فصاروا هائبين بدل أن يكونوا مهيبين، صاروا يهابون أعداءهم وأعداؤهم لا يهابونهم.
أما المقاطعة ونحوها فهي ترجع إلى المصلحة وما يترتب على ذلك من الفائدة.
ومعلوم أن اليهود -وهم من أرذل خلق الله ومن أحط خلق الله- ما تسلطوا على المسلمين إلا لضعف المسلمين وهوانهم وعدم قيامهم بأمر الله عز وجل، ولو أن المسلمين رجعوا إلى ربهم لصار لهم شأن ولهابهم أعداؤهم بدل أن صاروا هم الهائبين لأعدائهم، ومعلوم أن دول الكفر كلها ضد الإسلام، ولكن المسلمين أنفسهم هم الذين قصروا في إسلامهم وقصروا بما يجب عليهم نحو إسلامهم.
والمهم أن يرجع المسلمون إلى الله عز وجل، وإذا رجعوا إلى الله عز وجل، وأصلحوا ما بينهم وبين الله، وعملوا بما هو مطلوب منهم؛ فإن هذا من أسباب نصرهم، والله تعالى يقول: إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، ويقول تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر