باب ما جاء في إيجاب الأضاحي.
حدثنا مسدد حدثنا يزيد ح وحدثنا حميد بن مسعدة حدثنا بشر عن عبد الله بن عون عن عامر أبي رملة قال: أخبرنا مخنف بن سليم رضي الله عنه قال: ونحن وقوف مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرفات قال: (يا أيها الناس! إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هذه التي يقول عنها الناس الرجبية).
قال أبو داود : العتيرة منسوخة، هذا خبر منسوخ ].
الضحايا: جمع ضحية، ويقال: أضاحي: جمع أضحية وإضحية، ويقال: أضحات: جمع أضحى.
وعلى هذا فإن المفرد فيه أربع لغات، والجمع على ثلاثة أوجه، فأضحية وإضحية بضم الهمزة وكسرها تجمع على أضاحي، وضحية تجمع على ضحايا، وهو الذي عقد المصنف الترجمة عليه حيث قال: كتاب الضحايا، واللفظ الرابع: أضحات والجمع أضحى فيكون من قبيل ما يكون المفرد فيه أكثر من الجمع في الحروف مثل بقر وبقرة، وشجر وشجرة؛ لأنه إذا جاءت التاء فيه صار مفرداً، وإذا حذفت منه صار جمعاً.
والضحية أو الأضحية أو الأضحات هي ما يذبح يوم النحر والثلاثة الأيام التي بعده تقرباً إلى الله عز وجل من غير الهدي؛ لأن الهدي لا يقال له أضحية، والهدي يكون في الحرم والأضحية تكون في كل مكان.
واختلف العلماء في حكمها: فمنهم من قال بوجوبها، ومنهم من قال: إنها من السنن المؤكدة، ومنهم من قال: إنها واجبة على ذوي اليسار ومستحبة لغيرهم، وأبو داود رحمه الله عقد الترجمة الأولى من الأبواب في هذا الكتاب بقوله: [باب ما جاء في إيجاب الأضاحي].
وجمهور أهل العلم على أنها مستحبة، وأنها من السنن المؤكدة، قالوا: ولم تأت أدلة واضحة تدل على الوجوب.
وقد أورد أبو داود في هذه الترجمة حديثين: الأول حديث مخنف بن سليم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (يا أيها الناس! إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة) ].
وهذا يدل على الوجوب؛ لأن قوله: [ (على كل أهل بيت) ] معناه أنه يجب عليهم، أو مكتوب عليهم.
قوله: [ (أضحية وعتيرة) ] الأضحية قد عرفناها، وهي ما يذبح يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة التي بعده تقرباً إلى الله عز وجل مما ليس بهدي. والعتيرة هي الذبيحة التي تذبح في أوائل رجب، وكان هذا في الجاهلية وكان في صدر الإسلام، ثم جاء ما يدل على منعه وعلى النهي عنه، وجاء في الحديث: (لا فرع ولا عتيرة)، والعتيرة فعيلة بمعنى مفعولة، أي معتورة، والمعنى مذبوحة في رجب، ويقال لها: الرجبية، فالذين قالوا بالوجوب استدلوا بهذا الحديث، والحديث في إسناده من هو مجهول، فيكون ضعف الحديث بسببه.
ومن العلماء من قال: إن العتيرة باقية ولكنها على الاستحباب، ولم ينقل عن أحد من أهل العلم أنه كان يفعلها إلا ما جاء عن سعيد بن جبير أو سعيد بن المسيب خاصة، وإلا فإن أهل العلم لا يقولون بها، والمشهور عن أهل العلم أنهم لا يقولون بها -أي العتيرة-، وأنها إما ثابتة ولكنها منسوخة، أو أن الأحاديث الواردة فيها غير ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي معنا فيه شخص متكلم فيه، والألباني قد حسن هذا الحديث، وفيه هذا الشخص الذي لا يعرف.
و أبو داود رحمه الله ذكر بعده أنه منسوخ، ولكن يشكل عليه إذا كان ثابتاً أن هذا في حجة الوداع في آخر الأمر، وليس هناك بين حجة الوداع وبين وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أشهر قليلة، فهذا يفيد أنه متأخر وليس بمتقدم، فالنسخ غير واضح، اللهم إلا أن يكون الناسخ جاء في الأشهر التي بعد الحج.
والقول بأنها كانت في الجاهلية وجاءت في أول الإسلام ثم نسخت هو الأقرب؛ لكن كون الحديث يدل على التأخر وأن ذلك كان في حجة الوداع، فالذي يظهر -والله أعلم- أن الحديث غير ثابت من أجل الرجل الذي في إسناده وهو غير معروف.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن يزيد ].
يزيد بن زريع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وحدثنا حميد بن مسعدة ].
الحاء للتحول من إسناد إلى إسناد.
و حميد بن مسعدة صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن بشر ].
هو بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عون ].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عامر أبي رملة ].
عامر أبو رملة هو الذي قال عنه الحافظ في التقريب: يروي عنه عبد الله بن عون لا يعرف، أخرج حديثه أصحاب السنن.
[ عن مخنف بن سليم ].
مخنف بن سليم رضي الله عنه، وقد أخرج حديثه أصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
قوله: [ (أمرت بيوم الأضحى عيداً جعله الله عز وجل لهذه الأمة) ].
الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قال: (أمرت بكذا أو نهيت عن كذا) فالآمر له هو الله عز وجل، وإذا قال الصحابي: أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا، فالآمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والرسول عليه الصلاة والسلام إنما يأمر بأمر الله، وهو مبلغ عن الله كما هو معلوم؛ لأن السنة وحي من الله عز وجل أوحاها الله إلى نبيه عليه الصلاة والسلام، فهي مثل القرآن كلها وحي من الله، إلا أن القرآن وحي متعبد بتلاوته والعمل به، والسنة متعبد بالعمل بها كما يتعبد بالعمل بالقرآن، وقد جاءت أحاديث كثيرة دالة على أن السنة إنما هي وحي من الله عز وجل، ومن ذلك الحديث الذي فيه أن الشهيد يغفر له كل شيء، ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إلا الدين! سارني به جبريل آنفاً)، معناه أنه جاء الوحي بهذا الاستثناء من الله عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام.
قوله: [ (أمرت بيوم الأضحى عيداً جعله الله لهذه الأمة) كأن معنى هذا أن الناس يضحون، وأن الرجل فهم أن على الناس أن يضحوا، والمصنف أورده في باب إيجاب الأضاحي.
قوله: [ (فقال الرجل: أرأيت) ] أي: أخبرني.
قوله: [ (إن لم أجد إلا منيحة) ] المنيحة هي التي يستفاد من لبنها ومن درها، وتطلق غالباً على الشاة من الضأن والمعز، تعطى لمن يستفيد من لبنها وعينها باقية لمانحها الذي منحها، وهنا المقصود أنه لا يجد إلا منيحة يستفيد من درها وحليبها وهو بحاجة إليها، وليس معنى ذلك أنها عنده منيحة؛ لأنها لو كانت لغيره منيحة عنده فإنها ليست ملكاً له، فلا يجوز له التصرف فيها بالتضحية؛ لأنها عارية، والعارية مردودة، وإنما المقصود من ذلك أنها ذات در ولبن، وأنه يحتاج إلى الاقتيات منها، مع كونها ملكاً له.
قوله: [ (قال: لا)] أي: أبق عليها واستفد من درها وحليبها وأنفق على نفسك مما ينتج منها من اللبن.
وقوله: [ (ولكن تقص شاربك، وتقلم أظفارك، وتحلق عانتك، فذلك تمام أضحيتك) ] معناه: أنك بنيتك الطيبة تحصل الأجر، وهذا يدل على أن على الإنسان أن يأتي بهذه الأشياء مثل الذي يريد أن يضحي، وذلك أنه إذا دخل عشر ذي الحجة لم يكن له أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً حتى يضحي، فكأن هذا الذي ليس عنده أضحية ولكنه عنده هذه المنيحة ولم يؤذن له بأن يذبحها قد أرشد إلى أنه يأخذ هذه الأشياء، ويكون كأنه قد أتى بأضحية، بمعنى أنه يحصل على أجر بهذه النية.
وقد جاء أن الذي لا يملك المال إذا تمنى أن يكون له مثل ما لشخص من الناس من المال حتى ينفقه في سبيل الله؛ أن له مثل أجره، ولكن الذي جاء في الحديث هنا يبدو أنه على اعتبار أن المضحي عندما تدخل العشر يمتنع من أخذ هذه الأشياء، ولا يفعل ذلك إلا بعدما يضحي، فيكون كأنه ضحى، فيأخذ من شعره ومن أظفاره وبشرته في ذلك الوقت.
والحديث ضعفه الألباني ، وعلله بـعيسى بن هلال الصدفي وقال: إنه مجهول -يعني عنده-، وقال الحافظ في التقريب: إنه صدوق.
هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، لقبه الحمال وهو بغدادي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن يزيد ].
عبد الله بن يزيد المقري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي أيوب ].
سعيد بن أبي أيوب المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عياش بن عباس القتباني ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عيسى بن هلال الصدفي ].
وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عبد الله بن عمرو بن العاص ].
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش قال: (رأيت
أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب الأضحية عن الميت]، والإنسان عندما يضحي يضحي عن نفسه وأهل بيته وله أن يضحي عن الأحياء والأموات من أهل بيته، وإذا أوصى رجل بأن يضحى عنه فليضح عنه.
وأما الأضحية عن الميت استقلالاً على سبيل الانفراد فلا نعلم شيئاً ثابتاً يدل عليه، ولكن كونه يضحي عن نفسه وعن أهل بيته أو أقاربه أحياء وأمواتاً، فلا بأس بذلك، وقد جاء في السنة ما يدل على ذلك، فيدخل الأموات تبعاً، وأما أن يضحى عنهم استقلالاً وانفراداً، وأن يكون ذلك من غير وصية منهم، فلا أعلم شيئاً يدل عليه.
والحديث الذي أورده أبو داود عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان يضحي بكبشين ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه بذلك، غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن في إسناده من هو مجهول، وفيه من هو متكلم فيه غير المجهول، والإنسان إذا أراد أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسببه شيء من رفعة الدرجة وعلو المنزلة فإن عليه أن يجتهد في الأعمال الصالحة لنفسه، فإن الله تعالى يعطي نبيه صلى الله عليه وسلم مثلما أعطاه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي دل الناس على الخير، (ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً).
فالرسول صلى الله عليه وسلم يحصل له من الأجر مثل أجور أمته كلها من أولها إلى آخرها، من حين بعثه الله إلى قيام الساعة؛ لأنه هو الذي دل الناس على الحق والهدى، وهو الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وما حصل للناس من خير وهدى فإنما هو بسببه وبدلالته وإرشاده عليه الصلاة والسلام، فالإنسان عليه أن يجتهد في الأعمال الصالحة لنفسه، ثم إن الله يعطي نبيه صلى الله عليه وسلم مثلما أعطى، لا أن يضحي له أو يعمل أعمالاً خاصة به أو يجعلها له.
وأسعد الناس وأوفرهم حظاً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصول الثواب والأجور إليهم أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم هم الذين تلقوا الحق والهدى عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكل من حفظ سنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وبلغها للناس، فإن الله تعالى يثيب كل من عمل بهذه السنة على عمله، ويثيب ذلك الصحابي الذي جاء بهذه السنة وروى هذه السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مثلما أثاب ذلك العامل.
وحديث علي رضي الله عنه غير ثابت ولا يعول عليه، والإنسان يمكن أن يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم بسببه شيء من الحسنات إذا عمل لنفسه صالحاً.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا شريك ].
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق اختلط لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، فهو ممن تكلم فيه في الإسناد.
[عن أبي الحسناء ].
أبو الحسناء بزيادة ألف قيل: اسمه الحسن ، وقيل الحسين ، مجهول من السابعة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي .
[ عن الحكم ].
الحكم بن عتيبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حنش ].
حنش بن المعتمر أو ابن ربيعة ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .
إذاً: الحديث فيه مجهول، وفيه حنش الذي يهم، وفيه شريك الذي ساء حفظه لما ولي القضاء، فالحديث ضعيف.
[ عن علي ].
علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا محمد بن عمرو حدثنا عمرو بن مسلم الليثي سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة رضي الله عنها تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان له ذبح يذبحه؛ فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي) ].
أورد أبو داود : [باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي] يعني أنه إذا دخل عشر ذي الحجة والإنسان يريد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي، قالوا: وفي ذلك تشبيه له بالحاج.
وأورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها في ذلك.
قوله: [ (من كان له ذبح يذبحه) ].
الذبح: المقصود به الأضحية، والذبح يأتي بمعنى المذبوح، أي أضحية يريد أن يضحي بها، والمقصود من ذلك: من كان يريد أن يضحي سواءً كان الذبح موجوداً في حوزته وفي ملكه، أو يريد أن يشتريه إذا جاء وقت الأضحية.
قوله: [ (فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي) ] أي أنه يمتنع من حين دخول العشر، وينبغي له أنه يتعاهد هذه الأشياء قبل أن تدخل العشر، كما أن الذي يريد الإحرام يتعاهد ذلك قبل أن يحرم حتى لا يحتاج إلى أخذ شيء من ذلك في حال الإحرام.
ومما ينبه عليه أن الإنسان عندما يحرم بالحج أو العمرة بعد دخول العشر وهو يريد أن يضحي ليس له أن يأخذ، لأنه داخل تحت النهي، أما الأخذ من الشعر عند التحلل من العمرة في حق المتمتع ونحوه في عشر ذي الحجة، فلا مانع منه، لأن ذلك نسك، وأخذه واجب من واجبات العمرة، أعني أخذ الشعر؛ وإنما يمنع من الشيء الذي هو غير واجب مثل كونه يريد أن يستعد للإحرام.
ثم إن العلماء اختلفوا في حكم الامتناع عن الأخذ في العشر لمريد الأضحية، فقيل: إنه واجب، وقيل: إنه مكروه، ويستدلون لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل هديه لم يحرم عليه شيء بذلك، وبقي حلالاً في المدينة، فلا يمتنع من شيء كان يمتنع منه المحرم؛ ولكن ذاك الحديث عام في وقت الحج، وفي غير وقت الحج إذا أرسل هدياً، ولكن يخص منه ما جاء في هذا الحديث، أي: فيما إذا كان الإرسال في وقت الحج.
عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[عن أبيه]
معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمرو ].
محمد بن عمرو بن وقاص الليثي ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن مسلم الليثي ].
وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد بن المسيب ].
وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
وهي هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : اختلفوا على مالك وعلى محمد بن عمرو في عمرو بن مسلم قال بعضهم: عمر وأكثرهم قال: عمرو . قال أبو داود : وهو عمرو بن مسلم بن أكيمة الليثي الجندعي ].
يعني أنه يقال له: عمر، والمشهور أنه عمرو، فبعض الرواة ذكره عمر بن مسلم وبعضهم ذكره عمرو بن مسلم ، والمشهور في اسمه أنه عمرو كما ذكر ذلك أبو داود .
وذكر الرجال ليس له مفهوم في كلام العلماء، كما في تراجم أبي داود حيث يأتي بذكر الرجل وليس له مفهوم، فلا يعني أن المرأة ليست كذلك، بل الأصل أن النساء مثل الرجال في الأحكام إلا فيما جاء نص يميز فيه الرجال عن النساء أو النساء عن الرجال، فما يأتي في بعض الأحاديث من ذكر الرجل فإن المرأة مثله في ذلك؛ لأن الخطاب في الغالب إنما يوجه إلى الرجال.
ومن أمثلة ذلك ما جاء في الحديث: (لا تتقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه)، فمثله المرأة، وذكر الرجل لا مفهوم له، وكذلك قوله: (أيما رجل وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء) أي: وكذلك المرأة سواء كانت دائنة أو مدينة، وسواء كانت طالبة أو مطلوبة.
وقوله: [ (فلا يأخذن) ] الذي يبدو أنه للتحريم، وأنه يحرم على الإنسان أن يفعل ذلك، وقد ذكر العلماء أن من فعل شيئاً من ذلك فكفارته أن يستغفر.
أحمد بن صالح المصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ عن عبد الله بن وهب ].
عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حيوة ].
حيوة بن شريح المصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صخر ].
هو حميد بن زياد المصري ، صدوق يهم سكن مصر، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ عن ابن قسيط ].
هو يزيد بن عبد الله بن قسيط ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة بن الزبير ].
عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني حيوة حدثني أبو صخر عن ابن قسيط عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، وينظر في سواد، ويبرك في سواد، فأتي به فضحى به، فقال: يا
أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب ما يستحب من الضحايا]، يعني صفة الشيء الذي يضحى به، وما يستحب أن يكون عليه، وذلك فيما يتعلق باللون أو السمن.
وأورد أبو داود حديث عائشة وهو يتعلق باللون.
قوله: [ (إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن) ] أي: له قرنان، وذلك يدل على كمال خلقته، وكما هو معلوم أن غير الأقرن سائغ، ولكن هنا الإشارة إلى الأفضل وإلى الأولى.
قولها: [ (يطأ في سواد) ] أي أن رجليه ويديه سوداء، ومعناه أنه ليس كله أسود، وليس كله أبيض، ولكنه فيه سواد وبياض، والسواد في رجليه ويديه.
قولها: [ (وينظر في سواد) ] أي أن عينيه وما حول عينيه أسود.
قولها: [ (ويبرك في سواد) ] معناه أن أسفل بطنه مما يلي الأرض أسود.
فالمعنى أن الكبش فيه سواد وفيه بياض، والسواد كان في رأسه وفي رجليه وفي بطنه.
قوله: [ (هلمي المدية) ] أي: هاتي السكين.
قوله: [ (اشحذيها) ] معناه أنها تحدها كما جاء في الحديث: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)، فالشحذ هنا هو الإحداد، ومعناه أن السكين تجرى على حجر أو على حديدة حتى يكون ما يقطع به حاداً، وذلك ليحصل مقصوده وهو الراحة وعدم المضرة والتعذيب للذبيحة، لأن السكين إذا كانت كالة تتألم الذبيحة وتتأذى.
والحديث يدل على أن من صفات الذبيحة المستحبة أن يكون فيها بياض وسواد، وأن المضحي يستحب له أن يباشر الذبح بنفسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم باشر الذبح بنفسه ولم يوكل أحداً، ويجوز للإنسان أن يوكل لكن المباشرة أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
وكذلك يدل الحديث على إراحة الذبيحة وشحذ الآلة التي يذبح بها حتى تكون حادة فلا تتأذى الذبيحة ولا يحصل لها تعذيب.
قولها: [ (فأخذها وأخذ الكبش فأضجعه وذبحه) ].
أي: أخذ السكين، وإضجاع الكبش يكون على جنبه الأيسر موجهاً إلى القبلة بحيث يطأ الذابح على صفحة عنقه برجله اليمنى، ويمسك الرأس باليد اليسرى، ويذبحه باليد اليمنى.
قولها: [ (وقال: باسم الله) ].
يدل على مشروعية التسمية عند الذبح وأنه يقول: باسم الله، في بعض الروايات أنه يقال: (باسم الله والله أكبر).
قوله: [ (اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد) ].
فيه أن الرسول ضحى عن نفسه وعن آله وأمته، أي عمن لم يضح منهم.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
قوله:[ (نحر بيده سبع بدنات قائمات، وضحى بالمدينة) ] يشعر أو يفيد أن نحر البدنات ليس بالمدينة، وقد يكون المراد بذلك أنها في الحج، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثاً وستين بيده؛ لأنه كان معه مائة، ووكل علياً رضي الله عنه بنحر الباقي.
قوله: [ (وضحى في المدينة بكبشين أقرنين أملحين)] الأقرن هو ما له قرون، كما مر في الحديث السابق، وذكر أن ذلك من تمام الخلقة.
والأملح هو الذي فيه سواد وبياض. والكبش هو من الضأن، والأضحية تكون من الذكور والإناث، والمعز ذكره يقال له: تيس، والأنثى: عنز، والضأن الأنثى يقال لها: شاة، وأيضاً لفظ الشاة يطلق على الذكر والأنثى من الضأن والمعز، لأنه عندما يأتي ذكر الشاة مطلقة فيما يتعلق بالكفارات ونحوها فالمقصود به ذكر أو أنثى من الضأن أو المعز؛ لأن كلمة الشاة تأتي لمعنى عام وتأتي مراداً بها أنثى الضأن، ومن المعنى العام حديث: (في كل أربعين شاة شاة) فليس المقصود بذلك أنه يلزم أن تكون شاة أنثى، بل يمكن أن يكون ذكراً وأن تكون أنثى، وكذلك الحديث الذي ورد فيه: (انسك شاة) معناه: ذبيحة سواء كانت ذكراً أو أنثى من الضأن أو المعز.
والحديث دل على استحباب أن تكون الأضحية بذكر من الضأن؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
والأضاحي خاصة ببهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، والجاموس يعد من فصيلة البقر.
موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أهيب ].
أهيب بن خالد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قلابة ].
هو عبد الله بن زيد الجرمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك ، وهو مثل الذي قبله أنه ضحى بكبشين أقرنين أملحين، وأنه يكبر ويسمي، ومعناه أنه يجمع بين التكبير والتسمية فيقول: باسم الله والله أكبر، وأنه يضع رجله على صفاحهما، أي: يضع رجله اليمنى على صفحة العنق، واليد اليسرى تمسك الرأس واليد اليمنى يحصل بها الذبح.
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
وقد مر ذكره.
هذا السند رباعي، وهو من الأسانيد العالية التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود ، وهي الرباعيات؛ لأن أبا داود رحمة الله عليه ليس عنده ثلاثيات، بل أعلى ما عنده الرباعيات، وهذا منها، بخلاف البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده حديث ثلاثي واحد، وابن ماجة عنده خمسة أحاديث ثلاثية، وهي كلها بإسناد واحد وهو ضعيف، ومسلم وأبو داود والنسائي أعلى ما عندهم الرباعيات.
الجواب: هذا من العجائب! فمعنى الوهابية أن ينسب للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وابن القيم توفي سنة (751هـ)، والإمام محمد بن عبد الوهاب ولد سنة (1115هـ)، فهذا السؤال من شأن الإنسان الجاهل الذي يعد كل من كان على منهج صحيح وعلى طريقة مستقيمة وهابياً ولو كان متقدماً بأزمان طويلة!
والوهابية ليست نحلة جديدة، بل الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه ما أتى بشيء جديد، ولا بمنهج جديد، والذي أتى به هو ما كان عليه سلف هذه الأمة، فالشيء الذي جاء به هو اتباع الكتاب والسنة والسير على ما كان عليه سلف الأمة، وليس منهجه كالمناهج الجديدة التي ولدت ولها طرق خاصة، وإنما هو إحياء للسنة، وإظهار للسنة، وتمسك بالكتاب والسنة.
والذي أتى به الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هو الذي أتى به ابن القيم ، وهو الذي أتى به ابن تيمية ، وهو الذي أتى به الأئمة الأربعة، وهو الذي أتى به الصحابة.. وهكذا.
الجواب: لا يشترك الناس في الأضحية من الغنم؛ لكن الإنسان يضحي بالشاة عن نفسه وعن أهل بيته.
والاشتراك في الأضحية الواحدة يصح إذا كانت من الإبل، فيشترك فيها سبعة بأن يكون لكل واحد سبع بدنة، وكذلك إذا كانت من البقر، وأما الشاة الواحدة فلا يشترك فيها، كما أن سبع البدنة لا يشترك فيه.
الجواب: إذا كانت المرأة هي المسئولة عن البيت فيكفي عنها وعن أهل البيت، وإن كان المسئول هو الرجل واتفقت مع الرجل على أنها تضحي عن أهل البيت فلها ذلك، وإن ضحت عن نفسها وعمن تريد من أقاربها من الأحياء والأموات فلها ذلك، وصاحب البيت هو الذي يستحب له أن يضحي عنه وعن أهل بيته.
الجواب: المرأة لها أن تذبح كالرجل.
الجواب: بعد دخول عشر ذي الحجة فالذي سيحج ويهدي له أن يأخذ من شعره ما دام أنه لن يضحي؛ لأن الأحاديث التي وردت في منع أخذ الشعر إذا دخل عشر ذي الحجة متعلقة بالأضحية لا بالهدي، وأما الذي يريد أن يضحي فسواء أراد الحج أم لا، ليس له أن يأخذ من شعره بعد دخول العشر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر