حدثنا ابن السرح وابن أبي خلف لفظه قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له:
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: (باب في هدايا العمال) والعمال هم الموظفون الذين لهم أعمال يحتاج الناس إليهم في أعمالهم، فالهدايا التي تهدى إليهم حرام لا تجوز، وهي من الغلول، ولا يجوز لهم أخذها، ولا يجوز دفعها إليهم؛ وذلك لما يترتب على دفعها لهم من كون المدفوع إليه يحابي الدافع، فقد يعطيه شيئاً لا يستحقه، أو يقدمه على غيره، أو يتساهل في حق من لا يعطيه هدية ويساعد ويقدم من يدفع له هدية، وقد جاء حديث بلفظ: (هدايا العمال غلول) أي: هي من الخيانة وعدم الأمانة.
أورد أبو داود حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما جاء وأتى بالصدقات التي جباها وأخذها من أصحابها قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي.
والذي يظهر أنه رأى أن ذلك لا بأس به؛ لأنه شيء أهدي إليه، فظن أنه سائغ، ولهذا ذكره وقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، وليس بخيانة؛ لأنه لو أخذه خيانة لأخفاه، ولكنه أظهره وميزه وقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فميز بين الشيء الذي أخذه من الناس زكاة واجبة عليهم، والشيء الذي أهدي إليه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وقال: (ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا؟) يعني: هذه الهدية ما حصلت من أجل شخصه، وإنما من أجل عمله ووظيفته، ومن أجل أن يحصل المهدي شيئاً من المهدى إليه بأن يعطيه شيئاً لا يستحقه أو يخفف عنه أو يأخذ منه شيئاً أقل من الشيء الواجب عليه أو ما إلى ذلك من الأمور التي قد يريدها بعض الناس من الهدية.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه إذا حصل شيء يخطب الناس ويبين الحكم حتى يعرفه الجميع، ولا يكون خاصاً بالشخص الذي حصلت له القصة، وإنما يستفيد هو وغيره، وكان لا يسميه ولا يعينه، وإنما يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، مثلما جاء في قصة بريرة لما اشترط أهلها أن الولاء لهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وقال: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟)، فهذا هديه وهذه طريقته صلى الله عليه وسلم؛ ليحصل بذلك إفادة الجميع، ومعرفة الجميع بالأحكام الشرعية، فيكون في ذلك تنبيه لصاحب القصة، وأن فعله لا يسوغ، وكذلك غيره يعلم الحكم الشرعي، وأنه لا يسوغ.
ثم قال: (ألا جلس في بيت أمه أو أبيه لينظر هل يهدى إليه أم لا؟)، فإن هذه الهدية جاءته من أجل عمله ومن أجل وظيفته، ومن أجل سعايته، وقد يكون من أجل محاباة، ومن أجل تحصيل مآرب من وراء هذه الهدية.
ثم قال: (لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة) يعني: لا يأخذ شيئاً من هذا إلا جاء يوم القيامة يحمله، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد، فيحمل هذا الذي أخذه وغله وخان فيه، (إن كان بعيراً فله رغاء، وإن كان بقرة لها خوار، وإن كان شاة تيعر)، وهذه أصوات هذه الحيوانات؛ تنبيهاً على أنه يأتي بها يوم القيامة كما كانت في الدنيا، وأن ذلك يكون فضيحة له على رءوس الأشهاد.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه فقال: (اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟) يعني: بلغهم هذه الأحكام الشرعية التي يلزمهم أن يأخذوا ويلتزموا بها، وأن يبتعدوا عن هذا الذي يعود عليهم بالمضرة.
وقوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له:
فيه اتخاذ العمال للسعاية وجباية الزكوات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث العمال، وقد بعث عمر على الصدقة كما في الحديث المتفق عليه الذي فيه: (منع
قوله: [ (وقال ابن السرح : ابن الأتبية ) ].
ذكر أبو داود الحديث عن شيخين ابن السرح وابن أبي خلف ، وقال عند الثاني: وهذا لفظه، أي: لفظ ابن أبي خلف ، ولما كان لفظ ابن أبي السرح يخالف لفظ ابن أبي خلف أشار إلى ذلك.
قوله: [ (على الصدقة ) ].
هي: جباية الزكاة.
هذا ضرب أمثلة لما تكون فيه الخيانة، ولما يكون فيه الشيء الذي يؤخذ من غير استحقاق، وإلا فإن الأمر أعم من ذلك، ولعل البعث إنما كان على زكوات المواشي؛ لأنه ذكر هذه الأنواع الثلاثة التي هي المواشي: الإبل، والبقر، والغنم، وهذه هي التي تزكى، وكذلك غيرها مثلها، والإنسان إذا كان مسئولاً عن شيء أو عاملاً على شيء أو مؤتمناً على شيء وخان فيه وأخذ شيئاً لا يستحقه فإنه يأتي به يوم القيامة على هذا الوجه الذي بينه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد يوم القيامة، ومن الرشوة ما يعطى باسم البخشيش، فهي نفس الرشوة.
قوله: (ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت؟)، وهم يسمعون، وهذا من كمال نصحه ومن كمال بيانه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: (عفرة إبطيه) يعني بياضهما.
أحمد بن عمرو بن السرح وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ وابن أبي خلف ].
محمد بن أحمد بن أبي خلف وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا سفيان ].
سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة ].
عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حميد ].
أبو حميد الساعدي هو المنذر ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وأما الردود على الأقوال الفاسدة فلا بأس من ذكر المبتدع حتى يحذر منه؛ لأن هذا فيه ابتداع في الدين، وفيه مخالفة لما جاءت به السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كالذي يؤلف كتاباً فيه أمور منكرة، فيؤلف كتاب في الرد عليه؛ لأن الباطل ظهر فالحق لابد أن يظهر، وأما الأمور الخفية والفردية التي تحصل من شخص، فذكر الشخص لا حاجة إليه، وقد تكون المصلحة في عدم ذكره، والمهم هو التنبيه على الخطأ، فإذا نبه على الخطأ دون أن يسمى فإنه يستفيد وغيره يستفيد.
وهذا الحديث يدل على أن الأحكام الشرعية تبين للعامة، وأنها تبين على المنبر، وتبين في الخطب، وتبين على الملأ، وصعود المنبر ليس خاصاً بخطبة الجمعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصعد على المنبر في أحوال وفي مناسبات غير خطبة الجمعة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: (بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساعياً ثم قال: انطلق
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: (باب في غلول الصدقة) والحديث الأول فيه هدايا العمال وهي غير الصدقة، وإنما تعطى لمن ولي على الصدقة، وهنا ذكر غلول الصدقة يعني: كونه يأخذ شيئاً من الصدقة يختص به ويخون؛ لأن الحديث الأول فيمن أهدي له بسبب عمالته، وهذه الترجمة تتعلق بالأخذ من الصدقة أي: أن الإنسان يؤتمن على شيء فيخون، ويأخذ شيئاً منه.
والغلول هو الخيانة، وكل من خان في شيء يعتبر غالاً فيه، حيث أخذ شيئاً لا يستحقه، سواء كان أمانة عنده أو تحت ولايته ثم يأخذه لنفسه، وغلول الصدقة يعني الأخذ من الصدقة شيئاً يختص به، ويخفيه ويخون فيه.
أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على الصدقة وقال: (انطلق
أي: انطلق يا أبا مسعود ! في هذه المهمة لجباية الصدقة.
قوله: (ولا ألفينك تأتي يوم القيامة) أي: لا أجدنك تأتي يوم القيامة وعلى ظهرك بعير قد غللته من إبل الصدقة.
قوله: (غللته) يعني: أخذته واختصصت به، واختلسته من الصدقة لتتموله، وهذا يدل على أن الإنسان يأتي بما غل يوم القيامة، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد والعياذ بالله.
قوله: [ (قال: إذاً لا أنطلق) ] يعني أنه لا يقدم على هذا العمل؛ لأنه يخشى أن تحصل منه مخالفة، ويترتب عليها هذا الإثم العظيم.
وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ورضي الله عنهم وأرضاهم من الخشية من الوقوع في الأمور المحرمات، وأن الواحد قد يترك الشيء لما يخشى أن يترتب عليه، وإن كان غير متحقق وغير متيقن من وقوعه في الإثم لكن كانوا يبتعدون عن ذلك خوفاً أن يترتب على ذلك هذا الأمر الخطير، وما يتبعه من الإثم العظيم، وهو كونه يأتي بهذا الذي غله يوم القيامة يحمله على رقبته فيكون ذلك فضيحة له.
قوله: [ (قال: إذاً لا أكرهك) ].
يعني: لا ألزمك أن تقوم بهذه المهمة، فالأمر إليك، إن شئت أن تذهب ذهبت، وإن شئت أن تترك فأنا لا أكرهك ولا ألزمك.
عثمان بن أبي شيبة الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا جرير ].
جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مطرف ].
مطرف بن طريف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الجهم ].
أبو الجهم سليمان بن الجهم وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبي مسعود الأنصاري ].
أبو مسعود الأنصاري هو عقبة بن عمرو الأنصاري وهو صحابي رضي الله تعالى عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي مسعود ، وأحياناً قد يتصحف أبو مسعود إلى ابن مسعود ، وهو عبد الله بن مسعود الصحابي المشهور بنسبته ابن مسعود ، وهذا مشهور بكنيته أبي مسعود ، وقد حصل التصحيف بين هذا وهذا في بلوغ المرام في حديث أبي مسعود : (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فإنه جاء عن ابن مسعود وهو أبو مسعود وليس ابن مسعود .
حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا يحيى بن حمزة حدثني ابن أبي مريم أن القاسم بن مخيمرة أخبره أن أبا مريم الأزدي رضي الله عنه أخبره قال: دخلت على معاوية رضي الله عنه فقال: ما أنعمنا بك أبا فلان! وهي كلمة تقولها العرب، فقلت: حديثاً سمعته أخبرك به، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره).
قال: فجعل رجلاً على حوائج الناس ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: (باب فيما يلزم الإمام من أمر الرعية والحجبة عنهم) أي: أن عليه أن يقوم بما يعود عليهم بالخير، وتحصيل ما ينفعهم، ودفع ما يضرهم، وكذلك لا يحتجب عنهم، وإذا لم يتمكن من البروز لهم فعليه أن يقيم من يقوم مقامه في رعاية مصالحهم، وقضاء حوائجهم، وتدبير أمورهم.
أورد أبو داود حديث أبي مريم الأزدي رضي الله تعالى عنه أنه جاء إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فقال: ما أنعمنا بك! وهذا يحتمل أن يكون تعجباً يعني: ما أعظم النعمة التي حصلت لنا بمجيئك! فيكون بها إظهار السرور بهذه الزيارة وبهذا القدوم إليه.
ويحتمل أن يكون المعنى: أي نعمة حصلت لنا بمجيئك؟ يعني: أنها نعمة عظيمة، فقال أبو مريم : حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني أنه جاء من أجل أن يذكره ويعظه، ويسمعه حديثاً سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلق بالوالي، وأنه لا يحتجب عن الناس، وإنما يظهر للناس ويقضي حوائجهم، ويقوم بما يلزم لأمورهم، وإذا كان لا يتمكن لكثرة أشغاله ولعدم تمكنه من أن يكون مع الناس دائماً وأبداً فإنه ينيب من يثق به ممن يقوم بالنيابة عنه في قضاء مصالح الناس ورعاية مصالحهم.
قوله: [ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم) ].
الخلة والفقر والحاجة متقاربة في المعنى، ومعنى ذلك أنه لا يكون على اتصال بهم من أجل القيام بقضاء حوائجهم، وسد خلتهم، وما إلى ذلك مما هم بحاجة إليه، فإن الله تعالى يجازيه بأن يكون كذلك دون خلته وحاجته وفقره، فالجزاء من جنس العمل، فكما أنه يعامل الناس هذه المعاملة فالله تعالى يعاقبه بهذه العقوبة.
فـمعاوية رضي الله عنه وأرضاه تنبه وجعل من يقوم بذلك، فجعل رجلاً على حوائج الناس، يعني: يتولى هذه المهمة نيابة عنه.
وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من التناصح، ومن الحرص على إفادة الغير، وعلى مناصحة ولي الأمر.
ويدل أيضاً على مبادرة معاوية رضي الله عنه إلى تنفيذ هذا الشيء الذي ذكره به هذا الصحابي الذي نصحه وذكره بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل من يقوم مقامه في قضاء حوائج الناس.
سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي صدوق يخطئ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا يحيى بن حمزة ].
يحيى بن حمزة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني ابن أبي مريم ].
يزيد بن أبي مريم الدمشقي وهو لا بأس به، أخرج له البخاري وأصحاب السنن، ولا بأس به عند ابن حجر بمعنى صدوق.
[ عن القاسم بن مخيمرة ].
القاسم بن مخيمرة وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي مريم الأزدي ].
أبو مريم الأزدي قيل: هو عمرو بن مرة الجهني ، صحابي، أخرج له أبو داود والترمذي .
أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أوتيكم من شيء ولا أمنعكموه، إنما أنا خازن) يعني: إنما أنفذ ما أمرت به.
وهذا مثل الحديث الذي جاء عن معاوية : (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) وفي آخره قال: (وإنما أنا قاسم والله المعطي)، فهذا من جنسه قال: (أنا خازن) يعني: أحفظ الشيء وأضعه حيث أمرت أن أضعه، ولهذا قال: (ما أوتيكم من شيء ولا أمنعكموه) يعني: ليس هذا إلي وإنما أنا خازن، والله تعالى هو الذي يعطي فأنا أنفذ وأعطي ما أمرني الله عز وجل، وهذا مطابق للجزء الأول من الترجمة وهو قوله: ما يلزم الراعي من أمر الرعية؟ يعني: كونه يعطيهم ويحسن إليهم.
سلمة بن شبيب ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن همام بن منبه ].
همام بن منبه وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
وقد أوردها الإمام أحمد في مسنده، وقد طبعت هذه الصحيفة -صحيفة همام - مستقلة، والبخاري رحمه الله أخذ منها أحاديث، ومسلم أخذ منها أحاديث، واتفق البخاري ومسلم على إخراج أحاديث منها، مع أنها بإسناد واحد، وهذا يبين لنا أن البخاري ومسلماً ما التزما أن يستوعبا كل الصحيح؛ لأنهما لو استوعباه لأتوا بالصحيفة كلها من أولها إلى آخرها، وهي ثابتة عندهم، ولهذا انتقى منها مسلم أحاديث، والبخاري انتقى منها أحاديث، واتفقا في أحاديث، وانفرد كل منهما بأحاديث، ولو كانا التزما إخراج كل شيء صحيح لأتيا بهذه الصحيفة كلها من أولها إلى آخرها، وهذا مما يوضح أن البخاري ومسلماً رحمة الله عليهما إنما أتيا بجملة كبيرة من الأحاديث الصحيحة، لا أنهما قصدا استيعاب الأحاديث الصحيحة، فهما لم يلتزما بذلك، ولم يفعلا ذلك.
و البخاري وأبو داود عندما يرويان من الصحيفة يأتيان بالإسناد إلى آخره ثم يأتيان بالقطعة التي يريدانها بعد نهاية الإسناد، مع أن الحديث الذي يوردانه ليس في أوله: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذه العبارة في أول الصحيفة فقط.
أما مسلم رحمة الله عليه فله عناية بالمحافظة على الألفاظ، وله طريقة خاصة، حيث يسوق الإسناد فإذا جاء عند قوله: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن محمد رسول الله، يقول مسلم : فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؛ حتى يبين بأن المتن ليس تابعاً للإسناد، وإنما توجد أحاديث بين هذا المتن وهذا الإسناد، وهذا اللفظ يدل بأن هناك أشياء متروكة؛ لأن قوله: فذكر أحاديث إشارة إلى تلك الأحاديث التي جاءت بعد الإسناد، ثم يأتي بالقطعة التي يريد ذكرها، وهي محل الشاهد.
أورد أبو داود هذا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (ما أنا بأحق بهذا الفيء منكم) يعني: إنما هو لي ولكم.
(وما أحد منا أحق به من أحد) يعني: ليس أحد يختص به دون أحد، لا أنا ولا غيري، وإنما هو للجميع، ولكن التفاوت بين الناس على حسب ما جاء في كتاب الله من التفضيل والتمييز، وكذلك القسم على حسب الأحوال.
(فالرجل وقدمه) يعني: كونه له سبق في الإسلام فيقدم على غيره، ويعطى أكثر من غيره.
(والرجل وبلاؤه) يعني: كونه يبلي بلاءً حسناً في الإسلام.
(والرجل وعياله) يعني: كونه عنده عيال كثيرون يحتاج إلى أن ينفق عليهم؛ فيزاد في عطائه من أجلهم.
(والرجل وحاجته) يعني: يعطى على قدر حاجته، ومعنى هذا أنهم يتفاوتون في العطاء، ولا يكونون كلهم على حد سواء، فالشخص الذي بمفرده غير الشخص الذي عنده عشرة أولاد، فإن هذا يحتاج إلى أكثر مما يحتاج إليه هذا، وهذا يتعلق بالقسم الأول من الترجمة، وهو ما يلزم الإمام في حق الرعية، وهو أن يعطيهم ويعدل بينهم، وله تعلق بالباب الذي بعده وهو قسمة الفيء.
قوله: [ ذكر عمر بن الخطاب يوماً الفيء ].
الفيء هو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير قتال وجهاد؛ لأنه إذا كان بجهاد يسمى غنيمة ويخمس، وأما الفيء فإنه لا يخمس، وإنما كله يكون في مصالح المسلمين.
قوله: [ إلا أنا على منازلنا من كتاب الله عز وجل وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ].
يعني: أنهم على منازلهم في التفضيل كما قال الله: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ [التوبة:100]، وقوله: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ [الحشر:8]، ثم بعد ذلك قال: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الحشر:9]، ثم قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر:10]، والفيء يقسم على حسب أحوال الناس من حيث العيال، ومن حيث البلاء الحسن في الإسلام، ومن حيث القدم والسبق.
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن سلمة ].
محمد بن سلمة الباهلي ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن إسحاق ].
محمد بن إسحاق صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن عمرو بن عطاء ].
محمد بن عمرو بن عطاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مالك بن أوس بن الحدثان ].
مالك بن أوس بن الحدثان له رؤية، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر ].
عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم : (أن
أورد أبو داود (باب قسم الفيء)، أي: قسمته وتوزيعه بين الناس، وقد مر في الأثر الذي قبل هذا عن عمر أنه يكون على حسب القدم والبلاء الحسن، وعلى كثرة العيال، وعلى الحاجة، وما إلى ذلك، وهنا ذكر قسمة الفيء، وهو يقسم في مصالح الناس عموماً، ولا يختص به أحد دون أحد.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه دخل على معاوية فقال: حاجتك يا أبا عبد الرحمن ؟! يعني ما هي حاجتك؟ أو ما الذي تريده؟
فقال: (عطاء المحررين، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما جاءه شيء بدأ بالمحررين).
والمحررون قيل: هم المعتقون الذين حصلت لهم الحرية بعد الرق؛ وذلك لأنهم لما كانوا أرقاء لا يعطون شيئاً؛ لأن نفقة المملوك واجبة على سيده، فيرزق سيده ويكون هو من جملة من يعول، والعطاء لسيده لا له؛ لأنه ملك لسيده، وما يملكه ملك لسيده، ولكنه إذا حرر وأعتق وكان غير مدون في الديوان -بسبب أن الديوان فيه الأحرار المنفقون على غيرهم- فإذا حصل لهم العتق فإنهم يعطون؛ لأنهم صاروا مسئولين عن أنفسهم، وقبل العتق كان غيرهم مسئولاً عنهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما يعطي هؤلاء المحررين الذين كان يعولهم غيرهم ثم بعد ذلك صاروا عائلين لأنفسهم.
وعمر رضي الله عنه وأرضاه هو أول من دون الدواوين، وكتب أسماء الناس في سجلات وفي دواوين، بحيث يرجع إليها في العطاء وإثبات من أخذ ومن لم يأخذ.
وقيل: إن المقصود بالمحررين الذين يسعون في الحرية مثل المكاتبين الذين كوتبوا على أن يأتوا بمال ثم يكونوا أحراراً.
والحديث يشمل هذا وهذا؛ لأن الإعطاء من الفيء يكون لمن حصلت له الحرية وصار عائلاً لنفسه، ومن كان مكاتباً يطالب بمال من أجل أن يصل إلى الحرية، فإنه يعطى من الفيء ما يمكنه من تحرير نفسه.
هارون بن زيد بن أبي الزرقاء صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبي ].
وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا هشام بن سعد ].
هشام بن سعد وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بظبية) المقصود بها وعاء فيه خرز.
(وقسمه على الحرة والأمة) لأن هذا مما يستعمله النساء، وإلا فإن الفيء لا يختص بالنساء، بل هو للرجال والنساء، ولكنه لما كان شيئاً من شأن النساء، ومما يختص بالنساء، قسمه بين النساء، بين الحرة والأمة؛ لأن الخرز مما يتجمل ويتزين به النساء.
قالت: (وكان أبي يقسم للحر والعبد) تعني: أنه كان يسوي بين الأحرار والعبيد، وأنه يعطي هؤلاء ويعطي هؤلاء، ويحتمل أنه كان يعطي العبيد من أجل تخليصهم من الرق.
إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا عيسى ].
عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن أبي ذئب ].
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن القاسم بن عباس ].
هو القاسم بن عباس بن محمد بن معتب بن أبي لهب الهاشمي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن نيار ].
عبد الله بن نيار وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه الفيء قسمه في يومه، يعني: لا يؤخره، وكان عند إعطائه يميز بين الناس، فالآهل يعطيه حظين، والعزب الذي ليس عنده أهل يعطيه حظاً واحداً.
وهذا الحديث فيه أن القسمة ليست بالتساوي بين الأفراد، وهو مثل ما جاء عن عمر : الرجل وبلاؤه، الرجل وقدمه، الرجل وعياله، الرجل وحاجته.
سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الله بن المبارك ].
عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحدثنا ابن المصفى ].
محمد بن المصفى وهو صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا أبو المغيرة ].
هو عبد القدوس بن حجاج وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ جميعاً عن صفوان بن عمرو ].
صفوان بن عمرو وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ].
عبد الرحمن بن جبير بن نفير وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عوف بن مالك ].
عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: العلماء اختلفوا في حكم السترة، منهم من قال: بوجوبها، وجمهور العلماء على أنها مستحبة وليست بواجبة، ولكن ينبغي أن يصلي الإنسان إلى سترة حتى ولو كانت مستحبة.
الجواب: هذه القاعدة ليست صحيحة؛ لأن بعض المسائل الخلاف فيها موجود، لكن بعض الأقوال تكون مبنية على رأي، وبعضها يكون مبنياً على دليل، ولا شك أن الدليل إذا وجد فيجب على من بلغه العمل به، وقد يكون ذلك الذي لم يقل به أنه ما بلغه الحديث، أو بلغه من وجه لم يصح، فإذا ثبت أنه صحيح فلا يجوز لأحد مخالفته كما قال الإمام الشافعي : أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائن من كان، فإذا كان أحد القولين ليس عليه دليل، وإنما هو مبني على قياس أو على اجتهاد، مع أن القول الثاني مبني على نص؛ فإن الأخذ بالنص متعين، وعلى من يكون عنده علم بذلك أن ينبه غيره ممن ليس عنده علم ذلك، فالتنبيه على ما ثبت في الحديث هو المطلوب وهو الذي ينبغي.
والمسائل الخلافية حصلت الأقوال فيها بسبب الاجتهاد، فإذا وجد النص فلا اجتهاد مع النص كما يقولون، لكن حيث لا نص يكون الاجتهاد، ولكن إذا وجد نص يجب الانصياع إليه والصيرورة إليه.
والمسائل التي لا نص فيها الأمر فيها واسع؛ لأنه ليس قول أحد أولى من غيره، اللهم إلا أن يكون أحد القولين قال به صحابي أو قال به جمهور الصحابة أو ما إلى ذلك من الأشياء التي يرجح بها حيث لا نص.
الجواب: هذا مماطل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (مطل الغني ظلم)، وقال: (لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته) (يحل عرضه) يعني: بأن يقول: ظلمني وأخر علي حقي، (وعقوبته) يعني: كونه يحبس حتى يدفع أو يلتزم بالدفع.
الجواب: نعم، فلا بد من المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة وكذلك في الوضوء، ومن ترك ذلك وقد صلى الفرائض وكان يجهل هذا، فليحسن في المستقبل، ولا يلزمه أن يعيد ما مضى.
الجواب: امتناعك صحيح؛ لأن المعلم موظف، وفي الحديث: (هدايا العمال غلول).
الجواب: لا يصلح؛ لأن مثل هذا قد يكون له أخ أو قريب عند هذا الأستاذ فيحابيه.
الجواب: هذا داخل في هدايا العمال.
الجواب: صححه الألباني وذكر له شواهد.
الجواب: لا يجوز، وليس للإنسان أن يأخذ شيئاً جعل في مقابل عمل وهو لم يعمل، بل الواجب أن يأخذ إذا عمل، وأما بدون عمل فلا يجوز له ذلك، وكونه حصل منه جد وقيام بالواجب فإن ذلك ينفعه في الدنيا والآخرة، وذلك من أسباب سعادته ونجاحه في الدنيا والآخرة.
الجواب: هذا يجب أن يفصل من العمل ويجلس في بيته، أو يبحث له عن عمل آخر، ولا يكون على طريق الناس وعلى مصالح الناس، كيف لا يعمل إلا بالهدية أو بالرشوة! فهذا جالس ليأخذ أموال الناس بالباطل، وكأن وظيفته أخذ أموال الناس بالباطل! وهذا من أسباب الابتلاء بالرشوة، فإذا رشاه شخص طمع في ذلك من جميع الناس، وهذا خائن لا يجوز أن يبقى في العمل.
الجواب: إذا كان للعلاج فلا بأس، وأما أن يتجمل بالحناء في يديه فلا، فإن الحناء للنساء وليس للرجال.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر