حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن الحكم بن نافع حدثهم قال: أخبرنا شعيب عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه -وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم- (كان فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سعد بن معاذ رضي الله تعالى أن يبعث رهطاً يقتلونه، فبعث محمد بن مسلمة رضي الله عنه، وذكر قصة قتله، فلما قتلوه فزعت اليهود والمشركون، فغدوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: طرق صاحبنا فقتل، فذكر لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يقول، ودعاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتاباً ينتهون إلى ما فيه، فكتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبينهم وبين المسلمين عامةً صحيفة
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة؟
أي: الكيفية التي حصل بها إخراجهم، ومعلوم أنهم قد أجلوا من المدينة، ومنهم من ذهب إلى خيبر، ومنهم من ذهب إلى الشام.
وقد أورد أبو داود حديث كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه، وكان أحد الثلاثة الذي تيب عليهم أي: الذين خلفوا في غزوة تبوك، وأنزل الله تعالى فيهم قرآناً يتلى بعد أن ذكر توبته على المهاجرين والأنصار الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ [التوبة:117] ذكر التوبة على الثلاثة الذين خلفوا وهم: كعب بن مالك وصاحباه، ولم يكونوا منافقين ولا معذورين، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم خمسين ليلة، وأنزل الله عز وجل توبته عليهم، وقد نجاهم الله تعالى بالصدق، وأنزل الله عز وجل فيهم الآية: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118]، وبعدها قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119] أي: كونوا مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم صادقون، والذين نجاهم الله تعالى بالصدق.
ذكر كعب بن مالك أن كعب بن الأشرف -وهو من كبار اليهود في المدينة من بني النضير- كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم ويؤذيه، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال لـسعد بن معاذ سيد الأوس: (ابعث من يقتل
والرسول صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان فيها أخلاط من أهل الكتاب من اليهود وهم من بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، والمسلمون من الأوس والخزرج، والمشركون الذين بقوا على شركهم وعلى عبادتهم للأوثان، وكانوا متمالئين مع اليهود، وأنزل الله عز وجل فيهم: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا [آل عمران:186]، وأمر الله عز وجل نبيه أن يصبر، وبعد أن قتل كعب بن الأشرف جاء اليهود إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقالوا: إنه طرق صاحبنا -أي: طرق بليل- وقتل، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكتب بينه وبينهم عهداً يلتزمون به، وينتهون إلى ما كتب فيه، ويعتمدونه، فكتب صحيفة صلح بين المسلمين وبينهم، ولكنهم بعد ذلك نقضوا العهد، وأرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء صخرة عليه وهو جالس تحت جدار، وبعد ذلك حصل إجلاؤهم من المدينة.
وهذا بالنسبة لبني النضير، وأما بنو قريظة فإنهم بقوا على العهد حتى جاء الأحزاب من مكة وغيرها لقتال الرسول صلى الله عليه وسلم، فصاروا معهم، فنقضوا بذلك العهد، ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ذهب إلى بني قريظة.
وأما بنو قينقاع فإنهم أول من أُخرج من المدينة قبل بني النضير وقبل بني قريظة.
محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ أن الحكم بن نافع حدثهم ].
هو أبو اليمان الحكم بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا شعيب ].
شعيب بن أبي حمزة الحمصي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن ].
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن أبيه ].
أي: عن جده كعب بن مالك ، وهو الذي تيب عليه، وأما عبد الله والد عبد الرحمن بن كعب فإنه تابعي وليس بصحابي، وعبد الرحمن روى عن جده كما روى عن أبيه، ورواية أبيه تكون مرسلة، ولكنه هنا قال: وكان من الذين تيب عليهم، فالمقصود به الجد الذي هو كعب بن مالك ، فالرواية إنما هي عن الجد كعب بن مالك ، والجد يقال له: أب.
و كعب بن مالك رضي الله عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قصة اليهود، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قاتل المشركين في بدر ونصره الله عز وجل عليهم جمع اليهود في سوق بني قينقاع، وهم طائفة من اليهود، ومنهم عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه، وقال لهم: (أسلموا قبل أن يصيبكم مثلما أصاب قريشاً) فقالوا: يا محمد! لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، يعني: ليس عندهم خبرة ومعرفة في الحروب، إنك إن قاتلتنا لعرفت أننا الناس، أي: الذين لا يوقف في وجوهنا، وتحصل منا النكاية بمن يقاتلنا.
فأنزل الله عز وجل في ذلك: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:12].
قوله: [ (قرأ مصرف إلى قوله: فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [آل عمران:13] ببدر) ].
هذا تفسير للآية، وأن المقصود بذلك ما حصل بين المسلمين وكفار قريش في بدر.
وهذا الحديث غير ثابت؛ لأن في إسناده رجلاً مجهولاً وهو محمد بن أبي محمد .
مصرف بن عمرو الأيامي ثقة، أخرج له أبو داود .
يونس بن بكير وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا محمد بن إسحاق ].
محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني محمد بن أبي محمد ].
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت وهو مجهول، أخرج له أبو داود .
[ عن سعيد بن جبير وعكرمة ].
سعيد بن جبير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعكرمة هو مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث محيصة بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه)، فوثب محيصة إلى رجل من اليهود من تجارهم يقال له: شبيبة فقتله، وكان حويصة أخوه لم يسلم، وكان أكبر من محيصة ، فجعل يضرب أخاه الذي أسلم لأنه قتل شبيبة ، ويقول: يا عدو الله! أما والله لرب شحم في بطنك من ماله.
يعني: إنك أكلت منه كثيراً إما أعطاه إياه أو عن طريق الشراء، وإن جسمك نبت على شيء من ماله.
وقوله: كان يلابسهم أي: يختلط بهم.
وهذا الحديث أيضاً غير ثابت؛ لأن فيه ذلك الرجل المبهم الذي هو مولى زيد بن ثابت ، وفيه أيضاً ابنة محيصة ، وهي مجهولة لا تعرف.
ابنة محيصة قال الحافظ : لا تعرف، أخرج لها أبو داود .
[ عن محيصة ].
محيصة رضي الله عنه، صحابي، أخرج له أصحاب السنن.
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر يهود! أسلموا تسلموا) يعني: إذا أسلمتم حصلت لكم السلامة، وهذا فيه ترغيب لهم في الإسلام، وأنه يحصل لهم السلامة إذا أسلموا، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مكاتبته للملوك يأتي بهذه العبارة، كما جاء في أول حديث هرقل : (أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن أبيت فإنما عليك إثم الأريسيين)، ففيه ترغيب وترهيب، وأنه يحصل لهم بالإسلام السلام والأمن على أنفسهم وعلى أموالهم وعلى ذراريهم ونسائهم.
قوله: (ذلك أريد) يعني: أنه قد أقام عليهم الحجة، وأنه قد بلغهم الشيء الذي أمر بتبليغه، وإذا حصل منه بعد ذلك عقوبة لهم من إجلاء أو قتال أو ما إلى ذلك فإنه قد سبق أن دعاهم إلى الإسلام، وأمرهم أن يسلموا لتحصل لهم السلامة.
قوله: [ (ثم قال الثالثة: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض) ].
يعني: الحكم في الأرض لله ورسوله، وهو يريد أن يجليهم منها إذا لم يسلموا.
قوله: (فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه) ].
يعني: الشيء الذي يريد أن يبيعه يبيعه، والشيء الذي يريد أن ينقله معه يحمله معه.
وهذا الحديث فيه ذكر أنه يريد أن يجليهم، وفيه ذكر أبي هريرة ، وأبو هريرة إنما أسلم عام خيبر، وهذا يفيد بأن هذا وقع بعد خيبر، ومعلوم أن اليهود كلهم قد أجلوا قبل خيبر إلى خيبر وإلى الشام، فيحمل حديث أبي هريرة هذا على بقايا بقيت من اليهود في المدينة، وكان ذلك بعد أن رجع من خيبر؛ لأن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر.
يقول الخطابي : أخذ بعضهم من هذا الحديث: أن بيع المكره في حق واجب عليه ماض لا رجوع فيه، وهذا مأخوذ من قوله: (فليبعه)؛ لأنهم سيخرجون، وإذا أرادوا أن يبيعوا شيئاً فليبيعوه، وبيعهم ليس باختيارهم، وإنما هم مضطرون، فهذا من جنس بيع المكره.
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي سعيد ].
سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ]
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن كفار قريش كتبوا إلى فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقيهم فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقتلوا أبناءكم وإخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولايحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء -وهي الخلاخيل-، فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجمعت بنو النضير بالغدر فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حبراً، حتى نلتقي بمكان المنصف، فيسمعوا منك؛ فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك، فقص خبرهم. فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالكتائب فحصرهم، فقال لهم: إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأبوا أن يعطوه عهداً فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب وترك بني النضير ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه فانصرف عنهم، وغدا على بني النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فجلت بنو النضير، واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة أعطاه الله إياها وخصه بها فقال: وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ [الحشر:6] يقول: بغير قتال، فأعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثرها للمهاجرين، وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار وكانا ذوي حاجة، لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها
أورد أبو داود خبر بني النضير وهم طائفة من اليهود الذين كانوا في المدينة، وفيه: أن كفار قريش كتبوا إلى المشركين وعبدة الأوثان في المدينة الذين منهم عبد الله بن أبي بن سلول كتاباً قبل غزوة بدر، أما بعد غزوة بدر ظهر النفاق، وكان من لم يدخل الإيمان في قلبه يظهر الإيمان ويبطن الكفر، وهم في الدرك الأسفل من النار، قال الله عنهم: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة:14].
وكان هذا قبل غزوة بدر، فأرادوا أن يقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم أن هذا كيد من قريش، وأنها تريد من وراء ذلك أن يقتلوا أقاربهم؛ لأنهم من قبيلتي الأوس والخزرج الذين كانوا في المدينة، ولكنهم كانوا يعبدون الأوثان، وفيهم من دخل في الإسلام، وفيهم من بقي على كفره.
وبعد غزوة بدر ونصر الله عز وجل رسوله على كفار قريش، كتبت قريش إلى اليهود الذين في المدينة يطلبون منهم أن يقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم إن لم يقاتلوه فإنهم سيأتون إليهم ويقاتلونهم ويسبون نساءهم.
قوله: [ (فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون) ].
أهل الحلقة يعني: أهل السلاح، وهذا ثناء عليهم لتحريضهم على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنها الدروع؛ لأنها تكون فيها حلق، والحصون هي: الأماكن المحصنة التي يتحصنون بها.
قوله: [ (وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء وهي الخلاخيل) ].
وهذه كناية أنه لا يحول بيننا وبين سبي نسائكم شيء، يعني: يهددونهم بأنهم سيأتون إليهم ويقاتلونهم ويسبون نساءهم.
مكان المنصف يعني: في وسط الطريق بين منازلنا وبين منازلك، يعني في مكان منصف متوسط بيننا وبينك.
فأجمعت بنو النضير بالغدر بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الكلام من الغدر بالرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (فقص خبرهم) ].
يوجد شيء محذوف، والمعنى: علم أنهم أرادوا أن يقتلوه صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالكتائب فحصرهم) ].
الكتائب: جمع كتيبة، وهي الجيوش.
قوله: [ (فقال لهم: إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأبوا) ].
يعني: لا يحصل لكم الأمان إلا بعهد يكون بيني وبينكم.
قوله: [ (فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب) ].
كأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قاتل بني النضير ذهب إلى بني قريظة حتى يجعل بينه وبينهم عهداً لئلا ينصروهم ويتعاونوا معهم على قتاله، فذهب إليهم وحصل بينه وبينهم العهد ثم رجع إلى هؤلاء فقاتلهم.
قوله: [ (فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء) ].
يعني: حاصرهم حتى نزلوا على أنهم يجلوا عن المدينة ويخرجوا منها.
قوله: [ (فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها) ].
أي: خرجوا وحملوا على الإبل ما تحمله من أمتعة بيوتهم وخشبها وأبوابها.
قوله: [ (فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة) ].
لأنه فيء، فهم نزلوا على أن يجلوا ويتركوا أرضهم، ويحملوا الشيء الذي تحمله إبلهم، وبقيت الأراضي فيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يضعها حيث حيث شاء، فكان ينفق على أهله منها، والباقي يضعه في مصالح المسلمين.
قوله: [ (فأعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم) ].
أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين؛ لأنهم بحاجة إليها؛ لأنهم تركوا بلادهم وخرجوا من أموالهم، وصاروا عند إخوانهم ضيوفاً في المدينة، ولم يعط الأنصار شيئاً، وإنما أعطى اثنين منهم كان بهما حاجة.
وهذا يفيد بأن الفيء للجميع، ولكنه قدم المهاجرين لحاجتهم، ولأنهم خرجوا من ديارهم وأموالهم، وأما الأنصار فهم في بلادهم وعندهم أموالهم.
محمد بن داود بن سفيان مقبول، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ].
الزهري مر ذكره، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ].
هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والمجهول منهم في حكم المعلوم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن يهود النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير أولاً وأقر بني قريظة؛ لأنهم عقدوا عهداً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقاتل بني النضير حتى وافقوا على أن يجلوا عن المدينة، وبقيت بنو قريظة حتى جاءت الأحزاب التي تريد أن تقاتل النبي صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك نقضت بنو قريظة العهد، وصاروا مع الأحزاب، وبعد فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة الأحزاب -وهي الخندق- أمر بأن يذهب إلى بني قريظة، وحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه، فحكم بقتل المقاتلة، وسبي الذراري والنساء، وقسم أموالهم بين المسلمين.
يعني: بعض بني قريظة لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمنهم وأسلموا، فلم يحصل لهم ما حصل لإخوانهم.
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن عقبة ].
موسى بن عقبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: لا شك أن منهم الشيخ ابن باز رحمة الله عليه، والشيخ الألباني كذلك، والشيخ ابن عثيمين كذلك، فكل واحد منهم تنطبق عليه أوصاف المجددين.
الجواب: حديث: (من ظفرتم) غير ثابت، وأما كعب بن الأشرف فإنه كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، وقتله كان بإذنه عليه الصلاة والسلام، فلا يدل على أن من أراد أن يغتال فعل، وإنما هذا يكون بأمر الإمام.
الجواب: إذا كان ذهابه إليهم لينصحهم وليدعوهم وليستفيدوا منه فليفعل، وإذا لم يكن كذلك فإنه لا يذهب إليهم.
الجواب: إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ومعنى إسرائيل عبد الله، وكل من اليهود والنصارى من بني إسرائيل، وقد خوطب النصارى كما قال الله عن عيسى في سورة الصف: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ [الصف:6].
الجواب: له أن يوقف كتبه كلها أو بعضها، ويمكن أن يستفيد من القراءة منها بعد أن يوقفها ويكون مثل غيره، مثل عثمان رضي الله عنه عندما أوقف البئر على المسلمين وكان يشرب منها ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين.
الجواب: لا شك أن لبسها من التشبه بالكفار، وكان يسميها الشيخ حماد رحمة الله عليه: الغل الذي يكون في الرقبة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر